فصل: بَابٌ (بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: تفريق ذوي الرّحم من السبي:

(وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ) مِنْ قِسْمَةٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا (وَلَوْ رَضُوا بِهِ)؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَرْضَوْنَ بِمَا فِيهِ ضَرَرُهُمْ، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ قَلْبُهُمْ، فَيَنْدَمُونَ (أَوْ كَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ) لِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ «وَهَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَبِعْتُ أَحَدَهُمَا فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا فَعَلَ غُلَامُكَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ رُدَّهُ رُدَّهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقِيسَ عَلَى ذَلِكَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ (إلَّا بِعِتْقٍ)، فَيَجُوزُ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ (أَوْ افْتِدَاءِ أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ (أَوْ بَيْعٍ فِيمَا إذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي) فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ، فَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ، أَوْ الْهِبَةِ، وَنَحْوِهِمَا لِلضَّرُورَةِ.
(وَلَوْ بَاعَهُمْ) أَيْ: بَاعَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ السَّبَايَا (عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمْ نَسَبًا يَمْنَعُ التَّفْرِيقَ) مِنْ أُخُوَّةٍ وَنَحْوِهَا (ثُمَّ بَانَ عَدَمُهُ) أَيْ: النَّسَبِ الْمُحَرِّمِ لِلتَّفْرِيقِ (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ) أَيْ: فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْجَاعُهُمْ لِيَبِيعَهُمْ بِثَمَنِهِمْ مُتَفَرِّقِينَ إنْ كَانُوا بَاقِينَ، فَإِنْ فَاتُوا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْفَضْلَ الَّذِي فِيهِمْ بِالتَّفْرِيقِ وَيُرَدُّ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ كَانُوا غَنِيمَةً (وَإِذَا حَضَرَ الْإِمَامُ حِصْنًا) لِلْكُفَّارِ (لَزِمَهُ عَمَلُ الْأَصْلَحِ) لِلْمُسْلِمِينَ (مِنْ مُصَابَرَتِهِ، وَهِيَ مُلَازَمَتُهُ) مَهْمَا أَمْكَنَ (أَوْ انْصِرَافُهُ) لِانْصِرَافِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حِصْنِ الطَّائِفَ قَبْلَ فَتْحِهِ (فَإِنْ أَسْلَمُوا) قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ أَحْرَزُوا مَا لَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ (أَوْ) أَحْرَزَ (مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) أَحْرَزَ مَالَهُ وَدَمَهُ (أَوْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَحْرَزَ دَمَهُ وَمَالَهُ، وَلَوْ مَنْفَعَةُ إجَازَةٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ».
(وَ) أَحْرَزَ (أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ وَالْمَجَانِينَ، وَلَوْ حَمْلًا فِي السَّبْيِ كَانُوا أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ) لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ، تَبَعًا لَهُ، وَلَا يَعْصِمُ أَوْلَادَهُ الْكِبَارَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَّبِعُونَهُ (وَلَا يُحْرِزُ امْرَأَتَهُ إذَا لَمْ تُسْلِمْ) لِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهَا لَهُ (فَإِنْ سُبِيَتْ صَارَتْ رَقِيقَةً) كَغَيْرِهَا مِنْ النِّسَاءِ (وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ بِرِقِّهَا)؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ النِّكَاحِ لَا تَجْرِي مَجْرَى الْأَمْوَالِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا (وَيَتَوَقَّفُ) بَقَاءُ النِّكَاحِ (عَلَى إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ) إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَلَوْ كِتَابِيَّة؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ كَمَا يَأْتِي.
(وَإِنْ دَخَلَ) كَافِرٌ (دَارَ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ) أَوْ حَمْلٌ (صَارُوا مُسْلِمِينَ) تَبَعًا لَهُ.
