فصل: بَابُ: تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ

فائدة‏:‏

يَصِحُّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ مع تَقَدُّمِ الشَّرْطِ وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يُتَنَجَّزُ إنْ تَأَخَّرَ الشَّرْطُ وَنَقَلَه ابن هَانِئٍ في الْعِتْقِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَأَخَّرَ الْقَسَمُ كأنت طَالِقٌ لَأَفْعَلَنَّ كَالشَّرْطِ وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يُلْحَقُ‏.‏

وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا ثُمَّ قال عَقِيبَ الرَّابِعَةِ إنْ قُمْت طَلُقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ ما لَا يَمْلِكُ بِشَرْطٍ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ ما يُخْتَلَفُ بِهِ عَدُّ الطَّلَاقِ ما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ من الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ قال إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أو إنْ تَزَوَّجْت امرأة ‏[‏المرأة‏]‏ فَهِيَ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ إذَا تَزَوَّجَهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه‏.‏

وَعَنْهُ تَطْلُقُ قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ صِحَّةُ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ من تَزَوَّجْت عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ أو قَوْلُهُ لِعَتِيقَتِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أو قَوْلُهُ لِرَجْعِيَّتِهِ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ عليها‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لِعَتِيقَتِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أو لِامْرَأَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك عَمْرَةَ أو غَيْرَهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهُمَا طَلُقَتَا‏.‏

ثُمَّ قال قُلْت إنْ صَحَّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فَجَزَمَ بِالْوُقُوعِ في هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَفَرَّقَ من عِنْدِهِ وَجَزَمَ بِهِمَا غَيْرُهُ‏.‏

وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ أَنَّ تَعْلِيقَهُ من أَجْنَبِيٍّ كَتَعْلِيقِهِ عِتْقًا بِمِلْكٍ ثُمَّ قال وَالْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا‏.‏

قوله وَإِنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ لم تَطْلُقْ قبل وُجُودِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ تَطْلُقُ مع تَيَقُّنِ وُجُودِ الشَّرْطِ قبل وُجُودِهِ‏.‏

وَخَصَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذه الرواية ‏[‏الراوية‏]‏ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّهُ الذي يَضُرُّهُ كَمُتْعَةٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

في قَوْلِهِ لم تَطْلُقْ قبل وُجُودِهَا إشْعَارٌ بِأَنَّ الشَّرْطَ مُمْكِنٌ وهو كَذَلِكَ‏.‏

فَأَمَّا ما يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ فَيُذْكَرُ في أَمَاكِنِهِ‏.‏

وقد تَقَدَّمَ في أَثْنَاءِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ‏.‏

وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ وهو صَحِيحٌ وَنَصَّ عليه وَلَيْسَ فيه بِحَمْدِ اللَّهِ خِلَافٌ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ قال عَجَّلْت ما عَلَّقْته لم يَتَعَجَّلْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ فلم يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَتَعَجَّلُ إذَا عَجَّلَهُ وهو ظَاهِرُ بَحْثِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه قال فِيمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ نَظَرٌ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ دُيِّنَ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ على شَرْطٍ لَزِمَ وَلَيْسَ له إبْطَالُهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ وَالْأَصْحَابُ قَاطِبَةً وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةً بِجَوَازِ فَسْخِ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ على شَرْطٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ ذلك في طَلَاقٍ ذَكَرَهُ في بَابِ التَّدْبِيرِ‏.‏

قُلْت وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا لو قال إنْ أَعْطَيْتِينِي‏.‏

أو إذَا أَعْطَيْتِينِي أو مَتَى أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّ الشَّرْطَ ليس بِلَازِمٍ من جِهَتِهِ كَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَوَافَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ على شَرْطٍ مَحْضٍ كَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّعْلِيقُ الذي يَقْصِدُ بِهِ إيقَاعَ الْجَزَاءِ إنْ كان معاوضه فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ ثُمَّ إنْ كانت لَازِمَةً فَلَازِمٌ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ قبل الْقَبُولِ وَلَا الْكِنَايَةِ وَقَوْلُ من قال التَّعْلِيقُ لَازِمٌ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَثْنَاءِ بَابِ الْخُلْعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو فَصَلَ بين الشَّرْطِ وَحُكْمِهِ بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ يا زَانِيَةُ إنْ قُمْت لم يَضُرَّ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَقْطَعُهُ كَسَكْتَةٍ وَتَسْبِيحَةٍ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَرَدْت إنْ قُمْت دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ في الْحُكْمِ نَصَّ عليه‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قُلْت صَرَّحَ في الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ فيها رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا هو وَصَاحِبُ الْمَذْهَبِ وَلَكِنْ حَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ‏.‏

وَقَدَّمَ هذه الطَّرِيقَةَ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ وقال وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ انْتَهَى‏.‏

وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَّلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ إذَا قال لها‏.‏

أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَرَدْت من وِثَاقٍ أو أَنْ أَقُولَ طَاهِرٌ فَسَبَقَ لِسَانِي أو أنها مُطَلَّقَةٌ من زَوْجٍ كان قَبْلَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ سِتَّةٌ إذْ وإذا وَمَتَى وَمَنْ وَأَيُّ وَكُلَّمَا‏.‏

أَدَوَاتُ الشَّرْطِ سِتٌّ لَا غَيْرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقد تَقَدَّمَ في بَابِ الْخُلْعِ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ أو على أَلْفٍ أو بِأَلْفٍ أَنَّ ذلك كإن أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ‏.‏

وقد تَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك هُنَاكَ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَيْسَ فيها ما يَقْتَضِي التَّكْرَارَ إلَّا كُلَّمَا بِلَا نِزَاعٍ وفي مَتَى وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقْتَضِي التَّكْرَارَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

من وأي الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا فَاعِلًا كان أو مَفْعُولًا‏.‏

قَوْلُهُ وَكُلُّهَا على التَّرَاخِي إذَا تَجَرَّدَتْ عن لم‏.‏

وَكَذَا إذَا تَجَرَّدَتْ عن نِيَّةِ الْفَوْرِيَّةِ أَيْضًا أو قَرِينَةٍ‏.‏

فَأَمَّا إذَا نَوَى الْفَوْرِيَّةَ أو كان هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ على الْفَوْرِيَّةِ فإنه يَقَعُ في الْحَالِ وَلَوْ تَجَرَّدَتْ عن لم‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّصَلَ بها صَارَتْ على الْفَوْرِ‏.‏

يَعْنِي إذَا اتَّصَلَ بِالْأَدَوَاتِ لم صَارَتْ على الْفَوْرِ‏.‏

وهو مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لم تَكُنْ نِيَّةٌ أو قَرِينَةٌ تَدُلُّ على التَّرَاخِي‏.‏

فَإِنْ نَوَى التَّرَاخِيَ أو كان هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عليه كانت له‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّصَلَ بها صَارَتْ على الْفَوْرِ إلَّا إنْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ في إنْ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعَنْهُ يَحْنَثُ بِعَزْمِهِ على التَّرْكِ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْقُوفٌ على الْقَصْدِ وَالْقَصْدُ هو النِّيَّةُ وَلِهَذَا لو فَعَلَهُ نَاسِيًا أو مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ لِعَدَمِ الْقَصْدِ فَأَثَّرَ فيه تَعْيِينُ النِّيَّةِ كَالْعِبَادَاتِ من الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ إذَا نَوَى قَطْعَهَا ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي إذَا وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا هِيَ على الْفَوْرِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي‏.‏

وَالثَّانِي أنها على التَّرَاخِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ في التَّمْثِيلِ إذَا لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ كان على التَّرَاخِي في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ فَأَطْلَقَا أَوَّلًا وَصَحَّحَا هُنَا‏.‏

تنبيه‏:‏

قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ بَاقِيَ الْأَدَوَاتِ غَيْرُ إنْ وإذا على الْفَوْرِ وإذا اتَّصَلَ بها لم وهو الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ في كُلَّمَا ومتى وأي ‏[‏متى‏]‏ الْمُضَافَةِ إلَى الْوَقْتِ وَأَمَّا أَيُّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ ومن فَفِيهِمَا وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا على الْفَوْرِ إذَا اتَّصَلَتْ بِهِمَا من ولم وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْعُمْدَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُمَا على التَّرَاخِي نَصَرَهُ النَّاظِمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال الشَّارِحُ الذي يَظْهَرُ أَنَّ من على التَّرَاخِي إذَا اتَّصَلَ بها لم‏.‏

قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهَانِ في مَهْمَا فَإِنْ اقْتَضَتْ الْفَوْرِيَّةَ فَهِيَ كمتى‏.‏

قَوْلُهُ فإذا قال إنْ قُمْت أو إذَا قُمْت أو من قام مِنْكُنَّ أو أَيَّ وَقْتٍ قُمْت أو مَتَى قُمْت أو كُلَّمَا قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَتَى قَامَتْ طَلُقَتْ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لم يَتَكَرَّرْ الطَّلَاقُ إلَّا في كُلَّمَا وفي مَتَى في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

الْمُتَقَدِّمَيْنِ قَرِيبًا وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَلَوْ قال كُلَّمَا أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ أو كُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ جَعَلَ مَكَانَ كُلَّمَا إنْ أَكَلْت لم تَطْلُقْ إلَّا اثْنَتَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا على صِفَاتٍ ثَلَاثٍ فَاجْتَمَعْنَ في عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ رَأَيْت رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْت‏.‏

أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْت فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً مع الْإِطْلَاقِ ذَكَرَهُ عنه في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ولم يُطَلِّقْهَا لم تَطْلُقْ إلَّا في آخِرِ جُزْءٍ من حَيَاةِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ له نِيَّةٌ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ مَتَى عَزَمَ على التَّرْكِ بِالْكُلِّيَّةِ حَنِثَ حَالَ عَزْمِهِ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَذَكَرَ في الْإِرْشَادِ رِوَايَةً يَقَعُ بَعْدَ مَوْتِهِ‏.‏

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَنْوِ وَقْتًا فأن نَوَى وَقْتًا أو قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرِيَّةٍ تَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ إذَا قال لها أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ أو طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك أو طَالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا إذَا كان الْمُعَلَّقُ طَلَاقًا بَائِنًا لم يَرِثْهَا إذَا مَاتَتْ وَتَرِثُهُ هِيَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ لَا تَرِثُهُ من تَعْلِيقِهِ في صِحَّتِهِ على فِعْلِهَا فَيُوجَدُ في مَرَضِهِ قال وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ في إرْثِهِمَا رِوَايَتَانِ لِأَنَّ الصِّفَةَ في الصِّحَّةِ وَالطَّلَاقَ في الْمَرَضِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يُمْنَعُ من وَطْئِهَا قبل فِعْلِ ما حَلَفَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُمْنَعُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال من لم أُطَلِّقْهَا أو أَيَّ وَقْتٍ لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فيه طَلُقَتْ‏.‏

