فصل: فَوَائِدُ جَمَّةٌ في آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

الجزء الخامس عشر

بَابُ‏:‏ الْوَلِيمَةِ

فائدة‏:‏

قال الْكَمَالُ الدَّمِيرِيُّ في شَرْحِهِ على الْمِنْهَاجِ في النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ في الْأَفْرَاحِ قال النَّجْمُ الْبَالِسِيُّ إنَّهُ كَالدَّيْنِ لِدَافِعِهِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ في ذلك فإنه مُضْطَرِبٌ فَكَمْ يَدْفَعُ النُّقُوطَ ثُمَّ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَهِيَ اسْمٌ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ خَاصَّةً‏.‏

هذا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَهُ في الْمَطْلَعِ‏.‏

وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْوَلِيمَةَ اسْمٌ لِطَعَامِ الْعُرْسِ كَالْقَامُوسِ وزاد أو كُلُّ طَعَامٍ صُنِعَ لِدَعْوَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

فَقَوْلُهُمْ اسْمٌ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ على حَذْفِ مُضَافٍ لِطَعَامِ دَعْوَةٍ وَإِلَّا فَالدَّعْوَةُ نَفْسُ الدُّعَاءِ إلَى الطَّعَامِ وقد تُضَمُّ دَالُهَا كَدَالِ الدُّعَاءِ‏.‏

قال ابن عبد الْبَرِّ قَالَهُ ثَعْلَبٌ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْوَلِيمَةُ تَقَعُ على كل طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا في طَعَامِ الْعُرْسِ أَكْثَرُ‏.‏

وَقِيلَ تُطْلَقُ على كل طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ إطْلَاقًا مُتَسَاوِيًا قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ نَقَلَهُ عنه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلِيمَةُ الشَّيْءِ كَمَالُهُ وَجَمْعُهُ وَسُمِّيَتْ دَعْوَةُ الْعُرْسِ وَلِيمَةً لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

الْأَطْعِمَةُ التي يُدْعَى إلَيْهَا الناس عَشَرَةٌ‏.‏

الْأَوَّلُ الْوَلِيمَةُ وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ‏.‏

الثَّانِي الْحِذَاقُ وهو الطَّعَامُ عِنْدَ حِذَاقِ الصَّبِيِّ أَيْ مَعْرِفَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ وَإِتْقَانِهِ‏.‏

الثَّالِثُ الْعَذِيرَةُ وَالْإِعْذَارُ لِطَعَامِ الْخِتَانِ‏.‏

الرَّابِعُ الْخُرْسَةُ وَالْخَرَسُ لِطَعَامِ الْوِلَادَةِ‏.‏

الْخَامِسُ الْوَكِيرَةُ لِدَعْوَةِ الْبِنَاءِ‏.‏

السَّادِسُ النَّقِيعَةُ لِقُدُومِ الْغَائِبِ‏.‏

السَّابِعُ الْعَقِيقَةُ وَهِيَ الذَّبْحُ لِأَجْلِ الْوَلَدِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ الْأُضْحِيَّةِ‏.‏

الثامن ‏[‏الثامنة‏]‏ الْمَأْدُبَةُ وهو كُلُّ دَعْوَةٍ لِسَبَبٍ كانت أو غَيْرِهِ‏.‏

التَّاسِعُ الْوَضِيمَةُ وهو طَعَامُ الْمَأْتَمِ‏.‏

الْعَاشِرُ التُّحْفَةُ وهو طَعَامُ الْقَادِمِ‏.‏

وزاد بَعْضُهُمْ حَادِيَ عَشَرَ وهو الشُّنْدُخِيَّةُ وهو طَعَامُ الْإِمْلَاكِ على الزَّوْجَةِ‏.‏

وَثَانِيَ عَشَرَ الْمِشْدَاخُ وهو الطَّعَامُ الْمَأْكُولُ في خِتْمَةِ الْقَارِئِ‏.‏

وقد نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ ولم يَسْتَوْعِبْهَا فقال‏:‏

وَلِيمَةُ عُرْسٍ ثُمَّ خُرْسٌ وِلَادَةٌ *** وَعَقٌّ لِسَبْعٍ وَالْخِتَانُ لِإِعْذَارِ

وَمَأْدُبَةٌ أَطْلِقْ نَقِيعَةَ غَائِبٍ *** وَضِيمَةُ مَوْتٍ وَالْوَكِيرَةُ لِلدَّارِ

وَزِيدَتْ لِإِمْلَاكِ الْمُزَوَّجِ شُنْدُخٌ *** وَمِشْدَاخٌ الْمَأْكُولِ في خَتْمَةِ الْقَارِي

فَأَخَلَّ بِالْحِذَاقِ وَالتُّحْفَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَوْ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عن شَاةٍ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا تُسْتَحَبُّ بِشَاةٍ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها تَجِبُ وَلَوْ بِشَاةٍ لِلْأَمْرِ‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَوْ بِشَاةٍ الشَّاةُ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِلتَّقْلِيلِ أَيْ وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ كَشَاةٍ‏.‏

فَيُسْتَفَادُ من هذا أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَلِيمَةُ بِدُونِ شَاةٍ‏.‏

وَيُسْتَفَادُ من الحديث أَنَّ الْأَوْلَى الزِّيَادَةُ على الشَّاةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذلك قَلِيلًا انْتَهَى‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا تُسْتَحَبُّ الْوَلِيمَةُ بِالْعَقْدِ قَالَه ابن الْجَوْزِيِّ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تُسْتَحَبُّ بِالدُّخُولِ

‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ مُوَسَّعٌ من عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى انْتِهَاءِ أَيَّامِ الْعُرْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ في هذا وَكَمَالِ السُّرُورِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَكِنْ قد جَرَتْ الْعَادَةُ فِعْلَ ذلك قبل الدُّخُولِ بِيَسِيرٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال ابن عَقِيلٍ السُّنَّةُ أَنْ يُكْثِرَ لِلْبِكْرِ‏.‏

قُلْت الِاعْتِبَارُ في هذا بِالْيَسَارِ فإنه عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ما أو لم على أَحَدٍ ما أَوْلَمَ على زَيْنَبَ وَكَانَتْ ثَيِّبًا لَكِنْ قد جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ ذلك في حَقِّ الْبِكْرِ أَكْثَرَ من الثَّيِّبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا وَاجِبَةٌ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِشُرُوطِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَرُوهُ‏.‏

قال ابن عبد الْبَرِّ لَا خِلَافَ في وُجُوبِ الْإِجَابَةِ إلَى الْوَلِيمَةِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْإِفْصَاحِ وَيَجِبُ في الْأَشْهَرِ عنه‏.‏

وَقِيلَ الْإِجَابَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ‏.‏

وَقِيلَ مُسْتَحَبَّةٌ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ دَعَاهُ من يَثِقُ بِهِ فَالْإِجَابَةُ أَفْضَلُ من عَدَمِهَا‏.‏

وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ هُنَاكَ قَوْلًا‏.‏

قَوْلُهُ إذَا عَيَّنَهُ الدَّاعِي الْمُسْلِمُ‏.‏

مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَحْرُمْ هَجْرُهُ فَإِنْ حَرُمَ هَجْرُهُ لم يُجِبْهُ وَلَا كَرَامَةَ‏.‏

وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لم يَكُنْ كَسْبُهُ خَبِيثًا فَإِنْ كان كَسْبُهُ خَبِيثًا لم يُجِبْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ بَلَى‏.‏

وَمَنَعَ ابن الجوزي في الْمِنْهَاجِ من إجَابَةِ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُفَاخِرٍ بها أو فيها وَمُبْتَدِعٍ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَتِهِ إلَّا لِرَادٍّ عليه‏.‏

وَكَذَا إنْ كان فيها مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أو كَذِبٍ كَثِيرٍ فِيهِنَّ وَإِلَّا أُبِيحَ إذَا كان قَلِيلًا‏.‏

وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخُصَّ بها الْأَغْنِيَاءَ وَأَنْ لَا يَخَافَ الْمَدْعُوُّ الدَّاعِيَ وَلَا يَرْجُوهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ في الْمَحَلِّ من يَكْرَهُهُ الْمَدْعُوُّ أو يَكْرَهَ هو الْمَدْعُوَّ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إنْ عَلِمَ حُضُورَ الْأَرَاذِلِ وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تُزْرِي بمثله لم تَجِبْ إجَابَتُهُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن هذا الْقَوْلِ لم أَرَهُ لِغَيْرِهِ من أَصْحَابِنَا‏.‏

قال وقد أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْوُجُوبَ وَاشْتَرَطَ الْحِلَّ وَعَدَمَ الْمُنْكَرِ‏.‏

فَأَمَّا هذا الشَّرْطُ فَلَا أَصْلَ له كما أَنَّ مُخَالَطَةَ هَؤُلَاءِ في صُفُوفِ الصَّلَاةِ لَا تُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ وفي الْجِنَازَةِ لَا تُسْقِطُ حَقَّ الْحُضُورِ فَكَذَلِكَ ها هنا‏.‏

وَهَذِهِ شُبْهَةُ الْحَجَّاجِ بن أَرْطَاةَ وهو نَوْعٌ من التَّكَبُّرِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ‏.‏

نعم إنْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَقَدْ اشْتَمَلَتْ الدَّعْوَةُ على مُحَرَّمٍ وَإِنْ كان مَكْرُوهًا فَقَدْ اشْتَمَلَتْ على مَكْرُوهٍ‏.‏

وَأَمَّا إنْ كَانُوا فُسَّاقًا لَكِنْ لَا يَأْتُونَ بِمُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ لِهَيْبَتِهِ في الْمَجْلِسِ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَحْضُرَ إذَا لم يَكُونُوا ممن يُهْجَرُونَ مِثْلَ الْمُسْتَتِرِينَ‏.‏

أَمَّا إنْ كان في الْمَجْلِسِ من يُهْجَرُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ جَوَازُ الْإِجَابَةِ لَا وُجُوبُهَا انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَا الْجَفَلَى كَقَوْلِهِ أَيُّهَا الناس تَعَالَوْا إلَى الطَّعَامِ أو دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أو دَعَاهُ ذِمِّيٌّ لم تَجِبْ الْإِجَابَةُ‏.‏

إذَا دَعَا الجفلي لم تَجِبْ إجَابَتُهُ على الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ويحتمل ‏[‏يحتمل‏]‏ ان يَجِبَ قَالَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لم تَجِبْ ولم تُسْتَحَبَّ‏.‏

وَقِيلَ تُبَاحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وهو الْيَوْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلَا تَجِبُ‏.‏

الْإِجَابَةُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُ في الْيَوْمِ الثَّانِي وَتُكْرَهُ في الْيَوْمِ الثَّالِثِ‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ أَحَبَّ أَجَابَ في الثَّانِي وَلَا يُجِيبُ في الثَّالِثِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا دَعَاهُ ذِمِّيٌّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا يَجِبُ إجَابَتُهُ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال أبو دَاوُد قِيلَ لِأَحْمَدَ تُجِيبُ دَعْوَةَ الذِّمِّيِّ قال نعم‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قد يُحْمَلُ كَلَامُهُ على الْوُجُوبِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُكْرَهُ إجَابَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَقِيلَ تَجُوزُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال أَصْحَابُنَا لَا تَجِبُ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ وَلَكِنْ تَجُوزُ‏.‏

وقال في الْكَافِي وَتَجُوزُ إجَابَتُهُ‏.‏

قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُتَقَدِّمِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وهو الصَّوَابُ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لَا بَأْسَ بِإِجَابَتِهِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَخَرَّجَ الزَّرْكَشِيُّ من رِوَايَةِ عَدَمِ جَوَازِ تَهْنِئَتِهِمْ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَعِيَادَتِهِمْ عَدَمَ الْجَوَازِ هُنَا‏.‏

قَوْلُهُ وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ‏.‏

هذا قَوْلُ أبي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن أبي موسى قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّعَوَاتِ مُبَاحَةٌ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَخِصَال ابن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ تُكْرَهُ دَعْوَةُ الْخِتَانِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَأَمَّا الْإِجَابَةُ إلَى سَائِرِ الدَّعَوَاتِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُهَا كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الظَّاهِرُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ تُبَاحُ وَنَصَّ عليه وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ من أَصْحَابِهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُوجَزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرٌ‏.‏

وقال أَيْضًا وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابن منصور وَمُثَنَّى تَجِبُ الْإِجَابَةُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ لو قِيلَ بِالْوُجُوبِ لَكَانَ مُتَّجَهًا‏.‏

وَكَرِهَ الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ حُضُورَ غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ إذَا كانت كما وَصَفَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُمْنَعُهَا الْمُحْتَاجُ وَيَحْضُرُهَا الْغَنِيُّ‏.‏

فائدة‏:‏

قال الْقَاضِي في آخِرِ الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ يُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ الْإِسْرَاعُ إلَى إجَابَةِ الطَّعَامِ وَالتَّسَامُحِ لِأَنَّ فيه بِذْلَةً وَدَنَاءَةً وَشَرَهًا لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَضَرَ وهو صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا لم يُفْطِرْ وَإِنْ كان نَفْلًا أو كان مُفْطِرًا اُسْتُحِبَّ الْأَكْلُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ لِمَنْ صَوْمُهُ نَفْلٌ أو هو مُفْطِرٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ لِلصَّائِمِ إنْ كان يُجْبِرُ قَلْبَ دَاعِيهِ وَإِلَّا كان إتْمَامُ الصَّوْمِ أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ‏.‏

