فصل: باب اللُقَطة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.باب الهبة:

الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلا عِوَضٍ ولِثَوَابِ الآخِرَةِ. صَدَقَةٌ. وصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ، مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا، وإِنْ مَجْهُولاً، وكَلْباً، ودَيْناً وهُوَإِبْرَاءٌ، إِنْ وُهِبَ لِمَنْ عَلَيْهِ، وإِلا فَكَالرَّهْنِ، ورَهْناً لَمْ يُقْبَضْ وأَيْسَرَ رَاهِنُهُ، أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ، وإِلا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ، إِنْ كَانَ الدَّيْنُ يُعَجَّلُ وإِلا بَقِيَ لِبَعْدِ الأَجَلِ.
الشرح:
قوله: (وَإِلا فَكَالرَّهْنِ) هذا كقول ابن الحاجب: وتصح هبة الدين وقبضه كقبضه فِي الرهن. أحاله عَلَى قوله فِي باب الرهن: وقبض الدين بالإشهاد والجمع بين الغريمين إِن كَانَ عَلَى غير المرتهن.

متن الخليل:
بِصِيغَةٍ، أَوْ مُفْهِمِهَا، وإِنْ بِفِعْلٍ.
الشرح:
قوله: (بِصِيغَةٍ، أَوْ مُفْهِمِهَا) الصيغة لفظ الهبة ومَا تصرف منها ومفهمها كأعطيتك وبذلتك، وبنحو هذا فسّر كلام ابن الحاجب فِي " توضيحه".

متن الخليل:
كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ لا بِابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارَهُ.
الشرح:
قوله: (كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ) بالحاء المهملة أي إلباسه الحلي، وأشار بِهِ إِلَى قول أبي عمر فِي باب: الصدقة من " الكافي": وإِذَا حلى الرجل أَو المرأة ولداً لَهُمَا صغيراً حلياً، وأشهدا لَهُ بذلك ثم مات الأب أَو الأم، فالحلي الذي عَلَى الصبي لَهُ دون سائر الورثة.

متن الخليل:
وَحِيزَ.
الشرح:
قوله: (وَحِيزَ) أي: ولو حكماً كما قدمنا فِي قوله: (إِلا لمحجوره إِذَا أشهد وصرف الغلة لَهُ ولَمْ تكن سكناه)، ويقول بعد: (إِلا لمحجورة إِلا مَا لا يعرف، ولَو ختم ودار سكناه...) إِلَى آخره، وقد حام ابن الحاجب حول هذا المعنى إذ قال: وشرط استقرارها لا لزومها الحوز كالصدقة إِلا فِي صدقة أب عَلَى صغير؛ وعَلَى ذلك علماء المدينة. وهو فِي ذلك متبع لابن شاس.
فقال ابن عرفة: ترك هذا الاستثناء خير من ذكره لاقتضائه العموم فِي كلّ عطية من عينٍ أَو مثلي أَو مسكن، وإيهام قصره عَلَى الصدقة وعَلَى الصغير دون السفيه، وعَلَى الأب دون الوصي، والقاضي ومقدمه، فيوقع الناظر فيه فِي خطأٍ فاحش؛ ولأجل هذا ونحوه طرحه كثير من متقدمي الشيوخ ومتأخريهم" انتهى.
وسبقه ابن عبد السلام لنحو هذه المناقشة وزاد أَيْضاً: فاستثناؤه يوهم أَن الحيازة تسقط فِي عطية الأب ابنه الصغير، وليس كَذَلِكَ، وإنما الذي اختص بِهِ الأب ومن تنزل منزلته فِي حقّ الصغير والسفيه أنّه يكون حائزاً لما وُهب لَهُمَا فيقال فِي الإشهاد رفع يد الملك ووضع يد الحوز وغير الأب، ومن فِي معناه لا يكون حائزاً هكذا، نعم ألحقوا الأب بالأجنبي فِي هبة دار سكناه فشرطوا معاينة الشهود للدار خالية من شواغل الأب، وزاد فِي " التوضيح": مَعَ دار سكناه ثوب لباسه، وقال تبعا لأبي الحسن الصغير: نقل أبو محمد صالح الاتفاق عَلَى أنّه إِذَا أشهد عَلَى هبته لمحجوره ولم يزد عَلَى قوله اشهدوا أني وهبت له كذا، فإنها حيازة" انتهى.
ومرّ بنا فِي بعض المجالس أَن ابن راشد القفصي وهب بعض تصانيفه لولده، وكتب عَلَى ظهر التصنيف الموهوب: ولا أقول كما يقول جهلة الموثقين: رفع يد الملك ووضع يد الحوز.

