فصل: فصل فِي صلاة الكسوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.فصل فِي استخلاف الإمام:

نُدِبَ لإِمَامٍ خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ، أَوْ نَفْسٍ، أَوْ مُنِعَ الإِمَامَةَ لِعَجْزٍ، أَوِ الصَّلاةَ بِرُعَافٍ، أَوْ سَبْقِ حَدْثٍ، وذِكْرِهِ اسْتِخْلافٌ وإِنْ بِرُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، ولا تَبْطُلُ إِنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَهُ، ولَهُمْ إِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ، ولَوْ أَشَارَ لَهُمْ بِالانْتِظَارِ، واسْتِخْلافُ الأَقْرَبِ، وتَرْكُ كَلامٍ فِي كَحَدَثٍ، وتَأَخَّرَ مُؤْتَمَّاً فِي الْعَجْزِ، ومَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ، وتَقَدُّمُهُ إِنْ قَرُبَ، وإِنْ بِجُلُوسِهِ، وإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ صَحَّتْ كَأَنِ اسْتَخْلَفَ مَجْنُوناً،ولَمْ يَقْتَدُوا بِهِ، أَوْ أَتَمُّوا وِحْدَاناً، أَوْ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِإِمَامَيْنِ، إِلا الْجُمُعَةَ، وقَرَأَ مِنَ انْتِهَاءِ الأَوَّلِ، وابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ، إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الأَوَّلَ.
الشرح:
قوله: (ولَوْ أَشَارَ لَهُمْ بِالانْتِظَارِ) يقتضي هذا الاغياء أن عدم انتظاره مندوب، وهو خلاف قوله بعد: (كَعَوْدِ الإِمَامِ لإِتْمَامِهَا) والخلاف فِي الموضعين ولا يلزم أن يكون فِي الثاني مرتباً عَلَى الأول. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ.
الشرح:
قوله: (وصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ) أي: بإدراك ما قبل تمام الركوع.

متن الخليل:
وَإِلا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالأُولَى أَوِ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ، وإِلا فَلا كَعَوْدِ الإِمَامِ لإِتْمَامِهَا، وإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ.
الشرح:
قوله: (وإِلا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالأُولَى أَوِ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ) حقه أن يفرع هذا عَلَى قوله: (وإن جاء بعداً لعذر فكأجنبي) كما فعل ابن الحاجب، وقرره فِي "التوضيح"، وإلا فمن لَمْ يدرك جزءاً يعتد به يستحيل بناءه بالأولى.
تنبيه:
لهذا يرجع قول من قال: إن استخلفه عَلَى شفع صحت، وعَلَى وترٍ بطلت. قال المازري: شفع المغرب كوتر غيرها، وكذا اختصره ابن عرفة.

متن الخليل:
وجَلَسَ لِسَلامِهِ الْمَسْبُوقُ كَأَنْ سُبِقَ هُوَ، لا الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ مُسَافِرٌ، لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ، أَوْ جَهْلِهِ، فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ، ويَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ.
الشرح:
قوله: (وَجَلَسَ لِسَلامِهِ الْمَسْبُوقُ كَأَنْ سُبِقَ هُوَ) عبارة فِيهَا قلق؛ ولكن مراده معروف.

متن الخليل:
وإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى أَشَارَ فَأَشَارُوا وإلا سُبِّحَ بِهِ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى أَشَارَ فَأَشَارُوا وإلا سُبِّحَ بِهِ) قُدّمت الإشارة عَلَى التسبيح؛ لأنها تُحصّل المقصود بمرة بخلاف التسبيح، قاله ابن عبد السلام، زاد ابن شاس وابن الحاجب: وإلا تكلّم، فلعلّ المصنّف أسقطه قصداً إذ قال فِي "التوضيح": فيه نظر لما قدمناه فِي الكلام لإصلاحها. وكأنه لَمْ يقف عَلَى ما فِي سماع موسى من إباحة الكلام فِي هذا إِذَا تعذر غيره، وقال ابن رشد: إنه الجاري عَلَى المشهور.

متن الخليل:
وإِنْ قَالَ لِلْمَسْبُوقِ أَسْقَطْتُ رُكُوعاً عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلافَهُ، وسَجَدَ قَبْلَهُ إِنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ بَعْدَ صَلاةِ إِمَامِهِ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ قَالَ لِلْمَسْبُوقِ أَسْقَطْتُ رُكُوعاً عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلافَهُ) يشمل أربعة: عالم الإسقاط، وظانّه، وظانّ عدمه، والشاكّ كما تقدّم تحريره فِي قيام الإمام لخامسة.

.فصل فِي صلاة المسافر:

سُنَّ لِمُسَافِرٍ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ ولاهٍ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ، ولَوْ بِبَحْرٍ ذِهَاباً قُصِدَتْ دُفْعَةً، إِنْ عَدَّىَ الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ، وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ، والْعَمُودِيُّ حِلَّتَهُ، وانْفَصَلَ غَيْرُهُمَا قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ وَقُتِيَّةٍ، أَوْ فَائِتَةٍ فِيهِ، وإِنْ نُوِيَتَا بِأَهْلِهِ إِلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ لا أَقَلَّ إِلا الْمَكِّيَّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ ورُجُوعِهِ، ولا لِرَاجِعٍ لِدُونِهَا، ولَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ، ولا عَادِلٌ عَنْ قَصْرٍ بِلا عُذْرٍ، ولا هَائِمٌ، وطَالِبُ رَعْيٍ إِلا أَنْ يَعْلَمَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ قَبْلَهُ، ولا مُنْفَصِلٌ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً إِلا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا، وقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ.
الشرح:
قوله: (وقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ) الدخول فِي هذه بالرجوع، وبلده الموضع الذي تقدّمت فيه إقامته، فهو أعمّ من وطنه، بدليل الاستثناء، والدخول فِي التي بعدها بالمرور، ووطنه أخصّ من بلده.
متن الخليل:
وإِنْ بِرِيحٍ إِلا مُتَوَطِّنَ كَمَكَّةَ رَفَضَ سُكْنَاهَا، ورَجَعَ نَاوِياً السَّفَرَ، وقَطَعَهُ دُخُولُ وطَنِهِ، أَوْ مَكَانَ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا فَقَطْ وإِنْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ، ونِيَّةُ دُخُولِهِ ولَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ بِرِيحٍ) الريح فِي هذه ألجأته لدخول الرجوع وفِي التي بعدها الجأته لدخول المرور.

متن الخليل:
وَنِيَّةُ إِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ، ولَوْ بِخِلالِهِ إِلا الْعَسْكَرَ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوِ الْعِلْمُ بِهَا عَادَةً - لا الإِقَامَةُ وإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ.
الشرح:
قوله: (ولَوْ بِخِلالِهِ) هو كقول ابن الحاجب: وإن كانت بخلاله. وقد جوّز فيه ابن عبد السلام أن يكون تنبيهاً عَلَى ما إِذَا خرج لسفرٍ طويل ناءٍ، وباليسير ما لا تقصر فيه الصلاة، ويقيم أربعة أيام ثم يسير ما بقي من المسافة فلا شكّ أنه يتم فِي مقامه، واختلف هل يتم فِي مسيره، وجَوّز أَيْضاً أن يكون رفعاً لما يتوهم من أن نية الإقامة إنما تؤثر إِذَا كانت فِي غير السفر، أما إِذَا كانت فِي أضعافه فلا أثر لها؛ لأنها حينئذ كأنها فِي غير محل. انتهى.
فإن أراد هنا الأول؛ فقد أشار (بلو) إِلَى خلافٍ مذهبي، إلاّ أن الثاني أمسّ بلفظه، مَعَ أن الأول مستفاد من قوله فيما سبق: (قصدت دفعه).

