فصل: باب الأيمان والنذور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.باب الأيمان والنذور:

الْيَمِينُ تَحْقِيقٌ مَا لَمْ يَجِبْ بِذِكْرِ اسْمِ اللّهِ أَوْ صِفَتِهِ كَبِاللّهِ، وتَاللّهِ، وايْمِ اللّهِ، وحَقِّ اللّهِ، والْعَزِيزِ، وعَظَمَتِهِ، وجَلالَتِهِ، وإِرَادَتِهِ، وكَفَالَتِهِ، وكَلامِهِ، والْقُرْآنِ، والْمُصْحَفِ.
وإِنْ قَالَ أَرَدْتُ وَثِقْتُ بِاللّهِ، ثُمَّ ابْتَدَأْتُ لأَفْعَلَنَّ دُيِّنَ لا بِسَبْقِ لِسَانِهِ. وكَقُدْرَةِ اللّهِ، وأَمَانَتِهِ، وعَهْدِهِ، وعَلَيَّ عَهْدُ اللّهِ، إِلا أَنْ يُرِيدَ الْمَخْلُوقَ، وكَأَحْلِفُ، وأُقْسِمُ، وأَشْهَدُ، إِنْ نَوَى بِاللّهِ، وأَعْزِمُ، إِنْ قَالَ بِاللّهِ، وفِي أُعَاهِدُ اللهَ قَوْلانِ، لا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، أَوْ أُعْطِيكَ عَهْداً، وعَزَمْتُ عَلَيْكَ بِاللّهِ، وحَاشَ اللّهِ، ومَعَاذَ اللّهِ، واللهُ رَاعِ أَوْ كَفِيلْ، والنَّبِيِّ والْكَعْبَةِ.
الشرح:
قوله: (لا بِسَبْقِ لِسَانِهِ) الظاهر أن مراده بسبق اللسان كمراد ابن الحاجب وغيره، وهو أن يسبق اللسان للفظ من غير عقد، كقوله: بلى والله، ولا والله، وفي هذا قَوْلانِ، المشهور ما في "المدوّنة" أنه ليس بلغو، وذهب إسماعيل القاضي والأبهري إلى أنه المراد بقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]، واختاره اللخمي وابن عبد السلام وابن أبي جمرة، وإليه كان يميل شيخ شيوخنا الفقيه المحدّث أبو القاسم العبدوسي، فإذا تقرر هذا فحمل كلام المصنف على المشهور؛ بناءً على ردّ النفي لحكم المسألة التي قبله تليه، أولى من حمله على القول الثاني، بناءً على ردّ النفي لقوله: (بذكر اسم الله)، على أن يكون التقدير اليمين تحقيق ما لَمْ يجب بذكر اسم الله لا بسبق لسانه؛ ولذلك اقتصر بعد على تفسير اللغو بما يعتقده، فظهر نفيه. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وكَالْخَلْقِ، والإِمَاتَةِ، وهُوَيَهُودِيٌّ، وغَمُوسٍ بِأَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ.
الشرح:
قوله: (وَكَالْخَلْقِ، والإِمَاتَةِ) الإماتة بكسر الهمزة وبتاءين آخره، ضد الإحياء.
قال ابن يونس: لا كفارة على من حلف بشيءٍ من صفات أفعاله تعالى كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، وأما لو قال: والخالق والرازق والمحيي والمميت، فهذا حالفٌ بالله فعليه الكفارة، وإن كانت تسميته تقتضي صفات الفعل. انتهى.
ولما ضبطه الشارح الأمانة، بفتح الهمزة وبالنون قبل آخره، فرّق بينه وبين أمانة الله التي تقدّمت، بأن ذلك مضاف لاسم الله، وهذا غير مضاف، وثبت على ذلك في "الشامل" ولَمْ أقف على هذا التفريق لمن يوثق به بل قال في "الذخيرة" أمانة الله تعالى تكليفه لقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأحزاب: 72]، وتكليفه كلامه القديم.

متن الخليل:
وحَلَفَ بِلا تَبَيُّنِ صِدْقٍ، ولْيَسْتَغْفِرِ اللهَ، وإِنْ قَصَدَ بِكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ، فَكَفَرَ، ولا لَغْوٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ نَفْيُهُ ولَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللّهِ.
الشرح:
قوله: (بِلا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) مفهومه: لو تبين صدقه لَمْ تكن يمين غموس، وهو المتبادر من قوله في "المدونة": قال مالك: و من قال: والله ما لقيت فلاناً أمس وهو لا يدري ألقيه أم لا، ثم علم بعد يمينه أنه كما حلف برّ وإن كان على خلاف ذلك أثم، وكان كمتعمد الكذب فهي أعظم من أن تكفّر، وعلى هذا المعتبر حملها ابن الحاجب.
قال ابن عبد السلام: وعليه حمل ابن عتاب لفظ "العتبية" فيما يشبه مسألة "المدوّنة"، وحمل غير واحد من الشيوخ لفظ "المدوّنة" على أنه وافق البرّ في الظاهر لا أن إثم جرأته بالإقدام على الحلف شاكاً سقط عنه؛ لأن ذلك لا يزيله إلا التوبة، وهو ظاهر في الفقه، إلّا أنه بعيد في لفظ "المدوّنة". انتهى.
وممن حملها على موافقة البر لا نفي إثم الحلف على الشكّ، وإن كان دون إثم التعمد. أبو الفضل عياض: قال: ابن عرفة وهو خلاف قول محمد في الحالف على شكّ أو ظن، إن صادف صدقاً، فلا شيء عليه، وقد خاطر.
وقال اللخمي: الصواب أنه آثم.