ومتى مِثْلُ أَيِّ في ذلك وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ هُنَا من لم أُطَلِّقْهَا مِثْلَ قَوْلِهِ أَيُّ وَقْتٍ لم أُطَلِّقْك وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ من كإن لم أُطَلِّقْك على ما تَقَدَّمَ قبل هذه الْمَسْأَلَةِ‏.‏

قال الشَّارِحُ هذا الذي يَظْهَرُ لي وَتَقَدَّمَ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ تَطْلُقُ في الْحَالِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ في الْحَالِ كأي ‏[‏ك‏]‏ ومتى ‏[‏أي‏]‏ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أنها على التَّرَاخِي نَصَرَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على قَوْلِنَا في إذَا هل هِيَ على الْفَوْرِ أو التَّرَاخِي إذَا اتَّصَلَتْ بها لم على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال الْعَامِّيُّ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَهُوَ شَرْطٌ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ كَنِيَّتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ يَقَعُ في الْحَالِ إن كان دُخُولُ الدَّارِ قد وُجِدَ قبل ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَهُ عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ طَلُقَتْ في الْحَالِ‏.‏

يَعْنِي إنْ كان وُجِدَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَحُكِيَ عن الْخَلَّالِ أَنَّهُ إذَا لم يَنْوِ مُقْتَضَاهُ فَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا‏.‏

وَفِيهِ في التَّرْغِيبِ وَجْهٌ يَقَع في الْحَالِ وَلَوْ لم يُوجَدْ الشَّرْطُ‏.‏

وقال الْقَاضِي تَطْلُقُ سَوَاءٌ دَخَلَتْ أو لم تَدْخُلْ من عَارِفٍ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال ابن أبي مُوسَى لَا تَطْلُقُ إذَا لم تَكُنْ دَخَلَتْ قبل ذلك لِأَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا لِعِلَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِدُونِهَا‏.‏

وَكَذَلِكَ أَفْتَى ابن عقِيلٍ في فُنُونِهِ فِيمَنْ قِيلَ له زَنَتْ زَوْجَتُك فقال هِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أنها لم تَزْنِ أنها لَا تَطْلُقُ وَجَعَلَ السَّبَبَ كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ وَأَوْلَى ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْتِ فأنت ‏[‏وأنت‏]‏ طَالِقٌ طَلُقَتْ في الْحَالِ‏.‏

لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ جَوَابًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ إنَّ الْوَاوَ كَالْفَاءِ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ عن صَاحِبِ الْفُرُوعِ وهو الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْت الْجَزَاءَ أو أَرَدْت أَنْ أَجْعَلَ قِيَامَهَا‏.‏

وَطَلَاقَهَا شَرْطَيْنِ لِشَيْءٍ ثُمَّ أَمْسَكْت دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَهُمَا وَجْهَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَظَاهِرِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ الْقَبُولُ‏.‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَرَدْت إقَامَةَ الْوَاوِ مَقَامَ الْفَاءِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال إنْ قُمْت أَنْتِ طَالِقٌ من غَيْرِ فَاءٍ وَلَا وَاوٍ كان كَوُجُودِ الْفَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ نَوَى الشَّرْطَ وَإِلَّا وَقَعَ في الْحَالِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ وَقَعَ الطَّلَاقُ في الْحَالِ‏.‏

فَإِنْ قال أَرَدْت الشَّرْطَ دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قلت الصَّوَابُ عَدَمُ الْقَبُولِ‏.‏

وَإِنْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الْأُخْرَى فَمَتَى دَخَلْت الْأُولَى طَلُقَتْ سَوَاءٌ دَخَلَتْ الْأُخْرَى أو لَا وَلَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى‏.‏

وَإِنْ قال أَرَدْت جَعْلَ الثَّانِي شَرْطًا لِطَلَاقِهَا أَيْضًا طَلُقَتْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا‏.‏

فَإِنْ قال أَرَدْتُ دُخُولَ الثَّانِيَةِ شَرْطًا لِدُخُولِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ على ما أَرَادَهُ‏.‏

وَإِنْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ أو إنْ دَخَلْت هذه الْأُخْرَى فَأَنْتِ طَالِقٌ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَقَدْ قِيلَ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِدُخُولِهِمَا‏.‏

قَالَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَطْلُقَ بِأَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كان‏.‏

وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لو قُمْت كان ذلك شَرْطًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ قُمْت قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ الْكَافِي‏.‏

وَقِيلَ يَقَعُ الطَّلَاقُ في الْحَالِ‏.‏

وَإِنْ قال أَرَدْت أَنْ أَجْعَلَهَا جَوَابًا دُيِّنَ‏.‏

وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قال في الْكَافِي فَإِنْ قال أَرَدْت الشَّرْطَ قُبِلَ منه لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْت فَقَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أو إنْ قَعَدْت إذَا قُمْت أو إنْ قَعَدْت إنْ قُمْت لم تَطْلُقْ حتى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ‏.‏

وكذا قَوْلُهُ إنْ قَعَدْت مَتَى قُمْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَيُسَمِّيهِ النُّحَاةُ اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ على الشَّرْطِ فَيَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْمُتَأَخِّرِ وَتَأْخِيرَ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِي في اللَّفْظِ شَرْطًا لِلَّذِي قَبْلَهُ وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ‏.‏

فَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ حتى تَسْأَلَهُ ثُمَّ يَعِدُهَا ثُمَّ يُعْطِيهَا لِأَنَّهُ شَرَطَ في الْعَطِيَّةِ الْوَعْدَ وفي الْوَعْدِ السُّؤَالَ فَكَأَنَّهُ قال إنْ سَأَلْتِينِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفَوَائِدِ بن قَاضِي الْجَبَلِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في ذلك كُلِّهِ أنها لَا تَطْلُقُ حتى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي إنْ كان الشَّرْطُ بِ إذَا كان كَالْأَوَّلِ وَإِنْ كان بإن كان كَالْوَاوِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ قَعَدْت إنْ قُمْت كَقَوْلِهِ إنْ قَعَدْت وَقُمْت عِنْدَهُ على ما يَأْتِي بَعْدَ هذا فَتَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا وُجِدَا‏.‏

قال لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعْرِفُونَ ما يَقُولُهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ‏.‏

وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ في الْفَاءِ وَثُمَّ رِوَايَةً كَالْوَاوِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ قُمْت فَقَعَدْت أو ثُمَّ قَعَدْت كَقَوْلِهِ إنْ قُمْت وَقَعَدْت على هذه الرِّوَايَةِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيَتَخَرَّجُ لنا رِوَايَةٌ أنها تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قُلْنَا بِالتَّرْتِيبِ بِنَاءً على أَنَّ الطَّلَاقَ إذَا كان مُعَلَّقًا على شَرْطَيْنِ أنها تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْت وَقَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا كان‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَعَنْهُ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ‏.‏

قال الشَّارِحُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ جِدًّا تُخَالِفُ الْأُصُولَ وَمُقْتَضَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفَ وَعَامَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ‏.‏

وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي وَجْهًا بَنَاهُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَ بَعْضَهُ‏.‏

وَخَرَّجَ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قَوْلًا بِعَدَمِ الْوُقُوعِ حتى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ بِنَاءً على أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْت وَقَعَدْت قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْت أو قَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا‏.‏

بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْت وَلَا قَعَدْت فَالْمَذْهَبُ أنها تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا في الْأَصَحِّ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اتِّفَاقًا‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَيْضِ إذَا قال إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْحَيْضِ‏.‏

يَعْنِي تَطْلُقُ من حِينِ تَرَى دَمَ الْحَيْضِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا‏.‏

قال في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ حَيْضٍ مُتَيَقَّنٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ وَالْفُنُونِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ تَطْلُقُ بِتَبَيُّنِهِ بِمُضِيِّ أَقَلِّهِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ جَزْءٍ تَرَاهُ من الدَّمِ في الظَّاهِرِ فإذا اتَّصَلَ الدَّمُ أَقَلَّ الْحَيْضِ اسْتَقَرَّ وُقُوعُهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قال إذَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ حتى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرُ‏.‏

أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ غُسْلُهَا بَلْ مُجَرَّدُ ما تَطْهُرُ تَطْلُقُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حتى تَغْتَسِلَ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً من أَوَّلِ حَيْضَةِ مُسْتَقْبَلَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ‏.‏

احْتَمَلَ أَنْ تَعْتَبِرَ نِصْفَ عَادَتِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ‏.‏

وَاحْتَمَلَ أنها مَتَى طَهُرَتْ تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ في نِصْفِهَا‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْغُوَ قَوْلُهُ نِصْفَ حَيْضَةٍ‏.‏

فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ إنْ حِضْت‏.‏

وحكى هذا عن الْقَاضِي وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ فَيَتَعَلَّقُ طَلَاقُهَا بِأَوَّلِ الدَّمِ‏.‏

وَقِيلَ يَلْغُو النِّصْفُ وَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ إنْ حِضْت حَيْضَةً‏.‏

وَقِيلَ إذَا حَاضَتْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنِصْفًا طَلُقَتْ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَهَذَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فقال إذَا قال إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَتْ حَيْضَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَقَعَ لِنِصْفِهَا وفي وُقُوعِهِ ظَاهِرًا بِمُضِيِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ أو لِنِصْفِ الْعَادَةِ فيه وَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهُ قَوْلًا لَا تَطْلُقُ حتى تَغْتَسِلَ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا قالت حِضْت وَكَذَّبَهَا قُبِلَ قَوْلُهَا في نَفْسِهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فَتُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ فَيَخْتَبِرْنَهَا بِإِدْخَالِ قُطْنَةٍ في الْفَرَجِ زَمَنَ دَعْوَاهَا الْحَيْضَ فَإِنْ ظَهَرَ دَمٌ فَهِيَ حَائِضٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ إنْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَى مَعْرِفَتِهِ من غَيْرِهَا فلم يُقْبَلْ فيه مُجَرَّدُ قَوْلِهَا كَدُخُولِ الدَّارِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل تُسْتَحْلَفُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ يَأْتِيَانِ في بَابِ الْيَمِينِ في الدعاوي‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إن حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فقالت قد حِضْت وَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ دُونَ ضَرَّتِهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَالضَّرَّةِ فَتُخْتَبَرُ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو الْمُخْتَارُ إنْ أَمْكَنَ‏.‏

لَكِنْ قال في الْهِدَايَةِ لَا عَمَلَ عليه‏.‏

وَعَنْهُ إنْ أَخْرَجَتْ على خِرْقَةٍ دَمًا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ اخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ وَحَكَاهُ عنه الْقَاضِي‏.‏

وَالْخِلَافُ في يَمِينِهَا كَالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في التي قَبْلَهَا‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ في آخِرِ الْفَصْلِ فِيمَا إذَا قال كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ فَقُلْنَ قد حِضْنَا وَصَدَقَهُنَّ طلقن ‏[‏طلقهن‏]‏ ثَلَاثًا ثَلَاثًا‏.‏

وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً لم تَطْلُقْ وَطَلُقَتْ ضَرَّاتُهَا طَلْقَةً طَلْقَةً‏.‏

وَإِنْ صَدَّقَ اثْنَتَيْنِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً وَطَلُقَتْ الْمُكَذِّبَتَانِ طَلْقَتَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْمُكَذِّبَةُ ثَلَاثًا بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا وَتَطْلُقُ أَيْضًا كُلُّ وَاحِدَةٍ من الْمُصَدَّقَاتِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَا تَطْلُقَانِ حتى تَحِيضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَيْضَةً اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقَانِ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ من إحْدَاهُمَا‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقَانِ مُطْلَقًا بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ على مُسْتَحِيلٍ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقَانِ بِالشُّرُوعِ فِيهِمَا قَالَهُ الْقَاضِي أبو يَعْلَى وَغَيْرُهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ تَطْلُقُ بِشُرُوعِهَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

هذه الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ على قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ إذَا لم يَنْتَظِمْ الْكَلَامُ إلَّا بِارْتِكَابِ مَجَازٍ إمَّا بِارْتِكَابِ مَجَازِ الزِّيَادَةِ أو بِارْتِكَابِ مَجَازِ النُّقْصَانِ فَارْتِكَابُ مَجَازِ النُّقْصَانِ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَذْفَ في كَلَامِ الْعَرَبِ أَكْثَرُ من الزِّيَادَةِ كَرَّرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأُصُولِيِّينَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ‏.‏

فَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ على هذا إنْ حَاضَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَيْضَةً وَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً‏}‏ أَيْ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ منهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً‏.‏

وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ في الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ على ارْتِكَابِ مَجَازِ الزِّيَادَةِ فَيَلْغُو قَوْلُهُ حَيْضَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ حَيْضَةً وَاحِدَةً من امْرَأَتَيْنِ مُحَالٌ فَكَأَنَّهُ قال إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ‏.‏

قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَمْلِ إذَا قال إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَبَيَّنَ أنها كانت حَامِلًا‏.‏

بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كانت تُوطَأُ أو لِأَقَلَّ من أَكْثَرَ من مُدَّةِ الْحَمْلِ إنْ لم تَكُنْ تُوطَأُ فَإِنْ تَبَيَّنَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ من حِينِ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَتَلِدُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا من أَوَّلِ وَطْئِهِ فَلَا تَطْلُقُ في الْأَصَحِّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لم يَقَعْ في الْأَصَحِّ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ يَقَعُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَالْمَنْصُوصِ عنه أَنَّهُ إنْ ظهرالحمل أو خَفِيَ فَوَلَدَتْ لِغَالِبِ الْمُدَّةِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فما دُونَ طَلُقَتْ بِكُلِّ حَالٍ‏.‏

صَحَّحَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْجَامِعِ هذه الرِّوَايَةَ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ لم تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهِيَ بِالْعَكْسِ‏.‏

فَتَطْلُقُ في كل مَوْضِعٍ لَا تَطْلُقُ فيه في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا تَطْلُقُ في كل مَوْضِعٍ تَطْلُقُ فيه في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ بِعَدَمِ الْعَكْسِ في الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِئَلَّا يَزُولَ يَقِينُ النِّكَاحِ بِشَكِّ الطَّلَاقِ‏.‏

وقال في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ في التي قَبْلَهَا لَا يَقَعُ هُنَا وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَقَعُ ثُمَّ يَقَعُ هُنَا لِأَنَّهَا ضِدُّهَا إلَّا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ فَهَلْ يَقَعُ هُنَا فيه وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ قبل الْوَطْءِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قبل اسْتِبْرَائِهَا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إنْ كان الطَّلَاقُ بَائِنًا‏.‏

يَعْنِي في الْمَسْأَلَتَيْنِ‏.‏

أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا مُنْذُ حَلَفَ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَقِيبَ الْيَمِينِ ما لم يَظْهَرْ بها حَمْلٌ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه ما ذَكَرَ التَّحْرِيمَ إلَّا في الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ‏.‏

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ يَحْرُمُ الْوَطْءُ على الْأَصَحِّ حتى يَظْهَرَ حَمْلٌ أو تَسْتَبْرِئَ أو تَزُولَ الرِّيبَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كان بَائِنًا‏.‏

أَنَّهُ لو كان رَجْعِيًّا لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَاخْتَارَ الْقَاضِي التَّحْرِيمَ أَيْضًا وَلَوْ كان رَجْعِيًّا سَوَاءٌ قُلْنَا الرَّجْعِيَّةُ مُبَاحَةٌ أو مُحَرَّمَةٌ‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قبل اسْتِبْرَائِهَا‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَحْصُلُ بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ أو مُسْتَقْبَلَةٍ أو مَاضِيَةٍ لم يَطَأَ بَعْدَهَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ تستبرأ ‏[‏تستبرئ‏]‏ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ وَلَا مَاضِيَةٍ وَذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ عن أَصْحَابِنَا‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو قال إذَا حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لم يَقَعْ إلَّا بِحَمْلٍ مُتَجَدِّدٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمُوا بِهِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعُ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

لَكِنْ قَدَّمَ أنها إذَا بَانَتْ حَامِلًا تَطْلُقُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي ولم يُعَرِّجْ على ذلك الْأَصْحَابُ بَلْ جَعَلُوهُ خَطَأً‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَطَأُ حتى تَحِيضَ ثُمَّ يَطَأُ في كل طُهْرٍ مَرَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ أَكْثَرَ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ من قُرْبَانِهَا مَرَّةً في أَوَّلِ مَرَّةٍ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ هل يَحْرُمُ وَطْؤُهَا في كل طُهْرٍ أَكْثَرَ من مَرَّةٍ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً‏.‏

وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَقَطَعَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ أنها تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجْهًا‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ طَلْقَةً فَقَطْ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ ضَعِيفٌ جِدًّا‏.‏

وَلَوْ كان مَكَانَ قَوْلِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا إنْ كان حَمْلُك لم تَطْلُقْ إذَا كانت حَامِلًا بِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قال الْأَصْحَابُ لَا تَطْلُقُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ حَمْلَهَا ليس بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى بَلْ بَعْضُهُ هَكَذَا وَبَعْضُهُ هَكَذَا انْتَهَى‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فيه من غَزْلِهَا‏.‏

الثَّالِثَةُ يَسْتَحِقُّ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى الْوَصِيَّةَ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا يَسْتَحِقَّانِ في الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَقُولَ في الْأُولَى إنْ كُنْت حَامِلًا بِذِكْرٍ فَلَهُ مِائَةٌ وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى فَلَهَا مِائَتَانِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ وَصِيَّتَهُ‏.‏

وَيَقُولُ في الثَّانِيَةِ إنْ كان حَمْلُك ذكرا فَلَهُ مِائَةٌ وَإِنْ كان أُنْثَى فَلَهُ مِائَتَانِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى لم يَسْتَحِقَّا شيئا من الْوَصِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْوِلَادَةِ إذَا قال إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ وَبَانَتْ بِالثَّانِي ولم تَطْلُقْ بِهِ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو الصَّحِيحُ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا‏.‏

قال في النُّكَتِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قلت منهم أبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال ابن حَامِدٍ تَطْلُقُ بِهِ يَعْنِي بِالثَّانِي أَيْضًا‏.‏

وقال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَنَقَلَ أبو بَكْرٍ هِيَ وِلَادَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ وَفِيهَا نَظَرٌ‏.‏

وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ هذا على نِيَّةِ الرَّجُلِ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَطْلِيقَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ وِلَادَةً وَاحِدَةً‏.‏

وَأَنْكَرَ قَوْلَ سُفْيَانَ إنَّهُ يَقَعُ عليها بِالْأَوَّلِ ما عَلَّقَ بِهِ وَتَبِينُ بِالثَّانِي وَلَا تَطْلُقُ بِهِ كما قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ وَرِوَايَةُ ابن منصور أَصَحُّ وهو الْمَنْصُوصُ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا حَلَفَ على حَمْلٍ وَاحِدٍ وَوِلَادَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْغَالِبُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا وَلَدًا وَاحِدًا لَكِنَّهُ لَمَّا كان ذَكَرًا مَرَّةً وَأُنْثَى أُخْرَى نُوِّعَ التَّعْلِيقُ عليه فإذا وَلَدَتْ هذا الْحَمْلَ ذَكَرًا وَأُنْثَى لم يَقَعْ بِهِ الْمُعَلَّقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى جميعا بَلْ الْمُعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ لِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ إلَّا إيقَاعَ أَحَدِ الطَّلَاقَيْنِ وَإِنَّمَا رَدَّدَهُ لِتَرَدُّدِ كَوْنِ الْمَوْلُودِ ذَكَرًا أو أُنْثَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ أَكْثَرَ الطَّلَاقَيْنِ إذا كان الْقَصْدُ تَطْلِيقَهَا بهذا الْوَضْعِ سَوَاءٌ كان ذَكَرًا أو أُنْثَى لَكِنَّهُ أَوْقَعَ بِوِلَادَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ من الْآخَرِ فَيَقَعُ بِهِ أَكْثَرُ الْمُعَلَّقَيْنِ انْتَهَى‏.‏

ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابن حامد أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عليها بَعْدَ وَضْعِ الثَّانِي‏.‏

وَصَرَّحَ النَّاظِمُ في حِكَايَةِ قَوْل ابن حَامِدٍ أنها بِوَضْعِ الْحَمْلِ الثَّانِي تَطْلُقُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَصَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وهو يَدُلُّ على ضَعْفِ هذا الْقَوْلِ لِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ لَا بُدَّ له من عِدَّةٍ مُتَعَقِّبَةٍ وَعَلَى هذا يُعَايَى بها‏.‏

فَيُقَالُ على أَصْلِنَا طَلَاقٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا مَانِعَ وَالزَّوْجَانِ مُكَلَّفَانِ لَا عِدَّةَ فيه‏.‏

وَيُعَايَى بها من وَجْهٍ آخَرَ‏.‏

فَيُقَالُ طَلَاقٌ بِلَا عِوَضٍ دُونَ الثَّلَاثِ بَعْدَ الدُّخُولِ في نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَا رَجْعَةَ فيه‏.‏

وقد يُقَالُ عِدَّةٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ تَسْبِقُ الْبَيْنُونَةَ فلم تَخْلُ من عِدَّةٍ مُتَعَيِّنَةٍ إمَّا حَقِيقَةً أو حُكْمًا‏.‏

وَبِهَذَا قال ابن الْجَوْزِيِّ في حِكَايَةِ قَوْل ابن حَامِدٍ تَطْلُقُ الثَّالِثَةُ لِقُرْبِ زَمَانِ الْبَيْنُونَةِ وَالْوُقُوعِ فلم يُجْعَلْ زَمَانُهَا زَمَانَهَا ذَكَرَ ذلك في النُّكَتِ‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى‏.‏

