فصل: بَابُ الْخُلْعِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: إِذَا تَزَوُّج بِكْرًا وَمَعَهُ غَيْرُهَا:

وَإِذَا تَزَوُّج بِكْرًا وَلَوْ أَمَةً وَمَعَهُ غَيْرُهَا وَلَوْ حَرَائِرَ (أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا) ثُمَّ دَارَ.
(وَ) إذَا تَزَوَّجَ (ثَيِّبًا وَلَوْ أَمَةً) أَقَامَ عِنْدَهَا (ثَلَاثًا) لِعُمُومِ مَا يَأْتِي وَلِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْأُنْسِ وَإِزَالَةِ الِاحْتِشَامِ وَالْأَمَةُ وَالْحُرَّة سَوَاءٌ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ فَاسْتَوَيَا فِيهِ كَالنَّفَقَةِ (وَلَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِمَا بِمَا أَقَامَ عِنْدهُمَا فَإِذَا انْتَهَتْ مُدَّةُ إقَامَتِهِ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ عَادَ إلَى الْقَسْمِ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ كَمَا كَانَ) قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْجَدِيدَةَ (وَدَخَلَتْ) الْجَدِيدَةُ (بَيْنَهُنَّ فَصَارَتْ آخِرَهُنَّ نَوْبَةً) لِمَا رَوَى أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَس قَالَ «مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ قَسَّمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَّمَ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ لَوْ شِئْتَ لَقُلْتُ: إنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ وَخُصَّتْ الْبِكْرُ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ وَالثَّلَاثُ مُدَّةٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَالسَّبْعَةُ لِأَنَّهَا أَيَّامُ الدُّنْيَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا يَتَكَرَّرُ وَحِينَئِذٍ يَنْقَطِعُ الدَّوْرُ (وَإِنْ أَحَبَّتْ الثَّيِّبِ أَنْ يُقِيمَ) الزَّوْجُ (عِنْدَهَا سَبْعًا فَعَلَ وَقَضَى لِلْبَوَاقِي) مِنْ ضَرَّاتِهَا (سَبْعًا سَبْعًا) لِمَا رَوَتْ أُمّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِكِ هَوَانٌ عَلَى أَهْلِكِ وَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَك سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ مَعَ مَنْ خَالَفَ حَدِيثُ مَرْفُوعٌ وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ أَدْلَى بِالسُّنَّةِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فَزُفَّتَا إلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ بِكْرَيْنِ كَانَتَا أَوْ ثَيِّبَتَيْنِ وَبِكْرًا وَثَيِّبًا) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي إيفَاءِ حَقِّهِمَا وَتَسْتَضِرُّ الَّتِي يُؤَخَّرُ حَقُّهَا وَتَسْتَوْحِشُ (وَيُقَدِّمُ أَسْبَقَهُمَا دُخُولًا فَيُوَفِّيهَا حَقَّ الْعَقْدِ) لِأَنَّ حَقَّهَا سَابِقٌ (ثُمَّ يَعُودُ إلَى الثَّانِيَةِ فَيُوَفِّيهَا حَقَّ الْعَقْدِ) لِأَنَّ حَقَّهَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ تَرَكَ الْعَمَلِ بِهِ فِي مُدَّةِ الْأُولَى، لِأَنَّهُ عَارَضَهُ وَرَجَّحَ عَلَيْهِ فَإِذَا زَالَ الْمُعَارِضُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْمُقْتَضَى (ثُمَّ يَبْتَدِئُ الْقَسْمَ) لِيَأْتِيَ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الدُّورِ (فَإِنْ أُدْخِلَتَا عَلَيْهِ مَعًا قَدَّمَ إحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْقُرْعَةُ مُرَجِّحَةٌ عِنْدَ التَّسَاوِي.
