فصل: بَابُ الِاسْتِبْرَاءُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: في مكان عدّة البائن:

وَتَعْتَدُّ بَائِنٌ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْ بَلَدِهَا فِي مَكَان مَأْمُونٍ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهِ لِمَا رَوَتْ «فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لَكَ عَلَيْهَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ عِنْدَ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ كُلْثُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْكَارُ عُمَرَ وَعَائِشَةَ ذَلِكَ يُجَابُ عَنْهُ، وَالْمُسْتَحَبُّ إقْرَارُهَا بِمَسْكَنِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الْآيَةَ.
(وَلَا تُسَافِرُ) قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّجِ وَالتَّعَرُّضِ لِلرِّيبَةِ (وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي مَنْزِلِهَا) أَيْ الْمَكَانِ الْمَأْمُونِ الَّذِي شَاءَتْهُ (وُجُوبًا) لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَوْ كَانَتْ دَارُ الْمُطَلِّقِ مُتَّسِعَةً لَهُمَا، وَأَمْكَنَهَا السُّكْنَى فِي مَوْضِعٍ مُنْفَرِدٍ كَالْحُجْرَةِ وَعُلْوِ الدَّارِ وَبَيْنَهُمَا بَابٌ يُغْلَقُ وَسَكَنَ الزَّوْجُ فِي الْبَاقِي جَازَ) لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِيهِ (كَمَا لَوْ كَانَتَا حُجْرَتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ، وَلَهَا مَوْضِعٌ تَسْتَتِرُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا) مُبِينُهَا (وَمَعَهَا مَحْرَمٌ تَتَحَفَّظُ بِهِ جَازَ أَيْضًا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَمٌ لَمْ يَجُزْ إذَنْ.
(وَلَوْ غَابَ مَنْ لَزِمَتْهُ السُّكْنَى لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ أَوْ الْبَائِنِ الْحَامِلِ وَنَحْوِهَا (أَوْ مَنَعَهَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ السُّكْنَى الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ (اكْتَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ) إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا (أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) مَا تَسْكُنُ بِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا، لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ (أَوْ قَرَضَ) الْحَاكِمُ (أُجْرَتَهُ) أَيْ أُجْرَةَ مَا وَجَبَ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ الْمَسْكَنِ لِتُأْخَذَ مِنْهُ إذَا حَضَرَ نَظِيرَ مَا فُرَضَهُ (وَإِنْ اكْتَرَتْهُ) أَيْ اكْتَرَتْ مَنْ وَجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى مَسْكَنًا (بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (أَوْ) بِإِذْنِ (حَاكِمٍ أَوْ) اكْتَرَتْهُ (بِدُونِهِمَا لِلْعَجْزِ عَنْ إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ أَحَدِهِمَا (رَجَعَتْ) عَلَيْهِ بِنَظِيرِ مَا اكْتَرَتْ بِهِ كَمَا لَوْ قَامَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ (وَمَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَى اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ (إنْ نَوَتْ الرُّجُوعَ رَجَعَتْ) كَمَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ.
(وَلَوْ سَكَنَتْ مِلْكَهَا) مَعَ غَيْبَةِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ السُّكْنَى أَوْ امْتِنَاعِهِ (فَلَهَا أُجْرَتُهُ) لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إسْكَانُهَا فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ (وَلَوْ سَكَنَتْهُ) مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ (أَوْ اكْتَرَتْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا غَائِبٍ وَلَا آذِنٍ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مَنْ لَزِمَتْ غَيْرَهُ نَفَقَتُهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ.
(وَلَيْسَ لَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ امْرَأَتِهِ الْبَائِنِ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ (إلَّا) إذَا خَلَا بِالْبَائِنِ (مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مَحْرَمِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُبِينِ أَوْ الْمُبَانَةِ كَأَنْ خَلَا بِهَا مَعَ أُمِّهِ أَوْ أُمِّهَا (وَإِنْ أَرَادَ) الْمُبِينُ (إسْكَانَ الْبَائِنِ فِي مَنْزِلِهِ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لَهَا (تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ لَزِمَهَا ذَلِكَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِيهِ وَضَرَرَهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ إلَى اخْتِيَارِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةٌ كَمُعْتَدَّةٍ لِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ بِعِتْقٍ) فَيَلْزَمُهُنَّ السُّكْنَى إذَا طَلَبَهَا الْوَاطِئُ وَالسَّيِّدُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا إسْكَانُهُنَّ (وَحُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ فِي الْعِدَّةِ حُكْمُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي لُزُومِ الْمَنْزِلِ) وقَوْله تَعَالَى {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْعِدَّةِ وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ إسْقَاطَ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا كَمَا لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا انْتَهَى.

