فصل: باب الضحية والعقيقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.موانع الحج:

وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ فِتْنَةٌ أَوْ حَبْسٌ لا بِحَقٍّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَلَهُ التَّحَلُّلُ، إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ، ولا دَمَ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وحَلْقِهِ، ولا دَمَ إِنْ أَخَّرَهُ، ولا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مَخُوفٌ.
الشرح:
قوله: (إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) أي بالمنع وأيسر من زواله أي: زوال المنع، فهو أعم من العدو.

متن الخليل:
وكُرِهَ إِبْقَاءُ، إِحْرَامِهِ، إِنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا. ولا يَتَحَلَّلُ، إِنْ دَخَلَ وَقْتُهُ، وإِلا فَثَالِثُهَا يَمْضِي وهُوَمُتَمَتِّعٌ، ولا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ، ولَمْ يَفْسُدْ بِوَطْءٍ، إِنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ، وإِنْ وَقَفَ وحُصِرَ عَنِ الْبَيْتِ، فَحَجُّهُ تَمَّ ولا يَحِلُّ إِلا بِالإِفَاضَةِ.
الشرح:
قوله: (وكُرِهَ إِبْقَاءُ، إِحْرَامِهِ، إِنْ قَارَبَ مَكَّةَ) إنما زاد بعده (أَوْ دَخَلَهَا)، وإن كان أحرى لئلا يتوهم تحريم إبقاءه إن دخل.

متن الخليل:
وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ ومَبِيتِ مِنًى ومُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ.
الشرح:
قوله: (كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ) كذا اختصر ابن الحاجب نصّ "المدوّنة"، وسلّمه فِي "التوضيح"، ونقل بعده قول ابن رشد: ولو قيل إِذَا نسي الرمي والمبيت بمزدلفة بالتعدد ما بَعُدَ لتعدد الموجبات كما فِي العمد، وكأنهم لاحظوا أن الموجب واحد لا سيما وهو معذور. انتهى. واختصرها أبو سعيد: كمن ترك رمي الجمار كلها ناسياً حتى زالت أيام منى. واختصرها ابن يونس وعَلَيْهِ لجميع ما فاته رمي الجمار والمبيت بالمزدلفة ومنى هدي واحد، كمن ترك ذلك ناسياً حتى زالت أيام منى.

متن الخليل:
وَإِنْ حُصِرَ عَنِ الإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إِلا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلا إِحْرَامٍ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ حُصِرَ عَنِ الإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إِلا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلا إِحْرَامٍ) ما ذكر فِي المحصر عن الإفاضة تبعه عَلَيْهِ صاحب، "الشامل"، ولم أر من قال إن المحصر عن الإفاضة لا يحل إلا بفعل عمرة، بل لا يحلّ إلا بالإفاضة، وهو داخل فِي قوله أولا: (وإِنْ وَقَفَ وحُصِرَ عَنِ الْبَيْتِ، فَحَجُّهُ تَمَّ ولا يَحِلُّ إِلا بِالإِفَاضَةِ) فتعين أنه تصحيف؛ وإن تواطأت عَلَيْهِ النسخ التي وقفنا عَلَيْهَا، وصوابه: وإن حصر عن عرفة فقط، وبهذا يوافق قول اللخمي وغيره: إن صدّ عن عرفة خاصة دخل مكة وحلّ بعمرة.
ويؤيده أنه ذكر فِي " توضيحه" و "مناسكه " أن حصر العدو ثلاثة أقسام: عن البيت وعرفة معا، وعن البيت فقط، وعن عرفة فقط، وبما صوّبناه يكون قد استوفى هنا الثلاثة كما فعل ابن الحاجب وغيره ونصّه فِي " المناسك": "المحصر عن عرفة فقط لا يحل إلّا بأفعال عمرة، يطوف ويسعى، ولا يكتفي بطواف القدوم والسعي بعده عَلَى المشهور؛ لكونه لَمْ ينو بهما التحلل خلافاً لعبد الملك، وما ذكره فِي خطأ العدد قيّده ابن عبد السلام فقال: وهذا إِذَا علموا اليوم الأول من الشهر ثم نسوه، وأما إِذَا كان بسبب رؤية الهلال فقط، فقد تقدّم حكمه إِذَا أخطأ أهل الموسم، وتبعه فِي "التوضيح" وباقي كلامه ظاهر التصور.

متن الخليل:
وَلا يَكْفِي قُدُومُهُ، وحَبَسَ هَدْيَهُ مَعَهُ، إِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ، ولَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ فَوَاتٍ، وخَرَجَ لِلْحِلِّ إِنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ، أَوْ أَرْدَفَ، وأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ، وأَجْزَأَ إِنْ قَدِمَ، وإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ، وإِنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وقَضَاهُ دُونَهَا، وعَلَيْهِ هَدْيَانِ، لا دَمُ قَرَانٍ ومُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ، ولا يُعِيدُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ.
الشرح:
قوله: (ولا يَكْفِي قُدُومُهُ) أي: لا يكفي طواف القدوم وسعيه المتصل به كما تقدم من نصه فِي " المناسك".

متن الخليل:
ولا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إِنْ كَفَّرَ.
الشرح:
قوله: (ولا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إِنْ كَفَّرَ) بهذا قطع ابن شاس، أنه لا يعطاه إن كان كافراً؛ لأنه وهن.
وقال سند: يكره إعطاء الحاصر كافراً أو مسلماً؛ لأنه ذلة.
قال ابن عرفة: والأظهر جواز إعطاء الكافر ووهن الرجوع لصده أشد من إعطائه. انتهي. فليتأمل.

متن الخليل:
وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقاً تَرَدُّدٌ.
الشرح:
قوله: (وفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقاً تَرَدُّدٌ) أشار بالتَرَدُّدٌ لما فِي "توضيحه" وقال ابن عرفة: وقتال الحاصر الباديء به جهاد ولو كان مسلماً، وفِي قتاله غير باد نقلا سند وابن الحاجب مَعَ ابن شاس عن المذهب، والأول الصواب إن كان الحاصر بغير مكة، وإن كان بها فالأظهر نقل ابن شاس لحديث: «إنما أحلت لي ساعة من نهار» وقول ابن هارون: الصواب جواز قتال الحاصر، وأظنني رأيته لبعض أصحابنا نصاً، وقد قاتل ابن الزبير ومن معه من الصحابة الحجّاج، وقاتل أهل المدينة عقبة، يردّ بأن الحجّاج وعقبة بدءا به، وكانوا يطلبون النفس، ونقله عن بعض أصحابنا لا أعرفه إلا قول ابن العربي: إن ثار أحد فِيهَا واعتدى عَلَى الله قوتل، لقوله تعالى {حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: 191] وفِي المدوّنة: إن ألجِئ المحرم لتقليد السيف فلا بأس به.