وَقِيلَ نَصُّهُ يَدْعُو وَيَنْصَرِفُ‏.‏

وقال في الْوَاضِحِ ظَاهِرُ الحديث وُجُوبُ الْأَكْلِ لِلْمُفْطِرِ‏.‏

وفي مُنَاظَرَاتِ ابن عقِيلٍ لو غَمَسَ إصْبَعَهُ في مَاءٍ وَمَصَّهَا حَصَلَ بِهِ إرْضَاءُ الشَّارِعِ وَإِزَالَةُ الْمَأْثَمِ بِإِجْمَاعِنَا وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ إجَابَةً عُرْفًا بَلْ اسْتِخْفَافًا بِالدَّاعِي‏.‏

فائدة‏:‏

في جَوَازِ الْأَكْلِ من مَالِ من في مَالِهِ حَرَامٌ أَقْوَالٌ‏.‏

أَحَدُهَا التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا قَطَعَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في الْمُنْتَخَبِ قُبَيْلَ بَابِ الصَّيْدِ‏.‏

قال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كما قُلْنَا في اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ بِالنَّجِسَةِ وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ‏.‏

قال ابن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ في مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ منه‏.‏

وَسَأَلَهُ الْمَرْوَزِيِّ عن الذي يُعَامِلُ بِالرِّبَا يَأْكُلُ عِنْدَهُ قال لَا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في آدَابِهَا وَلَا يَأْكُلُ مُخْتَلِطًا بِحَرَامٍ بِلَا ضَرُورَةٍ‏.‏

وَالْقَوْلُ الثَّانِي إنْ زَادَ الْحَرَامُ على الثُّلُثِ حَرُمَ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَلَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ لِأَنَّ الثُّلُثَ ضَابِطٌ في مَوَاضِعَ‏.‏

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ إنْ كان الْحَرَامُ أَكْثَرَ حَرُمَ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَلَا إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ قَطَعَ بِه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ‏.‏

نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ وَرِثَ مَالًا فيه حَرَامٌ‏.‏

إنْ عَرَفَ شيئا بِعَيْنِهِ رَدَّهُ وَإِنْ كان الْغَالِبُ على مَالِهِ الْفَسَادَ تَنَزَّهَ عنه أو نحو هذا‏.‏

وَنَقَلَ حَرْبٌ في الرَّجُلِ يَخْلُفُ مَالًا إنْ كان غَالِبُهُ نَهْبًا أو رِبًا يَنْبَغِي لِوَارِثِهِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عنه إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُعْرَفُ‏.‏

وَنَقَلَ عنه أَيْضًا هل لِلرَّجُلِ أَنْ يَطْلُبَ من وَرَثَةِ إنْسَانٍ مَالًا مُضَارَبَةً ينفعهم ‏[‏ينفعهما‏]‏ وَيَنْتَفِعُ‏.‏

قال إنْ كان غَالِبُهُ الْحَرَامَ فَلَا‏.‏

وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا قَلَّ الْحَرَامُ أو كَثُرَ لَكِنْ يُكْرَهُ وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَه ابن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ‏.‏

قُلْت وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ في بَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ حُكْمُ مُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ صَدَقَتِهِ وَهِبَتِهِ وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ وَنَحْوِ ذلك‏.‏

وَإِنْ لم يَعْلَمْ أَنَّ في الْمَالِ حَرَامًا فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ وَلَا تَحْرِيمَ بِالِاحْتِمَالِ وَإِنْ كان تَرْكُهُ أَوْلَى لِلشَّكِّ‏.‏

وَإِنْ قوى سَبَبُ التَّحْرِيمِ فَظَنُّهُ يَتَوَجَّهُ فيه كَآنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَطَعَامِهِمْ انْتَهَى‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ التَّرْكُ وَأَنَّ ذلك يَنْبَنِي على ما إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ‏.‏

فَوَائِدُ جَمَّةٌ في آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْقَوْمُ حين وَضْعِ الطَّعَامِ أَنْ يَفْجَأَهُمْ وَإِنْ فَجَأَهُمْ بِلَا تَعَمُّدٍ أَكَلَ نَصَّ عليه‏.‏

وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ الْكَرَاهَةَ إلَّا من عَادَتُهُ السَّمَاحَةُ‏.‏

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْخُبْزَ الْكِبَارَ وقال ليس فيه بَرَكَةٌ‏.‏

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَضْعَهُ تَحْتَ الْقَصْعَةِ لِاسْتِعْمَالِهِ له‏.‏

وقال الْآمِدِيُّ يَحْرُمُ عليه ذلك وَأَنَّهُ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ وَكَرِهَهُ الْأَصْحَابُ في الْأُولَتَيْنِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي في الثَّانِيَةِ‏.‏

ذَكَرَ ذلك كُلَّهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْأَطْعِمَةِ‏.‏

وَيَحْرُمُ عليه أَخْذُ شَيْءٍ من الطَّعَامِ من غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَإِنْ عَلِمَ بِقَرِينَةٍ رِضَا مَالِكِهِ فقال في التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يُبَاحُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مع ظَنِّهِ رِضَاهُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى له أَخْذُ ما عَلِمَ رضي رَبِّهِ بِهِ وَإِطْعَامُ الْحَاضِرِينَ معه وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَيَأْتِي هل له أَنْ يُلَقِّمَ غَيْرَهُ وما يُشَابِهُهُ‏.‏

وَيَأْتِي أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ من غَيْرِ إذْنٍ وَلَا قَرِينَةٍ وَأَنَّ الدُّعَاءَ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْنٌ في الْأَكْلِ‏.‏

وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ قبل الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةَ الْكَرَاهَةِ‏.‏

قُلْت قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ يَدَيْهِ بَعْدَ الطَّعَامِ إذَا كان له غَمْرٌ انْتَهَى‏.‏

وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُهُ في الْإِنَاءِ الذي أَكَلَ فيه نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَيُكْرَهُ الْغَسْلُ بِطَعَامٍ وَلَا بَأْسَ بِنُخَالَةٍ نَصَّ عليه‏.‏

قال بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ بِدَقِيقِ حِمَّصٍ وَعَدَسٍ وَبَاقِلَاءَ وَنَحْوِهِ‏.‏

وقال في الْآدَابِ وَيَتَوَجَّهُ تَحْرِيمُ الْغَسْلِ بِمَطْعُومٍ كما هو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَمَّا أَمَرَ الشَّارِعُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْمَرْأَةَ أَنْ تَجْعَلَ مع الْمَاءِ مِلْحًا ثُمَّ تَغْسِلَ بِهِ الدَّمَ عن حَقِيبَتِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْمِلْحُ طَعَامٌ فَفِي مَعْنَاهُ ما يُشْبِهُهُ انْتَهَى‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامُ أبي مُحَمَّدٍ يَقْتَضِي جَوَازَ غَسْلِهَا بِالْمَطْعُومِ وهو خِلَافُ الْمَشْهُورِ‏.‏

وَجَزَمَ النَّاظِمُ بِجَوَازِ غَسْلِ يَدَيْهِ بِالْمِلْحِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وقال إِسْحَاقُ تَعَشَّيْت مع أبي عبد اللَّهِ مَرَّةً فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَرُبَّمَا مَسَحَ يَدَيْهِ عِنْدَ كل لُقْمَةٍ بِالْمِنْدِيلِ‏.‏

