فصل: فصل الأذان والإقامة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.فصل في التيمم:

يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ وسَفَرٍ أُبِيحَ، لِفَرْضٍ ونَفْلٍ، وحَاضِرٌ صَحَّ لِجَنَازَةٍ إِنْ تَعَيَّنَتْ، وفَرْضٍ غَيْرِ جُمُعَةٍ، ولا يُعِيدُ لا سُنَّةٍ، إِنْ عَدِمُوا مَاءً كَافِياً أَوْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضاً، أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ أَوْ عَطَشَ، مُحْتَرَمٍ مَعَهُ.
الشرح:
قوله: (ولا يُعِيدُ) أي لا يعيد حاضر الفرض الذي صلاه بالتيمم إِذَا وجد الماء، فهو كقوله فِي "المدوّنة": ولا إعادة عليه إِذَا توضأ بعد ذلك فِي وقتٍ ولا غيره، ولمالك قول فِي الحضري: أنه يعيد إِذَا توضأ.

متن الخليل:
أَوْ بِطَلَبِهِ تَلَفَ مَالٍ أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ، وهَلْ إِنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ؟ خِلافٌ.
الشرح:
قوله: (أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ) يعني الاختياري، قال ابن رشد فِي رسم عبد استأذن من سماع عيسى: القول بأن من خاف طلوع الشمس تيمم: هو عَلَى القول بأن الصبح ليس لها وقت ضرورة، وأما عَلَى القول بأن لها وقت ضرورة ـ وهو الإسفار ـ فإنما يعالج طلب الماء ما لَمْ يخف أن يسفر؛ لأن الذي لا يجد الماء ينتقل إِلَى التيمم إِذَا خشي أن يفوته وقت الاختيار. انتهى.
وأمّا ما قاله ابن عسكر في "الإرشاد": من اعتبار الضروري هنا غير معروف.

متن الخليل:
وجَازَ جِنَازَةٌ وسُنَّةٌ ومَسُّ مُصْحَفٍ وقِرَاءَةٌ وطَوَافٌ ورَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إِنْ تَأَخَّرَتْ.
الشرح:
قوله: (وجَازَ جِنَازَةٌ وسُنَّةٌ ومَسُّ مُصْحَفٍ وقِرَاءَةٌ وطَوَافٌ ورَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إنْ تَأَخَّرَتْ). ظاهره أن هذه الأشياء يجوز أن تصلى بعد الفرض والنفل بتيممها، كما عند ابن الحاجب، إلاّ إنه زاد عليه ذكر الجنازة وعبّر عن ما دون الفرض من الصلوات بالسنة فتكون الرغيبة والنافلة أحرى.
فإن قلت: أما السنة فما دونها بعد الفرض فجوازها ظاهر، وكذلك بعد النفل، فقد ذكر فِي "النوادر": عن ابن القاسم: أنه لا بأس أن يوتر بتيمم النفل، وأما الجنازة إِذَا تعيّنت فكيف يصليها بتيمم غيرها؟ وأما الطواف فقد أطلقه هنا كابن الحاجب وهو يقول فِي "التوضيح": ينبغي أن يقيّد بطواف النفل، وقال ابن عرفة: ونقل ابن الحاجب الطواف بعد الفرض كالنفل لا أعرفه فِي واجبه فكيف به بعد النفل!.
قلت: لعل قوله بعد هذا: (لا فرض آخر) أعم من أن يكون أحد الخمس أو جنازة تعينت أو طوافاً واجباً، فيكون قيداً لما أطلق هنا فِي الجنازة والطواف، وليس فِي قوله بعد: (وبطل الثاني ولو مشتركة) ما يبعده ولابد، عَلَى أنّي لا أذكر الآن من صرّح بجواز التبعية فِي الجنازة لفرضٍ أو نفل تعينت أم لا؟
فإن قلت: قوله: (إن تأخرت)؛ إنما يحسن اشتراطه فِي تيمم الفرض لا تيمم النفل؟
قلت: يمكن أن يكون مفهومه بالنسبة لتيمم الفرض مفهوم مخالفة، وبالنسبة لتيمم النفل مفهوم موافقة يفرقه ذهن السامع، ولَمْ يصرح المصنف بشرط الاتصال وهو منصوص فِي سماع أبي زيد، ولا يشترط نية النافلة عند تيمم الفريضة، وقد ذكره ابن رشد.

