فصل: فصل قضاء الفوائت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.فصل قضاء الفوائت:

وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مُطْلَقاً.
الشرح:
قوله: (وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مُطْلَقاً) أي: فِي حقّ العامد وغيره، ومن أسلم بدار الحرب وغيرها، والمستحاضة وغيرها.
أما العامد فقال عياض: سمعت بعض شيوخنا يحكي: أنه بلغه عن مالك قولةً شاذةً بسقوط قضاء تاركها عمداً، ولا يصحّ عنه ولا عن غيره من الأئمة سوى داود وأبي عبد الرحمن الشافعي، وخرّجه سند عَلَى قول ابن حبيب بتكفيره لأنه مرتدّ تاب، وأمّا الحربي يسلم فنقل المازري فِي قضاء ما تركه ببلد الحرب: الوجوب لسحنون والسقوط لابن عبد الحكم قال ابن عرفة: لعله عَلَى نقل المتيطي فِي كون من أقرّ بالشهادتين، وأبى التزام سائر القواعد بعد التشديد عليه مرتداً أو لا؟ قَوْلانِ لأصبغ، والمشهور به القضاء، وأمّا المستحاضة، فنقل ابن رشد فِي قضائها ما تركته جهلاً مدة استحاضتها ثلاثة أقوال:
الأول: الوجوب " للمدونة".
والثاني: السقوط لابن شعبان، وظاهر سماع أبي زيد رواية ابن القاسم.
والثالث: تقضي الأيام اليسيرة دون الكثيرة، ابن رشد: وسألت شيخنا أبا جعفر ابن رزق عن رواية أبي زيد هذه، فتأولها بما بينها وبين خمسة عشر يوماً، ويتناول قوله: (مُطْلَقاً). أَيْضاً الكثيرة واليسيرة وكون القضاء فِي جميع الأوقات.

متن الخليل:
وَمَعَ ذِكْرٍ تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطاً.
الشرح:
قوله: (ومَعَ ذِكْرٍ تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطاً) الشرط هو: الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، فيلزم من عدم ترتيب الحاضرتين مَعَ الذكر أن يعيد التي قدّمها أبداً؛ لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً. وقد حكى فِي "المقدمات" الاتفاق عليه؛ ولكن قال المازري: خرج بعضهم عدم شرط الترتيب من قول مالك: من قدّم عصر يومه عَلَى ظهره جهلاً، ولَمْ يذكر فِي يومه لَمْ يعد.
قال ابن عرفة: خرّجه الباجي من رواية علي قال: ولابن القاسم نحوه، ابن زرقون: هي خلاف نقل ابن رشد الاتفاق، فلعلّه لَمْ يقف عليها، ومفهوم قوله: (مَعَ ذكر) أنه غير واجب مَعَ النسيان، فلا يعيد إلاّ فِي الوقت، وكذا صرّح به ابن رشد وغيره.

متن الخليل:
والْفَوَائِتُ فِي أَنْفُسِهَا ويَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ، وإِنْ خَرَجَ وقْتُهَا، وهَلْ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ؟ خِلافٌ.
الشرح:
قوله: (والْفَوَائِتُ فِي أَنْفُسِهَا) لَمْ يصف هذا الواجب بالشرطية، فلا يلزم من عدمه عدم؛ فإِذَا لا يعيدها أصلاً ذاكراً أو ناسياً، عَلَى ما مشى عليه المصنّف إذ بالفراغ منها خرج وقتها.

متن الخليل:
فَإِنْ خَالَفَ ولَوْ عَمْداً أَعَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ، وفِي إِعَادَةِ مَأْمُومِهِ خِلافٌ.
الشرح:
قوله: (فَإِنْ خَالَفَ ولَوْ عَمْداً أَعَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ) هذا راجعٌ ليسير الفوائت مَعَ الحاضرة، وما ذكر فيه هو مذهب "المدوّنة"، وقطع هنا باعتبار الوقت الضروري كما فعل ابن رشد، وقد حكى فيه اللخمي روايتين.

متن الخليل:
وإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلاةٍ ولَوْ جُمُعَةً قَطَعَ فَذٌّ، وشَفَعَ إِنْ رَكَعَ، وإِمَامٌ ومَأْمُومِهِ لا مُؤْتَمٌّ، فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوَّلاً ولَوْ جُمُعَةً وَكَمَّلَ، فَذٌّ بَعْدَ شَفْعٍ مِنَ الْمَغْرِبِ كَثَلاثٍ مِنْ غَيْرِهَا وإِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ مُطْلَقاً صَلَّى خَمْساً، وإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلاهَا نَاوِياً لَهُ، وإِنْ نَسِيَ صَلاةً وثَانِيَتَهَا صَلَّى سِتَّا.ً
ونُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ، وفِي ثَالِثَتِهِا أَوْ رَابِعَتِهَا أَوْ خَامِسَتِهَا كَذَلِكَ يُثَنِّي بِالْمَنْسِيِّ، وصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ فِِي سَادِسَتِهَا وحَادِيَةِ عَشْرَتِهَا.
الشرح:
قوله: (أَوَّلاً ولَوْ جُمُعَةً) إغياء فِي قطع الإمام الذاكر ومأمومه. وقوله ثانياً: (ولَوْ جُمُعَةً) إغياء فِي تمادي المؤتمّ الذاكر وإعادته فِي الوقت ظهراً أربعاً.

متن الخليل:
وفِي صَلاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ لا يَدْرِي السَّابِقَةَ صَلاهُمَا وأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ ومَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ أَعَادَ بإثْرِ كُلِّ حَضَرِيَّةٍ سَفَرِيَّةً وثَلاثاً كَذَلِكَ سَبْعاً وأَرْبَعاً وثَلاثَ عَشْرَةَ وخَمْساً إحْدَى وعِشْرِينَ.
الشرح:
قوله: (وفِي صَلاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ لا يَدْرِي السَّابِقَةَ صَلاهُمَا وأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ) تصوره ظاهر، إلاّ أن الذي يليق بفرض المسألة أن تكون معينتين بالتأنيث نعتاً لصلاتين لا ليومين، ولو قدّمه مَعَ ذلك لكان أبين، ففرض المسألة أن الصلاتين معينتان كظهرٍ وعصر إحداهما من يوم والأخرى من يوم آخر، ولا فرق عَلَى مختار المصنّف بين كون اليومين معينين كسبت وأحد، وكونهما غير معينين، أما مَعَ عدم التعيين فباتفاق، وأمّا مَعَ التعيين فعلى المشهور عَلَى ما عند ابن الحاجب وغيره.

