فصل: بَاب دِيَةُ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: تغليظُ دِيَةِ النَّفْسِ لَا الطَّرَفِ:

وَتُغَلَّظُ دِيَةُ النَّفْسِ لَا الطَّرَفِ خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالشَّرْحِ (فِي قَتْلِ الْخَطَأِ فَقَطْ) لَا عَمْدَ وَقَالَ الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَوْ عَمْدًا (فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ) أَحَدُهَا (حَرَمُ مَكَّةَ) دُونَ الْمَدِينَةِ.
(وَ) الثَّانِي (إحْرَامٌ وَ) الثَّالِثُ (أَشْهُرٌ حُرُمٌ فَقَطْ) دُونَ الرَّحِمِ وَلَوْ مُحَرَّمًا خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ (فَيُزَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةً وُطِئَتْ فِي طَوَافٍ فَقَضَى عُثْمَانُ فِيهَا بِسِتَّةِ آلَافٍ وَأَلْفَيْنِ تَغْلِيظًا لِلْحَرَمِ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَفِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ فَقَالَ دِيَتُهُ اثْنَا عُشْرَ أَلْفًا وَلِلشَّهْرِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلِلْبَلَدِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ» (فَإِنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْحُرُمَاتُ الثَّلَاثُ وَجَبَ دِيَتَانِ) لِأَنَّ الْقَتْلَ يَجِب بِهِ دِيَةٌ وَقَدْ تَكَرَّرَ التَّغْلِيظُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَوَجَبَ بِهِ دِيَةٌ أُخْرَى.
(وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهَا) أَيْ الدِّيَةِ (لَا تُغَلَّظُ لِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ) وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ} وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ وَاحِدَةً فِي كُلِّ مَكَان وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.
(وَ) هُوَ ظَاهِرُ (الْإِخْبَارِ) مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ مِثْقَالٍ» وَرَوَى الْجُوزَجَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ الْفُقَهَاءَ فَكَانَ مِمَّا أَحْيَا مِنْ تِلْكَ السُّنَنِ أَنَّهُ لَا تَغْلِيظَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ بِثَابِتٍ مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا وَلَوْ صَحَّ فَفِعْلُ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ أَوْلَى فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَهُوَ أَصَحُّ فِي الرِّوَايَةِ مَعَ مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ وَالْقِيَاسِ (وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ وَنَصَّ فِي الشَّرْحِ وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ التَّغْلِيظَ.
(وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ حُقِنَ دَمُهُ) بِأَنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ (عَمْدًا أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ عَلَى قَاتِلَهُ لِإِزَالَتِهِ الْقَوَدَ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ وَالْقَوَدُ شُرِعَ زَجْرًا عَنْ تَعَاطِي الْقَتْلِ حَكَمَ بِهِ عُثْمَانُ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْكَافِرَ (ذِمِّيٌّ أَوْ قَتَلَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا لَمْ تُضَعَّفْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ) لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْقَوَدِ.
(وَإِنْ جَنَى رَقِيقٌ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ) كَالْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ (أَوْ) عَمْدًا (فِيهِ قَوَدٌ وَاخْتِيرَ الْمَالُ أَوْ أَتْلَفَ) الْقِنُّ (مَالًا) وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ أَوْ الْإِتْلَافُ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ ذَلِكَ) الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ الْإِتْلَافِ (بِرَقَبَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى إلْغَائِهَا أَوْ تَأْخِيرِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِ غَايَةٍ وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ فَتَعَيَّنَ تَعَلُّقَهَا بِرَقَبَةِ السَّيِّدِ كَالْقِصَاصِ (فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ) أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ (أَوْ يُسَلِّمهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَيَمْلِكُهُ أَوْ يَبِيعُهُ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ) لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَمَالِكِ الْمُتْلَفِ لِأَنَّهُ إنْ أَدَّى قِيمَتَهُ فَقَدْ أَدَّى عِوَضَ الْمَحِلّ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ سَلَّمَهُ لِوَلِيِّهَا فَقَدْ دَفَعَ الْمَحِلَّ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ (فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ) أَيْ أَرْشُهَا (أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ رَقَبَةِ الْجَانِي فَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ سِوَى قِيمَتِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) السَّيِّدُ (أَمَرَهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (فِيهَا فَيَلْزَمُهُ) أَيْ السَّيِّدُ (الْأَرْشُ كُلُّهُ) كَمَا لَوْ اسْتَدَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
(فَلَوْ أَمَرَهُ) السَّيِّدُ (أَنْ يَقْطَعَ يَدَ حُرٍّ) وَفَعَلَ (فَعَلَى السَّيِّدِ دِيَةُ يَدِ الْحُرِّ وَإِنْ كَانَتْ) دِيَةُ الْيَدِ (أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ) لِأَمْرِهِ لَهُ بِالْقَطْعِ (وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ) السَّيِّدُ (أَنْ يَجْرَحهُ) أَيْ الْحُرَّ وَجَرَحَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَرْشُ الْجُرْحِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ (وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ) الَّذِي تَعَلَّقَ الْأَرْش بِرَقَبَتِهِ (أَجْنَبِيٌّ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِقِيمَتِهِ جَزَمَ بِهِ) الْقَاضِي (فِي الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ) لِأَنَّ قِيمَتَهُ بَدَلهُ فَتَحَوَّلَ التَّعَلُّقُ إلَيْهَا كَقِيمَةِ الرَّهْنِ لَوْ أَتْلَفَ (وَالْمُطَالَبَةُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ مُطَالَبَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى السَّيِّدِ (وَالسَّيِّدُ يُطَالِبُ الْجَانِي) عَلَى الْعَبْدِ (بِالْقِيمَةِ) فَإِنْ شَاءَ وَفَّى مِنْهَا وَإِنْ شَاءَ وَفَّى مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِأَنَّهَا بَدَلُهُ.
(وَإِنْ سَلَّمَ) الْقِنُّ (الْجَانِي سَيِّدَهُ فَأَبَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ قَبُولَهُ وَقَالَ بِعْهُ أَنْتَ وَادْفَعْ ثَمَنَهُ إلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ بَيْعُهُ لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَكْثَرَ مِنْ الرَّقَبَةِ وَقَدْ سَلَّمَهَا (وَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ) وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ (وَإِنْ فَضَلَ عَنْ ثَمَنِهِ) أَيْ الْقِنِّ (شَيْءٌ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ) أَيْ الْفَاضِلُ (لِلسَّيِّدِ) لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ هُوَ الْوَاجِبُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْهُ (وَلِلسَّيِّدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ) أَيْ الْقِنِّ الْجَانِي (بِعِتْقٍ وَغَيْرِهِ) كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَبَيْعٍ لَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِلْكَهُ كَتَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ مَعَ دَيْنٍ (وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ) أَوْ عِتْقُ السَّيِّدِ الْقِنَّ الْجَانِي (عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) بِهَا لِأَنَّهُ عِتْقٌ مِنْ مَالِكٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فَنَفَذَ كَغَيْرِ الْجَانِي (وَيَضْمَنُ) السَّيِّدُ (إذَا أَعْتَقَهُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ ضَمَانِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ) وَهُوَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِ السَّيِّدِ أَوْ إذْنُهُ لِأَنَّهُ إنْ دَفَعَ الْأَرْشَ فَهُوَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْمُطَالَبَةَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنْ أَدَّى قِيمَةَ الْقِنِّ فَقَدْ أَدَّى بَدَلَ الْمَحَلِّ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ وَهُوَ قِيمَةُ الْجَانِي.
(وَإِنْ بَاعَهُ) السَّيِّدُ (أَوْ وَهَبَهُ صَحَّ) الْبَيْعُ أَوْ الْهِبَةُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فَنَفَذَ كَغَيْرِهِ (وَلَمْ يَزُلْ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ عَنْ رَقَبَتِهِ) إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُعْسِرًا لِسَبْقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَيُطَالِبُ الْبَائِعَ أَوْ الْوَاهِبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ وَلَا خِيَار لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي) لِلْجَانِي (عَالِمًا بِحَالِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ جَنَى جِنَايَةً تَعَلَّقَ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ (فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ فِي فِدَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ كَالسَّيِّدِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ مَالِكُهُ إذَنْ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمُشْتَرِي بِحَالِهِ (فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ) عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ مَعَ إعْسَارِ بَائِعِهِ عَيْبٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ جَنَى الرَّقِيقَ عَمْدًا فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى رَقَبَتِهِ) أَيْ الْجَانِي (لَمْ يَمْلِكهُ بِغَيْرِ رِضَا سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْجِنَايَةِ فَلِئَلَّا يَمْلِكْهُ بِالْعَفْوِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ انْتَقَلَ حَقُّهُ إلَى الْمَالِ فَصَارَ كَالْجِنَايَةِ (وَإِنْ جَنَى) الْقِنُّ (عَلَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ خَطَأٌ) أَوْ عَمْدًا لَا يُوجِبُ قَوَدًا أَوْ عَمْدًا يُوجِبهُ وَعَفْوًا إلَى الْمَالِ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ مَالًا لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (اشْتَرَكُوا فِيهِ بِالْحِصَصِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ أَوْ أَوْقَاتٍ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي سَبَبِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ فَتَسَاوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً (فَإِذَا عَفَا أَحَدُهُمْ) عَمَّا وَجَبَ لَهُ (أَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَعَفَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْبَاقِينَ بِكُلِّ الْعَبْدِ) الْجَانِي لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ مَوْجُودٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ ذَلِكَ لِمُزَاحَمَةِ الْآخَرِ وَقَدْ زَالَ الْمُزَاحِمُ (وَشِرَاءُ وَلِيِّ الْقَوَدِ الْجَانِي عَفْوٌ عَنْهُ) فَظَاهِرُهُ لَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَكُونُ عَفْوًا قُلْتُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ.
(وَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ حُرًّا فَعَفَا) الْحُرُّ (عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ (ثُمَّ مَاتَ) الْحُرُّ مِنْ الْجِرَاحَةِ وَلَا مَالَ لَهُ وَفُرِضَ أَنَّ (قِيمَةَ الْعَبْدِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرِّ وَاخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ بِقِيمَتِهِ صَحَّ الْعَفْو فِي ثُلُثٍ مَا مَاتَ) الْعَافِي (عَنْهُ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ) حَيْثُ لَمْ يُجِيزُوا عَفْوَهُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِأَمْرِ السَّيِّدِ أَوْ إذْنِهِ فَرَدَّ نِصْفَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى قِيمَةِ الْجَانِي وَيَفْدِيهِ سَيِّدُهُ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَبْلَغِ.
(وَلَوْ أَنَّ عَشَرَةَ أَعْبُدٍ قَتَلُوا عَبْدًا عَمْدًا فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ) كَقَتْلِ الْأَحْرَارِ لِحُرٍّ (فَإِنْ اخْتَارَ السَّيِّدُ قَتْلَهُمْ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ عَفَا) سَيِّدُ الْمَقْتُولِ (إلَى مَالٍ تَعَلَّقَتْ قِيمَةُ عَبْدِهِ بِرِقَابِهِمْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْعَبِيدِ الْعَشَرَةِ الْقَاتِلِينَ (عُشْرُهَا يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِهَا أَوْ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ) بِقَدْرِ الْعُشْرِ كَمَا تُوَزَّعُ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قَاتِلِيهِ (فَإِنْ اخْتَارَ) سَيِّدُ الْمَقْتُولِ (قَتْلَ بَعْضِهِمْ وَالْعَفْوَ عَنْ بَعْضٍ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ.
(وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدَيْنِ لِرَجُلَيْنِ) وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (قَتَلَ) السَّيِّدُ الْجَانِي (بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا) لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ فَيُرَاعَى (فَإِنْ عَفَا عَنْهُ) سَيِّدُ (الْأَوَّلِ قُتِلَ بِالثَّانِي) لِزَوَالِ الْمُزَاحِمِ (وَإِنْ قَتَلَهُمَا) أَيْ قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدَيْنِ (دَفْعَةً وَاحِدَةً أُقْرِعَ بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ) إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قَتْلِهِ بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَاتِلِ الْحُرَّيْنِ (فَمَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ اقْتَصَّ) مِنْ الْجَانِي (وَسَقَطَ حَقُّ الْآخَرِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ عَفَا) مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (عَنْ الْقِصَاص أَوْ عَفَا سَيِّدُ) الْعَبْدِ (الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ) فِيمَا إذَا كَانَ قَتَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ (إلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ) الْجَانِي كَسَائِرِ جِنَايَاتِهِ (وَلِ) سَيِّدِ الْقَتِيلِ (الثَّانِي أَنْ يَقْتَصَّ فَإِنْ قَتَلَهُ) السَّيِّدُ (الْآخَرُ سَقَطَ حَقُّ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِيمَةِ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ (وَإِنْ عَفَا) السَّيِّدُ (الثَّانِي تَعَافَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ الثَّانِي بِرَقَبَتِهِ أَيْضًا وَيُبَاعُ) الْجَانِي (فِيهِمَا وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ) لِتُسَاوِيهِمَا فِي سَبَبِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ (وَلَمْ يُقَدَّمْ) سَيِّدُ (الْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الْجَانِي لِمُسَاوَاةِ الثَّانِي لَهُ لَا يُقَالُ حَقُّ الْأَوَّلِ أَسْبَقُ فَيُقَدَّمُ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَتْلَفَ أَمْوَالًا لِجَمَاعَةٍ عَلَى التَّرْتِيبِ وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا لِاثْنَيْنِ كَانَ لَهُمَا الْقِصَاصُ وَالْعَفْو فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ.

.بَاب دِيَةُ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا:

جَمْعُ مَنْفَعَةٍ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ نَفَعَنِي كَذَا نَفْعًا ضِدًّا لِضُرٍّ (مَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ) كَالْأَنْفِ وَالذَّكَرِ (فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ) أَيْ نَفْسُ الْمُتْلَفِ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ لَهُ.
(وَ) مَنْ أَتْلَفَ (مَا فِيهِ) أَيْ الْإِنْسَانِ (مِنْهُ شَيْئَانِ) كَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ (فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا) أَيْ نِصْفُ دِيَةِ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
(وَ) مَنْ أَتْلَفَ (مَا فِيهِ) أَيْ الْإِنْسَانِ (ثَلَاثَةُ أَشْيَاء) كَالْأَنْفِ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَنْخَرَيْنِ وَالْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا (فَفِيهَا الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثُلُثُهَا وَ) مَنْ أَتْلَفَ (مَا فِيهِ) فِي الْإِنْسَانِ (مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاء) كَالْأَجْفَانِ (فَفِيهِ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا رُبْعُهَا) أَيْ الدِّيَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ وَمَا فِيهِ مِنْهُ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ كَالْمَذَاقِ الْخَمْسِ فَفِيهَا الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهَا خُمْسُهَا (وَمَا فِيهِ مِنْهُ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ) كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَأَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ (فَفِيهَا الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عُشْرُهَا) وَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ (فَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ) إذَا أَذْهَبَهُمَا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الدِّيَاتِ (وَلَوْ مَعَ حَوَلٍ) بِالْعَيْنَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَعَمَشٍ) بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا (وَمَرَضٍ) كَذَلِكَ (وَبَيَاضٍ لَا يُنْقِصُ الْبَصَرَ).
وَسَوَاءٌ كَانَا (مِنْ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ) لِعُمُومِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَفِي إحْدَاهُمَا) أَيْ الْعَيْنَيْنِ (نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةُ (لَكِنْ إنْ كَانَ بِهِمَا) أَيْ الْعَيْنَيْنِ (أَوْ بِإِحْدَاهُمَا بَيَاضٌ يُنْقِصُ الْبَصَرَ نَقَصَ مِنْهَا) أَيْ الدِّيَةِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ نَقْصِ الْبَصَرِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا (وَفِي ذَهَابِ الْبَصَرِ الدِّيَةُ) إجْمَاعًا (وَفِي ذَهَابِ بَصَرِ إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا) لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَمِيعِ الشَّيْءِ وَجَبَ فِي بَعْضِهِ بِقَدْرِهِ كَإِتْلَافِ الْمَالِ (فَإِنْ ذَهَبَ) الْبَصَرُ (بِالْجِنَايَةِ عَلَى رَأْسِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ (أَوْ) ذَهَبَ الْبَصَرُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى (عَيْنِهِ) وَجَبَتْ الدِّيَةُ (أَوْ) ذَهَبَ الْبَصَرُ (بِمُدَاوَاةِ الْجِنَايَةِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) لِذَهَابِهِ بِجِنَايَتِهِ أَوْ أَثَرِهَا (فَإِنْ ذَهَبَ) الْبَصَرُ (ثُمَّ عَادَ لَمْ تَجِبْ) الدِّيَةُ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا ذَهَابَ (وَإِنْ كَانَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَدْ أَخَذَهَا) أَيْ الدِّيَةُ (رَدَّهَا) لِتَبَيُّنِ أَنَّ أَخْذَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.
(وَإِنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (أَوْ) ذَهَبَ (سَمْعُهُ فَقَالَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) بِالطِّبِّ (لَا يُرْجَى عَوْدُهُ) أَيْ بَصَرُهُ أَوْ سَمْعُهُ (وَجَبَتْ) الدِّيَةُ لِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَا) أَيْ الْعَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (يُرْجَى عَوْدُهُ إلَى مُدَّةٍ عَيَّنَاهَا انْتَظَرَ) الذَّاهِبُ (إلَيْهَا) أَيْ إلَى مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ (وَلَمْ يُعْطِ) الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ (الدِّيَةَ حَتَّى تَنْقَضِي الْمُدَّةُ) الَّتِي عَيَّنَاهَا (فَإِنْ بَلَغَهَا) بِأَنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ (وَلَمْ يَعُدْ) مَا ذَهَبَ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِلْيَأْسِ (أَوْ مَاتَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَبْلَ مُضِيّهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ) لَمَّا ذَهَبَ لِلْيَأْسِ مِنْ عَوْدِهِ.
(وَإِنْ قَلَعَ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ الْجَانِي عَلَى الْبَصَرِ أَوَّلًا (عَيْنَيْهِ) الَّتِي أَذْهَبَ الْأَوَّلُ بَصَرهَا (فِي الْمُدَّةِ) الَّتِي عَيَّنَهَا الْعَدْلَانِ لِعَوْدَةِ بَصَرِهَا (اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَوَّلِ الدِّيَةُ أَوْ الْقِصَاصُ) لِلْيَأْسِ مِنْ عَوْدِ بَصَرِهَا.
(وَ) وَجَبَ (عَلَى الثَّانِي حُكُومَةٌ) لِقَلْعِ الْعَيْنِ الَّتِي لَا بَصَرَ لَهَا (وَإِنْ قَالَ الْأَوَّلُ: عَادَ ضَوْءُهَا) فَسَقَطَ عَنِّي دِيَةُ بَصَرِهَا (وَأَنْكَرَ الثَّانِي) عَوْدَهُ (فَقَوْلُ الْمُنْكِر مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَوْدِ (وَإِنْ صَدَّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ) عَلَى عَوْدِ بَصَرِهَا (سَقَطَ حَقُّهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْأَوَّلِ، لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ (وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (عَلَى الثَّانِي) بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْحُكُومَةِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا زَادَ.
(وَإِنْ قَالَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ يُرْجَى عَوْدُهُ) أَيْ مَا ذَهَبَ مِنْ بَصَرٍ أَوْ سَمْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (لَكِنْ لَا نَعْرِف لَهُ مُدَّةً، وَجَبَتْ الدِّيَةُ أَوْ الْقِصَاصُ) لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي ذَهَابِهِ) أَيْ الْبَصَرِ (رُجِعَ إلَى) قَوْلِ (عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدُ أَهْلُ خِبْرَةٍ أَوْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ) أَيْ الذَّاهِبِ مَعَ وُجُودِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (اُعْتُبِرَ) أَيْ اُمْتُحِنَ (بِأَنْ يُوقَفَ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ وَيُقَرَّبَ الشَّيْءُ مِنْ عَيْنِهِ فِي أَوْقَاتِ غَفْلَتِهِ فَإِنْ طَرَفَ) وَحَرَّكَهَا (وَخَافَ مِنْ الَّذِي تَخَوَّفَ بِهِ فَهُوَ كَاذِبٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ إبْصَارِهِ لِأَنَّ طَبْعَ الْآدَمِيِّ الْحَذَرُ عَلَى عَيْنَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْرِفْ وَلَمْ يَخَفْ (حُكِمَ لَهُ) بِيَمِينِهِ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ بِهَا.
(وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي السَّمْعِ وَالشَّمِّ وَالسِّنِّ) إذَا رُجِيَ عَوْدُهَا فِي مُدَّةٍ تَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَمْ تُؤْخَذْ دِيَتُهَا قَبْلَ مُضِيّهَا ثُمَّ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْبَصَرِ.
(وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَنَقَصَ ضَوْءُ عَيْنَيْهِ أَوْ اسْوَدَّ بَيَاضُهُمَا أَوْ احْمَرَّ) بَيَاضُهُمَا (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْبَصَرُ فَحُكُومَةٌ) لَا مُقَدَّرَ لَهُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي نَقْصِ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، فَقَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيَحْلِفُ وَلَهُ حُكُومَةٌ (وَإِنْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (نَقْصَ ضَوْءِ إحْدَاهُمَا عُصِبَتْ) الْعَيْنُ (الْعَلِيلَةُ وَأُطْلِقَتْ) الْعَيْنُ (الصَّحِيحَةُ) بِلَا عَصْبٍ (وَنُصِبَ لَهُ شَخْصٌ وَيُعْطَى الشَّخْصُ شَيْئًا كَبَيْضَةٍ مَثَلًا وَيَتَبَاعَدُ عَنْهُ فِي جِهَةٍ) وَفِي نُسَخٍ فِي وَجْهِهِ (شَيْئًا فَشَيْئًا فَكُلَّمَا قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ فَوَصَفَ لَوْنَهُ عُلِمَ صِدْقُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ فَإِنْ انْتَهَتْ رُؤْيَتُهُ عُلِّمَ مَوْضِعُ الِانْتِهَاءِ بِخَيْطٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تُشَدُّ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُنْصَبُ لَهُ الشَّخْصُ، ثُمَّ يَذْهَبُ فِي الْجِهَةِ) الَّتِي ذَهَبَ فِيهَا أَوَّلًا (حَتَّى تَنْتَهِيَ رُؤْيَتُهُ فَيُعْلَمُ مَوْضِعُهَا) كَمَا فَعَلَ أَوَّلًا (ثُمَّ يُرَدُّ الشَّخْصُ إلَى انْتِهَاءِ جِهَةٍ أُخْرَى فَيُصْنَعُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ مِنْهُ الْمَسَافَتَانِ، ثُمَّ يُذَرَّعَانِ وَيُقَابِلُ بَيْنَهُمَا).
فَإِنْ كَانَتَا سَوَاءً فَقَدْ صَدَقَ وَيَنْظُرُ، كَمْ بَيْن مَسَافَةِ الْعَلِيلَةِ وَالصَّحِيحَةِ؟ وَيُحْكَمُ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْجَانِي رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَسَافَتَانِ فَقَدْ كَذَبَ فَيُرَدَّدُ) بِأَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا سَبَقَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (حَتَّى تَسْتَوِيَ الْمَسَافَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) فَيُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الدِّيَةِ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ جَنَى عَلَى عَيْنَيْهِ فَنَدَرَتَا) أَيْ كَبِرَتَا وَفِي نُسَخٍ فَفَسَدَتَا (أَوْ احْوَلَّتَا أَوْ اعْمَشَّتَا وَنَحْوِهِ فَحُكُومَةٌ كَمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَاعْوَجَّتْ) لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهِ شَرْعًا، وَالْحُكُومَةُ: أَرْشُ مَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ.
(وَالْجِنَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ) فِيمَا تُوجِبُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ (لَكِنْ الْمُكَلَّفُ خَصْمٌ لِنَفْسِهِ وَالْخَصْمُ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا) لِقِيَامِهِ مَقَامِهِمَا كَالْأَمْوَالِ (فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا لَمْ يَحْلِفَا) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا (وَلَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) عَنْهُمَا، لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ فِيهَا (فَإِذَا تَكَلَّفَا حَلَفَا) قُلْتُ: وَظَاهِرُهُ لَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ الدَّعْوَى لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُوَالَاةِ.
(وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ قَلْعَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ يَتَضَمَّنُ إذْهَابَ الْبَصَرِ كُلِّهِ فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ أَذْهَبَهُ مِنْ الْعَيْنَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِعَيْنِ الْأَعْوَرِ مَا يَحْصُلُ بِالْعَيْنَيْنِ فَإِنَّهُ يَرَى الْأَشْيَاءَ الْبَعِيدَةَ وَيُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ اللَّطِيفَةَ وَيَعْمَلُ أَعْمَالَ الْبَصِيرِ وَلِأَنَّ النَّقْصَ الْحَاصِلَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَنْقِيصِ أَحْكَامِهِ (فَإِنْ قَلَعَهَا) أَيْ عَيْنَ الْأَعْوَرِ (صَحِيحٌ فَلَهُ) أَيْ الْأَعْوَرِ (الْقَوَدُ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ وَالْعَمْدُ الْمَحْضُ (مَعَ أَخْذِ نِصْفِ الدِّيَةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ بِقَلْعِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ جَمِيعُ بَصَرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُ بَصَرِ الْقَالِعِ بِقَلْعِ عَيْنِهِ الْأُخْرَى لِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ عَيْنَيْنِ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَأَخَذْنَا عَيْنَهُ الْوَاحِدَةَ بِنَظِيرَتِهَا وَأَخَذْنَا نِصْفَ الدِّيَةِ لِنِصْفِ الْبَصَرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ.
(وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ لَا تُمَاثِلُ عَيْنِهِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفَ دِيَةٍ (أَوْ قَلَعَ) الْأَعْوَرُ (الْمُمَاثِلَةَ خَطَأً فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفَ الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ قَلَعَهَا ذُو عَيْنَيْنِ (وَإِنْ قَلَعَ لِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ) لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ بَصَرِ الْأَعْوَرِ وَهُوَ إنَّمَا ذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِ الصَّحِيحِ فَيَكُونُ الْمُسْتَوْفَى أَكْثَر مِنْ جِنَايَتِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْأَعْوَرِ إذَنْ (دِيَةٌ كَامِلَةٌ) فِي قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ الَّذِي أُسْقِطَ عَنْهُ رِفْقًا بِهِ وَلَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ لَذَهَبَ مَا لَوْ ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ لَوَجَبَتْ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً هُنَا لِأَنَّهَا بَدَلُ الْوَاجِبِ.
(وَإِنْ قَلَعَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا خُيِّرَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بَيْن قَلْعِ عَيْنِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهَا) لِأَنَّهُ أَخَذَ جَمِيعَ بَصَرِهِ بِجَمِيعِ بَصَرِهِ فَوَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ (وَبَيْنَ) أَخْذِ (الدِّيَةِ) لِعَيْنَيْهِ.
(وَفِي يَدِ أَقْطَعَ أَوْ رِجْلِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ) وَلَوْ عَمْدًا، أَوْ كَانَتْ الْأُولَى ذَهَبَتْ هَدَرًا (كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ) لِأَنَّ الْعُضْوَيْنِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا مَنْفَعَةُ الْجِنْسِ لَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَهُمَا (فَلَوْ قَطَعَ) الْأَقْطَعُ (يَدَ صَحِيحٍ) أَوْ رِجْلَهُ (قُطِعَتْ يَدُهُ) أَوْ رِجْلُهُ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ عُضْوٌ أَمْكَنَ الْقَوَدَ فِي مِثْلِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الْقِصَاصَ.
(وَفِي الْأَشْفَارِ) جَمَعَ شُفْرٍ (الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْأَجْفَانُ وَلَوْ مِنْ أَعْمَى الدِّيَةُ) لِأَنَّ ذَهَابَ الْبَصَرِ عَيْبٌ فِي غَيْرِ الْأَجْفَانِ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) أَيْ الْأَشْفَارِ (رُبْعُهَا) لِأَنَّهَا أَعْضَاءَ فِيهَا جَمَالٌ ظَاهِرٌ وَنَفْعٌ كَامِلٌ فَإِنَّهَا تُكِنُّ الْعَيْنَ وَتَحْفَظُهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَوْلَاهُ لَقَبُحَ مَنْظَرُهَا (فَإِنْ قَطَعَ) الْجَانِي (الْعَيْنَيْنِ بِأَجْفَانِهَا وَجَبَتْ دِيَتَانِ) دِيَةٌ لِلْعَيْنَيْنِ وَدِيَةٌ لِلْأَجْفَانِ لِأَنَّ كُلًّا مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ.
(وَفِي أَهْدَابِ الْعَيْنَيْنِ وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى الْأَجْفَانِ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ فَوَجَبَ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَأُذُنَيْ الْأَصَمِّ وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) أَيْ الْأَهْدَابِ (رُبْعُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (فَإِنْ قَطَعَ أَجْفَانٌ بِأَهْدَابِهَا لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ) لِأَنَّ الشَّعْرَ زَالَ تَبَعًا لِزَوَالِ الْأَجْفَانِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّعُورِ الثَّلَاثَةِ الْأُخْرَى الدِّيَةُ وَهِيَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَ) شَعْرُ (اللِّحْيَةِ وَ) شَعْرُ (الْحَاجِبَيْنِ كَثِيفَةً كَانَتْ) تِلْكَ الشُّعُورُ (أَوْ خَفِيفَةً جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ) أَذْهَبَهَا (بِحَيْثُ لَا تَعُودُ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الشَّعْرِ الدِّيَةُ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا قِصَاصَ فِي هَذِهِ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ وَفِي كُلِّ حَاجِبٍ نِصْفُهَا) لِأَنَّ لِكُلِّ إنْسَانٍ حَاجِبَيْنِ (وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّيَةِ يُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ) كَالْأُذُنَيْنِ (وَإِنْ عَادَ الشَّعْرُ قَبْلَ أَخْذِ الدِّيَةِ سَقَطَتْ) دِيَتُهُ.
(وَ) إنْ عَادَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ (تُرَدَّ) لِلْجَانِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي عَدَم الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ بَقِيَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ) بَقِيَ مِنْ شَعْرِ (غَيْرِهِ مِنْ الشُّعُورِ) الثَّلَاثَةِ (مَا لَا جَمَالَ فِيهِ ف) الْوَاجِبُ (دِيَةٌ كَامِلَةٌ)، لِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ كُلَّهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ ذَهَبَ ضَوْءُ الْعَيْنَيْنِ وَلِأَنَّ جِنَايَتَهُ رُبَّمَا أَحْوَجَتْ لِإِذْهَابِ الْبَاقِي لِزِيَادَتِهِ فِي الْقُبْحِ عَلَى ذَهَابِ الْكُلِّ (وَفِي الشَّارِبِ حُكُومَةٌ) إنْ لَمْ يَعُدْ لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهِ.
(وَفِي الْأُذُنَيْنِ وَلَوْ مِنْ أَصَمَّ الدِّيَةُ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ (وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ وَمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَضَى فِي الْأُذُنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا رَوَاهُ سَعِيدٌ فَمُنْقَطِعٌ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِر، وَلَا يَثْبُتُ (وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ الْأُذُنِ وَجَبَ بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَتِهَا يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ) كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ (وَكَذَا قَطْعُ بَعْضِ الْمَارِنِ) أَيْ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ.
(وَ) قَطْعُ (الْحَلَمَةِ وَ) قَطْعُ (اللِّسَانِ وَ) قَطْعُ (الشَّفَةِ وَالْحَشَفَةِ وَالْأُنْمُلَةِ وَالسِّنِّ وَشَقُّ الْحَشَفَةِ طُولًا) فَإِنَّ فِي قَطْعِ أَبْعَاضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِقِسْطِهَا مِنْ دِيَتِهَا (فَإِنْ جَنَى عَلَى أُذُنِهِ فَاسْتَحْشَفَتْ أَيْ شُلَّتْ فَفِيهَا حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ الْجَمَالُ (فَإِنْ قَطَعَهَا) أَيْ الْأُذُنَ (قَاطِعٌ بَعْدَ اسْتِحْشَافِهَا فَفِيهَا دِيَتُهَا) لِأَنَّ فِيهَا جَمَالُهَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا.
(وَفِي السَّمْعِ إذَا ذَهَبَ مِنْهُمَا) أَيْ الْأُذُنَيْنِ (الدِّيَةُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» (وَإِنْ ذَهَبَ) السَّمْعُ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْأُذُنَيْنِ (فَنِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (وَإِنْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ فَدِيَتَانِ) دِيَةٌ لِلْأُذُنَيْنِ وَدِيَةٌ لِلسَّمْعِ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْأُذُنَيْنِ فَلَا تَدْخُلُ دِيَةُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ كَالْبَصَرِ مَعَ الْأَجْفَانِ وَالنُّطْقِ مَعَ الشَّفَتَيْنِ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَانِي وَوَلِيِّ الْجِنَايَةِ (فِي ذَهَابِ سَمْعِهِ فَدِيَتَانِ فَإِنَّهُ) أَيْ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ (يُغْتَفَلُ وَيُصَاحُ بِهِ وَيُنْظَرُ اضْطِرَابُهُ وَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ صَوْتِ الرَّعْدِ وَالْأَصْوَاتِ الْمُزْعِجَةِ) كَنَهِيقِ الْحَمِيرِ (فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ انْزِعَاجٌ أَوْ الْتِفَاتٌ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى السَّمْعِ فَقَوْلُ الْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ) لِظُهُورِ أَمَارَةِ صِدْقِهِ (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ (فَقَوْلُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ، وَمَتَى حُكِمَ لَهُ بِالدِّيَةِ ثُمَّ انْزَعَجَ عِنْدَ صَوْتٍ فَطُولِبَ بِالدِّيَةِ فَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا قُبِلَ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالِاحْتِمَالِ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ بِحَيْثُ تُعْلَمُ صِحَّةُ سَمْعِهِ رَدَّ مَا أَخَذَ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا كَذِبَهُ وَكَذَا يُقَال فِي الشَّمّ وَإِنْ ادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ وُلِدَ أَبْكَمُ وَلَا بَيِّنَةَ تُكَذِّبُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَقِيلَ: تُرَدَّ أَيْ دَعْوَاهُ كَمَا لَوْ قَالَ: وُلِدَ نَاطِقًا ثُمَّ خُرِسَ.
(وَإِنْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (نُقْصَانَ سَمْعِ إحْدَاهُمَا) أَيْ الْأُذُنَيْنِ (فَاخْتِبَارَهُ بِأَنْ تُسَدَّ) الْأُذُنُ (الْعَلِيلَةُ وَتُطْلَقَ الصَّحِيحَةُ وَيَصِيحَ رَجُلٌ مِنْ مَوْضِعٍ يَسْمَعُهُ وَيُعْمَل كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَقْصِ الْبَصَرِ فِي إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ سَمْعِ الْأُذُنِ (بِقَدْرِ نَقْصِهِ) أَيْ سَمْعِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ (وَإِنْ تَعَدَّى نُقْصَانُ السَّمْعِ فِيهِمَا) أَيْ الْأُذُنَيْنِ وَ(حَلَفَ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَم إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَا يَتَأَتَّى الْعِوَضُ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِخِلَافِ الْبَصَرِ (وَوَجَبَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ).
(وَفِي مَارِنِ الْأَنْفِ وَهُوَ) أَيْ مَارِنُهُ (مَا لَانَ مِنْهُ) دُونَ الْقَصَبَةِ (وَلَوْ مِنْ أَخْشَمَ الدِّيَةُ) لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي الْأَنْفِ كَمَا سَبَقَ (وَإِنْ قَطَعَ) الْجَانِي (الْمَارِنَ وَشَيْئًا مِنْ الْقَصَبَةِ ف) عَلَيْهِ (دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) وَيَنْدَرِج مَا قَطَعَ مِنْ الْقَصَبَةِ فِي دِيَةِ الْأَنْفِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْيَدَيْنِ مِمَّا فَوْقَ الْكُوعِ.
(وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَنْخِرَيْنِ وَالْحَاجِزِ بَيْنهمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْأَنْفَ يَشْتَمِلُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (وَفِي قَطْعِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمَنْخِرَيْنِ (مَعَ نِصْفِ الْحَاجِزِ نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ وَلِأَنَّهُ قَطَعَ نِصْفَ الْأَنْفِ (وَ) فِي قَطْعِ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ (مَعَ كُلِّهِ) أَيْ الْحَاجِزِ (ثُلُثَاهَا) أَيْ الدِّيَةِ.
(وَفِي الشَّمِّ الدِّيَةُ) لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَفِي ذَهَابِهِ) أَيْ الشَّمِّ مِنْ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ نِصْفُهَا أَيْ الدِّيَةِ وَفِي بَعْضِهِ حُكُومَةٌ إذَا لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ (وَإِنْ نَقَصَ) الشَّمُّ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمَنْخِرَيْنِ (قُدِّرَ) النَّقْصُ (بِمَا يُقَدَّرُ بِهِ نَقْصُ السَّمْعِ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ) كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي الْأَنْفِ فَلَا تَنْدَرِجُ دِيَتُهُ فِيهِ.
(وَإِنْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (ذَهَابَ شَمِّهِ اُخْتُبِرَ بِالرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ وَالْمُنْتِنَةِ فَإِنْ هَشَّ لِلطَّيِّبِ وَتَنَكَّرَ مِنْ الْمُنْتِنِ) (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ الْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَهَشَّ لِلطَّيِّبِ وَلَمْ يَتَنَكَّرْ مِنْ الْمُنْتِنِ (ف) الْقَوْلُ (قَوْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَإِنْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (نَقْصَ شَمِّهِ) بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ (فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (وَيَجِبُ) لَهُ إذَنْ (مَا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّمْعِ (وَإِنْ قَطَعَ مَعَ الْأَنْفِ اللَّحْمَ الَّذِي تَحْتَهُ، فَفِي اللَّحْمِ حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَنْفِ وَلَا مُقَدَّرٌ فِيهِ (كَقَطْعِ الذَّكَرِ وَاللَّحْمِ الَّذِي تَحْتَهُ وَإِنْ ضَرَبَ) الْجَانِي (أَنْفَهُ فَأَشَلَّهُ أَوْ عَوَّجَهُ أَوْ غَيَّرَ لَوْنَهُ فَحُكُومَةٌ) لِأَنَّ نَفْعَ الْأَنْفِ بَاقٍ مَعَ الشَّلَلِ بِخِلَافِ الْيَدِ، فَإِنَّ نَفْعَهَا قَدْ زَالَ وَنَفْعُ الْأَنْفِ جَمْعُ الرَّائِحَةِ وَمَنْعُ وُصُولِ شَيْءٍ إلَى دِمَاغِهِ.
(وَفِي قَطْعِهِ) أَيْ الْأَنْفِ (إلَّا جِلْدَةٍ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِهَا فَلَمْ يَلْتَحِمْ وَاحْتِيجَ إلَى قَطْعِهِ فَفِيهِ دِيَتُهُ) لِأَنَّ بَقَاءَهُ إذَنْ كَعَدَمِهِ (وَإِنْ رَدَّهُ فَالْتَحَمَ أَوْ أَبَانَهُ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَحُكُومَةٌ) لِنَقْصِهِ.
(وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ) إذَا اُسْتُوْعِبَتَا قَطْعًا (وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّفَتَيْنِ (نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (فَإِنْ ضَرَبَهُمَا) أَيْ الشَّفَتَيْنِ (فَأَشَلَّهُمَا) فَفِيهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّهُ عَطَّلَ نَفْعَهُمَا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَشَلَّ يَدَهُ (أَوْ) ضَرَبَهَا وَ(تَقَلَّصَتَا فَلَمْ تَنْطَبِقَا عَلَى الْأَسْنَانِ) فَفِيهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّهُ عَطَّلَ جَمَالَهُمَا (أَوْ اسْتَرْخَتَا فَصَارَتَا لَا يَنْفَصِلَانِ عَنْ الْأَسْنَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ عَطَّلَ نَفْعَهُمَا (وَإِنْ تَقَلَّصَتَا) أَيْ الشَّفَتَانِ (بَعْضَ التَّقَلُّصِ فَحُكُومَةٌ) لِذَلِكَ النَّقْصِ (وَحَدُّ الشَّفَةِ السُّفْلَى مِنْ أَسْفَلِ مَا تَجَافَى عَنْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ مِمَّا ارْتَفَعَ مِنْ جِلْدَةِ الذَّقَنِ وَحَدُّ) الشَّفَةِ (الْعُلْيَا مِنْ فَوْقِ مَا تَجَافَى عَنْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ إلَى اتِّصَالِهِ بِالْمَنْخِرَيْنِ وَالْحَاجِزِ وَحْدَهُمَا) أَيْ الشَّفَتَيْنِ (طُولًا طُولُ الْفَمِ إلَى حَاشِيَةِ الشِّدْقَيْنِ).
(وَفِي اللِّسَانِ النَّاطِقِ الدِّيَةُ) إذَا اسْتَوْعَبَ قَطْعًا إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْأَعْضَاءِ نَفْعًا وَأَتَمُّهَا جَمَالًا يُقَال جَمَالُ الرَّجُلِ فِي لِسَانِهِ، وَالْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، وَيُقَالُ مَا الْإِنْسَانُ لَوْلَا اللِّسَانُ إلَّا صُورَةً مُهْمَلَةً أَوْ بَهِيمَةً مُهْمَلَةً (وَفِي الْكَلَامِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ كُلَّ مَا تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِإِتْلَافِهِ تَعَلَّقَتْ بِإِتْلَافِ مَحَلِّهِ (وَفِي الذَّوْقِ إذَا ذَهَبَ وَلَوْ مِنْ لِسَانِ أَخْرَس الدِّيَةُ) لِأَنَّ الذَّوْقَ حَاسَّةٌ أَشْبَهَ الشَّمَّ (وَالْمَذَاقُ الْخَمْسُ: الْحَلَاوَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالْحُمُوضَةُ وَالْعُذُوبَةُ وَالْمُلُوحَةُ فَإِذَا ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنْهَا) أَيْ الْخَمْسِ (فَلَمْ يُدْرِكْهُ وَأَدْرَكَ الْبَاقِي) مِنْهَا (فَخُمُسُ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْخَمْسَ تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ فَفِي إحْدَاهَا خُمُسُهَا (وَإِنْ ذَهَبَ اثْنَتَانِ) مِنْ الْخَمْسِ (فَخُمُسَانِ) مِنْ الدِّيَةِ (وَفِي ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ) الدِّيَةِ (وَفِي) ذَهَابِ (أَرْبَعَةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ) الدِّيَةِ.
(وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ بِوَاحِدَةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (وَنَقَصَ الْبَاقِي فَخُمُس الدِّيَةِ) الَّتِي لَمْ تُدْرَكْ بِهَا (وَحُكُومَةٌ لِنَقْصِ الْبَاقِي، وَإِنْ جَنَى عَلَى لِسَانِ نَاطِقٍ فَأَذْهَبَ كَلَامَهُ وَذَوْقَهُ) مَعَ اللِّسَانِ (فَدِيَتَانِ) كَمَا لَوْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُ اللِّسَانِ مَعَ بَقَائِهِ (فَإِنْ قَطَعَهُ) أَيْ اللِّسَانَ (فَذَهَبَتْ) أَيْ مَنْفَعَةُ الْكَلَامِ وَالذَّوْقِ (مَعًا فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهُمَا ذَهَبَا تَبَعًا فَوَجَبَ دِيَةُ اللِّسَانِ دُونَهُمَا، كَمَا لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا (وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ وَجَبَ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ) مِنْ الْكَلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرهِ (يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا) جَعْلًا لِلْأَلْفِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَاللَّيِّنَةِ حَرْفًا وَاحِدًا لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَخْرَجِ، وَلِذَلِكَ إذَا احْتَاجُوا إلَى تَحْرِيكِ الْأَلْفِ قَلَبُوهَا هَمْزَةً وَإِلَّا فَهِيَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ.
(فَفِي الْحَرْفِ الْوَاحِدِ رُبْعُ سُبْعِ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْوَاحِدَ رُبْعُ سُبْعِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ (وَفِي الْحَرْفَيْنِ نِصْفُ سُبْعِهَا، وَكَذَا حِسَابُ مَا زَادَ) فَفِي الثَّلَاثَةِ أَحْرُفٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سُبْعٍ الدِّيَةِ، وَفِي أَرْبَعَةِ حُرُوفٍ سُبْعُ الدِّيَةِ وَهَكَذَا (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا خَفَّ عَلَى اللِّسَانِ مِنْ الْحُرُوفِ أَوْ ثَقُلَ) لِأَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ فِيهِ الْمُقَدَّرُ لَمْ يَخْتَلِفْ لِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ كَالْأُصْبُعِ (وَلَا) فَرْقَ أَيْضًا (بَيْنَ الشَّفَوِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ وَاللِّسَانِيَّةِ، وَإِنْ جَنَى عَلَى شَفَتَيْهِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْحُرُوفِ وَجَبَ فِيهِ) أَيْ الذَّاهِبِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ (وَكَذَلِكَ إنْ ذَهَبَ بَعْضُ حُرُوفِ الْحَلْق بِجِنَايَةٍ) وَجَبَ فِي الذَّاهِب بِقَدْرِهِ (وَإِنْ ذَهَبَ حَرْفٌ فَعَجَزَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (عَنْ كَلِمَةٍ كَجَعْلِهِ أَحْمَدَ أَمَدَ لَمْ يَجِبْ غَيْرَ أَرْشِ الْحَرْفِ) الذَّاهِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ سِوَاهُ.
(وَإِنْ ذَهَبَ حَرْفٌ فَأَبْدَلَ مَكَانَهُ حَرْفًا آخَرَ مِثْلَ أَنْ كَانَ يَقُولُ دِرْهَمٌ فَصَارَ يَقُولُ: دِلْهَمٌ أَوْ دِغْهَمْ أَوْ دِنْهَمٌ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْحَرْفِ الذَّاهِبِ) لِأَنَّ مَا يُبَدَّلُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الذَّاهِبِ فِي الْقُوَّةِ وَلَا غَيْرِهَا (لَا إنْ جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ الْبَدَل وَجَبَتْ دِيَتُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ) أَيْ الْبَدَلَ (أَصْلٌ) بِنَفْسِهِ (وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ) بِالْجِنَايَةِ (شَيْءٌ مِنْ الْكَلَامِ لَكِنْ حَصَلَتْ فِيهِ عَجَلَةٌ أَوْ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ التِّمْتَانَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ وَالْفَأْفَاءُ مَنْ يُكَرِّر الْفَاءَ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (حُكُومَةٌ) لِمَا حَصَلَ مِنْ النَّقْصِ وَالشَّيْنِ وَلَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ (فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي حَصَلَ فِي كَلَامِهِ عَجَلَةً أَوْ تَمْتَمَةً أَوْ فَأْفَأَةً (جَانٍ آخَرُ فَأَذْهَبَ كَلَامَهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً).
كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى عَيْنِهِ جَانٍ فَعَمِشَتْ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ آخَرُ فَأَذْهَبَ بَصَرَهَا (فَإِنْ أَذْهَبَ) الْجَانِي (الْأَوَّل بَعْضَ الْحُرُوفِ وَأَذْهَبَ) الْجَانِي (الثَّانِي بَقِيَّةَ الْكَلَامِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الْجَانِيَيْنِ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الدِّيَةِ فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ دُونَ غَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (أَلْثَغَ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَذَهَبَ إنْسَانٌ بِكَلَامِهِ كُلِّهِ) بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ) الْأَلْثَغُ (مَأْيُوسًا مِنْ زَوَال لُثْغَتِهِ فَفِيهِ) أَيْ الذَّاهِبِ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الدِّيَةِ أَيْ بِقِسْطِ (مَا ذَهَبَ مِنْ الْحُرُوفِ) كَمَا لَوْ أَذْهَبَ سَمْعَ أُذُنٍ أَوْ شَمَّ مَنْخِرِ (وَإِنْ كَانَ) الْأَلْثَغُ (غَيْرَ مَأْيُوسٍ مِنْ زَوَالهَا) أَيْ زَوَالِ لُثْغَتهِ (كَالصَّغِيرِ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ زَوَالُ لُثْغَتِهِ (وَكَذَلِكَ الْكَبِيرُ إذَا أَمْكَنَ زَوَالُ لُثْغَتِهِ بِالتَّعْلِيمِ) وَجَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَب كَلَامَهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ.