احْتِرَازًا مِمَّا إذَا وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَالْحَالَةُ هذه بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ غير الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ تَبِعَهُ‏.‏

وَمُرَادُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بين الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالثَّانِي حَمْلٌ مُسْتَأْنَفٌ بِلَا خِلَافٍ بين الْأُمَّةِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْبَلَ بِوَلَدٍ بَعْدَ وَلَدٍ قَالَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَغَيْرُهُ في الْحَامِلِ لَا تَحِيضَ وفي الطَّلَاقِ بِهِ الْوَجْهَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةٌ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ‏.‏

وَكَذَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ لِثُبُوتِ وَطْئِهِ بِهِ فَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ فيها‏.‏

وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَدُلُّ على الْوَطْءِ الْمُحَصِّلِ لِلرَّجْعَةِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ أَشْكَلَ كَيْفِيَّةُ وَضْعِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةً بِيَقِينٍ وَلَغَا ما زَادَ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا أَظْهَرُ‏.‏

قال في النُّكَتِ وهو أَصَحُّ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا‏.‏

قال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لها في إلْحَاقِ الطَّلَاقِ لِأَجْلِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَبَهَةِ فَمَنْ قال بِالْقُرْعَةِ هُنَا جَعَلَ التَّعْيِينَ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ وَجَعَلَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لَازِمًا لِذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَهَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْقَصْدَ بهما ‏[‏بها‏]‏ هُنَا هو اللَّازِمُ وهو الْوُقُوعُ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فيه وهو الْأَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا إذَا قال إنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَلْقَتْ ما تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قالت قد وَلَدْت فَأَنْكَرَ كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ‏.‏

قال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ هذا إنْ لم يُقِرَّ بِالْحَمْلِ‏.‏

وَإِنْ شَهِدَ النِّسَاءُ بِمَا قالت طَلُقَتْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقَالُوا هذا ظَاهِرُ كَلَامِهِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْمَشْهُورُ الْوُقُوعُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَتَبِعَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْمَوَاهِبِ الْعُكْبَرِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَالْأَكْثَرُونَ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ إذَا كان مِثْلُهَا يَلِدُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَطْلُقَ حتى يَشْهَدَ من يَثْبُتُ ابْتِدَاءً الطَّلَاقُ بِشَهَادَتِهِ كَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ما غَصَبَ أو لَا غَصَبَ كَذَا ثُمَّ ثَبَتَ عليه الْغَصْبُ بِرَجُلِ وَامْرَأَتَيْنِ أو شَاهِدٍ وَيَمِينٍ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَذَكَرَهُ في الْفُصُولِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالسَّامِرِيُّ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ عِنْدِي أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ من عَفَا عن الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي في الطَّلَاقِ أَنْ لَا يَحْكُمَ عليه بِهِ وَلَوْ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِرَجُلَيْنِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

وَحَكَاهُمَا الْقَاضِي في خِلَافِهِ في كِتَابِ الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وإن وَلَدَتْهُمْ مُتَعَاقِبِينَ طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالثَّانِي وَلَا تَطْلُقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال ابن حَامِدٍ تَطْلُقُ بِهِ كما تَقَدَّمَ عنه في قَوْلِهِ إنْ وَلَدْت‏.‏

وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ مع انْقِضَاءِ عِدَّتِك لم تَطْلُقْ وَإِنْ لم يَقُلْ وَلَدًا بَلْ قال كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ أنها تَطْلُقُ وَاحِدَةً‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا قال إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَامَتْ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو نَجَّزَهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ إذْ التَّعْلِيقُ مع وُجُودِ الصِّفَةِ تَعْلِيقٌ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا‏.‏

لَكِنْ لو قال عَنَيْت بِقَوْلِي هذا أَنَّكِ تَكُونِينَ طَالِقًا بِمَا أَوْقَعْته عَلَيْك ولم أُرِدْ إيقَاعَ طَلَاقٍ سِوَى ما بَاشَرْتُك بِهِ دُيِّنَ‏.‏

وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ‏.‏

قلت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ هذا تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ ولم يُعَلِّلْ في الْكَافِي بِغَيْرِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ في تَعْلِيقِهِ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ قال كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ إنْ كانت مَدْخُولًا بها‏.‏

وَإِنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها لم تَطْلُقْ الطَّلْقَةَ الْمُعَلَّقَةَ‏.‏

وَمُرَادُهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ وَقَعَ عليها طَلَاقُهُ بِمُبَاشَرَةٍ أو سَبَبٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا إذَا وَقَعَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ رَجْعِيَّتَيْنِ‏.‏

وَلَوْ قال كُلَّمَا أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ على الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال الْقَاضِي إنْ وَقَعَ عليها طَلَاقٌ بِصِفَةٍ عَقَدَهَا قبل هذه الْيَمِينِ أو بَعْدَهَا لم تَطْلُقْ غَيْرَهُ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لم يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا هو وَقَعَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَعِنْدِي أَنَّ حُكْمَ ما يَقَعُ عليها بِصِفَةِ عَقْدِهَا قبل هذه الْيَمِينِ كما قال وَحُكْمُ ما يَقَعُ عليها بِصِفَةِ عَقْدِهَا بَعْدَ هذه الْيَمِينِ حُكْمُ طَلَاقِهِ الْمُنَجَّزِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وإن ‏[‏وإذ‏]‏ قال كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أو إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا نَصَّ فيها‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا وهو الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ تَطْلُقُ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ وَيَلْغُو ما قَبْلَهُ‏.‏

وهو قِيَاسُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبِي بَكْرٍ في أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ في زَمَنٍ مَاضٍ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ مُطْلَقًا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَه ابن سُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ من الشَّافِعِيَّةِ وَنُسِبَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ إلَيْهِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ وهو وُقُوعُ الثَّلَاثِ يَقَعُ بِالْمُنَجَّزِ وَاحِدَةً ثُمَّ يُتَمِّمُ من الْمُعَلَّقِ على الصَّحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا‏.‏

فَعَلَى هذا إنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها لم تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً‏.‏

وَقِيلَ تَقَعُ الثَّلَاثُ مَعًا فَتَطْلُقُ الْمَدْخُولُ بها وَغَيْرُهَا ثَلَاثًا‏.‏

وَقِيلَ تَقَعُ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ فَيَقَعُ بِالْمَدْخُولِ بها وَغَيْرِهَا ثَلَاثًا أَيْضًا‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو قال إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا أو إنْ أَبَنْتُك أو فَسَخْت نِكَاحَك أو رَاجَعْتُك أو إنْ ظَاهَرْت أو آلَيْتُ مِنْك أو لَاعَنْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَفَعَلَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ تَلْغُو صِفَةُ الْقَبْلِيَّةِ وفي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ من أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ في التي قَبْلَهَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ يَعْنِي في التي قَبْلَهَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ في أَبَنْتُك وَفَسَخْت نِكَاحَك بَلْ تَبِينُ بِالْإِبَانَةِ وَالْفَسْخِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَا مَعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ في الظِّهَارِ لِصِحَّتِهِ من الْأَجْنَبِيَّةِ فَكَذَا في الْإِيلَاءِ إذَا صَحَّ من الْأَجْنَبِيَّةِ في وَجْهٍ وكذا في اللِّعَانِ إنْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ على تَفْرِيقِ حَاكِمٍ انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال كُلَّمَا طَلَّقْت ضَرَّتَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال مثله لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَةَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالْأُولَةَ اثْنَتَيْنِ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَوُقُوعُهُ بِالضَّرَّةِ تَطْلِيقٌ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فيها طَلَاقًا بِتَعْلِيقِهِ طَلَاقًا ثَانِيًا‏.‏

وَإِنْ طَلَّقَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ طَلْقَتَانِ طلقة ‏[‏طلقت‏]‏‏.‏

وَمِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ إنْ طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ أو كُلَّمَا طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قال إنْ طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ أو كُلَّمَا طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ كَالضَّرَّةِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا‏.‏

وَعَكْسُ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قال لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعُمْرَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَرَى مَتَى طَلُقَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتْ بِالْمُبَاشَرَةِ‏.‏

وَطَلُقَتْ بِالصِّفَةِ أَنْ يَقَعَ على حَفْصَةَ أُخْرَى بِالصِّفَةِ في حَقِّ عَمْرَةَ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَيْهِمَا وَأَنَّ قَوْلَ أَصْحَابِنَا في كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَ رَجْعِيًّا يَقَعُ الثَّلَاثُ يعطي اسْتِيفَاءُ الثَّلَاثِ في حَقِّ عَمْرَةَ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَطَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالثَّالِثَةَ بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ في طَلَاقِ عَمْرَةَ الْمُعَلَّقِ بِطَلَاقِ حَفْصَةَ انْتَهَى‏.‏

الثَّالِثَةُ لو عَلَّقَ ثَلَاثًا بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي‏.‏

وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ‏.‏

وَأَمَّا قبل الدُّخُولِ فَيَقَعُ ما نَجَّزَهُ‏.‏

وَأَمَّا طَلَاقُهَا بِعِوَضٍ فَلَا يَقَعُ غَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال كُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ من عَبِيدِي حُرٌّ وَكُلَّمَا طَلَّقْت اثنتين ‏[‏اثنين‏]‏ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ وَكُلَّمَا طَلَّقْت ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَحْرَارٌ وَكُلَّمَا طَلَّقْت أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ أَحْرَارٌ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ جميعا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقِيلَ عَشَرَةً وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وهو خَطَأٌ‏.‏

قال الشَّارِحُ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَقَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَقِيلَ يُعْتَقُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ‏.‏

وَقِيلَ يُعْتَقُ سَبْعَةَ عَشَرَ قال الشَّارِحُ وهو غَيْرُ سَدِيدٍ‏.‏

وَقِيلَ يُعْتَقُ عِشْرُونَ وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ أَيْضًا في الْهِدَايَةِ‏.‏

قال الشَّارِحُ أَيْضًا وهو غَيْرُ سَدِيدٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ له نِيَّةٌ‏.‏

يَعْنِي في جَمِيعِ الْأَوْجُهِ فَيُؤَاخَذُ بِمَا نَوَى‏.‏

فائدة‏:‏

لو جَعَلَ مَكَانَ كُلَّمَا إنْ لم يُعْتَقْ إلَّا أَرْبَعٌ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

وَقِيلَ يُعْتَقُ عَشَرَةٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَدَاخُلِ الصِّفَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ هُنَاكَ إلَّا وَاحِدَةً‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ إذَا أَتَاك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا إذَا أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا الْكِتَابُ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ‏.‏

أَنَّهُ لو أتى بَعْضُ الْكِتَابِ وَفِيهِ الطَّلَاقُ ولم يَنْمَحِ ذِكْرُهُ أنها لَا تَطْلُقُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ‏.‏

