فصل: بابُ ذكرِ أقرَبِ العصَبَاتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه



.بابُ ذكرِ أقرَبِ العصَبَاتِ:

اعلَم أنَّ أقرَبَ العَصَباتِ يُسقِطُ من بعدَ مِنهُم، فَلِذا يحتاَجُ إلى مَعرِفةِ الأقربِ مِنهُم، وأقرَبُهُم إلى الميتِ بنوُهُ، ثم بنوُهُم وإن نَزلُوا، ثم أبوه ولَهُ ثلاثةُ أحوالٍ:
حَالَةٌ ينفردُ بالفرضِ وهي مَعَ الابنِ وابنِ الابنِ، وحالةٌ ينفردُ بالعصِيبِ وهي مع عَدَمِ الوُلدِ وولدِ الابنِ، وحالةٌ يجتمِعُ لهُ الفَرضُ والتَّعصِيبُ وهي مع البناتِ وبناتِ الابنِ، ثم الجدِّ، وأحوالُهُ كأحوالِ الأبِ، إلا مع الأُخوَةِ والأخواتِ، فإنَّهُم يرثُونَ مَعَهُ على ما نذكُرُه في بابهِ إن شاء الله تعالى، ثم بنُو أبيهِ وهم أخوتهُ، ثم بنوُهُم وإن نزلوا، ثم بنُو جدِّه وهُم أعمَامُ أبيهِ، ثمَّ بنُوهُم وإن نزَلُوا، ثم بَنُو جدِّ جدِّه وهم أعمَامُ جدِّهِ، ثم بَنُوهُم وإن نَزَلُوا، ثمَّ على هذا التَّرتِيبِ أبَدَاً كُلَّما انقَرَضَ بنو أبٍ فلمَ يبقَ منهُم أحدٌ ورِثَ الأبُ الذِي هو أعلَى مِنهُ، ثم بنوُهُ. ومتى استَوَى شخصَانِ في القربِ فأولاهُم من كانَ لأبوينِ.
والبنُونَ وبنُوهُم والأخوةُ إذا كانُوا من أبٍ يعصِبُونَ أخَوَاتهم، فيكونُ المَالُ أو ما بقِيَ منهُ بعدَ الفرضِ بينهُم وبين أخواتِهِم للذكرِ مِثلُ حَظِّ الأنثيينِ، وبقِيةُ العَصَبَاتِ ينفرِدُ ذُكُورهُم بِالمِيراثِ كالأجدادِ وبِني الأخوة والأعمَامِ وَبنيهِم، والأخوَاتِ إذا كانُوا من ولدِ أبِ الميتِ مع البناتِ وبناتُ الابنِ عصَبَةٌ يأخُذُونَ ما بقيَ، ومَتَى كان بعضُ بنِي الأعمَام زوجَاً أو أخاً لأمِّ انفَرَدَ بفرضِهِ، ثم شَارَكَ العصَبَةَ في تعصيبِهِم، وَيَسقُطُ ولدُ الأبوينِ إذا كانُوا عصبةً واستغَرقَتِ الفروضُ المالَ، ولا يشاركُونَ ولدَ الأمِّ في فرضِهِم وأربَعَةُ ذكورٍ يرثن نِسَاءً ولا يرثنهُمُ النساءُ بفرضٍ ولا تعصِيبٍ، ابنُ الأخ يرِثُ عمتهُ ولا ترثُهُ، والعمُّ يرثُ بِنتَ أخيهِ ولا ترثُهُ، وابنُ العمِّ يَرثُ بنتَ عمهِ ولا ترثُهُ، والمولَى يَرثُ عتيقهُ ولا يرثُهُ، وامرأتَانِ يرِثانِ ذكَرينِ ولا يرِثهمَا الذكرَانِ، ترثُ عتِيقَهَا ولا يرثُهَا، ومتى لم يَبقَ مِن عصَبَةِ النسَبِ أحدٌ ورِثَ المولَى المعتقُ وعصَبَاتِهِ بعدهُ على نحوِ ترتِيبِ عَصَبَاتِ الميِّتِ.

.بَابُ أصُولِ مسَائِل الصُّلبِ:

أصُولُ مَسائِل الصُّلبِ سَبعَة، أربَعَةٌ لا تعُولُ وثلاثة تعُولُ، فإذا كَانَ في المسأَلَةِ نصفٌ ونصفٌ أو نصفٌ وَمَا بقي فأصلُهَا من اثنينِ، وإذا كانَ فيها ثُلُثٌ وثُلُثانِ أو ثُلُثٌ وما بقيَ، أو ثُلُثَانِ وما بقيَ فأصلُهَا من ثلاثةٍ.
وإذا كان فيها ربعٌ ونصفٌ وما بقيَ. أو ربعٌ وما بقِيَ فأصلُهَا من أربعةٍ.
وإذا كان فِيهَا ثمُنٌ وما بقي، أو ثمُنٌ ونصفٌ وماَ بقيَ فأصلُهَا من ثُمُنهٍ فهذهِ الأربعةُ التي لا تعُولُ، إذا كَانَ في المسألةِ سُدُسٌ وما بقيَ، أو سُدُسٌ ونصفٌ وما بقيَ أو نصفٌ وثلُثٌ أو نصفٌ وثُلُثَانِ فأصلُهَا من سِتةٍ، فإذا اجتَمَعَتْ فِيهَا الفُرُوضُ غَالِبٌ إلى سَبعَةٍ وثمانيةٍ وتسعةٍ وعشرةٍ ولا تعُول إلى أكثرِ من ذلِكَ، وإذا كان في الفريضةِ ربعٌ وكَانَ مَعَهُ غيُر النِّصفِ فأصلُهَا من اثنَى عَشَرَ وتعُولُ إلى أكثَرِ من ذَلِكَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وخَمْسَةَ عَشَرَ وسَبْعَةَ، ولا تعُولُ إلى أكثَرِ من ذَلِكَ، وإذا كان في الفَريضَةِ ثُمُنٌ وكَانَ معه غيرُ النِّصفِ فأصلُهَا مِن أربَعَةٍ وعشرِيْنَ، وتعُولُ إلى سَبعَةٍ وعِشرِينَ، فهذهِ الثلث التي تعُولُ فإذا أخذْتَ المسألَةَ من أصلِهَا وكَانَت سِهَامُ كُلَّ فرِيقٍ تَنقسِمُ عَلَيهِمْ قِسمَةً صَحِيحَةً فَقَدْ صحَّتِ المسأَلَةُ مِن أَصلِهَا. فإن انكَسَرَ شَيٌء مِنَ السِّهَامِ عَلَى العَدَدِ صَحَّحتَ المسأَلَةَ على مَا نبَيِّنُهُ في البَابِ الذِي يِليهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

.بَابُ تَصحِيحِ المَسَائِلِ:

إذا انكَسَرَ سهَامُ فَريقٍ مِنَ الوَرَثَةِ عَلَى عَدَدهِم فَلَم تَنقَسِم قسمَةً صَحِيحَةً فاَضرِب عَدَدَهُم في أصلِ المسأَلَةِ وعَولِها إن كَانَتْ عَايِلةٍ، فَمَا بَلَغَ صحَّت منهُ المَسْألةِ، فإذا أرَدتَ القسمَةَ فمن لَهُ شيءٌ من أصلِ المسأَلَةِ فاضرِبهُ في العدَدِ الذي ضَربتَهُ في المسأَلَةِ، فما بَلَغَ فهو لَهُ، فاقسمهُ على المنكَسِرِ عليهِمْ يخرُجُ لوحِدِهِم مَا كَانَ لِجمِيعِهِم، فإن كَانَ بين عددٍ منكِسرٍ عليهم وبين سِهامِهِم موافقةً فاردُدِ العَدَدَ إلى وفقِهِ، ثم افعَل فِيهِ ما فَعَلتَهُ في أصلهٍ، واعلَم أنَّ الموافَقَةَ بين العَدَدِ والسِّهَامِ لا تقعُ إلا بأَحَدَ تسعَةِ أجزاءٍ، ستَّةٌ قبلَ العشرَةِ وهي الأنصَافُ، والأثلاَثُ، والأربَاعُ، والأخمَاسُ، والأسبَاعُ، والأثمَانُ، وثَلاَثَةٌ بعدَ العَشرَةِ وهي أجزاءٌ ثلاَثَةَ عَشَرَ وستَّةَ عَشَرَ وسَبعَةَ عَشَرَ، ومَتَى كَانَ العَدَدُ والسِّهَامُ جَمِيعُهَا زَوجينِ لم تَقَعِ الموُافَقَةِ بيَنَهُمَا إلا بالنِّصْفَ أو بالرُّبعَ أو الثُّمُنِ أجزاءٍ ستَّةَ عشر وهذِهِ الموافقةُ تختصُّ بالفرُوضِ، إلا النِّصفَ والرُّبعِ، فإِنًهُ يشتركُ فيهِما دُونَ الفرُوُضِ والعَصَبَاتِ، فمتى وَجَدْتَ الأقلَّ من هذهِ لم تَستَعمِلِ الأكثَرَ منهَا، وإذا لم يَكُنِ العدَدُ والسِّهَامُ زوجينِ لم يتَّفقَا إلا بالثُّلُثِ أو الخُمُسِ أو السُّبُعِ أو أجزاءِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَسَبعَةَ عَشَرَ وهذه الموافَقَةُ تختصُّ العصَبَاَتِ فَاعرِف ذلِكَ.