(وَإِنْ قَطَعَ) الْجَانِي (بَعْضَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ فَإِنْ اسْتَوَيَا مِثْل أَنْ قَطَعَ رُبْعَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ فَرُبْعُ الدِّيَةِ) لِرُبْعِ اللِّسَانِ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ رُبْعُ الْكَلَامِ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ كُلَّهُ (فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ كَأَنْ قَطَعَ رُبْعَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ (وَجَبَ بِقَدْرِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْحَالَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ اللِّسَانِ وَالْكَلَامُ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ مُنْفَرِدًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ اللِّسَانِ شَيْءٌ أَوْ ذَهَبَ نِصْفُ اللِّسَانِ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ وَجَبَ عَلَى كُلِّ صُورَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ.
(وَإِنْ قَطَعَ) جَانٍ (رُبْعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ ثُمَّ قَطَعَ) جَانٍ (آخَرُ بَقِيَّتَهُ) أَيْ اللِّسَانِ (فَذَهَبَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ فَعَلَى) الْجَانِي (الْأَوَّل نِصْفُ الدِّيَةِ) لِأَنَّهُ أَذْهَبَ نِصْفَ الْكَلَامِ (وَعَلَى) الْجَانِي (الثَّانِي نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ لِنِصْفِ اللِّسَانِ بِنِصْفِ الْكَلَامِ (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (حُكُومَةٌ لِرُبْعِ اللِّسَانِ) الَّذِي لَا كَلَامَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَشَلِّ (وَلَوْ قَطَعَ) جَانٍ (نِصْفَهُ) أَيْ اللِّسَانِ (فَذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ ثُمَّ) قَطَعَ (آخَرُ) بَقِيَّةَ اللِّسَانِ (فَزَالَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيْ الْكَلَامِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ) لِإِذْهَابِهِ نِصْفَ اللِّسَانِ (وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا) أَيْ الدِّيَةِ لِإِذْهَابِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْكَلَامِ.
(وَإِنْ) جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ أَوْ ذَوْقُهُ أَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ ثُمَّ (عَادَ كَلَامُهُ أَوْ ذَوْقُهُ أَوْ لِسَانُهُ سَقَطَتْ الدِّيَةُ) عَنْ الْجَانِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي عَوْدِ السَّمْعِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَبَضَهَا) أَيْ الدِّيَةَ ثُمَّ عَادَ مَا ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ (رَدَّهَا) أَيْ رَدَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ لِلْجَانِي أَوْ عَاقِلَتِهِ، لِأَنَّهُ تُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا (وَإِنْ قَطَعَ نِصْفَهُ) أَيْ اللِّسَانِ (فَذَهَبَ كُلُّ كَلَامِهِ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ فَعَادَ كَلَامُهُ لَمْ يَجِبْ رَدُّ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي كَانَ بِاللِّسَانِ قَدْ ذَهَبَ وَلَمْ يَعُدْ إلَى اللِّسَانِ وَإِنَّمَا عَادَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ (وَإِنْ قَطَعَهُ) أَيْ اللِّسَانَ (فَذَهَبَ كَلَامُهُ ثُمَّ عَادَ اللِّسَانُ دُونَ الْكَلَامِ لَمْ يَرُدَّ الدِّيَةَ) كَمَا لَوْ زَالَ كَلَامُهُ وَاللِّسَانُ بَاقٍ.
(وَإِنْ اقْتَصَّ مِنْ) أَيْ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ (قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْجَانِي مِثْلَ مَا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ اسْتَوْفَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (حَقَّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الْجَانِي (فِي الزَّائِدِ) عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (لِأَنَّهُ مِنْ سِرَايَةِ الْقَوَدِ وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَإِنْ ذَهَبَ) مِنْ كَلَام الْجَانِي (أَقَلَّ) مِمَّا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَلِلْمُقْتَصِّ دِيَةُ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ بَدَلَهُ).
وَلَوْ كَانَ اللِّسَانُ ذَا طَرَفَيْنِ فَقَطَعَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ وَكَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْخِلْقَةِ فَكَلِسَانِ مَشْقُوقٍ فِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَامَّ الْخِلْقَةِ وَالْآخَرُ نَاقِصًا فَالتَّامُّ فِيهِ الدِّيَةُ وَالنَّاقِصُ زَائِدٌ فِيهِ حُكُومَةٌ.
(وَإِذَا قَطَعَ لِسَانَ صَغِيرٍ لَمْ يَتَكَلَّم لِطُفُولِيَّتِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَلِسَانِ الْكَبِيرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةَ (وَإِنْ بَلَغَ) الصَّغِيرُ (حَدًّا يَتَكَلَّمُ مِثْلَهُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَفِيهِ حُكُومَةٌ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ) إنْ كَانَ لَا ذَوْقَ لَهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ (وَإِنْ كَبِرَ) الصَّغِيرُ بَعْدَ قَطْعِ لِسَانِهِ (فَنَطَقَ بَعْضَ الْحُرُوفِ وَجَبَ فِيهِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْحُرُوفَ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ نَاطِقًا وَإِنْ كَانَ) الصَّغِيرُ (قَدْ بَلَغَ إلَى حَدٍّ يَتَحَرَّكُ) لِسَانُهُ (بِالْبُكَاءِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ فَفِيهِ) أَيْ لِسَانِهِ إذَا قُطِعَ (حُكُومَةٌ) كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ (وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَى حَدٍّ يَتَحَرَّكُ) بِالْبُكَاءِ وَغَيْرِهِ (فَفِيهِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ سَلَامَتُهُ.
(وَفِي كُلِّ سِنٍّ مِمَّنْ قَدْ أُثْغِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَرْفُوعًا «فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَنْيَابُ كَالْأَسْنَانِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ:
«الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ» فَيَكُونُ فِي جَمِيعِهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا لِأَنَّهَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ رُبَاعِيَّاتٍ وَأَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ وَعِشْرُونَ ضِرْسًا فِي كُلِّ جَانِبٍ خَمْسَةٌ مِنْ فَوْقَ وَخَمْسَةُ مِنْ أَسْفَلَ (إذَا قُلِعَتْ) الْأَسْنَانُ (بِسَنِخِهَا وَهُوَ مَا بَطَنَ مِنْهَا فِي اللَّحْمِ أَوْ قَطَعَ الظَّاهِرُ) مِنْهَا (فَقَطْ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ وَ(سَوَاءٌ قَلَعَهَا) أَيْ الْأَسْنَانَ (فِي دَفْعَةٍ أَوْ دَفَعَاتٍ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ (وَإِنْ قَلَعَ مِنْهَا السَّنِخُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَصْلُهَا كَمَا سَبَقَ (فَقَطْ وَلَوْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْقَالِعُ السَّنِخُ (الَّذِي جَنَى عَلَى ظَهْرِهَا فَفِيهِ) أَيْ السَّنِخِ (حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ.
(وَلَا يَجِبُ بِقَلْعِ سِنِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغَرْ) أَيْ تَسْقُطُ رَوَاضِعُهُ (فِي الْحَالِ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْعَادَةَ عَوْدُ سِنِّهِ (لَكِنْ يَنْتَظِرُ عَوْدَهَا فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةً يَيْأَسُ مِنْ عَوْدِهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا) قَالَ أَحْمَدُ يَتَوَقَّفُ سَنَةٌ لِأَنَّهُ غَالِبٌ فِي نَبَاتِهَا (إلَّا أَنْ يَنْبُتَ مَكَانَهَا أُخْرَى) مُمَاثِلَةً لَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ عَادَ السَّمْعُ (وَإِنْ عَادَتْ) السِّنُّ (قَصِيرَةً أَوْ شَوْهَاءَ أَوْ أَطْوَلَ مِنْ أَخَوَاتِهَا أَوْ صَفْرَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ أَوَسَوْدَاءَ أَوْ خَضْرَاءَ فَحُكُومَةٌ) لِأَنَّهَا لَمْ تَذْهَبْ بِمَنْفَعَتِهَا فَلَمْ تَجِبْ دِيَتُهَا وَوَجَبَتْ الْحُكُومَةُ لِنَقْصِهَا (وَإِنْ) عَادَتْ قَصِيرَةً وَ(أَمْكَنَ تَقْدِيرُ نَقْصِهَا مِنْ نَظِيرَتِهَا أَوْ كَانَ فِيهَا ثُلْمَةً أَمْكَنَ تَقْدِيرُهَا فَفِيهَا بِقَدْرِ مَا نَقَصَ) مِنْهَا مِنْ دِيَتِهَا بِالنِّسْبَةِ كَمَا لَوْ نَقَصَ سَمْعُ أُذُنٍ أَوْ بَصَرٍ عَيْنٍ وَأَمْكَنَ تَقْدِيرُهُ (وَإِنْ نَبَتَتْ) السِّنُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا (مَائِلَةً عَنْ صَفِّ الْأَسْنَانِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا فَفِيهَا دِيَتُهَا) كَأَنَّهَا لَمْ تَعُدْ إذْ لَا نَفْعَ بِذَلِكَ الْعَائِدِ (وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا) مَعَ مَيْلِهَا (فَحُكُومَةٌ) لِلْمَيْلِ.
(وَإِنْ جَعَلَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (مَكَانَ السِّنِّ) الْمَقْلُوعَةِ (سِنًّا أُخْرَى) مِنْ آدَمِيٍّ (أَوْ سِنَّ حَيَوَانٍ أَوْ عَظْمَهَا فَثَبَتَتْ وَجَبَ دِيَتُهَا) كَمَا لَوْ لَمْ يَجْعَلْ مَكَانهَا شَيْئًا (وَإِنْ قُلِعَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فَحُكُومَةٌ) لِلنَّقْصِ.
(وَإِنْ قَلَعَ سِنَّهُ أَوْ قَلَعَ طَرَفَهُ) كَلِسَانٍ وَمَارِنٍ (وَنَحْوِهِمَا فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ) فَقَطْ وَهُوَ حُكُومَةٌ (ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ) بَعْدَ ذَلِكَ (وَجَبَتْ دِيَتُهُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمهُ جِنَايَةٌ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ عَادَتْ سِنُّ مَنْ قَدْ أُثْغِرَ وَلَوْ بَعْد الْإِيَاسِ مِنْ عَوْدِهَا رَدَّ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (دِيَتَهَا إنْ كَانَ أَخَذَهَا) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَهَا سَقَطَتْ.
(وَإِنْ كَسَرَ) الْجَانِي (بَعْضَ ظَاهِرِ السِّنِّ فَفِيهِ) أَيْ الذَّاهِبِ (مِنْ دِيَةِ السِّنِّ بِقَدْرِهِ كَالنِّصْفِ) وَالثُّلُثُ كَسَائِرِ مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ (وَإِنْ جَاءَ) جَانٍ (آخَرُ فَكَسَرَ الْبَاقِي مِنْهَا فَعَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَرْشِ) أَيْ بَقِيَّةُ دِيَتِهَا (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَانِيَانِ فِي قَدْرِ مَا أَذْهَب كُلٌّ مِنْهُمَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي قَدْرِ مَا أَتْلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الْجَانِيَيْنِ (وَإِنْ انْكَشَفَتْ اللِّثَةُ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الثَّاءِ مُخَفَّفَةً (عَنْ بَعْض السِّنِّ) ثُمَّ كَسَرَ السِّنَّ أَوْ بَعْضَ السِّنِّ وَأُرِيدَ تَقْدِيرُهُ (فَالدِّيَةُ فِي قَدْرِ الظَّاهِرِ) مِنْ السِّنِّ (عَادَةً دُونَ مَا انْكَشَفَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ) لِأَنَّهُ عَارِضٌ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فِي قَدْرِ الظَّاهِرِ) مِنْ السِّنِّ (اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بِأَخَوَاتِهَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُسَاوَاتُهَا لَهُنَّ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْء تُعْتَبَرَ بِهِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا (وَلَمْ يُمْكِن أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَقَوْلُ الْجَانِي) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ فِيمَا زَادَ عَمَّا يُقِرُّ بِهِ.