متن الخليل:
وصَلَّى فِي ثَلاثٍ مُرَتَّبَةٍ مِنْ يَوْمٍ لا يَعْلَمُ الأُولَى سَبْعاً وأَرْبَعاً ثَمَانِياً وخَمْساً تِسْعاً.
الشرح:
قوله: (وصَلَّى فِي ثَلاثَةٍ مُرَتَّبَةٍ مِنْ يَوْمٍ لا يَعْلَمُ الأولى سَبْعاً وأَرْبَعاً ثَمَانِياً وخَمْساً تِسْعاً) تصوره ظاهر، فإن قلت: ولَمْ سكت هنا عن صلاتين مرتبتين؟
قلت: لأنه ذكره أوّلاً إذ قال: وإن نسي صلاةً وثانيتها صلى ستاً كما ذكر الواحدة إذ قال: وإن جهل عين منسية مُطْلَقاً صلى خمساً. فضابطه أنه يصلّي لواحدة خمساً، ثم كلّما زاد واحدة فِي المنسي زادها فِي المقضي، فيصلّي لاثنتين ستاً، ولثلاث سبعاً، ولأربع ثمانية ولخمس تسعاً.

.فصل فِي أحكام السهو:

سُنَّ لِسَهْوٍ وإِنْ تَكَرَّرَ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلامِهِ وبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ وأَعَادَ تَشَهُّدَهُ كَتَرْكِ جَهْرٍ وسُورَةٍ بِفَرْضٍ وتَشَهُّدَيْنِ وإِلا فَبَعْدَهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ.
الشرح:
قوله: (وتَشَهُّدَيْنِ) أي أن التشهدين كالتكبيرتين، يسجد لهما قبل السلام، وعَلَى هذا اختصر "المدوّنة" أبو سعيد، والتشهد الواحد كالتكبيرة الواحدة لا يسجد له كما يأتي.
وقد تعقّب القرافي تصوير السجود للتشهدين قبل السلام بأن السجود الأخير قبل السلام ذكر له قبل فوت محلّه فيفعل، و أجيب بتصويره حيث يجلس ثلاثاً فِي مسائل اجتماع القضاء والبناء.
قال ابن عرفة: ولا يلزم ذلك من لفظ الأمهات، وطوّل فِي ذلك فانظره.
وقرر ابن عبد السلام السؤال بأنه قبل السلام لَمْ يفت محل التشهد الثاني فيبقى التشهد الأول عَلَى انفراده، والمذهب أنه لا سجود عَلَى من تركه وحده قال: وأجيب عنه بأن السجود إنما كان لنقصان التشهد الأول مَعَ الزيادة الكائنة عن تأخير التشهد الثاني؛ إذ لا يقال: سها عنه إلاّ إِذَا تركه مُطْلَقاً أو أخّره عن مكانه.

متن الخليل:
وَمُقْتَصِرٌ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَبِهِ أَم بِوَتْرٍ، أَوُ تَرْكِ سِرٍّ بِفَرْضٍ.
الشرح:
قوله: (ومُقْتَصِرٌ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَبِهِ أَوْ بِوَتْرٍ) تصوره ظاهر،ولما كان الحكم أن هذا الشاكّ يقتصر عَلَى الركعتين المتيقنتين، فيسلّم منهما عَلَى أنهما شفعه، ويسجد ثم بعد ذلك يستأنف الوتر، عبّر عنه بالمقتصر، كما أنّه لمّا كان الذي قبله لا يقتصر عَلَى المتيقن، بل يأتي بما شكّ فيه، وبعد ذلك يسلّم، عبّر عنه بالمتمّ، فحصل التقابل بين اللفظين فِي أوجز عبارة.

متن الخليل:
أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ ولَهِيَ عَنْهُ، كَطُولٍ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ عَلَى الأَظْهَرِ وإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ بِإِحْرَامٍ وتَشَهُّدٍ وسَلامٍ جَهْراً وصَحَّ إِنْ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ لا إِنِ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ، ويُصْلِحُ أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَوْ سَلَّمَ أَوْ سَجَدَ واحدةً فِي شَكِّهِ فِيهِ، هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ.أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ لِغَيْرِهَا أَوْ قَاءَ غَلَبَةً، أَوْ قَلَسَ، ولا لِفَرِيضَةٍ وغَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ كَتَشَهُّدٍ ويَسِيرِ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ.
الشرح:
قوله: (ولَهِيَ عَنْهُ) يجري فيه من البحث ما تقدّم عند قوله فِي الطهارة: إلا المستنكح، ابن القوطية: ولهيت عن الشيء ومنه لهياناً: غفلت عنه.

متن الخليل:
وإِعْلانٍ بِكَآيَةٍ.
الشرح:
قوله: (وإِعْلانٍ بِكَآيَةٍ) الذي ينبغي أن يحمل عليه أنه ليس تكرار مَعَ قوله قبله: (ويسير جهراً وسراً)؛ لأن مراده بيسير الجهر والسر: ما لَمْ يبالغ فيه منهما، ولو كان ذلك فِي كلّ القراءة، عَلَى نحو ما فِي "مختصر" أبي محمد بن أبي زيد، حسبما رجّح فِي "توضيحه" فِي فهم كلام ابن الحاجب، ولكن يلزم عليه أن يكون سكت عن الإسرار بنحو الآية.

متن الخليل:
وَإِعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ لَهُمَا وتَكْبِيرَةٍ، وفِي إِبْدَالِهَا بِسَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وعَكْسِهِ. تَأْوِيلانِ.
الشرح:
قوله: (وإِعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ لَهُمَا) الذي فسّره به الشارح هو مراد المؤلف لا شكّ فيه، إذ به قرر فِي "التوضيح" كلام ابن الحاجب معتمداً عَلَى قول ابن عبد السلام، ورأى فِي الرواية أن الزيادة المذكورة فِي السورة خاصة أخفّ منها فِي مجموع أم القرآن مَعَ السورة. انتهى.
وظاهر كلام ابن رشد وغيره: أن الفرعين معاً من أصلٍ مختلفٍ فيه وهو زيادة القرآن فِي الصلاة من غير تفريق بينهما. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
ولا لإِدَارَةٍ مُؤْتَمٍّ، وإِصْلاحِ رِدَاءٍ، وسُتْرَةٍ فَقَطْ أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ أَوْ دَفْعِ مَارٍّ أَوْ ذَهَابِ دَابَّةٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ) ظاهره أنه تحديد فِي المسائل الأربع بعده.

متن الخليل:
وَإِنْ بِجَنْبٍ، أَوْ قَهْقَرَةٍ وفَتْحٍ عَلَى إِمَامِهِ إِنْ وقَفَ، وسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ، ونَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ كَتَنَحْنُحٍ، والْمُخْتَارُ عَدَمُ الإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا، وتَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ، ولا يُصَفِّقْنَ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ بِجَنْبٍ، أَوْ قَهْقَرَةٍ) صوابه قهقرى بألف التأنيث لا بتائه.