متن الخليل:
كَالاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللهُ، إِنْ قَصَدَهُ كَإِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ، أَوْ يُرِيدَ، أَوْ يَقْضِيَ عَلَى الأَظْهَرِ.
الشرح:
قوله: (كَإِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ، أَوْ يُرِيدَ، أَوْ يَقْضِيَ عَلَى الأَظْهَرِ) أي في الأخيرين أشار به لما في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب النذور: ومن حلف لا فعل كذا إلا أن يقضي الله أو يريد غيره: فليس استثناءً. عيسى: هو في اليمين بالله استثناء.
ابن عرفة: فحمله ابن حارث وابن رشد على الخلاف في اليمين بالله، واختار قول عيسى، وظاهر "النوادر" حمل قول ابن القاسم على اليمين بالطلاق، فلا يكون خلافاً، والأول أظهر لسماعه إياه في الأيمان بالطلاق، من قال لامرأته: إن فعلت كذا إلا أن يقدر الله فأنت طالق إن فعلت حنث. انتهى، فقف على تمامه في رسم إن خرجت.

متن الخليل:
وأَفَادَ بِكَإِلا فِي الْجَمِيعِ.
الشرح:
قوله: (وأَفَادَ بِكَإِلا فِي الْجَمِيعِ) أي: في جميع متعلقات اليمين مستقبلة وماضية كانت اليمين منعقدة أو غموساً، وكذا لابن عبد السلام.

متن الخليل:
إِنِ اتَّصَلَ، إِلا لِعَارِضٍ.
الشرح:
قوله: (إِنِ اتَّصَلَ) شرط في الاستثناء بإن شاء الله، وبإلا، وأخواتها.

متن الخليل:
ونَوَى الاسْتِثْنَاءَ، وقَصَدَ، ونَطَقَ بِهِ وإِنْ سِرَّاً بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ.
الشرح:
قوله: (ونَوَى الاسْتِثْنَاءَ، وقَصَدَ) كأنه يحوم على ما حرر ابن عبد السلام أن الاستثناء بإن لابد أن يكون المقصود به حل اليمين، وما أشبه ذلك، وأما إن جرى على اللسان من غير قصد، كما قال في "العتبية": إذا تكلّم به لهجاً فإنه لا ينتفع به، وكذلك إذا تكلّم تبرّكاً؛ لأنه على مضادة حل اليمين كما دلّ عليه قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] وكما في الصحيح: «إن سليمان - عليه السلام - لو قال إن شاء الله لتمَّ مراده» وكما روي ابن عباس أن الرسول - عليه السلام - قال ثلاثاً: «والله لأغزون قريشاً» ثم قال: «إن شاء الله» فهذا وأشباهه مما يقصد به التبرك هو تأكيد لمقتضى اليمين على الضد من الاستثناء الذي يُبوِّبُ له الفقهاء.انتهى. وقد ظهر أن هذا خاص بالمشيئة، وأن المصنف لَمْ يقنع بقوله أولاً: كالاستثناء بإن شاء الله. إن قصد خلاف عادته في الاختصار.
وفي سماع أشهب: إن كان لهجاً كقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: 27] لم يغن شيئاً. وفي "النوادر" عن محمد: وكذا إن كان سهواً أو استهتاراً. وابن عرفة: وتفسير ابن عبد السلام كونه لهجاً بأنه غير منوي وكونه للتبرك بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] خلاف سماع أشهب.

متن الخليل:
إِلا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلاً كَالزَّوْجَةِ فِي الْحَلالِ عَلَيَّ حَرَامٌ وهِيَ الْمُحَاشَاةِ.
الشرح:
قوله: (إِلا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلاً كَالزَّوْجَةِ فِي الْحَلالِ عَلَيَّ حَرَامٌ وهِيَ الْمُحَاشَاةِ) ابن محرز: إنما فرّق الفقهاء بين الاستثناء والمحاشاة لاختلاف معناهما، فما كان بابه إيقاف حكم اليمين كلها أو حلّها، ورفع حكمها فذلك ما لا يصح فيه الاستثناء بالقلب حتى ينطق به اعتباراً بعقد اليمين، بل هذا آكد؛ لأنه حل وإيقاف، وقد يحتاط في أصل عقد اليمين فيلزم بالقلب من غير نطق.
وما كان بابه رفع الحكم عن بعض ما يتناوله اليمين أو إيقافه، نُظرت: فإن كان من أول ما حلف عزله في نفسه وعلّق اليمين بما سواه فذلك له؛ لأن ذلك المقدار الذي عزله ما انعقد فيه يمين ولا تعلّق به حكمها، وهو الذي يسميه الفقهاء محاشاة، وإن كان لَمْ يعزله في أصل عقده، بل علق يمينه بجميع الأشياء المحلوف عليها، ثم استدرك بالاستثناء بعضها، فلا ينفعه الاستثناء هنا حتى يحرك به لسانه؛ لأنه إنما يريد حلّ ما قد انعقد بيمينه وإيقاف حكمه، وذلك ما لا يصح إلاّ بالنطق، وسواء كان استثناءُه بإلا أو غيرها من الألفاظ التي تتناول البعض. انتهى.
وقال ابن عبد السلام - بعد أن أشار إلى بعض كلام ابن محرز -: وهذا ظاهره أنه قصد تفسير قاعدة المذهب في هذا؛ لا أنه اختيار له خالف فيه نصوص المذهب، فقف على بقية كلامه وكلام ابن عرفة. وبالله تعالى التوفيق.