متن الخليل:
وإِنْ نَوَاهَا بِصَلاةٍ شَفَعَ ولَمْ تُجْزِ حَضَرِيَّةً ولا سَفَرِيَّةً، وبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وإِنِ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ فَكُلٌّ عَلَى سُنَّتِهِ، وكُرِهَ كعكسه، وتَأَكَّدَ، وتَبِعَهُ ولَمْ يُعِدْ، وإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إِتْمَاماً أَعَادَ بِوَقْتٍ، وإِنْ سَهْواً سَجَدَ والأَصَحُّ إِعَادَتُهُ كَمَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ، والأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ إِنْ تَبِعَهُ، وإِلا بَطَلَتْ كَأَنْ قَصَرَ عَمْداً، والسَّاهِي كَأَحْكَامِ السَّهْوِ، وكَأَنْ أَتَمَّ، ومَأْمُومُهُ بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ عَمْداً وَسَهْواً أَوْ جَهْلاً فَفِي الْوَقْتِ، وسَبَّحَ مَأْمُومُهُ ولا يَتْبَعُهُ وسَلَّمَ الْمُسَافِرُ بِسَلامِهِ، وأَتَمَّ غَيْرُهُ بَعْدَهُ أَفْذَاذاً وأَعَادَ فَقَطْ بِالْوَقْتِ، وإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْراً فَظَهَرَ خِلافُهُ أَعَادَ أَبَداً، إِنْ كَانَ مُسَافِراً كَعَكْسِهِ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إِتْمَاماً أَعَادَ بِوَقْت) كذا فِي بعض النسخ، وبه يصح الكلام ويكون قوله: (وإِنْ سَهْواً سَجَدَ) مستأنفاً.

متن الخليل:
وفِي تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ والإِتْمَامِ تَرَدُّدٌ، ونُدِبَ تَعْجِيلُ الأَوْبَةِ، والدُّخُولُ ضُحًى. ونُدِبَ تَعْجِيلُ الأَوْبَةِ، والدُّخُولُ ضُحًى.
الشرح:
قوله: (وفِي ترك نية القصر والإتمام تَرَدُّدٌ) هذا فِي حقّ المسافر لا المقيم كما قيل.

متن الخليل:
وَرُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ، وإِنْ قَصُرَ ولَمْ يَجِدْ، بِلا كُرْهٍ، وفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ.
الشرح:
قوله: (ورُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ) أي: لا ببحر قال فِي "النكت": لأنا إنما نبيح للمسافر فِي البر الجمع من أجل جد السير، وخوف فوات أمر، وهذا غير موجود فِي المسافر بالريح. انتهى. فتأمل هل يلزم عَلَيْهِ أنّ من لا يشترط الشرطين فِي البر يبيح الجمع فِي البحر فيعارض قوله: (وإن قصر ولم يجد).

متن الخليل:
لإِدْرَاكِ أَمْرٍ بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ، ونَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وقَبْلَ الاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ، وبَعْدَهُ خُيِّرَ فِيهَا.
الشرح:
قوله: (بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ، ونَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وقَبْلَ الاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ، وبَعْدَهُ خُيِّرَ فِيهَا) هكذا فِي أكثر النسخ وهو الصواب، والضمير من قوله: (فِيهَا) يعود عَلَى العصر، وفِي بعض النسخ: ونوى النزول بعد الاصفرار وقبله آخر العصر وبعده خيّر فِيهَا، وكأنه إصلاح غرّ صاحبه ظاهر قول ابن الحاجب: فإن زالت ونيته النزول بعد الاصفرار جمع مكانه، وقبله الاصفرار صلى الظهر، وأخّر العصر، فإن نوى الاصفرار فقالوا: مخيّر.
ولا ينبغي أن يحمل عَلَى ظاهره خلافاً لمن فهمه كذلك من شارحيه، ووفاقاً لابن عرفة إذ قال: فإن زالت بمنهله ونوى النزول بعد الغروب جمع به، وقبل الاصفرار لا جمع. وبينهما.
قال المازري: فِي جمعه نظر للزوم كون الثانية فِي غير مختارها.
اللخمي: يجوز تأخيره الثانية وهو أولى.
المازري: هذا عَلَى عدم تأثيم من أخّر إليه وإلاّ ففيه نظر.
ابن عرفة: ردّه اللخمي بقوله: لا إثم للضرورة.
ابن بشير: المشهور الجمع، وقيل يؤخر الثانية. وقول ابن الحاجب: قالوا مخير. يريد: فِي تأخير الثانية إذ هو المقول، ولا أعرفه لغير الشيخين. انتهى، ويعني بالشيخين: اللخمي والمازري المتقدمي الذكر.
فقد اتضح لك من كلام ابن عرفة أنه نزّل تخيير ابن الحاجب عَلَى ما بين الاصفرار والغروب، فحمل قوله: نوى الاصفرار عَلَى جميع زمان الاصفرار الذي بين البياض والغروب، لا عَلَى أوّل جزء من الاصفرار، فإن ذلك غير معقول ولا تساعد عَلَيْهِ النقول، فوجب لذلك أن يتأول أَيْضاً قوله: ونيته النزول بعد الاصفرار. بأن يقال: أي بعد انقضاء زمان الاصفرار، وذلك بغروب الشمس. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وَإِنْ زَالَتْ رَاكِباً أَخَّرَهُمَا، إِنْ نَوَى الاصْفِرَارَ أَوْ قَبْلَهُ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ زَالَتْ رَاكِباً أَخَّرَهُمَا، إِنْ نَوَى الاصْفِرَارَ أَوْ قَبْلَهُ) الجاري عَلَى ما قدمنا أن يحمل الاصفرار عَلَى جميع ما بين البياض والغروب.

متن الخليل:
وإِلا فَفِي وَقْتَيْهِمَا كَمَنْ لا يَضْبِطُ نُزُولَهُ وكَالْمَبْطُونِ، ولِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ، وهَلِ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلانِ، وقَدَّمَ خَائِفُ الإِغْمَاءِ، والنَّافِضِ، والْمَيْدِ، وإِنْ سَلِمَ أَوْ قَدَّمَ ولَمْ يَرْتَحِلْ أَوِ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ ونَزَلَ عِنْدَهُ فَجَمَعَ، أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِالْوَقْتِ، وفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِكُلِّ مَسْجِدٍ لِمَطَرٍ أَوْ طِينٍ وظُلْمَةٍ لا لِطِينٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أذِّنَ لِلْمَغْرِبِ كَالْعَادَةِ، وأخِّرَ قَلِيلاً، ثُمَّ صُلِّيَا وَلاءً إِلا قَدْرَ أَذَانٍ مُنْخَفِضٍ بِمَسْجِدٍ، وإِقَامَةٍ.
الشرح:
قوله: (وإِلا فَفِي وَقْتَيْهِمَا) أي: وإن لَمْ ينو النزول فِي جميع زمان الاصفرار ولا فيما قبله، وإنما نوى النزول بعد الغروب فقط صلاهما فِي وقتيهما جمعاً صورياً لا جمع رخصة، إلا بالنسبة لتفويت الفضلية.

متن الخليل:
ولا يَتَنَفَّلُ بَيْنَهُمَا، ولَمْ يَمْنَعْهُ، ولا بَعْدَهُمَا، وجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ، يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ، ولِمُعْتَكِفٍ بِمَسْجِدٍ كَأَنِ انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، لا إِنْ فَرَغُوا فَيُؤَخَّرُ لِلشَّفَقِ، إِلا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ ولا إِنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الأُولَى، ولا الْمَرْأَةُ والضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا ولا مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ كَجَمَاعَةٍ لا حَرَجَ عَلَيْهِمْ.
الشرح:
قوله: (ولَمْ يَمْنَعْهُ) أي: لَمْ يمنع التنفل الجمع، وقاله فِي الذخيرة.