متن الخليل:
وَكَلامٍ لإِصْلاحِهَا بَعْدَ سَلامٍ.
الشرح:
قوله: (وَكَلامٍ لإِصْلاحِهَا بَعْدَ سَلامٍ) أي: بعد سلام الإمام، وكذا قيّد فِي "التوضيح" الخلاف الذي بين ابن القاسم وابن كنانة وسحنون، بما إِذَا وقع الكلام بعد أن سلّم الإمام معتقداً للتمام كما فِي الحديث، قال: وأمّا إذ شكّ الإمام، فحكى اللخمي والمازري فِي ذلك ثلاثة أقوال: "المشهور أنه لا يجوز له أن يسأل المأمومين كان فِي صلاة أو انصرف منها بسلام، ثم حدث له الشكّ بعد سلامه" هذا لفظ المازري، وعبّر عنه اللخمي بالمعروف.
ووجهه أنّه مَعَ الشكّ مخاطب بالبناء عَلَى اليقين، وقال أصبغ: يجوز السؤال بعد السلام خاصة، وقال ابن عبد الحكم: يجوز قبل السلام وبعده. انتهى.
وفِي رسم إن أمكنني من سماع عيسى، وسئل عن الإمام يصلي بالناس فيجلس فِي ثالثة، أو يقوم إِلَى خامسة، فيسبح به، فلا يرجع، فيكلّمه إنسان ممن يصلي خلفه؟ قال: قد أحسن وتتم صلاته.
قلت: وكذا لو سأل الإمام أتمّت صلاته أم لا؟ قال: نعم، كذلك أَيْضاً.
قال ابن رشد: قوله: وكذا لو سأل الإمام أتمّت صلاته؟ قال: نعم، كذلك أَيْضاً. ظاهره قبل السلام، وهو بعيد إذ لا ضرورة بالإمام إِلَى السؤال قبل السلام هل أكمل صلاته أم لا؛ لأن الواجب عليه إِذَا شكّ أن يبني عَلَى اليقين إلاّ أن يسبّح به فيرجع، فإن سألهم قبل أن يسلّم، أو سلّم عَلَى شكٍّ فقد أفسد الصلاة، وإن سلّم عَلَى يقين ثم شكّ جاز له أن يسألهم، فينبغي أن يعدل بالكلام عن ظاهره، ويقال: معناه إِذَا شكّ فِي إتمام صلاته بعد أن سلّم عَلَى يقين، وذلك بخلاف الذي يُستخلف ساعة دخوله، ولا علم له بما صلى الإمام، فإنه يجوز له السؤال إِذَا لَمْ يفهم بالإشارة، عَلَى ما فِي سماع موسى بن معاوية؛ إذ ليس عنده أصل يقين يبني عليه. انتهى.
وقال ابن عرفة: ولإصلاحها، كإمامٍ سلّم من اثنتين، ولَمْ يفقه التسبيح، فكلّمه بعضهم، فسأل بقيتهم فصدقوه، أو زاد أو جلس فِي غير محلٍ ولَمْ يفقه فكلّمه بعضهم، فثالثها تصح فِي سهو السلام من اثنتين فقط، ابن حبيب لمن رأي فِي ثوب إمامه نجاسة: أن يدنوا ويخبره كلاماً. سحنون: تبطل ولو كان لعدم إفهامه إشارة. انتهى مختصراً.
وبهذا يظهر أن قيد السلام ليس فِي كلّ محلّ. وبالله تعالى التوفيق.

متن الخليل:
وَرَجَعَ إِمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ، إِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إِلا لِكَثْرَتِهِمْ جِدَّاً. ولا لِحَمْدِ عَاطِسٍ، أَوْ مُبَشِّرٍ ونُدِبَ تَرْكُهُ، ولا لِجَائِزٍ، كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ، وتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ، وقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ.
الشرح:
قوله: (وَرَجَعَ إِمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ) ظاهره: وإن لَمْ يكونا مأموميه كما عند اللخمي، وكأنه الراجح عند ابن الحاجب؛ إذ قدّمه ثم قال فِي مقابله: وقيل بشرط أن يكونا مأموميه، والمنسوب للمدونة " أن ذلك مشروط بأن يكونا مأموميه، وقد قال ابن عرفة فِي رجوع الشاكّ لعدلين ليسا فِي صلاته، وبنائه عَلَى حكم نفسه نقلان:
الأول: للخمي عن المذهب وابن الجلاب عن أشهب.
والثاني: للمدونة " والعتبي عن ابن القاسم. انتهى.
وقد يقال: إن تخصيص المصنف الإمام فقط مشعر بكونه مأموميه، فيكون عَلَى مذهب "المدوّنة" إلاّ أنه بعيد من كلامه فِي "التوضيح".

متن الخليل:
وإِشَارَةٍ لِسَلامٍ، أَوْ حَاجَةٍ.
الشرح:
قوله: (وإِشَارَةٍ لِسَلامٍ) أي: لردّ سلام، قال فِي "المدوّنة": وليردُّ مشيراً بيده أو برأسه، والابتداء به مما انفرد به ابن الحاجب، قال ابن هارون: لَمْ أر ذلك لغيره وتركه عندي أصوب، وقال ابن عبد السلام: وفِي النفس شيء من الإشارة بابتداء السلام، عَلَى أن المصنف قرره فِي "التوضيح" كأنه قبله.

متن الخليل:
لا عَلَى مُشَمِّتٍ كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ وبُكَاءُ تَخَشُّعٍ. وإِلا فَكَالْكَلامِ كَسَلامٍ عَلَى مُفْتَرَضٍ ولا لِتَبَسُّمٍ، وفَرْقَعَةِ أَصَابِعَ، والْتِفَاتٍ بِلا حَاجَةٍ، وتَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وحَكِّ جَسَدِهِ، وذِكْرٍ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ وإِلا بَطَلَتْ كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلاةٍ عَلَى الأَصَحِّ، وبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ.
الشرح:
قوله: (كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ) صوابه: وكأنين بالواو عطفاً عَلَى قوله: كإنصات؛ إذ هو مما اندرج تحت قوله: (ولا لجائز) وأمّا قوله بعد: (كسلام عَلَى مفترض) فلا يليق به الواو؛ لأنه مشبّه به فِي الجواز فقط لا فِي الجواز، وإسقاط السجود.

متن الخليل:
وتَمَادَى الْمَأْمُومُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ كَتَكْبِيرَةٍ لِلرُّكُوعِ بِلا نِيَّةِ إِحْرَامٍ، وذِكْرِ فَائِتَةٍ. وبِحَدَثٍ، وبِسُجُودِهِ لِفَضِيلَةٍ أَوْ لِتَكْبِيرَةٍ.
الشرح:
قوله: (كَتَكْبِيرَةٍ لِلرُّكُوعِ بِلا نِيَّةِ إِحْرَامٍ، وذِكْرِ فَائِتَةٍ) شبّه هاتين المسألتين بمسألة القهقهة فِي تمادي المأموم وقطع غيره؛ ولذلك لَمْ يعطفهما عَلَى قوله: (بقهقهة)، بل قرن الأولى بكاف التشبيه، وجرّد الثانية من الباء، فلما رجع للمعطوفات عَلَى القهقهة كرر الباء فقال: و(بحدث... إِلَى آخره)، وكرر الثانية، وإن تقدمت فِي فصل الفوائت قصداً لجمع النظائر الثلاث المسماة بمساجين الإمام، المبنية عَلَى الاستحسان و فِي معنى ذكر الفائتة فِي الصبح بدليل قوله بعد: (وندب قطعها له لفذ لا مؤتم)، فقد أجاد ما شاء برّد الله تعالى ضريحه، ولقد أحسن القائل:
وكَمْ عَائِبٌ ليلى ولَمْ يرَ وجْهَهَا ** فَقَالَ لَهُ الْحِرْمَانُ حسبك ما فاتا