متن الخليل:
وفِي النَّذْرِ الْمُبْهِمِ، والْيَمِينِ، والْكَفَّارَةِ، والْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ بِإِنْ فَعَلْتُ، ولا فَعَلْتُ، أَوْ حِنْثٍ بِلأَفْعَلَنَّ، وإِنْ لَمْ أَفْعَلْ، إِنْ لَمْ يُؤَجِّلْ - إِطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدٌّ، ونُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ نِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ، أَوْ رَطْلانِ خُبْزاً بِإِدَامٍ كَشِبَعِهِمْ أَوْ كِسْوَتِهِمْ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ، ولِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وخِمَارٌ، ولَوْ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ، والرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا، أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ، ثُمَّ صَوْمُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، ولا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ ومُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ ونَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ، إِلا أَنْ يُكَمِّلَ، وهَلْ إِنْ بَقِيَ؟ تَأْوِيلانِ، ولَهُ نَزْعُهُ إِنْ بَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ، وجَازَ لِثَانِيَةٍ إِنْ أَخْرَجَ، وإِلا كُرِهَ، وإِنْ كَيَمِينٍ وظِهَارٍ، وأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ، ووَجَبَتْ بِهِ إِنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ، وفِي عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ وعِتْقُهُ، وصَدَقَةٌ بِثُلُثِهِ، ومَشْيٌ بِحَجٍّ، وكَفَّارَةٌ، وفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ تَرَدُّدٌ، وتَحْرِيمُ الْحَلالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ والأَمَةِ لَغْوٌ، وتَكَرَّرَتْ إِنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ كَعَدَمِ تَرْكِ الْوِتْرِ، أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ.
الشرح:
قوله: (وفِي النَّذْرِ الْمُبْهِمِ) هذا مستأنف وهو خبر مقدم لـ:" إطعام".

متن الخليل:
وزِيدَ فِي الأَيْمَانِ يَلْزَمُنِي صَوْمُ سَنَةٍ إِنِ اعْتِيدَ حَلِفٌ بِهِ.
الشرح:
قوله: (وزِيدَ فِي الأَيْمَانِ يَلْزَمُنِي صَوْمُ سَنَةٍ إِنِ اعْتِيدَ حَلِفٌ بِهِ) أي: وزيد على بت من يملك وعتقه وصدقة ثلث ماله، ومشي بحجّ وكفارة، إن جرت العادة باليمين به.
وفيه تنبيهات:
الأول: ظاهره أنه إن لَمْ يكن في ملكه رقيق لَمْ يلزمه عتق، خلاف قول الباجي: إن لَمْ يكن له رقيق لزمه عِتْقُ رقبةٍ إذ قال ابن زرقون: هو غير معروف، وقبل ابن عرفة قول ابن زرقون، وقال في "التوضيح" فيه نظر؛ لما في "الجواهر" عن الطرطوشي أن المتأخرين أجمعوا أنه إن لَمْ يكن له رقيق فعليه عتق رقبة واحدة.
الثاني: لَمْ يبين هنا وقت اعتبار ثلث ماله اكتفاءً بقوله بعد: (وَثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ) وعليه قاس في "التوضيح" عتق من يملك يوم اليمين، واعترض قول ابن الحاجب: يوم الحنث.
الثالث: خصص المشي بالحجّ دون العمرة، وكذا فسّر كلام ابن الحاجب مستدلاً بقول أبي بكر بن عبد الرحمن: يلزمه من كل نوع من الأيمان أوعبها، فكما لزمه الحجّ ماشياً دون العمرة لزمه طلاق الثلاث دون الواحدة، مع أن ابن رشد قال في رسم من أوصى من سماع عيسى من النذور: المشي في حجّ أو عمرة.
الرابع: مقتضى قوله: "اُعتيد " مبنياً للمفعول: أن المعتبر عادة بلاد الحالف كما اختاره ابن عبد السلام ـ لا عادة الحالف فقط كما قال ابن بشير وأتباعه، وإلا وجب طرده في بقيتها.
الخامس: إنما لم يقل ولا نية تخصص اكتفاءً بقوله بعد: (وخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ).

متن الخليل:
أَوْ قَالَ لا ولا، أَوْ حَلَفَ لا يَحْنَثُ.
الشرح:
قوله: (أَوْ قَالَ لا ولا) أي: أو قال مجاوباً: لا والله، ولا أنت، لمن قال له: وأنا لما حلف لا بعت سلعتي من فلان، ونصّها في كتاب ابن يونس عن ابن المَوَّاز: ومن حلف لا باع سلعته من فلان فقال له آخر: وأنا، فقال: لا والله ولا أنت، فباعها منهما جميعاً فعليه كفّارتان، وفي الطلاق طلقتان، ولو باعها من أحدهما ثم ردها عليه فباعها من الثاني، فعليه كفارتان، وقاله مالك وابن القاسم: ومن قال: والله لا بعتها من فلان ولا من فلان: فكفارة واحدة تجزيه؛ باعها منهما أو من أحدهما، وردّها عليه فباعها أَيْضاً من الآخر فهم سواء.

متن الخليل:
أَوْ بِالْقُرْآنِ والْمُصْحَفِ والْكِتَابِ أَوْ دَلَّ لَفْظُهُ بِجَمْعٍ، أَوْ بِكُلَّمَا أَوْ مَهْمَا لا مَتَى مَا ووَاللّهِ ثُمَّ واللّهِ وإِنْ قَصَدَهُ.
الشرح:
قوله: (أَوْ بِالْقُرْآنِ والْمُصْحَفِ والْكِتَابِ) قطع هنا بتعدد الكفارة، وهو عند ابن رشد ظاهر قول ابن القاسم في رسم أوصى من سماع عيسى قال: لاختلاف التسميات، وإن كان المحلوف به واحداً، وهو كلام الله تعالى القديم وهو خلاف ما ذكر ابن يونس عن ابن المَوَّاز وابن حبيب: أن كفارة واحدة تجمعها.

