فصل: الحضانة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


الْحَضَانَةُ

2018 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

الْأُمُّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَالأَبْنَةِ الصَّغِيرَةِ حَتَّى يَبْلُغَا الْمَحِيضَ، أَوْ الأَحْتِلاَمَ، أَوْ الْإِنْبَاتَ مَعَ التَّمْيِيزِ، وَصِحَّةِ الْجِسْمِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَةً أَوْ حُرَّةً، تَزَوَّجَتْ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، رَحَلَ الأَبُ عَنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ لَمْ يَرْحَلْ وَالْجَدَّةُ أُمٌّ‏.‏ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ مَأْمُونَةً فِي دِينِهَا وَدُنْيَاهَا نُظِرَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ بِالأَحْوَطِ فِي دِينِهِمَا ثُمَّ دُنْيَاهُمَا، فَحَيْثُمَا كَانَتْ الْحِيَاطَةُ لَهُمَا فِي كِلاَ الْوَجْهَيْنِ وَجَبَتْ هُنَالِكَ عِنْدَ الأَبِ، أَوْ الأَخِ، أَوْ الْأُخْتِ، أَوْ الْعَمَّةِ، أَوْ الْخَالَةِ، أَوْ الْعَمِّ، أَوْ الْخَالِ وَذُو الرَّحِمِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ بِكُلِّ حَالٍ، وَالدِّينُ مُغَلَّبٌ عَلَى الدُّنْيَا‏.‏ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي صَلاَحِ الْحَالِ فَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ، ثُمَّ الأَبُ وَالْجَدُّ، ثُمَّ الأَخُ وَالْأُخْتُ، ثُمَّ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ‏.‏ وَالْأُمُّ الْكَافِرَةُ أَحَقُّ بِالصَّغِيرَيْنِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ، فَإِذَا بَلَغَا مِنْ السِّنِّ وَالأَسْتِغْنَاءِ مَبْلَغَ الْفَهْمِ فَلاَ حَضَانَةَ لِكَافِرَةٍ، وَلاَ لِفَاسِقَةٍ‏.‏

برهان ذَلِكَ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ‏}‏ فأما الْأُمُّ فَإِنَّهُ فِي يَدِهَا ‏;‏ لأََنَّهُ فِي بَطْنِهَا ثُمَّ فِي حِجْرِهَا مُدَّةَ الرَّضَاعِ بِنَصِّ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ‏}‏ فَلاَ يَجُوزُ نَقْلُهُ أَوْ نَقْلُهَا عَنْ مَوْضِعٍ جَعَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بِغَيْرِ نَصٍّ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ صَحِيحٌ قَطُّ بِأَنَّ الْأُمَّ إنْ تَزَوَّجَتْ يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي الْحَضَانَةِ، وَلاَ بِأَنَّ الأَبَ إنْ رَحَلَ عَنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ سَقَطَ حَقُّ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَةِ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ أَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ‏:‏ أُمُّكَ، قَالَ‏:‏ ثُمَّ مَنْ قَالَ‏:‏ أُمُّكَ، قَالَ‏:‏ ثُمَّ مَنْ قَالَ‏:‏ أُمُّكَ، قَالَ‏:‏ ثُمَّ مَنْ قَالَ‏:‏ أَبُوكَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَجُلٌ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قَالَ‏:‏ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى إيجَابِ الْحَضَانَةِ ‏;‏ لأََنَّهَا صُحْبَةٌ‏.‏