.بَابُ الكَسرِ عَلَى جِنسَينِ:

وإذا انكَسَرَ سِهَامُ فَرِيقٍ من الوَرَثَةِ عليهِم فانظر، فإن كَانَ بين سِهَامِ كُلِّ فريقٍ وعددِهِ موافَقَةٌ بجزءٍ من الأجزاءِ التِّسعةِ المقدَّمِ ذكرُهَا ردَدتَ ذَلِكَ العَدَدَ إلى وَفقِهِ، وإن لم تتَّفق تركتَهُ بحالِهِ، ثم نظرتَ في العَدَدَينِ الحاصِلينِ مَعَكَ، فإن كَانَا مُتَمَاثلينِ ضربتَ أحَدَهُما في المسأَلَةِ وأجزَأَ عنِ الآخَر، وإن كَانَا مُتَنَاسِبيِن أحدَهُمَا جُزءاً واحدَاً من الآخَرِ كالنِّصفِ فَمَا دونَ ويعتبرُ ذلِكَ بأحَدِ ثلاثةِ أشياءٍ، أمَّا بِأن تُلقيَ الأقلَّ من الأكثَرِ فيفِنيهِ، أو تَقسِمَ الأكثَرَ عَلَى الأقلِّ فينقسِمَ قِسمَةً صحِيحَةً، أو تُضَاعِفَ الأقلَّ، بِأن تَزِيد علَيهِ مِثلَهُ أبداً فَتُسَاوِي الأكثَرَ، فَتعلَمَ حِينئِذٍ أنَّهُ جُزءٌ مِنهُ ومنتَسِبٌ إليهِ فتضرِبَ أكثَرَهُمَا في المسأَلَةِ فيَجزِي عن الأقلِّ، وإن كَانَا مُتبَايِنَينِ ضَربتَ أحدَهُمَا في الآخَرِ، فما ارتَفَعَ من ذَلِكَ ضَرَبتَهُ في المسأَلَةِ، وإن كَانَا مُتوَافِقَينِ بجُزءٍ من الأجزَاءِ أي جُزءٍ كانَ، فإنَّ الموافقةَ بينَ الأعدادِ لا تختصُّ بجزءٍ مخصوصٍ ضربتَ وفقَ أحدهمَا في جميعِ الآخرِ، فمَا بلغَ ضربتَهُ في المسألةِ، فمَا بلغَ فمنهُ تصحُّ ثمَّ كلُّ منْ لَهُ شيءٌ منْ أصلِ المسألةِ مضروبٌ فيمَا ضربتَهُ في المسألةِ فمَا بلغَ فهوَ لَهُ، وَكيفيةُ الموافقةِ أنْ تلقيَ أقلَّ العددينِ منْ أكثرهمَا، فإنْ بقيتْ منهُ بقيةٌ هيَ أكثرُ منَ العددِ الأقلِّ، ومنَ البقيةِ أيضَاً حتى يبقَى منَ الأكثرِ بقيةٌ هيَ أقلُّ منَ العددِ الأقلِّ فتفني البقيةَ منَ الأقلِّ أبدَاً، فإنْ أفنتهُ فالعددانِ متفقانِ بجزءِ تلكَ البقيةِ، وإنْ لم تفنِهِ التي تليهَا منهُ أخرى ألقيتَهَا منَ البقيةِ الأولى لا تزالُ تفني كلَّ بقيةٍ بالبقيةِ التي تليهَا حتى تنتهيَ إلى عددينِ يفني أقلَّهُمَا الأكثَرُ قبلهُ، فيكونَ الاتفاقُ بجزءِ ذلكَ العددِ المغني، إنْ كانَ اثنيِن فبالأنصافِ، وإنْ كانَ ثلاثةً فبالأثلاثِ وخمسةً بالأخماسِ، وأحدَ عَشَرَ بأجزَاءِ أحدَ عَشَرَ وَسبْعَةَ عَشَرَ وتِسْعَةَ عَشَرَ فَيَكونَ الاتفَاقُ بذلكَ الجزءِ وكائناً مَا كانَ، فإنْ فَضُلَ في ذلكَ وَاحدٌ فالعددَانِ متباينَانِ، وَمتَى كَانَ في الورثةِ ذكورٌ وإناثٌ فَاجعَلْ كلَّ ذكرٍ كأنثيينِ، واضممْ عددهمْ إلى عددِ الإناثِ واعملْ على مَا ذكَرنَا.

.بَابُ الكسرِ على ثلاثةِ أجنَاسٍ:

وَمتى انْكسرَ سهَامُ ثلاثةِ أحيَازٍ مِنَ الورثَةِ عليهم فاعملْ في سهَامِ كلِّ فريقٍ معَ عددهِ على مَا بينَا ثمَّ انظر في الأعدادِ المجتمعةِ معكَ، فإنْ كانتْ متماثلةً اجتزئتَ بأحدهَا عنْ باقِيهَا وضربتَهُ في المسَألةِ وَإنْ كانَتْ متنَاسبةً اجتزئتْ بالأكثرِ منهَا وضربتَهُ في المسَألةِ، وإنْ كانَتْ متباينةً ضرَبْتَ الأعدادَ بعضَهَا في بَعضٍ، فَمَا بَلَغَ ضَرَبَتهُ في المسَألَةِ. وإن تَوَافَقتْ وفَّقتَ أحَدَ الأعدَادَ وَوَافقتَ بَينَهُ وبين العدَدينِ الآخرينِ عدداً بعد عددٍ، ورددتَ كلَّ واحدٍ منها إلى وفقِهِ وعَمَلتَ في الراجِعَينِ بالموافَقَةِ لِعَمَلِكَ في الأصلَينِ، ثمَّ ضَربتَ ذَلِكَ في الموَقُوفِ، فَمَا بَلَغَ ضَرَبتَهُ في المسأَلَةِ. ومَسَاِئلُ ذَلِكَ تُسَمَّى الموقُوفَاتِ، وإن تَمَاثَلَ من الأَعَدادِ اثنَانِ وبايَنَهُمَا الثَّالِثُ ضَرَبتَ أحَدَهُمَا في المُبَايِنِ لهُمَا. وكَذلِكَ إن تَشَارَكَ مِنهُمَا اثناَنِ وباينَهُمَا الثَّالثُ ضَرَبتَ أحَدَهُمَا في المُبايِنِ لهُمَا، وَفقَ أحَدَ المشُترِكَينِ في جمِيعِ الآخَرِ، فَمَا بَلَغَ ضَربتَهُ في المُبَاينِ لَهُمَا، ولا يَكُونُ الكَسرُ على ثلاَثَةِ أجنَاسٍ إلا من الأصُولِ العَاِئلَةِ فَافَهمهُ، فَأَمَّا الكَسرُ عَلَى أربَعَةِ أجنَاسٍ منفَقَهٍ ولا تخرُجُ على أصُولِنَا في مَسَائِلِ الصُّلبِ لأنَّهُ لا يُنِفقُ ذَلِكَ إلا أن يكُونُ أحَدُ الأعدَادِ جدَّاتٍ وَنَحنُ لا نُورِثُ أكثَرَ من ثَلاَثِ جَدَّاتٍ فَلاَ يَقَعُ على قولِنَا أربَعَةُ أَعدَادٍ مُشَترِكَةٌ إلا في المُناسَخَاتِ وَذَوِي الأرحَامِ فإنّهُ يَقَعُ الكَسرُ عَلَى أربَعَةِ أجَناسٍ وخَمسَةٍ وأكثَرَ فَاعرِف ذَلِكَ.

.بَابٌ فِي اختِيَارِ مَسَائِلِ التَّصحِيحِ:

إذا كَانَ مَعَكَ مَن يَرِثُ بفرضٍ وتعصِيبٍ كالأبِ والجدِّ مَعَ البَنَاتِ وبناتِ الابنِ، وكالزوجِ والأخِ من الأمِّ، إذا كانا ابني عَمٍّ، فاجمَع مَا يرثُهُ بالفرضِ والتَّعصِيبِ ووافِق بَينَهُ وبين أنصباء بقِيةِ الورثَةِ، فإذا اتفقَا بجزءٍ فاردُدِ المسأَلَةِ إلى ذَلِكَ الجزءِ، ثم اقسِمْ، فإن وقَعَ كَسرٌ فَصَححهُ بَعدَ الاختِصَارِ.