وَفِي التَّبْصِرَةِ يُبْدَأُ بِالسَّابِقَةِ بِالْعَقْدِ وَإِلَّا أَقْرَعَ (وَيُكْرَه أَنْ تُزَفَّ إلَيْهِ امْرَأَةٌ فِي مُدَّةِ حَقِّ) عَقْدِ (امْرَأَةٍ زُفَّتْ إلَيْهِ قَبْلَهَا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّم لِلْأُولَى) حَقّ عَقْدِهَا لِسَبْقِهَا (ثُمَّ يَقْضِي حَقّ عَقْد) (الثَّانِيَة) لِزَوَالِ الْمُعَارِض (وَإِنْ أَرَادَ) مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتَانِ مَعًا (السَّفَر) بِإِحْدَى نِسَائِهِ فَأَقْرَع بَيْنَهُنَّ (فَخَرَجَتْ الْقُرْعَة لِإِحْدَى الْجَدِيدَتَيْنِ سَافَرَ بِهَا وَدَخَلَ حَقّ الْعَقْد فِي قَسْم السَّفَر) لِأَنَّهُ نَوْع قَسْم يَخْتَصّ بِهَا (فَإِذَا قَدِمَ) مِنْ سَفَره (بَدَأَ بِالْأُخْرَى فَوَفَّاهَا حَقّ الْعَقْد) لِأَنَّهُ حَقّ وَجَبَ لَهَا قَبْل سَفَره وَلَمْ يُؤَدِّهِ، فَلَزِمَهُ قَضَاؤُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُسَافِر بِالْأُخْرَى مَعَهُ (فَإِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَره قَبْل مُضِيّ مُدَّة يَنْقَضِي فِيهَا حَقّ عَقْد الْأُولَى تَمَّمَهُ فِي الْحَضَر وَقَضَى لِلْحَاضِرَةِ حَقَّهَا) لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَة لِغَيْرِ الْجَدِيدَتَيْنِ وَسَافَرَ بِهَا) قَضَى لِلْجَدِيدَتَيْنِ حَقَّهُمَا وَاحِدَة بَعْد وَاحِدَة، (يُقَدِّم السَّابِقَة دُخُولًا) إنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ إحْدَاهُمَا قَبْل الْأُخْرَى (أَوْ بِقُرْعَةٍ إنْ دَخَلَتَا مَعًا) لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ سَافَرَ بِجَدِيدَةٍ وَقَدِيمَةٍ بِقُرْعَةٍ أَوْ رِضًا تَمَّمَ لِلْجَدِيدَةِ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ قَسَّمَ بَيْنَهَا وَبَيْن الْأُخْرَى) عَلَى السَّوَاءِ (وَإِذَا طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَتِهَا) أَثِمَ (أَوْ) طَلَّقَ (الْحَارِس) إحْدَى نِسَائِهِ (فِي نَهَارِهَا أَثِمَ) لِأَنَّهُ فَرَّ مِنْ حَقِّهَا الْوَاجِبِ لَهَا (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ) ذَلِكَ (قَضَى لَهَا لَيْلَتَهَا) لِأَنَّهُ قَدَر عَلَى إيفَاءِ حَقِّهَا فَلَزِمَهُ كَالْمُعْسِرِ إذَا أَيْسَرَ بِالدَّيْنِ (وَلَوْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ غَيْرهَا بَعْد طَلَاقِهَا) لِأَنَّ تَزَوُّجَهُ بِغَيْرِهَا لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا.
(وَإِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَبَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا لَيْلَةً ثُمَّ تَزَوَّج ثَالِثَةً) أَوْ تَجَدَّدَ حَقُّهَا بِعَوْدٍ فِي هِبَةٍ أَوْ رُجُوع مِنْ نُشُوزٍ (قَبْلَ لَيْلَةِ الثَّانِيَةِ قَدَّمَ الْمَزْفُوفَةَ بِلَيَالِيِهَا ثُمَّ يَبِيتُ لَيْلَةً عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ ثُمَّ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلْجَدِيدَةِ) لِأَنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُوَفِّيهَا لِلْمَظْلُومَةِ نِصْفُهَا مِنْ حَقِّهَا وَنِصْفُهَا مِنْ حَقِّ الْجَدِيدَةِ فَيَثْبُت لِلْجَدِيدَةِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ نِصْفُ لَيْلَةٍ بِإِزَاءِ مَا خَصَّ ضَرَّتَهَا (ثُمَّ يَبْتَدِئُ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: هَذَا الْمَذْهَبُ (وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ لَا يَبِيتُ نِصْفَهَا بَلْ لَيْلَةً كَامِلَةً لِأَنَّهُ حَرَجَ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَجِدُ مَكَانًا يَنْفَرِدُ فِيهِ إذْ لَا يَقْدِر عَلَى الْخُرُوجِ إلَيْهِ فِي نِصْفِ اللَّيْلَةِ أَوْ الْمَجِيءِ مِنْهُ.