وَأَمَّا تَقْدِيمُ الدِّينِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ‏}‏‏.‏ وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ‏}‏‏.‏ وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ‏}‏‏.‏ فَمَنْ تَرَكَ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ حَيْثُ يُدَرَّبَانِ عَلَى سَمَاعِ الْكُفْرِ، وَيَتَمَرَّنَانِ عَلَى جَحْدِ نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى تَرْكِ الصَّلاَةِ، وَالأَكْلِ فِي رَمَضَانَ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْأُنْسِ إلَيْهَا حَتَّى يَسْهُلَ عَلَيْهِمَا شَرَائِعُ الْكُفْرِ، أَوْ عَلَى صُحْبَةِ مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ، وَالأَنْهِمَاكِ عَلَى الْبَلاَءِ‏:‏ فَقَدْ عَاوَنَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَمْ يَقُمْ بِالْقِسْطِ، وَلاَ تَرَكَ ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ وَهَذَا حَرَامٌ وَمَعْصِيَةٌ‏.‏ وَمَنْ أَزَالَهُمَا عَنْ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ مَا ذَكَرْنَا إلَى حَيْثُ يُدَرَّبَانِ عَلَى الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ، وَشَرَائِعِ الإِسْلاَمِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِنُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّنْفِيرِ عَنْ الْخَمْرِ وَالْفَوَاحِشِ‏:‏ فَقَدْ عَاوَنَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَتَرَكَ ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ، وَأَدَّى الْفَرْضَ فِي ذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا مُدَّةُ الرَّضَاعِ فَلاَ نُبَالِي عَنْ ذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ‏}‏‏.‏ وَلأََنَّ الصَّغِيرَيْنِ فِي هَذِهِ السِّنِّ وَمَنْ زَادَ عَلَيْهَا بِعَامٍ أَوْ عَامَيْنِ لاَ فَهْمَ لَهُمَا، وَلاَ مَعْرِفَةَ بِمَا يُشَاهِدَانِ، فَلاَ ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ‏.‏ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَأْمُونَةً فِي دِينِهَا وَالأَبُ كَذَلِكَ‏:‏ فَهِيَ أَحَقُّ مِنْ الأَبِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ الْجَدَّةُ كَالْأُمِّ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً لاَ الْأُمُّ، وَلاَ الْجَدَّةُ فِي دِينِهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِي دِينِهِ، وَكَانَ الأَبُ مَأْمُونًا‏:‏ فَالأَبُ أَوْلَى، ثُمَّ الْجَدُّ‏.‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مَأْمُونًا فِي دِينِهِ، وَكَانَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ أَخٌ مَأْمُونٌ فِي دِينِهِ، أَوْ أُخْتٌ مَأْمُونَةٌ فِي دِينِهَا‏:‏ فَالْمَأْمُونُ أَوْلَى، وَهَكَذَا فِي الأَقَارِبِ بَعْدَ الْإِخْوَةِ‏.‏ فَإِنْ كَانَ اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الأَخَوَاتِ، أَوْ الأَقَارِبِ مَأْمُونَيْنِ فِي دِينِهِمَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي ذَلِكَ‏.‏ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَحْوَطَ لِلصَّغِيرِ فِي دُنْيَاهُ‏:‏ فَهُوَ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَحْوَطَ فِي دِينِهِ وَالآخَرُ أَحْوَطَ فِي دُنْيَاهُ‏:‏ فَالْحَضَانَةُ لِذِي الدِّينِ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ‏.‏ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا‏}‏‏.‏ وَتَفْسِيرُ الْحِيَاطَةِ فِي الدُّنْيَا‏:‏ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ أَشَدَّ رَفَاهِيَةً فِي عَيْشِهِ، وَمَطْعَمِهِ وَمَلْبَسِهِ، وَمَرْقَدِهِ وَخِدْمَتِهِ، وَبِرِّهِ وَإِكْرَامِهِ، وَالأَهْتِبَالِ بِهِ فَهَذَا فِيهِ إحْسَانٌ إلَى الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، فَوَاجِبٌ أَنْ يُرَاعَى بَعْدَ الدِّينِ لقوله تعالى ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى‏}‏‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ‏:‏ اخْتَصَمَ خَالٌ وَعَمٌّ إلَى شُرَيْحٍ فِي صَبِيٍّ فَقَضَى بِهِ لِلْعَمِّ، فَقَالَ الْخَالُ‏:‏ لاَ أُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِي فَدَفَعَهُ إلَيْهِ شُرَيْحٌ وَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَإِنْ اسْتَوَوْا الأَخَوَاتُ أَوْ الْإِخْوَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ، أَوْ الأَقَارِبُ، فَإِنْ تَرَاضَوْا فِي أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدَّةً فَذَلِكَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ‏:‏ فَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ كَوْنُهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ لَمْ يَزُلْ عَنْ يَدِهِ،، فَإِنْ أَبَوْا فَالْقُرْعَةُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُنَا إنَّ الأَمَةَ وَالْحُرَّةَ سَوَاءٌ فَلأََنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ لَمْ يَأْتِ فِي أَحَدِهِمَا نَصٌّ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَالْحُكْمُ فِيمَا لاَ نَصَّ فِيهِ شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُنَا سَوَاءٌ رَحَلَ الأَبُ أَوْ لَمْ يَرْحَلْ فَلأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصُّ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ بِسُقُوطِ حَضَانَةِ الْأُمِّ مِنْ أَجْلِ رَحِيلِ الأَبِ فَهُوَ شَرْعٌ بَاطِلٌ مِمَّنْ قَالَ بِهِ، وَتَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ الَّتِي أَوْرَدْنَا، وَمُخَالِفٌ لَهُمَا بِالرَّأْيِ الْفَاسِدِ وَسُوءُ نَظَرٍ لِلصَّغِيرَيْنِ وَإِضْرَارٌ بِهِمَا، فِي تَكْلِيفِ الْحَلِّ وَالتَّرْحَالِ وَالْإِزَالَةِ عَنْ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَهَذَا ظُلْمٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ، وَجَوْرٌ لاَ شَكَّ فِيهِ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُنَا إنَّهُ لاَ يَسْقُطُ حَقُّ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَةِ بِزَوَاجِهَا إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً وَكَانَ الَّذِي تَزَوَّجَهَا مَأْمُونًا فَلِلنُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَلَمْ يَخُصَّ عليه الصلاة والسلام زَوَاجَهَا مِنْ غَيْرِ زَوَاجِهَا‏.‏ وَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ‏:‏ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْك قَالَ‏:‏ فَخَدَمْته فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَذَكَرَ الْخَبَرَ فَهَذَا أَنَسٌ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ، وَلَهَا زَوْجٌ وَهُوَ أَبُو طَلْحَةَ بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ فَرْقَ فِي النَّظَرِ وَالْحِيَاطَةِ بَيْنَ الرَّبِيبِ زَوْجِ الْأُمِّ وَالرَّبِيبَةِ زَوْجَةِ الأَبِ، بَلْ فِي الأَغْلَبِ الرَّبِيبُ أَشْفَقُ، وَأَقَلُّ ضَرَرًا مِنْ الرَّبِيبَةِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي كُلِّ ذَلِكَ الدِّينُ، ثُمَّ صَلاَحُ الدُّنْيَا فَقَطْ‏.‏

وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ صَالِحٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ كَانَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الأَنْصَارِ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَخَطَبَهَا عَمُّ وَلَدِهَا وَرَجُلٌ آخَرُ إلَى أَبِيهَا فَأَنْكَحَ الآخَرَ، فَجَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ‏:‏ أَنْكَحَنِي أَبِي رَجُلاً لاَ أُرِيدُهُ وَتَرَكَ عَمَّ وَلَدِي فَيَأْخُذُ مِنِّي وَلَدِي فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاهَا فَقَالَ لَهُ‏:‏ أَنْتَ الَّذِي لاَ نِكَاحَ لَكَ اذْهَبِي فَأَنْكِحِي عَمَّ وَلَدِكِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا مُرْسَلٌ وَفِيهِ مَجْهُولٌ، وَمِثْلُ هَذَا لاَ يُحْتَجُّ بِهِ وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ أَنَا الْوَلِيدُ، هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَأَرَادَ انْتِزَاعَ وَلَدِهِ مِنْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي وَهَذِهِ صَحِيفَةٌ لاَ يُحْتَجُّ بِهَا ‏"‏‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ‏"‏ كِتَابِنَا الْمَوْسُومِ بِالْإِعْرَابِ ‏"‏ وَفِي ‏"‏ كِتَابِ الْإِيصَالِ ‏"‏ مَا تَرَكُوا فِيهِ رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَلَمْ يَعِيبُوهُ إِلاَّ بِأَنَّهُ صَحِيفَةٌ‏.‏