(وَلَمْ يَجُزْ سَبْيُهُمْ) لِعِصْمَتِهِمْ بِالْإِسْلَامِ (وَإِنْ سَأَلُوا الْمُوَادَعَةَ) أَيْ: الْمُهَادَنَةَ (بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ) أَنْ يُجِيبَهُمْ (إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ سَوَاءٌ أَعْطُوهُ) أَيْ: الْمَالَ (جُمْلَةً، أَوْ جَعَلُوهَا خَرَاجًا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مُسْتَمِرًّا عَلَيْهِمْ كُلَّ عَامٍ)؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إعْلَاءُ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَصِغَارُ الْكَفَرَةِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْمُوَادَعَةِ، فَيَجِبُ كَالْمَنِّ عَلَيْهِمْ وَشَرَطَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي عَقْدِهَا بِغَيْرِ مَالٍ عَجْزَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ اسْتِضْرَارَهُمْ بِالْمُقَامِ لَيَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي الِانْصِرَافِ (فَإِنْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ، وَكَانُوا مِمَّنْ تُقْبَلُ مِنْهُمْ) الْجِزْيَةُ (لَزِمَ) الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ (قَبُولُهَا، وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ) كَغَيْرِ الْمُحَاصَرِينَ (وَإِنْ بَذَلُوا) أَيْ: أَهْلُ الْحِصْنِ، (مَالًا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْجِزْيَةِ فَرَأَى) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (الْمَصْلَحَةَ فِي قَبُولِهِ قَبِلَهُ) مِنْهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ حَرْبِيٍّ ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ فَهِيَ غَنِيمَةٌ) كَسَائِرِ أَرَاضِي الْحَرْبِ (وَمَنَافِعِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ) إلَى قَضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالُ مُسْلِمِ مَعْصُومٌ.
(وَإِذَا أَسْلَمَ رَقِيقُ الْحَرْبِيِّ وَخَرَجَ إلَيْنَا) أَيْ: إلَى جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ (فَهُوَ حُرٌّ) لِحَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْتِقُ الْعَبِيدَ إذَا جَاءُوا مَوَالِيهِمْ» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الِاخْتِيَارَاتِ فِي الْعِتْقِ.
(وَإِنْ أَسَرَ) عَبْدٌ خَرَجَ إلَيْنَا مُسْلِمًا (سَيِّدَهُ) الْكَافِرَ (أَوْ غَيْرَهُ) لَا مِنْ الْكُفَّارِ (وَأَوْلَادِهِ) أَيْ: أَوْلَادِ سَيِّدِهِ (وَخَرَجَ إلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ وَلِهَذَا لَا نَرُدُّهُ فِي هُدْنَةٍ) قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ قَالَ «سَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ وَكَانَ عَبْدًا لَنَا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا فَأَسْلَمَ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا وَقَالَ: هُوَ طَلِيقُ اللَّهِ، ثُمَّ طَلِيقُ رَسُولِهِ، فَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا» (وَالْمَالُ لَهُ وَالسَّبْيُ) مِنْ سَيِّدِهِ وَأَوْلَادِهِ وَغَيْرِهِمْ (رَقِيقه) لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ فَانْظُرْ رَحِمَكَ اللَّهُ إلَى عِزِّ الطَّاعَةِ وَذُلِّ الْمَعْصِيَةِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ) عَبْدٌ (وَأَقَامَ بِدَارِ الْحَرْبِ) مُسْلِمًا (فَهُوَ عَلَى رِقِّهِ وَلَوْ) لَحِقَ الْعَبْدُ بِنَا، ثُمَّ (جَاءَ مَوْلَاهُ بَعْدَهُ لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا لِلُحُوقِهِ بِنَا (وَلَوْ جَاءَ) السَّيِّدُ (قَبْلَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ جَاءَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْأَعْسَمِ قَالَ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ قَضِيَّتَيْنِ قَضَى: أَنَّ الْعَبْدَ إذَا خَرَجَ مَنْ دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ سَيِّدِهِ: أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنْ خَرَجَ سَيِّدُهُ بَعْدُ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ وَقَضَى أَنَّ السَّيِّدَ إذَا خَرَجَ قَبْلَ الْعَبْدِ، ثُمَّ خَرَجَ الْعَبْدُ رُدَّ عَلَى سَيِّدِهِ» رَوَاهُ سَعِيدٌ؛ وَلِأَنَّهُ بِإِسْلَامِهِ عَصَمَ مَالَهُ وَالْعَبْدُ مِنْ جُمْلَتِهِ.