قال في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ فَإِنْ أَتَاهَا وقد ذَهَبَتْ حَوَاشِيهِ أو محى ما فيه سِوَى الطَّلَاقِ طَلُقَتْ وَإِنْ ذَهَبَ الْكِتَابُ إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ فَوَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْت أَنَّكِ طَالِقٌ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ‏.‏

قال الآدمي في مُنْتَخَبِهِ دُيِّنَ بَاطِنًا وقال في الْمُنَوِّرِ دُيِّنَ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو كَتَبَ إلَيْهَا إذَا قَرَأْت كِتَابِي هذا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عليها وَقَعَ إنْ كانت لَا تُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ وَإِنْ كانت تُحْسِنُ فَوَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَلْفِ إذَا قال إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أو دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ في الْحَالِ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ أَعَادَهُ أو عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ وفي ذلك الشرط ‏[‏للشرط‏]‏ حَثٌّ أو مَنْعٌ وَالْأَصَحُّ أو تَصْدِيقُ خَبَرٍ أو تَكْذِيبُهُ سِوَى تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَتِهَا أو حَيْضٍ أو طُهْرٍ تَطْلُقُ في الْحَالِ طَلْقَةً في مَرَّةٍ‏.‏

وَمِنْ الْأَصْحَابِ من لم يَسْتَثْنِ غير هذه الثَّلَاثَةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَ الْعَمَلَ بِعُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ وَقَصْدِهِ في مُسَمَّى الْيَمِينِ وَأَنَّهُ مُوجَبُ نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأُصُولِهِ‏.‏

قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَلْفِ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أو قَدِمَ الْحَاجُّ فَهَلْ هو حَلِفٌ فيه وَجْهَانِ‏.‏

يَعْنِي إنْ قال إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أو قَدِمَ الْحَاجُّ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا ابن منجا في شَرْحِهِ‏.‏

أَحَدُهُمَا ليس بِحَلِفٍ فَيَكُونُ شَرْطًا مَحْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو حَلِفٌ فَتَطْلُقُ في الْحَالِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قال إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ أو قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَإِنْ أَعَادَهُ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏.‏

إذَا لم يَقْصِدْ بِإِعَادَتِهِ إفْهَامَهَا فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إفْهَامَهَا لم تَطْلُقْ سِوَى الْأُولَى قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَيَأْتِي الْكَلَامُ على هذه الْمَسْأَلَةِ آخِرَ الْفَصْلِ مُسْتَوْفًى لِمَعْنًى مُنَاسِبٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتَيْهِ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً فَإِنْ كانت إحْدَاهُمَا غير مَدْخُولٍ‏.‏

بها فَأَعَادَهُ بَعْدَ ذلك يَعْنِي بَعْدَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا‏.‏

بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ لو تَزَوَّجَ بَعْدَ ذلك الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا فَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أنها لَا تَطْلُقُ وهو مَعْنَى ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّ الصِّفَةَ لم تَنْعَقِدْ لِأَنَّهَا بَائِنٌ‏.‏

وَكَذَا جَزَمَ في التَّرْغِيبِ فِيمَا تُخَالِفُ الْمَدْخُولُ بها غَيْرَهَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا يَصِحُّ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ تَطْلُقُ كَالْأُخْرَى طَلْقَةً طَلْقَةً‏.‏

وَلَوْ جَعَلَ كُلَّمَا بَدَلَ إنْ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا ثَلَاثًا طَلُقَتْ عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ قال ذلك في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ في الْمُغْنِي في كُلَّمَا قال ما تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ في إنْ وَكَذَا فَرَضَهَا في الشَّرْحِ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ لو قال لِامْرَأَتَيْهِ وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بها إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً على الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَانْعَقَدَتْ الْيَمِينُ مَرَّةً ثَانِيَةً في حَقِّ الْمَدْخُولِ بها وفي انْعِقَادِهَا في غَيْرِ الْمَدْخُولِ بها وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَنْعَقِدُ وهو قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَالْمَجْدِ وَمُقْتَضَى ما قَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ الْآتِيَةِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا تَنْعَقِدُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي‏.‏

فَإِنْ أَعَادَهُ ثَالِثًا قبل تَجْدِيدِ نِكَاحِ الْبَائِنِ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا على كِلَا الْوَجْهَيْنِ‏.‏

فَإِنْ تَزَوَّجَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحْدَهَا فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا تَطْلُقُ وَتَطْلُقُ الْأُخْرَى طَلْقَةً لِوُجُودِ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا قبل نِكَاحِ الثَّانِيَةِ وَالْحَلِفُ بِطَلَاقِ الْبَائِنَةِ بَعْدَ طَلَاقِهَا فَكَمُلَ الشَّرْطُ في حَقِّ الْأُولَى‏.‏

وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً طَلْقَةً ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان له امْرَأَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ فقال إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا‏.‏

وَإِنْ قال بَعْدَ ذلك إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ‏.‏

فَإِنْ قال بَعْدَ هذا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا‏.‏

فَإِنْ قال بَعْدَهُ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَفْصَةُ‏.‏

وَعَلَى هذا فَقِسْ‏.‏

قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْكَلَامِ إذَا قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقَ ذلك أو زَجَرَهَا فقال تَنَحِّي أو اُسْكُتِي أو قال إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ ما لم يَنْوِ غَيْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِهِ يَدُلُّ على إرَادَتِهِ الْكَلَامَ الْمُنْفَصِلَ عنها‏.‏

قلت وَهَذَا هو الصَّوَابُ‏.‏

وَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ إذَا قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت إنْ بَدَأْتُك بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ على الْأَصَحِّ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْنَثَ بِبُدَاءَتِهِ إيَّاهَا بِالْكَلَامِ في ‏[‏وفي‏]‏ وَقْتٍ آخَرَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ ذلك بِيَمِينِهِ‏.‏

وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِلْمُصَنِّفِ‏.‏

قلت وهو قَوِيٌّ جِدًّا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ فلم يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ أو غَفْلَتِهِ أو كَاتَبَتْهُ أو رَاسَلَتْهُ حَنِثَ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه في التَّشَاغُلِ وَالْغَفْلَةِ وَالذُّهُولِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ كَتَكْلِيمِهَا غَيْرَهُ وهو يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ بِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ إذَا كَاتَبَتْهُ أو رَاسَلَتْهُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ كَنِيَّةِ غَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَرْسَلَتْ إنْسَانًا يَسْأَلُ أَهْلَ الْعِلْمِ عن مَسْأَلَةٍ حَدَثَتْ فَجَاءَ الرَّسُولُ فَسَأَلَ الْمَحْلُوفَ عليه لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَشَارَتْ إلَيْهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

زَادَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ سَوَاءٌ أَشَارَتْ بِيَدٍ أو بِعَيْنٍ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ‏.‏

قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كَلَّمَتْهُ سَكْرَانَ أو أَصَمَّ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أنها كَلَّمَتْهُ أو مَجْنُونًا يَسْمَعُ كَلَامَهَا حَنِثَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْأَصَمِّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب ‏[‏المذهب‏]‏ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهَا السَّكْرَانَ فَقَطْ‏.‏

وَأَطْلَقَ في السَّكْرَانِ وَجْهَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

وكذلك الْحُكْمُ إنْ كَلَّمَتْ صَبِيًّا يَسْمَعُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ مُكَلَّمٌ حَنِثَ‏.‏

فَأَمَّا إنْ جُنَّتْ هِيَ وَكَلَّمَتْهُ لم يَحْنَثْ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عنها فلم يَبْقَ لِكَلَامِهَا حُكْمٌ‏.‏

وَلَوْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ سَكْرَى حَنِثَ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الصَّاحِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا عَقْلَ لها‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا أو غَائِبًا أو مُغْمًى عليه أو نَائِمًا لم يَحْنَثْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وفي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ يَحْنَثُ‏.‏

وَذَكَرَهُ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتَيْهِ إنْ كَلَّمْتُمَا هَذَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا مِنْهُمَا طَلُقَتَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ حتى تُكَلِّمَا جميعا كُلَّ وَاحِدٍ منها ‏[‏منهما‏]‏ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ‏.‏

قال الشَّارِحِ وهو أَوْلَى‏.‏

قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْأَقْوَى لَا يَقَعُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم نُحْنِثْهُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ فَأَمَّا إنْ حَنَّثْنَاهُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ حَنَّثْنَاهُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

فائدة‏:‏

هذه الْمَسْأَلَةُ من جُمْلَةِ قَاعِدَةٍ وَهِيَ إذَا وَجَدْنَا جُمْلَةً ذَاتَ أَعْدَادٍ مُوَزَّعَةٍ‏.‏

على جُمْلَةٍ أُخْرَى فَهَلْ تَتَوَزَّعُ أَفْرَادُ الْجُمْلَةِ الْمُوَزَّعَةِ على أَفْرَادِ الْأُخْرَى أو كُلُّ فَرْدٍ منها على مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ على قِسْمَيْنِ‏.‏

الْأَوَّلُ أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ على تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَا خِلَافَ في ذلك‏.‏

فَمِثَالُ ما دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فيه على تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ على الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى فَيُقَابَلُ كُلُّ فَرْدٍ كَامِلٍ بِفَرْدِ يُقَابِلُهُ إمَّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ أو دَلَالَةِ الشَّرْعِ على ذلك وَإِمَّا لِاسْتِحَالَةِ ما سِوَاهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فإذا أَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا طَلُقَتْ لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِ كل وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ أو يقول لِعَبْدَيْهِ إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا أو لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا أو تَقَلَّدْتُمَا سَيْفَيْكُمَا أو دَخَلْتُمَا بِزَوْجَتَيْكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَمَتَى وُجِدَ من كل وَاحِدٍ رُكُوبُ دَابَّتِهِ وَلُبْسُ ثَوْبِهِ وَتَقَلُّدُ سَيْفِهِ أو الدُّخُولُ بِزَوْجَتِهِ تَرَتَّبَ عليه الْعِتْقُ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بهذا عُرْفِيٌّ وفي بَعْضِهِ شَرْعِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ على الْجُمْلَةِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي‏.‏

وَمِثَالُ ما دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فيه على تَوْزِيعِ كل فَرْدٍ من أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ على جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أو كَلَّمْتُمَا عَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَلَا تَطْلُقَانِ حتى تُكَلِّمَ كُلُّ وَاحِدَةٍ منها زَيْدًا وَعَمْرًا‏.‏

الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ لَا يَدُلَّ دَلِيلٌ على إرَادَةِ أَحَدِ التَّوْزِيعَيْنِ فَهَلْ يُحْمَلُ التَّوْزِيعُ عِنْدَ هذا الْإِطْلَاقِ على الْأَوَّلِ وَالثَّانِي في الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ‏.‏