.فصل فِي صلاة الجمعة:

شَرْطُ الْجُمْعَةِ وُقُوعُ كُلِّهَا بِالْخُطْبَةِ وقْتَ الظُّهْرِ لِلْغُرُوبِ، وهَلْ إِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ وصُحِّحَ، أَوْ لا؟ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا، بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ أَوْ أَخْصَاصٍ، لا خِيَمٍ، وبِجَامِعٍ مَبْنِيٍّ مُتَّحِدٍ، والْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ وإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً. لا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ.
الشرح:
قوله: (وبِجَامِعٍ مَبْنِيٍّ مُتَّحِدٍ) شرط الاتحاد فِي البلد الواحد بيّن عَلَى المشهور قال ابن عرفة: وعَلَيْهِ لا يجوز إحداث الجمعة بقربها بثلاثة أميال اتفاقاً، وأجزأها زيد بن بشر فيما زاد عَلَى ثلاثة أميال، واعتبر يحيى بن عمر ستة أميال واعتبر ابن حبيب البريد، ونقل فِي "النوادر" الأول والثالث، وقول ابن الحاج: لكلّ قرية أن يُجَمِّعُوا ولو قربوا، ولا نصّ فِي منعه: قصور. انتهى. وصححّ الباجي الأول، وهو المفهوم من كلام المصنف بعد هذا.

متن الخليل:
وفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ، وقَصْدِ تَأْبُدِهَا بِهِ وإِقَامَةِ الْخَمْسِ تَرَدُّدٌ، وصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ، وطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ بِهِ إِنْ ضَاقَ، أَوِ اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ. لا انْتَفَيَا كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ، وسَطْحِهِ، ودَارٍ، وحَانُوتٍ.
الشرح:
قوله: (وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ، وقَصْدِ تَأْبُدِهَا بِهِ وإِقَامَةِ الْخَمْسِ تَرَدُّدٌ) أما الأولان فمعروفان وأما الثالث فقال ابن بشير: وقد سمعت أنه لابد من أن يكون الصف دائماً فيه، إلا أن تزيله الأعذار التي لابد منها. انتهى. ولا أعرفه لغيره، وعنه نقله فِي "التوضيح" بلا تَرَدُّدٌ، ولَمْ يذكره ابن عرفة.

متن الخليل:
وبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ، أَوَّلاً بِلا حَدٍّ، وإِلا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ.
الشرح:
قوله: (وبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ، أَوَّلاً بِلا حَدٍّ، وإِلا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ) هذا هو الذي فهم المصنف من كلام ابن عبد السلام إذ نقل عنه فِي "التوضيح" أنه قال: والذي يتبين أن العدد المشترط إنما يشترط فِي ابتداء إقامة الجمعة، لا فِي كلّ جمعة؛ لما فِي حديث العير أنه لَمْ يبق مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلاً. انتهى.
وليس كلام ابن عبد السلام بعين هذا النصّ، ونصّه الذي يتبين أن هذه الجماعة شرط فِي صحة إقامتها فِي البلد ووجوبها عَلَى أهله: ولا يشترط حضور هذا العدد فِي كلّ جمعة؛ لما فِي حديث العير أنه لَمْ يبق معه عَلَيْهِ السلام إلا اثنا عشر رجلاً. انتهى.
وقد استفسره ابن عرفة فقال: إن أراد أن عدد الجماعة شرط كفاية فِيهَا فلا قائل به، وإن أراد أنه شرط فِي وجوبها لا أدائها فباطل؛ لأن ما هو شرط فِي الوجوب شرط فِي الأداء، وإلا أجزأ الفعل قبل وجوبه عنه بعده، ولا ينقض بإجزاء الزكاة قبل الحول
بيسير؛ لأنه بناءً عَلَى أن ما قرب الشئ مثله، وإلا أجزأت قبله مُطْلَقاً، ولا بإجزائها للمرأة والعبد؛ لأنه مشروط بتبعيتها لذي شرط وجوب فِي فعله الشخصي، وإن أراد صحتها باثني عشر قبل إحرامها أو بعد فهما ما تقدّم للباجي وابن رشد. انتهى.
والذي للباجي أنه قال: ردّ أصحابنا قول الشافعي لا تنعقد إلاّ بأربعين دون الإمام بحديث جابر أنه ما بقي حين انفضّوا معه عليه الصلاة والسلام إلّا اثنا عشر رجلاً يقتضي إجازتها باثني عشر وإمام.
والذي لابن رشد أنه لما ذكر فِي "المقدمات" فِي إلغاء شرط بقاء الجماعة بعد إحرامهم واعتباره إِلَى السلام أو إِلَى تمام ركعة ثلاثة أقوال، ونسب الأول "للمدونة" ووجّهه بقصة انفضاضهم للعير إلا اثنا عشر رجلاً. فاشحذ قريحتك واحرق مزاجك فِي فهم المصنف واستفسار ابن عرفة، فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً.
وفي "القبس" رتّب علماؤنا عَلَى نازلة الانفضاض فرعاً غريباً فقالوا: يجب إتمام الجمعة باثني عشر رجلاً، ولكنّها لا تنعقد إلّا بأكثر منهم. رواه أشهب وغيره، والصحيح: أن كلّ ما جاز تمامها به جاز انعقادها عَلَيْهِ. انتهى. وقد أغفله ابن عرفة.
فإن قلت: هل يصحّ حمل كلام المصنّف هنا عَلَى ما فِي "القبس"؟
قلت: يبعده كونه لَمْ يذكره فِي "التوضيح"؛ مَعَ أنّ صاحب القبس صحّح خلافه. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وَاسْتُؤْذِنَ إِمَامٌ ووَجَبَتْ إِنْ مَنَعَ وأَمِنُوا، وإلا لَمْ تُجْزِ.
وسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ ولَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وأَعَادَ إِنْ تَغَذَّى، أَوْ نَامَ اخْتِيَاراً. لا لأَكْلٍ خَفَّ، وجَازَ تَخَطٍّ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ واحْتِبَاءٌ فِيهَا، وكَلامٌ بَعْدَهَا لِلصَّلاةِ، وخُرُوجُ كَمُحْدِثٍ فِيهَا بِلا إِذْنٍ، وإِقْبَالٍ عَلَى ذِكْرٍ قَلَّ سِرَّاً كَتَأْمِينٍ، وتَعَوُّذٍ عِنْدَ السَّبَبِ كَحَمْدِ عَاطِسٍ سِرَّاً، ونَهْيُ خَطِيبٍ، وأَمْرُهُ وإِجَابَتُهُ، وكُرِهَ تَرْكُ طُهْرٍ فِيهَا، والْعَمَلُ يَوْمَهَا، وبَيْعُ كَعَبْدٍ بِسُوقٍ وَقْتَهَا.
الشرح:
قوله: (وَاسْتُؤْذِنَ إِمَامٌ ووَجَبَتْ إِنْ مَنَعَ وأَمِنُوا، وإلا لَمْ تُجْزِ) رأيت فِي بعض الحواشي وأظنّه مما قُيّد عن شيخنا أبي عبد الله القوري أن قوله: (وإلا) راجع للشرط الأخير وهو الأمان، (ولم تَجُز) بفتح التاء وضم الجيم، من الجواز لا من الإجزاء والمعنى: وإن لَمْ يأمنوا لَمْ يجز لهم أن يقيموا الجمعة أي: للخوف عَلَى أنفسهم. انتهى، وهو أبين مما فِي "التوضيح" إذ قال فيه ما نصّه: "إِذَا عطّل الإمام الجمعة أو نهاهم عنها فقال مالك وابن القاسم: إِذَا قدروا عَلَى إقامتها فعلوا. هكذا نقل اللخمي ونقل غيره أن مالكا قال فِي "المجموعة": إن أمنوا أقاموها وإن كان على غير ذلك فصلى رجل الجمعة بغير إذن الإمام لَمْ يجزهم.؛ يريد لأن مخالفة الإمام لا تحلّ، وما لا يحلّ فعله لا يجزئ عن الواجب. انتهى.
وغالب الظن به أنه ما أراد فِي "مختصره" إلا ما ذكر فِي "توضيحه" وهو محتمل للنظر، وفِي النفس منه شئ، وما نقله عن المجموعة محتمل للتأويل، وزاد اللخمي: وفرّق أشهب بين أن يمنعهم أو يكونوا ممن لا يمنع فصلّوها بغير أمره، واختصره ابن عرفة فقال: وفرّق أشهب بين منعه وسكوته.