وَيَتَمَضْمَضُ من شُرْبِ اللَّبَنِ وَيَلْعَقُ قبل الْغَسْلِ أو الْمَسْحِ أَصَابِعَهُ أو يُلْعِقُهَا‏.‏

وَيَعْرِضُ رَبُّ الطَّعَامِ الْمَاءَ لِغَسْلِهِمَا وَيُقَدِّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ وَلَا يَعْرِضُ الطَّعَامَ‏.‏

ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ يُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ وَيُجِيدَ الْمَضْغَ وَيُطِيلَ الْبَلْعَ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ما هو أَهَمُّ من الْإِطَالَةِ‏.‏

وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ تَصْغِيرِ الْكِسَرِ انْتَهَى‏.‏

وَلَا يَأْكُلُ لُقْمَةً حتى يَبْلَعَ ما قَبْلَهَا‏.‏

وقال ابن أبي مُوسَى وابن الْجَوْزِيِّ وَلَا يَمُدُّ يَدَهُ إلَى أُخْرَى حتى يَبْتَلِعَ الْأُولَى وكذا قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَيَنْوِي بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ التقوى على الطَّاعَةِ‏.‏

وَيَبْدَأُ بِهِمَا الْأَكْبَرُ وَالْأَعْلَمُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ الْكُبْرَى‏.‏

وقال النَّاظِمُ في آدَابِهِ‏:‏

وَيُكْرَهُ سَبْقُ الْقَوْمِ لِلْأَكْلِ نَهْمَةً *** وَلَكِنْ رَبُّ الْبَيْتِ إنْ شَاءَ يبتدي

وإذا أَكَلَ معه ضَرِيرٌ أَعْلَمَهُ بِمَا بين يَدَيْهِ‏.‏

وَتُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِمَا وَالْأَكْلُ بِالْيَمِينِ‏.‏

وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ وَالْأَكْلُ بِشِمَالِهِ إلَّا من ضَرُورَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ في الشُّرْبِ إجْمَاعًا‏.‏

وَقِيلَ يَجِبَانِ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيُسْرَى وَمَسِّ الْفَرَجِ بها لِأَنَّ النهى في كِلَيْهِمَا‏.‏

وقال ابن الْبَنَّا قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا في الْأَكْلِ أَرْبَعُ فَرَائِضَ أَكْلُ الْحَلَالِ وَالرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَالتَّسْمِيَةُ على الطَّعَامِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ عز وجل على ذلك‏.‏

وَإِنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ في أَوَّلِهِ قال إذَا ذَكَرَ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ قال الْأَصْحَابُ يقول بِسْمِ اللَّهِ‏.‏

وفي الْخَبَرِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو زَادَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ عِنْدَ الْأَكْلِ لَكَانَ حَسَنًا فإنه أكمل ‏[‏أكل‏]‏ بِخِلَافِ الذَّبْحِ فإنه قد قِيلَ لَا يُنَاسِبُ ذلك انْتَهَى‏.‏

ويسمى الْمُمَيِّزُ ويسمى عَمَّنْ لَا عَقْلَ له وَلَا تَمْيِيزَ غَيْرُهُ قَالَهُ بَعْضُهُمْ إنْ شُرِعَ الْحَمْدُ عنه‏.‏

وَيَنْبَغِي للمسمى أَنْ يَجْهَرَ بها قَالَهُ في الْآدَابِ لِيُنَبِّهَ غَيْرَهُ عليها‏.‏

وَيَحْمَدَ اللَّهَ إذَا فَرَغَ وَيَقُولَ ما وَرَدَ‏.‏

وَقِيلَ يَجِبُ الْحَمْدُ وَقِيلَ يحمد ‏[‏ويحمد‏]‏ الشَّارِبُ كُلَّ مَرَّةٍ‏.‏

وقال السَّامِرِيُّ يسمى الشَّارِبُ عِنْدَ كل ابْتِدَاءٍ وَيَحْمَدُ عِنْدَ كل قَطْعٍ‏.‏

قال في الْآدَابِ وقد يُقَالُ مِثْلُهُ في أَكْلِ كل لُقْمَةٍ وهو ظَاهِرُ ما روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

نَقَل ابن هَانِئٍ أَنَّهُ جَعَلَ عِنْدَ كل لُقْمَةٍ يسمى وَيَحْمَدُ‏.‏

وقال أَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ من أَكْلٍ وَصَمْتٍ‏.‏

وَيُسَنُّ مَسْحُ الصَّحْفَةِ وَأَكْلُ ما تَنَاثَرَ وَالْأَكْلُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ وَإِذْنِهِ وَيَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيُكْرَهُ بِإِصْبَعٍ لِأَنَّهُ مَقْتٌ وَبِإِصْبَعَيْنِ لِأَنَّهُ كِبْرٌ وَبِأَرْبَعٍ وَخَمْسٍ لِأَنَّهُ شَرَهٌ‏.‏

قال في الْآدَابِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ ما يَتَنَاوَلُ عَادَةً وَعُرْفًا بِإِصْبَعٍ أو إصْبَعَيْنِ فإن الْعُرْفَ يَقْتَضِيهِ‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ إذَا كان الطَّعَامُ لَوْنًا أو نَوْعًا وَاحِدًا‏.‏

وقال الْآمِدِيُّ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ من غَيْرِ ما يَلِيهِ إذَا كان وَحْدَهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الْآدَابِ نَقَلَ الأمدي عن ابن حامد أَنَّهُ قال إذَا كان مع جَمَاعَةٍ أَكَلَ مِمَّا يَلِيهِ وَإِنْ كان وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَجُولَ يَدُهُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَاكِهَةَ كَغَيْرِهَا‏.‏

وَكَلَامُ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ مُحْتَمِلُ الْفَرْقَ‏.‏

وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عِكْرَاشِ بن ذُؤَيْبٍ رضي اللَّهُ عنه لَكِنْ فيه مَقَالٌ انْتَهَى‏.‏

وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ من أَعْلَى الْقَصْعَةِ وَأَوْسَطِهَا‏.‏

قال ابن عَقِيلٍ وَكَذَلِكَ الْكَيْلُ‏.‏

وقال ابن حَامِدٍ يُسَنُّ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ‏.‏

وَيُكْرَهُ نَفْخُ الطَّعَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

زَادَ في الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ وَغَيْرِهِمَا وَالشَّرَابِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ النَّفْخُ في الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِتَابِ منهى عنه‏.‏

وقال الْآمِدِيُّ لَا يُكْرَهُ النَّفْخُ في الطَّعَامِ إذَا كان حَارًّا‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ إنْ كان ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى الْأَكْلِ حِينَئِذٍ‏.‏