متن الخليل:
وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ، وإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحَلُّلُ، وعَلَيْهَا الْقَضَاءُ كَعَبْدٍ، وأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ، ولَهُ مُبَاشَرَتُهَا كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وإِلا فَلا إِنْ دَخَلَ، ولِلْمُشْتَرِي إِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَدُّهُ لا تَحْلِيلُهُ، وإِنْ أَذِنَ فَأَفْسَدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إِذْنٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى الأَصَحِّ، ومَا لَزِمَهُ عِنْ خَطَإٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الإِخْرَاجِ، وإِلا صَامَ بِلا مَنْعٍ، وإِنْ تَعَمَّدَ فَلَهُ مَنْعُهُ، إِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ.

.باب الذكاة:

الذَّكَاةُ قَطْعُ مُمَيِّزٍ يُنَاكِحُ تَمَامَ الْحُلْقُومِ والْوَدَجَيْنِ مِنِ الْمُقَدَّمِ بِلا رَفْعٍ قَبْلَ التَّمَامِ، وفِي النَّحْرِ طَعْنٌ بِلِبَّةٍ.
الشرح:
قوله: (وفِي النَّحْرِ طَعْنٌ بِلِبَّةٍ) اختلف: هل يقتصر بالنحر على اللبة دون ما عداها كما قال المصنف أم لا؟ ويصحّ فعلها فيما بين اللبة والمذبح، والأول هو مذهب أكثر الشيوخ: الباجي وابن رشد.. وغيرهما.
والثاني: مذهب ابن لبابة واللخمي، واحتج اللخمي بقول مالك: ما بين اللبة والمذبح مذبح ومنحر، فإن ذبح فجائز، وإن نحر فجائز، فأخذ منه أن النحر لا يختصّ باللبة، وقال ابن رشد: معناه عند الضرورة كالواقع في مهوات إذا لم يقدر أن ينحره إلّا في موضع الذبح نحره فيه، وكذلك إن لم يقدر أن يذبحه إلا في موضع النحر ذبحه فيه، وهو بين من قوله في "المدونة" وصححه ابن عبد السلام: واللبة محل القلادة من الصدر من كلّ شيء. قاله الجوهري.
قال اللخمي: لم يشترطوا في النحر قطع الحلقوم والودجين، كما قالوا في الذبح وعليه اقتصر ابن عرفة ووقع للخمي أن النحر قطع الحلقوم مع ودج واحد، ثم أشار بعد إلى ما يقتضي أنه لابد من قطع الودجين جميعاً.
وظاهر كلام ابن عبد السلام أنه جعله اختلافاً من قوله.
وقال ابن عرفة: إنما أراد اللخمي التفصيل، فإن كان فيما بين اللبة والمذبح كفى قطع ودج واحد وإن كان في اللبة قطعهما معاً؛ لأنهما مجمعهما.
قال ابن عرفة: وظاهر قوله في الرسالة: والذكاة قطع الحلقوم والأوداج لا يجزيء أقل من ذلك إنه كالذبح. انتهى، فحمل الذكاة على الجنس وهو هنا بعيد للزوم عقر الصيد.

متن الخليل:
وشُهِرَ أَيْضاً الاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحَلْقُومِ، والْوَدَجَيْنِ، وإِنْ سَامِرِيَّاً، أَوْ مَجُوسِيَّاً تَنَصَّرَ، وذَبَحَ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلَّهُ وإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ، إِنْ لَمْ يَغِبْ لا صَبِيٍّ ارْتَدَّ، وذِبْحٍ لِصَنَمٍ أَوْ غَيْرِ حِلٍّ لَهُ إِنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا، وإِلا كُرِهَ كَجِزَارَتِهِ، وبَيْعٍ، وإِجَارَةٍ لِعَبْدِهِ، وشِرَاءِ ذَبْحِهِ، وتَسَلُّفِ ثَمَنِ خَمْرٍ، وبَيْعٍ بِهِ، لا أَخْذِهِ قَضَاءً، وشَحْمِ يَهُودِيٍّ، وذِبْحٍ لِصَلِيبٍ، أَوْ عِيسَى وقَبُولِ مُتَصَدَّقٍ بِهِ لِذَلِكَ، وذَكَاةِ خُنْثَى، وخَصِيٍّ، وفَاسِقٍ، وفِي ذِبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلانِ. وجَرْحُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ وَحْشِيَّاً، وإِنْ تَأَنَّسَ عَجَزَ عِنْهُ إِلا بِعُسْرٍ، لا نَعَمٍ شَرَدَ.
الشرح:
قوله: (وشُهِرَ أَيْضاً الاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحَلْقُومِ، والْوَدَجَيْنِ) هذا من تمام الكلام على الذبح، ولفظ: (الْوَدَجَيْنِ) معطوف على لفظ: (نِصْفِ) لا على لفظ: (الْحَلْقُومِ) والمراد الاكتفاء بنصف الحلقوم مع قطع جميع الودجين. قال في "النوادر": قال ابن حبيب: إن قطع الأوداج ونصف الحلقوم فأكثر أكلت، وإن قطع منه أقل لَمْ يؤكل.
وفي العتبية عن ابن القاسم في الدجاجة والعصفور إذا أجهز على أوداجه ونصف حلقه أو ثلثيه فلا بأس بأكله.
وقال سحنون: لا يحلّ حتى يجهز على جميع الحلقوم والأوداج.
قال ابن عبد السلام: فابن القاسم وابن حبيب متفقان على أن بقاء النصف مغتفر، وقال سحنون: لا يغتفر منه شيء البتة، وبعض من لقيناه يقول: لا يلزم ابن القاسم الذي اغتفر بقاء نصف الحلقوم في الطير أن يقول مثله في غير الطير؛ لما علم عادة من صعوبة استئصال قطع الحلقوم من الطير وسهولة ذلك من غير الطير، والأقرب عندي اغتفار ذلك؛ لقوله - عليه السلام -: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل» قال في "التوضيح": قيل وهو المشهور. وتبعه في " الشامل" فقال: وشهر أَيْضاً إجزاء نصف الحلقوم.

متن الخليل:
أَوْ تَرَدَّى بِكَهُوَّةٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ تَرَدَّى بِكَهُوَّةٍ) أي: في مثل هوة فالكاف للتشبيه والهُوَّة بضم الهاء وتشديد الواو.
وقال الجوهري: الهوة، الوهدة العميقة والأهوية على: أفعولة مثلها، والمهوى والمهواة: ما بين الجبلين ونحو ذلك. انتهى. والمهواة بفتح الميم وجمع الهوة هوى بالضم، قال شيخ شيوخنا أبو زيد المكودي في مقصورته:
وأنت يا نفس شغلت بالهوى ** حتى وقعت منه في قعرٍ هوى

وفي بعض النسخ: بكحفرة، والمعنى واحد.