(وَلَوْ سَافَرَ بِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِقُرْعَةٍ) أَوْ رَضَاهُنَّ (ثُمَّ تَزَوَّجَ فِي سَفَرِهِ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَزُفَّتْ إلَيْهِ) فِي سَفَرِهِ (فَعَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا بِأَيَّامِهَا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (ثُمَّ يَقْسِمُ) بَيْنَ الْجَدِيدَةِ وَضَرَّتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَيَجُوزُ بِنَاءُ الرَّجُلِ بِزَوْجَتِهِ فِي السَّفَرِ وَكَوْنِهَا مَعَهُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْن الْجَيْشِ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ.

.فَصْلٌ: فِي النُّشُوزِ:

وَهُوَ كَرَاهَةُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ وَسُوءُ عِشْرَتِهِ يُقَال: نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ وَنَاشِزٌ، وَنَشَزَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا جَفَاهَا وَأَضَرَّ بِهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ مَعْصِيَتُهَا إيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا) مَأْخُوذٌ مِنْ النَّشَزِ وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَكَأَنَّهَا ارْتَفَعَتْ عَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُقَالُ نَشَصَتْ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَإِذَا ظَهَرَ مِنْهَا أَمَارَاتُ النُّشُوزِ بِأَنْ تَتَثَاقَلَ) إذَا دَعَاهَا (أَوْ تَتَدَافَعَ إذَا دَعَاهَا إلَى الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ تُجِيبَهُ مُتَبَرِّمَةً مُتَكَرِّهَةً وَيَخْتَلُّ أَدَبُهَا فِي حَقِّهِ، وَعَظَهَا) بِأَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ الْحَقّ وَمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْإِثْمِ بِالْمُخَالَفَةِ، وَمَا يَسْقُط بِذَلِكَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، وَمَا يُبَاح لَهُ مِنْ هَجْرِهَا وَضَرْبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}.
(فَإِنْ رَجَعَتْ إلَى الطَّاعَةِ وَالْأَدَبِ حُرِّمَ الْهَجْرُ وَالضَّرْبُ) لِزَوَالِ مُبِيحِهِ (وَإِنْ أَصَرَّتْ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَأَظْهَرَتْ النُّشُوزَ بِأَنْ عَصَتْهُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ إجَابَتِهِ إلَى الْفِرَاشِ، أَوْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ مَا شَاءَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «لَا تُضَاجِعَهَا فِي فِرَاشِكَ» وَقَدْ «هَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) هَجْرُهَا (فِي الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا فَوْقِهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَالْهَجْرُ ضِدَّ الْوَصْلِ وَالتَّهَاجُرُ التَّقَاطُعُ (فَإِنْ أَصَرَّتْ وَلَمْ تَرْتَدِع) بِالْهَجْرِ (فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاضْرِبُوهُنَّ}.
(فَيَكُونُ الضَّرْبُ بَعْدَ الْهَجْرِ فِي الْفِرَاشِ وَتَرْكِهَا مِنْ الْكَلَامِ) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ أَيْ غَيْرَ شَدِيدٍ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ يَرْفَعُهُ «لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُضَاجِعْهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ» (وَيَجْتَنِبُ الْوَجْهَ) تَكْرِمَةً لَهُ (و) يَجْتَنِبُ (الْبَطْنَ وَالْمَوَاضِعَ الْمَخُوفَةَ) خَوْفَ الْقَتْلِ.
(وَ) يَجْتَنِبُ الْمَوَاضِعَ (الْمُسْتَحْسَنَةَ) لِئَلَّا يُشَوِّهَهَا، وَيَكُونُ الضَّرْبُ (عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَأَقَلَّ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمْ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْره وَالْأَوْلَى تَرْكُ ضَرْبِهَا إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ (وَقِيلَ) يَضْرِبُهَا (بِدُرَّةٍ أَوْ مِخْرَاقٍ) وَهُوَ مَنْدِيلٌ مَلْفُوفٌ (لَا بِسَوْطٍ وَلَا بِخَشَبٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّأْدِيبُ وَزَجْرُهَا فَيَبْدَأُ فِيهِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَل (فَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا.
(وَيُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (مَنْ) أَيِّ زَوْجٌ (عُلِمَ بِمَنْعِهِ حَقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ وَ) حَتَّى (يُحْسِنَ عِشْرَتَهَا) لِأَنَّهُ يَكُونُ ظَالِمًا بِطَلَبِهِ حَقَّهُ مَعَ مَنْعِهِ حَقِّهَا وَيَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تُغْضِبَ زَوْجَهَا لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدِهِ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ الْمِحْصَنِ «أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ذَاتَ زَوْجٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ فَقَالَ اُنْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجِ مُدَارَاتُهَا نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْقِدَ وَحَدَّثَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ مَا قِيلَ: الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءَ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ فَقَالَ أَحْمَدُ الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءَ كُلّهَا فِي التَّغَافُلِ (وَلَا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ لِمَ ضَرَبَهَا؟ وَلَا أَبُوهَا) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ الْأَشْعَثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَا أَشْعَثُ احْفَظْ مِنِّي شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَسْأَلَنَّ رَجُلًا فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ؟» (وَلِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَضْرِبُهَا لِأَجْلِ الْفِرَاشِ فَإِنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ اسْتَحَى، وَإِنْ أَخْبَرَ بِغَيْرِهِ كَذِبَ.
(وَلَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْوَاجِبَيْنِ (نَصًّا) قَالَ عَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} قَالَ «عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ» وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَحِم اللَّهُ عَبْدًا عَلَّقَ فِي بَيْتِهِ سَوْطًا يُؤَدِّبُ بِهِ أَهْلَهُ»، فَإِنْ لَمْ تُصَلِّ فَقَالَ أَحْمَدُ أَخْشَى أَنْ لَا يَحِلَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقِيلَ مَعَ امْرَأَةٍ لَا تُصَلِّي وَلَا تَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَا تَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَلَا يُؤَدِّبُهَا فِي حَادِثٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَسِحَاقٍ.
(فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (ظُلْمَ صَاحِبِهِ أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إلَى جَانِبِ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عَلَيْهِمَا وَيَكْشِفُ حَالَهُمَا كَمَا يَكْشِفُ عَنْ عَدَالَةٍ وَإِفْلَاسٍ مِنْ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ وَيَلْزَمُهُمَا الْإِنْصَافُ) لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ إلَى الْإِنْصَافِ فَتَعَيَّنَ بِالْحُكْمِ كَالْحَقِّ (وَيَكُونُ الْإِسْكَانُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْهُ (فَإِنْ خَرَجَا إلَى الشِّقَاقِ وَالْعَدَاوَةِ وَبَلَغَا إلَى الْمُشَاتَمَةِ بَعْثَ الْحَكَمَيْنِ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْهُ.
(فَإِنْ خَرَجَا إلَى الشِّقَاقِ وَالْعَدَاوَةِ وَبَلَغَا إلَى الْمُشَاتَمَةِ بَعَثَ الْحَاكِمُ حَكَمَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ ذَكَرَيْنِ عَدْلَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ فَقِيهَيْنِ عَالِمَيْنِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ) لِأَنَّهُ يُفْتَقَرُ إلَى الرَّأْيِ وَالنَّظَرِ، وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ مَتَى كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ إلَّا عَدْلًا.
وَفِي الْمُغْنِي الْأَوْلَى إنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْحَكَمِ (يَفْعَلَانِ مَا يَرَيَانِهِ مِنْ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا أَوْ تَفْرِيقٍ بِطَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِهِمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} الْآيَةَ وَلِأَنَّهُمَا أَشْفَقُ وَأَعْلَمُ بِالْحَالِ وَيَجُوزَ أَنْ يَكُونَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِمَا لِأَنَّ الْقَرَابَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْحُكْمِ وَلَا الْوَكَالَةَ (وَيَنْبَغِي لَهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ (أَنْ يَنْوِيَا الْإِصْلَاحَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} وَأَنْ يُلَطِّفَا) الْقَوْلَ.