.بَابُ الِاسْتِبْرَاءُ:

بِالْمَدِّ طَلَبُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، كَالِاسْتِعْطَاءِ طَلَبُ الْإِعْطَاءِ وَخُصَّ بِالْأَمَةِ لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ، وَالْحُرَّةُ وَإِنْ شَارَكَتْ الْأَمَةَ فِي ذَلِكَ فَهِيَ مُفَارِقَةٌ لَهَا فِي التَّكْرَارِ فَلِذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ فِيهَا لَفْظُ الْعِدَّةِ (وَهُوَ) تَرَبُّصٌ فِيهِ (قَصْدُ عِلْمِ بَرَاءَةِ رَحِمٍ مِلْكِ يَمِينٍ) مِنْ قِنٍّ وَمُكَاتَبَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرَةٍ (حُدُوثًا) أَيْ عِنْدَ حُدُوثِ الْمِلْكِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا (أَوْ زَوَالًا) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ زَوَالِ الْمِلْكِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ زَوَالِ اسْتِمْتَاعِهِ كَمَا لَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا وَقَوْلُهُ (مِنْ حَمْلٍ غَالِبًا) مُتَعَلِّقٌ بِبَرَاءَةٍ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَعَبُّدًا (بِأَحَدِ مَا يُسْتَبْرَأُ بِهِ) مِنْ وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَتَأْتِي مُفَصَّلَةً آخِرَ الْبَابِ.

.متى يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ:

وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا:

.(إذَا مَلَكَ وَلَوْ طِفْلًا أَمَةً بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ):