(وَإِنْ خَرَجَ إلَيْنَا عَبْدٌ بِأَمَانٍ) فَهُوَ حُرٌّ (أَوْ نَزَلَ) إلَيْنَا عَبْدٌ مِنْ حِصْنٍ فَهُوَ حُرٌّ نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ نَزَلُوا) أَيْ: أَهْلُ الْحِصْنِ (عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ عَيَّنُوهُ، وَرَضِيَهُ الْإِمَامُ جَازَ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَجَابَهُمْ إلَى ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ (إذَا كَانَ) الَّذِي نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (مُسْلِمًا حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا ذَكَرًا عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الْجِهَادِ)؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَشْبَهَ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا فِي الْجِهَادِ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ إذَنْ (وَلَوْ أَعْمَى)، فَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي الْقَاضِي لِيَعْرِفَ الْمُدَّعِيَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشَّاهِدَ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ.
(وَيُعْتَبَرُ لَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحُكْمِ) لَدَى الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَا) أَيْ: اللَّذَانِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِمَا (اثْنَيْنِ جَازَ) ذَلِكَ (وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ) دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا (وَإِنْ جَعَلُوا الْحُكْمَ إلَى رَجُلٍ يُعَيِّنُهُ الْإِمَامُ جَازَ)؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْتَارُ الْأَصْلَحَ.
(وَإِنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مِنْهُمْ) لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ (أَوْ جَعَلُوا التَّعْيِينَ إلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ)؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا اخْتَارُوا غَيْرَ الْأَصْلَحَ (وَإِنْ مَاتَ مَنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ قَامَ مَقَامَهُ) كَمَا لَوْ عَيَّنُوهُ ابْتِدَاءً.
(وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا) مَعَ الْإِمَامِ (وَطَلَبُوا حَكَمًا لَا يَصْلُحُ رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ وَكَانُوا عَلَى الْحِصَارِ حَتَّى يَتَّفِقُوا) مَعَ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ (وَكَذَلِكَ إنْ رَضُوا بِاثْنَيْنِ) يَنْزِلُونَ عَلَى حُكْمِهِمَا (فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْ يَقُومُ مُقَامَهُ جَازَ) حَيْثُ كَانَ أَهْلًا (وَإِلَّا رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ) حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ.
(وَكَذَلِكَ إنْ رَضُوا بِتَحْكِيمِ مَنْ لَا تَجْتَمِعُ الشَّرَائِطُ فِيهِ وَوَافَقَهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ (ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ) لِفَقْدِ شَيْءٍ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ (لَمْ يُحَكَّمْ، وَيُرَدُّونَ إلَى مَأْمَنِهِمْ كَمَا كَانُوا) حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَى مَنْ يَصْلُحُ.
(وَلَا يَحْكُمُ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (إلَّا بِمَا فِيهِ حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ)؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ، فَقَامَ مُقَامَهُ فِي اخْتِيَارِ الْأَحَظِّ كَهُوَ فِي الْأَسْرَى، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ لَازِمٌ (مِنْ الْقَتْلِ وَالسَّبْي)؛ لِأَنَّ سَعْدًا حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» (وَالْفِدَاءُ) لِمَا سَبَقَ (فَإِنْ حَكَمُ بِالْمَنِّ عَلَى غَيْرِ الذُّرِّيَّةِ لَزِمَ قَبُولُهُ)؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَكَانَ لَهُ الْمَنُّ كَهُوَ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَبَاهُ الْإِمَامُ.
(وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ لَزِمَ قَبُولُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَضَاءِ سَعْدٍ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.
(فَإِنْ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ) بِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ) لِخَبَرِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» (وَإِنْ كَانَ) إسْلَامُهُمْ (بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقَتْلِ عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ فَقَطْ)؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ وَلَا يَعْصِمُونَ مَالَهُمْ وَلَا ذُرِّيَّتَهُمْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ (وَلَا يُسْتَرَقُّونَ)؛ لِأَنَّهُمْ أَسْلَمُوا قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِمْ (وَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى مَا حَكَمَ فِيهِ) كَالْأَنْفُسِ.