.بَابُ استخرَاجِ نَصِيبِ مَا لكُلِّ:

وارِثٍ مِنَ الوَرَثَةِ المنُكسِرِ عَلَيهِم سِهامُهُم قبلَ التصحِيحِ إذا أرَدتَ مَعرفَةَ ذَلِكَ فانظُرِ الكَسرَ، فإن كَانَ عَلَى جِنسٍ واحِدٍ، ولم يُوافِق عَدَدهُم سِهَامهُم فَلآحَادِهِم مالجَمَاعَتِهِمْ وَفقَ أصلِ المسأَلَةِ، وإنْ وَافَقَتْ سهامُهُم عددهُمْ فلآحادِهِمْ وفق سِهِامِ جماعَتِهِمْ، فإنْ كَانَ الكَسرُ عَلى جِنسيَنِ فانْظُر فيمَا يَحصُلُ مَعَكَ مِنْ عَدَدِهِمْ، فإنْ كَانَا متماثِلينِ، فإنَّ لِكلِّ وَاحدٍ مِنَ الفَريقَينِ سِهَامُ جَمَاعتهِمْ أو وَفْق سِهَامِهِمْ إنْ اتفقَا فإنْ كَانَا مُتنَاسبينِ كَانَ لِكلِّ وَاحدٍ مِنَ الفَريقِ الأكثَرِ مَا لِجَمَاعَتِهِمْ مِنْ أَصلِ المَسألةِ أو وَفقِهِ إنْ كَانتْ سِهامهمْ مُوَافقَةً لعدَدِهِمْ، وَلكُلِّ وَاحدٍ مِنَ الفَريقِ الأَقَلِّ أَقَلُّ عَدَدٍ تَخْرجُ منهُ نِسبةُ عَدَدِهِمْ مِنَ العَددِ الآخرِ مَضروبَاً ذلكَ في سِهَامِهِمْ، أو في وَفْقِهَا إنْ كَانتْ مُنْفَقةً، وإنْ كَانتْ متبَاينتينِ كَانَ لكلِّ وَاحدٍ مِنَ الفَريقينِ وَمَا يخرجُ مِنْ مَضروبِ سِهَامِ الفَرِيقِ، أو وَفْق سِهَامِهِ إنْ كَانتْ سِهَامُ الفَريقِ تُوافِقُ عَددهُ في عَددِ الفَريقِ الآخرِ، وإنْ كَانَا مُتَفقينِ كَانَ لِكلِّ وَاحدٍ مِنْهُمْ مَا يَجْتَمِعُ مِنْ مَضروبِ جَميعِ سِهَامِ فَريقهِ أو وَفْقهَا وَفي وَفْقِ عَددِ الفَرِيقِ الآخَرِ، وَإنْ كَانتْ الأعدَادُ أكثَرَ مِنْ جِنسينِ فالعَمَلُ فيهَا عَلى نَحوِ مَا ذَكرنَا في الجِنسينِ وَاللهُ أعلمُ.

.بَابُ مِيراثِ الجَدِّ معَ الأِخوةِ وَالأخوَاتِ:

إِذَا اجْتَمَعَ الجَدُّ مَعَ الأخوةِ والأخوَاتِ فَإِنّهُ يُجعلُ كَأخٍ وَيقسمُ المالُ بَينهُ وَبينهمْ مَالم تَنقصهُ المُقَاسَمَةُ مِنْ ثُلثِ جَميعِ المَالِ، فَإنْ نَقَصَتْهُ مِنَ الثلثِ فَرضتَ لَهُ الثلثَ كالأمِّ، وَجعل البَاقي للأخوةِ والأخواتِ، فَعلى هَذَا لا يُقَاسُ الجدُّ أَكثرُ مِنَ أخوينِ، أو مَنْ يقومُ مَقَامَهمَا ثمَّ يفرضُ لَهُ الثلثُ، فَإنْ كَانَ مَعهمْ مَنْ لَهُ فَرضٌ أعطَاهُمْ فرضهُ ثمَّ جَعلَ للجدِّ الأَحظَّ مِنْ ثلاثةِ أشياءَ: المقَاسَمَةِ، أو ثُلثِ الباقي بعدَ الفروضِ، أو سدسِ جميعِ المَالِ، فإذا كَانَت الفُروضُ نِصف المَالِ، فَالمُقَاسَمَةُ أحظُّ لَهُ مَعَ الأخوينِ فمَا دُونَ، وَإنْ كَانت النِّصفَ كَانت المُقاسمةُ مَعهمَا وَالفرْضُ سواءً، وَإنْ كَانَت أكثرَ مِنَ النِّصفِ فَالفرضُ مَعهَا خبرٌ لَهُ، وَإذا بَلغَت الفُروضُ خَمسةَ أسداسِ المَالِ فَلا مِيرَاثَ للأخوَةِ وَالأخوَاتِ مَعهُ بَلْ يُفرضُ لَهُ السُّدُسُ البَاقِي، إلا في مَسَألةِ الأكْدَريَّةِ خاصةً وَهيَ زَوجٌ وأمٌّ وأختٌ وَجَدٌّ، فإِنَّهُ يَفرضُ للأختِ النِّصْفَ بَعدَ أنْ فَرَضَ الزَوجُ النِّصفَ وَللأمِّ السُّدُسَ وذلكَ خَمسةُ أسْدَاسِ المَالِ، لَكنْ يُفرَضُ للجدِّ السُّدسُ فيهَا وَيجمَعُ سَهْمهُ وَبَينَهُمْ الأختُ فَيُقْسَمُ بَينهمَا للذكرِ مثل حظِّ الأنثيينِ على ثَلاثَةٍ فَيُضْرَبُ في المسْألَةِ وَعَوْلهَا وَهيَ تِسْعَةٌ فَتَكنْ سَبعةً وَعشرينَ للزوجِ تِسعةٌ وللأمِّ ستةٌ وللجدِّ ثمانيةٌ وللأختِ أربعةٌ.

.بَابُ المُعادَّةِ في مَسَائِلِ الجدِّ:

اعلَمْ أنَّ ولدَ الأبِ يقُومُونَ مَعَ الجدِّ مَقَامَ ولدِ الأبوينِ عندِ عَدَمِ وُلدْ الأبوينِ، فإنْ اجتمعُوا قُسِمَ المالُ بينهُم وبين الجدِّ، فما صَارَ لولدِ الأبِ رَدَّهُ على ولدِ الأبوينِ، إلا أن يَكونَ الأبوانِ فيردُّونَ عليها تمامَ نِصفِ المالِ، فإن لم يَبقَ مَعَهُم شَيءٌ سَقَطُوْا، وإن بقِيَ بَعدِ النِّصفِ بقيَّةٌ كَانَت لهم كُلَّ هذا مَا لم تَنقُصِ المقاسمَةُ للجدِّ من ثُلُثِ المالِ مع عَدَمِ ذوي الفُرُوضِ أو مِن ثُلُثِ الباقِي مَعَ ذَوِي الفُرُوضِ إذا كَانَتْ فُرُوضُهُمْ النِّصفِ فما دُونَ أو من السُّدُسِ إذا جاوزتِ الفُرُوضُ نِصفَ المالِ، فإذا فَرَضَ لهُ أحدٌ هذه الفُرُوضَ كان الباقي لوُلدِ الأبِ والأمِّ وسَقَطَ ولدُ الأبِ مِن غيرِ مُعَادَّةٍ.

.بَابُ الجدَّاتِ:

لا يرثُ عند إمَامِنَا رحمه الله من الجدَّاتِ إلا ثلاثٌ، أمُّ الأمِّ وأمُّ الأبِ وأمُّ الجدِّ أبي الأبِ، ومن كَانَ من اُمّهَاتِهِنَّ وإن علينَ فُيقسَمَ السُّدُسُ بينهُنَّ أثَلاثَاً إذا اسَتَوتْ دَرَجتُهُنَّ، وإن كان بعضُهُنَّ أقرَبَ من بعضٍ فَظَاهِرُ كلامِ الخرقي أنه يجعلُ السُّدُسَ لمن قرُبَ مِنْهُنَّ من أي جهةٍ كَانَت، ومنصوصُ أحمد أنَّ السُّدُسَ للقُربَي إن كَانَتْ من جِهَةِ الأمِّ، فإن كانت من جهةِ الأبِ جعلَهُ بينَهَا وبين البعدِي من جِهَةِ الأمِّ، وترثُ أمُّ الأبِ وأمُّ الجدِّ مع حَيَاةِ ابنيهِمَا في إِحدَى الروايتينِ وهي اخِتيارُ الخرقي، وفي الأخرَى لا ترثُ مع حَيَاتِهِمَا. فإن كَانَ ابنَاهُمَا عمَّاً لَمْ يَحجِبهَا على كِلاَ الروايتينِ، وترثُ الجدَّةُ بقرابتينِ، فإذا زوَّجَتِ المرأَةُ بِنْتَ بِنتِهَا بابنِ بِنْتِ لَهَا أُخْرَى، فولدَ بينهُمَا مولِدٌ، كَانَتْ هذِهِ المرأةُ أُمَّ أُمِّ أمِّهِ وأُمَّ أمِّ أبِيهِ، فإذا مَاتَ المولُودُ وخَلَّفَ هذِهِ الجدَّةَ وأُمَّ أبي أبِيهِ كَانَ السُّدُسُ بينهُمَا لأمِّ أبي الأبِ ثُلُثُهُ وثُلُثَاهُ للأخرى بِقَرَابَتِهَا، واَخْتَلَفَ من وَرَّثَ القُربَي من الجُدَّاتِ واسقَطَ الجدَّةَ بِابنِهَا إذا خَلَّفَ الميِّتُ أُمَّ أُمَّ أُمٍّ وَأُمَّ أَبٍ فَقِيْلَ السُّدُسُ كُلُّهُ لأُمِّ أُمِّ الأُمّ، وقيلَ بل نِصفُهُ لأُمِّ أُمِّ الأُمِّ، والبَاقِي للأبِ، فَكَانَ الأبُ عَادَ بأُمِّهِ ثم أَسَقطَهَا.