متن الخليل:
وَبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ، وعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وبِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ.
الشرح:
قوله: (وبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ، وعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) مشغلٍ: اسم فاعل من اشغل رباعياً، وهي لغة رديئة، قاله الجوهري وابن القوطية: ومثله ما تقدّم فِي السترة، قال فِي كتاب الطهارة من "المدوّنة": ومن أصابه حقن أو قرقرة فإن كان ذلك خفيفاً فليصل، وإن كان مما يشغله أو يُعجّله فِي صلاته فلا يصلي حتى يقضي حاجته، فإن صلى بذلك أحببت له الإعادة أبداً، ولَمْ يحفظ ابن القاسم عن مالك فِي الغثيان شيئاً. فحمل عياض الإعادة عَلَى الاستحباب، وقال الباجي: عن بعض الأَصَحّاب: ما خف صلى به وإن ضمّ بين وركيه قطع، فإن تمادى أعاد فِي الوقت، وإن شغله وأعجله فأبداً، وقال اللخمي: هذا والغثيان أو ما يوهمه إن خفّ استحبّ زواله قبلها، وإن صلى به أجزأته، وإن أعجله وخفّ شغل قلبه أعاد فِي الوقت، وإن لَمْ يدر كيف صلى فأبداً. وعَلَى هذه النقول اقتصر ابن عرفة.
وقال ابن بشير: إن شغله عن الفرائض أعاد أبداً، وعن السنن ففي الوقت، ويجري عَلَى ترك السنن متعمداً أو عن الفضائل، لا شيء عليه.
ابن عبد السلام، وهذا كلام لا بأس به فِي فقه المسألة. انتهى. وهو الذي اعتمده المصنّف هنا.

متن الخليل:
وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ، أَوْ نَفْخٍ، أَوْ أَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ، أَوْ قَيْءٍ، أَوْ كَلام ٍ، وإِنْ بِكُرْهٍ، أَوْ وجب لإِنْقَاذِ أَعْمَى، إِلا لإِصْلاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ، وبِسَلامٍ، وأَكْلٍ، وشُرْبٍ، وفِيهَا إِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ، وهَلِ اخْتِلافٌ أَوْ لا لِسَلامٍ فِي الأُولَى أَوْ لِلْجَمْعِ؟ تَأْوِيلانِ.
الشرح:
قوله: (وبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ، أَوْ نَفْخٍ، أَوْ أَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ، أَوْ قَيْءٍ، أَوْ كَلام ٍ) التعمد منسحب عَلَى هذه الأمور كلها؛ ولذلك أسقط فيها باء الجر بخلاف قوله: (وبسلام) وما بعده.

متن الخليل:
وَبِانْصِرَافٍ لِحَدَثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ، كَمُسْلِمٍ شَكَّ فِي الإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الأَظْهَرِ، وبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الإِمَامِ بَعْدِيَّاً أَوْ قَبْلِيَّاً إِنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً وإِلا سَجَدَ، ولَوْ تَرَكَ إِمَامَهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ وأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ، ولا سَهْوَعَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْوَةِ، وبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلاثِ سُنَنٍ وطَالَ، لا أَقَلَّ، فَلا سُجُودَ.
الشرح:
قوله: (كَمُسْلِمٍ شَكَّ فِي الإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الأَظْهَرِ) تقدمت الإشارة إليه فِي باب الطهارة عند قوله: (وإن شكّ فِي صلاته ثم بان الطهر لَمْ يعد).

متن الخليل:
وإِنْ ذَكَرَهُ فِي صَلاةٍ وبَطَلَتْ، فَكَذَاكِرِهَا، وإِلا فَكَبَعْضٍ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ ذَكَرَهُ فِي صَلاةٍ) الضمير المفعول فِي "ذكره" يعود عَلَى القبلي الذي عن ثلاث سنن بدليل قوله: (وبطلت)، وقد قال ابن يونس: إن كانتا قبل السلام وهما مما لا تفسد الصلاة بتركهما، فكاللتين بعد السلام لا يفسد بذكرهما واحدة من الصلاتين.

متن الخليل:
فَمِنْ فَرْضٍ إِنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ، وأَتَمَّ النَّفْلَ وقَطَعَ غَيْرَهُ.
الشرح:
قوله: (فَمِنْ فَرْضٍ إِنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ، وأَتَمَّ النَّفْلَ وقَطَعَ غَيْرَهُ) ليس عَلَى إطلاقه، بل نصّ ابن يونس عَلَى أنه إن كان فِي بقيةٍ من الوقت أتمّ النفل ركع أو لَمْ يركع، وإن ضاق الوقت قطع إن لَمْ يركع قال: ويصير كمن ذكر فريضة ذهب وقتها فِي نافلة وليس قوله: (وقطع غيره) أي: الفرض عَلَى إطلاقه، بل قال ابن يونس: إن كان مَعَ إمامٍ تمادى فإِذَا سلّم أعادها.

متن الخليل:
وَنُدِبَ الإِشْفَاعُ إِنْ عَقَدَ رَكْعَةً وإِلا رَجَعَ بِلا سَلامٍ، ومِنْ نَفْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى كَفِي نَفْلٍ إِنْ أَطَالَهَا أَوْ رَكَعَ، وهَلْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ، أَوْ لا ولا سُجُودَ؟ خِلافٌ، وبِتَرْكِ رُكْنٍ فَطَالَ، كَشَرْطٍ وتَدَارَكَهُ، إِنْ لَمْ يُسَلِّمْ.
الشرح:
قوله: (وَإِلا رَجَعَ بِلا سَلامٍ) يريد: وإن كان مأموماً بخلاف الذي قبله، وقد قال فِي "المدوّنة": قال ابن القاسم: وإن كانتا قبل السلام وهما من فريضة، ومما تعاد بنسيانهما الصلاة، فذكرهما بقرب صلاته فِي فريضة أو نافلة رجع إليهما بغير سلام، كان وحده أو مَعَ إمام، هكذا اختصرهما ابن يونس، وهو أتمّ من اختصار أبي سعيد؛ ولهذا قال ابن عرفة: فرض فِي فرض فيها إن قرب سجد ولو كان مأموماً.