متن الخليل:
وَإِنْ بِلا إِذْنٍ، وأُجْبِرَ عَلَيْهِ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ بِلا إِذْنٍ) هو كقول ابن عرفة: والمذهب لغو التحويز فِي الحوز، ففي كتاب الهبة من "المدونة": ومن وهب لرجلٍ هبة لغير ثواب فقبضها الموهوب بغير أمر الواهب جَازَ قبضه، إذ يقضى عَلَى الواهب بذلك إِذَا منعه إياها.
ابن عبد السلام: يشترط إذن الواهب عَلَى القول الشاذ بعدم لزوم الهبة بالعقد، ولا شكّ أَن هذا مفهوم تعليل "المدونة"، وأما قوله: ولا يبعد تخريجه عَلَى المشهور من افتقاره فِي الرهن. فيردّ بقوة بقاء ملك الراهن.

متن الخليل:
وَبَطَلَتْ إِنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ، أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ. وحَازَ أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ أَوِ اسْتَوْلَدَ.
الشرح:
قوله: (وَبَطَلَتْ إِنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ) إنما لَمْ يقل: إِن تأخر لفلس تعويلاً منه عَلَى مَا قبل فِي "توضيحه" من تحرير ابن عبد السلام إذ قال فِي قول ابن الحاجب: ويشترط حصوله فِي صحة جسمه وعقله وقيام وجهه. ظاهر كلامهم فِي غير هذا الموضع أَن قيام الوجه هو السلامة من التفليس بالحكم، ومن قيام الغرماء بدين إِن أحاط دينهم بمال الغريم، ولَو لَمْ يحكم القاضي بفلسه، وأما هذا الموضع فإحاطة الدين بماله مانعة من الحيازة، فقيام الوجه إذن هنا هو السلامة من الدين المحيط.
وقال ابن عرفة: إحاطة الدين بماله قبل العطية يبطلها اتفاقاً، وفِي كون إحاطته بعدها قبل حوزها كَذَلِكَ، وصحة حوزها حينئذ نقلا الباجي عن الأخوين وأصبغ قائلاً: بناءً عَلَى اعتبار يوم الحوز أَو العقد.

متن الخليل:
وَلا قِيمَةَ.
الشرح:
قوله: (وَلا قِيمَةَ) يرجع للمسائل الثلاث.

متن الخليل:
واسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً، أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، أَوِ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ، إِنْ لَمْ يُشْهِدْ كَأَنْ دَفَعْتَ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْكَ بِمَالٍ ولَمْ تُشْهِدْ.
الشرح:
قوله: (وِ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً، أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، أَوِ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ، إِنْ لَمْ يُشْهِدْ) أي: وبطلت الهبة التي صحبها الواهب فِي طريقه ليوصلها للموهوب، أَو أرسلها مَعَ غيره ثم مات هذا الواهب الذي هو مستصحب، أَو مرسل أَو مات الذي عينت لَهُ الهبة استصحاباً، أَو إرسالاً إِن لَمْ يشهد الواهب فِي الصور الأربع، ومفهوم الشَرْط أنّه إِن أشهد فيهن لَمْ تبطل الهبة، فهذه أربع صور أخرى ثم مفهوم الصفة فِي قوله: (المعينة لَهُ) أَن من لَمْ يعين لَهُ إِذَا وجهت إليه استصحاباً أَو إرسالاً فمات قبل قبضها لَمْ تبطل. فهاتان صورتان أخريان.
فمجموع مَا اشتمل عَلَيْهِ الكلام نصاً ومفهوماً عشر صور، وقد حمله الاختصار عَلَى حذف مرفوع السببي فلم يتمثل قول من قال:
وأبرزنّه مُطْلَقاً حيث تلا ** مَا ليس معناه لَهُ محصلاً


متن الخليل:
لا إِنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ، وإِلا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَي، رُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وكَسْرِهَا أَوْ جُنَّ، أَوْ مَرِضَ، واتَّصَلا بِمَوْتِهِ، أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ، ولَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ، وصَحَّ، إِنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّىَ، أَوْ جَدَّ فِيهِ، أَوْ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ إِذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ.
الشرح:
قوله: (لا إِنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ) كذا هو فِي بعض النسخ بأداتي النفي والشَرْط، وبِهِ يستقيم الكلام ولا يمتنع منه عطف أوجز ومَا بعده عَلَى المثبتات، والعاقل يفهم.