(وَ) أَنْ (يُنْصِفَا وَيُرَغِّبَا وَيُخَوِّفَا وَلَا يَخُصَّا بِذَلِكَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ) لِيَكُونَ أَقْرَبُ لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا.
(وَهُمَا وَكِيلَانِ عَنْ الزَّوْجَيْنِ فِي ذَلِكَ لَا يُرْسَلَانِ إلَّا بِرِضَاهِمَا وَتَوْكِيلَهُمَا) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا فَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِمَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِالْوَكَالَةِ (فَلَا يَمْلِكَانِ تَفْرِيقًا إلَّا بِإِذْنِهِمَا فَيَأْذَنُ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ إصْلَاحٍ وَتَأْذَنُ الْمَرْأَةُ لِوَكِيلِهَا فِي الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَلَى مَا يَرَاهُ وَلَا يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ (بِغِيبَةِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ) غِيبَةِ (أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُمَا وَكِيلَانِ وَالْوَكِيلُ لَا يَنْعَزِلُ بِغِيبَةِ الْمُوَكِّلِ (وَيَنْقَطِعُ) نَظَرُهُمَا (بِجُنُونِهِمَا أَوْ) جُنُونِ (أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يُبْطِلُ الْوَكَالَة) كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْوَكَالَةِ (وَإِنْ امْتَنَعَا مِنْ التَّوْكِيلِ لَمْ يُجْبَرَا عَلَيْهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (لَكِنْ لَا يَزَالُ الْحَاكِمُ يَبْحَثُ وَيَسْتَحِثُّ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ مَنْ الظَّالِمُ فَيَرْدَعَهُ وَيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْحَقَّ) إقَامَةً لِلْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ (وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْحَكَمَيْنِ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُوَكَّلَا فِيهِ (إلَّا فِي الْخُلْعِ خَاصَّةً مِنْ وَكِيلِ الْمَرْأَةَ فَقَطْ) فَتَصِحُّ بَرَاءَتُهُ عَنْهَا لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِعِوَضٍ فَتَوْكِيلهمَا فِيهِ إذْنٌ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَمِنْهَا الْإِبْرَاءُ.
(وَإِنْ خَافَتْ امْرَأَةٌ نُشُوزَ زَوْجِهَا وَإِعْرَاضِهِ عَنْهَا لِكِبْرٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَمَرَضٍ أَوْ دَمَامَةٍ (فَوَضَعَتْ عَنْهُ بَعْضَ حُقُوقِهَا أَوْ) وَضَعَتْ عَنْهُ (كُلِّهَا) أَيْ كُلِّ حُقُوقِهَا (تَسْتَرْضِيهِ بِذَلِكَ جَازَ) لِأَنَّهُ حَقُّهَا وَقَدْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِهِ (وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ فِي ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) كَالْهِبَةِ الَّتِي لَمْ تَقْبَضْ وَ(لَا) رُجُوعَ لَهَا فِي (الْمَاضِي) كَالْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَإِنْ شَرَطَا مَا لَا يُنَافِي نِكَاحًا لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ نَفَقَةٍ وَلِمَنْ رَضِيَ الْعَوْدُ (وَيَأْتِي إذَا اخْتَلَفَا فِي النُّشُوزِ أَوْ بَذَلَ التَّسْلِيمَ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ) مُفَصَّلًا.