متن الخليل:
وَالْقُرْآنِ، والتَّوْرَاةِ، والإِنْجِيلِ، ولا كَلَّمَهُ غَداً أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ غَداً.
الشرح:
قوله: (والْقُرْآنِ، والتَّوْرَاةِ، والإِنْجِيلِ) قطع هنا بعدم التعدد، وكذا قال سحنون في "نوازله"، وقد صرح ابن رشد بأنه خلاف ظاهر سماع عيسى الذي فوقه، ولَمْ ينقل ابن يونس في الفرعين إلا كفارة واحدة، وقال آخر كلامه: لأن ذلك كلّه كلام الله عزّ وجل وهو صفة من صفات ذاته، فكأنه حلف بصفةٍ واحدة، فعليه كفارة واحدة باتفاق.
فإن قلت: فما وجه تفريق المصنف؟
قلت: كأنه لما رأى المنصوص في الثانية الاتحاد لَمْ يمكنه العدول عنه، وعول في الأولي على ظاهر قول ابن القاسم، وإن خالف نصّ غيره لتقديم أهل المذهب ابن القاسم على غيره؛ مع أن مدرك الحكم في المسألتين واحد، وكثيراً ما يفعل مثل هذا لتبقى الفروع معروضة للنظر. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ، وقَيَّدَتْ إِنْ نَافَتْ وسَاوَتْ فِي اللّهِ وغَيْرِهَا.
الشرح:
قوله: (وخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ، وقَيَّدَتْ إِنْ نَافَتْ وسَاوَتْ) في هذه العبارة قلق؛ لأن النية التي تنيف أي: تزيد، والتي تساوي، أي تطابق ليست مخصصة ولا مقيدة، وإنما المخصصة والمقيدة التي تنقص، فالوجه أن يقال: واعتبرت نية الحالف، إن نافت أو ساوت، وإلا خصصت وقيدت، كما قال القاضي في " تلقينه": يُعمل على النية إذا كانت مما يصلح أن يراد اللفظ بها كانت مطابقة له أو زائدة فيه أو ناقصة عنه، بتقييد مطلقه أو تخصيص عامّه، ثم قال: وذلك كالحالف لا آكل رؤوسا أو بيضاً أو لا سبح في نهر أو غدير، فإن قصد معنى عاماً وعبّر عنه بلفظ خاص، أو معنى خاصا وعبّر عنه بلفظ عام حكم بنيته، إذا قارنها عرف التخاطب كالحالف: لا أشرب لفلان ماءً، يقصد قطع المن، فإنه يحنث بكل ما ينتفع به من ماله.
وكذا: لا لبس ثوباً من غزل زوجته، يقصد قطع المن، دون عين المحلوف عليه.
ولحسّن عبارة "التلقين" انتحلها صاحب"الجواهر" إعجاباً بها، وحولها دندن ابن عرفة إذ قال: والنية إن وافقت ظاهر اللفظ أو خالفته بأشدٍّ اعتبرت، وإلا فطرق، فلو قال المصنف، وخصصت نية الحالف، وقيدت، كإن نافت أو ساوت، بزيادة الكاف والعطف بأو لكان أمثل.
فإن قلت: لعل قوله: (نافت) من باب المنافاة، مفاعلة من النفي فيرجع لمعنى النقص، وتكون الزيادة والمطابقة أحرى بالاعتبار والمساواة على هذا بمعنى المعادلة في الاحتمال، من غير ترجيح أي: أمكن أن يقصد باللفظ الصادر عنه ما ادعى أنه نواه، وأمكن أن لا يقصد على حد سواء ويشفع له محاذاة قول ابن الحاجب: فإن تساويا قبلت، وينعشه عطف ساوت بالواو دون أو، ويكون معنى قوله بعد: (كإن خالفت) كأن لَمْ تساو.
قلت: لو لَمْ يكن في هذا من التكلّف إلا استعمال المنافاة، التي هي المضادة في مثل هذا المعنى لكان كافياً في قبحه، ولولا خشية السآمة لطرقنا فيه احتمالاً آخر. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
كَطَلاقٍ كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي أَلا يَتَزَوَّجَ حَيَاتَهَا كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ كَسَمْنِ ضَأْنٍ فِي لا آكُلُ سَمْناً، ولا أُكَلِّمُهُ فَقَالَ نَوَيْتُ شَهْراً. وكَتَوْكِيلِهِ فِي لا يَبِيعُهُ، ولا يَضْرِبُهُ، إِلا لِمُرَافَعَةٍ وبَيِّنَةٍ، أَوْ إِقْرَارٍ فِي طَلاقٍ وعِتْقٍ فَقَطْ، أَوِ اسْتُحْلِفَ مُطْلَقاً فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ، لا إِرَادَةِ مَيِّتَةٍ، وكَذِبٍ فِي طَلاقٍ وحُرَّةٍ، أَوْ حَرَامٌ، وإِنْ بِفَتْوَى ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ، ثُمَّ عُرْفٌ، قَوْلِيٌّ ثُمَّ مَقْصَدٌ لُغَوِيٌّ، ثُمَّ شَرْعِيٌّ، وحَنِثَ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. ولا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، ولَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ، لا بِكَمَوْتِ حَمَامٍ فِي لَيَذْبَحَنَّهُ.
الشرح:
قوله: (كَطَلاقٍ كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي أَلا يَتَزَوَّجَ حَيَاتَهَا كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ كَسَمْنِ ضَأْنٍ فِي لا آكُلُ سَمْناً) أربع تشبيهات مختلفة الجهات، فالأول تمثيل لقوله: (وغيرها) وهو تنبيه بالأعلى على الأدنى.
والثاني: تمثيل للنية المخصصة لعموم اللفظ.
والثالث: تشبيه للنية المخالفة القريبة، التي يفصل فيها بين القضاء والفتيا، بغير المخالفة المقبولة مطلقاً، ومنه يظهر أن قوله: (إلا لمرافعة) راجع لما بعد هذه الكاف فقط، على القاعدة التي أسلفناكها في مقدمة الكتاب، مع أنه عطف عليه الاستخلاف الذي هو أعمّ.
والرابع: وهو قوله: (كسمن ضأن) تمثيل للمخالفة القريبة؛ ولذلك قابله بالمخالفة البعيدة إذ قال: (لا إرادة ميتة...) إلى آخره، وهو بخفض إرادة عطفاً على سمن. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
وبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ، وبِالنِّسْيَانِ إِنْ أَطْلَقَ، وبِالْبَعْضِ عَكْسُ الْبِرِّ، وبِسَوِيقٍ أَوْ لَبَنٍ فِي لا آكُلُ، لا مَاءٍ ولا تَسَحُّرٍ فِي لا أَتَعَشَّى، وذَوْقٍ لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ، وبِوُجُودِ أَكْثَرَ فِي لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ لِمُتَسَلِّفٍ، لا أَقَلَّ، وبِدَوَامِ رُكُوبِهِ ولِبْسِهِ فِي لا أَرْكَبُ وأَلْبَسُ، لا فِي كَدُخُولٍ، وبِدَابَّةِ عَبْدِهِ فِي دَابَّتِهِ، وبِجَمْعِ الأَسْوَاطِ فِي لأَضْرِبَنَّهُ كَذَا، وبِلَحْمِ الْحُوتِ، وبَيْضِهِ، وعَسَلِ الرُّطَبِ فِي مُطْلَقِهَا وبِكَعْكٍ، وحُشْكِنَانٍ، وهَرِيسَةٍ وإِطْرِيَةٍ فِي خُبْزٍ، لا عَكْسِهِ، وبِضَأْنٍ ومَعْزٍ ودِيَكَةٍ، ودَجَاجَةٍ فِي غَنَمٍ، ودَجَاجٍ، لا بِأَحَدِهِمَا، فِي آخَرَ، وبِسَمْنٍ اسْتُهْلِكَ فِي سَوِيقٍ، وبِزَعْفَرَانٍ فِي طَعَامٍ لا بِكَخَلٍّ طُبِخَ، وبِاسْتِرْخَاءٍ لَهَا فِي لا قَبَّلْتُكِ أَوْ قَبَّلْتِنِي، وبِفِرَارِ غَرِيمِهِ فِي لا أُفَارِقُكَ، أَوْ فَارَقْتَنِي إِلا بِحَقِّي، ولَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وإِنْ أَحَالَهُ، وبِالشَّحْمِ فِي اللَّحْمِ لا الْعَكْسِ، وبِفَرْعٍ فِي لا آكُلُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ، أَوْ هَذَا الطَّلْعَ، لا الطَّلْعِ أَوْ طَلْعاً إِلا نَبِيذَ زَبِيبٍ، ومَرَقَةَ لَحْمٍ، أَوْ شَحْمِهِ، وخُبْزَ قَمْحٍ وعَصِيرَ عِنَبٍ وبِمَا أَنْبَتَتِ الْحِنْطَةُ إِنْ نَوَى الْمَنَّ، لا لِرَدَاءَةٍ أَوْ كَسُوءِ صَنْعَةِ طَعَامٍ وبِالْحَمَّامِ فِي الْبَيْتِ، ودَارِ جَارِهِ، أَوْ بَيْتِ شِعْرٍ، كَحَبْسٍ أُكْرِهُ عَلَيْهِ بِحَقٍّ، لا بِمَسْجِدٍ، وبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ مَيِّتاً فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ، لا بِدُخُولِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَنْوِ الْمُجَامَعَةَ، وبِتَكْفِينِهِ فِي لا نِفِعِهُ حَيَاتَهُ، وبِأَكْلٍ مِنْ تَرِكَتِهِ قَبْلَ قَسْمِهَا، فِي لا أَكَلْتُ طَعَامَهُ إِنْ أَوْصَى، أَوْ كَانَ مَدِيناً.
الشرح:
قوله: (وبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ) قال في "المدوّنة": ومن قال لامرأته: أنت طالق واحدة إن لَمْ أتزوج عليك، فأراد ألا يتزوج عليها، فليطلّقها واحدة ثم يرتجعها فتزول يمينه، ولو ضرب أجلاً كان على برّ وليس له أن يحنث نفسه قبل الأجل، وإنما يحنث إذا مضى الأجل ولَمْ يفعل ما حلف عليه.
قال ابن رشد في رسم لَمْ يدرك من سماع عيسى من كتاب الظهار: المشهور فيمن كانت يمينه على بر فحلف أن لا يفعل فعلاً بطلاق أو مشيٍ أو عتق أو ظهار أو غير ذلك مما هو غير معين مما عدا اليمين بالله أنه لا يجوز أن يطلّق ولا أن يمشي ولا أن يعتق ولا أن يكفّر عن ظهاره ولا أن يصوم قبل أن يحنث، فإن فعل شيئاً من ذلك قبل الحنث لَمْ يجزه، ولزمه أن يفعله مرة أخرى إن حنث. انتهى بتلخيص "جامع الطرر". وبه يفسر كلام المصنف.