.بَابُ الرَّدِّ:

المَشهُورُ عَن إِمَامِنَا أنَّهُ يردُّ سَهْمَ العَصَباتِ إذا عُدمُوا على ذَوِي الفروضِ بِقَدَرِ فَرُوضِهِم إلا الزّوجُ والزَّوجَةُ، وَنَقَلَ عنهُ ابنُ منصورٍ أنهُ لا يُوصِي من لا وارِثَ لَهُ بجميعِ مَالِهِ زِيدَ رَدّ ما بقِيَ إلى بيتِ المالِ لهُ عصبةٌ، وهذا من قَولِهِ يدُلُّ على أنَّ الفَاضِلَ عن ذَوِي الفُرُوضِ لا يُردُّ ويجعلُ في بيتِ المالِ لأنَّهُ قَالَ: بَيتُ المالِ لهُ عصبةٌ وجُملَةُ مَن يُردُّ عليه سَبعَةُ أحيازٍ الأمُّ والجدَّاتُ والبَنَاتُ وبَنَاتُ الابنِ والأخَوَاتُ من الأبوينِ والأخَوَاتُ من الأبِ وَوَلدُ الأمِّ ذكورُهُمْ وإناثُهمْ وفُرُوضُ الذَينَ يردُّ عَلَيهِمْ لا تَكُونُ ابَدَاً إلا من سِتَّةٍ، وأصُولُ مَسَائِلِهِمْ يَخرُجُ مِنْ أَربَعَةِ أُصُولٍ إذا لم يَكُنْ في المسألَةِ زوجٌ أو زوجَةٌ، فإِن كَانَ في المسَأَلةِ سُدُسٌ وَسُدُسٌ فَأَصلُهَا من اثنيِن، وإذا كان فيها سُدُسٌ وثُلُثٌ فأصلُهَا من ثلاثةٍ، وإذا كَانَ فيها نِصفٌ وسُدُسٌ فأصلُهَا من أربَعٍ، وإذا كَانَ فيها نِصفٌ وثُلُثٌ أو سُدُسٌ وثُلُثَانِ، أو نِصفٌ وَسُدُسَانِ، فَأَصْلُهَا من خَمسَةٍ، فإذا عَرَفتَ أصلَ مَسأَلَتِهِم فَاجعَل لكُلِّ فَرِيقٍ منهُم سِهَامَهُ مِنهَا، فَإِن انكَسَر عَلَيكَ فَاعمَل التصحِيحَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ في بابِهِ.
فَصْلٌ:
فَأمّا إذا كَانَ في المسأَلَةِ زَوجٌ أو زَوجَةٌ، فَإنَّكَ تُعطِيهِ سَهمَهُ من أقلِّ مَا يُمكِنُ، ثم يُقسَمُ البَاقِي بين المردُودِ عَلَيهِم على مَبلَغِ سِهَامِهِمْ، فَإنْ انقَسَمَ، صَحَّتِ المسأَلَةُ مِنْ أَصلِهَا، وإن لم يَنقَسِمْ ضَرَبتَ سِهَامَ المرَدُودِ عَلَيهِم في أَصلِ المسْألَةِ الَّتي أَخَذتَ مِنهَا فَرضَ الزَّوجِ أو الزَّوجَةِ، فَمَا بَلَغَ انتَقَلَت إليهِ المسأَلَةُ، فَمَا بَلَغَ فاجعَلهُ أَصلاً لمَسألَتِكَ، ثم اعْمَل في القِسمَةِ والتَّصحِيحِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَجَمِيعُ مَسَائِل أهلِ الرَّد مَعَ الزَّوجَينِ خمسٌ:
الأولَةُ: إذا كَانَ الزَّوجُ يَرثُ النِّصفَ لم يَكُنْ مَعَهُ رَدٌّ، إلا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ من يَرِثُ السُّدُسَ والسُّدُسَ فتَكُونَ الفرِيضَةُ من أربَعَةٍ.
وَالثَّانِيَةُ: إذا كَانَ الزَّوجُ يَرِثُ الرُّبعَ كان الباقِي بَعدَ فَرضِهِ مَقسُومَاً عَلَى نِصفٍ وسُدُسٍ وذَلِكَ أربَعَةٌ فتَكُونُ المسأَلَةُ من سِتَّةَ عَشَرَ.
وَالثَّالثَةُ: إذَا كَانَ ميرَاثُ الزوجةِ الرُّبعَ كَانَ مَا بعدَ فرضهَا مقسومَاً على اثنينِ سدسٌ وَسدسٌ فَتكونُ مِنْ ثمَانية وَقدْ يَكونُ مقسومَاً على أربعةٍ مِنْ ستةَ عَشَرَ.
وَالرابعةُ: إذَا كَان ميراثهَا الثمنُ كَانَ البَاقي مَقسومَاً على أربعةٍ فتكونُ اثنينِ وثلاثينَ.
وَالخَامسَةُ: قَدْ يكونُ مقسومَاً على خمسةٍ فتكونُ صحيحةً مِنْ أربعينَ فهذهِ جملةُ المسَائِلِ أربعةٌ، وَثمَانيةٌ، وَستةَ عَشَرَ واثنَانِ، وَثلاثونَ، وَأربعونَ وَفي البابِ طريقةٌ ثَانيةٌ وهوَ أنْ تصححَ مسألةَ الردِّ لوْ لم يكنْ معهمْ أحدُ الزوجينِ، فإنْ صحتْ منْ عددٍ زِدْتَ على ذلكَ العددِ لأجلِ الزوجِ أو الزوجةِ الكسرَ الذي قَبلَ فرضهِ، فإنْ كانَ نصفَاً زدتَ على العددِ مثلَهُ، وَإنْ كَانَ ربعَاً زِدتَ على العددِ مثلَ ثلثهِ، وَإنْ كَانَ ثمنَاً زدتَ على العددِ مثلَ سبعِهِ، فإنْ كَانَ مَا أضفتَهُ فيهِ كسرَاً ضَرَبتَ المسْألَةَ ومَا زِدْتَ عليهَا في مَخرجِ الكَسْرِ فمَا بَلَغَ فمنهُ تَصحُّ المسْألَةُ.

.بَابُ ميراثِ ذوي الأَرحَامِ:

مَذْهبُ إمَامنَا رَحمهُ اللهُ توريثُ ذويْ الأرحَامِ، وَقدْ تقدَّمَ ذكرهمْ بالتَّنْزيلِ إلا مَا يَتخرَّجُ عَلَى رِوايَةِ ابنِ منصورٍ وَقدْ تقدمتْ فِي بَابِ الرَّدِ، وَمعنى التنْزيلِ أنْ يجعلَ كلَّ شخصٍ بمنْزلةِ مَنْ بِهِ مِنَ الوَرَثةِ فيجعلَ وَلدَ البنَاتِ وَوَلدَ الأخوَاتِ بمنْزلةِ أمهَاتهنَّ، وَيجعلَ بنَاتِ الأخوَةِ وبنَاتِ الأعمَامِ وَولدَ الأخوَةِ منَ الأمِّ بمنْزِلَةِ آبائِهمْ وَيجعلَ الأَخوَالَ وَالخالاتِ وأبَا الأمِّ بمنْزلَةِ الأمِّ وَيجعلَ الأعمَامَ مِنَ الأمِّ وَالعمَاتِ بمنْزلَةِ أخيهمْ وَهوَ الأبُ أو العمُّ مِنَ الأبوينِ على اختلافِ الروايتينِ، وَيجعلَ الأجدادَ وَ‍الجداتِ بمنْزلَةِ أولادِهمْ ثمَّ يجعلَ نصيبَ ذلكَ الوَارثِ لهمْ، فإنْ أدلى جماعةٌ بوارثٍ وَاحدٍ واستوتْ منازلهمْ منهُ كانَ نَصيبهُ بَينهمْ السَّويَّةَ، فإِنْ كَانوا ذُكوراً وَإناثَاً جَعَلَ للذكرِ مِثل حظِّ الأنثيينِ في إحدى الروايتينِ، وَفي الأُخرَى يسويِّ بينَ الذكرِ وَالأنثَى وَعليهِ عَامَّةُ شُيوخِنَا.
وَقَالَ الخِرقيُّ: بالسَّويةِ إلا في الخَالِ وَالخَالَةِ خَاصَةً، فإِنَّهُ جَعَلَ للخَالِ الثُّلُثَينِ وَالخَالَةِ الثُّلثَ، فإنْ اختلفَ منَازِلهمْ مِنَ الوَارِثِ جَعَلَ الوارثَ كأنَّهُ وَرِثَ الميتَ ثمَّ ماتَ وَخلَّفَ الذينَ يدلونَ بِهِ فَيُقسمُ مالُهُ على ذلكَ، مثالُهُ أنْ يَخلِفَ الميِّتُ ثَلاثَ خَالاتٍ مُتفرقاتٍ وَثلاثَ عماتٍ متفرقاتٍ، فإنَّهُ يجعلُ للخَالَةِ الثُّلثَ بينهنَّ على خمسةٍ، كأنَّ الأمَّ ورثتِ الثُّلثَ، ثمَّ مَاتتْ، وَخَلَفَتْ ثلاثَ أخواتٍ متفرقاتٍ، ويجعلُ للعمَّاتِ الثُّلثَينِ بينهنَّ على خمسةٍ، كأنَّ الأبَ مَاتَ وَخلَّفَ ثلاثَ أخواتٍ متفرقاتٍ، فإنْ خلَّفَ خَالاً وَخَالَةً وأبَا أمٍّ فالمالُ لأبي الأمِّ كأنَّ الميتَ مَاتَ وَخَلَّف أمَّهُ ثمَّ مَاتتِ الأمُّ وَخَلَّفَتْ أبَاهَا وَأخَاهَا وَأختهَا، فإنْ اجتَمَعَ ذَوُوْ الأرحامِ، فكَانَ بعضهمْ أقربَ مِنْ بعضٍ، فإن أولاهمْ مَنْ قَرُبَ الوَارِثَ، وَإنْ بعدَ عنِ الميتِ إذا كَانَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ.
مِثَالُهُ: بنتُ ابنِ ابنِ ابنِ عمٍّ وبنتُ بنت عمٍ، المالُ لبنتِ ابنِ ابنِ ابنِ العمِّ، وإنْ كَانتْ أبعدَ مِنْ بنتِ عمٍّ، لأنَّ الأولةَ أقربُ إلى الوارثِ، وإنْ كَانَا مِنْ جِهتينِ، فإنَّا نُنْزلُ كلَّ وَاحدٍ منهمَا حَتَّى يَلحَقَ بالوارثِ الذي يمتُّ بِهِ ويقسِمَ المالَ بَيْنَ الوَارِثَينِ، فمَا أصَابَ كلَّ وَاحدٍ جعلهُ لمْن يمتُّ بِهِ وَلا يعتَبَرُ السبقُ إلى الوارثِ. وَالجهاتُ المختلفُ خمسٌ: الأُبُوَةُ، وَالأُمُومَةُ، وَالبُنوةُ، وَالأُخوةُ، وَالعُمُومَةُ، وَجَمعُ التنْزيِلِ يتفرعُ على هَذهِ الجهَاتِ، وَلا فَرقَ عندَ إمَامِنَا وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ المنْزِلينَ، بينَ أنْ يَكونَ البعيدُ إذَا نَزَلَ حتى يلحقَ بالوارثِ لاَ يسقِطُ القرِيبَ أوكَانَ لا يُسقطَهُ مِثل: بِنتِ بِنتِ بِنتٍ وبِنتِ أخٍ لأُمٍّ، فإن بِنتَ بِنتِ البِنتِ اذا نَزَلتْ درجتيِن صَارَتْ بِنتَانِ وأسقَطَتِ الأخرَى لأِنها بعدَ تنزِيلِ درجةٍ تصيرُ أخَاً لأمٍّ والبنتُ تُسقِطُ ولدَ الأمِّ، وكذلك بِنتُ بِنتِ عمٍّ وبِنتُ بِنْتِ بِنْتِ أخ لأبٍ المالُ لبِنْتِ بِنْتِ الأخِ، فَإن كَانَ من ذوِي الأرحَامِ من يمُتُّ بقرابتينِ ورثَ بهمَا، ويجعلُ بمنزلةِ شخصَينِ يمُتُّ كُلُّ واحِدٍ مِنهُمَا بأحَدِ القرابتينِ واعلَم أن أُخوَةَ الميِّتِ وأخواتهُ لأبوَيهِ نِسبَتُهُمْ كَنَسَبهٍ فكُلُّ مَن انتَسَبَ إليهِم فَنِسبَتُهُ إلى الميِّتِ كنِسبتِهِ إليهِم، فَأَمَّا أخوَتُهُ وأخَوَاتُهُ مِن قِبَل أمِّه فَمَن انتَسَبَ إليهِم بقرَابةِ الأمِّ فَهُو أجنبيٌّ من الميِّتِ، وكَذلِكَ أخوتُهُ وأخواتهُ من أمِّهِ من انتَسَبَ إليهم بقرابةِ الأبِ فهُوَ أجنبيٌّ من الميِّتِ، وكذلِكَ حُكمُ من انتَسَبَ إلى أعمامِهِ وعماتِهِ وأخوالِهِ وخالاتِهِ لأن العمُومَةَ أخوةٌ والخوالَةَ أخوةُ الأمِّ فَخَالُ الأبَوَينِ في ذلك كَحَالِ الميِّتِ في أخوتِهِ وأخواتِهِ، وإذا اتَّفقَ الزَّوجُ أو الزَّوجَةُ مع ذوِي الأرحامِ أعطيَ فرضَهُ غيرَ محجُوبٍ ولا معَاوَلُ وقُسِمَ الباقِي بين ذوِي الأرحَامِ عَلَى قدرِ موارِيثِهِمْ إذا انفَرَدُوا كَمَا فَعَلنا في الرَّدِّ ولا يدخُلُ العَولُ في مَسَائلِ ذوِي الأرحَامٍ إلا في أصلٍ وهو السِّتَّةُ، فإنَّهُ يعُولُ إلى سبعةٍ ولا يعُولُ إلى أكثرِ من ذلك. ومثالُهً: خَالَةٌ وبنتُ أخٍ لأمٍّ وثلاثُ بَنَاتٍ ثلاثُ أخواتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ للخَالَةِ السُّدُسُ ولبِنتِي الأخَ والأختِ من الأمِّ الثُّلُثُ ولبنتِ الأُختِ مِن الأبوَينِ النِّصفُ ولبنتِ الأختِ من الأبِ السُّدُسُ أصلُهَا من سِتَّةٍ تعُولُ إلى سَبْعَةٍ.

.بَابٌ في الملاعِنِينَ وَوَلدُ المُلاَعَنَةِ:

لا يختلفُ المذهبُ أنَّ الفرقَةَ إذا وقَعَتْ بين المُتَلاعِنينِ في حَالِ الصَّحَّةِ، ثم مَاتَ أحدُهُمَا لم يَرِثهُ الآخرُ، فإن قذفَهَا ولاعَنَهَا في المرضِ ورثتهُ، فإن قَذَفَهَا في الصحَّةِ ولاعَنَهَا في مَرَضِ موتِهِ فهل ترثُهُ أم لا؟ عَلَى روايتينِ أصحُّهُمَا لاَ ترِثُهُ، فإن أكذَبَ نفسَهُ وَجَبَ عليهِ الحدُّ، وإذا مَاتَ لاَ ترثُهُ، فإن نَفَى فِي لعانِهِ ولدَاً وضَعَتهُ انقَطَعَ نسبُهُ عنهُ ولم يَتَوَارَثَا، وإن أكذَبَ نَفسَهُ واستلحَقَهُ فَقَالَ أبو بكرٍ: قِياسُ المذهَبِ أنَّهُ يلحَقُهُ ويَتَوارَثَا. وإن أقَامَ عَلَى نفيِهِ انقَطَعَ تعصِيبُهُ من جهةِ الأبِ كَوَلَدِ الزِّنَا، وَكَانت عَصبتُهُ أمَّهُ وعَصَبَاتُهَا من بَعدهَا فِي إحدَى الروايتينِ، وفي الأُخرَى عصبتُهُ عصبَةُ أمِّةِ فِي حَالِ حَيَاةِ الأُمِّ وبعدَ وفَاتِهَا، فإذا خَلَّفَ ولَدُ الملاعنةِ أمَّاً وخَاَلاً فالمَالُ لأمِّهِ فالفرضُ والتعصِيبُ عَلَى الرِّوايةِ الأُوْلَةِ وَعَلَى الأُخرى لأمِّهِ الثُّلُثُ والبَاقِي لخالِهِ، فإن مَاتَ ابنُ ابنِ ملاعِنةٍ وتركَ أمَّهُ وأُمَّ أبِيهِ وهي الملاعنةُ فَعَلَى الروايةِ الأوْلةِ لأمِّهِ الثُّلُثُ والباقي لأمَّ أبِيهِ، لأنَّها عصبةُ أبِيهِ ويعايابِهَا فَيُقَالُ جدَّهٌ وَرَثَتْ مَعَ أُمٍّ وَرَثَتْ ضِعْفَي مَا ترثُ الأمُّ، وَعَلَى الرِّوايةِ الثَّانيةِ المالُ لأمِّهِ بالفرضِ والرَّدِّ عَلَى الروايتينِ مَعَاً، ولا تكُونُ الملاعِنَةُ عَصَبَةً لِولدِ بِنْتِهَا لأن نَسَبهُ ثابتٌ من أبِيهِ وحَالَهُ من ذوِي الأرحَامِ، وحُكمُ ولَدِ الزَّنَا حُكمُ ولَدِ الملاَعَنَةِ في جمِيعِ مَا ذَكَرنَا.