متن الخليل:
وتَنَفُّلُ إِمَامٍ قَبْلَهَا، أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الأَذَانِ. وحُضُورُ شَابَّةٍ، وسَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ، وجَازَ قَبْلَهُ، وحَرُمَ بِالزَّوَالِ. كَكَلامٍ فِي خُطْبَتَيْهِ بِقِيَامِهِ، وبَيْنَهُمَا، ولَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ، إِلا أَنْ يَلْغُوَعَلَى الْمُخْتَارِ، وكَسَلامٍ، ورَدِّهِ، ونَهْيِ لاغٍ، وحَصْبِهِ أَوْ إِشَارَةٍ لَهُ وابْتِدَاءِ صَلاةٍ بِخُرُوجِهِ، وإِنْ لِدَاخِلٍ، ولا يَقْطَعُ إِنْ دَخَلَ، وفُسِخَ بَيْعٌ وإِجَارَةٌ وتَوْلِيَةٌ وشَرِكَةٌ وإِقَالَةٌ وشُفْعَةٌ بِأَذَانٍ ثَانٍ، فَإِنْ فَاتت فَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، لا نِكَاحٌ وهبةٌ وصَدَقَةٌ، وعُذْرُ تَرْكِهَا والْجَمَاعَةِ: شِدَّةُ وحْلٍ، ومَطَرٍ، وجُذَامٌ، ومَرَضٌ، وتَمْرِيضٌ، وإِشْرَافُ قَرِيبٍ ونَحْوِهِ، وخَوْفٌ عَلَى مَالٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ والأَظْهَرُ والأَصَحُّ، أَوْ حَبْسُ مُعْسِرٍ، وعُرْيٌ، ورَجَاءُ عَفْوِ قَوْدٍ وأَكْل كَثَوْمٍ كَرِيحٍ عَاصِفَةٍ بِلَيْلٍ، لا عِرْسٍ، أَوْ عَمًى، أَوْ شُهُودِ عِيدٍ، وإِنْ أَذِنَ الإِمَامُ.
الشرح:
قوله: (أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الأذَانِ) محمول عَلَى أذَان غير الجمعة، وإلاّ ناقض ما يأتي من تحريم ابتداء صلاة بخروج الإمام.

.فصل فِي صلاة الخوف:

رُخِّصَ لِقِتَالٍ جَائِزٍ أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضٍ، قَسْمُهُمْ، وإِنْ وُجَاهَ الْقِبْلَةِ، أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ قِسْمَيْنِ، وعَلَّمَهُمْ، وصَلَّى بآذَانٍ وإِقَامَةٍ بِالأُولَى فِي الثُّنَائِيَّةِ رَكْعَةً، وإِلا فَرَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ سَاكِتاً أَوْ دَاعِياً أَوْ قَارِئاً فِي الثُّنَائِيَّةِ، وفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا تَرَدُّدٌ، وأَتَمَّتِ الأُولَى وانْصَرَفَتْ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ مَا بَقِيَ وسَلَّمَ فَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ولَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ أَوْ بَعْضٌ فَذّاً جَازَ، وإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَّرُوا لآخِرِ الاخْتِيَارِيِّ، وصَلَّوْا إِيمَاءً كَأَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ بِهَا، وحَلَّ لِلضَّرُورَةِ مَشْيٌ ورَكْضٌ، وطَعْنٌ، وعَدَمُ تَوَجُّهٍ وكَلامٌ وإِمْسَاكُ مُلَطَّخٍ، وإِنْ أَمِنُوا بِهَا أَتَمَّتْ صَلاةَ أَمْنٍ، وبَعْدَهَا لا إِعَادَةَ كَسَوَادٍ ظُنَّ عَدُوَّاً فَظَهَرَ نَفْيُهُ، وإِنْ سَهَا مَعَ الأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إِكْمَالِهَا، وإِلا سَجَدَتِ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ، والْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ. وإِنْ صَلَّى فِي ثُلاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ بِكُلِّ رَكْعَةٍ بَطَلَتِ الأُوْلَى، والثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ كَغَيْرِهِمَا عَلَى الأَرْجَحِ وصُحِّحَ خِلافُهُ.
الشرح:
قوله: (قَسْمُهُمْ، وإِنْ وُجَاهَ الْقِبْلَةِ) هذا هو المشهور، قال اللخمي: واختلف إِذَا كان العدو فِي القبلة هل يصلي بهم جميعاً أو طائفتين؟ فقال أشهب فِي مدونته: لا يفعل؛ لأنه يتعرّض أن يفتنه العدو أو يشغله، فإن فعل أجزأه وأجزأهم. وفِي كتاب مسلم: أن العدّو لما كان فِي القبلة صف النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس خلفه صفّين كبّر وكبّروا معه، وركع وركعوا معه، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه خاصة، ثم قام وقام الصف الذي سجد معه، وانحدر الصف المؤخر فسجدوا، ثم قاموا وقدّم الصفّ المؤخر، وتأخّر الصفّ المقدم، ثم ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - وركع جميعهم معه ثم سجد وسجد الصف الذي يليه الذي كان مؤخراً، وقام الصف المؤخر فِي نحو العدو، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة والصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر، فسجدوا، ثم سلّم النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم جميعاً.
وهذه صفة حسنة وليس يخشى فِيهَا ما يخشى إِذَا كان سجودهم كلهم معاً. انتهى.
و نقله أبو عمر فِي "الكافي" عن بعض أصحابنا وقبله ابن عرفة.

.فصل فِي صلاة العيد:

سُنَّ لِعِيدٍ رَكْعَتَانِ لِمَأْمُورِ الْجُمْعَةِ، مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ، لِلزَّوَالِ ولا يُنَادَى الصَّلاةَ جَامِعَةً وافْتَتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ بِالإِحْرَامِ، ثُمَّ بِخَمْسٍ غَيْرِ الْقِيَامِ، مُوَالًى، إِلا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ، بِلا قَوْلٍ، وتَحَرَّاهُ مُؤْتَمٌّ لَمْ يَسْتَمِعْ، وكَبَّرَ نَاسِيهِ إِنْ لَمْ يَرْكَعْ وسَجَدَ بَعْدَهُ، وإِلا تَمَادَى وسَجَدَ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ قَبْلَهُ، ومُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ يُكَبِّرُ، فَمُدْرِكُ الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ خَمْساً، ثُمَّ سَبْعاً بِالْقِيَامِ، ونُدِبَ إِحْيَاءُ لَيْلَتِهِ، وغُسْلٌ، وبَعْدَ الصُّبْحِ وتَطَيُّبٌ وتَزَيُّنٌ، وإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ، ومَشْيٌ فِي ذِهَابِهِ.
الشرح:
قوله: (وَإِلا تَمَادَى) أي: وإن لَمْ يذكر حتى انحنى للركوع تمادى وكذا فِي المدوّنة.