متن الخليل:
بِسِلاحٍ مُحَدَّدٍ، وحَيَوَانٍ عُلِّمَ بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ بلا ظُهُورِ تَرْكٍ، ولَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ، أَوْ أَكَلَ، أَوْ لَمْ يُرَ بِغَارٍ، أَوْ غَيْضَةٍ، أَوْ لَمْ يَظُنَّ نَوْعَهُ، أَوْ ظَهَرَ خِلافَهُ لا إِنْ ظَنَّهُ حَرَاماً، أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ.
الشرح:
قوله: (بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ) أي: فإن أرسله وهو في غير يده لَمْ يؤكل ما قتله؛ لهذا رجع مالك في "المدونة" قال ابن القاسم فيها: وبالأول أقول. يعني الجواز المرجوع عنه.

متن الخليل:
أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْمُبِيحَ فِي شَرِكَةِ غَيْرٍ كَمَاءٍ، أَوْ ضُرِبَ بِمَسْمُومٍ، أَوْ كَلْبِ مَجُوسِيٍّ أَوْ بِنَهْشِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلاصِهِ مِنْهُ.
الشرح:
قوله: (أَوْ بِنَهْشِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلاصِهِ مِنْهُ) يعني أن ما قدر على إخلاصه من الجارح فلم يخلصه وذكاه في حال نهشه له لا يؤكل؛ لعدم تحقق المبيح، وعلى هذه فرّع نظائر الشركة في "التوضيح"و ذلك بيّن في "المدونة" قال فيها: ولو قدر على خلاصه منها فذكّاه وهو في أفواهها تنهشه فلا تؤكل إذ لعله من نهشها مات، إلا أن يوقن أنه ذكّاه وهو مجتمع الحياة قبل أن تنفذ هي مقاتله فيجوز أكله وبئسما ما صنع.

متن الخليل:
أَوْ إِغْرَاءٍ فِي الْوَسَطِ أَوْ تَرَاخَى فِي اتِّبَاعِهِ، إِلا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لا يَلْحَقُهُ، أَوْ حَمَلَ الآلَةَ مَعَ غَيْرٍ أَوْ بِخُرْجٍ، أَوْ بَاتَ، أَوْ صَدَمَ، أَوْ عَضَّ بِلا جُرْحٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ أغْرَى فِي الْوَسَطِ) أي: في أثناء الانبعاث، وفي بعض النسخ: أو إغراء بالمصدر في الوسط عطفاً على نظائر الشركة، وهو مما يمكن أن ينخرط في سلكها، وما نوقش به من أن الإغراء مبيح لا محظر تعسّف، وفي بعضها أو أغرى بالفعل الماضي كما بعده عطفاً على قوله:"لا إن ظنه حراماً فهو خارج عن نظائر الشركة" وهو المطابق لما في "التوضيح" إذ لَمْ يعدّه فيها منها.

متن الخليل:
أَوْ قَصَدَ مَا وَجَدَ، أَوْ أَرْسَلَ ثَانِياً بَعْدَ إِمْسَاكِ أَوَّلٍ، وقَتَلَ.
الشرح:
قوله: (أَوْ قَصَدَ مَا وَجَدَ) يشير به لقول ابن عبد السلام: وأما الإرسال على غير معين ولا محصور كإرساله على كل صيد يقوم بين يديه فلا خلاف في المذهب أن ذلك لا يجوز. انتهى، وممن صرح بنفي الخلاف فيه الباجي والمازري وابن شاس.
فإن قلت: ما الفرق بينه وبين قوله في "المدوّنة": وإن أرسله على جماعة لا يرى غيرها ونوى إن كان ورائها غيرها فهو عليها مرسل، فليأكل ما أخذ من سواها، وكذلك إن أرسله على صيدٍ لا يرى غيره ونوى ما صاد سواه فليأكل ما صاده.
قلت: فرق بينهما المصنف بأن ما في "المدونة" تبع للصيد المرئي، وجعل خلاصة كلام ابن عبد السلام قاعدة وهي: إن كان الصيد معيناً أكل كان المكان محصوراً أم لا، وإن لَمْ يكن الصيد معيناً، وكان المكان محصوراً كالغار والغيضة، فثالثها الفرق بينهما، وإن لَمْ يتعين الصيد ولا انحصر المكان لَمْ يؤكل باتفاق، يريد وتبع المعين كالمعين.

متن الخليل:
أَوِ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ ولَمْ يُرَ إِلا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرَبَ، وغَيْرَهُ فَتَأْوِيلانِ.
الشرح:
قوله: (إِلا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرَبَ) بفتح الراء أي: المضطرب عليه فحذفه مع أنه عمدة؛ إذ هو النائب عن الفاعل.

متن الخليل:
ووَجَبَ نِيَّتُهَا، وتَسْمِيَةٌ إُنْ ذَكَرَ ونَحْرُ إِبِلٍ، وذَبْحُ غَيْرِهِ، إِنْ قَدِرَ، وجَازَا لِلضَّرُورَةِ، إِلا الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ الذَّبْحُ كَالْحَدِيدِ، وإحدادُهُ.
الشرح:
قوله: (وجَازَا لِلضَّرُورَةِ) بألف التثنية هو الصواب.

متن الخليل:
وقِيَامُ الإِبِلِ، وضَجْعُ ذِبْحٍ عَلَى أَيْسَرَ وتَوْجِيهِهِ، وإِيْضَاحُ الْمَحَلَّ، وفَرْيُ وَدَجَيْ صَيْدٍ أُنْفِذَ مَقْتَلُهُ، وفِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِالظُّفْرِ أَوِ السِّنِّ، أَوِ انْفَصَلا، أَوْ بِالْعَظْمِ، ومَنْعِهِمَا، خِلافٌ، وحَرُمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ، لا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ، إِلا بِكَخِنْزِيرٍ، فَيَجُوزُ كَذَكَاةِ مَا لا يُؤْكَلُ إِنْ أَيِسَ مِنْهُ.
وكُرِهَ ذَبْحٌ بِدَوْرِ حُفْرَةٍ، وسَلْخٌ أَوْ قَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ، كَقَوْلِ مُضَحٍّ اللَّهُمَّ مِنْكَ وإِلَيْكَ، وتَعَمُّدُ إِبَانَةِ رَأْسٍ. وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً عَلَى عَدَمِ الأَكْلِ. إِنْ قَصَدَهُ أَوَّلاً، ودُونَ نِصْفٍ أُبِينَ مَيْتَةٌ، إِلا الرَّأْسَ، ومَلَكَ الصًيْدَ الْمُبَادِرُ، وإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ فَبَيْنَهُمْ، وإِنْ نَدَّ ولَوْ مِنْ مُشْتَرٍ فَلِلثَّانِي، لا إِنْ تَأَنَّسَ ولَمْ يَتَوَحَّشْ، واشْتَرَكَ طَارِدٌ مَعَ ذِي حِبَالَةٍ قَصَدَهَا، ولَوْلاهُمَا لَمْ يَقَعْ، بِحَسَبِ فِعْلِهِمَا.
الشرح:
قوله: (وَقِيَامُ الإِبِلِ) تقدم البحث فيه في الحجّ.