متن الخليل:
وبِكِتَابٍ إِنْ وَصَلَ وقَرَأَ.
الشرح:
قوله: (وبِكِتَابٍ إِنْ وَصَلَ وقَرَأَ) هكذا في بعض النسخ بزيادة (وقرأ) أي: وقرأه المحلوف عليه بلسانه، وبهذا يكون مطابقاً لمفهوم قوله: (لا قراءته بقلبه) أي لا قراءة المحلوف عليه بقلبه دون لسانه، وهكذا جاء عن أشهب أن الكتاب إذا وصل إلى المحلوف عليه فقرأه بقلبه ولَمْ يقرأه بلسانه فلا يحنث، واحتجّ على ذلك بأن من حلف أن لا يقرأ فقرأ بقلبه، لَمْ يحنث.
قال ابن عبد السلام: والظاهر أنه يحنث إذا قرأ الكتاب بقلبه؛ لأن المقصود من ترك المقاطعة قد حصل كما لو تلفّظ بقراءته.
وقال ابن حبيب: إن وصل الكتاب إلى المحلوف عليه فقرأ عنوانه حنث، فإن لَمْ يقرأه وأقام عنده سنين لَمْ يحنث.
اللخمي: ولا وجه لهذا؛ لأنه إنما يحنث بالمكاتبة؛ لأنها ضربٌ من المواصلة يرفع بعض المقاطعة؛ فلذلك يقع بنفس وصول الكتاب إلى المحلوف عليه، وإن لَمْ يقرأه.
قال شيخ شيوخنا الفقيه النظار أبو القاسم التازغدري: فقول أشهب المتقدّم أبعد من هذا وأحرى بالاعتراض، وفي "التوضيح" وإذا كان الظاهر عند اللخمي الحنث بأخذ الكتاب وإن لَمْ يقرأه فلأن يكون الحنث في مسألة أشهب فيما إذا قرأه بقلبه أولى، فلو اقتصر المصنف على قوله: (وبكتابٍ إن وصل)، وأسقط ذكر القراءة بالقلب واللسان؛ لكان أسعد بظاهر"المدونة"و أجرى مع اختيار أهل النظر، ونصّ ما في النوادر وكتاب ابن يونس قال أشهب: وإن ارتجع الكتاب بعد أن وصل إلى الرجل وقرأ منه بقلبه ولَمْ يقرأه بلسانه فلا شيء عليه. ففهمه الأئمة كابن عبد السلام وابن عرفة والمصنف على أن المحلوف عليه هو الذي قرأه كما تقدّم، ولا يصحّ إلا هذا، ولا يلتفت لمن ردّه للحالف الذي كتبه؛ لأن ذلك لو كان يعتبر لحنث بنفس كتبه إذا ذاك قراءة بقلبه.