متن الخليل:
أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا، إِلا بَعْدَ مَوْتِهِ، وحَوْزُ مُخْدَمٍ ومُسْتَعِيرٍ مُطْلَقاً، ومُودَعٍ، إِنْ عَلِمَ، لا غَاصِبٍ ومُرْتَهِنٍ، ومُسْتَأْجِرٍ، إِلا أَنْ يَهَبَ الإِجَارَةَ، ولا إِنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا، إِلا بَعْدَ مَوْتِهِ) أي وكذا تصحّ الهبة إِذَا لَمْ يعلم بها الموهوب فِي حياته، فلما مات علم بها ورثته فلهم القيام بها عَلَى الواهب الصحيح، وقد جوّز فِي " توضيحه" أَن يحمل عَلَى هذا قول ابن الحاجب: فلو مات قبل علمه ففي بطلانه قَوْلانِ. بعد أَن ذكر مَا اعترضه بِهِ بعض الشراح، وأظنه السفاقسي وعَلَى هذا فينبغي أَن نضبط (يُعلَم) بضم الياء وفتح اللام مبنياً للمجهول، وأما إِذَا لَمْ يعلم بها الموهوب إِلا بعد موت الواهب فإنها تبطل كما فِي "المدونة"وَغيرها، والقول الآخر الذي ذكر ابن الحاجب بالصحة لَمْ يوجد.

متن الخليل:
بِأَنْ آجَرَهَا، أَوْ أَرْفَقَ بِهَا، بِخِلافِ سَنَةٍ، أَوْ رَجَعَ، مُخْتَفِياً أَوْ ضَيْفاً فَمَاتَ، وهبةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآخَرِ، مَتَاعاً، وهبةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، لا الْعَكْسُ، ولا إِنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ، إِلا لِمَحْجُورِهِ إِلا مَا لا يُعْرَفُ ولَوْ خَتَمَ ودَارَ سُكْنَاهُ، إِلا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا، ويُكْرِي لَهُ الأَكْثَرَ، وإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ، والأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ.
الشرح:
قوله: (بِأَنْ آجَرَهَا، أَوْ أَرْفَقَ بِهَا) الضمير المستكن فِي الفعلين للموهوب؛ فيجب بناء الثاني للفاعل كالأول.
وجَازَتِ الْعُمْرَى كَأَعْمَرْتُكَ، أَوْ وَارِثَكَ.
قوله: (كأعمرتك أَو وارثك) كذا ينبغي أَن يكون بواو العطف بعد أَو أي: كأعمرتك فقط أَو أعمرتك ووارثك فهما مثالان.

متن الخليل:
وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَارِثِهِ كَحُبُسٍ عَلَيْكُمَا، وهُوَلآخِرِكُمَا مِلْكاً، لا الرُّقْبَى كَذَوَيْ دَارَيْنِ، قَالا إِنْ مُتَّ قَبْلِي، فَهُمَا لِي، وإِلا فَلَكَ كَهِبَةِ نَخْلٍ واسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا سِنِينَ، والسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو سِنِينَ، ويُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ ولا يَبِيعُهُ لِبَعْدِ الأَجَلِ.
الشرح:
قوله: (وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَارِثِهِ كَحُبُسٍ عَلَيْكُمَا، وهُوَلآخِرِكُمَا مِلْكاً) لفظ (ملك) منصوب عَلَى الحال من ضمير الفاعل فِي (رجعت)، وأشار بالتشبيه لقوله آخر كتاب الهبات من "المدونة": ومن قال لرجلين: عبدي هذا حبس عَلَيْكَما وهو للآخر منكما جَازَ ذلك، وهو للآخر يبيعه أَو يصنع بِهِ مَا يشاء.