متن الخليل:
وإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وأَيِسَ مِنْهُ فَلِرَبِّهِ، وعَلَى تَحْقِيقٍ بِغَيْرِهَا فَلَهُ كَالدَّارِ إِلا أَنْ لا يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا.
الشرح:
قوله: (إِلا أَنْ لا يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا) سقط (لا) في كثير من النسخ وهو فساد ومخالف للمدونة إذ قال فيها: ومن طرد صيداً حتى دخل دار قومٍ فإن اضطره هو أو جارحه إليها فهو له، وإن لَمْ يضطروه وكانوا قد بعدوا عنه فهو لرب الدار، وفي بعض نسخ هذا المختصر:" إلا أن يضطره" كلفظ "المدوّنة" وهو أولى؛ لأن الطرد يوهم الاختصاص بما كان مقصوداً بخلاف الاضطرار، بدليل نسبته في "المدوّنة" للجارح.

متن الخليل:
وضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ، وتَرَكَ.
الشرح:
قوله: (وضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ، وتَرَكَ) هذا خاص بالصيد؛ قال اللخمي: ولو مرّ بشاةٍ يخشي عليها الموت، فلم يذبحها حتى ماتت لَمْ يضمن؛ لأنه يخشى أن لا يصدّقه ربّها فيضمنه وليس كالصيد؛ لأنه يراد للذبح، على أن اللخمي اختار في الصيد نفي الضمان قال: وإن كان يجهل أن ليس له أن يذكّيه؛ كان أبين في نفي الغرم.

متن الخليل:
وعُمُدٍ وخَشَبٍ فَيَقَعُ الْجِدَارُ، ولَهُ الثَّمَنُ إِنْ وُجِدَ كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلِكٍ مِنْ نَفْسٍ ومَالٍ بِيَدِهِ أَوْ شَهَادَتِهِ أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ أَوْ تَقْطِيعِهَا وفِي قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ، وتَرْكِ مُوَاسَاةٍ وَجَبَتْ بِخَيْطٍ لِجَائِفَةٍ، وفَضْلِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ لِمُضْطَرٍّ.
الشرح:
قوله: (وعُمُدٍ وخَشَبٍ) لعل العمد عندهم يختصّ بغير الخشب كالحجارة.

متن الخليل:
وأُكِلَ الْمُذَكَّى، وإِنْ أُيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ بِتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ مُطْلَقاً، أَوْ سَيْلِ دَمٍ، إِنْ صَحَّتْ إِلا الْمَوْقُوذَةَ، ومَا مَعَهَا الْمَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ.
الشرح:
قوله: (وَأُكِلَ الْمُذَكَّى، وإِنْ أُيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ بِتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ مُطْلَقاً، أَوْ سَيْلِ دَمٍ، إِنْ صَحَّتْ) معنى مطلقاً سواءً كانت صحيحة أو مريضة أم مصابة بالخنق ونحوه إن لَمْ ينفذ مقتلها، ويدل أن هذا مراده بالإطلاق تقييده سيل الدم بالصحة، فالتحريك كافٍ في الثلاثة فإذا انضم إليه سيلان الدم لَمْ يزده إلَّا خيراً، وأما سيلان الدم وحده فلا يكفي إلا في الصحيحة، وهذا حاصل ما في "المقدمات"، على أنه أجرى المنخنقة ونحوها إذا تحركت ولَمْ يسل دمها على الخلاف في المأيوسة غير المنفوذة المقاتل، قال: لأن دمها إذا لَمْ يسل حين الذبح فقد علم أنها كانت لا تعيش لو تركت؛ لأن انقطاع الدم إنما يكون بانقطاع بعضها من بعض وذلك ما لا يصح معه حياة، واحترز بالتحرك القوي من الضعيف.
قال ابن المَوَّاز: دليل استجماع حياتها حركة رجلها أو ذنبها أو طرف عينها.
قال ابن حبيب: أو استفاضة نفسها في جوفها أو في منخريها، وعبّر عنه ابن رشد بكونه في حلقها قال: وحركة الارتعاش والارتعاد ومدّ يد أو رجل أو قبضها ملغاة اتفاقاً.
ابن عرفة: في إلغاء القبض نظر. اللخمي: إلغاء الاختلاج الخفيف وحركة العين أحسن؛ لأن الاختلاج يوجد بعد الموت وحركة الرجل والذنب أقوى من حركة العين؛ لأن خروج الروح من الأسافل قبل الأعالي.
ابن عرفة: قوله: أحسن يوهم أن في الاختلاج اختلافاً، وتعليله ومتقدم نقل ابن رشد ينفيه. انتهى.
ابن عبد السلام: تفريق اللخمي بين الأسافل والأعالي ظاهر إلا أن يقال: الشرط في صحة الذكاة هو مطلق الحياة، لا عموم وجودها في جميع الجسد، فإذا وجدنا ما يدلّ على الحياة صحت الذكاة، كان في الأعالي أو في الأسافل.