متن الخليل:
لا فَرْضٌ آخَرَ وإِنْ قَصْداً وبَطَلَ الثَّانِي ولَوْ مُشْتَرَكَةً، لا بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ ولَزِمَ مُوَالاتُهُ.
الشرح:
قوله: (لا فَرْضٌ آخَرَ وإِنْ قَصْداً وبَطَلَ الثَّانِي ولَوْ مُشْتَرَكَةً) أي: لا يصلي بتيمم فرض فرضاً آخر وإن قصد الفرضين معاً بالتيمم الأول، فإن فعل بطل الفرض الثاني وأعاده أبداً، وصحّ الأول، قال ابن عبد السلام: ولا يقال إنه لما نوى فرضين ولا يستباح به إلا فرض واحد صار كأنه تيمم غير مشروع؛ لأن المقصود الأهم من النية استباحة العبادة، وفعله فرضاً أو فرضين من لواحق التيمم، وأحد الفرضين منفصلٌ عن الآخر، والأول عبادة مستقلة بنفسها بخلاف من نوى فِي الذبيحة أن يجهز حتى يبين الرأس، أي: فإنه مختلف فيه، وما ذكر من بطلان الفرض الثاني هو ظاهر قول ابن القاسم فِي سماع أبي زيد، وهو قول مُطرِّف وابن الماجشون، وعَلَى هذا اقتصر ابن عرفة فِي عزوه، ونسبه فِي "النوادر" لابن القاسم من رواية ابن المواز مطلقاً، سواءً كانتا مشتركتي الوقت أم لا.
قال الباجي: وهو الذي يناظر عليه أصحابنا، وقد نقل هذا فِي "التوضيح"، وأشار بقوله: (ولو مشتركة) إِلَى قول أصبغ: إن كانتا مشتركتين أعاد الثانية فِي الوقت وإلاّ أعادها أبداً؛ وعليه فقيل: المعتبر الوقت الضروري، وقيل الاختياري، حكاهما ابن رشد فِي سماع أبي زيد.

متن الخليل:
وَقَبُولُ هِبَةِ مَاءٍ لا ثَمَنٍ أَوْ قَرْضُهُ وأَخْذُهُ بِثَمَنٍ اعْتِيدَ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وإِنْ بِذِمَّتِهِ وطَلَبَهُ لِكُلِّ صَلاةٍ، ولَوْ تَوَهَّمَهُ لا تَحَقَّقَ عَدَمُهُ طَلَباً لا يَشُقُّ بِهِ كَرُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ، أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ إنْ جَهِلَ بُخْلَهُمْ بِهِ ونِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلاةِ ونِيَّةُ أَكْبَرَ إنْ كَانَ، ولَوْ تَكَرَّرَتْ ولا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وتَعْمِيمُ وَجْهِهِ وكَفَّيْهِ لِكُوعَيْهِ ونَزَعُ خَاتَمِهُ. وصَعِيدٌ طَهُرَ كَتُرَابٍ وهُوَالأَفْضَلُ، ولَوْ نُقِلَ وثَلْجٍ وخَضْخَاضٍ وفِيهَا: جَفَّفَ يَدَيْهِ، رُوِيَ بِجِيمٍ وخَاءٍ، وجِصٍّ لَمْ يُطْبَخْ، وبِمَعْدِنٍ غَيْرِ نَقْدٍ وجَوْهَرٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ قَرْضُهُ) لا أعرف عند أحدٍ من أهل المذهب هذا الفرع، إلاّ أن ابن عبد السلام لما تكلّم عَلَى من يبيع منه الماء بغير غبن، وهو محتاج لنفقة سفره، وأنه لا يلزمه قال: وإن كان مليا ببلده إلا أن يجد من يسلفه فيلزمه، ولها نظائر. انتهى. فإن كان المصنف لهذا أشار؛ فالضمير فِي قوله: (قَرْضُهُ) يعود عَلَى الثمن، وهو معطوف عَلَى المثبت لا المنفي، والمعنى: ولزمه قبول سلف ثمن يشتري به الماء إِذَا بُذل له ولَمْ يعجز عن القضاء لخفّة المنة فِي ذلك، وعَلَى هذا لو عطفه بالواو لكان أولى. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
ومَنْقُولٍ كَشَبٍّ ومِلْحٍ ولِمَرِيضٍ حَائِطُ لَبَنٍ، أَوْ حَجَرٍ. لا بِحَصِيرٍ وخَشَبٍ، وفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ. فَالآيِسُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ، والْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ أَوْ وُجُودِهِ وَسَطَهُ، والرَّاجِي آخِرَهُ. وفِيهَا تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ لِلشَّفَقِ. وسُنَّ تَرْتِيبُهُ، وإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ. ونُدِبَ تَسْمِيَةٌ، وبَدْءٌ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ إِلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ لآخِرِ الأَصَابِعِ، ثُمَّ يُسْرَاهُ كَذَلِكَ.
وبَطَلَ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ وبِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلاةِ لا فِيهَا إِلا نَاسِيَهُ ويُعِيدُ الْمُقَصِّرَ فِي الْوَقْتِ، وصَحَّتْ إِنْ لَمْ يُعِدْ كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ، أَوْ رَحْلِهِ، لا إِنْ ذَهَبَ رَحْلُهُ، وخِائِفِ لِصٍّ أَوْ سَبْعٍ ومَرِيضٍ عَدِمَ مُنَاوِلاً، ورَاجٍ قَدمَ ومُتَرَدِّدٍ فِِي لُحُوقِهِ ونَاسٍ ذَكَرَ بَعْدَهَا كَمُقْتَصِرٍ عَلَى كُوعَيْهِ، لا عَلَى ضَرْبَةٍ، وكَمُتَيَمِّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ، وأُوِّلَ بِالْمَشْكُوكِ، وبِالْمُحَقَّقِ، واقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْتِ لِلْقَائِلِ بِطَهَارَةِ الأَرْضِ بِالْجَفَافِ، ومُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضٍّ، وجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ، إِلا لِطُولٍ، وإِنْ نَسِيَ إِحْدَى الْخَمْسِ، تَيَمَّمَ خَمْساً وقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ ومَعَهُ جُنُبٌ إِلا لِخَوْفِ عَطَشٍ كَكَوْنِهِ لَهُمَا وضَمِنَ قِيمَتَهُ. وتَسْقُطُ صَلاةٌ وقَضَاؤُهَا بِعَدَمِ مَاءٍ وصَعِيدٍ.