.بَابُ مِيراثِ المجُوسِ:

الثَّابتُ عِندَ إمَامِنَا رحمه الله تَوْرِيْثُ المجُوسِ بِقَرَابتينِ، إلا ما نَقَلَ عَنهُ حَنْبَلُ أنَّهُ وَرَّثهُم بأثبَتِ القرابتينِ، وأنكرهُ صَاحِبُنَا أبو بكرٍ، وقال حَنبَلُ لم يُحْكَ عن إِمَامِنَا أحمد رحمهُ اللهُ لفَظَاً وَمَعنَىً أًثبَتَ القرابتيِن أن يكونَ أحَدُ القرابتينِ يورَّثُ بها مَعَهُمَا يُسْقِطُ الأُخرَى من المِيراثِ، ولا يخلفُ مَذهَبهُ أنَّهُ لا يورَّثُ بِنِكَاحِ ذواتِ المحارِمِ وَلاَ يُتَصَوَّرُ المِيرَاثُ بقرابتينِ في حَقِّ غيرِ أمِّهِ إلا في مِلةٍ واحِدةٍ، فاعرِفْ ذَلِكَ وُجُملةُ المسَائِلِ التي يُورَّثُ فِيهَا المجوسُ بقرابتينِ عَشْرَةٌ:
الأُولةُ: مجُوسيٌ تزوَّجَ بِنتَهُ فَأَولَدَهَا بِنتَاً ثم مَاتَ، وخَلَّفَ عَمَّاً فَلابنتِهِ الثُّلُثَانِ والباقِي لعمِّهِ، فإن مَاتَتِ الكُبرَى بَعدَهُ فالمالُ للصُّغرَى نصفُهُ بكُونِهَا بِنتَاً والبَاقِي بكونِهَا أُختَاً مِن أبٍ.
وَالثَّانِيَةُ: أن تَمُوتَ الصُّغرَى قَبلَ الكُبرَى، فَتَأَخُذَ الكبرَى الثُّلثَ بِكَونِهَا أمَّاً، والنِّصفَ بِكونهَا أختاً، وَالباقي للعمِّ الأبِ.
وَالثَّالثَةُ: إذا تزوَّجَ بنتهُ فأولدهَا بنتينِ، فمَاتَتْ إحدى هاتينِ البنتينِ بعدَ فقدْ خَلَّفَتْ أمَّاً هيَ أختٌ لأبٍ، فلهَا السُّدسُ بِكونهَا أمَّاً وَالسُّدسُ بِكونهَا أختاً لأبٍ، ولأختهَا لأبويهَا النِّصفُ، وَالباقي لعمِّ الأبِّ، وقدْ حجبتْ الأمُّ نفسهَا بنفسهَا.
وَالرَّابعَةُ: تزوَّجَ أمَّهُ فأولدهَا بنتاً ثمَّ مَاتَ، وخلَّف أخَاً فلأمِّهِ السدسُ ولابنهِ النِّصفُ ولأخيهِ البَاقي، وَلا تَرثُ الأمُّ بِالزوجيةِ، إلا البنتُ بِكونهَا أختاً لأمٍّ، فَإنْ مَاتتْ أمُّ المجوسيِّ بعدهُ فقدْ خلَّفَتْ بنتهَا وهيَ بنتُ ابنهَا، فَلهَا الثُّلُثَانِ بِقرابتهَا وَالبَاقي للعَصَبَةِ.
وَالخامسةُ: تزوَّجَ بنتهُ فأولدهَا بنتاً ثمَّ تزوَّجَ بالبنتِ الثانيةِ فأولدهَا بنتَاً، ثمَّ مَاتَ عماً وَمنْ خلَّفَ فلبنَاتهِ الثُّلُثَانِ، وَالبَاقي للعمِّ، وَتَصحُّ مِنْ تِسعةٍ، فإنْ مَاتتْ بَعْدَهُ بنتُهُ الوُسطى، فقدْ خلَّفت الكبرَى وهيَ أمهَا وأختهَا لأبيهَا وَالصُغرَى وَهيَ بنتهَا وأختهَا لأبيهَا، فلأمهَا السُّدسُ ولبنتهَا النِّصفُ، وَالبَاقي لهمَا بالتعصيبِ فَيكونُ للأمِّ الثُّلُثُ وللبنتِ الثُّلُثَانِ.
وَالسَّادسةُ: فإنْ مَاتتْ بعدهَا الصُّغرَى فقدْ خلَّفتْ جدتهَا أمَّ أمِّهَا وهيَ أختُهَا لأبيهَا فَلهَا الثُّلُثَانِ وَالبَاقي للعَصَبَةِ.
وَالسَّابعةُ: لَو مَاتَ بعدَ المجوسيِّ بنتهُ الكُبرَى. كَانَ للوسطى وَهيَ بِنتهَا النِّصفُ وّالبَاقي بينهَا وبَيْنَ الصُّغرَى نصفينِ بكونهمَا أختينِ وتصحُّ منْ أربعةٍ للوسطَى ثلاثةُ أسهمٍ وللصُّغرى سهمٌ ويعايا بهَا فَيُقَالُ بنتُ بنتٍ وَرَثَتْ.
وَالثَّامِنَةُ: لَو مَاتَتْ بعدَ المجوسيِّ بنتهُ الصغرَى كَانَ للوسطَى بِكونهَا أمَّهَا السُّدسَ وَلهَا وَللكبرَى بكونهمَا أختينِ الثُّلُثَانِ، وَالبَاقي للعمِّ فيصيرُ للوُسطَى نِصفُ المالِ وَللكبرَى ثُلثُ المالِ، وَقدْ حجبتِ الأمُّ نفسهَا وسقطتِ الكبرَى بِكونهَا جدةً والجدةُ لا ترثُ مَعَ الأمِّ وَيعايا بهَا فيقالُ: جدةٌ قدْ حجبتْ أمهَا وَوَرثتْ معهَا.
وَالتاسعةُ: مجوسيٌّ تزوجَ بنتَ بنتٍ وهيَ بنتهُ فأولدهَا ابنَاً، ثُمَّ تزوجَ هَذَا الابنُ أمَّ أمِّهِ فأولَدهَا وَلَدٌ، ثُمَّ مَاتَ المجوسيُّ وابنُهُ وَبنتُهُ الكُبرَى، ثُمَّ مَاتَ المولودُ وَهُوَ ولدُ الابنِ بعدَ ذَلِكَ فقدْ خلَّفَ جدتهُ أمَّ أبيهِ وهيَ أختهُ مِنْ أمِّهِ فَلهَا الثُّلُثَانِ بِالقرابتينِ وَالبَاقي للعَصَبَةِ.
وَالعَاشرَةُ: وهيَ المسألةُ التي يرثُ الذكورُ بِقرابتينِ، وَهيَ أنْ يتزوجَ المجوسيُّ بأمرأةِ أبيهِ فتولِدُ لَهُ ابنَاً ولأبيهِ مِنهَا ولدٌ فَيكونَ هَذَا الابنُ أخاً للولدِ لأمهِ وَهُوَ عمهُ أيضاً لأبيهِ ولَهُ عمٌ آخرُ لأبيهِ، فإذا ماتَ الولدُ وَرثَ هَذَا الابنُ السدسَ بكونهِ أخٌ لأمٍّ والبَاقي بينهُ وبَيْنَ العمِّ الآخرِ نصفَانِ وتصحُّ منِ اثنَى عَشَرَ لهذا الابنِ سبعةٌ وللآخرِ خمسةٌ.

.بَابُ مَواريثِ أهلِ المللِ:

لا يَرثُ المسلِمُ كَافراً وَلا الكَافرُ مُسلمَاً، فأمَّا المرتدُّ فَلا يَرثُ المسلمَ بحالٍ وأمَّا الذي يصنعُ بمالِ المرتدِّ إذا هلكَ على ثلاثِ رِواياتٍ:
أحدهَا: يَكونُ في بيتِ المالِ.
وَالثَّانيةِ: يَكونُ لورثتهِ منَ المسلمينَ.
وَالثَّالِثَةِ: يَكونُ لأقاربهِ مِنْ أهلِ دينهِ الذي اختارهُ. وَلا يرثُ ذمِّيٌّ حَربياً وَلا حربيٌّ ذِمِّيَاً، وَهلْ يَرثُ أهلُ الذِّمَّةِ بعضهمْ بَعضَاً؟ فعنهُ أنهمْ يَتوارثونَ وإنْ اختَلَفَتْ أَديانهُمْ، وعنهُ أنَّ الكفرَ ثلاثُ مللٍ، اليَهودُ ملَّةٌ، والنَّصرانيةُ ملَّةٌ، والمجوسُ والصابئونَ ملةٌ، فَلا يرثُ أهلُ ملةٍ أهلَ ملَّةٍ أخرَى، فأمَّا إذا كَانَ الذِّمِّيُّ قريبَ مُسلمٍ فَمَاتَ المسلمُ، ثُمَّ أسلَمَ الذميُّ قبلَ قسمةِ تَرِكَتِهِ فَهَلَ يَرِثهُ أمْ لا؟ على رِوَايَتَينِ:
أَحَدِهمَا: يَرِثهُ وَهيَ اختيَارُ الخِرَقِيِّ.
وَالأُخْرَى: لا يَرِثُهُ، فَأمَّا إِنْ كَانَ عَبْدَاً فَأَعتَقَ بعدَ مَوتِ مَورثهِ وَقبلَ قسمةِ تركتهِ فلا يَرثُهُ رِوايةٌ وَاحدةٌ.