متن الخليل:
بِقَطْعِ نُخَاعٍ، ونَثْرِ دِمَاغٍ، وحَشْوَةٍ، وفَرْيَ وَدَجٍ، وثَقْبِ مُصْرَانٍ، وفِي شَقِّ الْوَدَجِ قَوْلانِ، وفِيهَا أَكْلُ مَا دُقَّ عُنُقُهُ، أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لا يَعِيشُ إِنْ لَمْ يَنْخَعْهَا.
الشرح:
قوله: (بِقَطْعِ نُخَاعٍ، ونَثْرِ دِمَاغٍ، وحَشْوَةٍ، وفَرْيَ وَدَجٍ، وثَقْبِ مُصْرَانٍ) مفهوم قوله: (قَطْعِ نُخَاعٍ) أن شقه ليس كذلك، وقد خرّجه ابن عرفة على القولين الآتيين في شقّ الودج، ومفهوم قوله: (ونَثْرِ دِمَاغٍ، وحَشْوَة) أن شدخ الرأس دون انتثار الدماغ وشقّ الجوف، دون قطع مصران، ودون انتثار شيء من الحشوة، غير مقتل؛ وكذا صرّح به عبد الحقّ، ويحيي بن إسحاق عن ابن كنانة دمغ الرأس مقتل، وقد روى عن ابن القاسم: أكل منتثر الحشوة.
ابن عرفة: فجعله اللخمي قولاً بإعمال الذكاة في منفوذ المقاتل، وجعله عياض قولاً بأنّه غيرُ مُقْتل، ومفهوم قوله: (وفري ودج) أن قطعَ الودجين معاً غيرُ مشترط في كون ذلك مقتلاً، وقد صرّح عبد الحقّ بأنّ قطع الودج الواحد مقتل، والفري إبانته كله، فظاهرُه أنّ البعض ليس كذلك، وقد قال ابن المَوَّاز: قطع بعض الأوداج والحلق مقتل، ومفهوم قوله: (وثقب مصران) أنّ القطع أحرى.
وفي "التنبيهات": أما فري المصران وإبانة بعضه من بعض فمقتل لا شك فيه، بخلاف شقّه؛ لأنه لا يلتئم بعد انقطاعه بالكلية ويتعذر وصول الغذاء إلى ما بان منه، وتتعطل الأعضاء تحته، ولا يجد التفل مخرجاً من داخل الجوف، فيهلك صاحبه. انتهى.
وذكر أن بعض حذّاق الأطباء تلطّف لمصران شقّ طولاً، فجمع طرفي الشقّ، ووضع عليها النمل، فلما شبكت فيهما قطع أسافلها، فبقيت رؤوسها شابكة في الطرفين، فالتأما بإذن الله تعالى.
وأطلق المصنف في المصران اتباعاً للأكثر، وقد خصّه ابن رشد بالأعلى، وصححه عياض، وفهم من عطف بعضها على بعض أنها متغايرة، وفي "التنبيهات" عد شيوخنا قطع المصران وانتثار الحشوة وجهين، وهما عندي راجعان لشيءٍ واحد؛ لأنه إذا قُطع أو شُقّ انتثرت الحشوة.
وقول بعض شيوخنا: انتثارها خروجها عند شقّ الجوف عنها، يردّ بأن مجرد شقّ الجوف غير مقتل اتفاقاً، وكذا انتثارها لمشاهدة علاجها بردِّها وخياطة الجوف عليها.
ابن عرفة: قوله: ليس مجرد انتثارها مقتلاً. إن أراد مجرد خروجها، فمسلّم؛ وليس هذا مراد الشيوخ به، وإن أراد ولو زال التصاق بعضها ببعض أو التزاقها بمقعر البطن، منعناه؛ وهذا هو مراد الأشياخ به، وما ادعاه من العلاج إنما هو في الأول لا في هذا، وبالضرورة إن هذا مباين لقطع المصير، ولا تلازم بينهما في الوجود. وليحيي بن إسحاق عن ابن كنانة: لا يؤكل ما خرجت أمعاؤه، وفهم من اقتصار المصنف على هذه الخمسة أن ثقب الكرش ليس منها.
وقد حكى ابن رشد عن شيوخه قولين في صحيحةٍ وجد كرشها بعد ذبحها مثقوباً قال: نزلت في ثور، فحكم ابن مكي بفتوى ابن حمدين بطرحها بالوادي دون فتوى ابن رزق بأكلها، وبيان ذلك لمن يشتريها، فغلبت العامة أعوان القاضي لعظم قدر ابن رزق عندهم، فأخذوه من أيديهم وأكلوه، وهو الصواب لما تقدّم.
يعني أن خرق أسفل المصير حيث الرجيع غير مقتل لبقائها به زماناً تتصرّف.
ابن عرفة: ويؤيده نقل عدد التواتر من كاسبي البقر بإفريقية، أنهم يثقبون كرش الثور لبعض الأدواء فيزول عنه به، وقول ابن عبد السلام: إنه محل الطعام قبل تغيّره خلاف تعليل ابن رشد صحة قول ابن رزق، ولعلّه يريد كمال تغيّره.

متن الخليل:
وذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ إِنْ تَمَّ بِشَعَرٍ، وإِنْ خَرَجَ حَيَّاً ذُكِّيَ، إِلا أَنْ يُبَادِرَ فَيَفُوتُ.
الشرح:
قوله: (وذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ إِنْ تَمَّ بِشَعَرٍ) مفهوم الشرط إن لَمْ يتم بشعر لَمْ يؤكل، وهو المذهب.
قال ابن عرفة: وقول ابن العربي في "القبس" عن مالك: إن لَمْ يتمّ خلقه فهو كعضوٍ منها ولا يذكى العضو مرتين، ظاهره أن قول مالك عنده أكله وإن لَمْ يتم خلقه دون ذكاة، وذكر في "العارضة" عن مالك كنقل الجماعة، واختار هذا لنفسه.
فوائد:
الأولى: قال ابن عرفة: ظاهر الروايات وأقوال الشيوخ أن المعتبر نبات شعر جسده، لا شعر عينيه فقط، خلافاً لبعض أهل الوقت، وفتوى بعض شيوخ شيوخنا.
الثانية: في سماع أشهب: إذا خرج ميتاً يمر المدية على حلقه ليخرج دمه، قال في سماع أبي زيد: ركض ببطن أضحيتي جنينها بعد ذبحها، فتركته حتى أخرجته ميتاً فذبحته وأكلت منه.
الثالثة: في أكل المشيمة، وهي وعاء الجنين ثلاثة أقوال:
الأول: الحلّيّة؛ لقول ابن رشد في سماع موسى من كتاب الصلاة: السلا وعاء الولد وهو كلحم الناقة المذكاة.
الثاني: تحريمها؛ لجواب عبد الحميد الصائغ.
الثالث: إن حل أكل الجنين بذكاة أمه وتم خلقه ونبت شعره حلّت، وإلا فلا لبعض شيوخ شيوخ ابن عرفة وقد حصلها هذا التحصيل. رحمه الله تعالى.

متن الخليل:
وذُكِّيَ الْمُزْلَقُ إِنْ حَيَ مِثْلُهُ، وافْتَقَرَ نَحْوَالْجَرَادِ لَهَا بِمَا يَمُوتُ بِهِ، ولَوْ لَمْ يُعَجِّلْ كَقَطْعِ جَنَاحٍ.
الشرح:
قوله: (وذُكِّيَ الْمُزْلَقُ إِنْ حَيَ مِثْلُهُ) ابن رشد: وليس الذي لَمْ تتحقق حياته كمريضة علم أنها لا تعيش لتقدم تقرر حياتها دونه.

.باب الأطعمة والأشربة:

الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ، والْبَحْرِيُّ وإِنْ مَيِّتاً، وطَيْرٌ ولَوْ جَلاَّلَةً وذَا مِخْلَبٍ، ونَعَمٌ، ووَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ كَيَرْبُوعٍ، وخُلْدٍ ووَبْرٍ، وأَرْنَبٍ وقُنْفُذٍ، وضُرْ بُوبٍ، وحَيَّةٍ أُمِنَ سُمُّهَا، وخَشَاشُ أَرْضٍ، وعَصِيرٌ وفُقَّاعٌ وسُوبِيَا وعَقِيدٌ أُمِنَ سُكْرُهُا.
الشرح:
قوله: (أُمِنَ سُكْرُهُا) كذا في بعض النسخ بضمير المؤنث على ملاحظة الجماعة، وهو أعم، يتناول العصير وما بعده.