وَالْأَشْهَرُ أَنْ يُوَزَّعَ كُلُّ فَرْدٍ من أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ على جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ في مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ من نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ذَكَرَ ذلك بن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ من مَسَائِلِ الْقَاعِدَةِ في بَابِ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَالْوَقْفِ وَالرِّبَا وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا من الْقَاعِدَةِ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَا خِلَافُ ما قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ أَمَرْتُك فَخَالَفْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَهَاهَا فَخَالَفَتْهُ لم يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَجَزَمَ به في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ لم تَعْرِفْ حقيقة الْأَمْرِ وَالنَّهْي حَنِثَ‏.‏

قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَعَلَّ هذا أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ وَالتَّحْقِيقِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا عَكْسُ هذه الْمَسْأَلَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ إنْ نَهَيْتُك فَخَالَفْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَمَرَهَا وَخَالَفَتْهُ لم يَذْكُرْهَا الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ على هذه الْمَسْأَلَةِ أَلَّا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ مُؤَثِّرٍ لِيَمْتَنِعَ التَّخْرِيجُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِكُلِّ حَالٍ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عن ضِدِّهِ وَالنَّهْيُ عنه أَمْرٌ بِضِدِّهِ انْتَهَيَا‏.‏

وقد قال مَعْنَى ذلك الْأُصُولِيُّونَ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَإِنْ‏.‏

قَالَهُ ثَالِثًا طَلُقَتْ ثَانِيَةً وَإِنْ قَالَهُ رَابِعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَبِينُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بها بِطَلْقَةٍ ولم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ وَلَا الثَّالِثَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ بِحَيْثُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَكَلَّمَهَا طَلُقَتْ إلَّا على قَوْلِ التَّمِيمِيِّ تَنْحَلُّ الصِّفَةُ مع الْبَيْنُونَةِ فَإِنَّهَا قد انْحَلَّتْ بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ قد كَلَّمَهَا‏.‏

وَلَا يَجِيءُ مِثْلُهُ في الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لم يَنْعَقِدْ لِعَدَمِ إمْكَانِ إيقَاعِهِ انْتَهَى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ في الْمَعْنَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ السَّابِقَةِ فَإِمَّا لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وهو أَظْهَرُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَإِمَّا أَنْ يَصِحَّ فِيهِمَا كما سَبَقَ من قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

أَمَّا التَّفْرِقَةُ بين مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ فَلَا وَجْهَ له من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا مَعْنَى يَقْتَضِيهِ ولم أَجِدْ من صَرَّحَ بِالتَّفْرِقَةِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ لو قال لِامْرَأَتِهِ التي لم يَدْخُلْ بها إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ طَلُقَتْ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّهَا كلام في الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بهذا الْكَلَامِ وَعَلَّلَهُ‏.‏

فإذا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْإِعَادَةِ ثَانِيًا فَهَلْ تَنْعَقِدُ بِهِ يَمِينٌ ثَانِيَةٌ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا تَنْعَقِدُ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ‏.‏

كَالْقَاضِي يَعْقُوبُ وابن عَقِيلٍ وهو قِيَاسُ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَلَهُ مَأْخَذَانِ وَذَكَرَهُمَا‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وهو اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ بِنَاءً على أَنَّ الطَّلَاقَ يَقِفُ وُقُوعُهُ على تَمَامِ الْإِعَادَةِ‏.‏

قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْإِذْنِ إذَا قال إذَا خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي أو إلَّا بِإِذْنِي أو حتى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَذِنَ لها فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ طَلُقَتْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيُّ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِذْنَ في كل مَرَّةٍ‏.‏

قلت وهو قَوِيٌّ كَإِذْنِهِ في الْخُرُوجِ كُلَّمَا شَاءَتْ نَصَّ عليه‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ إنْ أَذِنَ لها بِالْخُرُوجِ مَرَّةً أو مُطْلَقًا أو أَذِنَ بِالْخُرُوجِ لِكُلِّ مَرَّةٍ فقال اُخْرُجِي مَتَى شِئْت لم يَكُنْ إذْنًا إلَّا لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا قال اُخْرُجِي كُلَّمَا شِئْت يَكُونُ إذْنًا عَامًا نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لها من حَيْثُ لَا تَعْلَمُ فَخَرَجَتْ طَلُقَتْ‏.‏

نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ هذا أَشْهَرُهُمَا‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ بِنَاءً على ما قَالَهُ في عَزْلِ الْوَكِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ من غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالسِّتِّينَ وَلِأَبِي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ أَنَّ دَعْوَاهُ الْإِذْنَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ في الظَّاهِرِ فَلَوْ أَشْهَدَ على الْإِذْنِ نَفَعَهُ ذلك ولم تَطْلُقْ‏.‏

قال صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ وَهَذَا ضَعِيفٌ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لم يَحْنَثْ إذَا خَرَجَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَحَنَّثَهُ الْقَاضِي وَجَعَلَ الْمُسْتَثْنَى مَحْلُوفًا عليه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَذِنَ لها فلم تَخْرُجْ حتى نَهَاهَا ثُمَّ خَرَجَتْ فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ لَا تَطْلُقُ‏.‏

قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ لَا يَقَعُ إذَا أَذِنَ لها ثُمَّ نهى وَجَهِلَتْهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْحَمَّامَ وَغَيْرَهُ طَلُقَتْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثُ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ ثُمَّ عَدَلَتْ إلَى غَيْرِهِ طَلُقَتْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ إن شِئْت أو كَيْف شِئْت أو حَيْثُ شِئْت أو مَتَى شِئْت لم تَطْلُقْ حتى تَقُولَ قد شِئْت سَوَاءٌ شَاءَتْ على الْفَوْرِ أو التَّرَاخِي‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَلَوْ شَاءَتْ كَارِهَةً جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ على الْمَجْلِسِ كَالِاخْتِيَارِ‏.‏

وَقِيلَ تَخْتَصُّ إنْ بِالْمَجْلِسِ دُونَ غَيْرِهِمَا‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ وَإِنْ لم تَشَأْ إذَا قال كَيْفَ شِئْت أو حَيْثُ شِئْت دُونَ غَيْرِهِمَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو رَجَعَ قبل مَشِيئَتِهَا لم يَصِحَّ رُجُوعُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَبَقِيَّةِ التَّعَالِيقِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ كَاخْتَارِي وَأَمْرُك بِيَدِك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت وَشَاءَ أَبُوك لم تَطْلُقْ حتى يَشَاءَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ بِمَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قلت هو بَعِيدٌ وَالْمَشِيئَةُ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا على التَّرَاخِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَهُمَا وَلَا نِيَّةَ وَقَعَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَقَعَانِ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْإِشَاءَةُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن عَقِيلٍ‏.‏

وحكى عنه أو غَابَ‏.‏

وَحَكَاهُ في الْمُنْتَخَبِ عن أبي بَكْرٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ قبل الْمَشِيئَةِ لم تَطْلُقْ‏.‏

أَمَّا إذَا مَاتَ أو جُنَّ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ لم يَقَعْ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ في الْهِدَايَةِ وابن عَقِيلٍ أنها لَا تَطْلُقُ حَكَاهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عن أبي بَكْرٍ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ عن ابن عقِيلٍ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ‏.‏

وَأَمَّا الْأَخْرَسُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَهِيَ كَنُطْقِهِ‏.‏

قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ إنْ خَرِسَ بَعْدَ يَمِينِهِ لم تَطْلُقْ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو غَابَ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وحكى عن ابن عقِيلٍ تَطْلُقُ وَحَكَاهُ في الْمُنْتَخَبِ عن أبي بَكْرٍ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ وهو سَكْرَانُ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ في طَلَاقِهِ‏.‏

ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا عَدَمَ الْوُقُوعِ وَإِنْ وَقَعَ هُنَاكَ وَفَرَّقَا بَيْنَهُمَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان صَبِيًّا يَعْقِلُ الْمَشِيئَةَ فَشَاءَ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ إذَا شَاءَ تَطْلُقُ قال الْأَصْحَابُ هو كَطَلَاقِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ طَلَاقَهُ يَقَعُ على زَوْجَتِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَإِنْ شَاءَ فميز ‏[‏مميز‏]‏ فَكَطَلَاقِهِ‏.‏

وَجَزَمَ بِالْوُقُوعِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَطْلُقُ كَطَلَاقِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ طَلُقَتْ‏.‏

إذَا مَاتَ أو جُنَّ طَلُقَتْ بِلَا نِزَاعٍ وفي وَقْتِ الْوُقُوعِ أَوْجُهٌ‏.‏

أَحَدُهَا يَقَعُ في الْحَالِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

الثَّانِي تَطْلُقُ آخِرَ حَيَاتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

الثَّالِثُ يَتَبَيَّنُ حِنْثُهُ من حِينِ حَلَفَ‏.‏

وذكره ‏[‏وذكر‏]‏ القاضي ‏[‏للقاضي‏]‏ في أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ زَيْدٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ‏.‏

وَأَمَّا إذَا خَرِسَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ إشَارَتَهُ الْمَفْهُومَةَ كَنُطْقِهِ مُطْلَقًا‏.‏

وَقِيلَ إنْ حَصَلَ خَرَسُهُ بَعْدَ يَمِينِهِ فَلَيْسَ كَنُطْقِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وقال النَّاظِمُ لو قِيلَ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا خَرِسَ أو جُنَّ إلَى حِينِ الْمَوْتِ لم يَكُنْ بِبَعِيدٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالتَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وفي الْآخِرِ لَا تَطْلُقُ يَعْنِي لَا تَطْلُقُ غَيْرُ الْوَاحِدَةِ الْمُنَجَّزَةِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ من الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ تَشَائِي ثَلَاثًا فَشَاءَتْ ثَلَاثًا وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ هُنَا من الْمُفْرَدَاتِ وَنَصَّ عليه‏.‏

وَكَذَا عَكْسُ هذه الْمَسْأَلَةِ مِثْلُهَا في الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أو تَشَائِي وَاحِدَةً فَيَشَاءُ زَيْدٌ أو هِيَ وَاحِدَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ وَإِنْ قال لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَتَقَتْ‏.‏

وَكَذَا لو قَدَّمَ الشَّرْطَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةٍ الْجَمَاعَةُ منهم ابن منصور وَحَنْبَلٌ وَالْحَسَنُ بن ثَوَابٍ وأبو النَّضْرِ وَالْأَثْرَمُ وأبو طَالِبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهِمَا‏.‏

وقال الْخِرَقِيُّ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عن الْجَوَابِ‏.‏

قلت مِمَّنْ نَقَلَ ذلك عبد اللَّهِ وَصَالِحٌ وَإِسْحَاقُ بن هَانِئٍ وأبو الْحَارِثِ وَالْفَضْل ابن زِيَادٍ وَإِسْمَاعِيل ابن إِسْحَاقَ‏.‏

وحكى عنه أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ‏.‏

حَكَاهُ عنه بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وهو أبو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ‏.‏

وَقَطَعَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ ذلك غَلَطٌ على الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَبَيَّنُوا وَجْهَ الْغَلَطِ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ يَقَعُ الطَّلَاقُ دُونَ الْعِتْقِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَقَعَانِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ بِنَاءً على أَنَّهُمَا من جُمْلَةِ الْأَيْمَانِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَكُونُ مَعْنَاهُ هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ بَعْدَ هذا وَاَللَّهُ لَا يَشَاؤُهُ إلَّا بِتَكَلُّمِهِ بَعْدَ ذلك‏.‏

وقال أَيْضًا إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عليها بهذا التَّطْلِيقِ طَلُقَتْ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعْلِيقًا بَلْ تَأْكِيدٌ لِلْوُقُوعِ وَتَحْقِيقٌ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ على مَشِيئَةٍ مستقبله لم يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ حتى يُطَلِّقَ بَعْدَ ذلك فإذا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذلك فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَ طَلَاقِهَا حِينَئِذٍ وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ هذا الطَّلَاقُ الْآنَ فإنه يَكُونُ مُعَلَّقًا أَيْضًا على الْمَشِيئَةِ فإذا شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ فَيَقَعُ حِينَئِذٍ وَلَا يَشَاءُ اللَّهُ وُقُوعَهُ حتى يُوقِعَهُ ثَانِيًا انْتَهَى‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ لو قال يا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَطْلُقُ بَلْ هِيَ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ من قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وفي الرِّعَايَةِ في ذلك وَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ لم يَشَأْ اللَّهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَقَعُ وهو الْمَذْهَبُ لِتَضَادِّ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَلَغَا تَعْلِيقُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحِيلِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ‏.‏

وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقَعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ما لم يَشَأْ اللَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أو قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَدَخَلَتْ فَهَلْ تَطْلُقُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وقال لَا تَطْلُقُ من حَيْثُ الدَّلِيلُ‏.‏

قال وهو قَوْلُ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَطْلُقُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ أَصَحُّهُمَا تَطْلُقُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لم يَقَعْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا فَعَلْت أو لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ‏.‏

قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ‏.‏

يَعْنِي في عَدَمِ الْوُقُوعِ إذَا نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ على فِعْلٍ يُوجَدُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وقد وُجِدَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فما الْمَانِعُ من وُقُوعِهِ انْتَهَى‏.‏

وقد حَرَّرَ الْعَلَامَةُ بن رَجَبٍ في هذه الْمَسْأَلَةِ وفي صِيغَةِ الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَدْخُلِينَ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أو أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ لِلْأَصْحَابِ سَبْعُ طُرُقٍ‏.‏

أَحَدُهَا أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كان الْحَلِفُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ أو بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ‏.‏

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في الْحَلِفِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وفي التَّعْلِيقِ على شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ الْحَضُّ أو الْمَنْعُ دُونَ التَّعْلِيقِ على شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَتَّةً‏.‏

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في صِيغَةِ التَّعْلِيقِ إذَا قَصَدَ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الطَّلَاقِ أو أَطْلَقَ فَأَمَّا إنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ فإنه يَنْفَعُهُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَكَذَا إنْ حَلَفَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ فإنه يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ كما تَقَدَّمَ‏.‏

الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ إذَا لم يَرُدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ رَدَّهَا إلَى الطَّلَاقِ فَهُوَ كما لو نَجَّزَ الطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى فيه‏.‏

وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُغْنِي‏.‏

وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْفِعْلِ دُونَ الطَّلَاقِ وَيَحْتَمِلُ عَوْدُهُ إلَى الطَّلَاقِ وَإِنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تُوَافِقُ طَرِيقَةَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ إلَّا أنها مُخَالِفَةٌ لها في أَنَّهُ إذَا عَادَ‏.‏

الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الطَّلَاقِ لم يَنْفَعْ كما لَا يَنْفَعُ في الْمُنَجَّزِ وهو الذي ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وهو وَاضِحٌ‏.‏

الطَّرِيقَةُ الْخَامِسَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ مَحْمُولَتَانِ على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَإِنْ كان الشَّرْطُ نَفْيًا لم تَطْلُقْ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنَّ لم أَفْعَلْ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فلم يَفْعَلْهُ فَلَا يَحْنَثُ‏.‏

فَإِنْ كان إثْبَاتًا حَنِثَ نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ‏.‏

وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

الطَّرِيقَةُ السَّادِسَةُ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فإنه قال عِنْدِي فيها تَفْصِيلٌ‏.‏

ثُمَّ ذَكَرَ ما مَضْمُونُهُ أَنَّهُ إذَا لم تُوجَدْ الصِّفَةُ التي هِيَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ على الطَّلَاقِ انْبَنَى الْحُكْمُ على عِلَّةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ الْمُسْتَثْنَى فيه‏.‏

فَإِنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا لم يَقَعْ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا دُخُولُ الدَّارِ مَثَلًا وَالْأُخْرَى الْمَشِيئَةُ وما وُجِدَتَا فَلَا يَحْنَثُ‏.‏

وَإِنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ عِلْمُنَا بِوُجُودِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لِوُجُودِ لَفْظِ الطَّلَاقِ انْبَنَى على أَصْلٍ آخَرَ وهو ما إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَتَيْنِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَشَاءَ زَيْدٌ فَدَخَلَتْ ولم يَشَأْ زَيْدٌ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ على رِوَايَتَيْنِ كَذَا هُنَا يُخْرَجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَمَّا إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهِيَ دُخُولُ الدَّارِ فإنه يَنْبَنِي على التَّعْلِيلَيْنِ أَيْضًا‏.‏

فَإِنْ قُلْنَا قد عَلِمْنَا مَشِيئَةَ الطَّلَاقِ وَقَعَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ جميعا‏.‏

وَإِنْ قُلْنَا لم نَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ انْبَنَى على ما إذَا عَلَّقَهُ على صِفَتَيْنِ فوجدنا ‏[‏فوجد‏]‏ إحْدَاهُمَا وَيُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

الطَّرِيقَةُ السَّابِعَةُ طَرِيقَةُ ابن عقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ فإنه جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِدُونِ وُجُودِ الصِّفَةِ فَأَمَّا مع وُجُودِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

وَهِيَ أَضْعَفُ الطُّرُقِ وَذَكَرَ فَسَادَهَا من وَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ أو مَشِيئَتِهِ طَلُقَتْ في الْحَالِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

فَإِنْ قال أَرَدْت الشَّرْطَ دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَهُمَا وَجْهَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ حُكْمًا على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الشَّارِحُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

قال الآدمي في مُنْتَخَبِهِ دُيِّنَ بَاطِنًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال إنْ رضي أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ فقال ما رَضِيت ثُمَّ قال رَضِيت طَلُقَتْ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فَكَانَ مُتَرَاخِيًا ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ‏.‏

وقال قال قَوْمٌ يَنْقَطِعُ بِالْأَوَّلِ‏.‏

وَلَوْ قال إنْ كان أَبُوك يَرْضَى بِمَا فعلتيه ‏[‏فعلته‏]‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ فقال ما رَضِيت‏.‏

ثُمَّ قال رَضِيت طَلُقَتْ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ على رِضًى مُسْتَقْبَلٍ وقد وُجِدَ بِخِلَافِ إنْ كان أَبُوك رَاضِيًا بِهِ لِأَنَّهُ مَاضٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِالنَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أو قال إنْ كُنْت تُحِبِّينَهُ بِقَلْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أنا أُحِبُّهُ‏.‏

فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عنها وقال دَعْنَا من هذه الْمَسَائِلِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وقال الْقَاضِي تَطْلُقُ‏.‏

وَذَكَرَه ابن عَقِيلٍ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْخُلَاصَةِ في الْأُولَى وَصَحَّحَهُ في الثَّانِيَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَوْلَى أنها لَا تَطْلُقُ إذَا كانت كَاذِبَةً‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وقال لِاسْتِحَالَتِهِ عَادَةً كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ في خُرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أَعْتَقِدُهُ فإن عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عن اعْتِقَادِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ في قَوْلِهِ إنَّ كُنْت تُحِبِّينَهُ بِقَلْبِك وَإِنْ طَلُقَتْ في الْأُولَى وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ الْجَنَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أنا أَبْغَضُهَا وَكَذَا لو قال إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ الْحَيَاةَ وَنَحْوَ ذلك مِمَّا يُعْلَمُ أنها تُحِبُّهُ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قالت امْرَأَتُهُ أُرِيدُ أَنْ تُطَلِّقَنِي فقال إنْ كُنْت تُرِيدِينَ أو إذَا أَرَدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَظَاهِرُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أنها تَطْلُقُ بِإِرَادَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَدَلَالَةِ الْحَالِ على أَنَّهُ أَرَادَ إيقَاعَهُ لِلْإِرَادَةِ التي أَخْبَرَتْهُ بها قَالَه ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ، وَنَصَرَ الثَّانِيَ الْعَلَّامَةُ ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ في أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ‏.‏

‏[‏ فصل في مسائل متفرقة في الطلاق‏]‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَصْلٌ في مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ‏.‏

إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْتِ الْهِلَالَ طَلُقَتْ إذَا رُئِيَ أو أَكْمَلَتْ الْعِدَّةَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا فَلَا يَحْنَثُ حتى تَرَاهُ‏.‏

إذَا نَوَى حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا لم يَحْنَثْ حتى تَرَاهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَيُدَيَّنُ بِلَا نِزَاعٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ حُكْمًا على الْأَصَحِّ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَقِيلَ يُقْبَلُ بِقَرِينَةٍ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ طَلُقَتْ إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ أنها تَطْلُقُ إذَا رُئِيَ سَوَاءٌ رُئِيَ قبل الْغُرُوبِ أو بَعْدَهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أنها لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا رُئِيَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

الثَّانِي تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الصِّيَامِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَتَى تَطْلُقُ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو لم يَرَ الْهِلَالَ حتى أَقَمَرَ لم تَطْلُقْ وَهَلْ يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أو بِاسْتِدَارَتِهِ أو بِبُهْرِ ضَوْئِهِ فيه ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ‏.‏

قال الْقَاضِي لَا يَبْهَرُ ضوؤه ‏[‏ضوءه‏]‏ إلَّا في اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ حَكَاهُ عن أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال إنْ رَأَيْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْهُ وَلَوْ مَيِّتًا طَلُقَتْ وَلَوْ رَأَتْهُ في مَاءٍ أو في زُجَاجٍ شَفَّافٍ طَلُقَتْ إلَّا مع نِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ‏.‏

وَلَوْ رَأَتْهُ مُكْرَهَةً لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ‏.‏

وَلَوْ رَأَتْ خَيَالَهُ في مَاءٍ أو مِرْآةٍ لم تَطْلُقْ‏.‏

وَلَوْ جَالَسَتْهُ وَهِيَ عَمْيَاءُ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

الثَّالِثَةُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قال من بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ امْرَأَتَاهُ طَلُقَتْ الْأُولَى مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّادِقَةَ وَحْدَهَا فَتَطْلُقُ وَحْدَهَا‏.‏