فإن قيل‏:‏ فَهَلاَّ قُلْتُمْ‏:‏ الْخَالَةُ كَالْجَدَّةِ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ‏}‏ وَإِنَّمَا كَانَتْ خَالَتُهُ وَأَبَاهُ‏.‏ قلنا‏:‏ لَمْ يَأْتِ قَطُّ نَصٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ خَالَتَهُ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَخْبَارِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْكَذِبِ، وَلَعَلَّهَا كَانَتْ أُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَهُمَا أَبَوَانِ عَلَى هَذَا‏.‏

فإن قيل‏:‏ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى أَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئٍ، وَهُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَذَكَرَ أَخْذَهُ بِنْتَ حَمْزَةَ مِنْ مَكَّةَ، وَأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا عِنْدِي فَقَضَى بِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا وَقَالَ‏:‏ الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ‏.‏

قلنا‏:‏ لاَ يَصِحُّ ‏;‏ لأََنَّ إسْرَائِيلَ ضَعِيفٌ وَهَانِئٌ، وَهُبَيْرَةُ مَجْهُولاَنِ‏.‏

فإن قيل‏:‏ فَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى أَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِبِنْتِ حَمْزَةَ لِجَعْفَرٍ ‏;‏ لأََنَّ خَالَتَهَا عِنْدَهُ‏.‏ قلنا‏:‏ هَذَا مُرْسَلٌ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ وَأَبُو فَرْوَةَ هُوَ مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْجُهَنِيُّ وَلَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

فإن قيل‏:‏ قَدْ حَدَّثَكُمْ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ قَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الأَزْدِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا الْعُقَيْلِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد أَنَا عِمْرَانُ الْحِصْنِيُّ أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ ‏"‏ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمَدَنِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ الْخَالَةُ أُمٌّ‏.‏ قلنا‏:‏ هَذَا أَسْقُطُ مِنْ أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِ ‏;‏ لأََنَّ فِيهِ يُوسُفَ بْنَ خَالِدٍ السَّمْتِيَّ، وَهُوَ مَرْغُوبٌ عَنْهُ مَتْرُوكٌ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ الْمَدَنِيُّ لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ‏.‏

فإن قيل‏:‏ فَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الْهَادِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعٍ بْنِ عُجَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ اخْتَصَمَ هُوَ وَأَخُوهُ جَعْفَرٌ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي حَضَانَةِ بِنْتِ حَمْزَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَمَّا الْجَارِيَةُ فَأَقْضِي بِهَا لِجَعْفَرٍ تَكُونُ مَعَ خَالَتِهَا وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ‏.‏ قلنا‏:‏ نَافِعُ بْنُ عُجَيْرٍ وَأَبُوهُ عُجَيْرٌ مَجْهُولاَنِ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مَجْهُولٍ إِلاَّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ بِكُلِّ وَجْهٍ حُجَّةٌ عَلَى الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ ‏;‏ لأََنَّ خَالَتَهَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِجَعْفَرِ وَهُوَ أَجْمَلُ شَابٍّ فِي قُرَيْشٍ وَلَيْسَ هُوَ ذَا مَحْرَمٍ مِنْ بِنْتِ حَمْزَةَ وَنَحْنُ لاَ نُنْكِرُ قَضَاءَهُ عليه الصلاة والسلام بِهَا لِجَعْفَرٍ مِنْ أَجْلِ خَالَتِهَا ‏;‏ لأََنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ لَهَا‏.‏ فإن قيل‏:‏ فَهَلاَّ قُلْتُمْ بِتَخْيِيرِهِ إذَا عَقَلَ لِمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ أَنَا أَبِي أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ ‏"‏ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ‏:‏ شَهِدْت أَبَا هُرَيْرَةَ خَيَّرَ غُلاَمًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ وَلَدَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَهِمَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ عليه الصلاة والسلام لِلْغُلاَمِ‏:‏ تَخَيَّرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَاخْتَارَ أُمَّهُ‏.‏ قلنا‏:‏ أَبُو مَيْمُونَةَ هَذَا مَجْهُولٌ لَيْسَ هُوَ وَالِدُ هِلاَلٍ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ ثُمَّ إذَا تَدَبَّرَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ ‏;‏ لأََنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَخَيَّرَ أَبَاهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ‏.‏

وَأَيْضًا فَنَحْنُ لاَ نُنْكِرُ تَخْيِيرَهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الأَبَوَيْنِ أَرْفَقَ بِهِ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُخَيِّرُ بَيْنَ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لاَ يُخَيِّرُ إِلاَّ بَيْنَ خَيْرَيْنِ‏.‏

وَكَذَلِكَ نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لاَ يَتْرُكُ أَحَدًا عَلَى اخْتِيَارِهِ مَا هُوَ فَسَادٌ لَهُ فِي دِينِهِ أَوْ فِي حَالَتِهِ، فَقَدْ يَسُوءُ اخْتِيَارُ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ، وَيَمِيلُ إلَى الرَّاحَةِ وَالْإِهْمَالِ، فَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنْ كَانَ خَيَّرَ الصَّبِيَّ فَلَمْ يَنْفُذْ اخْتِيَارُهُ إِلاَّ وَقَدْ اخْتَارَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَخْتَارَ لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلاً‏.‏

