فصل: باب الحرابة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.باب السرقة:

تُقْطَعُ الْيُمْنَى، وتُحْسَمُ بِالنَّارِ، إِلا لِشَلَلٍ، أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الأَصَابِعِ، فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، ومُحِيَ لِيَدِهِ الْيُسْرَى.
الشرح:
قوله: (وَمُحِيَ لِيَدِهِ الْيُسْرَى) أي: ومحي الانتقال إِلَى رجله اليسرى لأجل اختيار قطع اليد اليسرى، ولا يحتمل غير هذا.
قال فِي "المدونة": فإن سرق ولا يمين له، أَو له يمين شلاء قطعت رجله اليسرى قاله مالك.
قال ابن القاسم: ثُمَّ عرضتها عَلَيْهِ فقال: امحها.
وقال: تقطع يده اليسرى، يريد بمن لا يمين له من فقدها بقصاص أَو سماوي لا سرقة تقدّمت، قال اللخمي: والانتقال لليد اليسرى أبين؛ لأن القرآن العظيم ورد بالأيدي؛ ولأنّه القياس؛ لأن اليد هِيَ الجانية، فكان عقوبتها قطعها.
ولا تقطع الرجل إِلا فِي الموضع الذي وردت بِهِ السنة وهُوَ: أن تكون اليمنى قطعت فِي سرقة؛ ولأنّه لَو كَانَ أعسر لقطعت اليسرى مَعَ وجود اليمنى؛ لأنها التي سرقت.

متن الخليل:
ثُمَّ يَدُهُ، ثُمَّ رِجْلُهُ، ثُمَّ عُزِّرَ وحُبِسَ، وإِنْ تَعَمَّدَ إِمَامٌ، أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلاً، فَالْقَوْدُ، والْحَدُّ بَاقٍ، وخَطَأً أَجْزَأَ، فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، بِسَرِقَةِ طِفْلٍ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ، أَوْ مَا يُسَاوِيهَا بِالْبَلَدِ شَرْعاً، وإِنْ كَمَاءٍ أَوْ جَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ.
الشرح:
قوله: (ثُمَّ يَدُهُ، ثُمَّ رِجْلُهُ) أفرط فِي الاختصار، فإنّه لَمْ يذكر قطع الرجل اليسرى من السالم الأعضاء إِذَا سرق فِي المرة الثانية؛ وكأنّه لما كَانَ قطع الرجل اليسرى من معتل اليد اليمنى مقيساً عَلَيْهِ، قطع بذلك.

متن الخليل:
أَوْ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، إِنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَاباً، أَوْ ظُنَّا فُلُوساً، أَوِ الثَّوْبَ فَارِغاً، أَوْ شَرِكَةِ صَبِيٍّ، لا أَبٍ، ولا طَائِرٍ لإِجَابَتِهِ، ولا إِنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ، أَوِ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ، إِنِ اسْتَقَلَّ كُلٌّ، ولَمْ يَنُبْهُ نِصَابٌ مِلْكِ غَيْرٍ، ولَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، أَوْ أُخِذَ لَيْلاً وادَّعَى الإِرْسَالَ، وصُدِّقَ إِنْ أَشْبَهَ، لا مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ ومُسْتَأْجِرٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ) معطوف عَلَى (لِتَعْلِيمِهِ)، ولا يصحّ المعنى إِلا بذلك، والضمير يعود عَلَى جارح وهو باب الاستخدام، وأما قوله أَو جلد ميتة فهو معطوف عَلَى جارح نفسه، فاعلمه.

متن الخليل:
كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، مُحْتَرَمٍ، لا خَمْرٍ، وطُنْبُورٍ، إِلا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ. كَسْرِهِ نِصَاباً، ولا كَلْبٍ مُطْلَقاً، أَوْ أُضْحِيَةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا، بِخِلافِ لَحْمِهَا مِنْ فَقِيرٍ، تَامِّ الْمِلْكِ، لا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ والْغَنِيمَةِ أَوْ مَالِ شَرِكَةٍ، إِنْ حُجِبَ عَنْهُ، وسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَاباً لا جَدٍّ ولَوْ لأُمٍّ، ولا مِنْ جَاحِدٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ لَحَقِّهِ، مخُرْجَ ٍمِنْ حِرْزٍ، بِأَنْ لا يَعُدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعاً، وإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُو.
الشرح:
قوله: (كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ) كذا لابن الحاجب، قال ابن عرفة: لا أعرفه بنصّه إِلا لابن شاس، وهُوَنصّ الغزالي فِي " الوجيز"، ومقتضى مسائل المذهب تدلّ عَلَى صحته منها: عدم قطع الوالد فِي سرقته من مال ولده، ومنها قوله فِي "المدونة": لا قطع فِي سرقة السيّد من مال مكاتبه أَو مكاتب ابنه، ومنها قوله فيها: وإن سرق متاعاً كَانَ أودعه رجلاً فجحده إياه: فإن أقام بينة أنّه استودعه هذا المتاع نفسه لَمْ يقطع.