أَنَّهُ لو أَخْبَرَتَاهُ مَعًا تَطْلُقَانِ وهو صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال من أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِهِ فَهِيَ طَالِقٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي‏.‏

يَعْنِي أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا من التَّفْصِيلِ وَالْحُكْمِ‏.‏

وكذا قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ إنْ أَخْبَرَتَاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِمَا على الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ وَيُسَمَّى خَبَرًا وَإِنْ تَكَرَّرَ وَالْبِشَارَةُ الْقَصْدُ بها السُّرُورُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذلك مع الصِّدْقِ وَيَكُونُ من الْأُولَى لَا غَيْرُ‏.‏

وَقِيلَ تَطْلُقَانِ مع الصِّدْقِ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال إنْ لَبِسْت ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال ابن الْبَنَّا لَا يُدَيَّنُ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَخَرَّجَهُ الْحَلْوَانِيُّ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَشَذَّ طَائِفَةٌ فَحَكَوْا الْخِلَافَ في تَدْيِينِهِ في الْبَاطِنِ منهم الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ‏.‏

وَكَذَلِكَ وَقَعَ في مَوْضِعٍ من مُفْرَدَاتِ ابن عقِيلٍ في الْأَيْمَانِ‏.‏

وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِلْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قال الْمَجْدُ وهو سَهْوٌ انْتَهَى‏.‏

وَيُقْبَلُ حُكْمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ‏.‏

وَإِنْ لم يَقُلْ ثَوْبًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَقَدَّمَهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ حُكْمًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الْحِيَلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ وَإِنْ حَلَفَ لَا لُبْسَ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ وفي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ سَوَاءٌ بِطَلَاقٍ أو غَيْرِهِ على الْأَصَحِّ انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال إنْ قَرِبْت دَارِ أَبِيك بِكَسْرِ الرَّاءِ من قَرِبْت فَأَنْتِ‏.‏

طَالِقٌ لم يَقَعْ حتى تَدْخُلَهَا وَإِنْ قال إنْ قَرُبْت بِضَمِّ الرَّاءِ طَلُقَتْ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا ذلك قَالَهُ في الرَّوْضَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا وَكَذَا جَاهِلًا حَنِثَ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ولم يَحْنَثْ في الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرُوهُ في الْمُذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْنَثُ في الْجَمِيعِ‏.‏

قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي ذَكَرُوهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ في الْجَمِيعِ بَلْ يَمِينُهُ بَاقِيَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وهو في الْإِرْشَادِ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَظْهَرُ‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال إنَّ رُوَاتِهَا بِقَدْرِ رُوَاةِ التَّفْرِيقِ وَإِنَّ هذا يَدُلُّ على أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَهُ حَالِفًا لَا مُعَلَّقًا وَالْحِنْثُ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَحْلُوفِ بِهِ‏.‏

وَاخْتَارَهَا ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أَيْضًا ذَكَرَهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وقال الْأَصْحَابُ على هذه الرِّوَايَةِ يَمِينُهُ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا‏.‏

وَيَأْتِي أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا في أَثْنَاءِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ على فُلَانٍ بَيْتًا أو لَا يُكَلِّمُهُ أو‏.‏

لَا يُسَلِّمُ عليه أو لَا يُفَارِقُهُ حتى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ فَدَخَلَ بَيْتًا هو فيه ولم يَعْلَمْ أو سَلَّمَ على قَوْمٍ هو فِيهِمْ ولم يَعْلَمْ أو قَضَاهُ حَقَّهُ فَفَارَقَهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أو أَحَالَهُ بِحَقِّهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا أَنَّهُ قد بَرَّ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ في النَّاسِي وَالْجَاهِلِ‏.‏

وَكَذَا قال الشَّارِحُ وَقَالَهُ في الْمُحَرَّرِ في غَيْرِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ‏.‏

قال الشَّارِحُ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ ثَوْبًا فَوَكَّلَ زَيْدٌ من يَدْفَعُهُ إلَى من يَبِيعُهُ فَدَفَعَهُ إلَى الْحَالِفِ فَبَاعَهُ من غَيْرِ عِلْمِهِ فَهِيَ كَالنَّاسِي‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَسَلَّمَ عليه يَحْسَبُهُ أَجْنَبِيًّا‏.‏

وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثَ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ على فُلَانٍ فَدَخَلَ ولم يَعْلَمْ أو لَا يفارقه ‏[‏فارقه‏]‏ إلَّا بِقَبْضِ حَقِّهِ فَقَبَضَهُ فَفَارَقَهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أو أَحَالَهُ فَفَارَقَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ قد بريء أو لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عليه وَجَهِلَهُ‏.‏

وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَحْنَثُ‏.‏

وَجَزَمَ في الْمُنْتَخَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْحَوَالَةِ‏.‏

وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَضَاءِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا لو سَلَّمَ على جَمَاعَةٍ وهو فِيهِمْ ولم يَعْلَمُ وَقُلْنَا يَحْنَثُ كَالنَّاسِي فَهَلْ يَحْنَثُ هُنَا على رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْنَثُ‏.‏

وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فلم يَنْوِهِ ولم يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ فَرِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا يَحْنَثُ وَإِنْ قصده ‏[‏قصد‏]‏ حَنِثَ‏.‏

وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ لَا يَحْنَثُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِثْلُهَا الدُّخُولُ على فُلَانٍ‏.‏

وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى السَّلَامَ على الْجَمِيعِ أو كَلَامَهُمْ حَنِثَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ نَوَى السَّلَامَ على غَيْرِهِ أو كَلَامَ غَيْرِهِ لم يَحْنَثْ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَطْلَقَ فَرِوَايَتَانِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو حَلَفَ على من يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ وَقَصَدَ مَنْعَهُ كَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أو جَاهِلًا فَفِيهِ الرِّوَايَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وهو الصَّحِيحُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَحْنَثُ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ دُونَ غَيْرِهِمَا وهو مَاشٍ على الْمَذْهَبِ في النَّاسِي وَالْجَاهِلِ‏.‏

وَقِيلَ يَحْنَثُ هُنَا وَإِنْ لم يَحْنَثْ هُنَاكَ‏.‏

وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ إنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ لم يَحْنَثْ النَّاسِي‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ حَلَفَ على غَيْرِهِ لَيَفْعَلْنَهُ فَخَالَفَهُ لم يَحْنَثْ إنْ قَصَدَ إكْرَامَهُ لَا إلْزَامَهُ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ وَلَا يَجِبُ لِأَمْرِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَبَا بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه بِوُقُوفِهِ في الصَّفِّ ولم يَقِفْ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْسَمَ لَيُخْبِرَنَّهُ بِالصَّوَابِ وَالْخَطَأِ لَمَّا فَسَّرَ الرُّؤْيَا فقال لَا تُقْسِمْ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لم يَقْصِدْ الْإِقْسَامَ عليه مع الْمَصْلَحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكَتْمِ‏.‏

وقال أَيْضًا إنْ لم يَعْلَمْ الْمَحْلُوفَ عليه بِيَمِينِهِ فَكَالنَّاسِي‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَعَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا أَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِمَنْعِهِمْ أَنْ لَا يُخَالِفُوهُ وَفَعَلُوهُ كُرْهًا لم يَحْنَثْ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ كان الْحَلِفُ على من لَا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَاجِّ اسْتَوَى الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالْإِكْرَاهُ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في السُّلْطَانِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو فَعَلَهُ في حَالِ جُنُونِهِ لم يَحْنَثْ كَالنَّائِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّاسِي‏.‏

الرَّابِعَةُ لو حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْنَثُ وَقِيلَ هو كَالنَّاسِي‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَحْنَثُ إلَّا في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ‏.‏

وَيَأْتِي مَعْنَى ذلك في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ‏.‏

الْخَامِسَةُ لو حَلَفَ لَا تَأْخُذُ حَقَّك مِنِّي فَأُكْرِهَ على دَفْعِهِ إلَيْهِ أو أَخْذِهِ منه قَهْرًا حَنِثَ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عليه فَعَلَ الْأَخْذَ مُخْتَارًا وَإِنْ أُكْرِهَ صَاحِبُ الْحَقِّ على أَخْذِهِ تَخَرَّجَ على الْخِلَافِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا خَرَّجَهُ الْأَصْحَابُ على ذلك‏.‏

قوله وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَ بَعْضَهُ لم يَحْنَثْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ ما لم يَكُنْ له نِيَّةٌ أو سَبَبٌ أو قَرِينَةٌ‏.‏

قال الشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ‏.‏

اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّاءِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ على الْأَصَحِّ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ أو دخل طَاقَ الْبَابِ أو لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فيه منه أو لَا يَشْرَبُ مَاءَ هذا الْإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ فَبَاعَ نِصْفَهُ وَوَهَبَ نِصْفَهُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ في غَيْرِ مَسْأَلَةِ الدَّارِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ وَفِيهَا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ‏.‏

فَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ على التَّحْنِيثِ كَمَسْأَلَةِ الْغَزْلِ وأبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ اخْتَارَا عَدَمَ التَّحْنِيثِ‏.‏

وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ في مَسْأَلَةِ الْغَزْلِ وَغَيْرِهَا الْحِنْثَ كَالْجَمَاعَةِ‏.‏

وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ في مَسْأَلَةِ الدَّارِ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَلَفَ لَا أَلْبَسُ من غَزْلِهَا ولم يَقُلْ ثَوْبًا فَلَبِسَ ثَوْبًا فيه منه أو لَا آكُلُ طَعَامًا اشْتَرَتْهُ فَأَكَلَ طَعَامًا شُورِكَتْ في شِرَائِهِ فَقِيلَ هو على الْخِلَافِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ‏.‏

وَقِيلَ يَحْنَثُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا وهو الصَّحِيحُ‏.‏

قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ أو نَسَجَهُ أو لَا يَأْكُلُ طَعَامًا طَبَخَهُ زَيْدٌ فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هو وَغَيْرُهُ أو اشْتَرَيَاهُ أو أَكَلَ من طَعَامٍ طَبَخَاهُ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

إحْدَاهُمَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْمَجْدِ في الْمُشَارَكَةِ في الشِّرَاءِ‏.‏

واختاره ‏[‏واختار‏]‏ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو ‏[‏أبو‏]‏ الْخَطَّابِ وابن الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ في الْجَمِيعِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَحْنَثُ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ قال يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا ولم يَحْكِ فيها خِلَافًا كما حَكَى في الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ منهم الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى غَيْرُهُ شيئا فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ حَنِثَ وَإِنْ أَكَلَ مثله فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في أَوَاخِرِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالثَّانِي يَحْنَثُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو أَكَلَ أَقَلَّ منه أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَحْنَثُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ أو بَاعَهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ منه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ‏.‏

الثانية ‏[‏والثانية‏]‏ الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ على مَالٍ شِرَاءٌ‏.‏