متن الخليل:
ولِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ، غَيْرَ آدَمِيٍّ وخَمْرٍ، إِلا لِغُصَّةٍ، وقَدَّمَ الْمَيِّتَ عَلَى خِنْزِيرٍ، وصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ.
الشرح:
قوله: (ولِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ) لعله ما يشبع، فصُحّف.

متن الخليل:
لا لَحْمِهِ، وطَعَامِ غَيْرٍ، إِنْ لَمْ يَخَفِ الْقَطْعَ وقَاتَلَ عَلَيْهِ.
الشرح:
قوله: (وطَعَامِ غَيْرٍ) بالجر عطفاً على قوله: (لا لَحْمِهِ) أي: فلا يقدم الميت على طعام الغير إن لَمْ يخف القطع.

متن الخليل:
والْمُحَرَّمُ: النَّجَسُ، وخِنْزِيرٌ، وبَغْلٌ، وفَرَسٌ، وحِمَارٌ؛ ولَوْ وَحْشِيَّا ًدَجَنَ، والْمَكْرُوهُ: سَبْعٌ، وضَبْعٌ، وثَعْلَبٌ، وذِئْبٌ، وهِرٌّ؛ وإِنْ وَحْشِيَّاً، وفِيلٌ.
الشرح:
قوله: (والْمَكْرُوهُ سَبْعٌ) لما ذكر ابن عبد السلام هنا تأويل بعض المتأخرين، نهيه - عليه السلام - عن أكل كلّ ذي ناب من السباع، على أنه من إضافة المصدر إلى الفاعل؛ فيكون كقوله تعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: 3] - وضعّفَه. وأورد حكاية ظريفة عن خديمين بالمسحاة، لا يظن بهما العلم أعطى أحدهما صاحبه يسير جبن فقال الآخذ: عطية القوم على أقدارهم.
فقال المعطي: صدقت، فقال الآخذ: ليس هذا مذهب سيبويه، يعني أن حمل المصدر كعطية على الإضافة إلى الفاعل هو الراجح عند سيبويه، وهذا بيّن فيما صرّح فيه بذكر الفاعل والمفعول معاً، فقف على الحكاية بطولها في شرحه رحمه الله تعالى.

متن الخليل:
وكَلْبُ مَاءٍ وخِنْزِيرِهِ، وشَرَابُ خَلِيطَيْنِ، ونَبِيذٌ بِكَدُبَّاءٍ، وفِي كُرْهِ الْقِرْدِ والطِّينِ ومَنْعِهِ قَوْلانِ.
الشرح:
قوله: (وكَلْبُ مَاءٍ وخِنْزِيرِهِ) كذا نقل الباجي كراهتهما عن ابن شعبان رواية عن مالك قال: وبه قال ابن حبيب ونقل أبو عمر عن الليث: لا يؤكل إنسان الماء.

.باب الضحية والعقيقة:

سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى ضَحِيَّةٌ لا تُجْحِفُ، وإِنْ يَتِيماً بِجَذَعِ ضَأْنٍ، وثَنِيِّ مَعْزٍ وبَقَرٍ وإِبِلٍ ذِي سَنَةٍ، وثَلاثٍ، وخَمْسٍ، بِلا شِرْكٍ، إِلا فِي الأَجْرِ، وإِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، إِنْ سَكَنَ مَعَهُ وقَرُبَ لَهُ، وأَنْفَقَ عَلَيْهِ وإِنْ تَبَرُّعاً. وإِنْ جَمَّاءَ ومُقْعَدَةً لِشَحْمٍ، ومَكْسُورَةَ قَرْنٍ، لا إِنْ أَدْمَى كَبَيِّنِ مَرَضٍ، وجَرَبٍ، وبَشَمٍ، وجُنُونٍ، وهُزَالٍ، وعَرَجٍ، وعَوَرٍ، وفَائِتِ جُزْءٍ غَيْرِ خُصْيَةٍ وصَمْعَاءَ جِدَّا، وذِي أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ، وبَتْرَاءَ، وبَكْمَاءَ وبَخْرَاءَ، ويَابِسَةِ ضَرْعٍ، ومَشْقُوقَةِ أُذُنٍ، ومَكْسُورَةِ سِنٍّ، لِغَيْرِ إِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ، وذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ، لا أُذُنٍ - مِنْ ذَبْحِ الإِمَامِ لآخِرِ الثَّالِثِ - وهَلْ هُوَالْعَبَّاسِيُّ. أَوْ إِمَامُ الصَّلاةِ؟ قَوْلانِ، ولا يُرَاعَى قَدْرُهُ فِي غَيْرِ الأَوَّلِ وأَعَادَ سَابِقَهُ، إِلا الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إِمَامٍ كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا.
الشرح:
قوله: (وهَلْ هُوَالْعَبَّاسِيُّ، أَوْ إِمَامُ الصَّلاةِ؟ قَوْلانِ) قال ابن عبد السلام: في قول ابن الحاجب: والإمام اليوم العباسي أو من يقيمه، يعني حيث ذلك؛ ولذلك قيّده بقوله اليوم، وهذا لا إشكال فيه إذا كان هو متولّي الصلاة، وكذلك من يقيمه، وهو الأمير إذا كان أَيْضاً يتولى الصلاة بنفسه، فإن كان يتولى الصلاة غير الأمير، فظاهر كلام ابن رشد أن المعتبر هو إمام الصلاة وهو الظاهر؛ لأن الولاية على الصلاة تستلزم الولاية على تابعها كسائر الولايات.
قال اللخمي ما معناه: وأمّا المتغلبون فلا يعتبرونهم ولا من يقيمونه في الذبح، ويكون من في بلدهم كمن لا إمام لهم، فيتحرون ذبح أقرب الأئمة الذين أقامهم أمير المؤمنين إليهم، وفيه نظر؛ لأن المنصوص في المذهب نفوذ أحكامهم وأحكام قضاتهم. وقيل لعثمان رضي الله تعالى عنه وهو محصور: إنه يصلّي للناس إمام فتنة، وأنت إمام العامة فقال: إن الصلاة من أحسن ما يفعله الإنسان، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم.
وقال ابن عرفة في كون المعتبر إمام الصلاة أو إمام الطاعة: طريقان لابن رشد واللخمي، ثمّ ردّ اعتراض ابن عبد السلام على اللخمي بنفوذ أحكام المتغلبين وقضاتهم بعدم إمكان غير ذلك، وإمكان تحرّي وقت الإمام غير المتغلب، كما لو كان وأخّر ذبحه اختياراً قال: واستدلاله بقول عثمان ينتج عكس ما ادعاه؛ لأن البغي إساءة إجماعاً، ولا سيما البغاة على عثمان، فوجب اجتناب الاقتداء بالبغاة لإساءتهم. انتهى. وهذا تعسّف.
ثم قال ابن عرفة: وصريح نصّ "المدوّنة" مع سائر الروايات بأقرب الأئمة، وكون المعتبر إمام بلد من ذبح عن مسافر لا إمام بلد المسافر، ظاهر في كونه إمام الصلاة لامتناع تعدد إمام الطاعة؛ وعليه لا يعتبر ذبح إمام صلاتها إذا أخرج السلطان أضحيته للذبح بالمصلى كما عندنا؛ لأن إخراجه دليل على عدم استنابته إياه في الاقتداء بذبحه خلافاً لبعضهم. انتهى.
وما احتجّ به من امتناع تعدد إمام الطاعة سبقه إليه أبو الفضل راشد، وانفصل عنه تلميذه أبو الحسن الصغير بتعدد عماله، وما نسبوا لابن رشد وقع له في رسم شك من سماع ابن القاسم ونصّه: "و المراعى في ذلك الإمام الذي يصلي صلاة العيد بالناس إذا كان مستخلفاً على ذلك".