متن الخليل:
وإِنْ فَاتَتْ قَضَى الأُولَى بِسِتٍّ وهَلْ بِغَيْرِ الْقِيَامِ تَأْوِيلانِ.
قوله: (وإِنْ فَاتَتْ قَضَى الأُولَى بِسِتٍّ وهَلْ بِغَيْرِ الْقِيَامِ تَأْوِيلانِ) ظاهره أن تكبيرة القيام موجودة، وإنما التَأْوِيلانِ: هل هي معدودة أم لا؟ وليس كذلك بل التَأْوِيلانِ فِي وجودها كما فِي "التوضيح"، فمن أثبتها فقياساً عَلَى مدرك تشهد غيرها فِي قيامه بالتكبير وإن كان مكرراً مَعَ الإحرام؛ ليصله بابتداء القراءة، ومن أسقطها فلأن معه من التكبير ما يتصل بابتداء القراءة فلم يحتج لتكريرها، وإِلَى هذا يرجع ما لعبد الحقّ واللخمي والمازري وابن رشد فِي سماع عيسى وعياض فِي التنبيهات. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وفِطْرٌ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ، وتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ وخُرُوجٌ بَعْدَ الشَّمْسِ، وتَكْبُيرٌ فِيهِ حِينَئِذٍ لا قَبْلَهُ، وصُحِّحَ خِلافُهُ وجَهْرٌ بِهِ، وهَلْ لِمَجِيءِ الإِمَامِ أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلاةِ؟ تَأْوِيلانِ ونَحْرُهُ أُضْحِيَتَهُ بِالْمُصَلَّى، وإِيقَاعُهَا بِهِ إِلا بِمَكَّةَ، ورَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولاهُ فَقَطْ، وقِرَاءَتُهُمَا بِكِسِبِّحْ، والشَّمْسِ، وخُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ، وسَمَاعُهُمَا، واسْتِقْبَالُهُ وبَعْدِيَّتُهُمَا، وأُعِيدَتَا إِنْ قُدِّمَتَا، واسْتِفْتَاحٌ بِتَكْبِيرٍ، وتَخَلُّلُهُمَا بِهِ بِلا حَدٍّ، وإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ، وتَكْبُيرُهُ إِثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً، وسُجُودِهَا الْبَعْدِيِّ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، لا نَافِلَةٍ ومَقْضِيَّةٍ فِيهَا مُطْلَقاً، وكَبَّرَ نَاسِيهِ إِنْ قَرُبَ. ومُؤْتَمٌّ إِنْ تَرَكَهُ إِمَامُهُ، ولَفْظُهُ وهُوَ: اللهُ أَكْبَرُ ثَلاثاً، وإِنْ قَالَ بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ وللّهِ الْحَمْدُ، فَحَسَنٌ.وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلًّى قَبْلَهَا وبَعْدَهَا، لا بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا.
الشرح:
قوله: (وتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ) كذا صرح باستحبابه فِي "التلقين" وإيّاه تبع ابن شاس وابن الحاجب وقد قبله المازري، وزاد ليكون أوّل طعامه من لحم أضحيته، ونحوه للخمي، وزاد عن ابن شهاب يأكل من كبدها، والعجب من قصور ابن عرفة إذ قال: ونقْل ابن الحاجب استحباب تركه فِي الأضحى لا أعرفه، بل فِي المدوّنة، و"الموطأ" لا يؤمر بذلك فِي الأضحى، أبو عمر: ظاهره التخيير، واستحب غيره تركه حتى يأكل من أضحيته. انتهى.

.فصل فِي صلاة الكسوف:

سُنَّ وإِنْ لِعَمُودِيٍّ ومُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَانِ سِرَّاً، بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ ورُكُوعَيْنِ، ورَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ لِخُسُوفِ قَمَرٍ، كَالنَّوَافِلِ جَهْراً بِلا جَمْعٍ ونُدِبَ فِي الْمَسْجِدِ، وقِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ مُوَالِيَاتِهَا فِي الْقِيَامَاتِ، ووَعْظٍ بَعْدَهَا، ورَكَعَ كَالْقِرَاءَةِ وسَجَدَ كَالرُّكُوعِ ووَقْتُهَا كَالْعِيدِ، وتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ، ولا تُكَرَّرُ.
الشرح:
قوله: (وَرَكَعَ كَالْقِرَاءَةِ وسَجَدَ كَالرُّكُوعِ) ابن عبد السلام: وينبغي أن تكون الإطالة فِي السجود دون الركوع كما هي فِي الركوع دون القيام.

متن الخليل:
وَإِنِ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا، فَفِي إِتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ قَوْلانِ، وقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ، ثُمَّ كُسُوفٌ، ثُمَّ عِيدٌ وأُخِّرَ الاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ.
الشرح:
قوله: (وَإِنِ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَفِي إِتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ قَوْلانِ) هذا كإطلاق ابن الحاجب، وقيّده ابن عرفة بما إِذَا تمّ شطرها، وإلا فقال ابن زرقون: قيل: يقطعها، وقيل: يتمّها نفلاً.

.فصل فِي صلاة الاستسقاء:

سُنَّ الاسْتِسْقَاءُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ بِنَهْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وإِنْ بِسَفِينَةٍ رَكْعَتَانِ جَهْراً، وكُرِّرَ إِنْ تَأَخَّرَ، وخَرَجُوا ضُحًى مُشَاةً بِبِذْلَةٍ، وتَخَشُّعٍ مَشَايِخُ ومُتَجَالَّةٌ، وصِبْيَةٌ، لا مَنْ لا يَعْقِلُ مِنْهُمْ، وبَهِيمَةٌ وحَائِضٌ. ولا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ، وانْفَرَدَ لا بِيَوْمٍ، ثُمَّ خَطَبَ كَالْعِيدِ، وبَدَّلَ التَّكْبِيرَ بِالاسْتِغْفَارِ، وبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ آخِرَ الثَّانِيَةِ مُسْتَقْبِلاً، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ بِلا تَنْكِيسٍ، وكَذَا الرِّجَالُ فَقَطْ قُعُوداً. ونُدِبَ خُطْبَةٌ بِالأَرْضِ، وصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ، وصَدَقَةٌ.
الشرح:
قوله: (ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ) ظاهره تأخير التحويل عن الدعاء وهو خلاف ما فِي "المدوّنة" و"الرسالة" وغيرهما.

متن الخليل:
ولا يَأْمُرُ بِهِمَا الإِمَامُ، بَلْ بِتَوْبَةٍ، ورَدِّ تَبِعَةٍ وجَازَ تَنَفُّلٌ قَبْلَهَا، وبَعْدَهَا، واخْتَارَ إِقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ بِمَحَلِّهِ لِمُحْتَاجٍ. قَالَ وفِيهِ نَظَرٌ.
الشرح:
قوله: (وَلا يَأْمُرُ بِهِمَا الإِمَامُ) تصريح بأن الصوم والصدقة لا يأمر بهما الإمام بعد تسليم ندبهما هنا، ولا أعلم من صرّح بذلك غيره، بل ظاهر كلام اللخمي والمازري وأتباعهما كابن شاس وأبي الحسن الصغير وابن عرفة: أن الصدقة مندوب إليها ويأمر بهما الإمام، وهل الصوم كذلك؟ قَوْلانِ. والندب وأمر الإمام فيما يعطيه قوة كلامهم متلازمان.