.فصل في المسح على الجبائر:

إِنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ كَالتَّيَمُّمِ، مُسِحَ، ثُمَّ جَبِيرَتُهُ، ثُمَّ عِصَابَتَهُ كَفَصْدٍ، ومَرَارَةٍ، وقِرْطَاسِ صُدْغٍ، وعِمَامَةٍ خِيفَ بِنَزْعِهَا.
الشرح:
قوله: (ومِلْحٍ) أقرب ما يعطيه اللفظ أنه معطوف عَلَى شبّ، وأنه أراد منع التيمم عَلَى المنقول من الشب والملح وأمثالهما.

متن الخليل:
وإِنْ بِغُسْلٍ، أَوْ بِلا طُهْرٍ، أَوِ انْتَشَرَتْ إِنْ صَحَّ جُلَّ جَسَدِهِ أَوْ أَقَلُّهُ، ولَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ وإِلا فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ كَأَنْ قَلَّ جِدَّاً كَيَدٍ، وإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَ وإِنْ تَعَذَّرَ مَسَّهَا وهِيَ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ، تَرَكَهَا وتَوَضَّأَ، وإِلا فَثَالِثُهَا يَتَيَمَّمُ إِنْ كَثُرَ، ورَابِعُهَا يَجْمَعُهُمَا، وإِنْ نَزَعَهَا لِدَوَاءٍ أَوْ سَقَطَتْ وإِنْ بِصَلاةٍ قَطَعَ ورَدَّهَا ومَسَحَ، وإِنْ صَحَّ غَسَلَ، ومَسَحَ مُتَوَضٍّ رَأْسَهُ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ بِغُسْلٍ أَوْ بِلا طُهْرٍ أَوِ انْتَشَرَتْ). هكذا ينبغي أن يكون معطوفاً، بأو كما فِي بعض النسخ.

.فصل في الحيض:

الْحَيْضُ دَمٌ كَصُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ خَرَجَ بِنَفْسِهِ مِنْ قُبُلِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً، وإِنْ دَفْعَةً، وأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَأَةٍ نِصْفُ شَهْرٍ، كَأَقَلِّ الطُّهْرِ، ولِمُعْتَادَةٍ ثَلاثَةٌ اسْتِظْهَاراً عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ، ثُمَّ هِيَ طَاهِرٌ ولِحَامِلٍ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ النِّصْفُ، ونَحْوُهُ وفِي سِتَّةٍ فَأَكْثَرَ عِشْرُونَ يَوْماً ونَحْوُهَا، وهَلْ مَا قَبْلَ الثَّلاثَةِ كَمَا بَعْدَهَا أَوْ كَالْمُعْتَادَةِ؟ قَوْلانِ. وإِنْ تَقَطَّعَ طُهْرٌ لَفَّقَتْ أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِهَا. ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ عَنْهَا، وتَصُومُ وتُصَلِّي وتُوطَأُ، والْمُمَيَّزُ بَعْدَ طُهْرٍ تَمَّ حَيْضٌ ولا تَسْتَظْهِرُ عَلَى الأَصَحِّ.
الشرح:
قوله: (عَلَى تَفْصِيلِهَا) أي: عَلَى التفريق السابق بين المبتدأة والمعتادة والحامل ابتداءً وانتهاءً.

متن الخليل:
والطُّهْرُ بِجُفُوفٍ، أَوْ قَصَّةٍ وهِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا فَتَنْتَظِرُهَا لآخِرِ الْمُخْتَارِ، وفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ، ولَيْسَ عَلَيْهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، بَلْ عِنْدَ النَّوْمِ، أَوِ الصُّبْحِ، ومَنَعَ صِحَّةَ صَلاةٍ، وصَوْمٍ، ووُجُوبَهُمَا، وطَلاقاً، وبَدْءَ عِدَّةٍ.
الشرح:
قوله: (والطُّهْرُ بِجُفُوفٍ، أَوْ قَصَّةٍ وهِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا) أي: فإِذَا رأتها لَمْ تنتظر الجفوف، فلزم من ذلك ألا تنتظر زوالها وقد قال ابن يونس: قال بعض شيوخنا فِي التي ترى القصة: لا تنتظر زوالها، ولكن تغتسل إِذَا رأتها؛ لأنها علامة للطهر.

متن الخليل:
وَوَطْءَ فَرْجٍ أَوْ تَحْتَ إِزَارٍ ولَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ وتَيَمُّمٍ ورَفْعَ حَدَثِهَا، ولَوْ جَنَابَةً ودُخُولَ مَسْجِدٍ فَلا تَعْتَكِفُ، ولا تَطُوفُ ومَسَّ مُصْحَفٍ لا قِرَاءَةً.
والنِّفَاسُ دَمٌ خَرَجَ لِلْوِلادَةِ ولَوْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ، وأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَوْماً، فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا فَنِفَاسَانِ وتَقْطَعُهُ ومَنْعُهُ كَالْحَيْضِ ووَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ والأَظْهَرُ نَفْيُهُ.
الشرح:
قوله: (وَوَطْءَ فَرْجٍ أَوْ تَحْتَ إِزَارٍ) ظاهره أنه يجوز له الاستمتاع بكلِّ ما عدا ذلك منها حتى الاستمناء بيدها، ولا أعلم أحداً من أهل المذهب صرّح بذلك، وقد صرّح بجوازه أبو حامد فِي "الإحياء".