متن الخليل:
وَلِلأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ كَأُمٍّ فَقَطْ وَهَبَتْ ذَا أَبٍ، وإِنْ مَجْنُوناً، ولَوْ تَيَتَّمَ عَلَى الْمُخْتَارِ، إِلا مَا أُرِيدَ بِهِ الآخِرَةُ كَصَدَقَةٍ بِلا شَرْطٍ.
الشرح:
قوله: (وَلَوْ تَيَتَّمَ عَلَى الْمُخْتَارِ) هكذا فِي بعض النسخ بالفعل الماضي الدالّ عَلَى حدوث اليتم بعد الهبة، وهو فِي غاية الحسن.

متن الخليل:
إِنْ لَمْ تَفُتْ، لا بِحِوَالَةِ سُوقٍ، بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ.
الشرح:
قوله: (إِنْ لَمْ تَفُتْ، لا بِحِوَالَةِ سُوقٍ، بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ) كذا فِي بعض النسخ وهو الصواب.

متن الخليل:
وَلَمْ يُنْكَحْ أَوْ يُدَايَنْ لَهَا، أَوْ يَطَأْ ثَيِّباً، أَوْ يَمْرَضْ كَوَاهِبٍ إِلا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الأَحْوَالِ.
الشرح:
قوله: (وَلَمْ يُنْكَحْ أَوْ يُدَايَنْ لَهَا) أي: لأجل الهبة، وهو راجع للنكاح والمداينة.

متن الخليل:
أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ، وكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ، ولا يَرْكَبُهَا، أَوْ يَأْكُلُ غَلَّتَهَا، وهَلْ إِلا أَنْ يَرْضَى الابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ؟ تَأْوِيلانِ، ويُنْفِقُ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا.
الشرح:
قوله: (أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أي مرض الأب َو الابن.

متن الخليل:
وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ لِلضَّرُورَةِ، ويُسْتَقْصَى، وجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ، ولَزِمَ بِتَعْيِينِهِ، وصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ، إِنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ لِضِدِّهِ.
الشرح:
قوله: (وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ) معطوف عَلَى اعتصارها من قوله: (وَللأب اعتصارها من ولده).

متن الخليل:
وَإِنْ لِعُرْسٍ، وهَلْ يَحْلِفُ، أَوْ إِنْ أَشْكَلَ؟ تَأْوِيلانِ، فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ، إِلا لِشَرْطٍ، وهبةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآخَرِ، ولِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ وإِنْ فَقِيراً لِغَنِيٍّ، ولا يَأْخُذُ هِبَتَهُ، وإِنْ قَائِمَةً، ولَزِمَ وَاهِبَهَا، لا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ، إِلا لِفَوْتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، ولَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ لِعُرْسٍ) أي: وإِن كانت الهدية لعرس فهي عَلَى الثواب.
قاله ابن العطار والباجي، وهذا بِخِلاف مَا ذكر بعد فِي الهدية للقادم من سفره.

متن الخليل:
وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ، وإِنْ مَعِيباً، إِلا كَحَطَبٍ، فَلا يَلْزَمُ أَخْذُهُ، ولِلْمَأْذُونِ، ولِلأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ، وإِنْ قَالَ دَارِي - صَدَقَةٌ. بِيَمِينٍ مُطْلَقاً، أَوْ بِغَيْرِهَا ولَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِخِلافِ الْمُعَيَّنِ، وفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلانِ، وقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا.
الشرح:
قوله: (وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ، وإِنْ مَعِيباً) لفظ (مَعِيباً) بفتح الميم وكسر العين ثم ياء ناشئة عن الكسرة ثم باء موحدة من باب (العيب).
وأشار بِهِ لقوله فِي كتاب: الهبات من "المدونة": وإِن وجد الواهب عيباً بالعوض فإن كَانَ عيباً فادحاً لا يتعاوض فِي مثله كالجذام والبرص فله رده وأخذ الهبة، إِن لَمْ تفت إِلا أَن يُعوضه، وإِن لَمْ يكن فادحاً نظر إِلَى قيمته بالعيب، فإن كانت كقيمة الهبة فأكثر لَمْ يجب لَهُ غيره؛ لأن مَا زاد عَلَى القيمة تطوع غير لازم، فإن كَانَ دون قيمتها فأتمّ لَهُ القيمة بريء.
وليس للواهب ردّ العوض إِلا أَن يأبى الموهوب أَن يتمّ لَهُ قيمته؛ لأن كلّ مَا يعوضه مما يجري بين الناس فِي الأعواض يلزم الواهب قبوله، وإِن كَانَ معيباً إِذَا كَانَ فيه وفاءً بالقيمة. وبالله تعالى التوفيق.