(وَإِنْ حَكَمَ بِأَنَّهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ) الْمَالُ (غَنِيمَةً) لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ لَمْ يَلْزَم حُكْمُهُ)؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّرَاضِي.
(وَإِنْ سَأَلُوهُ) أَيْ: أَهْلُ الْحِصْنِ (أَنْ يُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ) تَعَالَى (لَزِمَهُ أَنْ يُنْزِلَهُمْ وَيُخَيَّرُ فِيهِمْ كَالْأَسْرَى)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحُكْمُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ لَهُمْ لَكِنْ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مَرْفُوعًا وَغَيْرهمَا «وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكِ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ أَمْ لَا» وَأَجَابَ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ: أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَنْزِلَ وَحْيٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ مُنْتَفٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِهَذَا قَالَ فِي الْوَاضِحِ: يُكْرَهُ.
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: لَا يُنْزِلهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَإِنْزَالِهِمْ بِحُكْمِنَا وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ: فَيُخَيَّرُ (بَيْنَ الْقَتْلِ، وَالرِّقِّ، وَالْمَنِّ، وَالْفِدَاءِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامِ (وَيُكْرَهُ نَقْلُ رَأْسِ) كَافِرٍ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ.
(وَرَمْيهِ بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ) لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِرَأْسِ بَنَانِ الْبِطْرِيقِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِنَا قَالَ فَأَذَّنَ بِفَارِسَ وَالرُّومِ لَا يُحْمَلُ إلَيَّ رَأْسٌ إنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُونُ فِي التَّمْثِيلِ بِهِمْ زِيَادَةٌ فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَكُونُ نَكَالًا لَهُمْ عَنْ نَظِيرِهَا فَأَمَّا إنْ كَانَ فِي التَّمْثِيلِ السَّائِغِ دُعَاءٌ لَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ أَوْ زَجْرٌ لَهُمْ عَنْ الْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ هُنَا مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ وَلَمْ تَكُنْ الْقِصَّةُ فِي أُحُدٍ كَذَلِكَ فَلِهَذَا كَانَ الصَّبْرُ أَفْضَلَ.
(وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ) أَيْ: الْأَمِيرِ (مَالًا لِيَدْفَعَهُ) أَيْ: الرَّأْسَ (إلَيْهِمْ) أَيْ: إلَى الْكُفَّارِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرُوا جَسَدَ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَهُمْ» وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ «ادْفَعُوا إلَيْهِمْ جِيفَتَهُ فَإِنَّهُ خَبِيثُ الْجِيفَةِ، خَبِيثُ الدِّيَةِ» فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا وَلَهُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ «فَخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ».

.بَابٌ (بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ):

يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الطَّاعَاتِ، وَيَجْتَهِد فِي ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ سِرًّا بِحُضُورِ قَلْبِ لِمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا غَزَا قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي، وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أُصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُهُ عِنْدَ قَصْدِ مَجْلِسِ الْعِلْمِ.
وَ(يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَوْ الْأَمِيرَ إذَا أَرَادَ الْغَزْوَ أَنْ يَعْرِضَ جَيْشَهُ جَيْشُهُ وَيَتَعَاهَدَ الْخَيْلَ وَالرِّجَالَ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الْجَيْشِ فَلَزِمَهُ فِعْلُهُ، كَبَقِيَّةِ الْمَصَالِحِ، فَيَخْتَارُ مِنْ الرِّجَالِ مَا فِيهِ غِنًى وَمَنْفَعَةٌ لِلْحَرْبِ وَمُنَاصَحَةٌ، وَمِنْ الْخَيْلِ مَا فِيهِ قُوَّةٌ وَصَبْرٌ عَلَى الْحَرْبِ، وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الرُّكُوبِ وَحَمْلِ الْأَثْقَالِ (فَيَمْنَعُ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ، كَفَرَسٍ حَطِيمٍ وَهُوَ الْكَسِيرُ، وَ) كَفَرَسٍ (قُحْمٍ، وَهُوَ الشَّيْخُ الْهَرِمُ وَالْفَرَسُ الْمَهْزُولُ الْهَرِمُ وَضَرِعٌ وَهُوَ الرَّجُلُ الضَّعِيفُ وَالنَّحِيفُ وَنَحْو ذَلِكَ) كَالْفَرَسِ الصَّغِيرِ وَكُلُّ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ (مِنْ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ) لِئَلَّا يَنْقَطِعُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ كَلًّا عَلَى الْجَيْشِ وَمُضَيِّقًا عَلَيْهِمْ وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِلْهَزِيمَةِ.
(وَيَمْنَعُ مُخَذِّلًا لِلْهَزِيمَةِ مَثَلًا فَلَا يَصْحَبُهُمْ، يَصْحَبُهُمْ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ وَهُوَ الَّذِي يَصُدُّ غَيْرَهُ عَنْ الْغَزْوِ) وَيُزَهِّدُهُمْ فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِ (وَ) يَمْنَعُ (مُرْجِفًا، وَهُوَ مَنْ يُحَدِّثُ بِقُوَّةِ الْكُفَّارِ وَبِضَعْفِنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اُقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ} الْآيَةَ (وَ) يَمْنَعُ (صَبِيًّا لَمْ يَشْتَدَّ، وَمَجْنُونًا)؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِمَا.
(وَ) يَمْنَعُ (مُكَاتِبًا بِأَخْبَارِنَا وَرَامِيًا بَيْنَنَا الْعَدَاوَةَ، وَسَاعِيًا بِالْفَسَادِ، وَمَعْرُوفًا بِنِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ)؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَزِمَ مَنْعُهُمْ إزَالَةً لِلضَّرَرِ (وَ) يَمْنَعُ (نِسَاءٌ) لِلِافْتِتَانِ بِهِنَّ، مَعَ أَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، لِاسْتِيلَاءِ الْخَوَرِ وَالْجُبْنِ عَلَيْهِنَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهِنَّ، فَيَسْتَحِلُّونَ مِنْهُنَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْضُهُمْ: (إلَّا امْرَأَةَ الْأَمِيرِ لِحَاجَتِهِ) لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(وَ) إلَّا امْرَأَةً (طَاعِنَةً فِي السِّنِّ لِمَصْلَحَةٍ فَقَطْ كَسَقْيِ الْمَاءِ وَمُعَالَجَةِ الْجَرْحَى) لِقَوْلِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ «كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي الْمَاءَ وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى، وَالْقَتْلَى إلَى الْمَدِينَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ أَنَسٍ مَعْنَاهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّ الرِّجَالَ يَشْتَغِلُونَ بِالْحَرْبِ عَنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ مَعُونَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَتَوْفِيرًا فِي الْمُقَاتَلَةِ.
(الْمُقَاتَلَةُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِكُفَّارٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى بَدْرٍ فَتَبِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُ: تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمَنُ مَكْرُهُ وَغَائِلَتُهُ لِخُبْثِ طَوِيَّتِهِ وَالْحَرْبُ يَقْتَضِي الْمُنَاصَحَةَ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلُهَا (إلَّا لِضَرُورَةٍ) لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي حَرْبِهِ» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَرَوَى أَيْضًا «أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَبِهَذَا حَصَلَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالضَّرُورَةُ مِثْلُ كَوْنِ الْكُفَّارِ أَكْثَرَ عَدَدًا أَوْ يُخَافُ مِنْهُمْ وَحَيْثُ جَازَ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ مَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ حَسَنَ الرَّأْي فِي الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ كَالْمُرْجِفِ وَأَوْلَى.
(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يُعِينَهُمْ) الْمُسْلِمُ (عَلَى عَدُوِّهِمْ إلَّا خَوْفًا) مِنْ شَرِّهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.
(قَالَ الشَّيْخُ وَمَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْكُفَّارِ (دِيوَانًا لِلْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ) إنْ كَانَ.