متن الخليل:
أَوْ رَسُولٍ، فِي لا أُكَلِّمُهُ، ولَمْ يِنْوِ فِي الْكِتَابِ فِي الْعِتْقِ والطَّلاقِ، وبِالإِشَارَةِ لَهُ، وبِكَلامِهِ ولَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ، لا بِقِرَاءَتِهِ بِقَلْبِهِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ رَسُولٍ) يريد إن بلّغه الكلام قال أبو الحسن الصغير: فلو لَمْ يبلغه الرسول لَمْ يحنث، إلا أن يسمعه المحلوف عليه حين أمره، فيحنث.

متن الخليل:
ولا قَرَأَة أحد عَلَيْهِ بِلا إِذْنٍ، ولا بِسَلامِهِ عَلَيْهِ بِصَلاةٍ، ولا كِتَابِة الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ولَوْ قَرَأَ عَلَى الأَصْوَبِ والْمُخْتَارِ، وبِسَلامِهِ عَلَيْهِ مُعْتَقِداً أَنَّهُ غَيْرُهُ، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إِلا أَنْ يُحَاشِيهِ، وبِفَتْحٍ عَلَيْهِ، وبِلَا عِلْمِ إِذْنِهِ فِي لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي.
الشرح:
قوله: (ولا قَرَأَة أحد عَلَيْهِ بِلا إِذْنٍ) الأقرب أن يحمل على ما إذا كان الحالف لما كتب الكتاب بدا له فأمسكه أو رماه أو نهى حامله عن إيصاله للمحلوف عليه فقرأه شخص على المحلوف عليه من غير إذن الحالف فإن الحالف لا يحنث.
وقد نقل في النوادر ما يشبهها فقال: ولو قال الحالف للرسول اقطع كتابي ولا تقرأه أو رده إليّ فعصاه وأعطاه للمحلوف عليه فقرأه فلا يحنث كما لو رماه راجعاً عنه بعد أن كتبه فقرأه المحلوف عليه. انتهى فمسألتنا أحرى.

متن الخليل:
وبِعَدَمِ إِعْلامِهِ فِي لأُعْلِمَنَّهُ، وإِنْ بِرَسُولٍ، وهَلْ إِلا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلانِ. أَوْ إِعْلامِ وَالٍ ثَانٍ فِي حَلِفِهِ لأَوَّلَ فِي نَظَرٍ، وبِمَرْهُونٍ فِي لا ثَوْبَ لِي وبِالْهِبَةِ والصَّدَقَةِ فِي لا أَعَارَهُ، وبِالْعَكْسِ، ونُوِّيَ، إِلا فِي صَدَقَةٍ عَنْ هِبَةٍ، وبِبَقَاءٍ ولَوْ لَيْلاً فِي لا سَكَنْتُ، لا فِي لأَنْتَقِلَنَّ، ولا بِخَزْنٍ.
الشرح:
قوله: (وَبِعَدَمِ إِعْلامِهِ) كذا هو الصواب بمصدر الرباعي، وكذا قوله: (وإعلام وال ثان).

متن الخليل:
وَانْتَقَلَ فِي لا سَاكَنَهُ عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ.
الشرح:
قوله: (وانْتَقَلَ فِي لا سَاكَنَهُ عَمَّا كَانَا) أي: فإن كانا في بلد وظهر أنه قصد الانتقال عنه وجب عليه ذلك وإن كان معه في قرية فكذلك أَيْضاً، وإن كان في حارة انتقل عنها وكذا الدار والبيت، وهذا معنى ما في "المدوّنة" وغيرها، وهو مما نظر فيه إلى المقاصد والسبب المحرك لليمين، وقاله ابن بشير.