.باب اللُقَطة:

قال عياض: اللقطة بضم اللام وفتح القاف: مَا التقط.
قال ابن عبد السلام: بهذا ضبطها الأكثر عَلَى خلاف القياس، ومنهم من أنكر فتح القاف، وزعم أنها بالسكون عَلَى القياس فِي فِعْلَة الساكن العين أنّه للمفعول، ومنهم من ذكر الوجهين.

متن الخليل:
اللُّقَطَةُ مَالٌ مَعْصُومٌ عَرَضَ لِلضَّيَاعِ، وإِنْ كَلْباً، وفَرَساً وحِمَاراً. ورُدَّ بِمَعْرِفَةِ مَشْدُودٍ فِيهِ، وبِهِ، وعَدَدِهِ، بِلا يَمِينٍ، وقُضِيَ لَهُ عَلَى ذِي الْعَدَدِ والْوَزْنِ، وإِنْ وَصَفَ ثَانٍ وَصْفَ أَوَّلٍ، ولَمْ يَبِنْ بِهَا حَلَفَا، وقُسِمَتْ كَبَيِّنَتَيْنِ لَمْ يُؤَرَّخَا، وإِلا فَلِلأَقْدَمِ ولا ضَمَانَ عَلَى دَافِعٍ بِوَصْفٍ، وإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ، واسْتُؤْنِيَ فِي الْوَاحِدَةِ، إِنْ جَهِلَ غَيْرَهَا لا غَلِطَ عَلَى الأَظْهَرِ، ولَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ كَلْباً) كذا لابن شاس وابن الحاجب.
فقال ابن عرفة: يخص بالمأذون فيه ويعلم كونه كَذَلِكَ لعلم الملتقط حال ربه فيه أَو لغلبة صنفه للصيد وإِلا فلا، لقوله فِي كتاب الضحايا من "المدونة": من قتل كلباً من كلاب الدور مما لَمْ يؤذن فيه فلا شيء عَلَيْهِ؛ لأنّه يقتل ولا يترك، وإِن كَانَ مأذوناً فيه فعَلَيْهِ قيمته، هذا وجه نقلهما، وفِي اختصاصهما بهذا النقل نظر؛ لقوله فِي "المدونة": من سرق كلباً صائداً أَو غير صائد لَمْ يقطع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم ثمنه، إِلا أَن يراعى درء الحدّ بالشبهة.

متن الخليل:
وَوَجَبَ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ لا إِنْ عُلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَفَيَحْرُمُ، وإِلا كُرِهَ عَلَى الأَحْسَنِ، وتَعْرِيفُهُ سَنَةً، ولَوْ كَدَلْوٍ، لا تَافِهاً، بِمَظَانِّ طَلَبِهَا بِكَبَابِ مَسْجِدٍ، فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ يَثِقُ بِهِ، أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا، إِنْ لَمْ يُعَرِّفْ مِثْلُهُ وبِالْبَلَدَيْنِ إِنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا، ولا يُذْكَرُ جِنْسَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ، ودُفِعَتْ لِحَبْرٍ، إِنْ وُجِدَتْ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ، ولَهُ حَبْسُهَا بَعْدَهُ، والتَّصَدُّقُ، أَوِ التَّمَلُّكُ ولَوْ بِمَكَّةَ ضَامِناً فِيهِمَا كَنِيَّةِ أَخْذِهَا قَبْلَهَا ورَدِّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ، إِلا بِقُرْبٍ فتَأْوِيلانِ، وذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ، وقَبْلَ السَّنَةِ فِي رَقَبَتِهِ.
الشرح:
قوله: (وإِلا كُرِهَ عَلَى الأَحْسَنِ) لما ذكر ابن عبد السلام قول ابن الحاجب: وفِي المأمون الاستحباب والكراهة، والاستحباب فيما لَهُ بال.
قال: وبعد تسليم هذا فالأَظْهَر من الأَقْوَال الثلاثة، الاستحباب أَو الوجوب إِن قيل بِهِ لوجوب إعانة المسلم عند الحاجة، والقدرة عَلَى الإعانة، فلو أَن المصنف أشار لهذا لكان يقول وإِلا استحسن عَلَى الأحسن.