(وَإِنْ قَلَعَ) الْجَانِي (سِنًّا مُضْطَرِبَةً لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَكَانَتْ مَنَافِعُهَا) أَيْ السِّنِّ (بَاقِيَةً مِنْ الْمَضْغِ وَحِفْظِ الطَّعَامِ وَالرِّيقِ وَجَبَتْ دِيَتُهَا وَكَذَلِكَ إنْ ذَهَبَ بَعْضُ مَنَافِعِهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا) وَجَبَتْ دِيَتُهَا لِأَنَّهُ أَذْهَبَ عُضْوًا فِيهِ مَنْفَعَةً (وَإِنْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُهَا كُلُّهَا فَهِيَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ) فَفِيهَا حُكُومَةٌ.
(وَإِنْ قَلَعَ سِنًّا فِيهَا دَاءٌ أَوْ) قَلَعَ سِنًّا فِيهَا (أَكِلَةٌ وَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا فَفِيهَا دِيَةُ سِنٍّ صَحِيحَةٍ) لِكَمَالِهَا وَبَقَاءِ مَنَافِعِهَا (وَإِنْ سَقَطَ مِنْ أَجْزَائِهَا شَيْءٌ سَقَطَ مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ الذَّاهِبِ مِنْهَا وَوَجَبَ الْبَاقِي) مِنْ دِيَتِهَا فِيمَا أَذْهَبَهُ كَسَائِرِ مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ.
(وَإِنْ كَانَتْ ثَنِيَّتُهُ قَصِيرَةً) خِلْقَةً وَقَلَعَهَا جَانٍ (نَقَصَ مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ نَقْصِهَا كَمَا لَوْ نَقَصَتْ بِكَسْرِهَا) ثُمَّ جَنَى عَلَيْهَا.
(وَإِنْ جَنَى عَلَى سِنِّهِ فَبَقِيَ فِيهَا اضْطِرَابٌ فَفِيهَا حُكُومَةٌ) لِنَقْصِهَا بِذَلِكَ.
(وَفِي تَسْوِيدِ السِّنِّ وَالظُّفْرِ) دِيَتُهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْن ثَابِتٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ جَمَالَ ذَلِكَ عَلَى الْكَمَالِ فَكَمُلَتْ دِيَتُهَا كَمَا لَوْ قَطَعَ أُذُن الْأَصَمِّ.
(وَ) فِي تَسْوِيدِ (الْأُذُنِ وَالْأَنْفِ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ) السَّوَادَ (عَنْهُ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ السِّنِّ وَالظُّفْرِ وَالْأَنْفِ (دِيَتُهُ) كَالسِّنِّ وَالظُّفْرِ (فَإِنْ ذَهَبَتْ) السِّنُّ السَّوْدَاءُ أَوْ الظُّفْرُ أَوْ الْأُذُنُ أَوْ الْأَنْفُ كَذَلِكَ (بَعْدَ ذَلِكَ) الِاسْوِدَادِ (بِجِنَايَةٍ) عَلَيْهِ (فَفِيهَا حُكُومَةٌ) كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ (وَإِنْ احْمَرَّ السِّنُّ) بِالْجِنَايَةِ (أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ أَوْ كَلَّتْ أَوْ تَحَرَّكَتْ فَحُكُومَةٌ) لِلنَّقْصِ (فَإِنْ قَلَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالِعٌ فَحُكُومَةٌ) وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا اضْطَرَبَتْ لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ لِأَنَّ تَحَرُّكَهَا هُنَا بِجِنَايَةٍ (وَلَوْ نَبَتَتْ) السِّنُّ (مِنْ صَغِيرٍ سَوْدَاءَ ثُمَّ ثُغِرَ ثُمَّ عَادَتْ سَوْدَاءَ فَدِيَتُهَا) أَيْ إذَا أَذْهَبَهَا الْجَانِي كَمَنْ خُلِقَ أَسْوَدَ الْوَجْهِ وَالْجِسْمِ جَمِيعًا وَإِنْ نَبَتَتْ أَوَّلًا بَيْضَاءَ ثُمَّ ثُغِرَ ثُمَّ عَادَتْ سَوْدَاءَ فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَيْسَ السَّوَادُ لِمَرَضٍ وَلَا عِلَّةٍ فَفِيهَا كَمَالُ دِيَتِهَا وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ.
(وَفِي اللَّحْيَيْنِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ فِيهِمَا نَفْعًا وَجَمَالًا وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِثْلُهُمَا (وَهُمَا) أَيْ اللَّحْيَانِ (الْعَظْمَاتُ اللَّذَانِ فِيهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا فَإِنْ قَلَعَهَا) أَيْ اللَّحَى (بِمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَسْنَانِ وَجَبَتْ دِيَتُهَا وَدِيَةُ الْأَسْنَانِ) فَلَا تَدْخُلُ دِيَةَ الْأَسْنَانِ فِي اللَّحْيَيْنِ بِخِلَافِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ لَيْسَتْ مُتَّصِلَةً بِاللَّحْيَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ مَغْرُوزَةً فِيهَا بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ وَأَيْضًا كُلٌّ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالْأَسْنَانِ يَنْفَرِدُ بِاسْمٍ، وَاللَّحْيَانِ يُوجَدَانِ قَبْلَ وُجُودِ الْأَسْنَانِ وَيَنْبُتَانِ بَعْد قَلَعِهِمَا بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ.
(وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا) لِلْأَخْبَارِ (وَسَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مِنْ الْكُوعِ أَوْ الْمَنْكِبِ أَوْ مِمَّا بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْيَدَ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ مَسَحَ إلَى الْمَنَاكِبِ (فَإِنْ قَطَعَهُمَا مِنْ الْكُوعِ) وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْيَدَ فِي الشَّرْعِ مَحْمُولَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَطْعِ السَّارِقِ وَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ (ثُمَّ) إنَّ (قَطَعَهُمَا) الْجَانِي (مِنْ الْمَرْفِقِ أَوْ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ) مَا (بَعْدَهُ فَفِي الْمَقْطُوعِ ثَانِيًا حُكُومَةٌ) لِأَنَّ الدِّيَةَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ ثُمَّ قَطَعَ الْكَفَّ.
(وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (فَأَشَلَّهُمَا وَأَذْهَبَ نَفْعَهُمَا أَوْ أَشَلَّ رِجْلَهُ أَوْ ذَكَرَهُ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ إسْكَتَيْهَا وَكَذَا سَائِرَ الْأَعْضَاءِ) إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَأَشَلَّهَا (فَفِيهِ دِيَتُهُ) أَيْ دِيَةُ الْعُضْوِ الَّذِي أَشَلَّ لِأَنَّهُ عَطَّلَ نَفْعَهُ (إلَّا الْأُذُنَ وَالْأَنْفَ) إذَا أَشَلّهُمَا فَلَا تَجِبُ دِيَتهُمَا بَلْ حُكُومَةٌ (كَمَا تَقَدَّمَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا الْجَمَالُ وَهُوَ بَاقٍ مَعَ شَلَلِهِمَا كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ جَنَى عَلَى يَدٍ فَعَوَّجَهَا أَوْ نَقَّصَ قُوَّتهَا أَوْ شَانَهَا) أَيْ عَيَّبَهَا (ف) عَلَيْهِ (حُكُومَةٌ) لِأَنَّهَا أَرْشُ كُلِّ مَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ (وَإِنْ كَسَرَهَا) الْجَانِي أَيْ الْيَدَ (ثُمَّ انْجَبَرَتْ مُسْتَقِيمَةً فَحُكُومَةٌ لِشَيْنِهَا إنْ شَانَهَا ذَلِكَ) إنْ لَمْ يَكُنِ الْكَسْرُ فِي الذِّرَاعِ أَوْ الْعَضُدِ وَإِلَّا فَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَإِنْ عَادَتْ) الْيَدُ بَعْد كَسْرِهَا (مُعْوَجَّةً فَالْحُكُومَةُ أَكْثَرُ) مِنْ الْحُكُومَةِ إذَا عَادَتْ مُسْتَقِيمَةً لِزِيَادَةِ الشَّيْنِ (وَإِنْ قَالَ الْجَانِي أَنَا أَكْسِرُهَا ثُمَّ أَجْبُرَهَا مُسْتَقِيمَةً لَمْ يُمَكَّنْ) مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَدْ لَا يُصِيبُ (فَإِنْ كَسَرَهَا تَعَدِّيًا) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ (ثُمَّ جَبَرَهَا فَاسْتَقَامَتْ لَمْ يَسْقُطْ مَا وَجَبَ مِنْ الْحُكُومَةِ فِي اعْوِجَاجِهَا) لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِالِانْدِمَالِ (وَفِي الْكَسْرِ الثَّانِي حُكُومَةٌ أُخْرَى) لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ غَيْرَ الْأُولَى.
(وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ فِي يَدِ الْمُرْتَعِشِ وَ) تَجِب دِيَةُ الرِّجْلِ فِي (قَدَمِ الْأَعْرَجِ وَ) تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ فِي (يَدِ الْأَعْسَمِ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ (وَهُوَ) أَيْ الْعَسْمُ (اعْوِجَاجٌ فِي الرُّسْغِ) أَيْ مِفْصَلُ مَا بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَالْقَدَمِ إلَى السَّاقِ.
(فَإِنْ كَانَ لَهُ كَفَّانِ فِي ذِرَاعٍ أَوْ يَدَانِ فِي عَضُدٍ وَإِحْدَاهُمَا بَاطِشَةً دُونَ الْأُخْرَى أَوْ) إحْدَاهُمَا (أَكْثَرُ بَطْشًا) مِنْ الْأُخْرَى (أَوْ) إحْدَاهُمَا (فِي سَمْتِ الذِّرَاعِ) أَيْ مُقَابَلَتِهِ (وَالْأُخْرَى مُنْحَرِفَةً عَنْهُ أَوْ إحْدَاهُمَا تَامَّةً) الْخَلْقِ (وَالْأُخْرَى نَاقِصَةً فَالْأُولَى هِيَ الْأَصْلِيَّةُ وَالْأُخْرَى زَائِدَةً فَفِي الْأَصْلِيَّة دِيَتُهَا) إنْ قُطِعَتْ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَاخْتِيرَتْ (وَالْقِصَاصُ بِقَطْعِهَا عَمْدًا وَفِي الزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ قَطَعَهَا مُنْفَرِجَةً أَوْ مَعَ الْأَصْلِيَّةِ) لِأَنَّهَا زَائِدَةً (وَإِنْ اسْتَوَيَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَإِنْ كَانَتَا غَيْرَ بَاطِشَتَيْنِ فَفِيهِمَا حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِمَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ (وَإِنْ كَانَتَا بَاطِشَتَيْنِ فَفِيهِمَا جَمِيعًا دِيَةُ يَدٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ إحْدَاهُمَا أَصْلِيَّةً (وَحُكُومَةٌ لِلزَّائِدَةِ وَإِنْ قَطَعَ إحْدَاهُمَا فَلَا قَوَدَ) فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ هِيَ الزَّائِدَةُ فَلَا تُؤْخَذُ بِهَا الْأَصْلِيَّةُ (وَفِيهَا) أَيْ إحْدَى الْبَاطِشَتَيْنِ (نِصْفُ مَا فِيهِمَا إذَا قُطِعَتَا أَيْ نِصْفُ) دِيَةٍ (يَدٍ وَحُكُومَةٍ وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعًا مِنْ إحْدَاهُمَا فَنِصْفُ أَرْشِ أُصْبُعٍ وَحُكُومَةٌ) هُنَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَبْلِهِ وَاقْتَصَرَ فِي الْإِنْصَافِ وَتَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالتَّنْقِيحِ عَلَى نِصْفِ أَرْشِ أُصْبُعٍ وَتَبِعَهُمْ فِي الْمُنْتَهَى.