.فصل فِي أحكام الجنائز:

فِي وَجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ، ولَوْ بِزَمْزَمَ، والصَّلاةِ عَلَيْهِ كَدَفْنِهِ وكَفْنِهِ، وسُنِّيَّتِهِمَا خِلافٌ، وتَلازَمَا، وغُسْلَ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّداً بِلا نِيَّةٍ، وقُدِّمَ الزَّوْجَانِ إِنْ صَحَّ النِّكَاحُ، إِلا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ بِالْقَضَاءِ وإِنْ رَقِيقاً أَذِنَ سَيِّدُهُ، أَوْ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ، أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، والأَحَبُّ نَفْيُهُ، إِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا، أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لا رَجْعِيَّةٌ وكِتَابِيَّةٌ إِلا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ، وإِبَاحَةُ الْوَطْءِ لِمَوْتِ بِرِقٍّ تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ، ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ، ثُمَّ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ وهَلْ تَسْتُرُهُ، أَوْ عَوْرَتُهُ؟ تَأْوِيلانِ، ثُمَّ يُمِّمَ لِمِرْفَقَيْهِ كَعَدَمِ الْمَاءِ، وتَقْطِيعِ الْجَسَدِ، وتَزْلِيعِهِ، وصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ مَاءٌ كَمَجْدُورٍ إِنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ، والْمَرْأَةُ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ، ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ، ولُفَّ شَعْرُهَا، ولا يُضْفرُ، ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ، ثُمَّ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا، وسُتِرَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتَيْهِ، وإِنْ زَوْجاً..
الشرح:
قوله: (أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) أشار به لقول ابن يونس: أحبّ إليّ ألا تغسله؛ لأنه قد حرم عَلَيْهِ تزويجها أن لو كان ذلك طلاقاً، وكان حيّاً.

.صلاة الجنازة:

ورُكْنُهَا النِّيَّةُ وأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ، وإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ، والدُّعَاءُ، ودَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وإِنْ وَالاهُ، أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ الثَّلاثِ أَعَادَ، وإِنْ دُفِنَ، فَعَلَى الْقَبْرِ، وتَسْلِيمَةٌ خَفِيَّةٌ، وسَمَّعَ الإِمَامَ مَنْ يَلِيهِ، وصَبَرَ الْمَسْبُوقُ لِلتَّكْبِيرِ، ودَعَا إِنْ تُرِكَتْ، وإِلا وَالَى.
وَكُفِّنَ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ، وقُدِّمَ كَمَؤُونَةِ الدَّفْنِ عَلَى دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ ولَوْ سُرِقَ، ثُمَّ إِنْ وجِدَ وعُوِّضَ وَرِثَ، إِنْ فُقِدَ الدَّيْنُ كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ.
الشرح:
قوله: (كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتَ) نقله المازري عن ابن العلاء البصري وزاد ـ وكأنه عن القابسي ـ: ولو خيف نبشه كانت حراسته من رأس المال، وقد أغفل ابن عرفة هذين الفرعين.

متن الخليل:
هُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لا زَوْجِيَّةٍ، والْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وإِلا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ونُدِبَ تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاللّهِ، وتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إِحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ، ثُمَّ ظَهْرٍ، وتَجَنُّبُ حَائِضٍ وجُنُبٍ لَهُ.
الشرح:
قوله: (لا زَوْجِيَّةٍ) هو بياء النسب عطفاً عَلَى قرابة أو رقّ.

متن الخليل:
وتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ، وتَغْمِيضُهُ، وشَدُّ لَحْيَيْهِ، إِذَا قَضَى، وتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ، ورَفْعُهُ عَنِ الأَرْضِ، وسَتْرُهُ بِثَوْبٍ.
الشرح:
قوله: (وَشَدُّ لَحْيَيْهِ) نقله ابن عبد السلام عن غير المذهب فقال ابن عرفة: قد ذكره سند، ولَمْ يعزه لغير المذهب، وتعليل ابن شعبان إغماضه خوف دخول الماء عينيه يؤكد شدّ لحيته.

متن الخليل:
ووضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ، وإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إِلا الْغَرَقَ. ولِلْغُسْلِ سِدْرٌ، وتَجْرِيدُهُ، ووَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفَعٍ، وإِيثَارُهُ كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ، ولَمْ يُعَدْ كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ وغُسِلَتْ، وعَصْرُ بَطْنِهِ بِرِفْقٍ، وصَبُّ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ بِخِرْقَةٍ، ولَهُ الإِفْضَاءُ إِنِ اضْطُرَّ، وتَوْضِئَتُهُ، وتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ وأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ، وإِمَالَةُ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ لِمَضْمَضَةٍ، وعَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وكَافُورٌ فِي الأَخِيرَةِ، ونُشِّفَ، واغْتِسَالُ غَاسِلِهِ، وبَيَاضُ الْكَفَنِ، وتَجْمِيرُهُ، وعَدَمُ تَأَخُّرِهِ عَنِ الْغُسْلِ. وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَلا يُقْضَى بِالزَّائِدِ إِنْ شَحَّ الْوَارِثُ، إِلا أَنْ يُوصِيَ، فَفِي ثُلُثِهِ.
الشرح:
قوله: (ووَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ) ابن عبد السلام: وقع فِي المذهب تجعل حديدة عَلَى بطنه، ونصّ الشافعية عَلَى معناه قالوا: لئلا يسرع انتفاخ بطنه.
فقال ابن عرفة: لا أعرفه فِي المذهب بل نقل ابن المنذر إباحته عن الشعبي والشافعي.

متن الخليل:
وهَلِ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ، أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ والْبَاقِي سُنَّةٌ؟ خِلافٌ. ووِتْرُهُ، والاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ، والثَّلاثَةُ عَلَى الأَرْبَعَةِ، وتَقْمِيصُهُ، وتَعْمِيمُهُ، وعَذَبَةٌ فِيهَا، وأُزْرَةٌ، ولِفَافَتَانِ، والسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ، وحُنُوطٌ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ، وعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ، والْكَافُورُ فِيهِ وفِي مَسَاجِدِهِ وحَوَاسِّهِ ومَرَاقِّهِ، وإِنْ مُحْرِماً ومُعْتَدَّةً، ولا يَتَوَلَّيَاهُ، ومَشْيُ مُشَيِّعٍ، وإِسْرَاعُهُ، وتَقَدُّمُهُ وتَأَخُّرُ رَاكِبٍ وامْرَأَةٍ، وسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ، ورَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ، وابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وصَلاةٍ عَلَيْهِ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وإِسْرَارُ دُعَاءٍ، ورَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى الْكَفِّ، ووُقُوفُ إِمَامٍ بِالْوَسَطِ ومَنْكَبَيِ الْمَرْأَةِ رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ، ورَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّماً، وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً عَلَى كَرَاهَتِهِ، فَيُسَطَّحُ، وحَثْوُ قَرِيبٍ فِيهِ ثَلاثاً، وتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لأَهْلِهِ وتَعْزِيَةٌ، وعَدَمُ عُمْقِهِ، واللَّحْدُ، وضَجْعٌ فِيهِ عَلَى أَيْمَنَ مُقَبَّلاً، وتُدُورِكَ إِنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ، وكَتَرْكِ الْغُسْلِ، ودَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ، إِنْ لَمْ يُخَفِ التَّغَيُّرُ، وسَدُّهُ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ، ثُمَّ قَرْمُودٍ، ثُمَّ آجُرٍّ، ثُمَّ قَصَبٍ، وسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنَ التَّابُوتِ، وجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ ابْنَ كَسَبْعٍ، ورَجُلٍ كَرَضِيعَةٍ.
الشرح:
قوله: (وهَلِ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ، أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ والْبَاقِي سُنَّةٌ؟ خِلافٌ) سلّم فِي "التوضيح" أن الأول ظاهر كلامهم ونسب الثاني لـ: "التقييد" و "التقسيم"، ومقتضي كلامه هنا: أن الخلاف فِي التشهير، وقال ابن عرفة: قال أبو عمر وابن رشد: الفرض من الكفن ساتر العورة، والزائد لستر غيرها سنة، وقال ابن بشير: أقلّه ثوب يستره كله. انتهى. وصرّح ابن بشير بنفي الخلاف منه، وأنه بخلاف الحيّ.