فإن قيل‏:‏ فَقَدْ ذَكَرْتُمْ مَا حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ التَّمِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيّ أَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ أَنَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ أرنا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ فَجَاءَ ابْنٌ لَهُمَا صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغْ ثُمَّ خَيَّرَهُ عليه الصلاة والسلام بَيْنَهُمَا فَاخْتَارَ أُمَّهُ، فَقَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَذَهَبَ إلَى أَبِيهِ‏.‏

قلنا‏:‏ هَذَا خَبَرٌ لَمْ يَصِحَّ قَطُّ ‏;‏ لأََنَّ الرُّوَاةَ لَهُ اخْتَلَفُوا فَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ‏:‏ عَبْدُ الْحَمِيدِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ‏.‏ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى‏:‏ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سَلَمَةَ‏:‏ أَنَّ جَدَّهُ أَسْلَمَ‏.‏ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى‏:‏ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ‏.‏ وَقَالَ عِيسَى‏:‏ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ‏.‏ وَكُلُّ هَؤُلاَءِ مَجْهُولُونَ، وَلاَ يَجُوزُ تَخْيِيرٌ بَيْنَ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ أَصْلاً‏.‏ فَهَذَا مَا يُذْكَرُ مِنْ الآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنْ السَّلَفِ فِيهِ‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَضَى بِحَضَانَةِ ابْنٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأَُمِّ الصَّبِيِّ وَقَالَ‏:‏ هِيَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَكَانَ عُمَرُ نَازَعَهَا فِيهِ وَخَاصَمَهَا إلَى أَبِي بَكْرٍ وَهَذَانِ مُنْقَطِعَانِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الأَنْصَارِ، وَغَيْرِهِمْ‏:‏ أَنَّ أُمَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ تَزَوَّجَتْ فَقَضَى أَبُو بَكْرٍ بِعَاصِمٍ لأَُمِّ أُمِّهِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يُخَاصِمُهَا فِيهِ، وَهَذَا لاَ شَيْءَ ‏;‏ لأََنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ سَاقِطٌ، فَكَيْفَ وَهُوَ عَمَّنْ لاَ يُدْرَى‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ خَاصَمَ امْرَأَتَهُ أُمَّ ابْنِهِ عَاصِمٍ إلَى أَبِي بَكْرٍ إذْ طَلَّقَهَا وَقَالَ‏:‏ أَنَا أَحَقُّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ رِيحُهَا وَحَرُّهَا وَفِرَاشُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْك حَتَّى يَشِبَّ وَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ وَقَضَى أَبُو بَكْرٍ لَهَا بِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَضَى لِجَدَّةِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ أُمِّ أُمِّهِ وَقَدْ جَاذَبَهَا عُمَرُ فِيهِ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ فَهَذَا مَا يُعْرَفُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه‏.‏

وَأَمَّا عُمَرُ رضي الله عنه‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيق عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ‏:‏ خَيَّرَ عُمَرُ غُلاَمًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَاخْتَارَ أُمَّهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنَيْمٍ قَالَ‏:‏ اخْتَصَمَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي غُلاَمٍ فَقَالَ‏:‏ هُوَ مَعَ أُمِّهِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ فَيَخْتَارَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الأَغَرِّ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ قَضَى بِالْوَلَدِ لِلْعَمِّ دُونَ الْأُمِّ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْأُمِّ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه‏.‏

وَأَمَّا عَلِيٌّ رضي الله عنه‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرَمِيُّ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّهُ خَاصَمَ فِيهِ أُمَّهُ وَعَمَّهُ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ فَخَيَّرَنِي عَلِيٌّ ثَلاَثًا كُلَّهُنَّ أَخْتَارُ أُمِّي وَمَعَنَا أَخٌ لِي صَغِيرٌ، فَ

قال علي‏:‏ هذا إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا خُيِّرَ‏.‏

وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ التَّخْيِيرَ قَبْلُ، فَهَذَا مَا حَضَرْنَا فِيهِ عَنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ‏:‏ إذَا بِعْتُمْ أَخَوَيْنِ فَلاَ تُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا‏.‏

وَأَمَّا التَّابِعُونَ‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ‏:‏ الْأُمُّ أَرْفَقُ، وَالأَبُ أَحَقُّ، وَقَضَى‏:‏ أَنَّ الصَّبِيَّ مَعَ أُمِّهِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَاحِدَةً وَيَكُونُ مَعَهُمْ مِنْ النَّفَقَةِ مَا يُصْلِحُهُمْ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَجْلَحَ‏:‏ أَنَّ شُرَيْحًا قَضَى بِالصَّبِيِّ لِلْجَدَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ أُمُّهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ الْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ أَخَذَهُ أَبُوهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْت عَطَاءً سُئِلَ عَنْ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ مِنْ الْحُرَّةِ فَقَالَ‏:‏ الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ ‏;‏ لأََنَّهَا حُرَّةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ‏:‏، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلُقَتْ فَهِيَ أَوْلَى بِالْوَلَدِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَإِذَا خَرَجَ الْوَالِدُ إلَى أَرْضٍ يَسْكُنُهَا كَانَ أَوْلَى بِالْوَلَدِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا وَإِنْ هُوَ خَرَجَ غَازِيًا أَوْ تَاجِرًا فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ غَزَا غَزْوَةَ انْقِطَاعٍ لاَ نَعْلَمُ عَنْ تَابِعٍ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا‏.‏ وَمَا نَعْلَمُ اسْتِثْنَاءَ الزَّوَاجِ فِي الْأُمِّ إِلاَّ عَنْ شُرَيْحٍ، وَالزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ إِلاَّ أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَضَى بِهِ فِي ذَلِكَ لِلأَبِ وَقَضَى بِهِ شُرَيْحٌ لِلْجَدَّةِ‏.‏