متن الخليل:
ولَمْ يَعْقِدْ رُكُوعاً وهُوَرَفْعُ رَأْسٍ، إِلا لِتَرْكِ رُكُوعٍ، فَبِالانْحِنَاءِ كَسِرٍّ وتَكْبِيرِ عِيدٍ، وسَجْدَةِ تِلاوَةٍ، وذِكْرِ بَعْضٍ، وإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وهُوَبِهَا.
الشرح:
قوله: (وَهُوَرَفْعُ رَأْسٍ، إِلا لِتَرْكِ رُكُوعٍ، فَبِالانْحِنَاءِ كَسوِرةٍ، وتَكْبِيرِ عِيدٍ، وسَجْدَةِ تِلاوَةٍ، وذِكْرِ بَعْضٍ، وإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وهُوَبِهَا) هذه ست نظائر وفِي ضمنها أربع: فالسرُّ والجهر والتنكيس فِي ضمن السورة؛ لأنهن أخفُّ منها، فهن أحري أن يفتن بوضع اليدين عَلَى الركبتين، وذكر السجود القبلي القادح تركه فِي ضمن ذكر البعض كما تقدّم، فالمجموع عشر.
تنبيه:
قال فِي "التوضيح": وقد يقال: لا نسلّم أن ابن القاسم يرى هذا انعقاداً، وإنما قال بالفوات لأحد أمرين: إمّا لخفة المتروك كترك السورة والجهر، وإمّا لعدم الفائدة، كمن ذكر أنه نسي ركوع الأولى وهو راكع، فإن رجوعه إِلَى الأولى لا فائدة فيه إذ لا يصح له إلا ركعة، ألا ترى أنهم قالوا فيمن ترك الجلوس، وفارق الأرض بيديه وركبتيه: أنه لا يرجع؛ مَعَ كونه لَمْ تنعقد له ركعة بل هنا أولى؛ لأنه هنا قد تلبّس بركن وتارك الجلوس لَمْ يتلبس إِلَى الآن به.

متن الخليل:
وبَنَى إِنْ قَرُبَ ولَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ - بِإِحْرَامٍ، ولَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ، وجَلَسَ لَهُ عَلَى الأَظْهَرِ.
الشرح:
قوله: (وجَلَسَ لَهُ عَلَى الأَظْهَرِ) أي: وجلس لأجل الإحرام ليأتي به فِي حالة الجلوس التي فارق منها الصلاة، عَلَى ما استظهر ابن رشد إذ قال فِي "المقدمات": إنما الصواب أن يجلس ثم يكبّر فيبني، وبسط القول فيها عَلَى ما يجب، وأما قول ابن الحاجب: وعَلَى الإحرام ففي قيامه له قَوْلانِ، وعَلَى قيامه ففي جلوسه بعده، ثم ينهض فيتمّ قَوْلانِ.
فقال فِي "التوضيح": قوله: ففي قيامه نحوه لابن بشير وابن شاس، وظاهره أن القولين جاريان ولو كان جالساً، قال ابن عبد السلام وابن هارون: وليس بصحيح وإنما القَوْلانِ فِي حقّ من تذكّر بعد أن قام هل يطلب بالجلوس وهو قول ابن شبلون؛ لأنها الحالة التي فارق عليها الصلاة، وهو الأصل، أو يجوز له أن يحرم وهو قائم؛ ليكون إحرامه بالفور، وهو قول قدماء أصحاب مالك، وعَلَى القيام فهل يجلس بعد ذلك أم لا؟ قَوْلانِ.
وأما من تذكّر وهو جالس، فإنه يحرم كذلك، ولا يطلب منه القيام اتفاقاً، والقول بأنه يكبّر ثم يجلس لابن القاسم، والقول بأنه يكبّر ولا يجلس لابن نافع، وأشار المازري إِلَى بنائهما عَلَى الحركة إِلَى الركن هل هي مقصودة أم لا، وأنكر ابن رشد أن يكون ما نسب لابن القاسم فِي المذهب، ووهم من نقل ذلك عنه وليس بصحيح؛ لأن عبد الحقّ والباجي وغيرهما نقلوا ذلك عنه. انتهى.
وذكر ابن عرفة فِي صفة البناء طرقاً منها: ظاهر قول ابن بشير وابن شاس، وناقش ابن عبد السلام بما يوقف عليه فِي كتابه.

متن الخليل:
وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلامِ التَّشَهُّدَ.
الشرح:
قوله: (وأَعَادَ تَارِكُ السَّلامِ التَّشَهُّدَ) يريد بعد طول لا يمنع البناء، فارق الموضع أم لا، وهذا أحد القولين، وقيل: لا يعيد التشهد.

متن الخليل:
وسَجَدَ إِنِ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ ورَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ الأَوَّلِ إِنْ لَمْ يُفَارِقِ الأَرْضَ بِيَدَيْهِ ورُكْبَتَيْهِ، ولا سُجُودَ وإِلا فَلا، ولا تَبْطُلُ إِنْ رَجَعَ.
الشرح:
قوله: (وسَجَدَ إِنِ انْحَرَفَ) أي: إن انحرف عن القبلة استقبل وسلّم وسجد بعد السلام وإن لَمْ يفارق الموضع، ولا طال الطول المذكور، فالشرط راجع للسجود لا للتشهد، فالسجود يجب بمجرد الانحراف بخلاف إعادة التشهد، هذا هو المساعد للنصوص؛ فقد قال اللخمي: إن ذكره وهو بموضعه استقبل القبلة وسلّم، ولَمْ يكن عليه أن يكبّر، ولا أن يتشهد، ويسجد لسهوه بعد السلام، واختلف إِذَا فارق الموضع هل يكبّر؟ وهل يكون تكبيره وهو قائم أو بعد أن يجلس؟ وهل يتشهد ونحوه؟
في "التوضيح" مَعَ أن لفظه هنا: يحتمل رجوع الشرط للأمرين كما يعطيه قوله فِي "التوضيح" فِي قول ابن الحاجب، فإن قرب جداً فلا تشهد ولا سجود، وإنما هذا إِذَا لَمْ ينحرف عن القبلة. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
ولَوِ اسْتَقَلَّ وتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ وسَجَدَ بَعْدَهُ كَنَفْلٍ لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَةً، وإِلا كَمَّلَ أَرْبَعاً وفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقاً.
الشرح:
قوله: (وتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ) أي تبعه فِي القيام، وفِي الرجوع بعد الاستقلال، ولو كان المأموم قد استقلّ، فإِذَا لَمْ يقم المأموم حتى رجع الإمام فأحرى أن يبقى عَلَى جلوسه، هذا هو الآتي عَلَى رواية ابن القاسم؛ حيث جعل فيها السجود بعدياً، والجلوس معتداً به حسبما أشار إليه سند بن عنان، وقبله القرافي وتلميذه ابن راشد القفصي، والمصنف فِي "التوضيح"، ولم يعرج عليه ابن عرفه.

متن الخليل:
وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا.
الشرح:
قوله: (وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا) أي: فِي مسألة الذي كمّل أربعاً، ومسألة الذي رجع من الخامسة، وعليه اختصرهما أبو سعيد، واختلف فِي توجيهه فِي الأولى فقال الأبهري وابن شبلون وأبو محمد: لأنه نقص السلام.
وقال ابن مسلمة والقاضي إسماعيل: لأنه نقص الجلوس، واختاره ابن الكاتب والقابسي واللخمي، ونقض اللخمي التعليل الأول بلزومه فيمن صلى الظهر خمساً، قال ابن عرفة: يردّ باستقلال الركعتين فِي النفل ونفيه فِي خامسة الظهر، ولا ينقض بأن السلام فرض، ولا ينجبر بسجود؛ لأن رعي كون النفل أربعاً يُصيّر سلام الركعتين كسنة، وفرع عَلَى كونه قبل أو بعد كون الأربع فِي قيام رمضان ترويحتين أو ترويحة، ويردّ بأن المعتبر فيه عدد الركعات، وهي معتبرة مُطْلَقاً، وإلا أمر بالرجوع بعد الثالثة. انتهى.
وتوجيهه فِي الثانية قريب من هذا.