متن الخليل:
أَوِ ابْتَلَعَ دُرَّاً، أَوِ ادَّهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ، أَوْ أَشَارَ إِلَى شَاةٍ، بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ.
الشرح:
قوله: (أَوِ ابْتَلَعَ دُرَّاً) ابن يونس فِي "العتبية": لَو ابتلع ديناراً فِي الحرز وخرج لقطع؛ لأنّه خرج بِهِ وهو شيء يخرج منه فيأخذه، وكذا قال ابن رشد فِي رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب السرقة فيمن ازدرد الدينار فِي الحرز فخرج بِهِ، فالعجب من قول ابن عرفة: لا أعرفها بنصّها إِلا للغزالي فِي "الوجيز"، واحتياجه إِلَى تخريجها عَلَى ما فِي "المدونة" من دهن الرأس واللحية.

متن الخليل:
أَوِ اللَّحْدَ أَوِ الْخِبَاءَ، أَوْ مَا فِيهِ، أَوْ فِي حَانُوتٍ، أَوْ فِنَائِهِمَا، أَوْ مَحْمَلٍ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ وإِنْ غِيبَ عَنْهُنَّ، أَوْ بِجَرِينٍ، أَوْ سَاحَةِ دَارٍ لأَجْنَبِيٍّ، إِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ، كَالسَّفِينَةِ، أَوْ خَانٍ لِلأَثْقَالِ.
الشرح:
قوله: (أَوِ اللَّحْدَ) كأنّه منصوب بمحذوف معطوف عَلَى ما فِي حيز الإغياء، فاللحد عَلَى هذا وهُوَ: غشاء القبر مسروق بنفسه، وأما ما فيه وهُوَالكفن فقد ذكره بعد هذا فلا تكرار، ويدل عَلَى هذا عطفه عليه الخباء وما فيه، وهم وإِن لَمْ يصرحوا بسرقة اللحد نفسه خصوصاً فقد قالوا: القبر حرز لما فيه.

متن الخليل:
أَوْ زَوْجٍ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ، أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ زَوْجٍ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ) الزوج يتناول الذكر والأنثى، وعاد عَلَيْهِ الضمير مذكراً عَلَى ملاحظة اللفظ.

متن الخليل:
أَوْ قَبْرٍ، أَوْ بَحْرٍ لِمَنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَنٍ، أَوْ سَفِينَةٍ بِمَرْسَاةٍ، أَوْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ قَبْرٍ) قد علمت أنّه غير مكرر مَعَ اللحد.

متن الخليل:
أَوْ مَطْمَرٍ قَرُبَ، أَوْ قِطَارٍ ونَحْوِهِ، أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ، أَوْ سَقْفَهُ، أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ، أَوْ حُصْرَهُ أَوْ بُسْطَهُ، إِنْ تُرِكَتْ بِهِ، أَوْ حَمَّامٍ، إِنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ نَقَبَ، أَوْ تَسَوَّرَ أَوْ بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبٍ، وصُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَإِ، أَوْ حَمَلَ عَبْداً لَمْ يُمَيِّزْ، أَوْ خَدَعَهُ.
الشرح:
قوله: (أَوْ مَطْمَرٍ قَرُبَ) أشار بِهِ لما فِي سماع سعد من سماع ابن القاسم: أن من سرق من مطامير فِي الفلوات أسلمها ربها وأخفاها، فلا قطع عَلَيْهِ، وما كَانَ بحضرة أهله معروفاً بيّناً قطع سارقه.
ابن رشد: لأن الأول لَمْ يحرز طعامه بحال.
ابن عرفة: فقول ابن شاس وابن الحاجب: والمطامير فِي الجبال وغيرها حرز. إطلاقه خلاف المنصوص، ونحوه لابن عبد السلام والمصنف.