وَيُكْرَهُ أَكْلُ الطَّعَامِ الْحَارِّ‏.‏

قُلْت عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ‏.‏

وَيُكْرَهُ فِعْلُ ما يَسْتَقْذِرُهُ من غَيْرِهِ‏.‏

وَكَذَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ بِمَا يُسْتَقْذَرُ أو بِمَا يُضْحِكُهُمْ أو يُحْزِنُهُمْ قَالَهُ الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ‏.‏

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَكْلَ مُتَّكِئًا‏.‏

قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ وَعَلَى الطَّرِيقِ أَيْضًا‏.‏

وَيُكْرَهُ أَيْضًا الْأَكْلُ مُضْطَجِعًا وَمُنْبَطِحًا قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْأَكْلِ على رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى أو يَتَرَبَّعَ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ‏.‏

وَذَكَرَ بن الْبَنَّاءِ أَنَّ من آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَجْلِسَ مُفْتَرِشًا وَإِنْ تَرَبَّعَ فَلَا بَأْسَ انْتَهَى‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ من آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَأْكُلَ مُطْمَئِنًّا كَذَا قال‏.‏

وَيُكْرَهُ عَيْبُ الطَّعَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ‏.‏

وَيُكْرَهُ قِرَانُهُ في التَّمْرِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قَدَّمَهُ النَّاظِمُ في آدَابِهِ وابن حَمْدَانَ في آدَابِ رِعَايَتَيْهِ وابن مُفْلِحٍ في آدَابِهِ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ مع شَرِيكٍ لم يَأْذَنْ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ لَا وَحْدَهُ وَلَا مع أَهْلِهِ وَلَا من أَطْعَمَهُمْ ذلك‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا بن مُفْلِحٍ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في كِتَابِهِ أُصُولِ الْفِقْهِ لَا يُكْرَهُ الْقِرَانُ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْوَاضِحِ الْأَوْلَى تَرْكُهُ‏.‏

قال صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِثْلُهُ ما الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَنَاوُلِهِ وَلَهُ أَفْرَادٌ‏.‏

وَكَذَا قال النَّاظِمُ في آدَابِهِ وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَلَهُ قَطْعُ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ والنهى عنه لَا يَصِحُّ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الْبَطْنُ أَثْلَاثًا ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ‏.‏

وَيَجُوزُ أَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو مُرَادُ من أَطْلَقَ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ أَكَلَ كَثِيرًا لم يَكُنْ بِهِ باس‏.‏

وَذَكَرَ النَّاظِمُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشِّبَعِ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِسْرَافُ‏.‏

وقال في الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ الْأَكْلُ كَثِيرًا مع خَوْفِ تُخَمَةٍ‏.‏

وَكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَكْلَهُ حتى يُتْخَمَ وَحَرَّمَهُ أَيْضًا‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَحَرَّمَ أَيْضًا الْإِسْرَافَ وهو مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ‏.‏

وَيَأْتِي في الْأَطْعِمَةِ كَرَاهَةُ إدْمَانِ أَكْلِ اللَّحْمِ‏.‏

وَلَا يُقَلِّلُ من الْأَكْلِ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ ذلك‏.‏

وَلَيْسَ من السُّنَّةِ تَرْكُ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ‏.‏

وَلَا يُكْرَهُ الشُّرْبُ قَائِمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ قَائِمًا وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَالشُّرْبِ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قُلْت إنْ قُلْنَا إنَّ الْكَرَاهَةَ في الشُّرْبِ قَائِمًا لِمَا يَحْصُلُ له من الضَّرَرِ ولم يَحْصُلْ مِثْلُ ذلك في الْأَكْلِ امْتَنَعَ الْإِلْحَاقُ‏.‏

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الشُّرْبَ من فَمِ السِّقَاءِ وَاخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ وهو قَلْبُهَا‏.‏

وَيُكْرَهُ أَيْضًا الشُّرْبُ من ثُلْمَةِ الْإِنَاءِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا يَشْرَبُ مُحَاذِيًا الْعُرْوَةَ وَيَشْرَبُ مِمَّا يَلِيهَا‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَحَمَلَهُ في الْآدَابِ على أَنَّ الْعُرْوَةَ مُتَّصِلَةٌ بِرَأْسِ الْإِنَاءِ‏.‏

وإذا شَرِبَ نَاوَلَ الْإِنَاءَ الْأَيْمَنَ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ وَكَذَا غَسْلُ يَدِهِ‏.‏

وقال ابن أبي الْمَجْدِ وَكَذَا في رَشِّ مَاءِ الْوَرْدِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وما جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ وَتَقْدِيمٍ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ وَجْهَيْنِ قال وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ‏.‏

وقال في آدَابِهِ الْأَوْلَى جَوَازُهُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يُلْقِمُ جَلِيسَهُ وَلَا يُفْسِحُ له إلَّا بأذن رَبِّ الطَّعَامِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ يُكْرَهُ أَنْ يُلْقِمَ من حَضَرَ معه لِأَنَّهُ يَأْكُلُ وَيَتْلَفُ بِأَكْلِهِ على مِلْكِ صَاحِبِهِ على وَجْهِ الْإِبَاحَةِ‏.‏

وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ من الْآدَابِ أَنْ لَا يُلْقِمَ أَحَدًا يَأْكُلُ معه إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الطَّعَامِ‏.‏

قال في الْآدَابِ وَهَذَا يَدُلُّ على جَوَازِ ذلك عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ في ذلك لَكِنَّ الْأَدَبَ وَالْأَوْلَى الْكَفُّ عن ذلك لِمَا فيه من إسَاءَةِ الْأَدَبِ على صَاحِبِهِ وَالْإِقْدَامِ على طَعَامِهِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ من غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ‏.‏

وفي مَعْنَى ذلك تَقْدِيمُ بَعْضِ الضِّيفَانِ ما لَدَيْهِ وَنَقْلُهُ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِفَاعِلِ ذلك أَنْ يُسْقِطَ حَقَّ جَلِيسِهِ من ذلك‏.‏

وَالْقَرِينَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ في ذلك‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الْفُنُونِ كُنْت أَقُولُ لَا يَجُوزُ لِلْقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَلَا لِسِنَّوْرٍ حتى وَجَدْت في صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثَ أَنَسٍ في الدُّبَّاءِ انْتَهَى‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ يَغُضَّ طَرْفَهُ عن جَلِيسِهِ‏.‏

قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ من الْآدَابِ أَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى وُجُوهِ الْآكِلِينَ انْتَهَى‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ يُؤْثِرَ على نَفْسِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مع أَبْنَاءِ الدُّنْيَا بِالْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَعَ الْفُقَرَاءِ بِالْإِيثَارِ وَمَعَ الْإِخْوَانِ بِالِانْبِسَاطِ وَمَعَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّعَلُّمِ‏.‏

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مع الْإِخْوَانِ وَبِالْإِيثَارِ مع الْفُقَرَاءِ وَبِالْمُرُوءَةِ مع أَبْنَاءِ الدُّنْيَا انْتَهَى‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ يُخَلِّلَ أَسْنَانَهُ إنْ عَلِقَ بها شَيْءٌ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ روى عن ابن عمَرَ تَرْكُ الْخِلَالِ يُوهِنُ الْأَسْنَانَ‏.‏

وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا‏.‏

قال النَّاظِمُ ويلقى ما أَخْرَجَهُ الْخِلَالُ وَلَا يَبْتَلِعُهُ لِلْخَبَرِ‏.‏

وَيُسَنُّ الشُّرْبُ ثَلَاثًا وَيَتَنَفَّسُ دُونَ الْإِنَاءِ ثَلَاثًا فَإِنْ تَنَفَّسَ فيه كُرِهَ‏.‏

وَلَا يَشْرَبُ في أَثْنَاءِ الطَّعَامِ فإنه مُضِرٌّ ما لم يَكُنْ عَادَةً‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ يُجْلِسَ غُلَامَهُ معه على الطَّعَامِ وَإِنْ لم يُجْلِسْهُ أَطْعَمَهُ‏.‏

وَيُسَنُّ لِمَنْ أَكَلَ مع الْجَمَاعَةِ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ قَبْلَهُمْ ما لم تُوجَدْ قَرِينَةٌ‏.‏

وَيُكْرَهُ مَدْحُ طَعَامِهِ وَتَقْوِيمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ عليه ذلك‏.‏

وقال الْآمِدِيُّ السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ بيده وَلَا يَأْكُلَ بِمِلْعَقَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَمَنْ أَكَلَ بِمِلْعَقَةٍ أو غَيْرِهَا أَكَلَ بِالْمُسْتَحَبِّ انْتَهَى‏.‏

وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِلْحِ وَيَخْتِمَ بِهِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ زَادَ الْمِلْحَ‏.‏

وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ من فيه وَرَدُّهُ في الْقَصْعَةِ‏.‏

وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ بِالْخُبْزِ وَلَا يَسْتَبْذِلُهُ وَلَا يَخْلِطُ طَعَامًا بِطَعَامٍ قَالَهُ الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ‏.‏

وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يُبَاسِطَ الْإِخْوَانَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ وَالْحِكَايَاتِ التي تَلِيقُ بِالْحَالَةِ إذَا كَانُوا مُنْقَبِضِينَ‏.‏

وقد كان الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يُبَاسِطُ من يَأْكُلُ معه‏.‏

وَذَكَرَ ابن الجوزي أَنَّ من آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ لَا يَسْكُتُوا على الطَّعَامِ بَلْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَتَكَلَّمُونَ بِحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ في الْأَطْعِمَةِ انْتَهَى‏.‏

وَلَا يَتَصَنَّعُ بِالِانْقِبَاضِ وإذا أَخْرَجَ من فيه شيئا لِيَرْمِيَ بِهِ صَرَفَ وَجْهَهُ عن الطَّعَامِ وَأَخَذَهُ بِيَسَارِهِ‏.‏

قال وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إلَيْهِمْ وَيُقَدِّمُ ما حَضَرَ من غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا يَسْتَأْذِنُهُمْ في التَّقْدِيمِ انْتَهَى‏.‏

قال في الْآدَابِ كَذَا قال‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ أَيْضًا وَلَا يُكْثِرُ النَّظَرَ إلَى الْمَكَانِ الذي يَخْرُجُ منه الطَّعَامُ فإنه دَلِيلٌ على الشَّرَهِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا دُعِيَ إلَى أَكْلٍ دخل إلَى بَيْتِهِ فَأَكَلَ ما يَكْسِرُ نَهْمَتَهُ قبل ذَهَابِهِ‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ لَا يَجْمَعَ بين النَّوَى وَالتَّمْرِ في طَبَقٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجْمَعَهُ في كَفِّهِ بَلْ يَضَعَهُ من فيه على ظَهْرِ كَفِّهِ‏.‏

وَكَذَا كُلُّ ما فيه عَجَمٌ وَثِقَلٌ وهو مَعْنَى كَلَامِ الْآمِدِيِّ‏.‏

وقال أبو بَكْرِ بن حَمَّادٍ رَأَيْت الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْكُلُ التَّمْرَ وَيَأْخُذُ النَّوَى على ظَهْرِ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى‏.‏

وَرَأَيْته يَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ النَّوَى مع التَّمْرِ في شَيْءٍ وَاحِدٍ‏.‏

وَلِرَبِّ الطَّعَامِ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الضِّيفَانِ بِشَيْءٍ طَيِّبٍ إذَا لم يَتَأَذَّ غَيْرُهُ‏.‏

وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُفَضِّلَ شيئا لَا سِيَّمَا إنْ كان مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ أو كان ثَمَّ حَاجَةٌ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّ الْخُبْزَ لَا يُقَبَّلُ وَلَا بَأْسَ بِالْمُنَاهَدَةِ‏.‏

نَقَلَ أبو دَاوُد لَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَاهَدَ في الطَّعَامِ وَيَتَصَدَّقَ منه لم يَزَلْ الناس يَفْعَلُونَ هذا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةً لَا يَتَصَدَّقُ بِلَا إذْنٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَمَعْنَى النَّهْدِ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ من الرُّفْقَةِ شيئا من النَّفَقَةِ وَيَدْفَعُونَهُ إلَى رَجُلٍ يُنْفِقُ عليهم منه وَيَأْكُلُونَ جميعا‏.‏

وَإِنْ أَكَلَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ من بَعْضٍ فَلَا بَأْسَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ أَجَابَ أَسْبَقَهُمَا‏.‏

وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ هل السَّبْقُ بِالْقَوْلِ وهو الصَّوَابُ أو بِقُرْبِ الْبَابِ فيه وَجْهَانِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وحكى هل السَّبْقُ بِالْقَوْلِ أو بِالْبَابِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ السَّبْقَ بِالْقَوْلِ وهو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ خُصُوصًا الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

فَإِنْ اسْتَوَيَا في السَّبْقِ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِتَقْدِيمِ الْأَدْيَنِ ثُمَّ الْأَقْرَبِ جِوَارًا وَقَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي‏.‏

وقال في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَنِهَايَةِ ابن رزين فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا بَابًا‏.‏

زَادَ في الْخُلَاصَةِ وَيُقَدِّمُ إجَابَةَ الْفَقِيرِ مِنْهُمَا‏.‏

وزاد في الْكَافِي فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا‏.‏

وَكَذَا قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ دَعَاهُ اثْنَانِ قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا ثُمَّ إنْ أَتَيَا مَعًا قَدَّمَ أَدْيَنَهُمَا ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا ثُمَّ جِوَارًا ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيُقَدِّمُ أَسْبَقَ ثُمَّ أَدْيَنَ ثُمَّ أَقْرَبَ جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا وَقِيلَ عَكْسُهُ ثُمَّ قَارَعَ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ يُقَدِّمُ السَّابِقَ فَإِنْ لم يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فقال أَصْحَابُنَا يَنْظُرُ أَقْرَبَهُمَا دَارًا فَيُقَدِّمُ في الْإِجَابَةِ‏.‏