متن الخليل:
والْمَاءُ الْمُسَخَّنُ، وعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى، وتَكْفُينٌ بِمَلْبُوسٍ، أَوْ مُزَعْفَرٍ، ومُوَرَّسٍ، وحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ، وبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ.
الشرح:
قوله: (والْمَاءُ الْمُسَخَّنُ) هو كقول ابن الجلاب: لا بأس أن يغسله بالماء السخن.
ابن عرفة: وهو ظاهر المذهب. انتهى. وفِي "الزاهي": ويغسل بالماء السخن إن احتاجوا إِلَى ذلك.
وقال المازري: قال أشهب: واسع غسله بالماء سخناً أو بارداً.
قلت: فعزو ابن عرفة التخيير لابن شاس، قصور.

متن الخليل:
والْمُعَيِّنُ مُبْتَدُعٌ، وخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ، أَوْ إِنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي كَأَبٍ، وزَوْجٍ، وابْنٍ وأَخٍ، وسَبْقُهَا، وجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا.
الشرح:
قوله: (والْمُعَيِّنُ مُبْتَدُعٌ) هو كقوله فِي "المدوّنة"، وقول من قال: يبدأ باليمين بدعة. وإن كان أشهب وابن حبيب لا يسلّمان ذلك.

متن الخليل:
ونَقْلٌ وإِنْ مِنْ بَدْوٍ، وبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ وبَعْدَهُ بِلا رَفْعِ صَوْتٍ وقَوْلٍ قَبِيحٍ، وجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ، ووَلِيَ الْقِبْلَةَ الأَفْضَلُ، أَوْ بِصَلاةٍ يَلِي الإِمَامَ رَجُلٌ، فَطِفْلٌ، فَعَبْدٌ، فَخَصِيٌّ، فَخُنْثَى كَذَلِكَ، وفِي الصِّنْفِ أَيْضاً الصَّفُّ، وزِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلا حَدٍّ. وكُرِهَ حَلْقُ شَعْرِهِ، وقَلْمُ ظُفْرِهِ، وهُوَبِدْعَةٌ، وضُمَّ مَعَهُ إِنْ فُعِلَ.
الشرح:
قوله: (ونَقْلٌ وإِنْ مِنْ بَدْوٍ) حاصل ما فِي "النوادر" فِي ذلك عن ابن حبيب: لا بأس بحمله من البادية للحاضرة، ومن موضع لآخر؛ مات سعيد بن زيد وسعد بن أبي وقّاص بالعقيق فحملا للمدينة. ورواه ابن وهب، وروى علي: لا بأس به للمصر إن قرب. انتهى، ولَمْ يزد ابن عرفة عَلَيْهِ فتأمل معه الأغياء فِي عبارة المصنف.

متن الخليل:
وَلا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ، ويُؤْخَذُ عَفْوُهَا.
الشرح:
قوله: (وَلا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ، ويُؤْخَذُ عَفْوُهَا) مثله للجلاب قال الشارمساحي أي: أزيل ما عَلَيْهَا من الدم، والقيح مما تسهل إزالته. انتهى.
والعفو فِي اللغة: الفضل، ومنه قوله تعالى: {خذ العفو} [الأعراف: 199] أي: ما سهل من أموال الناس، وعفا أي: فضل، وزاد من قولهم: عفا النبت والشعر. قاله ابن عطية، وأنشد قول حاتم الطائي:
خذ العفو مني تستديمي مودتي ** ولا تنطقي فِي سورتي حين أغضب


متن الخليل:
وقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ كَتَجْمِيرِ الدَّارِ.
الشرح:
قوله: (وقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ كَتَجْمِيرِ الدَّارِ) كراهة القراءة والتجمير عند احتضاره هو قول مالك فِي سماع أشهب، قال ابن رشد: واستحبهما ابن حبيب، زاد ابن يونس عنه استحباب الروائح الطيبة.

متن الخليل:
وبَعْدَهُ، وعَلَى قَبْرِهِ، وصِيَاحٌ خَلْفَهَا، وقَوْلُ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا، وانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلا صَلاةٍ، أَوْ بِلا إِذْنٍ، إِنْ لَمْ يُطَوِّلُوا.
الشرح:
قوله: (وَبَعْدَهُ، وعَلَى قَبْرِهِ) ابن عرفة، وقبل عياض: استحباب بعض العلماء القراءة عَلَى القبر؛ لحديث الجريدتين وقاله الشافعي. انتهى، وفِي "الإحياء": لا بأس بالقراءة عَلَى القبور. وفي "مسالك" ابن العربي: يستحبّ تلقينه بعد الدفن.

متن الخليل:
وحَمْلُهَا بِلا وَضُوءٍ، وإِدْخَالُهُ بِمَسْجِدٍ، والصَّلاةُ عَلَيْهِ فِيهِ، وتِكْرَارُهَا، وتَغْسِيلُ جُنُبٍ.
الشرح:
قوله: (وحَمْلُهَا بِلا وَضُوءٍ) كذا فِي سماع ابن القاسم.
ابن رشد: إنما كرهه لأنه يحمل ولا يصلّي، ولو علم أنه يجد فِي موضع الجنازة ما يتوضأ به لَمْ يكره له حملها عَلَى غير وضوء.

متن الخليل:
كَسِقْطٍ، وتَحْنِيطُهُ، وتَسْمِيَتُه، وصَلاةٌ عَلَيْهِ، ودَفْنُهُ بِدَارٍ، ولَيْسَ عَيْباً بِخِلافِ الْكَبِيرِ لا حَائِضٍ، وصَلاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ والإِمَامِ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِقَوْدٍ أَوْ حَدٍّ، وإِنْ تَوَلاهُ النَّاسُ دُوْنَهُ، وإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدُّدٌ.
الشرح:
قوله: (ولَيْسَ عَيْباً) أي: ليس دفن السقط فِي الدار عيباً فِيهَا، وكذا نصّ عَلَيْهِ ابن يونس عن ابن سحنون عن مالكٍ، قال: لأن السقط ليس له حرمة الموتى؛ إذ لا يصلي عَلَيْهِ، ولا يورث، ألا ترى أنه قد أبيح دفنه فِي الدور. قيل له: أفيجوز الانتفاع بموضع قبر السقط؟ قال: أكره ذلك.
قال ابن سحنون: والقياس جواز الانتفاع به لجواز بيعه.
وفي "التوضيح": القَوْلانِ فِي كونه عيباً حكاهما ابن بشير، والمنصوص لمالك: ليس بعيب. انتهى. وهو صحيح، ولم ينقل ابن عرفة القولين إلا من طريق ابن بشير، وكذلك هما فِي كتاب "التنبيه" لابن بشير، من غير تنبيه عَلَى نصّ ولا تخريج، إلاّ أنه قال: وهما منزّلان عَلَى الخلاف الذي فِي جواز دفنه فِي الدور، ففي قول بعضهم: فِي كلام المصنف نظر، نظر.

متن الخليل:
وتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ، ونَجِسٍ، كَأَخْضَرَ، ومُعَصْفَرٍ أَمْكَنَ غَيْرُهُ.
الشرح:
قوله: (وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ) اللخمي: وجنسه الكتان والقطن، وفِي "النوادر" عن ابن حبيب: ما جاز فِي حياته.
ابن عرفة: فيدخل الصوف.

متن الخليل:
وزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ، واجْتِمَاعُ النِّسَاءِ لِبُكَاءٍ وإِنْ سِرَّاً، أَوْ تَكْبِيرُ نَعْشٍ، وفَرْشُهُ بِحَرِيرٍ، وإِتْبَاعُهُ بِنَارٍ ونِدَاؤُهُ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ، لا بِكَحِلْقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ.
الشرح:
قوله: (وزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ) لَمْ أر من صرّح بكراهته، وأخذ من قول ابن حبيب: أحب إِلَى مالك خمسة أثواب. لا يلزم.