متن الخليل:
أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الإِذْنِ الْعَامِّ عن مَحَلِّهِ، لا إِذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ، ولَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ، ولا إِنْ نَقَلَهُ ولَمْ يُخْرِجْهُ، ولا فِي مَا عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعَهُ، ولا عَلَى دَاخِلٍ تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخَارِجُ ولا إِنِ اخْتَلَسَ، أَوْ كَابَرَ.
الشرح:
قوله: (أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الإِذْنِ الْعَامِّ عن مَحَلِّهِ) أي: عَن محل الأذن، وهكذا هُوَفِي بعض النسخ، بعن التي للمجاوزة لا باللام التي لانتهاء الغاية، وهو الصواب.
قال فِي "المقدمات": أما الدار التي أذن فيها ساكنها أَو مالكها إذناً عاماً للناس كالعالم أَو الطبيب يأذن للناس فِي دخولهم إليه فِي داره فهذه يجب القطع عَلَى من سرق من بيوتها المحجرة إِذَا خرج بسرقته عَن جميع الدار ولا يجب القطع عَلَى من سرق من قاعة الدار، وما لَمْ يحجر من بيوتها، وإِن خرج من الدار ولا اختلاف فِي هذا، وإنما لَمْ يجب عَلَيْهِ القطع حتى يخرج من جميع الدار؛ لأن بقية الدار من تمام الحرز، ففارقت المحجرة فِي أنها لا تدخل إِلا بإباحة صاحبها. انتهى.
ولَمْ يزد عَلَيْهِ فِي "التوضيح" شيئاً، وبهذا قطع فِي " النكت " قال: من سرق منها من بيت مغلق عَن الناس شيئاً فأخذ فِي الدار قبل أن يخرج منها لَمْ يقطع، وإِن أخذ بعد أن خرج منها قطع.
وعَلَى هذا حمل أبو الحسن الصغير قوله فِي "المدونة". قيل: فإن كانت الدار مأذوناً فيها وفيها تابوت فيه متاع لرجل وقد أغلقه، فأتى رجل ممن أذن له فكسره أَو فتحه، فأخرج المتاع، فأخذ بحضرة ما أخرج المتاع من التابوت قبل أن يبرح بِهِ قال: لا يقطع هذا وإن كَانَ ممن لَمْ يؤذن له لَمْ يقطع أَيْضاً؛ لأنّه لَمْ يبرح بالمتاع ولَمْ يخرجه من حرزه.
وأما ابن يونس فذهب إِلَى غير هذا وقال: أما الدار غير المشتركة المأذون فيها فمن سرق منها من بيت حجرعَلَيْهِ فأخذ فِي الدار أَو بعد أن خرج من جميعها لَمْ يقطع، وقيل يقطع إِذَا أخرجه من البيت. انتهى.
وعَلَى طريقة ابن يونس اقتصر ابن عرفة، وأما ابن عبد السلام فقال: والقياس كَانَ أن يعتبر خروجه بالمسروق من البيت إِلَى وسط الدار إِلا أنهم اعتبروا أن يخرج بِهِ عَن الدار. انتهى، وهُوَالقول الثاني عند ابن يونس، فإن كَانَ المصنف عوّل عَلَيْهِ فقال: لمحلّه باللام عَلَى ما فِي أكثر النسخ فقد أبعد غاية.

متن الخليل:
أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرْزِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرْزِ) ضمير أخذه للسارق أَو للشيء المسروق، وهذا أدلّ عَلَى أنّه هرَبَ بِهِ، وأحْرى إِذَا تركه وهرَبَ دونه.

متن الخليل:
ولو لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، أَوْ أَخَذَ دَابَّةً بِبَابِ مَسْجِدٍ.
الشرح:
قوله: (و لوْ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ) أي ولَو هرَبَ بِهِ السارق لخروج ربه ليأتي بالشهود، وأشار بـ (لو) إِلَى خلاف أصبغ.

متن الخليل:
أَوْ سُوقٍ أَوْ ثَوْباً بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ سُوقٍ) يريد: لغير البيع بدلالة ما تقدم.

متن الخليل:
أَوْ ثَمَر مُعَلَّقٍ أَو كثر، فَقَوْلانِ. وإِلا بَعْدَ حَصْدِهِ، فَثَالِثُهَا، إِنْ كُدِّسَ.
الشرح:
قوله: (أَوْ ثَمَر مُعَلَّقٍ أَو كثر) كذا هى فِي النسخ من غير ألفات، فكأنّه جرّها عطفاً عَلَى (ما) من قوله: (وَلا فِي مَا عَلَى صَبِيٍّ) ولَو نصبها عطفاً عَلَى دابّة لجاز.