.بَابُ مِيرَاثِ الخُنَاثَى:

اعلَمْ أنَّ الخُنْثَى: هُوَ الذي لَهُ ذَكَرٌ كَذَكَرِ الرَّجُلِ، وَفَرْجٌ كَفَرْجِ المرأَةِ وَلا يَخْلوا أنْ يَشْكُلَ عَلَينَا أمرَه، وَهُوَ أنْ يَبُولَ مِنْ الذَّكَرِ فَيُعْلَمَ أنَّه رَجُلٌ، أو يَبُولَ من الفرجِ فَيُعْلَمَ أنَّهُ أنْثَى، أو يَبُولَ مِنهمَا، لَكنَّهُ سَبقَ البولُ مِنْ أحَدِهمَا فيقدَّمَ حُكْمُهُ، أو يخرجَ منهمَا مَعاً في حَالٍ وَاحدَةٍ، فَيكونَ الحكمُ الأكثَرُ، أو يَحِيضَ أو يحَبَلَ، فيكُونَ امرأةً أو يمُنيَ مِن ذكرِهِ، أو تنبُتَ لَهُ لحية فهو رجُلٌ، فإن عَدِمَ جمِيعَ مَا ذَكَرنَا فهُو مُشكِلٌ ولهُ حَالَتاَنِ:
حَالَةٌ فِيهَا انكِشافُ حالِهِ، وهُوَ أن يَكُونَ صغِيرَاً فيرُجَى أن ينكَشِفَ أمرُهُ عِندَ بلوغِهِ، فَهَذَا يُعطِيَ اليقِينَ هو وَمَن مَعَهُ مِنَ الوَرَثةِ، ويُوقَفُ البَاقِي إلى حِينِ الانكِشَافِ والإياسِ، فإن كَانَ ممن يرثُ في حَالٍ دُونَ حالٍ لم يَدفَع إِلَيه من التَّرِكَةِ شَيئَاً، وَطَرِيقُ العَمَلِ في المَسأَلَتَينِ عَلَى أنهُ ذَكَرٌ ثمَّ على أنَّهُ أنثى ثمَّ تَضرِب إحدَى المسأَلتَينِ في الأخرَى إن تَبَايَنَتْ أو تُعْطيَ كُلَّ وَاحِدٍ أقَلَّ النِّصفَينِ، فإن اتَّفَقَا ضَرَبتَ وَفقَ إحْدِهِمَا في الآخر، وإنْ تمَاثَلَتَا أجزَى أحدهُما عن الآخر، وإن تَنَاسَبَتَا اجْتَزَئْتَ بأكثرِهِمَا أجزَى أحدهُمَا عن الآخر ثم دَفَعْتَ في جميعِ ذَلِكَ اليقِينَ وَوَقَفْتَ الباَقِي. والحَالَةُ الأُخرَى يُيْأسُ فيها مِن انكِشافِ حاله، وهو أن يَمُوتَ على إشكالِهِ أو لاَ تَظهَرَ عَلَيهِ أَمَارَةٌ، فيحُكَمَ عَلَيهِ بنِصفِ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، ونِصفِ ميرَاث أُنثَى، إن كَانَ من وِلدِ الميِّتِ، أو من ولدِ أبِيهِ أو ابنهِ الذِينَ يُورَّثُونَ مع الذُّكورَّيةِ وألأنثَويَّةِ، فَأمَّا إن كَانَ مِن ولد أخِي المَيِّتِ، أو وُلدِ جدِّهِ الذِين يَرثُ ذكورُهمْ دُونَ إناثِهِم، فإنهُ يُعطى نِصفَ ميراثٍ خاصَّةً، فإن كَانَ في موضِع يرثُ إن كان أنثَى ولاَ يرِثُ إن كَانَ ذكَرَاً فلَهُ نِصفُ مِيرِاثِ أُنثَى.
مثالُهُ: زوجٌ وأُختٌ لأبَوينِ وولدُ أبٍ خُنثَى، للِزوجِ النِّصْفُ، وللأُختِ للأبَوَينِ النِّصفُ، وَوَلد الأَبِ إن جَعَلنَاهُ ذكَرَاً سَقَطَ، وإن جَعَلنَاهُ أنثَى فَلَهُ السُّدُسُ عائِلاًَ فَنُعِطِيهِ نِصِّف سُدُسٍ عَائِلاً فَتَصيرُ المَسألَةُ من سِتَّةٍ ونِصفٍ فَتَضربُ في مخرجِ النِّصفِ فتصِيرُ ثلاثةَ عَشَرَ، للزَّوجِ سَّتةٌ، وكَذَلِكَ للأختِ، وللخُنثَى سَهمٌ وعقدُ البَاقِي في الخُنثَى الذي يَرِثُ مع الذكورية والأنوثية أن تصحح المسألة على أن الخنثى ذكرٌ ثُمَّ على أنه أُنثى ثُمَّ تضرب إحدى المسألتين في الأخرى إن تباينتا أو في وفقها إن اتَّفقَتا فما اجتَمَعَ ضَربْتهُ في الحالَينِ فما بَلَغَ فمِنْهُ تَصِحُ المسْألةُ، ثمَّ كلُّ مَنْ لهُ شَيءٌ مِنْ مَسألةِ الذُّكوريَّةِ مَضرُوبٌ في مَسألَةِ الأُنُوثِيَّةِ، أو في وفْقِها ومَنْ لهُ شَيءٌ مِنْ مَسألةِ الأنُوثيَّةِ مَضروبٌ في مَسألَةِ الذُّكوريَّةِ أو في وفْقِها، فمَا اجتَمَعَ لهُ فَهوَ حَقُّهُ، فإنْ كانَتِ المسْألتَانِ مُتماثِلتَينِ ضُرِبَتْ أحْدَاهُما في الحَالَينِ، فَمَا بَلَغَ فمِنهُ تَصِحُ المسألةُ ثمَّ تَجمَعُ لكُلِ واحِدٍ مَا نَصيبُهُ في الحَالينِ فَتدفَعُهُ إليهِ، فإنْ كانَتْ إحْدَى المسْألتين تناسِبُ الأُخرَى اجتُزِئَتْ بأعْلى العَدَدينِ وَضَربَتْهُ في الحَالينِ، فَمَا بَلَغَ فمِنْهُ تَصِحُ المسْألةُ ثمّ كلُّ مَنْ لهُ شَيءٌ مِنْ أدْنى العَدَدينِ مَضْروبٌ في مَخْرَجِ نِسبةِ أقلِّ الفَريضَتينِ إلى أكثرِهِما، فما بَلَغَ أَضفْتَهُ إلى نصِيبِهِ مِنْ أعلَى العَدَدَينِ مِنْ غَيرِ ضَرْبٍ في الحَالينِ وهكَذا العَملُ في الخُنثَيينِ والثلاثةِ. والأَكثرُ يَنْزِلونَ حَالينِ فيُجعَلونَ تارةً ذُكورَاً وتارَةَ إناثَاً، ثمَّ يُجعَلُ لكُلِ واحِدٍ مِنهُم نِصْفُ مَالِهِ في الحَالينِ.

.بابُ ميِرَاثِ الغَرقَى:

إذا ماتَ جماعةٌ بِغَرَقٍ أو تَحتَ هَدمٍ، وهمْ مِمَّنْ يَرِثُ بَعضُهمْ بَعضاً. عُلِمَ السَّابِقُ مِنهمْ عُمِلَ على ذلكَ، وَوَرِثَ الثَّاني مِنَ الأولِ ولَمْ يُورَّثِ الأولُ مِنَ الثَّاني، وإنْ عُلِمَ خُروجُ رُوحَيهِما مَعاً لَمْ يَرثْ أَحدُهُما صاحِبَهُ، وإنْ كانَ مِيراثُ كلَّ واحِدٍ لِوَرثَتِهِ الأَحْياءِ دونَ الميَّتِ مَعهُ، فإنْ لَمْ يُعلَمْ أيُّهُما ماتَ أَولاً وأدَّعى وَرَثَةُ كُلُّ مَيِّتٍ مِنْهُمْ أنَّ صاحِبَهمْ كانَ حيَّاً بعدَ صاحِبِهِ وأقَامُوا البَيِّنَةَ، أو ماتَ أحدُهُما قَبلَ الآخرِ ثمَّ أَشْكَلَ السَّابقُ، فإنهُ يُوَرَّثُ بَعضهُمْ مِنْ بَعضٍ مِنْ تِلادِ أموَالهِمْ دونَ ما وَرِثَهُ ميَّتٌ عن ميِّتٍ، ومَعنى ذلكَ أنْ يَبْدأ بأحدِ الأمْواتِ، فَيُقسَمَ مالُهُ بينَ وَرَثةِ الأحياءِ، ومَنْ ماتَ في تلكَ الحَالِ، ثمَّ يُنظَرَ ما وَرِثَ كلُّ ميِّتٍ مِنْ هذا الميِّتِ الذِي قَسَّمْتَ مالَهُ فَيُقَسَّمُهُ بينَ وَرَثِةِ الأحياءِ دونَ الأمواتِ أو لا تَحْجِبَ بِهِمْ في هَذا الحَالِ، لأنَّكَ لا تُورِثُهُمْ، ثمَّ لمِيِّتٍ آخرَ وتَجعَلَ الباقينَ كأنَّهمْ أحياءُ وتَفعلَ في مالِهِ كما فَعلتَ في مالِ الآخرِ. مِثالُ ذلكَ أخَوانِ غَرِقا، فلَمْ يُعلَمْ مَنْ ماتَ مِنهُما أوَلاً، وخَلَّفَ الأكبَرُ مِنهُما بِنْتاً، وخَلَّفَ الأصغرُ بِنتَينِ، ولَهُما أُمٌّ وعَمٌّ، وَتَرِكَةُ الأكبَرِ دارٌ، وتَرِكَةُ الأصغَرِ دكّانٌ، فنقُولُ كأنَّ الأكْبَرَ ماتَ أولاً فمسْألتُهُ مِنْ ستَّةٍ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ وَلبِنْتَيهِ النِّصفُ، والباقِي وهُو سَهْمانِ لأخِيهِ الأصغَرِ بينَ وَرَثَتِهِ وهُمْ: أُمُّهُ وبنَاتُهُ وعَمُّهُ على ستَّةٍ فلا تَصِحُّ وتُوافِقُ مسألتُهُ بالإنصافِ فَتَرجعُ إلى ثلاثَةٍ فَتَضَرِبهُا في ستَّةٍ تكُنُ ثمانيةَ عَشَرَ لأمِّهِ السُّدُسُ ثلاثةٌ، ولابنَتِهِ النِصفُ تِسعةٌ، ولأخِيهِ سِتَّةُ أسهمٍ لأُمِّهِ سُدُسُها ولِبِنتِهِ أربعةُ أسْهمٍ ولعَمّهِ سَهمٌ، ثمَّ تَجعلُ كأنَّ الأصغرَ ماتَ أولاً، فمسألتُهُ مِنْ ستَّةٍ لأمِّهِ سَهمٌ ولابنَتَيهِ أربَعةٌ ولأَخيهِ الأكبرِ ما بَقيَ، وهُو سَهمٌ بينَ ورَثتِهِ على ستَّةٍ لا تَصِحُ فَتَضرِبُ ستةً في ستةٍ تَكنْ ستةً وثلاثينَ ومِنْها تَصِحُ لأمِّهِ سِتةُ أسهُمٍ ولِبنتِهِ أربعةٌ وعِشرونَ سَهْماً ولأختهِ ستةُ أسهمٍ لأُمِّهِ مِنْ ذلكَ سهمٌ ولبنتهِ ثلاثةُ أسْهُمٍ ولِعمِّهِ سَهمانِ فتَجعَلُ للأُمِّ مِنْ مَالِ الأكْبَرِ أربَعةَ أسهُمٍ ثَلاثةً ورِثَتها مِنْ صُلْبِ مالِهِ وسَهمٌ ورِثَتهُ عْنِ الأصغَرِ تُسْعا الدَّارِ ولبِنتِهِ نِصفُ الدَّارِ ولبِنتَي أخيهِ تُسعَا الدَّارِ أيضاً ولعَمِّهِ نِصفُ تُسعِها، وللأُمِّ أيضاً مِنْ مالِ الأصغرِ سَبعةُ أسهُمٍ وهيَ تُسْعُ الدُكانِ وَرُبْعُ ثُلُثِهِ ولابنَتِهِ أيضاً، ولعمّهِ نِصفُ تُسعِهِ، ويتخرَّجُ أنْ لا يُورَّثُ بعضُهُمْ مِنْ بَعضٍ ويكونُ مالُ كل واحدٍ مِنهُمْ لورثَتِهِ الأحياءِ على ما ذَكَرَهُ الخِرَقيّ إذا ماتَتِ امرأةٌ فاختَلفَ الزَّوجُ وأخُو المرْأةِ فقَالَ الزَّوجُ: ماتَتْ قبلَ ابنِها فَوَرثِنَاهَا ثمَّ ماتَ ابْنِي فورِثْتُهُ، وقالَ أخُوهَا: ماتَ ابْنُها فورِثْتُهُ، ثمَّ ماتَتْ فورِثنَاها ولا بَيِّنةَ، فإنَّهُ يَحلِفُ كلُّ واحدٍ لإبطالِ دَعْوى صاحبِهِ ويكونُ مِيراثُ الابنِ لأبيهِ و مِيراثُ المرأةِ لأَخِيها وزَوجِها نِصفَينِ، وهذهِ مثلُ مَسألةِ الغَرْقى سَواءٌ.
فَصلٌ:
فإنْ اتفَقَ معَكَ في مسألةِ مُناسَخةِ غَرقى فَتُصحِّحُ مسألةَ الميتِ الأولِ واجْعَلها أصْلَ مسألتِكَ ثمَّ تُصحِّحُ مسألةَ كلِّ غَريقٍ على ما بيَّنَا، واجعَلْ مسألةَ كُلِّ غَريقٍ كأعدَادٍ تَكرَّرَتْ عَليهِمْ سِهامُهُمْ مِنْ أصلِ مسألةِ الميِّتِ الأولِ ووافَقَ بينَ سِهامِ كُلِّ غَريقٍ مِنْ أصلِ المسألةِ وبينَ مَا صَحَّتْ مِنهُ مسألتُهُ ووافَقَ بينَ المسَائِلِ بَعضِهَا لبَعضٍ كما بيَّنا في تَصحيحِ مَسائِلِ الصُّلبِ على الأعدَاد، واضْرِبْ المسائِلَ بَعضَها في بَعضٍ إنْ لمَّ يتَّفقْ أو وفقَ بَعضِها في بَعضٍ إنِ اتَّفقَتْ ثمَّ ما اجتَمَعَ في مسألةِ الميِّتِ الأولِ فمَا ارْتَفعَ فَمنْهُ تصِحُّ المسائِلُ كُلَّها.
مِثالُهُ: رجلٌ ماتَ وخلَّفَ بِنْتاً وأخَويْنِ فَلمْ يَقسِمِ المالَ حتى غَرقَ الأخَوانِ ولمْ يُعلَمْ أيُّهُما ماتَ أولاً وخلَّفَ أحَدُهُما امرأةً وبنْتَاً وعمَّاً، وخلَّفَ الآخرُ ابْنَينِ وبِنتَينِ، مسألةُ الأولِ مِنْ أربَعَةٍ ماتَ أحَدُ الأخوينِ وخلَّفَ ابنَينِ وبنتَينِ، ومسألةٌ مِنْ ستَّةٍ وقدْ ماتَ عَنْ سَهْمٍ فلا تَنقَسِمُ على مسألتِهِ، وخلَّفَ الآخرُ امرأةً وبنْتاً ومسألتُهُ مِنْ ثَمانِيةٍ لزَوجَتِهِ سَهْمٌ ولابْنَتِهِ أربَعةٌ ويَبْقى ثلاثَةُ أسْهُمٍ، للأخِ الغَريقِ بينَ ابْنَيهِ وابْنَتَيهِ على ستَّةٍ فلا تَنْقَسِمُ وتُوافِقُ بالأثْلاثِ فاضْرِبْ ثُلُثَ الستَّةِ في ثَمانِيةٍ تَكنْ ستَّةَ عَشرَ، فَمسألةُ الأخِ الذي لهُ امرأةٌ تَصِحُّ مِنْ ستَّةَ عَشرَ وهِي تُوافِقُ مَسألةَ الآخرِ بالإنصَافِ فاضْربِ نِصفَ إحْدى المسألتَينِ في الأخْرى تَكنْ ثَمانِيةً وأربَعينَ ثمَّ في مَسالةِ الميِّتِ الأولِ وهِي أربعةٌ تَكُنْ مِئةً واثْنينِ وتِسعينَ، فلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، ستَّةٌ وتِسعونَ ولِولَدِ الأخِ نِصفُ ما بَقيَ وهُو ثَمانِيةٌ وأربَعونَ، وللأخِ الذي لهُ امرَأةٌ ثَمانيةٌ وأربَعونَ أيضاً لامرَأتِهِ ثُمُنُها ستَّةٌ ولابْنَتِهِ أرْبَعَةٌ وعِشرونَ، ولأخِيهِ الغَريقِ ثَمانِيةَ عَشرَ يَكونُ ذلكَ بينَ ابْنَيهِ وابنَتَيهِ، فيَجتَمعُ لابنَي وابنَتَي الأخِ ستَّةٌ وسِتُّونَ سَهْماً.