متن الخليل:
وتَوَانَى بِلا عُذْرٍ قَدْرَهُ.
الشرح:
قوله: (وتَوَانَى بِلا عُذْرٍ قَدْرَهُ) فاعل (تَوَانَى): ضمير الإمام، و(قَدْرَهُ): ظرف لتوانى أي: وتوانى الإمام بلا عذر قدر زمان الذبح المعتاد حتى انصرم.

متن الخليل:
وَبِهِ انْتُظِرَ لِلزَّوَالِ. والنَّهَارُ شَرْطٌ، ونُدِبَ إِبْرَازُهَا، وجَيِّدٌ، وسَالِمٌ، وغَيْرُ خَرْقَاءَ وشَرْقَاءَ، ومُقَابَلَةٌ، ومُدَابَرَةٌ، وسَمِينٌ، وذَكَرٌ، وأَقْرَنُ، وأَبْيَضُ، وفَحْلٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ، وضَأْنٌ مُطْلَقاً، ثُمَّ مَعْزٌ.
الشرح:
قوله: (وبِهِ انْتُظِرَ لِلزَّوَالِ) ظاهره استمرار الانتظار لحصول الزوال، ولفظ ابن رشد في رسم شك من سماع ابن القاسم، فإن أخّر الذبح لعذر من اشتغال بقتال عدو أو غيره انتظروه ما لَمْ يذهب وقت الصلاة بزوال الشمس، واختصره ابن عرفة كلفظ المصنف فتأمله. انتهى.

متن الخليل:
ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وهُوَالأَظْهَرُ، أَوْ إِبِلٌ؟ خِلافٌ وتَرْكُ حَلْقٌ، وقَلْمٌ لِمُضَحٍّ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ، وضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ وعِتْقٍ، وذَبْحُهَا بِيَدِهِ، ولِلْوَارِثِ إِنْفَاذُهَا، وجَمْعُ أَكْلٍ وصَدَقَةٍ وإِعْطَاءٍ بِلا حَدٍّ، والْيَوْمُ الأَوَّلُ، أَفْضَلُ وهَلْ جَمِيعُهُ أَوْ إِلَى الزَّوَالِ؟ قَوْلانِ. وفِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي، تَرَدُّدٌ، وذَبْحُ وَلَدٍ خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ وبَعْدَهُ جُزْءٌ.
الشرح:
قوله: (ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وَهُوَالأَظْهَرُ أَوْ إِبِلٌ؟ خِلافٌ) صوّب ابن رشد في "المقدمات" تقديم البقر على الإبل، وإليه أشار بالأظهر. ووجه عكسه في رسم مرض من سماع ابن القاسم: بأن الإبل أعلى ثمناً وأكثر لحماً. إلّا أن تفضيل الغنم خرج بدليل السنة اتباعاً لفداء الذبيح - عليه السلام - بذبحٍ عظيم، وصرّح ابن عرفة بمشهورية الأول، ولا أعلم من شهر الثاني.

متن الخليل:
وكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ، إِنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ.
الشرح:
قوله: (وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ، إِنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ) لو قال: وكره جزّ صوفها قبل الذبح إن لَمْ ينبت له؛ لكان أفصح.

متن الخليل:
ولَمْ يَنْوِهِ حِينَ أَخَذَهَا، وبَيْعُهُ، وشُرْبُ لَبَنٍ، وإِطْعَامُ كَافِرٍ، وهَلْ إِنْ بُعِثَ لَهُ أَو ولَوْ فِي عِيَالِهِ؟ تَرَدُّدٌ.
الشرح:
قوله: (ولَمْ يَنْوِهِ حِينَ أَخَذَهَا) مفهومه أنه لو نوى حين أخذ الشاة أن يجزّ صوفها قبل الذبح جاز، وكأنه مسلّم، وأما لو نوى حين أخذها أن يجز بعد الذبح، قال ابن عرفة: إنه شرط مناقض لحكمها ونصّه: وفي قبول ابن عبد السلام ما وقع في بعض أجوبة عبد الحميد: من اشترى شاة ونيته جزّ صوفها لينتفع به ببيع وغيره جاز له، ولو جزّه بعد ذبحها نظر؛ لأنه إن شرطه قبل ذبحها فذبحها يفيته، وبعده مناقض لحكمها، فيبطل على أصل المذهب في الشرط المنافي للعقد.

متن الخليل:
والتَّغَالِي فِيهَا، وفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ.
الشرح:
قوله: (وَالتَّغَالِي فِيهَا) كذا في سماع القرينين.
ابن رشد: لأنه يؤدي إلى المباهاة. اللخمي: "استحبّ استفراهها" لقوله تعالى: {بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]، وبالقياس على قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الرقاب أعلاها ثمناً».
ابن عرفة: ظاهره خلاف الأول إلّا أن يحمل على التغالي بمجرد المباهاة.

متن الخليل:
كَعَتِيرَةٍ، وإِبْدَالُهَا بِدُونِ، وإِنْ لاخْتِلاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ.
الشرح:
قوله: (كعتيرة) ابن يونس: العتيرة الطعام الذي يبعث لأهل الميت.قال مالك: أكره أن يُرْسِل للمناحة طعاماً. انتهى، والكراهة في سماع أشهب من الجنائز.
قال ابن رشد: ويستحبّ لغير مناحة لقوله - عليه السلام -: «اصنعوا لآل جعفر طعاماً»؛ ولذا جعله المصنف في الجنائز مندوباً.
وفي "مختصر العين": العتيرة شاة كانت الجاهلية يذبحونها لأصنامهم. زاد الجوهري: في رجب وليس ذلك بمراد هاهنا.