(أَوْ سَبْيٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) بِأَنْ أَخَذَهَا عِوَضًا فِي إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ (لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِقُبْلَةٍ وَ) لَا بِنَظَرٍ (لِشَهْوَةٍ وَلَا بِمَا دُونَ فَرْجٍ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا أَوْ كَبِيرَةً مِمَّنْ تَحْمِلُ أَوْ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَفِيهِ شَرِيكٌ الْقَاضِي.
وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَقَالَ أَحْمَدُ بَلَغَنِي أَنَّ الْعَذْرَاءَ تَحْمِلُ وَلِأَنَّ عَدَمَهُ يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ،.
(وَسَوَاءٌ مَلَكَهَا مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَجْبُوبٍ أَوْ) كَانَ مَلَكَهَا (مِنْ رَجُلٍ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا) قَبْلَ الْبَيْعِ (ثُمَّ لَمْ يَطَأْهَا) فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالْمَظِنَّةِ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ لِلْمِلْكِ الْمُتَجَدِّدِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ فَوَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا كَالْمَسْبِيَّةِ مِنْ امْرَأَةٍ.
(وَإِنْ اشْتَرَى غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا لَمْ يَصِحَّ تَزَوُّجُهُ بِهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، لِأَنَّ النِّكَاحَ يُرَادُ لِلْوَطْءِ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَيُرْوَى أَنَّ الرَّشِيدَ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَفْتَاهُ أَبُو يُوسُفَ أَنْ يُعْتِقَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا وَيَطَأَهَا قَالَ الْإِمَامِ أَحْمَدُ مَا أَعْظَمَ هَذَا أَبْطَلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا كَيْفَ يَصْنَعُ؟ وَهَذَا لَا يَدْرِي أَهِيَ حَامِلٌ أَمْ لَا مَا أَسْمَجَ هَذَا.
(وَلِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي (نِكَاحُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ الرِّقِّ وَالْعِتْقِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَا وَطِئَ، أَوْ وَطِئَ ثُمَّ اسْتَبْرَأَ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا فَلَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، فَكَذَا النِّكَاحُ، لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ حِيلَةً لِإِبْطَالِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَالْحِيَلُ كُلُّهَا خِدَعٌ بَاطِلَةٌ.
(وَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا) لِأَنَّ سَبَبَ الْإِبَاحَةِ مُتَحَقِّقٌ وَلَيْسَ عَلَى تَحْرِيمِهَا دَلِيلٌ فَإِنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ وَلَا يُرَادُ الرَّحِمُ وَلَا يُوجَدُ الشُّغْلُ فِي حَقِّهَا.
(وَلَا) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (بِمِلْكِ أُنْثَى مِنْ أُنْثَى) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا بِتَجَدُّدِ مِلْكِهَا (وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ، لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ (أَوْ عَجَزَتْ مُكَاتَبَتُهُ) وَعَادَتْ لِلرِّقِّ حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكَهُ (أَوْ فَكَّ أَمَتَهُ مِنْ الرَّهْنِ) حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ بِلَا خِلَافٍ (أَوْ أَسْلَمَتْ أَمَتُهُ الْمَجُوسِيَّةُ وَالْمُرْتَدَّةُ أَوْ الْوَثَنِيَّةُ الَّتِي حَاضَتْ عِنْدَهُ، أَوْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدُّ وَأَسْلَمَ)، حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ، لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَتَجَدَّدْ بِالْإِسْلَامِ وَلَا أَصَابَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَهِيَ غَيْرُهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاءٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَحَلَّتْ الْمُحْرِمَةُ مِنْ إمَائِهِ (أَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبَةً مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ) أَيْ الْمَكَاتِبِ (فَحِضْنَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَجَزَ) الْمَكَاتِبُ حَلَلْنَ لِلسَّيِّدِ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ حُكْمُهُنَّ حُكْمَ الْمَكَاتِبِ إنْ رَقَّ رَقَقْنَ وَإِنْ عَتَقَ عَتَقْنَ، وَالْمَكَاتِبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (أَوْ زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مِلْكٌ وَلَمْ يُصِبْهَا الزَّوْجُ.
(أَوْ اشْتَرَى عَبْدُهُ التَّاجِرُ أَمَةً) اسْتَبْرَأَهَا الْعَبْدُ (ثُمَّ أَخَذَهَا سَيِّدُهُ حَلَّتْ) لِسَيِّدِهِ (بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ) لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ عَلَى مَا فِي يَدِ عَبْدِهِ (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي) مَا إذَا مَلَكَ (الزَّوْجَةَ لِيَعْلَم هَلْ حَمَلَتْ فِي زَمَنِ الْمِلْكِ أَوْ غَيْرِهِ) وَهُوَ النِّكَاحُ وَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا لِزَوَالِ الِاشْتِبَاهِ وَمَتَى وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ مِلْكٍ فَأُمُّ وَلَدٍ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْوَلَدَ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا (وَإِنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ الْمَكَاتِبُ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَكَاتِبِ (وَأَخَذَهَا السَّيِّدُ لِعَجْزِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِبْرَاءُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مِلْكٌ عَلَى مَا فِي يَدِ مَكَاتِبِهِ، وَلِأَنَّهُ تَجَدَّدَ لَهُ مِلْكٌ.
(وَإِنْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ) الَّتِي يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا (وَهِيَ حَامِلٌ حَمْلًا كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ انْقَضَى اسْتِبْرَاؤُهَا بِوَضْعِهِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (وَلَا يَلْحَقُ) الْوَلَدُ (بِالْمُشْتَرِي وَلَا بِبَيْعِهِ وَلَكِنْ يُعْتِقُهُ لِأَنَّهُ قَدْ شُرِكَ فِيهِ، لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ انْتَهَى).
(وَيَحْرُمُ وَطْءُ مُسْتَبْرَأَةٍ) مِنْ غَيْرِهِ (زَمَنُ اسْتِبْرَائِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ وَطِئَ الْمُسْتَبْرَأَةَ (لَمْ يَنْقَطِعْ) الِاسْتِبْرَاءُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ بِعُدْوَانِهِ (وَتَبْنِي عَلَى مَا مَضَى) مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ (فَإِنْ حَمَلَتْ قَبْلَ الْحَيْضَةِ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ) لِأَنَّهَا ذَاتُ حَمْلٍ (وَإِنْ أَحَبَلَهَا فِيهَا وَقَدْ مَلَكَهَا حَائِضًا فَكَذَلِكَ) أَيْ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الَّتِي مَلَكَهَا فِيهَا لَا يُحْتَسَبُ لَهَا بِهَا.
(وَ) إنْ أَحْبَلَهَا (فِي حَيْضَةٍ ابْتَدَأَتْهَا عِنْدَهُ تَحِلُّ فِي الْحَالِ لِجَعْلِ مَا مَضَى) مِنْ الدَّمِ قَبْلَ الْحَمْلِ (حَيْضَةً) فَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِبْرَاءُ.
(وَإِنْ وَجَدَ اسْتِبْرَاءَ مُشْتَرٍ وَنَحْوَهُ) كَمُتَّهَبٍ (فِي يَدِ بَائِعٍ وَنَحْوِهِ) كَوَاهِبٍ بِأَنْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ حَاضَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا (أَوْ) حَاضَتْ فِي (يَدِ وَكِيلِهِ) أَيْ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي وَنَحْوِهِ (بَعْدَ الشِّرَاءِ) وَنَحْوِهِ (وَقَبْلَ الْقَبْضِ أَجْزَأَ) الِاسْتِبْرَاءُ، لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي مِلْكِهِ (وَلَا يَكُونُ اسْتِبْرَاءٌ إلَّا بَعْدَ مِلْكِ الْمُشْتَرِي لِجَمِيعِ الْأَمَةِ، فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا ثُمَّ مَلَكَ بَاقِيَهَا لَمْ يُحْتَسَبْ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا مِنْ حِينِ مَلَكَ بَاقِيهَا) لِأَنَّهُ وَقْتُ حُصُولِهَا كُلِّهَا فِي مِلْكِهِ.
(وَإِنْ بَاعَ أَمَتَهُ أَوْ وَهَبَهَا وَنَحْوَهُ) بِأَنْ صَالَحَ بِهَا أَوْ أَصْدَقَهَا أَوْ خَالَعَ عَلَيْهَا (ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ) لِخِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْفَسْخِ كَمَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوَ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا (حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي لَهَا وَنَحْوُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (إنْ افْتَرَقَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَوْ نَحْوُهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا (فَلَا يَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ (وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقَالَةِ) وَهَذَا وَجْهٌ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مَا فِيهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى، وَلَوْ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا عَنْ الْمَجْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ يَعْنِي يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (وَيَكْفِي اسْتِبْرَاءُ زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي) لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ.
(وَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا) نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: هَذِهِ حِيلَةٌ وَضَعَهَا أَهْلُ الرَّأْيِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا؛ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ وَكَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً، وَلِأَنَّ إسْقَاطَهُ هُنَا ذَرِيعَةٌ إلَى إسْقَاطِهِ فِي حَقِّ مَنْ أَرَادَ إسْقَاطَهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهَا عِنْدَ بَيْعِهَا لَمْ يُطَلِّقْهَا زَوْجُهَا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ، وَالْحِيَلُ حَرَامٌ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مُطَلَّقَةً قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ مَلَكَهَا) الْمُشْتَرِي وَنَحْوُهُ (مُعْتَدَّةً) مِنْ وَفَاةٍ وَطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ طَلُقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ، اكْتِفَاءً بِالْعِدَّةِ) لِأَنَّ بَرَاءَتَهَا تُعْلَمُ بِهَا.
(وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِرَجُلَيْنِ فَوَطِئَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا لِرَجُلٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ اسْتِبْرَاءُ وَاحِدٍ)؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ بِهِ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا (وَإِنْ أَعْتَقَهَا لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ الِاسْتِبْرَاءُ كَالْعِدَّةِ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ، وَالْوَطْءُ فِيهِ وُجِدَ مِنْ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ مُعَلَّلٌ بِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ وَاحِدٌ).