.باب الصلاة:

الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلظُّهْرِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ لآخِرِ الْقَامَةِ بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ وهُوَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلاصْفِرَارِ واشْتَرَكَتَا بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا وهَلْ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الأُولَى، أَوْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ؟ خِلافٌ، ولِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ تُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ شُرُوطِهِمَا تُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ شُرُوطِهَا، ولِلْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ لِلثُّلُثِ الأَوَّلِ، ولِلصُّبْحِ مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لِلإِسْفَارِ الأَعْلَى وهِيَ الْوُسْطَى، وإِنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ بِلا أَدَاءٍ لَمْ يَعْصِ إلا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ.
والأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقاً وعَلَى جَمَاعَةٍ آخِرَهُ. ولِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ وتَأْخِيرُهَا لِرُبْعِ الْقَامَةِ، وتزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرّ.ِ
وفيها: نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلاً، وإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تَجُزْ، ولَوْ وَقَعَتْ فِيهِ. والضَّرُورِيُّ بَعْدَ الْمُخْتَارِ لِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ، ولِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ ولِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ، وتُدْرَكُ فِيهِ الصُّبْحُ بِرَكْعَةٍ لا أَقَلَّ والْكُلُّ أَدَاءٌ. والظُّهْرَانِ والْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنِ الأُولَى لا الأَخِيرَةِ كَحَاضِرٍ سَافَرَ وقَادِمٍ، وأَثِمَ إلا لِعُذْرٍ بِكُفْرٍ، وإِنْ بِرِدَّةٍ وصِبًى وإِغْمَاءٍ وجُنُونٍ ونَوْمٍ وغَفْلَةٍ كَحَيْضٍ لا سُكْرٍ، والْمَعْذُورُ وغَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ، وإِنْ ظَنَّ إِدْرَاكَها فَرَكَعَ، فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَضَى الأَخِيرَةَ، وإِنْ تَطَهَّرَ فَأَحْدَثَ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طُهُورِيَّةِ الْمَاءِ أَوْ ذَكَرَ مَا يُرَتَّبُ فَالْقَضَاءُ،وأَسْقَطَ عُذْرٌ حَصَلَ غَيْرَ نَوْمٍ ونِسْيَانٍ الْمُدْرَكَ، وأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ، وضُرِبَ لِعَشْرٍ، ومُنِعَ نَفْلٌ وَقْتَ طُلُوعِ شَمْسٍ وغُرُوبِهَا، وخُطْبَةِ جُمُعَةٍ. وكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وفَرْضِ عَصْرٍ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ.
الشرح:
قوله: (وتزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ) احترز بشدة الحرّ من مطلقه. قال فِي "التوضيح": كذا صرّح بقيده غير واحد، وهذا هو التأخير للإبراد، ولم يذكر هنا قدر الزيادة، وقد حصّل ابن عرفة فيه أربعة أقوال:
الأول: لنحو ذراعين. قاله الباجي.
الثاني: فوقهما بيسير،حكاه المازري عن ابن حبيب.
الثالث: ما لَمْ يخرج الوقت، حكاه اللخمي والمازري وابن العربي عن ابن عبد الحكم.
الرابع: لا ينتهي لآخر وقتها. حكاه أبو محمد عن أشهب.
وصوّب المازري كونه لانقطاع حرّ يومه المعين ما لَمْ يخرج الوقت.
قال ابن عرفة:
وهذا يوجب اختلاف الوقت عَلَى الجماعة. قال فِي "التوضيح": وقول ابن رشد وابن هارون: ظاهر المدوّنة أنه لا يزاد عَلَى ذراع ليس بجيّد؛ لأنه فِي "المدوّنة" لَمْ يتكلم عَلَى الإبراد، وإنما تكلّم عَلَى التأخير لاجتماع الناس كما فسّره الباجي.

متن الخليل:
وَتُصَلَّى الْمَغْرِبُ إِلا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ والْوِرْدَ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ.
الشرح:
قوله: (وتُصَلَّى الْمَغْرِبُ). فيه تنبيه عَلَى أنه لا يتنفل بعد الغروب، وقبل صلاة المغرب.
قال ابن رشد: لا خلاف بين أهل العلم أن الصلاة قد حلّت بغروب الشمس؛ إلا أن صلاة المغرب قد وجبت بالغروب، فلا ينبغي لأحدٍ أن يصلي نفلاً قبل صلاة المغرب قال: وهذا هو الأظهر، وقاله مالك؛ لثلاثة أوجه: أحدها: حمايةً للذرائع؛ لأن ذلك لو أبيح للناس كثر ذلك من فعلهم، فكان سبباً لتأخير المغرب عن وقتها المختار، أو عن أول وقتها عَلَى مذهب من رأى لها وقتين فِي الاختيار.
الثاني: ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بين كلِّ أَذانين صلاة ما عدا المغرب».
الثالث: استمرار العمل من عامّة العلماء عَلَى ترك الركوع فِي هذا الوقت، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يفعله ولا أبو بكر ولا عمر، إذ لو فعلوا ذلك لنقل عنهم. قال: وقد قال مالك أيضاً: أدركت بعضهم يفعله. ويتخرّج فيها قول ثالث بالفرق بين الجالس والداخل.
وقال اللخمي: يكره لتأخيرها، ولا بأس به إِلَى أن تقام الصلاة لحديث البخاري ومسلم.