وَقِيلَ الْأَدْيَنُ بَعْدَ الْأَقْرَبِ جِوَارًا‏.‏

وقال في الْبُلْغَةِ فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا فَإِنْ اسْتَوَيَا قَدَّمَ أَدْيَنَهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ في الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَالزَّمْرِ وَالْخَمْرِ وَأَمْكَنَهُ الْإِنْكَارُ حَضَرَ وَأَنْكَرَ وَإِلَّا لم يَحْضُرْ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ حَضَرَ وَشَاهَدَ الْمُنْكَرَ أَزَالَهُ وَجَلَسَ فَإِنْ لم يَقْدِرْ انْصَرَفَ بِلَا خِلَافٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ ولم يَرَهُ ولم يَسْمَعْهُ فَلَهُ الْجُلُوسُ‏.‏

ظَاهِرُهُ الْخِيرَةُ بين الْجُلُوسِ وَعَدَمِهِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال النَّاظِمُ إنْ شَاءَ يَجْلِسُ وَلَكِنْ عَنْهُمْ الْبُعْدُ أَجْوَدُ‏.‏

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَنْصَرِفُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فيها صُوَرُ الْحَيَوَانِ لم يَجْلِسْ إلَّا أَنْ تُزَالَ‏.‏

هَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ

‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وفي تَحْرِيمِ لُبْثِهِ في مَنْزِلٍ فيه صُورَةُ حَيَوَانٍ على وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَجْهَانِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْرُمُ‏.‏

وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في سِتْرِ الْعَوْرَةِ هل يَحْرُمُ ذلك أَمْ لَا‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا عَلِمَ بِهِ قبل الدُّخُولِ فَهَلْ يَحْرُمُ الدُّخُولُ أَمْ لَا فيه الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الدُّخُولُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كانت مَبْسُوطَةً أو على وِسَادَةٍ فَلَا بَأْسَ بها‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في الْإِرْشَادِ الصُّوَرُ وَالتَّمَاثِيلُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا في الْأَسِرَّةِ وَالْجُدُرِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في بَابِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَحْرُمُ تَعْلِيقُ ما فيه صُورَةُ حَيَوَانٍ وَسِتْرُ الْجُدُرِ بِهِ وَتَصْوِيرُهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ وَذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً كَافْتِرَاشِهِ وَجَعْلِهِ مِخَدًّا‏.‏

وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في سِتْرِ الْعَوْرَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ سُتِرَتْ الْحِيطَانُ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فيها أو فيها صُوَرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ فَهَلْ تُبَاحُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

مُرَادُهُ إذَا كانت غير حَرِيرٍ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في مَوْضِعٍ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن رزين‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ‏.‏

وقال في الْخُلَاصَةِ وإذا حَضَرَ فَرَأَى سُتُورًا مُعَلَّقَةً لَا صُوَرَ عليها فَهَلْ يَجْلِسُ فيه رِوَايَتَانِ أَصْلُهُمَا هل هو حَرَامٌ أو مَكْرُوهٌ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم تَكُنْ حَاجَةٌ فَأَمَّا إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ من حَرٍّ أو بَرْدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ‏.‏

ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو وَاضِحٌ‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَهَلْ يُبَاحُ أَنَّ الْخِلَافَ في الْإِبَاحَةِ وَعَدَمِهَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ في الْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ فَمُرَادُهُ بِالْإِبَاحَةِ الْجَوَازُ الذي هو ضِدُّ التَّحْرِيمِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ يَكُونُ وُجُودُ ذلك عُذْرًا في تَرْكِ الْإِجَابَةِ‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ يَكُونُ أَيْضًا عُذْرًا في تَرْكِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَكُونُ عُذْرًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْخُلَاصَةِ الْمُتَقَدِّمِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَالْوَاجِبُ لَا يُتْرَكُ لِذَلِكَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَنَقَل ابن هَانِئٍ وَغَيْرُهُ كُلُّ ما كان فيه شَيْءٌ من زِيِّ الْأَعَاجِمِ وَشِبْهِهِ فَلَا يَدْخُلُ‏.‏

وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يَدْخُلَ قال لَا كَرَيْحَانٍ مُنَضَّدٍ‏.‏

وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ أَنَّ النَّهْيَ عن التَّشَبُّهِ بِالْعَجَمِ لِلتَّحْرِيمِ‏.‏

وَنَقَلَ جَعْفَرٌ لَا يَشْهَدُ عُرْسًا فيه طَبْلٌ أو مُخَنَّثٌ أو غِنَاءٌ أو تَسَتُّرُ الْحِيطَانِ وَيَخْرُجُ لِصُورَةٍ على الْجِدَارِ‏.‏

وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَالْفَضْلُ لَا لِصُورَةٍ على سِتْرٍ لم يَسْتُرْ بِهِ الْجُدُرَ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُبَاحُ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إذْنٍ أو ما يَقُومُ مَقَامَهَا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ أو قَرِينَةٍ وَلَوْ من بَيْتِ قَرِيبِهِ أو صَدِيقِهِ ولم يُحْرِزْهُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَنَقَلَه ابن الْقَاسِمِ وابن النَّضْرِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ ابن الجوزي وَغَيْرِهِ يَجُوزُ أَكْلُهُ من بَيْتِ قَرِيبِهِ وَصَدِيقِهِ إذَا لم يُحْرِزْهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في آدَابِهِ وقال هذا هو الْمُتَوَجَّهُ‏.‏

وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على الشَّكِّ في رِضَاهُ أو على الْوَرَعِ انْتَهَى‏.‏

وَجَزَمَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ في آخِرِ الْغَصْبِ فِيمَنْ يَكْتُبُ من مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ يَجُوزُ في حَقِّ من يَنْبَسِطُ إلَيْهِ وَيَأْذَنُ له عُرْفًا‏.‏

قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْنٌ فيه‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَكَذَا تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إلَيْهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى‏.‏

وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ إذْنًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ في ذلك الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ بِذَلِكَ فَيَكُونُ الْعُرْفُ إذْنًا‏.‏

وقد تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَسْنُونَ الْأَكْلُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ وَإِذْنِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ جُمْلَةٌ صَالِحَةٌ في آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الدُّعَاءَ ليس إذْنًا في الدُّخُولِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هو إذْنٌ فيه‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ وَنَسَبَهُ إلَى الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قُلْت إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عليه كان إذْنًا وَإِلَّا فَلَا‏.‏

الثَّانِيَةُ قال الْمَجْدُ مَذْهَبُنَا لَا يَمْلِكُ الطَّعَامَ الذي قُدِّمَ إلَيْهِ بَلْ يَهْلَكُ بِالْأَكْلِ على مِلْكِ صَاحِبِهِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ أَكْلُ الضَّيْفِ إبَاحَةٌ مَحْضَةٌ لَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِهِ بِحَالٍ على الْمَشْهُورِ عِنْدَنَا انْتَهَى‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ له هل له الصَّدَقَةُ من قُوتِهِ الضَّيْفُ لَا يَمْلِكُ الصَّدَقَةَ بِمَا أَذِنَ له في أَكْلِهِ‏.‏