.بَابُ الْخُلْعِ:

يُقَال: خَلَعَ امْرَأَتِهِ وَخَالَعَهَا مُخَالَعَةً وَاخْتَلَعَتْ هِيَ مِنْهُ فَهِيَ خَالِعٌ وَأَصْلُهُ مِنْ خَلْعِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَنْخَلِعُ مِنْ لِبَاسِ زَوْجِهَا قَالَ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (وَهُوَ فِرَاقُ) الزَّوْجِ (امْرَأَتَهُ بِعِوَضٍ يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ) مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ) وَفَائِدَتُهُ تَخْلِيصِهَا مِنْ الزَّوْج عَلَى وَجْهٍ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهَا (وَإِذَا كَرِهَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِخُلُقِهِ أَوْ خَلْقِهِ) أَيْ صُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ (أَوْ) كَرِهَتْهُ (لِنَقْصِ دِينِهِ أَوْ لِكِبَرِهِ أَوْ لِضَعْفِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَخَافَتْ إثْمًا بِتَرْكِ حَقِّهِ فَيُبَاحُ لَهَا أَنْ تُخَالِعَهُ عَلَى عِوَضٍ تَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهَا مِنْهُ) '' لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (وَيُسَنُّ) لَهُ (إجَابَتُهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ مِنْ دِينٍ وَلَا خُلُقٍ وَلَكِنْ أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَأَمَرَهَا بِرَدِّهَا وَأَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(إلَّا أَنْ يَكُونَ) الزَّوْجُ (لَهُ إلَيْهَا مَيْلٌ وَمَحَبَّةٌ فَيُسْتَحَبُّ صَبْرُهَا وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا) قَالَ أَحْمَدُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَخْتَلِعَ مِنْهُ وَأَنْ تَصْبِرَ قَالَ الْقَاضِي قَوْلُ أَحْمَدَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَصْبِرَ: عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالِاخْتِيَارِ وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ (وَإِنْ خَالَعَتْهُ) الْمَرْأَةُ (مَعَ اسْتِقَامَةٍ الْحَالِ كُرِهَ) ذَلِكَ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ وَلِأَنَّهُ عَبَثٌ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا (وَوَقَعَ الْخُلْعُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}.
(وَإِنَّ عَضَلَهَا أَيْ ضَارّهَا بِالضَّرْبِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا أَوْ مَنَعَهَا حُقُوقَهَا مِنْ الْقَسْم وَالنَّفَقَة وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ نَقَصَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (ظُلْمًا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالْعِوَض مَرْدُود وَالزَّوْجِيَّة بِحَالِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} وَلِأَنَّ مَا تَفْتَدِي بِهِ نَفْسهَا مَعَ ذَلِكَ عِوَضٌ أُكْرِهَتْ عَلَى بَذْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَخْذُهُ مِنْهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ طَلَاقِ أَوْ نِيَّتِهِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) وَلَمْ تَبِنْ مِنْهُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَلَا نِيَّتِهِ كَانَ (لَغْوًا) لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَإِنْ فَعَلَ) الزَّوْجُ (ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُضَارَةِ بِالضَّرْبِ وَالتَّضْيِيقِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْحُقُوقِ (لَا لِتَفْتَدِيَ) مِنْهُ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْضُلْهَا لِيَذْهَبَ بِبَعْضِ مَالِهَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ إثْمُ الظُّلْمِ (أَوْ فَعَلَهُ لِزِنَاهَا أَوْ نُشُوزِهَا أَوْ تَرْكِهَا فَرْضًا) كَصَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ (فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ) لِقَوْلِهِ {إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيَّنَةٍ} وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَيْهَا.
(وَلَا يَفْتَقِر الْخُلْعُ إلَى حَاكِمٍ نَصًّا) وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلِأَنَّهُ إنْ قِيلَ إنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَانَ كَالْبَيْعِ أَوْ قِيلَ إنَّهُ قَطْعُ عَقْدٍ بِالتَّرَاضِي كَانَ كَالْإِقَالَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَاكِمٍ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ الْخُلْعِ (فِي الْحَيْضِ) إذَا كَانَ بِسُؤَالِهَا لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِدْخَالِ ضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَى نَفْسِهَا.
(وَ) لَا بَأْسَ بِهِ فِي (الطُّهْرِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ إذَا كَانَ بِسُؤَالِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (الْحَيْضِ).
وَيَصِحُّ الْخُلْعُ (مِنْ كُلِّ زَوْج يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَأَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا) بَالِغًا أَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجٌ يَصِحّ طَلَاقُهُ فَصَحَّ خُلْعُهُ وَلِأَنَّهُ إذَا مَلِكَ الطَّلَاقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَبِالْعِوَضِ أَوْلَى وَظَاهِرْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ.
وَقَالَ فِي الِاخْتِبَارَاتِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِلَايَةِ كَالْحَاكِمِ فِي الشِّقَاقِ وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ الْعُنَّة أَوْ الْإِعْسَارِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَمْلِكُ الْحَاكِمُ فِيهَا الْفُرْقَةَ (وَيَقْبِضُ) الزَّوْج (عِوَضهُ) إنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (وَإِنْ) كَانَ (مُكَاتَبًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ لِفَلَسِ) لِأَهْلِيَّتِهِ لِقَبْضِهِ.
(فَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَعَبْدٍ) فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ (وَصَغِيرٌ مُمَيِّزٌ وَسَفِيهٌ) فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا لِحَظِّ أَنْفُسِهِمَا (دَفَعَ الْمَالَ) الْمُخَالَعُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا (إلَى سَيِّدِ) الْعَبْدِ.
(وَ) إلَى (وَلِيٍّ) صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ، لِقَبْضِهِ وَلِأَنَّ مَا مَلَكَهُ الْعَبْد بِالْخُلْعِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ فَكَانَ لَهُ قَبْضُهُ (وَلَيْسَ لِلْأَبِ خُلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلَا طَلَاقُهَا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَالْخُلْعِ فِي مَعْنَاهُ (وَكَذَا لِسَيِّدِهِمَا) أَيْ سَيِّدِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ لَهُ خُلْعُ زَوْجَتِهِمَا وَلَا طَلَاقِهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لِأَبٍ خُلْعُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةِ) أَوْ الْمَجْنُونَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا (وَلِإِطْلَاقِهَا بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفُ بِمَا لِهَا فِيهِ الْحَظُّ، وَلَيْسَ فِي هَذَا حَظٌّ بَلْ فِيهِ إسْقَاطُ حَقِّهَا الْوَاجِبِ لَهَا وَالْأَبُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (وَيَصِحُّ مَعَ الزَّوْجَةِ الْبَالِغَةِ الرَّشِيدَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالْحَدِيثِ.
(وَ) يَصِحُّ الْخُلْعُ (مَعَ الْأَجْنَبِيِّ لِجَائِزِ التَّصَرُّفِ) بِأَنْ يَسْأَلَ الزَّوْجَ أَنْ يَخْلَعَ زَوْجَتَهُ بِعِوَضِ بَذْلِهِ وَلَوْ (بِغَيْرِ إذْنِهَا) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (وَيَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ فِيهِ) أَيْ الْخُلْعِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ (بِأَنْ) تَقُولَ الْمَرْأَةُ اخْلَعْنِي عَلَى كَذَا، أَوْ (يَقُولَ الْأَجْنَبِيُّ: اخْلَعْ زَوْجَتَكَ) عَلَى أَلْفٍ (أَوْ) يَقُولُ (طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى سِلْعَتِي هَذِهِ فَيُجِيبُهُ) الزَّوْجُ (فَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (وَيَلْزَم الْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ الْعِوَضُ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ دُونَ الزَّوْجَةِ (وَإِنْ قَالَ) الْأَجْنَبِيُّ اخْلَعْ زَوْجَتَكَ (عَلَى مَهْرِهَا أَوْ) عَلَى (سِلْعَتِهَا وَأَنَا ضَامِنٌ) صَحَّ (أَوْ) قَالَ اخْلَعْهَا (عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِهَا وَأَنَا ضَامِنٌ فَيُجِيبَهُ صَحَّ) الْخَلْعُ لِأَنَّهُ بَاذِلٌ لِلْبَدَلِ وَذِكْرُ مَا أَضَافَهُ إلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لَغْوٌ (وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ مَا سَأَلَهُ الْخُلْعَ عَلَيْهِ (حَيْثُ سُمِّيَ الْعِوَضُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَة قُلْتُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَصِحَّ الْبَذْلَ وَكَذَا لَوْ سَأَلَتْهُ الزَّوْجَةُ أَنْ يُخَالِعهَا عَلَى مَالِ زَيْدٍ إنْ ضَمِنَتْهُ صَحَّ الْخُلْعُ وَلَزِمَهَا الْعِوَضُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِنْ قَالَتْ لَهُ) إحْدَى زَوْجَتَيْهِ (طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهُمَا وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بَائِنًا وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ عَلَى بَاذِلَتِهِ) وَحْدَهَا لِالْتِزَامِهَا لَهُ بِالْعَقْدِ (وَإِنْ طَلَّقَ) الزَّوْجُ (إحْدَاهُمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) لِأَنَّهَا إنَّمَا بَذَلَتْ الْعِوَضَ فِي طَلَاقِهِمَا وَلَمْ يُوجَدُ (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ ضَرَّتِي أَوْ) قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ (عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّق ضَرَّتِي فَفَعَلَ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ وَالْبَذْلُ لَازِمَانِ) لِأَنَّهَا بَذَلَتْ عِوَضًا فِي طَلَاقِهَا وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَوْ عَدَمِهِ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي بِالْأَلْفِ (فَإِنْ لَمْ يَفِ لَهَا بِشَرْطِهَا اسْتَحَقَّ عَلَى السَّائِلَةِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ وَمِنْ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بِعِوَضِ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ رَجَعَ إلَى مَا رَضِيَ بِكَوْنِهِ عِوَضًا وَهُوَ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَهُ الْأَلْفُ فَقَطْ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِكَوْنِهِ عِوَضًا عَنْهَا وَعَنْ شَيْءٍ آخَرَ فَإِذَا جُعِلَ كُلُّهُ عِوَضًا عَنْهَا كَانَ أَحَظَّ لَهُ.