متن الخليل:
وجِنَازَةً وسُجُودَ تِلاوَةٍ قَبْلَ إسْفَارٍ واصْفِرَارٍ. وقَطَعَ مُحْرِمٌ بِوَقْتِ نَهْيٍ.
الشرح:
قوله: (وجِنَازَةً وسُجُودَ تِلاوَةٍ قَبْلَ إسْفَارٍ واصْفِرَارٍ) أي: فهما جائزان، أمّا سجود التلاوة فعلى مذهب "المدوّنة" و"الرسالة"، وأمّا الجنازة فباتفاق. وقد قال ابن عرفة ونَقْل ابن شاس وتابعيه منعهما بعد الصبح والعصر عن "الموطأ" وهم، بل نقل أبو عمر الإجماع عَلَى جوازها حينئذ.

متن الخليل:
وجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ كَمَقْبَرَةٍ، ولَوْ لِمُشْرِكٍ ومَزْبَلَةٍ ومَحَجَّةٍ ومَجْزَرَةٍ إِنْ أُمِنَتْ مِنَ النَّجِسِ، وإِلا فَلا إِعَادَةَ عَلَى الأَحْسَنِ إِنْ لَمْ تَتَحَقَّقَ.
الشرح:
قوله: (وَمَزْبَلَةٍ ومَحَجَّةٍ ومَجْزَرَةٍ إِنْ أُمِنَتْ مِنَ النَّجِسِ، وإِلا فَلا إِعَادَةَ عَلَى الأَحْسَنِ إِنْ لَمْ تَتَحَقَّقَ) ظاهرة نفي الإعادة فِي الثلاثة رأساً عَلَى الأحسن إن لَمْ تتحقق النجاسة، وهو خلاف ما شهره فِي "التوضيح" من ثبوت الإعادة الوقتية، ونصّه: "إن تيقّن النجاسة أو الطهارة فِي الثلاث فواضح، وإن لَمْ يتيقن فالمشهور أنه يعيد فِي الوقت بناءً عَلَى الأصل.
وقال ابن حبيب: يعيد أبداً بناءً عَلَى الغالب وهذا إِذَا صلى فِي الطريق اختياراً، وأمّا إن صلى فيها لضيقٍ فِي المسجد فإنه يجوز، نصّ عَلَى ذلك فِي "المدوّنة" وغيرها.
المازري: ورأيت فيما علّق عن ابن الكاتب وابن مناس: أن من صلى عَلَى قارعة الطريق لا يعيد إلا أن تكون النجاسة فيها عيناً قائمة". انتهى.
وكذلك صرّح ابن بشير بمشهورية الإعادة الوقتية فِي الثلاث، فينبغي أن يحمل كلامه هنا عَلَى نفي الإعادة الأبدية دون الوقتية عَلَى الأحسن؛ وعَلَى هذا فدليل صيغة التفصيل أن الأحسن إثبات الإعادة الأبدية. وهو قول ابن حبيب؛ لكن إنما قاله فِي العامد والجاهل، وأما الناسي ففي الوقت، وكذا نقله ابن عرفة، ولا يتجّه حمل كلام المصنف هنا عَلَى ما علّق عن أبي موسى بن مناس وأبي القاسم بن الكاتب؛ لأنه خاص بالطريق.

متن الخليل:
وكُرِهَتْ بِكَنِيسَةٍ، ولَمْ يُعَدْ.
الشرح:
قوله: (وكُرِهَتْ بِكَنِيسَةٍ، ولَمْ يُعَدْ) لعله يريد أيضاً: ولم يعد أبداً بل فِي الوقت؛ لأن حاصل المسألة عَلَى ما عند ابن عرفة: أن الصلاة تكره بالكنيسة العامرة اختياراً، فإن تحقق نجاستها فواضح، وإلاّ فقال مالك فِي سماع أشهب: يعيد فِي الوقت ما لَمْ يضّطر فإن اضطر فلا يعيد، وعليه حمل ابن رشد "المدوّنة"، وقال سحنون: يعيد فِي الوقت مختاراً كان أو مضطراً، وقال ابن حبيب: يعيد الجاهل أبداً، وغيره فِي الوقت وإن اضطر. انتهى.
فأنت ترى هذه الأقوال ليس فِي شيءٍ منها نفي الإعادة الوقتية عن غير المضطر، وحمل كلام المصنف عَلَى المضطر بعيد، وأما الدارسة من آثار أهلها فقال ابن حبيب: لا بأس بالصلاة فيها.
ابن رشد: اتفاقاً إن اضطر لنزولٍ بها، وإلاّ كره عَلَى ظاهر قول عمر.