وقال إنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَضَافَهُ لم يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لم يُمَلِّكْهُ شيئا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ الْأَكْلَ وَلِهَذَا لم يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فيه بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت فَيَحْرُمُ عليه تَصَرُّفُهُ فيه بِدُونِهِ‏.‏

قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا يَأْكُلُ الضَّيْفُ على مِلْكِ صَاحِبِ الطَّعَامِ على وَجْهِ الْإِبَاحَةِ وَلَيْسَ ذلك بِتَمْلِيكٍ انْتَهَى‏.‏

قال في الْآدَابِ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ في الْمُغْنِي التَّحْرِيمُ‏.‏

قُلْت وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ‏.‏

قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ لو قَدَّمَ لِضِيفَانِهِ طَعَامًا لم يَجُزْ لهم قِسْمَتُهُ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ نَقَلَهُ عَنْهُمْ في الْفُرُوعِ في آخِرِ الْأَطْعِمَةِ‏.‏

وقال في الْقَوَاعِدِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ بِإِجْزَاءِ الطَّعَامِ في الْكَفَّارَاتِ وَتَنْزِلُ على أَحَدِ قَوْلَيْنِ‏.‏

وَهُمَا أَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ ما قُدِّمَ إلَيْهِ وَإِنْ كان مِلْكًا خَاصًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَكْلِ‏.‏

وَإِمَّا أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يُشْتَرَطُ فيها تَمْلِيكٌ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْآدَابِ وَوُجِّهَتْ رِوَايَةُ الْجَوَازِ في مَسْأَلَةِ صَدَقَةِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ له بِأَنَّهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فيه وَالْإِذْنِ عُرْفًا فَجَازَ كَصَدَقَةِ الْمَرْأَةِ من بَيْتِ زَوْجِهَا‏.‏

قال وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ في مَسْأَلَتَيْ الضَّيْفِ انْتَهَى‏.‏

وَلِلشَّافِعِيَّةِ فيها أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ أو بِحُصُولِهِ في الْفَمِ أو بِالْبَلْعِ أو لَا يَمْلِكُهُ بِحَالٍ كَمَذْهَبِنَا‏.‏

قَوْلُهُ وَالنِّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهَانِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ إبَاحَتُهُمَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كَالْمُضَحِّي يقول من شَاءَ اقْتَطَعَ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ في الْعُرْسِ دُونَ غَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي هذا نُهْبَةٌ لَا يَأْكُلُهُ وَلَا يُؤَكِّلُهُ لِغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ كَقَوْلِ الْإِمَامِ وَالْأَمِيرِ في الْغَزْوِ وفي الْغَنِيمَةِ من أَخَذَ شيئا فَهُوَ له وَنَحْوُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ حَصَلَ في حِجْرِهِ شَيْءٌ منه فَهُوَ له‏.‏

وَكَذَا من أَخَذَ شيئا منه فَهُوَ له وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَصْدِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ لِيَأْكُلُوا جميعا وهو النَّهْدُ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ إعْلَانُ النِّكَاحِ وَالضَّرْبُ عليه بِالدُّفِّ‏.‏

إعْلَانُ النِّكَاحِ مُسْتَحَبٌّ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَكَذَا يُسْتَحَبُّ الضَّرْبُ عليه بِالدُّفِّ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَاسْتَحَبَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا الصَّوْتَ في الْعُرْسِ‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا بَأْسَ بِالصَّوْتِ وَالدُّفِّ فيه‏.‏

قال في الرِّعَايَة في بَابِ بَقِيَّةِ من تَصِحُّ شَهَادَتُهُ وَيُبَاحُ الدُّفُّ في الْعُرْسِ انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالضَّرْبُ عليه بِالدُّفِّ أَنَّهُ سَوَاءً كان الضَّارِبُ رَجُلًا أو امْرَأَةً‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ التَّسْوِيَةُ‏.‏

قِيلَ له في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ ما تَرَى الناس الْيَوْمَ تُحَرِّكُ الدُّفَّ في إملاك أو بِنَاءٍ بِلَا غِنَاءٍ فلم يَكْرَهْ ذلك‏.‏

وَقِيلَ له في رِوَايَةِ جَعْفَرٍ يَكُونُ فيه جَرَسٌ قال لَا‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ ضَرْبُ الدُّفِّ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ مُطْلَقًا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا ضَرْبُ الدُّفِّ في نَحْوِ الْعُرْسِ كَالْخِتَانِ وَقُدُومِ الْغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا كَالْعُرْسِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَصْحَابُنَا كَرِهُوا الدُّفَّ في غَيْرِ الْعُرْسِ‏.‏

وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في غَيْرِ عُرْسٍ وَخِتَانٍ‏.‏

وَيُكْرَهُ لِرَجُلٍ لِلتَّشَبُّهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُبَاحُ في الْخِتَانِ‏.‏

وَقِيلَ وَكُلِّ سُرُورٍ حَادِثٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ كُلُّ مَلْهَاةٍ سِوَى الدُّفِّ كَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ وَرَبَابٍ وَجُنْكٍ وَنَايٍ وَمِعْزَفَةٍ وَسِرْنَايٌ نَصَّ على ذلك كُلِّهِ‏.‏

وَكَذَا الْجِفَانَةُ وَالْعُودُ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَتْ لِحُزْنٍ أو سُرُورٍ‏.‏

وَسَأَلَه ابن الْحَكَمِ عن النَّفْخِ في الْقَصَبَةِ كَالْمِزْمَارِ فقال أَكْرَهُهُ‏.‏

وفي تَحْرِيمِ الضَّرْبِ بِالْقَضِيبِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ الْكَرَاهَةَ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي لَا يُكْرَهُ إلَّا مع تَصْفِيقٍ أو غِنَاءٍ أو رَقْصٍ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَجَزَمَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِالتَّحْرِيمِ‏.‏

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الطَّبْلَ لِغَيْرِ حَرْبٍ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَاسْتَحَبَّه ابن عَقِيلٍ في الْحَرْبِ وقال لِتَنْهِيضِ طِبَاعِ الْأَوْلِيَاءِ وَكَشْفِ صُدُورِ الْأَعْدَاءِ‏.‏

وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّغْبِيرَ وَنَهَى عن اسْتِمَاعِهِ وقال هو بِدْعَةٌ وَمُحْدَثٌ‏.‏

وَنَقَلَ أبو دَاوُد لَا يُعْجِبُنِي‏.‏

وَنَقَلَ يُوسُفُ لَا يَسْتَمِعُهُ قِيلَ هو بِدْعَةٌ قال حَسْبُك‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَقَدْ مَنَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ من إطْلَاقِ اسْمِ الْبِدْعَةِ عليه وَمِنْ تَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ كَشِعْرٍ مُلَحَّنٍ كَالْحُدَاءِ لِلْإِبِلِ وَنَحْوِهِ‏.‏