.الْمَوْضِعُ الثَّانِي:

مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا أَوْ بَيْعَهَا لَمْ يَجُزْ) لَهُ ذَلِكَ (حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) أَمَّا إذَا أَرَادَ تَزْوِيجَهَا فَلِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاءٌ فَيُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا فَلِأَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بَيْعَ جَارِيَةٍ لَهُ كَانَ يَطَؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِحِفْظِ مَائِهِ فَكَذَلِكَ الْبَائِعُ (فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ) بِأَنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا (صَحَّ الْبَيْعُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ (دُونَ النِّكَاحِ) فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ كَالْمُعْتَدَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يُرَادُ إلَّا لِلِاسْتِمْتَاعِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مُعْتَدَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَالْبَيْعُ يُرَادُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَصَحَّ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِهَذَا صَحَّ فِي عِدَّةِ الْمُحَرَّمَاتِ وَوَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ لَمْ يَطَأْ) الْبَائِعُ الْأَمَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا أَوْ نِكَاحَهَا لِعَدَمِ مُوجِبِهِ (أَوْ كَانَتْ آيِسَةً لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا) عِنْدَ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: الْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْآيِسَةِ لِأَنَّ عِلَّةَ الْوُجُوبِ احْتِمَالُ الْحَمْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ انْتَهَى لَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْآيِسَةِ وَغَيْرِهَا (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) اسْتِبْرَاءُ الْآيِسَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
(وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَمْ تَخْلُ مِنْ خَمْسَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ يَكُونَ الْبَائِعُ ادَّعَاهُ) أَيْ الْوَلَدَ (وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ، ابْنُ لِلْبَائِعِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَيْ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (اسْتَبْرَأَ) الْجَارِيَةَ (ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَالْوَلَدُ لَهُ) أَيْ لَاحِقٌ بِالْمُشْتَرِي (وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي لِلُّحُوقِ الْحَمْلِ بِهِ (الثَّالِثُ: أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ أَحَدِهِمَا لَهَا وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْحَقُ) الْوَلَدُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَكُونُ الْوَلَدُ (مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَمْلِكُ فَسْخَ الْبَيْعِ) لِأَنَّ الْحَمْلَ تَجَدَّدَ فِي مِلْكِهِ ظَاهِرًا.
(فَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْوَلَدَ (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَنَّهُ وَلَدُهُ (فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) حَيْثُ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مُنْذُ وَطِئَ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ وَإِنْ (ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَحْدَهُ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) أَنَّ الْوَلَدَ لَهُ (لَحِقَهُ) نَسَبُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ (وَكَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا) لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ (وَإِنْ أَكْذَبَهُ) الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ الْوَلَدَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِ الْوَلَدِ) عَمَلًا بِظَاهِرِ الْيَدِ.
(الرَّابِعُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا فَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ) أَيْ بِالْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ (فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَأَقَرَّ لَهُ الْمُشْتَرِي لَحِقَهُ) لِتَصَادُقِهِمَا عَلَيْهِ (وَبَطَلَ الْبَيْعُ) لِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ (وَإِنْ أَكْذَبَهُ) الْمُشْتَرِي (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) لِكَوْنِهَا فِرَاشًا (لَهُ وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ)، بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ لِلْبَائِعِ، وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لِلْمُشْتَرِي، (عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ فَأُلْحِقَ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ مِنْهُمَا وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِمَا لَحِقَ بِهِمَا) لِمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّقِيطِ (وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ (وَتَكُونُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ) لِأَنَّ عُلُوقَهَا كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ (الْخَامِسُ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا وَلَمْ يَكُنْ) الْبَائِعُ (أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ) فِي الظَّاهِرِ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِالْبَائِعِ (وَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الثَّالِثِ).

.وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ:

مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ) أَعْتَقَ (أَمَتَهُ الَّتِي كَانَ يُصِيبُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا) لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةٌ وَطْئًا لَهُ حُرْمَةٌ فَلَزِمَهَا اسْتِعْلَامُ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ (لَكِنْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) أَيْ مَعْتُوقَتَهُ، فَلَا اسْتِبْرَاءَ لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ (أَوْ اسْتَبْرَأَ) هَا (بَعْدَ وَطْئِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، أَوْ بَاعَهَا فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْئِهَا) فَلَا اسْتِبْرَاءَ اكْتِفَاءً بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ (أَوْ كَانَتْ) أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ السُّرِّيَّةُ (مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ) كَانَتْ (فَرَغَتْ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا فَأَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ لَهُ (أَوْ أَرَادَ) مُشْتَرِي أَمَةٍ اسْتَبْرَأَهَا بَائِعُهَا قَبْلَ بَيْعِهَا، أَوْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا (تَزْوِيجَهَا) مِنْ غَيْرِهِ (قَبْلَ وَطْئِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ) لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ لِلْبَيْعِ.
(وَإِنْ أَبَانَهَا) أَيْ طَلَّقَ الْأَمَةَ زَوْجُهَا طَلَاقًا بَائِنًا (قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ) زَوْجُهَا (فَاعْتَدَّتْ، ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهَا (بِأَنْ لَمْ يَطَأْ) هَا سَيِّدُهَا لِزَوَالِ فِرَاشِ السَّيِّدِ بِتَزْوِيجِهِ لَهَا كَمَنْ لَا يَطَؤُهَا أَصْلًا (وَإِنْ بَاعَ) أَمَةً (وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي قَبْل وَطْءٍ وَاسْتِبْرَاءٍ اسْتَبْرَأَتْ) إنْ أَعْتَقَهَا عَقِبَ الْمُشْتَرِي (أَوْ تَمَّمَتْ مَا وُجِدَ عِنْدَ مُشْتَرٍ) مِنْ اسْتِبْرَاءٍ إنْ عَتَقَتْ فِي أَثْنَائِهَا لِتُعْلَمَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا (وَإِذَا زَوَّجَ سَيِّدٌ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَتْ) بِمَوْتِهِ (وَلَمْ يَلْزَمْهَا اسْتِبْرَاءٌ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ.
(وَإِنْ بَانَتْ) أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ السُّرِّيَّةُ مِنْ الزَّوْجِ (قَبْلَ الدُّخُولِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا) أَوْ بَانَتْ (بِطَلَاقِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَأَتَمَّتْ عِدَّتَهَا ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا فَعَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ) لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَى فِرَاشِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاءٌ إلَّا أَنْ يَرُدَّهَا السَّيِّد إلَى نَفْسِهِ (وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ (وَسَيِّدُهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا) مَوْتًا، أَوْ عَلِمَ، ثُمَّ نَسِيَ.
(وَ) كَانَ (بَيْنَ مَوْتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ فَقَطْ) لِأَنَّ السَّيِّدَ إنْ كَانَ مَاتَ أَوَّلًا، فَقَدْ مَاتَ، وَهِيَ زَوْجَةٌ، وَإِنْ كَانَ مَاتَ آخِرًا فَقَدْ مَاتَ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مَعْنَاهُ أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ لِأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ زَوْجَهَا مِنْ عُهْدَةِ الْعِدَّةِ بِيَقِينٍ إلَّا بِذَلِكَ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي مَاتَ آخِرًا.
(وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ (أَوْ جَهِلَتْ الْمُدَّةَ) الَّتِي بَيْنَ مَوْتِهِمَا (لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا الْأَطْوَلُ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَالْوَفَاةِ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ آخِرًا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ السَّيِّدَ مَاتَ آخِرًا فَعَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى هَذَا جَمِيعُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا حَيْضَةٌ، وَمِنْ زَوْجِهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ انْتَهَى وَهَذَا أَوْضَحُ عَلَى قَوْلِ الْمُوَفَّقِ وَمُتَابِعِيهِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ لِاسْتِبْرَاءٍ، فَلَا كَمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى (وَلَا تَرِثُ الزَّوْجَ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَا تَجِبُ مَعَ الشَّكِّ وَالْعِدَّةِ وَجَبَتْ اسْتِظْهَارًا لَا ضِرَارَ فِيهِ عَلَى غَيْرِهَا، بِخِلَافِ الْإِرْثِ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ أَمَةٌ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِهِ) كَأَبِيهِ وَابْنِهِ (أَوْ) ادَّعَتْ (مُسْتَبْرَأَةٌ أَنَّ لَهَا زَوْجًا صُدِّقَتْ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا (وَإِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ) أَعْتَقَ أَمَةً كَانَ يُصِيبُهَا مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ إصَابَتُهَا، (فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ) لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ عَادَةً بَائِنٌ بِغَيْرِ ثَلَاثٍ فِي عِدَّتِهَا (وَإِنْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي وَطْءِ أَمَةٍ لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ) إنْ لَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْهُمَا حَقَّانِ مَقْصُودَانِ لِآدَمِيَّيْنِ، فَلَمْ يَدْخُلْ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ كَالْعِدَّتَيْنِ، وَالْمُزَوِّجَةُ تَعْتَدُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَالْمُقْنِعِ وَالْمُبْدِعِ وَالتَّنْقِيحِ: لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالزِّنَا، وَعَلَى كَلَامِهِ فِي الْمُنْتَهَى يَكْفِي فِي الزِّنَا اسْتِبْرَاءٌ وَاحِدٌ.