متن الخليل:
وَبِمَعْطِنِ إبِلٍ ولَوْ أَمِنَ، وفِي الإِعَادَةِ قَوْلانِ.
الشرح:
قوله: (وبِمَعْطِنِ إبِلٍ ولَوْ أَمِنَ، وفِي الإِعَادَةِ قَوْلانِ)، وهذا أيضاً مما يقرب من مساعدة النقول إِذَا تأولناه عَلَى معنى، وفِي حدّ الإعادة الثانية قَوْلانِ الأبدية والوقتية، فقد قال هو بنفسه فِي "التوضيح": اختلف إِذَا وقعت الصلاة فيه؟ فقال ابن حبيب: إن كان عامداً أو جاهلاً أعاد أبداً، وإن كان ناسياً أعاد فِي الوقت، وقيل: بل فِي الوقت مطلقاً. انتهى.
وهو نقل صحيح ذكره فِي "النوادر"، ونسب الثاني لأصبغ وزاد: روى يحيي بن يحيي عن ابن القاسم: لو سلم من أن يخرج الناس فيه فلا بأس بالصلاة فيه. انتهى. ومنه يصح نقل ابن عرفة ـ والله تعالى أعلم ـ وإِلَى رواية يحيي أشار بقوله: (ولو أمن).

متن الخليل:
ومَنْ تَرَكَ فَرْضاً أُخِّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وقُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدَّاً، ولَوْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ، وصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ، ولا يُطْْمَسُ قَبْرَهُ، لا فَائِتَةً عَلَى الأَصَحِّ، والْجَاحِدُ كَافِرٌ.
الشرح:
قوله: (وقُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدَّاً) أي: ضربت عنقه بالسيف وكذا فِي سماع أشهب.
وقال ابن العربي: قال متأخروا علمائنا: لا يقتل ضربةً بالسيف، ولكنه ينخس بالحديد حتى تفيض نفسه، أو يقوم بالحقّ الذي عليه من فعلها، قال: وبهذا أقول.

.فصل الأذان والإقامة:

سُنَّ الأَذَانُ لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا، فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ ولَوْ جُمُعَةً، وهُوَمُثَنَّى ولَوْ الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مُرَجَّعُ الشَّهَادَتَيْنِ، بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ أَوَّلاً مَجْزُومٌ بِلا فَصْلٍ ولَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلامٍ، وبَنَى إِنْ لَمْ يَطُلْ غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ إلا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ. وصِحَّتُهُ بِإِسْلامٍ وعَقْلٍ وذُكُورَةٍ وبُلُوغٍ.
ونُدِبَ مُتَطَهِّرٌ صَيِّاتٌ مُرْتَفِعٌ قَائِمٌ مُسْتَقْبِلٌ إِلا لِعُذْرٍ كإِسْمَاعٍ وحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ مَثْنًى ولَوْ مُتَنَفِّلاً لا مُفْتَرِضاً، وأَذَانُ فَذٍّ إِنْ سَافَرَ لا جَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ.
وجَازَ أَعْمَى، وتَعَدُّدُهُمْ وتَرَتُّبُهُمْ إلا الْمَغْرِبَ، وجَمْعُهُمْ كُلٌّ عَلَى أَذَانِهِ وإِقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ وحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ. وأُجْرَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ صَلاةٍ، وكُرِهَ عَلَيْهَا أوَسَلامٌ عَلَيْهِ كَمُلَبٍّ وإِقَامَةُ رَاكِبٍ، أَوْ مُعِيدٌ لِصَلاتِهِ كَأِذَانِهِ.
وتُسَنُّ إقَامَةٌ مُنفْرَدَةٌ وثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا لِفَرْضٍ وإِنْ قَضَاءً، وصَحَّتْ ولَوْ تُرِكَتْ عَمْداً، وإِنْ أَقَامَتِ الْمَرْأَةُ سِرَّاً فَحَسَنٌ، ولْيُقَمْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ مُعِيدٌ لِصَلاتِهِ كَأِذَانِهِ) أي: وكره إقامة معيد لصلاته كما كره أذان المعيد لصلاته.
وقال ابن الحاجب: ولا يؤذن ولا يقيم من صلى تلك الصلاة. فظاهرهما مثل ظاهر اللخمي أنه لا يؤذن للتي صلاّها، ولو كان لَمْ يؤذن لها أولاً.
وقد قال ابن عرفة: قال اللخمي عن أشهب: لا يؤذن لصلاةٍ من صلاها، ويعيدون الإِذَان والإقامة ما لَمْ يصلّوا، ونقله أبو محمد والتونسي وابن يونس: لا يؤذّن لصلاةٍ من صلاها وأذّن لها، وروى ابن وهب: جواز أذان من أذن بموضعٍ ولَمْ يصل ـ فِي آخر، فَنقْل ابن عبد السلام منعه لأشهب وجوازه لبعض الأندلسيين: وهمٌ وقصور؛ لمفهوم نقل من ذكرنا، ورواية ابن وهب. انتهى.
يعني أن الوهم فِي نسبة المنع لأشهب، وإنما مفهوم نقل الأشياخ الثلاثة عنه الجواز، والقصور فِي عدم الوقوف عَلَى رواية ابن وهب، حتى أخذ الجواز من يد بعض الأندلسيين؛ مع أن رواية ابن وهب عند اللخمي وغيره، فالأقسام ثلاثة:
الأول: أذن لها وصلاّها.
الثاني: صلاها ولَمْ يُؤذِّن لها، وقد تناولهما كلام المصنف وفاقاً لإطلاق اللخمي.
الثالث: أذّن لها ولم يُصلّها، وحَملُ كلام المصنف عليه غير سديد؛ لاتفاق رواية ابن وهب، ومفهوم نقل الثلاثة عن أشهب، وقول بعض الأندلسيين عَلَى جواز أذانه لها ثانياً، ولا يعلم لهم مخالف، فتدبره. وبالله تعالى التوفيق.