متن الخليل:
وتَارِكُ رُكُوعٍ يَرْجِعُ قَائِماً. ونُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ، وسَجْدَةٍ يَجْلِسُ لا سَجْدَتَيْنِ،ولا يُجْبَرُ رُكُوعُ أُولاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ، وبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الأُوَلِ ورَجَعَتِ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلانِهَا لِفَذٍّ وإِمَامٍ، وإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا سَجَدَهَا، وفِي الأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وقِيَامِ ثَالِثَةٍ بِثَلاثٍ، ورَابِعَةٍ بِرَكْعَتَيْنِ، وتَشَهُّدٍ.
الشرح:
قوله: (وَسَجْدَةٍ يَجْلِسُ) أي: وتارك سجدة يجلس، ثم يسجد، هذا مختاره من القولين، وظاهره كإن جلس أولاً أو لَمْ يجلس، وهو ظاهر إطلاق غيره، وقد قيّده فِي "التوضيح" بما إِذَا لَمْ يكن جلس، قال: وأما لو جلس أولاً لخرّ من غير جلوس اتفاقاً. انتهى. فتأمله مَعَ تعليله بقصد الحركة للركن.

متن الخليل:
وإِنْ سَجَدَ إِمَامٌ وَاحِدَةً وقَامَ لَمْ يُتبعْ، وسُبِّحَ بِهِ، فإِذَا خِيفَ عَقْدُهُ قَامُوا، فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ سَجَدَ إِمَامٌ وَاحِدَةً وَقَامَ لَمْ يُتبَعْ، وسُبِّحَ بِهِ، فإِذَا خِيفَ عَقْدُهُ قَامُوا، فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ) أي: كما يقومون إِذَا قعد فِي التي هى ثالثة فِي نفس الأمر؛ لاعتقاده أنها رابعة، وسكت عن مساعدتهم له فِي ترك الجلوس عَلَى الثانية فِي نفس الأمر لاعتقاده أنها ثالثة لوضوحه.
تكميل:
قال ابن عرفة ونقل ابن عبد السلام عن ابن القاسم: إن خافوا عقده سجدوها: أعرفه دون استحباب إعادتهم. انتهى، ويأتي قول ابن القاسم.
وقال فِي "التوضيح": وأصل هذه المسألة لسحنون يعني: فِي "النوادر" وفيها نظر؛ لأنهم متعمدون لإبطال الأولى بتركهم السجود، ومن تعمد إبطال ركعة من صلاته بطل جميعها، ولو قيل: إنهم يسجدون سجدة ويدركون الثانية معه فتصح لهم الركعتان - ما بَعُدَ.
فإن قيل: فِي ذلك مخالفة للإمام لأن الإمام قائم وهم جلوس وقضاء فِي حكمه وهما غير جائزين؟
فالجواب: أما المخالفة فهي لازمة لهم أَيْضاً؛ لأن الإمام قائم وهم جلوس. وأما القضاء فِي حكم الإمام فقد أجيز مثله فِي الناعس والغافل والمزحوم خوفاً من إبطال الركعة، فكذلك هنا. انتهى.
وقد يفرق بأن الناعس ومن معه فعل السجدة أمامهم وهذا لَمْ يفعلها؛ عَلَى أن ابن رشد قال فِي رسم باع شاة من سماع عيسى: إِذَا نسي الإمام سجدة من الأولى فتبعه قوم عامدون وقوم ساهون وسجدها قوم وفاته فعلها فقد اختلف فِي الساجدين عَلَى ثلاثة أقوال:
الأول: أن السجدة تجزيهم، وتصحُّ لهم الركعة، فيجلسون فِي قيامه لرابعته حتى يسلّم بهم، ويسجد قبل إن ذكر بعد عقد الثالثة وبعد إن ذكر قبله، وهو قول ابن القاسم فِي هذه الرواية، وهو أضعفها؛ ولهذا قال: وأحب إليّ لو أعادوا الصلاة.
الثاني: بطلان صلاتهم لاعتدادهم بالسجدة، وهم إنما فعلوها فِي حكم الإمام ولمخالفتهم إياه فِي النية فِي أعيان الركعات؛ لأن صلاتهم تبقى عَلَى بنيتها، وتصير للإمام ومن سهى معه الركعة الثانية أولى والثالثة ثانية والرابعة ثالثة، وهو قول أصبغ.
الثالث: أن السجود لا يجزيهم، وتبطل عليهم الركعة كما بطلت عَلَى الإمام ومن معه ويتبعونه فِي صلاته كلها وتجزيهم، حكاه ابن المواز.
وعلى الأول لو ذكروا قبل فواتها فقال أصبغ: يسجدونها معه، وأباه ابن القاسم، والساهون كإمامهم، والتابعون له عَلَى ترك السجدة عالمين بسهوه قال فِي الرواية: إن صلاتهم منتقضة، ويتخرّج عَلَى ما فِي "الموازية" أن تبطل عليهم الركعة، ولا تتنتقض الصلاة؛ لأن السجدة إِذَا كانت عَلَى مذهبه لا يجزئهم فعلها فلا يضرّهم تركها.
وأما إِذَا سها الإمام عنها وحده فلا يخلوا من خلفه من حالين:
أحدهما: أن يسجدوا لأنفسهم. والثاني: أن يتبعوه عَلَى ترك السجدة عالمين بسهوه، فأما إن سجدوا لأنفسهم، ولَمْ يرجع الإمام إِلَى السجدة حتى فاته الرجوع إليها بعقد الركعة التي بعدها فركعة القوم صحيحة باتفاق، ويقضي الإمام تلك الركعة بعينها التي أسقط منها السجدة فِي آخر صلاته، وهم جلوس ثم يسلّم بهم ويسجد بعد السلام.
واختلف إِذَا ذكر الإمام قبل أن يركع فرجع إِلَى السجود: هل يسجدون معه ثانية أم لا؟ عَلَى قولين. وأمّا إن تبعوه عَلَى ترك السجود عالمين بسهوه فصلاتهم فاسدة باتفاق. انتهى مختصراً.
وقبله ابن عرفة وإن كان المصنف استشكله فِي "التوضيح" عند كلامه عَلَى إمام قام إِلَى خامسة، وإنما قال ابن رشد: يقضي الإمام تلك الركعة بعينها...إلى آخره؛ لأنه صار بمنزلة المستخلف المدرك.
وقد ذكر اللخمي عن محمد نحوه: فِي إمامٍ ذكر فِي تشهد الرابعة سجدة من الأولى، وكان القوم سجدوها ثم قال: فصار الإمام بمنزلة المستخلف بعد ركعة عَلَى ذاك كله.
وفِي "الأجوبة": أن الإمام إِذَا شاركه القوم أو بعضهم فِي إسقاطها فهو كالفذ فِي البناء، وإلا فكالمأموم فِي القضاء، فاستشكال "التوضيح" غير صحيح، وقد لوّح المصنف بمثل هذا بقوله فيما يأتي إلاّ أن يجمع مأمومه على نفي الموجب، وهناك ننقل عليه كلام ابن يونس إن شاء الله ـ تعالى ـ فقف عَلَى ذلك كله وبالله ـ تعالى ـ التوفيق.