(وَإِنْ خَالَعَتْهُ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدهَا عَلَى شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ أَوْ فِي ذِمَّتِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ إذْ الرَّقِيقُ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّصَرُّفِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالْمَجْنُونِ.
(وَ) إنْ خَالَعَتْهُ الْأَمَةُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ السَّيِّدِ (يَصِحُّ) الْخَلْعُ كَالْبَيْعِ (وَيَكُونُ الْعِوَضُ) الَّذِي أَذِنَ لَهَا فِي الْخُلْعِ عَلَيْهِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (كَاسْتِدَانَتِهَا بِإِذْنِهِ) فَيُطَالِبُ بِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُكَاتَبَةِ) إذَا خَالَعَتْهُ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّد لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ صَحَّ (إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ) الْخُلْعُ (بِإِذْنِ سَيِّدِهَا سَلَّمَتْهُ مِمَّا فِي يَدِهَا) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ (شَيْءٌ) مِمَّا خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا (فَهُوَ فِي ذِمَّة سَيِّدهَا) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَّبَّرَةِ وَالْمَأْذُونِ لَهَا فِي التِّجَارَةِ ف (إنْ خَالَعَتْهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ وَلَا إذْنَ لِلْوَلِيِّ فِي التَّبَرُّعَات قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ مَعَ الْإِذْنِ لِلْمَصْلَحَةِ (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا إنْ كَانَ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ) وَكَانَ (دُونَ ثَلَاثٍ) لِأَنَّ الثَّلَاث لَا رَجْعَةَ مَعَهَا (وَإِلَّا) بَلْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ طَلَاقٍ وَلَا نِيَّتِهِ (كَانَ لَغْوًا) كَخُلُوِّهِ عَنْ عِوَضٍ.
(وَإِنْ تَخَالَعَا هَازِلَيْنِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ صَحَّ) الطَّلَاقُ لِمَا يَأْتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ تَخَالَعَا هَازِلَيْنِ بِغَيْرِ لَفْظِ طَلَاقٍ وَلَا نِيَّتِهِ (فَلَا) يَصِحُّ الْخُلْعُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْعِوَضِ (كَمَبِيعٍ وَلَا يَبْطُلُ إبْرَاءُ مَنْ) خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى بَرَاءَتِهِ لَهُ ثُمَّ (ادَّعَتْ سَفَهًا حَالَةَ الْخُلْعِ بِلَا بَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِسَفَهِهَا حَالَتُهُ لِأَنَّهَا تَدَّعِي الْفَسَادَ وَالْأَصْلَ الصِّحَّةُ (وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ) عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتهَا، لِأَنَّ لَهَا ذِمَّةٌ يَصِحُّ تَصَرُّفُهَا فِيهَا وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهَا حَالَ حَجْرِهَا كَمَا لَوْ اسْتَدَانَتْ مِنْ إنْسَانٍ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ بَاعَهَا شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتهَا (وَيَكُونُ) مَا خَالَعَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا (فِي ذِمَّتِهَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إذَا انْفَكَّ عَنْهَا الْحَجْرُ وَأَيْسَرَتْ) وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ خَالَعَتْ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ انْتَهَى.