متن الخليل:
وَلا إِنْ نَقَبَ فَقَطْ، وإِنِ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ، أَوْ رَبَطَهُ فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ قُطِعَا وشَرْطُهُ، التَّكْلِيفُ، فَيُقْطَعُ الْحُرُّ، والْعَبْدُ، والْمُعَاهَدُ، وإِنْ لِمِثْلِهِمْ إِلا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ، وثَبَتَتْ بِإِقْرَارٍ، إِنْ طَاعَ، وإِلا فَلا، ولَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ، أَوْ أَخَذَ الْقَتِيلَ.
الشرح:
قوله: (وَلا إِنْ نَقَبَ فَقَطْ) هذا مسلّم، وإنما المشكل قول ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: فلو نقب وأخرج غيره فإن كانا متفقين قطعا، وإِلا فلا قطع عَلَى واحد منهما.
قال ابن عرفة: لا أعرف هذا الفرع لأحد من أهل المذهب، وإنما ذكره الغزالي فِي " وجيزه " على أصلهم أن النقب يبطل حقيقة الحر، ومسائل "المدونة" وغيرها تدل عَلَى أن النقب لا يبطل حقيقة الحرز، وقولهما: إِن تعاونا قُطِعَا، ومقتضى "المدونة" أنه لا يقطع إِلا من أخرجه إذ فيها: لَو قربه أَحَدهمَا لباب الحرز أَو النقب، فتناوله الآخر قطع الخارج وحده إذ هُوَأخرجه، ولا يقطع الداخل.
وهذه المسألة ردّ عَلَيْهِمَا فِي زعمهما أن النقب يبطل حقيقة الحرز؛ إذ قال فيها لباب الحرز أَو النقب، وفِي قوله: (قطعا)؛ ولذا ونحوه كَانَ كثير من محققي شيوخ شيوخنا لا ينظرون كتاب ابن الحاجب، ويرون قراءة ابن الجلاب دونه.

متن الخليل:
وَقُبِلَ رُجُوعُهُ ولَوْ بِلا شُبْهَةٍ، وإِنْ رُدَّ الْيَمِينُ فَحَلَفَ الطَّالِبُ، أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وامْرَأَتَانِ، أَوْ وَاحِدٌ، وحَلَفَ.
الشرح:
قوله: (وَقُبِلَ رُجُوعُهُ ولَوْ بِلا شُبْهَةٍ) أي كما إِذَا أكذب نفسه وتصحيف (شبهة) بـ(بينة) فظيع.

متن الخليل:
أَوْ أَقَرَّ السيد، فَالْغُرْمُ بِلا قَطْعٍ، وإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ، فَالْعَكْسُ، ووَجَبَ رَدُّ الْمَالِ إِنْ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقاً، أَوْ قُطِعَ، إِنْ أَيْسَرَ إِلَيْهِ مِنَ الأَخْذِ، وسَقَطَ الْحَدُّ إِنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ لا بِتَوْبَةٍ، وعَدَالَةٍ، وإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا وتَدَاخَلَتْ، إِنِ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ، كَقَذْفٍ، وشُرْبٍ، أَوْ تَكَرَّرَتْ.
الشرح:
قوله: (أَوْ أَقَرَّ السيد، فَالْغُرْمُ بِلا قَطْعٍ، وإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ، فَالْعَكْسُ) كذا فِي أكثر النسخ التي وقفنا عَلَيْهَا، ولا يصحّ غيره.
قال فِي "المدونة": إِن أقرّ عبد أَو مدبر أَو مكاتب أَو أم ولد بسرقة، قطعوا إِذَا عينوا السرقة وأظهروها، فإن ادعى السيّد أنّه ماله صدق مَعَ يمينه.
قال ابن عرفة: فِي قبول قوله فِي المكاتب نظر. انتهى، وكأنّه لَمْ يقف عَلَى تقييد اللخمي له بغير المكاتب، زاد أبو الحسن الصغير وحكم المأذون حكم المكاتب. وبالله تعالى التوفيق.