فَإِنْ قَالُوا‏:‏ لَعَلَّ الزُّهْرِيَّ قَضَى بِهِ لِلأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ جَدَّةٌ، وَلاَ خَالَةٌ

قلنا‏:‏ وَلَعَلَّ شُرَيْحًا إنَّمَا قَضَى بِهِ لِلْجَدَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ أَبٌ وَمَا وَجَدْنَا إبَاحَةَ رَحِيلِ الأَبِ بِالْوَلَدِ إِلاَّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَحْدَهُ وَكَلاَمُ شُرَيْحٍ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ، أَفَيَكُونُ أَكْذَبَ مِمَّنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي هَذَا وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ وَاسْتِسْهَالِ الْكَذِبِ‏.‏

وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَإِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ قَالَ‏:‏ إنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَالْخَالَةُ أَحَقُّ وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ‏:‏ إذَا تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَالْجَدَّةُ لِلأَبِ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَالْعَمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ مِنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أُمِّهِ فَإِنْ طَلُقَتْ الْأُمُّ لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْحَضَانَةِ‏.‏ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ‏:‏ الْأُمُّ أَحَقُّ بِالأَبْنِ حَتَّى يَبْلُغَ ثَمَانِي سِنِينَ وَبِالأَبْنَةِ حَتَّى تَبْلُغَ، ثُمَّ الأَبُ أَوْلَى بِهَا، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ غَيْرَ مَرْضِيَّةٍ فَتُنْتَزَعُ الأَبْنَةُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ‏.‏ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ‏:‏ الْأُمُّ أَوْلَى حَتَّى تَكْعُبَ الأَبْنَةُ، وَيَيْفَعَ الْغُلاَمُ فَيُخَيَّرَانِ بَيْنَ أَبَوَيْهِمَا، فَأَيَّهمَا اخْتَارَ قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنْ بَدَا لِلْوَلَدِ وَالأَبْنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى الآخَرِ فَذَلِكَ لَهُمَا، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَلاَ حَقَّ لَهَا فِي الْحَضَانَةِ، فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ وَقْتِ تَخْيِيرِ الْوَلَدِ وَالأَبْنَةِ عَادَتْ عَلَى حَقِّهَا فِي الْحَضَانَةِ، قَالَ‏:‏ فَإِذَا بَلَغَتْ الأَبْنَةُ وَهِيَ مَأْمُونَةٌ فَلَهَا أَنْ تَسْكُنَ حَيْثُ شَاءَتْ، كَذَلِكَ الأَبْنُ إذَا بَلَغَ وَأُونِسَ رُشْدُهُ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ الْأُمُّ أَحَقُّ بِالأَبْنِ وَالأَبْنَةِ الصَّغِيرَيْنِ، ثُمَّ الْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ ثُمَّ أُمُّ الأَبِ، ثُمَّ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ‏.‏ ثُمَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فَمَرَّةً قَالَ‏:‏ ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلأَبِ، ثُمَّ الْعَمَّةُ وَبِهِ يَأْخُذُ زُفَرُ وَمَرَّةً قَالَ‏:‏ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلأَبِ، ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ الْعَمَّةُ، وَبِهِ يَأْخُذُ أَبُو يُوسُفَ‏.‏ ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي أَنَّ الْخَالَةَ الشَّقِيقَةَ أَحَقُّ مِنْ الْخَالَةِ لِلأَبِ، وَأَنَّ الْخَالَةَ لِلأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْخَالَةِ لِلْأُمِّ، وَالْخَالَةُ لِلْأُمِّ أَحَقُّ مِنْ الْعَمَّةِ الشَّقِيقَةِ، وَالْعَمَّةُ الشَّقِيقَةُ أَحَقُّ مِنْ الْعَمَّةِ لِلأَبِ، وَأَنَّ الْعَمَّةَ لِلأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْعَمَّةِ لِلْأُمِّ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ وَالْكَافِرَةُ وَالْمُؤْمِنَةُ سَوَاءٌ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَالْأُمُّ وَالْجَدَّتَانِ أَحَقُّ بِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَحِيضَ، وَبِالْغُلاَمِ حَتَّى يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ ثِيَابَهُ وَحْدَهُ‏.‏

وَأَمَّا الأَخَوَاتُ، وَالْخَالاَتُ، وَالْعَمَّاتُ فَهُنَّ أَحَقُّ بِالْجَارِيَةِ وَالْغُلاَمِ حَتَّى يَأْكُلاَ وَحْدَهُمَا، وَيَشْرَبَا وَحْدَهُمَا وَيَلْبَسَا ثِيَابَهُمَا وَحْدَهُمَا فَقَطْ‏.‏ وَلاَ حَقَّ لِمَنْ ذَكَرْنَا فِي الْحَضَانَةِ إنْ تَزَوَّجْنَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ زَوْجُ الْجَدَّةِ هُوَ الْجَدُّ، وَيَكُونَ زَوْجُ سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا ذَا رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ مِنْ الْجَارِيَةِ وَالْغُلاَمِ فَلاَ يَسْقُطُ بِذَلِكَ حَقُّ الْحَضَانَةِ لَهُنَّ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَبَعْدَ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا تَجِبُ الْحَضَانَةُ لِلأَبِ، ثُمَّ لأََبِ الأَبِ، ثُمَّ لِلأَخِ الشَّقِيقِ، ثُمَّ لِلأَخِ لِلأَبِ، ثُمَّ لِلْعَمِّ الشَّقِيقِ، ثُمَّ لِلْعَمِّ لِلأَبِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَلاَ حَقَّ فِي الْحَضَانَةِ لِلأَخِ لِلْأُمِّ، وَلاَ لِلْعَمِّ لِلْأُمِّ، وَلاَ لِلْجَدِّ لِلْأُمِّ، وَلاَ لِلْخَالِ جُمْلَةً، وَلاَ لِلرَّجُلِ تَكُونُ قَرَابَتُهُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ‏.‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زُفَرَ‏:‏ أَنَّ الْخَالَةَ أَوْلَى مِنْ الْجَدَّةِ لِلأَبِ، وَأَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِلْأُمِّ سَوَاءٌ لاَ تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى قَالُوا‏:‏ فَإِنْ أُمَّتْ أَوْ طَلُقَتْ إحْدَى مَنْ ذَكَرْنَا رَجَعَتْ عَلَى حَقِّهَا فِي الْحَضَانَةِ‏.‏