متن الخليل:
فَإِذَا سَلَّمَ أَتَوْا بِرَكْعَةٍ، وأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وسَجَدُوا قَبْلَهُ وإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسَ أَوْ نَحْوَهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الأُولَى، مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا، أَوْ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إِمَامِهِ تَمَادَى وقَضَى رَكْعَةً، وإِلا سَجَدَهَا، ولا سُجُودَ عَلَيْهِ إِنْ تَيَقَّنَ.
الشرح:
قوله: (فَإِذَا سَلَّمَ أَتَوْا بِرَكْعَةٍ، وأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ) يريد: وإن صلّوا أفذاذَا أجزأتهم وكذا فِي "النوادر" عن سحنون.
قال ابن عرفة واقتضاء قول ابن الحاجب أتم بهم أحدهم عَلَى الأَصَحّ. وجوب ذلك ومنعه لا أعرفه. انتهى.
وقرره ابن عبد السلام فقال: وهل يتم بهم أحدهم؟ قَوْلانِ:
أحدهما ـ وهو الأَصَحّ الجاري عَلَى المشهور ـ: أنه يتمّ بهم بناءً عَلَى أن الأولى إِذَا بطلت رجعت الثانية عوضاً منها فيكونون مؤدين.
الثاني: أنهم لا يؤمهم أحدهم ويتمونها أفذاذَا، بناءً عَلَى أن الأولى إِذَا بطلت لَمْ ترجع الثانية عوضاً منها، بل تبقى ثانية فيكونون قاضيين؛ لكن المسألة من أوّلها إنما هى مبنية عَلَى القول الأول المشهور، وأما عَلَى القول الثاني: فيتبعونه؛ لأن جلوس الإمام يكون فِي محلّه، وكذلك قيامه، ولا سجود أَيْضاً عَلَى هذا القول قبل السلام، وإنما يسجدون بعده لتحقق الزيادة فِي الركعة التي وقع الخلل فيها، وأمّا عَلَى المشهور فالسجود قبل السلام لتحقق النقصان فِي السورة من ركعة والجلوس الوسط. انتهى.
قال ابن عرفة: وتوجيه ابن عبد السلام القولين بكون الفائتة أداء وقضاء يريد بأن القضاء المانع من الجماعات ما فات المأمومين دون إمامهم لا ما فات جميعهم، وتخريجه جلوسهم لجلوسه، وسجودهم بعد سلامهم عَلَى أن الأولى قضاء؛ لأنه فِي محلّه يردّ بما مر، وبأنها إن كانت قضاءً فلا سجود عليهم لملزومية القضاء حمل الإمام زيادتهم قبل سلامه ولا زيادة لهم بعده.

متن الخليل:
وَإِنْ قَامَ إِمَامٌ لِخَامِسَةٍ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ وَجُوبِهَا يَجْلِسُ، وإِلا اتَّبَعَهُ.
الشرح:
قوله: (وإِلا اتَّبَعَهُ) أي: وإن لَمْ يتيقن انتفاء موجبها اتبع الإمام فِي القيام فشمل أربعة: متيقن الموجب، وظانّه، وظانّ نفيه، والشاكّ فيهما، وقد ظهر بهذا أن المصنف لَمْ يعتمد قول ابن الحاجب: ويعمل الظانُّ عَلَى ظنه؛ لقول ابن عبد السلام: إنه مخالف لقول الباجي: المعتبر عند مالك فِي الصلاة اليقين أي: الاعتقاد الجازم المانع من النقيض، سواءً كان لموجب أم لا، ولَمْ يرد اليقين اصطلاحاً.
على أنه خرج فِي "التوضيح" قول ابن الحاجب عَلَى أحد القولين اللذين ذكرهما اللخمي فيمن ظن أنه صلى أربعاً هل حكمه كمن شكّ أصلى ثلاثاً أم أربعاً أو يبني عَلَى الظن.

متن الخليل:
وَإِنْ خَالَفَ عَمْداً بَطَلَتْ فِيهِمَا، لا سَهْواً، فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ، ويُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ.
الشرح:
قوله: (ويُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ) أي: إِذَا اعتقد صحة الركعات الأربع، وتبع الإمام فِي الخامسة سهواً يريد، ثم تبين أن إحدى الأربع باطلة، فإنه يعيد هذه الركعة عَلَى أصل المشهور، وإنما فرّع ابن شاس هذا عَلَى ما إِذَا قال الإمام: قمت لموجب، وكذا ابن الحاجب إذ قال: وفِي إعادة التابع الساهي لها قَوْلانِ.

متن الخليل:
وَإِنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ، صَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ، وتَبِعَهُ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ، صَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ، و تَبِعَهُ) أي: لكونه تيقن الموجب أو ظنه أو ظنّ نفيه، أو شك فيه، ظاهره صادف النقص فِي نفس الأمر أم لا، وقد قال ابن هارون: شرط بعض أصحابنا يعني: ابن عبد السلام فِي الظن والشكّ موافقة النقص فِي نفس الأمر، وهذا ليس ببين؛ لأنه لو ظنّ أن الإمام ترك سجدة من الأولى، أو شكّ فِي ذلك وتبعه فِي هذه الخامسة، ثم تيقن بعد السلام أنها كانت تامّة لَمْ تبطل صلاته، وكون الساهي معذوراً إنما هو باعتبار نفي بطلان صلاته لا باعتبار سقوط ما يجب عَلَيْهِ إن كان بقي عَلَيْهِ شيء، وهذا لا خلاف فيه.

متن الخليل:
وَلِمُقَابِلِهِ إِنْ سَبَّحَ.
الشرح:
قوله: (وَلِمُقَابِلِهِ إِنْ سَبَّحَ) ليس شرط التسبيح عند القائل به وهو سحنون خاصاً بهذا، بل وكذلك إِذَا لَمْ يقل الإمام قمت لموجب.

متن الخليل:
كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وَجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ.
الشرح:
قوله: (كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وَجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) صدق رضي الله تعالى عنه فيما نسبه للخمي ونصّه فِي "تبصرته": وتبطل صلاة من اتبعه عمداً إِذَا كان عالماً أنه لا يجوز له اتباعه، وإن كان جاهلاً يظن أن عَلَيْهِ اتباعه صحت صلاته.