.باب الحرابة:

الْمُحَارِبُ: قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ، أَوْ آخِذُ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وإِنِ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ كَمُسْقِي السَّيْكَرَانِ لِذَلِكَ، ومُخَادِعِ الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ، والدَّاخِلُ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ، أَوْ دَارٍ، قَاتَلَ لِيَأْخُذَ الْمَالَ.
الشرح:
قوله: (وَالدَّاخِلُ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ، أَوْ دَارٍ، قَاتَلَ لِيَأْخُذَ الْمَالَ) اللخمي: إِن علم بِهِ بعد أن أخذ المتاع وخرج بِهِ فقاتل حتى نجا بِهِ فهو سارق؛ لأنّ قتاله حينئذ ليدفع عَن نفسه، وإِن علم بِهِ قبل أن يأخذ المتاع فقاتل حتى أخذه كَانَ محارباً عند مالك، وعند عبد الملك: ليس بمحارب، وقال قبله عَن مالك فِي كتاب محمد فِي الذي يجد الرجل فِي السحر أَو عند العتمة فينتزع ثوبه فِي الخلوة لا قطع عَلَيْهِ، إِلا أن يكون لصاً أَو محارباً. فأما الذي يجد الرجل فِي الليل فيكابره حتى ينتزع ثوبه عَن ظهره فلا قطع عَلَيْهِ. انتهى، وقبله كله ابن عبد السلام وابن عرفة.

متن الخليل:
فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ، إِنْ أَمْكَنَ، ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ، أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ كَالزِّنَا أَوْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ ورِجْلُهُ الْيُسْرَى وِلاءً، وبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ، ولَوْ بِكَافِرٍ أَوْ بِإِعَانَةٍ، ولَوْ جَاءَ تَائِباً، ولَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ، ونُدِبَ لِذِي التَّدْبِيرِ الْقَتْلُ، والْبَطْشِ الْقَطْعُ، ولِغَيْرِهِمَا، ولِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ النَّفْيُ، والضَّرْبُ، والتَّعْيِينُ لِلإِمَامِ، لا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ونَحْوُهَا، وغَرِمَ كُلٌّ عَنِ الْجَمِيعِ مُطْلَقاً، واتُّبِعَ كَالسَّرِقَةِ، ودُفِعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ بَعْدَ الاسْتِينَاءِ والْيَمِينِ، أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنَ الرُّفْقَةِ، لا لأَنْفُسِهِمَا ولَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أنّه الْمُشْتَهِرُ بِهَا ثَبَتَتْ، وإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا.
الشرح:
قوله: (فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ، إِنْ أَمْكَنَ، ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ) هذا إفراط فِي الاختصار حيث اكتفى بذكر القتال عَن ذكر القتل المبدوء بِهِ فِي قوله: تعالى: {أَنْ يُقَتَّلُوا} [المائدة:33].
تحرير:
قال اللخمي: يقتل المحارب بالسيف أَو الرمح لا بصفة تعذيب ولا بحجارة، ولا يرمى من مكان مرتفع، وإِن صلب صُلب قائماً لا منكوساً، وتطلق يداه، وظاهر القرآن أن الصلب حد قائم بنفسه كالنفي، والمذهب إضافته للقتل، ولمالك فِي بعض المواضع قال: يقتل أَو يصلب أَو يقطع أَو ينفى كظاهر القرآن.

متن الخليل:
وَسَقَطَ حَدُّهَا بِإِتْيَانِ الإِمَامِ طَائِعاً، أَوْ تَرْكِ مَا هُو عَلَيْهِ.
الشرح:
قوله: (وَسَقَطَ حَدُّهَا بِإِتْيَانِ الإِمَامِ طَائِعاً، أَوْ تَرْكِ مَا هُو عَلَيْهِ) هذا لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة:34]، وقيس عَلَيْهِ المرتد بجامع الإعلان، بِخِلاف السارق؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِن اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 39]، وقيس عَلَيْهِ الزنديق بجامع الاستسرار، وبسطه فِي "المقدمات".
فرع:
قال الباجي عَن سحنون: لا يجوز أن يؤمن المحارب إِن سأل الأمان بِخِلاف المشرك؛ لأن المشرك يقر إِذَا أمن عَلَى حاله وبيده أموال المسلمين، ولا يجوز تأمين المحارب عَلَى ذلك ولا أمان له. محمد: إِن امتنع المحارب بنفسه حتى أعطى الأمان فاختلف فيه. فقيل: يتم له ذلك، وقيل: لا.
قاله: أصبغ: امتنع فِي حصنٍ أَو مركب أَو غيره أمّنه السلطان أَو غيره؛ لأنّه حق لله ـ تعالى [وبالله التوفيق]