متن الخليل:
أَوْ ضَرَبَا جِدَاراً، ولَوْ جَرِيداً بِهَذِهِ الدَّارِ، وبِالزِّيَارَةِ إِنْ قَصَدَ التَّنَحِّيَ، لا لِدُخُولِ عِيَالٍ، إِنْ لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَاراً، ومَبِيتٍ بِلا مَرَضٍ وسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لأُسَافِرَنَّ ومَكَثَ نِصْفَ شَهْرٍ ونُدِبَ كَمَالُهُ، كَأَنْتَقِلَنَّ ولَوْ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ لا بِكَمِسْمَارٍ، وهَلْ إِنْ نَوَى عَدَمَ عَوْدِهِ لَهُ؟ تَرَدُّدٌ وبِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ، أَوْ عَيْبِهِ بَعْدَ الأَجَلِ، وبِبَيْعٍ فَاسِدٍ فَاتَ قَبْلَهُ، إِنْ لَمْ تَفِ، كَأَنْ لَمْ يَفُتْ، عَلَى الْمُخْتَارِ. وبِهِبَةٍ لَهُ، أَوْ دَفْعِ قَرِيبٍ عَنْهُ، وإِنْ مِنْ مَالِهِ، أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِالْقَضَاءِ إِلا بِدَفْعِهِ، ثُمَّ أَخْذِهِ لا إِنْ جُنَّ، ودَفْعَ الْحَاكِمُ، وإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَقَوْلانِ. وبِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ، فِي لأَقْضِيَنَّكَ غَداً يَوْمَ الْجُمْعَةِ، ولَيْسَ هُوَلا إِنْ قَضَى قَبْلَهُ، بِخِلافِ لآكُلَنَّهُ، ولا إِنْ بَاعَهُ بِهِ عَرْضاً.
الشرح:
قوله: (أَوْ ضَرَبَا جِدَاراً، ولَوْ جَرِيداً بِهَذِهِ الدَّارِ) عطفه بأو تنبيهاً على أنهما إذا كانا ساكنين في دار فالحالف مخير في الانتقال وضرب الجدار، وهذا قول ابن القاسم في "المدوّنة"، وأما مالك فكره الجدار فيها وأشار بلو لخلافين:
أحدهما: الخلاف في الحاجز إذا لَمْ يكن بناءً وثيقاً بالحجر ونحوه بل كان من جريد النخل وشبهه.
والثاني: الخلاف في إجزاء الحاجز إذا عين الدار فقال: بهذه الدار مثلاً كما تلفظ به المصنف. أما الأول فبالجريد فسّر ابن محرز "المدوّنة" خلافاً لابن الماجشون وابن حبيب.
وأما الثاني فقال ابن عرفة والمصنف: ظاهر قوله في "المدونة" سماها أم لا. إجزاء الحاجز في المعينة، وهو خلاف قول ابن رشد في سماع أصبغ: لو عيّن الدار لم يبر بالجدار.
وقد سبقهما لهذا أبو الحسن الصغير وزاد: إذ المساكنة التي هي مفاعلة يزيلها الجدار بخلاف السكنى. وبالله تعالى التوفيق.

متن الخليل:
وَبَرَّ إِنْ غَابَ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ، أَوْ مُفَوَّضٍ، وهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ أَوْ إِنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ وعَلَيْهِ الأَكْثَرُ تَأْوِيلانِ. وبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إَنْ لَمْ يُحَقِّقْ جَوْرَهُ، وإِلا بَرَّ كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُمْ، ولَهُ يَوْمٌ ولَيْلَةٌ، فِي رَأْسِ الشَّهْرِ، أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ، أَوْ إِذَا اسْتَهَلَّ أَوْ إِلَى رَمَضَانَ، أَوْ لاسْتِهْلالِهِ شَعْبَانُ، وبِجَعْلِ ثَوْبٍ قِبَاءً، أَوْ عِمَامَةً فِي لا أَلْبَسُهُ، لا إِنْ كَرِهَهُ لِضِيقِهِ، وَلا وَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ، وبِدُخُولِهِ مِنْ بَابٍ غُيِّرَ، فِي لا أَدْخُلُهُ إِنْ لَمْ يَكْرَهْ ضِيقَهُ، وبِقِيَامٍ علَىَ ظَهْرِهِ، وبِمُكْتَرى فِي لا أَدْخُلُ لِفُلانٍ بَيْتاً، وبِأَكْلٍ مِنْ وَلَدٍ دَفَعَ لَهُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، وإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وبِالْكَلامِ أَبَداً، فِي لا أُكَلِّمُهُ الأَيَّامَ، أَوِ الشُّهُورَ، وثَلاثَةً فِي كَأَيَّامٍ.
الشرح:
قوله: (وبَرَّ إِنْ غَابَ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ، أَوْ مُفَوَّضٍ) هكذا في أكثر النسخ وهو اللائق بجر مفوض.