متن الخليل:
وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ و لا ضمان ولَوْ بِقَرْيَةٍ وشَاةٍ بِفَيْفَاءَ كَبَقَرٍ بِمَحَلِّ خَوْفٍ، وإِلا تُرِكَتْ كَإِبِلٍ.
الشرح:
قوله: (وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسدُ ولا ضمان) كذا فِي بعض النسخ، وهو جيّد.

متن الخليل:
وَإِنْ أُخِذَتْ عُرِّفَتْ، ثُمَّ تُرِكَتْ بِمَحَلِّهَا.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ أُخِذَتْ عُرِّفَتْ) أي سنة كما فِي "المدونة".

متن الخليل:
وَكِرَاءُ بَقَرٍ ونَحْوِهَا فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَأْمُوناً ورُكُوبُ دَابَّةٍ لِمَوْضِعِهِ، وإِلا ضَمِنَ.
الشرح:
قوله: (وَكِرَاءُ بَقَرٍ ونَحْوِهَا فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَأْمُوناً) هذا هو الصواب من باب الأمان؛ كعبارة ابن الحاجب وغيره.

متن الخليل:
وَغَلَّتُهَا دُونَ نَسْلِهَا، وخُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ، أَوْ إِسْلامِهَا، وإِنْ بَاعَهَا بَعْدَهَا فَمَا لِرَبِّهَا إِلا الثَّمَنُ، بِخِلافِ لَو وَجَدَهَا بِيَدِ الْمِسْكِينِ، أَوْ مُبْتَاعٍ مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُهَا.
الشرح:
قوله: (وَغَلَّتُهَا دُونَ نَسْلِهَا) المراد بالغلة هنا لبنها وزبدها وسمنها دون صوفها ودون الكراء، بدليل أنّه قدم الكراء إذ قال: (وَكِرَاءُ بَقَرٍ ونَحْوِهَا فِي عَلَفِهَا) والصوف حكمه حكم النسل بدليل قوله فِي خيار النقيصة: (بِخِلاف ولد وثمرة أبرت وصوف تم أولا) وقال ابن عرفة: نسل الضالة المعرفة وصوفها مثلها وحصل فِي لبنها وزبدها وسمنها حيث كَانَ لَهُ ثمن أربعة أَقْوَال:
أحدها: أنه مثلها لأبي عمر عن رواية ابن وهب.
والثاني: جواز أكل ملتقطها مُطْلَقاً. لأبي محمد واللخمي عن رواية ابن نافع.
والثالث: يجوز أَن يأكل منها بقدر قيامه بها؛ لظاهر نقل ابن رشد مَعَ سماع أشهب وابن نافع.
والرابع: هذا فِي غير سمنها. لأبي محمد عن مُطَرِّف.

متن الخليل:
وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ.
الشرح:
قوله: (وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ) أي عَلَى المسكين المتقدم الذكر وهو الذي لَمْ يفوتها.

متن الخليل:
إِنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا، إِلا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ، وإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا. فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا أَوْ قِيمَتِهَا. ووَجَبَ. لَقْطُ طِفْلٍ نُبِذَ كِفَايَةً، وحَضَانَتُهُ، ونَفَقَتُهُ، إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنَ الْفَيْءِ إِلا أَنْ يَمْلِكَ. كَهِبَةٍ، أَوْ يُوجَدَ مَعَهُ.
الشرح:
قوله: (إِنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا) أي حيث يكون لَهُ الخِيَار فِي أخذ قيمتها وذلك إِذَا وجدها ناقصة بعد التصدق، وهذا الخِيَار وإِن لَمْ يصرح بِهِ كما فعل ابن الحاجب فهو مأخوذ من قوله بعد: (وَإِن نقصت بعد نية تملّكها فلربها أخذها أَو قيمتها من بابٍ أحرى).