(وَيَحْرُمُ أَنْ يَسْتَعِينَ) مُسْلِمٌ (بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ) كَالرَّافِضَةِ (فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَزْوٍ، وَعِمَالَةٍ، وَكِتَابَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ ضَرَرًا، لِكَوْنِهِمْ دُعَاةً، بِخِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (وَيُسَنُّ أَنْ يَخْرُجَ) الْإِمَامُ (بِهِمْ) أَيْ: بِالْجَيْشِ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ فِي السَّفَرِ إلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَكَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
(وَيَرْفُقُ بِهِمْ فِي السَّيْرِ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ الضَّعِيفُ وَلَا يَشُقُّ عَلَى الْقَوِيِّ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمِيرُ الْقَوْمِ أَقْطَعُهُمْ» أَيْ: أَقَلُّهُمْ سَيْرًا وَلِئَلَّا يَنْقَطِعَ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَوْ يُشَقَّ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْجَدِّ فِي السَّيْرِ جَازَ) «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّ حِينَ بَلَغَهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ لِيَشْتَغِلَ النَّاسُ عَنْ الْخَوْضِ فِيهِ».
(وَيَعُدُّ) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ (لَهُمْ) أَيْ: لِجَيْشِهِ (الزَّادَ)؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَبِهِ قُوَاهُمْ وَرُبَّمَا طَالَ سَفَرُهُمْ، فَيَهْلَكُونَ حَيْثُ لَا زَادَ لَهُمْ (وَيُقَوِّي نُفُوسَهُمْ بِمَا يُخَيِّلُ إلَيْهِمْ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ)، فَيَقُولُ مَثَلًا: أَنْتُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَعُدَدًا، وَأَشَدُّ أَبْدَانًا، وَأَقْوَى قُلُوبًا وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَسْتَعِينُ بِهِ النُّفُوسُ عَلَى الْمُصَابَرَةِ، وَيَبْعَثُهَا عَلَى الْقِتَالِ، لِطَمَعِهَا فِي الْعَدُوِّ (وَيُعَرِّفُ عَلَيْهِمْ الْعُرَفَاءَ) جَمْعُ عَرِيفٍ (وَهُوَ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْقَبِيلَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاسِ كَالْمُقَدَّمِ عَلَيْهِمْ يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ، وَيَتَفَقَّدُهُمْ، وَيَتَعَرَّفُ الْأَمِيرُ مِنْهُ أَحْوَالَهُمْ)؛ «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّفَ عَامَ خَيْبَرَ عَلَى كُلِّ عَشْرَةٍ عَرِيفًا»؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ أَيْضًا لِجَمْعِهِمْ، وَقَدْ وَرَدَ «الْعَرَافَةُ حَقٌّ» لِأَنَّ فِيهَا مَصْلَحَةً النَّاسِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْعُرَفَاءُ فِي النَّارِ» فَتَحْذِيرٌ لِلتَّعَرُّضِ لِلرِّيَاسَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَةِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ بِأَمْرِهَا اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ.
(وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ (عَقْدُ الْأَلْوِيَةِ الْبِيضِ وَهِيَ الْعَصَائِبُ تُعْقَدُ عَلَى قَنَاةٍ وَنَحْوِهَا) قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ: اللِّوَاءُ رَايَةٌ لَا يَحْمِلُهَا إلَّا صَاحِبُ جَيْشِ الْحَرْبِ، أَوْ صَاحِبُ دَعْوَةِ الْجَيْشِ ا هـ قَالَ ابْنُ عَبَّاسِ «كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَخَلَ مَكَّةَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَظَاهِرُ الْمُقْنِعِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهَا تَكُونُ بِأَيِّ لَوْنٍ شَاءَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ.
(وَ) يَعْقِدُ لَهُمْ (الرَّايَاتِ، وَهِيَ أَعْلَامٌ مُرَبَّعَةٌ وَيُغَايِرُ أَلْوَانَهَا لِيَعْرِفَ كُلُّ قَوْمٍ رَأَيْتَهُمْ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ حِينَ أَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ «احْبِسْهُ عَلَى الْوَادِي حَتَّى تَمَرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ تَعَالَى فَيَرَاهَا قَالَ: فَحَبَسْتُهُ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَرَّتْ بِهِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا»؛ وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا نَزَلَتْ بِالنَّصْرِ نَزَلَتْ مُسَوَّمَةً بِهَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ.
(وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شِعَارًا يَتَدَاعُونَ بِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ) لِمَا رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ «غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ شِعَارُنَا: أَمِتْ أَمِتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا حم لَا يُنْصَرُونَ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا احْتَاجَ إلَى نُصْرَةِ صَاحِبِهِ وَرُبَّمَا تَهْتَدِي بِهَا إذَا ضَلَّ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلِئَلَّا يَقَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ (وَيَتَخَيَّرُ) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ (لَهُمْ الْمَنَازِلَ) أَيْ: (أَصْلَحَهَا لَهُمْ) كَالْخِصْبَةِ (وَأَكْثَرُهَا مَاءً وَمَرْعًى)؛ لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِهِمْ، وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهِمْ (وَيَتَّبِعُ مَكَامِنَهَا، فَيَحْفَظُهَا) جَمْعُ مَكْمَنٍ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَحْفَظُهَا (لِيَأْمَنُوا) هُجُومَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ.
(وَلَا يَغْفُلُ الْحَرَسُ وَالطَّلَائِعُ) لِئَلَّا يَأْخُذُهُمْ الْعَدُوُّ بَغْتَةً وَالطَّلَائِعُ جَمْعُ طَلِيعَةٍ، وَهِيَ مَنْ يُبْعَثُ لِيَطَّلِعَ طَلْعَ الْعَدُوِّ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ وَالطِّلْعُ بِالْكَسْرِ: الِاسْمُ مِنْ الِاطِّلَاعِ، تَقُولُ مِنْهُ اطَّلِعْ طِلْعَ الْعَدُوِّ (وَيَبْعَثُ الْعُيُونَ عَلَى الْعَدُوِّ مِمَّنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِالْفِجَاجِ) أَيْ: الطُّرُقِ (حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهُمْ) أَيْ: أَمْرُ أَعْدَائِهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَعَثَ الزُّبَيْرَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَدِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ فِي أُخْرَى».
(وَيَمْنَعُ جَيْشَهُ مِنْ الْفَسَادِ وَالْمَعَاصِي)؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْخِذْلَانِ، وَتَرْكُهَا دَاعٍ لِلنَّصْرِ، وَسَبَبٌ لِلظَّفَرِ (وَ) يَمْنَعُ جَيْشَهُ أَيْضًا مِنْ (التَّشَاغُلِ بِالتِّجَارَةِ الْمَانِعَةِ لَهُمْ مِنْ الْقِتَالِ)؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ (وَيَعِدُ) الْأَمِيرُ (ذَا الصَّبْرِ بِالْأَجْرِ وَالنَّفَلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى سَهْمِهِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى بَذْلِ جُهْدِهِ وَزِيَادَةِ صَبْرِهِ.
(وَيُشَاوِرُ فِي أَمْرِ الْجِهَادِ وَالْمُسْلِمِينَ ذَا الرَّأْيِ وَالدِّينِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ.
(وَيُخْفِي مِنْ أَمْرِهِ مَا أَمْكَنَ إخْفَاؤُهُ، وَإِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا (؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ (وَيَصُفُّ جَيْشَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} الْآيَةَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي الصُّفُوفَ يَوْمَ بَدْرٍ»؛ وَلِأَنَّ فِيهِ رَبْطَ الْجَيْشِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَسَدًّا لِثُغُورِهِمْ، فَيَصِيرُونَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ.
(الْوَاحِدُ وَيَجْعَلُ فِي كُلِّ جَنْبَةٍ كُفْئًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ خَالِدًا عَلَى إحْدَى الْجَنْبَتَيْنِ وَالزُّبَيْرَ عَلَى الْأُخْرَى، وَأَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى السَّاقَةِ»؛ وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْحَرْبِ، وَأَبْلَغُ فِي إرْهَابِ الْعَدُوِّ وَ(لَا يَمِيلُ) الْأَمِيرُ (مَعَ قَرَابَتِهِ وَذِي مَذْهَبِهِ عَلَى غَيْرِهِ لِئَلَّا تَنْكَسِرُ قُلُوبُهُمْ) أَيْ: قُلُوبُ الَّذِينَ مَالَ مَعَ غَيْرِهِمْ (فَيَخْذُلُوهُ) عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْقُلُوبَ وَيُشَتِّتْ الْكَلِمَةَ (وَيُرَاعِي أَصْحَابَهُ، وَيَرْزُقُ كُلَّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) وَحَاجَةِ مَنْ مَعَهُ.