(وَإِنْ قَطَعَ ذُو الْيَدِ الَّتِي لَهَا طَرَفَانِ يَدًا لَمْ يُقْطَعَا) بِتِلْكَ الْيَدِ لِئَلَّا تُؤْخَذَ يَدَانِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ (وَلَا) تُقْطَعُ (إحْدَاهُمَا) بِتِلْكَ الْيَدِ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ الْأَصْلِيَّةَ فَنَأْخُذُهَا بِهَا وَلَا تُؤْخَذُ زَائِدَةٌ بِأَصْلِيَّةٍ (وَكَذَا الرِّجْلُ) عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ (وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةَ الْيَدِ) وَتَنْدَرِجُ فِيهَا دِيَةُ الْأَصَابِعِ لِأَنَّ مُسَمَّى الْجَمِيعِ يَدٌ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عَلَيْهِ بَعْضُ أَصَابِعَ دَخَلَ مَا حَاذَى الْأَصَابِعُ) مِنْ الْكَفِّ (فِي دِيَتِهَا) لِأَنَّ الْأَصَابِعَ لَوْ كَانَتْ سَالِمَةً كُلَّهَا لَدَخَلَ أَرْشُ الْكَفِّ كُلُّهُ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ فَكَذَلِكَ مَا حَاذَى الْأَصَابِعَ السَّالِمَةَ دَخَلَ فِي دِيَتِهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (أَرْشُ بَاقِي الْكَفِّ) الْمُحَاذِي لِلْمَقْطُوعَاتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَدْخُلُ فِي دِيَتِهِ فَوَجَبَ أَرْشُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا مَقْطُوعَةً.
(وَإِنْ قَطَعَ أُنْمُلَةً بِظُفْرِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا دِيَتُهَا) أَيْ الْأُنْمُلَةِ وَيَنْدَرِجُ فِيهَا دِيَةُ الظُّفْرِ لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْأُنْمُلَةِ (وَفِي كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ) حُكُومَةٌ.
(وَ) فِي (ذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ) حُكُومَةٌ (وَ) فِي (عَضُدٍ بِلَا ذِرَاعٍ حُكُومَةٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ فِي مَوَاضِعَ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجِبُ ثُلُثُ دِيَتِهِ قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ قَالَ وَقَدْ شَبَّهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ذَلِكَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ قَالَ وَحُكْمُ الرِّجْلِ حُكْمُ الْيَدِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى قُلْتُ مُقْتَضَى تَشْبِيهِ الْإِمَامِ لَهُ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ وُجُوبُ حُكُومَةٍ فِيهَا كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ فِيهَا.
(وَفِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا وَتَفْصِيلُهَا كَالْيَدَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَمِفْصَلُ الْكَعْبَيْنِ مِثْلُ مِفْصَلِ الْكَفَّيْنِ فَإِنْ كَانَ لَهُ قَدَمَانِ عَلَى سَاقٍ فَكَالْكَفَّيْنِ عَلَى ذِرَاعٍ وَاحِدٍ) وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَطْوَلَ مِنْ الْأُخْرَى فَقَطَعَ الطُّولَى وَأَمْكَنَهُ الْمَشْي عَلَى الْقَصِيرَةِ فَهِيَ) الْأَصْلِيَّةُ (فَيَكُونُ فِي الْمَقْطُوعَةِ) حُكُومَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَشْيُ عَلَى الْقَصِيرَةِ فَهِيَ (زَائِدَةٌ) وَيَجِب فِي الْمَقْطُوعَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ.
(وَفِي الثَّدْيَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا) قَالَ فِي الْمُبْدِع بِالْإِجْمَاعِ (وَفِي حَلَمَتَيْهِمَا الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ ذَهَبَ مِنْهُمَا مَا تَذْهَبُ الْمَنْفَعَةُ بِذَهَابِهِ كَحَشَفَةِ الذَّكَرِ (وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا وَإِنْ قَطَعَ الثَّدْيَيْنِ بِحَلَمَتَيْهِمَا فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ) كَقَطْعِ الذَّكَرِ بِحَشَفَتِهِ لِأَنَّ مُسَمَّى الْجَمِيعِ وَاحِدٌ (فَإِنْ حَصَلَ مَكَانُ قَطْعِهِمَا) أَيْ الثَّدْيَيْنِ (جَائِفَةً فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ مَعَ دِيَتِهِمَا) أَيْ دِيَةِ الثَّدْيَيْنِ (وَإِنْ) حَصَلَ (جَائِفَتَانِ فَدِيَةٌ) لِلثَّدْيَيْنِ (وَثُلُثَانِ) مِنْ الدِّيَةِ لِلْجَائِفَتَيْنِ (وَإِنْ جَنَى) عَلَى الثَّدْيَيْنِ (فَأَذْهَبَ لَبَنَهُمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشُلَّهُمَا فَ) عَلَيْهِ (حُكُومَةٌ) لِمَا حَصَلَ فِي النَّقْصِ وَلَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ نَفْعُهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ (وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا) أَيْ الثَّدْيَيْنِ (مِنْ صَغِيرَةٍ ثُمَّ وَلَدَتْ فَلَمْ يَنْزِل لَهَا لَبَنٌ فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ قَطَعَتْهُ الْجِنَايَةُ فَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (مَا عَلَى مَنْ ذَهَبَ بِاللَّبَنِ بَعْدَ وُجُودِهِ) وَهُوَ حُكُومَةٌ إذَا لَمْ يَشَلَّهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ قَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ (قَدْ انْقَطَعَ مِنْ غَيْرِ الْجِنَايَةِ لَمْ يَضْمَنْ) مَا ذَهَبَ مِنْ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ جِنَايَتِهِ (وَإِنْ نَقَصَ لَبَنُهُمَا) أَيْ الثَّدْيَيْنِ بِالْجِنَايَةِ (أَوْ كَانَا نَاهِدَيْنِ فَكَسَرَهُمَا أَوْ صَارَ بِهِمَا مَرَضٌ ف) عَلَيْهِ (حُكُومَةٌ) لِذَلِكَ النَّقْصِ.
(وَفِي ثَنْدُوَتَيْ الرَّجُلِ) الْوَاحِدَةُ ثُنْدُوَةٌ بِفَتْحِ الثَّاءِ بِلَا هَمْزَةٍ وَبِضَمِّهَا مَعَ الْهَمْزِ وَهِيَ (مَغْرَزِ الثَّدْي) وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الثَّدْيُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ أَصَحُّ فِي اللُّغَة وَمِنْهُمْ مِنْ أَنْكَرَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِمَا الْجَمَالُ وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ غَيْرُهُمَا مِنْ جِنْسِهِمَا (وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا).
(وَفِي الْأَلْيَتَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا وَهُمَا) أَيْ الْأَلْيَتَانِ (مَا عَلَا وَأَشْرَفَ عَنْ الظَّهْرِ وَعَنْ اسْتِوَاءِ الْفَخِذَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُل إلَى الْعَظْمِ الَّذِي تَحْتَهُمَا وَفِي ذَهَابِ بَعْضِهِمَا) أَيْ الْأَلْيَتَيْنِ (بِقَدْرِهِ) مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ الْأَجْزَاءِ كَسَائِرِ مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ (فَإِنْ جَهِلَ الْمِقْدَارَ) أَيْ مِقْدَارَ الذَّاهِبِ مِنْهُمَا أَيْ جَهِلَتْ نِسْبَتَهُ مِنْهُمَا (فَحُكُومَةٌ) كَنَقْصِ السَّمْعِ.
(وَفِي كَسْرِ الصُّلْبِ الدِّيَةُ إذَا لَمْ يَنْجَبِرْ) قَالَ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ ذَكَره فِي الْمُبْدِعِ فِي مَوْضِعٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حُزَمٍ مَرْفُوعًا:
«وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ» وَرَوَى الزُّهْرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ» وَقَالَ الْقَاضِي فِيهِ دِيَةٌ إلَّا أَنْ يَذْهَبَ مَشْيُهُ أَوْ جِمَاعُهُ.
وَفِي الْمُبْدِع أَيْضًا إذَا كُسِرَ صُلْبُهُ فَجُبِرَ وَعَادَ إلَى حَالِهِ فَحُكُومَةٌ لِلْكَسْرِ وَإِنْ احْدَوْدَبَ فَحُكُومَةٌ لَهُمَا أَيْ لِلْكَسْرِ وَالِاحْدِيدَابِ (فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ) أَيْ بِكَسْرِ الصُّلْبِ (مَشْيُهُ) فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ) ذَهَبَ بِكَسْرِ صُلْبهِ (نِكَاحُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الذَّاهِبَ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ ذَهَبَا) أَيْ الْمَشْيُ وَالنِّكَاحُ (فَدِيَتَانِ) كَمَا لَوْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُ الْإِنْسَانِ مَعَ بَقَائِهِ.
(وَإِنْ جُبِرَ) الصُّلْب بَعْدَ كَسْرِهِ (فَعَادَتْ إحْدَى الْمَنْفَعَتَيْنِ لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةَ) الْمَنْفَعَةِ الذَّاهِبَةِ دُونَ مَا عَادَتْ (إلَّا أَنْ تَنْقُصَ الْأُخْرَى) الَّتِي عَادَتْ (أَوْ تَنْقُصَا) أَيْ الْمَنْفَعَتَانِ بِلَا ذَهَابٍ (فَحُكُومَةٌ) لِلنَّقْصِ (أَوْ إنْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (ذَهَابَ جِمَاعِهِ) بِالْجِنَايَةِ (فَقَالَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجِنَايَةِ تُذْهِبُ الْجِمَاعَ فَقَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَإِنْ ذَهَبَ مَاؤُهُ) بِالْجِنَايَةِ (أَوْ) ذَهَبَ (إحْبَالُهُ دُونَ جِمَاعِهِ) بِالْجِنَايَةِ (فَفِيهِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَقْصُودَة أَشْبَهَ السَّمْعَ.
(وَفِي ذَهَابِ الْأَكْلِ) بِالْجِنَايَةِ (الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَقْصُودٌ كَالشَّمِّ (وَفِي إذْهَابِ مَنْفَعَةِ الصَّوْتِ الدِّيَةُ) ذَكَره فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الْفُنُونِ لَوْ سَقَاهُ زُرْق حَمَامٍ فَذَهَبَ صَوْتُهُ لَزِمَهُ حُكُومَةٌ (وَفِي الْحَدَبِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالدَّالِ (الدِّيَةُ) لِأَنَّ بِذَلِكَ تَذْهَبُ الْمَنْفَعَةُ وَالْجَمَالُ لِأَنَّ انْتِصَابَ الْقَامَةِ مِنْ الْكَمَالِ وَالْجَمَالِ وَبِهِ شَرَفُ الْآدَمِيِّ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ (فَإِنْ انْحَنَى قَلِيلًا فَحُكُومَةٌ) لِلنَّقْصِ.
(وَفِي الصَّعَرِ الدِّيَةُ) رَوَاهُ مَكْحُولٌ عَنْ زَيْدٍ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ (وَهُوَ) أَيْ الصَّعَرُ (أَنْ يُجْنَى عَلَيْهِ فَيَصِيرُ وَجْهُهُ فِي جَانِبٍ وَلَا يَعُودُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى النَّظَرِ أَمَامَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ لَيُّ عُنُقِهِ) وَأَصْلُ الصَّعَرِ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ فِي عُنُقِهِ فَيَلْتَوِي مِنْهُ عُنُقُهُ قَالَ تَعَالَى:
{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} أَيْ لَا تُعْرِضْ عَنْهُمْ بِوَجْهِكَ (وَإِنْ صَارَ الِالْتِفَاتُ أَوْ ابْتِلَاعُ الْمَاءِ أَوْ) ابْتِلَاعُ (غَيْرِهِ شَاقًّا عَلَيْهِ ف) عَلَى الْجَانِي (حُكُومَةٌ) لِهَذَا النَّقْصِ.
(وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ) إجْمَاعًا وَتَقَدَّمَ (مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَشَيْخٍ وَشَابٍّ) لِعُمُومِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَرْفُوعًا:
«وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ (وَإِنْ قَطَعَ) الْجَانِي (نِصْفَهُ) أَيْ الذَّكَرِ (بِالطُّولِ فَفِيهِ) الدِّيَةُ كَامِلَةٌ لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِمَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ.
(قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَنَقَلَ الْمُوَفَّقُ عَنْ أَصْحَابنَا أَنَّ فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى وَإِنْ قَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً مَا دُون الْحَشَفَةِ وَخَرَجَ الْبَوْلُ عَلَى عَادَتِهِ وَجَبَ بِقَدْرِ الْقِطْعَةِ مِنْ جَمِيعِ الذَّكَرِ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِ الْقَطْعِ وَجَبَ الْأَكْثَرُ) مِنْ الدِّيَةِ أَوْ الْحُكُومَةِ.
(وَفِي حَشَفَتِهِ) أَيْ الذَّكَر (الدِّيَةُ) قَالَ فِي الْمُبْدِع بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ تَكْمُلُ بِالْحَشَفَةِ كَمَا تَكْمُل مَنَافِعَ الْيَدِ بِالْأَصَابِعِ.
(وَفِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَلَوْ جَامَعَ بِهِ) حُكُومَةٌ (وَ) فِي (ذَكَرِ الْعِنِّينِ) حُكُومَةٌ (وَ) فِي (الذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِذَهَابِ مَنْفَعَتِهِ.
(وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا فَإِنْ قَطَعَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعًا) فَدِيَتَانِ (أَوْ) قَطَعَ (الذَّكَرَ ثُمَّ الْأُنْثَيَيْنِ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ لَوَجَبَ فِي قَطْعِهِ الدِّيَةُ فَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَا (وَإِنْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ) قَطَعَ (الذَّكَرَ فَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ قَطْعَهُمَا لَمْ يُصَادِفْ مَا يُوجِبُ نَقْصُهُمَا مِنْ دِيَتِهِمَا (وَفِي الذَّكَرِ حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ ذَكَرُ خَصِيٍّ (وَإِنْ رَضَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ أَرْسَلَهُمَا كَمُلَتْ دِيَتُهُمَا) كَمَا لَوْ قَطَعَهُمَا (وَإِنْ قَطَعَهُمَا) أَيْ الْأُنْثَيَيْنِ (فَذَهَبَ نَسْلُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ) وَكَذَا لَوْ قَطَعَ إحْدَاهُمَا فَذَهَبَ النَّسْلُ فَنِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّ دِيَةُ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ تَنْدَرِجُ فِيهِ كَمَا سَبَقَ غَيْرَ السَّمْعِ وَالشَّمِّ.
(وَفِي إِسْكَتَيْ الْمَرْأَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَفَتْحِهَا (وَهُمَا) أَيْ إسْكَتَاهَا (اللَّحْمُ الْمُحِيطُ بِالْفَرْجِ مِنْ جَانِبَيْهِ إحَاطَةُ الشَّفَتَيْنِ بِالْفَمِ وَهُمَا شُفْرَاهَا) وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الشُّفْرَانِ حَاشِيَتَا الْإِسْكَتَيْنِ (الدِّيَةُ) لِأَنَّ فِيهِمَا مَنْفَعَةً وَجَمَالًا وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ غَيْرُهُمَا مِنْ جِنْسهِمَا (وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا وَسَوَاءٌ كَانَتَا غَلِيظَتَيْنِ أَوْ دَقِيقَتَيْنِ قَصِيرَتَيْنِ أَوْ طَوِيلَتَيْنِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ مَخْفُوضَةٍ أَيْ مَخْتُونَةٍ أَوْ غَيْرِ مَخْفُوضَةٍ وَلَوْ مِنْ رَتْقَاءَ) وَإِنْ أَشَلّهُمَا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى شَفَتَيْهِ فَأَشَلّهُمَا.
(وَفِي رَكَبِ الْمَرْأَةِ) بِالتَّحْرِيكِ (وَهُوَ عَانَتُهَا حُكُومَةٌ وَكَذَا عَانَتُهُ) أَيْ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا (فَإِنْ أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ الرَّكَبِ (شَيْءٌ مَعَ فَرْجِهَا أَوْ) مَعَ (ذَكَره فَحُكُومَةٌ) لِمَا أَخَذَ مِنْهُ (مَعَ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْفَرْجِ أَوْ الذَّكَرِ.
(وَفِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُهَا) لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:
«دِيَةُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ لِكُلِّ أُصْبُعٍ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ: «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ.
(وَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ الْعُشْرِ) لِأَنَّ دِيَةَ الْأُصْبُعِ تُقْسَمُ عَلَى أَنَامِلِهِ كَمَا قُسِمَتْ دِيَةُ الْيَدِ عَلَى أَصَابِعِهَا بِالسَّوِيَّةِ (فَإِنْ كَانَتْ) الْأُنْمُلَة (مِنْ إبْهَامٍ فَنِصْفُ الْعُشْرِ) لِأَنَّهُمَا مُفَصَّلَانِ.
(وَفِي الظُّفْرِ خُمْسُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ) لِقَوْلِ زَيْدٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ (إذَا قَلَعَهُ وَلَمْ يَعُدْ) أَوْ عَادَ أَسْوَدَ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى لِذَهَابِ جَمَالِهِ.
(وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهِ.
(وَإِنْ جَنَى عَلَى مَثَانَتِهِ فَلَمْ يَسْتَمْسِك بَوْلُهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ) بِأَنْ ضَرَبَ بَطْنَهُ أَوْ نَحْوَهُ (فَلَمْ يُمْسِكْ غَائِطَهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَنْفَعَةُ كَبِيرَةُ لَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِثْلهَا وَالضَّرَرُ بِفَوَاتِهَا عَظِيمُ فَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدِّيَةُ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ (وَإِنْ أَذْهَبَ الْمَنْفَعَتَيْنِ فَدِيَتَانِ) وَلَوْ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَتْ فِيهَا الدِّيَةُ فَكَذَا إذَا اجْتَمَعَتَا.
(وَفِي ذَهَابِ الْعَقْلِ الدِّيَةُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَلِأَنَّهُ أَكْبَرُ الْمَعَانِي قَدْرًا وَأَعْظَمُ الْحَوَاسِّ نَفْعًا فَإِنَّهُ يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَتُعْرَفُ بِهِ صِحَّةُ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ وَيُهْتَدَى بِهِ إلَى الْمَصَالِحِ وَيَدْخُلُ بِهِ فِي التَّكْلِيفِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي ثُبُوتِ الْوِلَايَاتِ وَصِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ (فَإِنْ نَقَصَ) الْعَقْلُ (نَقْصًا مَعْلُومًا مِثْلَ أَنْ صَارَ يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمًا فَفِيهِ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ) الذَّاهِبِ بِالنِّسْبَةِ كَذَهَابِ سَمْعِ أُذُنٍ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) قَدْرَ الذَّاهِبِ (مِثْلَ أَنْ صَارَ مَدْهُوشًا أَوْ) صَارَ (يَفْزَعُ مِنْهُ وَيَسْتَوْحِشُ إذَا خَلَا فَحُكُومَةٌ) لِذَلِكَ النَّقْصِ (وَإِنْ أَذْهَبَ عَقْلَهُ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ أَرْشًا كَالْجِرَاحِ) مِنْ مُوضِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ) فَذَهَبَ عَقْلُهُ (وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِذَهَابِ) الْعَقْلِ (وَ) وَجَبَ (أَرْشُ الْجُرْحِ إنْ كَانَ) ثَمَّ جُرْحٍ.
(وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَعَقْلَهُ وَبَصَرَهُ وَكَلَامَهُ وَجَبَ أَرْبَعُ دِيَاتٍ) لِقَضَاءِ عُمَرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ (مَعَ أَرْشِ الْجُرْحِ) إنْ كَانَ كَمَا لَوْ ذَهَبَتْ بِجِنَايَاتٍ (فَإِنْ مَاتَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (مِنْ الْجِنَايَةِ لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) لِلنَّفْسِ وَانْدَرَجَ فِيهَا مَا عَدَاهَا مِنْ الْمَنَافِعِ كَدِيَاتِ الْأَعْضَاءِ (وَإِنْ أَنْكَرَ الْجَانِي زَوَالَ عَقْلِهِ وَنَسَبَهُ إلَى التَّجَانُنِ) يَعْنِي أَنْ يَتَفَعَّلَ الْجُنُونَ (رَاقَبْنَاهُ) أَيْ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ (فِي خَلَوَاتِهِ فَإِنْ لَمْ تَنْضَبِط أَحْوَالُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَلَا يَحْلِفُ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ.
(وَفِي تَسْوِيدِ الْوَجْهِ إذَا لَمْ يَزُلْ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ أَشْبَهَ قَطْعَ أُذُنَيْ الْأَصَمِّ (فَإِنْ حَمَّرَهُ أَوْ صَفَّرَهُ) أَيْ الْوَجْهَ (فَحُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ الْجَمَالُ عَلَى الْكَمَالِ.
(فَصْلٌ وَفِي الْعُضْوِ الْأَشَلِّ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالذَّكَرِ وَالثَّدْيِ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ) الَّذِي لَا ذَوْقَ لَهُ (وَالْعَيْنُ الْقَائِمَةُ فِي مَوْضِعهَا صُورَتُهَا كَصُورَةِ الصَّحِيحَةِ غَيْر أَنَّهُ ذَهَبَ بَصَرُهَا وَشَحْمَةُ الْأُذُنِ) وَهِيَ مَا لَانَ فِي أَسْفَلِهَا وَهِيَ مُعَلَّقُ الْقُرْطِ (وَذَكَرُ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالسِّنّ السَّوْدَاءِ الَّتِي ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعَضَّ بِهَا شَيْئًا وَالثَّدْيُ دُونَ حَلَمَتِهِ وَالذَّكَرُ دُونَ حَشَفَتِهِ وَقَصَبَةُ الْأَنْفِ دُونَ مَارِنِهِ وَالْيَدُ وَالْأُصْبُع الزَّائِدِينَ حُكُومَةً) لِمَا حَصَلَ مِنْ النَّقْصِ وَالشَّيْنِ مَعَ عَدَمِ وُرُودِ تَقْدِيرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَالتَّقْدِيرُ بَابُهُ التَّوْقِيفُ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ) وَيَأْتِي مَعْنَى الْحُكُومَةِ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ (وَلَا تَجِبُ دِيَةُ جُرْحٍ حَتَّى يَنْدَمِلَ) لِمَا مَرَّ (وَلَا) تَجِبُ (دِيَةُ سِنٍّ وَ) لَا دِيَةُ (ظُفْرٍ وَ) لَا دِيَةُ (مَنْفَعَةٍ) مِنْ بَصَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ عَوْدِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عَوْدُهُ فِي مُدَّةٍ تَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فِي الْمُدَّةِ) الَّتِي ذَكَر أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّهُ يَعُودُ فِيهَا قَبْلَ الْعَوْدِ (فَلِوَلِيِّهِ دِيَةُ) مَا جَنَى عَلَيْهِ مِنْ (سِنٍّ وَظُفْرٍ) وَمَنْفَعَةٍ لِلْيَأْسِ مِنْ عَوْدِهِ بِمَوْتِهِ (وَلَهُ الْقَوَدُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ السِّنِّ وَالظُّفْرِ مِنْ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِعَوْدِهِ، لَكِنْ لَا يُقْتَصُّ إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَقَتْلٌ هُوَ أَمْ لَيْسَ بِقَتْلٍ؟ فَيُنْظَرُ لِيَعْلَمَ حُكْمَهُ وَمَا الْوَاجِبُ فِيهِ وَلِذَا لَمْ تَجِبْ دِيَتُهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ وَلَوْ الْتَحَمَتْ الْجَائِفَةُ أَوْ الْمُوضِحَةُ وَمَا فَوْقَهَا) كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ (عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ لَمْ يَسْقُطْ مُوجِبُهَا) لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ فِيهَا ذَلِكَ الْأَرْشُ وَلَمْ يُقَيِّدهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ فَوَجَبَ بِكُلِّ حَالٍ.