وقال مالك‏:‏ الْأُمُّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ، ثُمَّ الْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ، ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الأَبِ، ثُمَّ الْأُخْتُ، ثُمَّ الْعَمَّةُ، ثُمَّ ابْنَةُ الأَخِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَكُلُّ هَؤُلاَءِ أَحَقُّ بِالذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ الْحُلُمَ، وَبِالأَبْنَةِ حَتَّى تُزَوَّجَ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ سَقَطَ حَقُّهَا فِي الْحَضَانَةِ فَإِنْ كَانَ زَوْجُ الْجَدَّةِ الْجَدَّ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا فِي الْحَضَانَةِ قَالَ‏:‏ ثُمَّ بَعْدَ ابْنَةِ الأَخِ الأَبُ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ‏.‏

وقال الشافعي‏:‏ الْأُمُّ أَحَقُّ بِالأَبْنِ وَالأَبْنَةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، ثُمَّ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ، ثُمَّ الأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الأَبِ وَإِنْ عَلاَ، ثُمَّ سَائِرُ الْعَصَبَةِ‏:‏ الأَخُ، وَابْنُ الأَخِ، وَالْعَمُّ، وَابْنُ الْعَمِّ، ثُمَّ الْجَدَّةُ أُمُّ الأَبِ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا، ثُمَّ الْجَدَّةُ أُمُّ أَبِ الأَبِ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا وَإِنْ عَلَتْ، ثُمَّ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلأَبِ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، ثُمَّ الْخَالَةُ الشَّقِيقَةُ، ثُمَّ الْخَالَةُ لِلأَبِ، ثُمَّ الْعَمَّةُ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ سَبْعَ سِنِينَ وَهُوَ يَعْقِلُ عَقْلَ مِثْلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَحَيْثُ اخْتَارَ جُعِلَ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ خَرَجَتْ عَنْ الْحَضَانَةِ فَإِنْ أُمَّتْ عَادَتْ إلَى حَقِّهَا فِي الْحَضَانَةِ‏.‏ وَاخْتَلَفُوا فِي رَحِيلِ الأَبِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ‏:‏ إنْ كَانَ النِّكَاحُ وَقَعَ فِي مِصْرٍ فَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَشْخَصَ بِوَلَدِهَا الصِّغَارِ فَالْوَالِدُ أَحَقُّ فَإِنْ سَكَنَتْ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ عَقْدُ النِّكَاحِ فَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ عَقْدُ النِّكَاحِ فَلَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي ذَلِكَ أَحَقُّ بِهِمْ مِنْ الأَبِ وَلَهَا أَنْ تَرْحَلَ بِهِمْ إلَى مَا يَقْرُبُ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ عَقْدُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ يُمْكِنُ عَصَبَةُ الْوَلَدِ أَنْ يَنْهَضُوا إلَى رُؤْيَةِ الصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ وَيَرْجِعُوا مِنْ نَهَارِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى‏:‏ نَحْوَ ذَلِكَ‏.‏

وقال مالك‏:‏ لِلأَبِ أَنْ يَرْحَلَ بِبَنِيهِ إذَا كَانَ رَاحِلاً رِحْلَةَ إقَامَةٍ لاَ رُجُوعَ لَهُ صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا قَالَ‏:‏ وَالْعَصَبَةُ كَالأَبِ فِي ذَلِكَ إذَا مَاتَ الأَبُ، قَالَ‏:‏ وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تُرَحِّلَهُمْ إلَى الْبَرِيدِ وَنَحْوِهِ‏.‏ وَقَالَ اللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَقِّ الْحَضَانَةِ فِي الزَّوْجَاتِ فَهُوَ فِي الْمَمَالِيكِ الْمَسْبِيِّينَ، وَالْمَبِيعِينَ، كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ سَوَاءٌ ‏;‏ لأََنَّ النُّصُوصَ الَّتِي أَوْرَدْنَا تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلاَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، لَكِنْ يُخَيَّرُ مَنْ لَهُ مِلْكُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ عَلَى أَنْ يَدَعَهُمَا عِنْدَ مَنْ لَهُ حَضَانَتُهُمَا ‏;‏ لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِفَسْخِ الْبَيْعِ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَبَيْنَ ذَوِي رَحِمِهَا الْمَحْرَمَةِ، فَإِنْ بِيعَ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ دُونَ ذَوِي رَحِمِهَا أَوْ ذَاتِ رَحِمِهِ لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ‏.‏ قَالَ أَبُو يُوسُفَ‏:‏ يُفْسَخُ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ خَاصَّةً

وقال مالك، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ‏:‏ يُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ وَبَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ إِلاَّ الأَبَوَيْنِ فَقَطْ فَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وَلَدِهِمَا‏.‏