متن الخليل:
لا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ، ولَمْ يَتَّبِعْ.
الشرح:
قوله: (لا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ، ولَمْ يَتَّبِعْ) كذا نص عَلَيْهِ ابن المواز بالبطلان.
فإن قلت: وقد اختار اللخمي أَيْضاً الصحة فِي هذا الوجه فقال: والصواب أن تتم صلاة من جلس ولَمْ يتبعه؛ لأنه جلس متأولاً، وهو يرى أنه لا يجوز له اتباعه، وهذا أعذر من الناعس والغافل، فما بال المصنف عدل عن اختياره فيه، وقد ذكر اختياره فِي الذي قبله؟
قلت: لما كان اختياره فِي ذلك موافقاً لأحد المنصوصين اعتمده فقال: قال فيه سحنون: أرجو أن يجزيه وأحب إليّ أن يعيد.
وقال غيره تلزمه الإعادة، ولما كان اختياره فِي هذا رأياً له مخالفاً للمنصوص عدل عنه لذلك، وتقييده لزوم الاتباع فِي نفس الأمر نبّه عَلَيْهِ ابن عبد السلام فقال: ولا يمكن أن يلزمه هنا الاتباع إلاّ باعتبار ما فِي نفس الأمر، ويكون المأموم فِي هذا القسم جلس، وهو فِي نفس الأمر يلزمه القيام، لكن جلس لاعتقاده الكمال أو لظنه ولَمْ يصدق ظنه. انتهى.
وما ذكر فِي الظن فعلى طريقة ابن الحاجب وكذا قيّده أَيْضاً فِي "التوضيح" بنفس الأمر اتباعاً لابن عبد السلام، وإنما قال لا يمكن إلا كذلك؛ لأنه لو كان لزوم الاتباع هنا لتيقن الموجب ونحوه ما عذره اللخمي فِي الجلوس. فتأمله. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وَلَمْ تُجِزِ مَسْبُوقاً عَلِمَ بِخَامِسَتِهَا.
الشرح:
قوله: (ولَمْ تُجِزِ مَسْبُوقاً عَلِمَ بِخَامِسَتِهَا) أي: والحالة أن الإمام قال: قمت لموجب، وأما إن لَمْ يقل قمت لموجب فإن الصلاة تبطل رأساً، نقله ابن يونس عن ابن المواز قائلاً: ولو اتبعه فِيهَا من فاتته ركعة وهو يعلم أنها خامسة، ولَمْ يسقط الإمام شيئاً أبطل صلاته، وإن لَمْ يعلم فليقض ركعة ويسجد لسهوه كما يسجد إمامه.

متن الخليل:
وهَلْ كَذَا إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ تُجْزِِه إِلا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ؟ قَوْلانِ.
الشرح:
قوله: (وهَلْ كَذَا إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ تُجْزِِه إِلا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ؟ قَوْلانِ) المراد بنفي الموجب: نفي الإسقاط عن أنفسهم لا عن إمامهم، وقد اقتصر فِي "التوضيح" عَلَى أنه إن لَمْ يعلم تجزيه عند مالك وابن المواز، والفرض أن الإمام قال: قمت لموجب، والذي لابن يونس متصلاً بالنقل المتقدم عن ابن المواز ما نصّه: "ولو قال الإمام: كنت أسقطت سجدة من الأولى أجزأت من اتبعه ممن فاتته ركعة، وأجزأت غيره ممن خلفه ممن اتبعه، إلا أن يجمع كل من خلفه عَلَى أنهم لَمْ يسقطوا شيئاً، إنما أسقطها الإمام وحده، فلا تجزيء من اتبعه عامداً فمن خلفه ولا ممن فاتته ركعة وهو لا يعلم وليأت بها بعد سلامه وتجزيه ومن اتبعه عالماً بأنها خامسة ممن فاتته ركعة أو لَمْ تفته بطلت صلاته، وينبغي لمن علم ممن فاتته ركعة أن لا يتبعه فِيهَا، ويقضي بعد سلامه، فإن اجتمع الإمام وكلّ من خلفه عَلَى أنهم أسقطوا سجدة من الأولى أعاد هذا صلاته، ولو نسيها الإمام وحده دون من خلفه أجزأته صلاته إِذَا قضى الركعة التي بقيت عَلَيْهِ.
ابن يونس: وإنما قال ذلك؛ لأنه إِذَا أسقط الإمام ومن معه سجدة من الأولى وجب عَلَى من فاتته ركعة القيام معه فِي هذه الخامسة لأنها رابعة له؛ لأن الأولى سقطت عن الإمام وعمن خلفه، كما سقطت عن الداخلين، وسجد بهم لسهوه قبل السلام؛ لأنه زاد ونقص، فإِذَا لَمْ يتبعه فِيهَا من فاتته ركعة فقد أبطل عَلَى نفسه، وأما من كان خلف الإمام، ولَمْ يسقط معه شيئاً، وإنما أسقط الإمام وحده، فقد وجب عَلَى الإمام وحده قضاء تلك الركعة بعينها بأم القرآن وسورة، ويسجد لسهوه بعد السلام، ويكون كمن استخلف بعد أن فاتته ركعة، فلا يجوز لمن خلفه ممن فاتته ركعة أن يتبعه فِيهَا، ولا يقضيها حتى يسلم الإمام بعد قضاء ركعة، وكذا فسّره محمد بن المواز فِي غير هذه المسألة. انتهى.
وراجع ما قدمنا عند قوله: (وإن سجد إمام واحدة لَمْ يتبع) عن ابن رشد واللخمي، ثم قال ابن يونس: قال ابن المواز: وكذلك لو أسقط سجدة من الثانية أو الثالثة والقوم معه وقد اتبعه هذا فِي الخامسة فذلك جائز له، ولكن يقضي الأولى التي فاتته، وسواء اتبعه هاهنا وهو عالم بأنها خامسة أو غير خامسة؛ لأنها للإمام ومن معه رابعة.
قال أبو محمد بن أبي زيد: أراه يريد وليس بموقن بسلامة ما أدرك معه قال: ولو جلس فِي الخامسة معه، ثم ذكر الإمام سجدة لا يدري من أي ركعة فلا يسجد سجدة لا هو ولا من شكّ لشكّه، ولا من فاتته ركعة، ويسجد الإمام لسهوه قبل السلام؛ إلاّ أن يعلم أن السجدة من إحدى الركعتين الأخيرتين فليسجد بعد السلام.

متن الخليل:
وتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولاهُ لا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إِنْ تَعَمَّدَهَا.
الشرح:
قوله (وتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولاهُ لا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إِنْ تَعَمَّدَهَا) لَمْ يحضرني فِي هذا أنسب مما فِي "الذخيرة"عن "الطراز" ونصّه: "ويتخرج عَلَى هذا أي عَلَى الاتباع بالتأويل إِذَا تعمّد خمساً، فتبين أنها أربع.قال ابن الماجشون: لا يضرّه.
وقال ابن القاسم: إِذَا صلى خمساً ثم ذكر سجدة من الأولى يأتى بركعة.
قال ابن المواز: الصواب الاكتفاء بالخامسة، وإِذَا لَمْ يعتدّ بها سهواً فأولى عمدً انتهى. فتأمل معه كلام المصنف نصاً ومفهوماً.