متن الخليل:
وهَلْ كَذَلِكَ فِي لأَهْجُرَنَّهُ، أَوْ شَهْرٍ؟ قَوْلانِ. وسَنَةٌ فِي حِينٍ، وزَمَنٍ، وعَصْرٍ، ودَهْرٍ، وبِمَا يُفْسَخُ، أَوْ بِغَيْرِ نِسَائِهِ، فِي لأَتَزَوَّجَنَّ، وبِضَمَانِ الْوَجْهِ، فِي لا أَتَكَفَّلُ إِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ، وبِهِ لِوَكِيلٍ، فِي لا أَضْمَنُ لَهُ إِنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وهَلْ إِنْ عَلِمَ تَأْوِيلانِ. وبِقَوْلِهِ، مَا ظَنَنْتُهُ قَالَهُ لِغَيْرِي لِمُخْبِرٍ، فِي لَيُسِرَّنَّهُ، وبِاذْهَبِي الآنَ إِثْرَ: لا كَلَّمْتُكِ، حَتَّى تَفْعَلِي، ولَيْسَ قَوْلُهُ لا أُبَالِي، بَدْءاً لِقَوْلِ آخَرَ، لا أُكَلِّمُكَ حَتَّى تَبْتَدِئَنِي، وبِالإِقَالَةِ، فِي: لا تَرَكَ مِنْ حَقَّهِ شَيْئاً إِنْ لَمْ تَفِ، لا إِنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُخْتَارِ، ولا إِنْ دَفَنَ مَالاً ولَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَكَانَهُ فِي أَخَذْته.
الشرح:
قوله: (وهَلْ كَذَلِكَ فِي لأَهْجُرَنَّهُ، أَوْ شَهْرٍ قَوْلانِ) أي: إذا حلف ليهجرنه، وأطلق فقيل: تكفيه ثلاثة أيام، وقيل: شهر.

متن الخليل:
وَبِتَرْكِهَا عَالِماً فِي لا خَرَجْتِ إِلا بِإِذْنِي.
الشرح:
قوله: (وبِتَرْكِهَا عَالِماً فِي لا خَرَجْتِ إِلا بِإِذْنِي) أي: إذا حلف لها لا خرجت إلا بإذني فرآها تحتفل للخروج فتركها؛ فإنه يحنث، ولا يكون تركها مع العلم إذناً. قاله اللخمي ونصّه: "وإن قال لا خرجت إلّا بإذني فرآها تخرج فلم يمنعها حنث على مراعاة الألفاظ إلّا أن تكون له نية".

متن الخليل:
لا إِنْ أَذِنَ لأَمْرٍ فَزَادَتْ بِلا عِلْمٍ، وبِعَوْدِهِ لَهَا بَعْدُ بِمِلْكِ آخَرَ فِي: لا سَكَنْتِ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ دَارَ فُلانٍ هَذِهِ، إِنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ لَهُ، لا دَارَ فُلانٍ، ولا إِنْ خَرِبَتْ وصَارَتْ طَرِيقاً إِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وفِي لا بَاعَ مِنْهُ، أَوْ لَهُ بِالْوَكِيلِ إِنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وإِنْ قَالَ حِينَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْتُ فَقَالَ هُوَلِي ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ ابْتَاعَ لَهُ حَنِثَ ولَزِمَ الْبَيْعُ، وأَجْزَأَ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ فِي إِلا أَنْ تُؤَخِّرَنِي.
الشرح:
قوله: (ولا إِنْ خَرِبَتْ وصَارَتْ طَرِيقاً إِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ) أي: إن لَمْ يأمر الحالف بتخريبها حتى صارت طريقاً، هذا هو المتبادر من لفظه، على أنّا لَمْ نقف عليه هكذا لغيره؛ وإنما ذكر هذا في "المدونة"، فيمن دخلها مكرهاً بعدما بنيت فقال:" وإن حلف أن لا يدخل هذه الدار فتهدمت وخربت حتى صارت طريقاً فدخلها لَمْ يحنث، فإن بنيت بعد ذلك فلا يدخلها وإن دخلها مكرهاً لَمْ يحنث إلّا أن يأمرهم بذلك فيحنث. ويحتمل أن يكون المصنف فهم أن معنى ما في "المدوّنة": إلا أن يأمرهم بالهدم والتخريب وفيه بعد. والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
لا فِي دُخُولِ دَارٍ وتَأْخِيرِ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ ولا دَيْنَ، وتَأْخِيرُ غَرِيمٍ إِنْ أَحَاطَ وأَبْرَأَ، وفِي بِرِّهِ فِي لأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضاً، وفِي لَتَأْكُلَنَّهَا فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ فَشَقَّ جَوْفَهَا وأُكِلَتْ.
الشرح:
قوله: (لا فِي دُخُولِ دَارٍ) أشار به لقوله في "المدوّنة": وإن حلف بطلاق أو غيره أن لا يدخل دار زيد أو لا يقضيه حقّه إلا بإذن محمد فمات محمد لَمْ يجزه إذن وارثه إذ ليس بحق يورث فإن دخل أو قضاه حنث.

متن الخليل:
أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا قَوْلانِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا) ليس من تمام مسألة الهرة؛ وإنما هي مسألة ثالثة في أكل الطعام المحلوف على أكله بعد فساده، والقَوْلانِ فيها عن ابن القاسم في رسم إن أمكنني من سماع عيسى، وذكر اللخمي فيها عن مالك: الحنث، وعن سحنون: البر، واختار الحنث لوجهين:
أحدهما: حمله على العادة، والعادة أن يؤكل غير فاسد.
والثاني: أنه إذا فسد ذهب بعضه، ومن حلف على شيءٍ ليأكلنه لَمْ يبر إلا بأكل جميعه، فإن كان خبزاً رطباً فيبس فذلك أخف؛ لأن جميعه موجود.

متن الخليل:
إِلا أَنْ تَتَوَانَى، وفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لا كَسَوْتُهُمَا ونِيَّتُهُ الْجَمْعُ واسْتُشْكِلَ.
الشرح:
قوله: (إِلا أَنْ تَتَوَانَى) أي إلا أن تتراخى المرأة في قبولها من الزوج حتى خطفتها الهرة. قال في سماع أبي زيد من كتاب: الأيمان بالطلاق: وإن توانت قدر ما لو أرادت أن تأخذها وتحرزها دون الهرة فعلت فهو حانث.