متن الخليل:
وقِيَامٌ لها، وتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ، وبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ، وإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ، وجَازَ لِلتَّمْيِيزِ كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ بِلا نَقْشٍ، ولا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ، ولَوْ بِبَلَدِ الإِسْلامِ. أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، وإِنْ أَجْنَبَ عَلَى الأَحْسَنِ، لا إِنْ رُفِعَ حَيَّاً وإِنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ إِلا الْمَغْمُورَ، ودُفِنَ بِثِيَابِهِ إِنْ سَتَرَتْهُ، وإِلا زِيدَ بِخُفٍّ وقَلَنْسُوَةٍ ومِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا، وخَاتَمٍ قَلَّ فَصُّهُ، لا دِرْعٍ وسِلاحٍ، ولا دُونَ الْجُلِّ، ولا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ، وإِنْ صَغِيراً ارْتَدَّ، أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ الإِسْلامَ، إِلا أَنْ يُسْلِمَ كَأَنْ أَسْلَمَ ونَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ. وَإِنِ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا وكُفِّنُوا، ومُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلاةِ، ولا سَقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ.
الشرح:
قوله: (وقِيَامٌ لها) تصريح بكراهة القيام للجنازة وظاهره مُطْلَقاً، والذي لابن رشد فِي سماع موسى: أن القيام كان مأموراً به للجنائز فِي ثلاثة مواضع:
أحدها: من كان جالساً فمرّت به أن يقوم حتى تخلفه.
والثاني: من اتبع جنازة أن لا يجلس حتى توضع.
والثالث: من سبق الجنازة إِلَى المقبرة فقعد ينتظرها أن يقوم إِذَا رآها حتى توضع ثم نسخ ذلك كله بما روي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم فِي الجنازة ثم جلس وأمرهم بالجلوس».
وروي أنه فعل ذلك مرة، وكان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نهي انتهى، وأما القيام عَلَى الجنازة حتى تُدفن فلا بأس به، والقول بنسخه ليس بصحيح، وقد فعله علي بن أبي طالب، وقال: قليل لأخينا قيامنا عَلَى قبره وقال ابن حبيب: إنما نسخ من القيام فِي الجنائز الوجوب، فمن جلس ففي سعة، ومن قام فمأجور. انتهى.
ففهم هنا ابن عرفة فِي حكم القيام قولين: أحدهما أن وجوبه، نسخ للإباحة، وهو ظاهر المذهب. والثاني: أنه نسخ للندب، وهو قول ابن حبيب، وعَلَى هذا فلا كراهة، وهو ظاهر كلام غير واحد، ولعلّ المصنف استروح الكراهة من قوله: فلما نهى عنه عَلَيْهِ السلام انتهى، أو مما فِي "النوادر" عن علي ابن أبي زياد: أن الذي أخذ به مالك أن يجلس ولا يقوم، وهو أحبّ إليّ.
فرع:
كره فِي سماع ابن القاسم أن يتبع الرجل الجنازة حاسراً بغير رداء، ابن رشد: ومن هذا المعنى ما يفعل عندنا من تبيض الولي عَلَى وليّه.
ابن عرفة: ونحوه عندنا تسويده.

متن الخليل:
وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَالَ، أَوْ رَضَعَ، إِلا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ، وغُسِلَ دَمُهُ، ولُفَّ بِخِرْقَةٍ، ووُرِيَ ولا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ، إِلا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا، ولا غَائِبٍ، ولا تُكَرَّرُ، والأَوْلَى بِالصَّلاةِ وَصِيٌّ رُجِيَ خَيْرُهُ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ، لا فَرْعُهُ، إِلا مَعَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، وأَفْضَلُ وَلِيٍّ، ولَوْ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ وصَلَّى النِّسَاءُ دُفْعَةً، وصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ، والْقَبْرُ حبسٌ لا يُمْشَى عَلَيْهِ، ولا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ، إِلا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ، أَوْ قَبْرٍ بِمِلْكِهِ أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ، وإِنْ كَانَ بِمَا يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ بُقِّيَ وعَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ، وأَقَلُّهُ مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ، وحَرَسَهُ، وبُقِرَ عَنْ مَالٍ كَثُرَ، ولَوْ بِشَاهِدٍ ويَمِينٍ، لا عَنْ جَنِينٍ، وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً عَلَى الْبَقْرِ إِنْ رُجِيَ، وإِنْ قُدِرَ عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ فُعِلَ، والنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ، وصُحِّحَ أَكْلُهُ أَيْضاً.
الشرح:
قوله: (ولَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَالَ، أَوْ رَضَعَ) فِي "التوضيح": المشهور عن مالك أنه إِذَا تحرّك أو عطس أو رضع لا يحكم له بالحياة.
ابن حبيب: ولو أقام يتنفس يوماً، ويفتح عينيه ما لَمْ يسمع له صوت، وفيه نظر، وأشكل من ذلك قول يحيي بن عمر: إِذَا قام عشرين يوماً أو أكثر، ولَمْ يصرخ ثم مات فلا يغسّل ولا يصلى عَلَيْهِ؛ لأن الميت يتغير فِي أقل من ذلك، ويسير الحركة لا يعتبر اتفاقاً، وكثير الرضاع يعتبر اتفاقاً. وقطع المازري بأن الرضاع لا يكون إلاّ من حيّ، وأنكره غيره.
ابن الماجشون: والبول لا يدل عَلَى حياة؛ لاحتمال أن يكون من استرخاء. انتهى.
وقال ابن عبد السلام: ينبغي أن لا يلحق العطاس بالرضاع اليسير؛ لأن العطاس يرجع إِلَى حركة، وهو خروج هواء محتقن. والرضاع وإن قلّ معه ضربٌ من التمييز، وذلك مستلزم قطعاً للحياة، وكذا قبل ابن عرفة قول المازري، وإلغاء الرضاع تشكيك فِي الضروريات، وقطع بأن البول لغو، وزاد عن اللخمي وعبد الحقّ عن عبد الوهّاب: أن طول المكث كالاستهلال: خلاف ما حكى ابن حارث عن يحيي ابن عمر.

متن الخليل:
ودُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ، ولا تَسْتَقْبِلُ قِبْلَتَنَا ولا قِبْلَتَهُمْ، ورُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّناً إِنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، ولا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ، ولا يُتْرَكُ مُسْلِمٍ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ، ولا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَباً كَافِراً ولا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إِلا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ، والصَّلاةُ أَحَبُّ مِنَ النَّفْلِ إِذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إِنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحاً.
الشرح:
قوله: (ودُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ) مراده بالمشركة: الكافرة. سواءً كانت مباحة الوطء، وهي الكتابية، أو كانت غير مباحة الوطء، كالوثنية إِذَا أسلم واطئها بعدما أحبلها، فلو قال: كافرة لحرر العبارة.
قال ابن عرفة: ونقل ابن غلاب عن المذهب: تدفن بطرف مقبرة المسلمين، وهْمٌ. انتهى.
فإن قلت: إنما يلي دفنها أهل دينها بمقبرتهم، كما صرّح به فِي "النوادر" وغيرها فما فائدة قول المصنف: (ولا تستقبل قبلتنا ولا قبلتهم)؟ وإنما وقع هذا فِي "المدوّنة" عن ربيعة فِي المسلم يواري أباه الكافر.
قلت: كأنه احترز به من قول بعض العلماء: يجعل ظهرها إِلَى القبلة؛ لأن وجه الجنين إِلَى ظهرها، عَلَى أن فِي التعبير عن هذا المقصد بهذه العبارة بعد. والله تعالى أعلم.