وقال أحمد بْنُ حَنْبَلٍ‏:‏ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ مِنْ السَّبْيِ وَبَيْنَ ذَوِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمَةِ‏.‏ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ‏:‏ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ إنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذِهِ الأَقْوَالَ لِيُوقَفَ عَلَى تَخَاذُلِهَا وَتَنَاقُضِهَا وَفَسَادِهَا، وَأَنَّهَا اسْتِحْسَانَاتٌ لاَ مَعْنَى لَهَا، وَلِيَظْهَرَ كَذِبُ مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيق شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ‏:‏ إذَا بِعْتُمْ أَخَوَيْنِ فَلاَ تُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا‏.‏ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ أَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَمَّنْ سَمِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إذَا بِعْتُمْ أَخَوَيْنِ فَلاَ تُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا، قُلْت لَهُ‏:‏ إذًا لاَ يَعْتَدِلُ الْقَسْمُ قَالَ‏:‏ لاَ اعْتَدَلَ‏.‏ وَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنْ لاَ يُبَاعَ السَّبِيُّ إِلاَّ أَعْشَاشًا وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسْخُ الْبَيْعِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ‏.‏

2019 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَإِذَا بَلَغَ الْوَلَدُ أَوْ الأَبْنَةُ عَاقِلَيْنِ، فَهُمَا أَمْلَكُ بِأَنْفُسِهِمَا، وَيَسْكُنَانِ أَيْنَمَا أَحَبَّا، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنَا عَلَى مَعْصِيَةٍ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ تَبَرُّجٍ، أَوْ تَخْلِيطٍ، فَلِلأَبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعَصَبَةِ، أَوْ لِلْحَاكِمِ، أَوْ لِلْجِيرَانِ أَنْ يَمْنَعَاهُمَا مِنْ ذَلِكَ، وَيُسْكِنَاهُمَا حَيْثُ يُشْرِفَانِ عَلَى أُمُورِهِمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ بِمِثْلِ هَذَا‏.‏

برهان صِحَّةِ قَوْلِنَا‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا‏}‏‏.‏ وَتَصْوِيبُهُ عليه الصلاة والسلام قَوْلُ سَلْمَانَ أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ‏.‏ وَلاَ مَعْنَى لِلْفَرْقِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ، وَلاَ لِمُرَاعَاةِ زَوَاجِ الأَبْنَةِ ‏;‏ لأََنَّهُ شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ تَزَوَّجَ وَهِيَ فِي الْمَهْدِ وَقَدْ لاَ تَتَزَوَّجُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً‏.‏ وَرُبَّ بِكْرٍ أَصْلَحُ وَأَنْظَرُ مِنْ ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ وَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ يَدْرِي كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ الزَّوَاجَ لَمْ يَزِدْهَا عَقْلاً لَمْ يَكُنْ، وَلاَ صَلاَحًا لَمْ يَكُنْ‏.‏

وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ مِنْ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى تَخْلِيطٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ فَالْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبٌ‏:‏ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ‏}‏، وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ‏}‏‏.‏ وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ‏}‏‏.‏

2020 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَإِنْ كَانَ الأَبُ، وَالْأُمُّ مُحْتَاجَيْنِ إلَى خِدْمَةِ الأَبْنِ أَوْ الأَبْنَةِ النَّاكِحِ أَوْ غَيْرِ النَّاكِحِ لَمْ يَجُزْ لِلأَبْنِ، وَلاَ لِلأَبْنَةِ الرَّحِيلُ، وَلاَ تَضْيِيعُ الأَبَوَيْنِ أَصْلاً، وَحَقُّهُمَا أَوْجَبُ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالأَبِ وَالْأُمِّ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ فَلِلزَّوْجِ إرْحَالُ امْرَأَتِهِ حَيْثُ شَاءَ مِمَّا لاَ ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِيهِ‏.‏

برهان ذَلِكَ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ‏}‏ فَقَرَنَ تَعَالَى الشُّكْرَ لَهُمَا بِالشُّكْرِ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏ وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا‏}‏ فَافْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَصْحَبَ الأَبَوَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ يَدْعُوَانِهِ إلَى الْكُفْرِ وَمَنْ ضَيَّعَهُمَا فَلَمْ يَصْحَبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا‏.‏ وَقَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ‏}‏‏.‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا قَوْلَ الرَّجُلِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قَالَ‏:‏ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبَاكَ‏.‏ وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْمٌ فِيمَا ذَكَرْنَا وَاحْتَجُّوا بِأَخْبَارٍ سَاقِطَةٍ‏:‏ مِنْهَا خَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ يُوسُفَ عَطِيَّةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً غَزَا وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ فِي عُلُوٍّ وَأَبُوهَا فِي سُفْلٍ وَأَمَرَهَا أَنْ لاَ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا فَاشْتَكَى أَبُوهَا فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ لَهَا‏:‏ اتَّقِي اللَّهَ وَأَطِيعِي زَوْجَكِ ثُمَّ كَذَلِكَ إذْ مَاتَ أَبُوهَا وَلَمْ تَشْهَدْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ غَفَرَ لأََبِيكِ بِطَوَاعِيَتِكِ لِزَوْجِكِ‏.‏ يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَلاَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَقِّ الرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ فَقَالَ كَلاَمًا مِنْهُ‏:‏ أَنْ لاَ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا مَلاَئِكَةُ اللَّهِ وَمَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهَا أَوْ تَتُوبَ، قِيلَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ ظَلَمَهَا قَالَ‏:‏ وَإِنْ ظَلَمَهَا‏.‏ لَيْثٌ ضَعِيفٌ، وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يُبِيحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّلْمَ، وَهِيَ زِيَادَةٌ مَوْضُوعَةٌ لَيْسَتْ لِلَّيْثِ بِلاَ شَكٍّ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ ثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ الْعَطَّارُ أَنَا حَيَّانُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ لَوْ كُنْتُ آمِرًا بَشَرًا أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لاََمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا تَعْظِيمًا لِحَقِّهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ حَرْفًا حَرْفًا، لَيْسَ فِيهِ ‏"‏ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِ ‏"‏‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ حَفْصٍ ابْن أَخِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لاََمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عَظِيمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأََحَدٍ لاََمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأََزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ‏.‏ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْجَسُورِ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ أَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ أَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ لَوْ كُنْتُ آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأََحَدٍ لاََمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ كُلُّ هَذَا بَاطِلٌ‏:‏ أَمَّا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ فَفِيهِ عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ يُعْرَفُ بِعَطَّارِ الْمُطَلَّقَاتِ كُوفِيٌّ يُحَدِّثُ بِالْبَاطِلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ الَّذِي أَسْنَدَ ‏"‏ مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ شِرَارُكُمْ ‏"‏ وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ الْبَحْتُ، لِصِحَّةِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ‏.‏

وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَمُنْقَطِعٌ ‏;‏ لأََنَّ أَبَا ظَبْيَانَ لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا، وَلاَ أَدْرَكَهُ‏.‏

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَفِيهِ حَفْصُ ابْنُ أَخِي أَنَسٍ، وَلاَ يُعْرَفُ لأََنَسٍ ابْنُ أَخٍ اسْمُهُ حَفْصٌ، وَلاَ أَخٌ لأََنَسٍ، إِلاَّ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ أَبِيهِ‏.‏ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّهِ، وَلاَ يُعْرَفُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ اسْمُهُ حَفْصٌ وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ لَيْسَ بِالْحَافِظِ‏.‏

وَأَمَّا حَدِيثُ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ فَمُنْقَطِعٌ ‏;‏ لأََنَّ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ لَمْ يُدْرِكْ سُرَاقَةَ قَطُّ‏.‏

وَأَمَّا حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ فَفِيهِ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي وَهُوَ مُدَلِّسٌ يُدَلِّسُ الْمُنْكَرَاتِ عَمَّنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ إِلاَّ الثِّقَاتِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا شُعَيْبُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَا الأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنِي يَحْيَى هُوَ ابْن سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ أَنْ بَشِيرَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مِحْصَنٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَمَّةٍ لَهُ أَنَّهَا ذَكَرَتْ زَوْجَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا عليه الصلاة والسلام‏:‏ اُنْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ أَوْ نَارُكِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ،، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ،، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَيُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ قُتَيْبَةُ‏:‏ أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ‏:‏ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ

وقال أحمد بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَا يَعْلَى، وَيَزِيدُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ‏:‏، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَقَالَ يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَا مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ أَنَا اللَّيْثُ وَقَالَ يُونُسُ أَنَا خَالِدٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ ثُمَّ اتَّفَقَ اللَّيْثُ، وَسُفْيَانُ، وَيَعْلَى، وَيَزِيدُ وَيَحْيَى، وَمَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي هِلاَلٍ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ عَمَّةٍ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ‏.‏ وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ فَهَذَا كُلُّهُ لاَ يَصِحُّ، لأََنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مِحْصَنٍ، وَحُصَيْنَ بْنَ مِحْصَنٍ مَجْهُولاَنِ، لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُمَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ هُوَ الزُّبَيْرِيُّ أَنَا مِسْعَرٌ، هُوَ ابْنُ كِدَامٍ عَنْ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ‏:‏ زَوْجُهَا قُلْتُ‏:‏ فَأَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الرَّجُلِ قَالَ‏:‏ أُمُّهُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ أَبُو عُتْبَةَ مَجْهُول لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَالْقُرْآنُ كَمَا أَوْرَدَنَا، وَالثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَدَّرَنَا بِهِ يُبْطِلُ هَذَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْكُوفِيُّ أَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ نَهَارٍ الْعَبْدِيِّ مَدَّنِي لاَ بَأْسَ بِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ لَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ فَلَحِسَتْهَا مَا أَدَّتْ حَقَّهُ‏.‏ رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ مَجْهُولٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْوَدُودُ الْوَلُودُ الْعَئُودُ عَلَى زَوْجِهَا الَّتِي إذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بِيَدِ زَوْجِهَا، ثُمَّ تَقُولُ‏:‏ وَاَللَّهِ لاَ أَذُوقُ عَضْمًا حَتَّى تَرْضَى‏.‏ هَذَا خَبَرٌ لاَ بَأْسَ بِهِ وَهَكَذَا فِي كِتَابِي ‏"‏ عَضْمًا ‏"‏ بِالضَّادِ، وَهُوَ عَظْمُ الْقَوْسِ، وَلاَ مَدْخَلَ لَهُ هَاهُنَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أرنا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ أَنَا سَرَّارُ بْنُ مُجَشَّرِ بْنِ قَبِيصَةَ الْبَصْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى امْرَأَةٍ لاَ تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لاَ تَسْتَغْنِي عَنْهُ‏.‏ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، سَرَّارُ بْنُ مُجَشَّرٍ ثِقَةٌ هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ مُقَدَّمَانِ فِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ هَكَذَا سَرَّارُ بِالسِّينِ وَرَاءَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَالشُّكْرُ لِكُلِّ مُحْسِنٍ وَاجِبٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عِجْلاَنَ أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ خَيْرِ النِّسَاءِ فَقَالَ‏:‏ الَّتِي تُطِيعُ زَوْجَهَا إذَا أَمَرَ، وَتَسُرُّهُ إذَا نَظَرَ، وَتَحْفَظُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ‏.‏ هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ صَحَّ

مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ اليامي عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ‏.‏

وَأَمَّا السَّلَفُ‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ‏:‏ رَجُلٌ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَلَمْ تَكُنْ اسْتَأْذَنَتْهُ فِي الْخُرُوجِ أَتَخْرُجُ فِي طَوَافِ الْكَعْبَةِ، أَوْ فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ ذِي رَحِمٍ، أَوْ أَبُوهَا يَمُوتُ فَأَبَى عَطَاءٌ أَنْ تَخْرُجَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ‏.‏ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏:‏ وَأَقُولُ أَنَا‏:‏ تَأْتِي كُلَّ ذِي رَحِمٍ قَرِيبٍ‏.‏