متن الخليل:
وجَازَ أَخْذُ الْعَوَضِ إِنِ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الأَحْسَنِ، وصَحَّ إِنَابَةٌ بِلَفْظٍ إِنْ أَسْلَمَ، ولَوْ لَمْ يُصَلِّ، أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ، وإِلا فَتَرَدُّدٌ، لا إِنْ غَلِطَ، فَلا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدِهِمَا، ومُنِعَ الْبَيْعُ وإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الإِمَامِ، أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةُ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ ذَبَحَ مَعِيباً جَهْلاً والإِجَارَةُ، والْبَدَلُ، إِلا لِمُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ، وفُسِخَتْ، وتُصُدِّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ، إِنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ بِلا إِذْنٍ، وصَرْفٍ فِيمَا لا يَلْزَمُهُ.
الشرح:
قوله: (وجَازَ أَخْذُ الْعَوَضِ إِنِ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الأَحْسَنِ) أشار بالأحسن لقول ابن عبد السلام: والجواز أقرب؛ لأن مثل هذا لا يقصد به المعاوضة، لأنها شركة ضرورية كشركة الورثة في لحم أضحية موروثهم، وقال ابن عرفة: ولو اختلطت ضحيتا رجلين بعد ذبحهما أجزأتهما، وفي لزوم صدقتهما بهما وجواز أكلهما إياهما قول يحيي بن عمر، وتخريج اللخمي. ولَمْ يحك المازري غير الأول، وكذا عبد الحقّ، واعترضه فقال: لا أرى المنع من أكلها، وهي شركة ضرورية كالورثة في أضحية موروثهم.
ابن بشير: لو اختلطت أضحية أو جزء منها بغيرها ففي إباحة أخذ العوض قَوْلانِ، فظاهره أنهما منصوصان. انتهى كلام ابن عرفة مختصراً. وبالأول قطع ابن يونس، وفرق بينهما وبين مسألة الورثة بأن كل واحد منهم ورث جزءاً معلوماً فيأخذه منها وهو تمييز حقّ.

متن الخليل:
كَأَرْشِ عَيْبٍ لا يَمْنَعُ الإِجْزَاءَ، وإِنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ والذَّبْحِ، فَلا تُجْزِئُ إِنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ، وصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إِلا أَنَّ هَذَا آثِمٌ، ولِلْوَارِثِ الْقَسْمُ، ولَوْ ذُبِحَتْ، لا بَيْعٌ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ.
الشرح:
قوله: (كَأَرْشِ عَيْبٍ لا يَمْنَعُ الإِجْزَاءَ) كذا هو فيما وقفنا عليه من النسخ بإثبات" لا"؛ فيكون المعنى: وتصدّق بالعوض في الفوت كالتصدّق بأرش عيب لا يمنع الإجزاء، ويظهر من كلام المصنف أنه عنده بإسقاط (لا) راجعاً لمفهوم قوله: (إِنْ لَمْ يَتَوَلَّ...) إلى آخره.

متن الخليل:
وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فِي سَابِعِ الْوِلادَةِ نَهَاراً، وأُلْغِيَ يَوْمُهَا، إِنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ.
الشرح:
قوله: (وأُلْغِيَ يَوْمُهَا، إِنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ) الضمير النائب في سبق يعود على المولود المدلول عليه بالولادة، وأغفل المصنّف حكم الختان والخفاض والتسمية، وذكر في الجنائز كراهة تسمية السقط.
فائدة:
قال في "الإكمال": فقهاء الأمصار على جواز التسمية والتكنية بأبي القاسم، والنهي عنه منسوخ.
ابن عرفة: دخل الشيخ الفقيه القاضي أبو القاسم بن زيتون على سلطان بلده أمير إفريقية المستنصر بالله أبي عبد الله بن الأمير أبي زكريا فقال له: لَمْ تسميت بأبي القاسم، وقد صحّ عنه - عليه السلام -: «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي» فقال: إنما تسميت بكنيته - صلى الله عليه وسلم - ولَمْ أتكن بها، فاستحسن بعض شيوخنا هذا الجواب. انتهى.
وعند الأُبّي: فيه نظر. وفي رسم نذر من سماع ابن القاسم من الجامع قال مالك: لا بأس بتكنية الصبي. قيل له: لَمَ كنّيت ابنك بأبي القاسم؟ قال: ما فعلته بل أهل البيت، ولا بأس به.
ابن رشد: قوله: لا بأس بتكنية الصبي، يدل على أن تركه أحسن؛ لما يوهم ظاهره من الإخبار بالكذب، إذ لا ولد للصبي وليس فيه إثم؛ لأن القصد ترفيعه بذلك دون الإخبار. انتهى، وجوازه مستفاد من قوله - عليه السلام -: «أبا عمير ما فعل النغير».
وفي رسم شك من السماع المذكور: كره مالك أن يسمى الرجل بجبريل ولَمْ يعجبه وتلى: {إِن أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} الآية [آل عمران: 68].
ابن رشد: لأنه سبب لأن يقول جاءني البارحة جبريل ورأيت جبريل، وأشار علىّ جبريل بكذا، وهذا من الكلام المستشنع.
وفي الحديث: "لا تسم غلامك رباحاً ولا أفلح ولا يساراً، أو قال بشيراً": يقال: ثم فلان؟ فيقال: لا، فأحرى هذا وليس شيء من ذلك حراماً، ولكن تركه أحسن، وجاء بالآية حضّاً على الاقتداء بهم في ترك التسمية بذلك. انتهى. فقول ابن عرفة: روى الباجي: لا ينبغي بجبريل، قصور. وفي سماع أشهب لا ينبغي بياسين.
ابن رشد: للخلاف في كونه اسماً لله تعالى أو للقرآن، أو هو بمعنى إنسان.
ابن عرفة: مقتضى هذا التعليل الحرمة.
وفي "الإكمال": كرهها الحارث بن مسكين بأسماء الملائكة. وفي " المدارك": تقدم رجل لخصومة عند الحارث بن مسكين، فناداه رجل باسمه إسرافيل.
فقال له الحارث: لَمْ تسميت بهذا الاسم وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسموا بأسماء الملائكة» فقال: ولَمْ سمي مالك بن أنس بمالك؟ وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] ثم قال: لقد تسمى الناس بأسماء الشياطين فما عيب ذلك ـ يعني الحارث اسمه؛ فإنه يقال هو اسم إبليس ـ.
ابن عرفة: يرحم الله الحارث في سكوته والصواب معه؛ لأن محمل النهي في الاسم الخاص بالوضع أو الغلبة كإسرافيل وجبريل وإبليس والشياطين، وأما مالك والحارث فليسا منه؛ لصحة كونهما من نقل النكرات للأشخاص المعينة أعلاماً من اسم فاعل، مالك وحارث كقاسم. انتهى. والعمدة في الفرق الاتباع، فقد تسمّى كثير من الصحابة بمالك والحارث ولَمْ ينكره - صلى الله عليه وسلم -

متن الخليل:
وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ وجَازَ كَسْرُ عَظْمِهَا، وكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً، ولَطْخُهُ بِدَمِهَا، وخِتَانُهُ يَوْمَهَا.