.شروط صحة الصلاة:

شُرِطَ لِصَلاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وخَبَثٍ، وإِنْ رَعَفَ قَبْلَهَا ودَامَ أَخَّرَ لآخِرِ الاخْتِيَارِيِّ، وصَلَّى أَوْ فِيهَا وإِنْ عِيداً أَوْ جِنَازَةً وظَنَّ دَوَامَهُ لَهُ.
أَتَمَّهَا إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ.
الشرح:
قوله: (أَتَمَّهَا إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فُرُشَ مَسْجِدٍ) هذا الشرط لابد منه، ولا أعرفه فِي هذا الفرع بعينه إلاّ للشرمساحي؛ فإنه قال: فإن علم أنه لا ينقطع فلا معنى لقطع صلاته التي شرع فيها، وسواءً كان فِي بيته أو مسجد إِذَا كان محصباً، أو تراباً لا حصير عليه؛ لأن ذلك ضرورة، فيغسل الدم بعد فراغه، كما ترك الأعرابي يتمّ بوله فِي المسجد. انتهى. فإن كان فِي مسجد محصر وخشي تلويثه قطع.

متن الخليل:
وأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ أَوْ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ لا جَسَدِهِ.
الشرح:
قوله: (وأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ أَوْ تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ لا جَسَدِهِ) أي: إِذَا قلنا يتمها ولا يقطع، فإنه يجوز أن يوميء لخوف تأذي جسمه اتفاقاً، ولخوف تلطخ ثوبه. قال فِي "المقدمات": إجماعاً، وحكى غيره قولين: الجواز عن ابن حبيب وعدمه عن ابن مسلمة، وعَلَى الإيماء فقال فِي "تهذيب الطالب": يوميء للركوع من قيام وللسجود من جلوس، وأما الخوف من تلطّخ بدنه فلا يبيح له الإيماء اتفاقاً؛ إذ الجسد لا يفسد. هذا تحصيله فِي "التوضيح".

متن الخليل:
وإِنْ لَمْ يَظُنَّ ورَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ورَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ) أي: الخمس العليا هذا ظاهر كلام الباجي خلاف ظاهر "المدوّنة"، بيّنه ابن عرفة فقال: وقول الباجي عليا أنامل اليد اليسرى، وقوله عن ابن نافع: عليا الأنامل الأربع قليل، يقتضي قصره عَلَى يد واحدة، وفيها فتله بأصابعه وأتمّ، فجاء بنصّ "المدوّنة" بعد كلام الباجي تنبيهاً عَلَى أن ظاهرها عدم الاقتصار عَلَى يدٍ واحدة ولذا قال أبو الحسن الصغير: فإن تخضّبت عليا أنامل اليسرى انتقل إِلَى عليا أنامل اليمنى، وقد قال الشارمساحي: وهو الذي يسميه المشارقة: مجهول الجلاب. وقيل: وأصابع اليمنى كذا فِي نسختي بالواو عَلَى الجمع.
وأما المصنف فِي "التوضيح" فإنما حكى عنه قولين فِي كون الفتل باليمنى فقط أو باليسرى فقط، ومثل ما للباجي لابن يونس عن مالك فِي المجموعة، وجعله ابن عبد السلام المذهب فقال: وقالوا بأنامله الأربع مع أنه كالمتبريء قال فِي "التوضيح": أي يفتله بإبهامه وعليا أنامله الأربع.

متن الخليل:
فَإِنْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ قَطَعَ.

الشرح:
قوله: (فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ) جعل هنا الدرهم من حيّز اليسير، وجعله فِي المعفوات من حيّز الكثير حيث قال: (ودُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا). فجمع بين القولين. قال فِي "التوضيح" فإن زاد إِلَى الوسطى قطع. هكذا حكى الباجي، وحكى ابن رشد: أن الكثير هو الذي يزيد إِلَى الأنامل الوسطى بقدر الدرهم فِي قول ابن حبيب وأكثر منه فِي رواية ابن زياد. انتهى. وفهم ابن عرفة قول ابن رشد عَلَى التفسير للمذهب فقال: وقليل غيرها كدم غيره، ويؤيده أن ابن يونس فسّر به رواية المجموعة السابقة، ونحوه لعبد الحق فِي النكت، ولغير واحد.

متن الخليل:
إن لَطَّخَهُ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ.
الشرح:
قوله: (إنْ لَطَّخَهُ أَوْ خَشِي تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ) أما إن لطخ الزائد جسده أو ثوبه فيقطع، وأما إن خشي تلوث مسجد، وكان المسجد مفروشاً فلا يجوز له الفتل أصلاً، بل يخرج من أول ما يرشح، حكاه فِي "الذخيرة" عن سند بن عنان قال: وإنما شرع الفتل فِي المسجد المحصّب غير المفروش حتى ينزل المفتول فِي خلال الحصباء.