متن الخليل:
أَوْ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ، إِنْ كَانَتْ مَعَهُ رُقْعَةً، ورُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إِنْ طَرَحَهُ عَمْداً، والْقَوْلُ لَهُ أنّه لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً، وهُوَحُرٌّ، ووَلاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وحُكِمَ بِإِسْلامِهِ فِي قُرَى الْمُسْلِمِينَ. كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلا بَيْتَانِ إِنِ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ، وفِي قُرَى الشِّرْكِ مُشْرِكٌ، ولَمْ يَلْحَقْ بِمُلْتَقِطِهِ، ولا غَيْرِهِ، إِلا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِوَجْهٍ، ولا يَرُدُّهُ بَعْدَ أَخْذِهِ إِلا أَنْ يَأْخُذُهُ لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ، والْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ. وقُدِّمَ الأَسْبَقُ، ثُمَّ الأَوْلَى، وإِلا فَالْقُرْعَةُ. ويَنْبَغِي الإِشْهَادُ.
ولَيْسَ لِمُكَاتِبٍ ونَحْوِهِ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ.وَنُزِعَ مَحْكُومٌ بِإِسْلامِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) معطوف عَلَى نائب يوجد، ولَو نصب حالاً معطوفاً عَلَى معه لكان أجود.

متن الخليل:
وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ، وإِلا فَلا يَأْخُذْهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ رُفِعَ لِلإِمَامِ. ووُقِفَ سَنَةً. ثُمَّ بِيعَ.
الشرح:
قوله: (وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ) (يَعْرِفُ) ثلاثي والمجرور متعلق بآبق أَو فِي موضع الصفة لَهُ.

متن الخليل:
وَلا يُهْمَلُ وأَخَذَ نَفَقَتَهُ، ومَضَى بَيْعُهُ وإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ. ولَهُ عِتْقُهُ وهبتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ. وتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ. وضَمِنَهُ إِنْ أَرْسَلَهُ إِلا لِخَوْفٍ كَمَنِ اسْتَأْجَرَهُ فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ.
الشرح:
قوله: (وَلا يُهْمَلُ) أي لا يطلق بعد السنة بِخِلاف الإبل، وكذا فِي "المدونة" وغير هذا التفسير بعيد.

متن الخليل:
إلا إِنْ أَبِقَ مِنْهُ وإِنْ مُرْتَهِناً وحَلَفَ، واسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ ويَمِينٍ.
الشرح:
قوله: (إلا إِنْ أَبِقَ مِنْهُ وإِنْ مُرْتَهِناً) الوجه كسر هاء مرتهناً عَلَى أنّه حال من الضمير فِي (منه)، وهو عائد عَلَى أخذ العبد، وفيه النوع المسمى فِي فن البديع بالاستخدام؛ لأن الكلام كَانَ فِي أخذ الآبق إِذَا ادعى أنّه أبق منه، فخرج منه لأخذ العبد رهناً إِذَا ادعى أنّه أبق منه فهو كقول ابن الحاجب: وفِي لبن الجلالة وبيضها.

متن الخليل:
وَأَخَذَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِلا دَعْوَاهُ إِنْ صَدَّقَهُ. ولْيُرْفَعْ لِلإِمَامِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مُسْتَحِقَّهُ إِنْ لَمْ يُخَفْ ظُلْمُهُ. وإِنْ أَتَى رَجُلٌ بِكِتَابِ قَاضٍ أنّه شَهِدَ عِنْدِي أَنَّ صَاحِبَ كِتَابِي هَذَا فُلانٌ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ، ووَصَفَهُ، فَلْيُدْفَعْ إِلَيْهِ بِذَلِكَ.
الشرح:
قوله: (وَأَخَذَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِلا دَعْوَاهُ إِنْ صَدَّقَهُ) هذا كقوله فِي "المدونة": وإِن ادعى أَن هذا الآبق لَهُ، ولم يقم بينة، فإن صدقه العبد دفع إليه.
ابن يونس: يريد بعد التلوم ويضمنه إياه.