متن الخليل:
وإِلا فَلَهُ الْقَطْعُ ونُدِبَ له الْبِنَاءُ، فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ لِيَغْسِلَ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَانٍ مُمْكِنٍ قَرُبَ.
الشرح:
قوله: (وإِلا فَلَهُ الْقَطْعُ ونُدِبَ الْبِنَاءُ) أي: فإن لَمْ يرشح فقط بل سال أو قطر ولَمْ يتلطخ منه بكثير فالقطع مباح والبناء مندوب، تغليباً للعمل، هذا قول مالك، وعكس ابن القاسم تغليباً للقياس؛ إلاّ أنه قال: يقطع بسلام أو كلام، فإن ابتدأ وم يتكلّم أعاد الصلاة حكاه فِي "المقدمات".

متن الخليل:
ويَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلا عُذْرٍ أوَيَطَأُ نَجَساً ويَتَكَلَّمْ ولَوْ سَهْواً إنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ واسْتَخْلَفَ الإِمَامُ وفِي بِنَاءِ الْفَذِّ خِلافٌ وإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إِلا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ وأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وأَمْكَنَ وإِلا فَالأَقْرَبُ إلَيْهِ وإِلا بَطَلَتْ ورَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ ولَوْ بِتَشَهُّدٍ، وإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ ابْتَدَأَ ظُهْراً بِإِحْرَامٍ وسَلَّمَ وانْصَرَفَ إِنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلامِ إِمَامِهِ لا قَبْلَهُ.
الشرح:
قوله: (ويَسْتَدْبِرُ قِبْلَةً بِلا عُذْرٍ) كذا صرح به ابن العربي وهو المفهوم من كلام اللخمي وسند.

متن الخليل:
وفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقاً لأَوَّلِ الْجَامِعِ وإِلا بَطَلَتَا.
الشرح:
قوله: (وإِلا بَطَلَتَا) أي بطلت الصلاتان الأولى غير الجمعة، إن ظن بقاءه أو شكّ ولَمْ يرجع.
الثانية: الجمعة إن خالف فيها ما أمر به فلم يرجع للجامع أو رجع فجاوز أول الجامع، هذا أعم ما يحمل عليه، وأمّا مجاوزة المكان القريب الممكن فِي المسألة السابقة فلا يتناوله لتقدمه فِي قوله أولا: (و إلا بطلت).

متن الخليل:
ولا يَبْنِي بِغَيْرِهِ كَظَنِّهِ فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ.
الشرح:
قوله: (كظنه فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ) كذا فِي آخر الصلاة الأول من "المدوّنة" قال فيها: ومن انصرف من الصلاة لحدث أو رعاف ظن أنه أصابه ثم تبين أنه لا شيء به ابتداءً. انتهى، ونقْله عن غير "المدوّنة" قصور، وعليه: لو كان إماماً ففي صحة صلاة مأمومه.
ثالثها إن كان لا يمكنه علم كذي ظلمة.

متن الخليل:
ومَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ.
الشرح:
قوله: (ومَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ). هذا الذي شهره ابن رشد فِي سماع أشهب من كتاب الصلاة قال: كما لا يفسد صيامه، بخلاف الذي يستقيء طائعاً. انتهى.
وكأنه حمل قوله فِي "المدوّنة": ومن تقيأ عامداً أو غير عامد ابتدأ الصلاة جملة على غير المغلوب، وفِي بعض المقيّدات أن نصّ "المدوّنة" فِي هذا مشكل، إلا أن يريد الكثير أو النجس أو المردود بعد إمكان الطرح، وفِي بعضها أنه قيل لأبي الحسن الصغير: لعله أراد أنه إِذَا ذهب للقيء لا يعود للبناء كما فِي الرعاف؟ فقال: صواب إلاّ أن الشيوخ حملوه عَلَى خلاف ذلك. انتهى.
ويعضد ما صوّبه قوله بعده: ولا يبني إلاّ فِي الرعاف، وأن أشهب خالف فيه، وكذا نقول هنا: أن غير المغلوب مندرج فِي قول المصنف، ولا يبني بغيره، وصرّح به فِي السهو إذ قال: وبتعمد كسجدة أو نفخ أو أكل أو شرب أو قيء، وقد استوفينا النقول عَلَى هذه المسألة فِي وضعنا عَلَى "المدوّنة" المسمى "بتكميل التقييد وتحليل التعقيد". وبالله تعالى التوفيق.

متن الخليل:
وإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وقَضَاءٌ لِرَاعِفٍ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ أَواحداهُمَا، أَوْ لِحَاضِرٍ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلاةِ مُسَافِرٍ، أَوْ خَوْفٍ بِحَضَرٍ، قَدَّمَ الْبِنَاءَ وجَلَسَ فِي آخِرَةِ الإِمَامِ ولَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ.
الشرح:
قوله: (لِرَاعِفٍ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ أَواحداهُمَا) يريد: وكذلك الناعس والغافل والمزحوم ونحوهم إِذَا كانوا مسبوقين، ذكره ابن عبد السلام، فلو قال: لكراعف بزيادة الكاف لكان أشمل.