فصل: بَابُ الْوَلِيمَةِ وَآدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ): حكم إذا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا:

(وَإِنْ دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً) أَيْ غَيْرَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ (فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ بَكَارَتَهَا (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِصْبَعِهِ أَوْ غَيْرِهَا فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا) لَا مَهْرَ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا وَهُوَ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ عِوَضِهِ، فَرُجِعَ فِيهِ إلَى أَرْشِهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ (وَهُوَ) أَيْ أَرْش الْبَكَارَةِ (مَا بَيْنَ مَهْرِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ وَكَلَامُهُمَا أَوَّلًا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حُكُومَةٌ، قَالَا لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ دَيْنِهِ فَرُجِعَ فِيهَا إلَى الْحُكُومَةِ كَسَائِرِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى فِي الْجِنَايَاتِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ هُنَاكَ.
(وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ أَذْهَبَ الْعُذْرَةَ بِغَيْرِ وَطْءٍ (الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) مَهْرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَى نِصْفِ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى، وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَضْمَنهُ بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عُذْرَةَ أَمَتِهِ.
(وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا الْحَالَّ كُلَّهُ أَوْ الْحَالَّ مِنْهُ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تُتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمَهْرُ عَلَيْهَا لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ عِوَضِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسَمَّى لَهَا وَالْمُفَوِّضَةِ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (الْمُطَالَبَةَ بِهِ) أَيْ بِحَالِ مَهْرِهَا.
(وَلَوْ لَمْ تَصْلُحْ لِلِاسْتِمْتَاعِ) لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ (فَإِنْ وَطِئَهَا) الزَّوْجُ (مُكْرَهَةً) قَبْلَ دَفْعِ الْحَالِّ مِنْ صَدَاقِهَا (لَمْ يَسْقُطْ بِهِ حَقُّهَا مِنْ الِامْتِنَاعِ) فَلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الْحَالَّ مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّ وَطْأَهَا مُكْرَهَةً كَعَدَمِهِ.
(وَحَيْثُ قُلْنَا لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا فَلَهَا السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ بِحَقٍّ لَمْ يَثْبُتْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا حَقُّ الْحَبْسِ، فَصَارَتْ كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَبَقَاءُ دِرْهَمٍ مِنْهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَلَهَا) زَمَنَ مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ حَالِّ صَدَاقِهَا (النَّفَقَةُ إنْ صَلُحَتْ لِلِاسْتِمْتَاعِ) وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا بِالصَّدَاقِ، لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ عَلَّلَ بِهِ أَحْمَدُ قَالَ الْمُوَفَّقُ وَلَدُ صَاحِبِ الْمُغْنِي: إنَّمَا لَهَا النَّفَقَةُ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَوْ بَذَلَ لَهَا الصَّدَاقَ وَهِيَ غَائِبَةٌ لَمْ يُمْكِنْهُ تَسْلِيمُهَا وَبِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (فَإِنْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (مَحْبُوسَةً، أَوْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَجَبَ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ) كَمَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَلِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا (لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا) حَتَّى تَقْبِضَهُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الطَّلَب بِهِ (وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ الدُّخُولِ) فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا، فَاسْتَقَرَّ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْهُ.
(وَإِنْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ بَانَ) الصَّدَاقُ (مَعِيبًا كَانَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا) حَتَّى تَقْبِضَ بَدَلَهُ أَوْ أَرْشَهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ظَنًّا مِنْهَا أَنَّهَا قَبَضَتْ صَدَاقَهَا فَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ.
(وَلَوْ أَبَى كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ) عَلَيْهِ (أُجْبِرَ زَوْجٌ) عَلَى تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ (ثُمَّ) تُجْبَرُ (زَوْجَةٌ) عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا لِأَنَّ فِي إجْبَارِهَا عَلَى تَسْلِيم نَفْسِهَا أَوَّلًا خَطَرُ إتْلَافِ الْبُضْعِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ بَذْلِ الصَّدَاقِ وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْبُضْعِ (وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (بِهِ) أَيْ بِتَسْلِيمِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ (أُجْبِرَ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حُجَّةٌ فِي التَّأْخِيرِ.
(وَإِنْ بَادَرَ هُوَ فَسَلَّمَ الصَّدَاقَ فَلَهُ طَلَبُ التَّمْكِينِ) مِنْهَا (فَإِنْ أَبَتْ) التَّمْكِينَ (بِلَا عُذْرٍ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ لِعَدَمِ تَسْلِيمِهَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ.
(وَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، ثُمَّ أَرَادَتْ الِامْتِنَاعَ بَعْدَ دُخُولٍ أَوْ خَلْوَةٍ لَمْ تَمْلِكْهُ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ اسْتَقَرَّ بِهِ الْعِوَضُ بِرِضَا الْمُسَلِّمِ (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) بَعْدَ أَنْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا (فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِأَنَّهَا نَاشِزٌ.
(وَإِنْ أُعْسِرَ) زَوْجٌ (بِالْمَهْرِ الْحَالِّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، فَالْحُرَّةُ مُكَلَّفَةُ الْفَسْخِ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْوُصُولُ إلَى الْعِوَضِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي (فَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ مَعَ عُسْرَتِهِ) امْتَنَعَ الْفَسْخُ (أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةٌ بِعُسْرَتِهِ امْتَنَعَ الْفَسْخُ) لِرِضَاهَا بِهِ.
(وَلَهَا) أَيْ لِلَّتِي رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَ الْعُسْرَةِ، أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةٌ بِهَا (مَنْعُ نَفْسِهَا) حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا الْحَالَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهَا حَقُّ الْحَبْسِ (وَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ وَالْخِيرَةِ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ) إذَا أُعْسِرَ زَوْجُهَا، لِأَنَّ الْحَقَّ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّهُ مَالِكُ نَفْعِهَا وَالصَّدَاقُ عِوَضُ مَنْفَعَتِهَا فَهُوَ مِلْكُهُ دُونَهَا وَ(لَا) خِيرَةَ (لِوَلِيِّ) زَوْجَةٍ (صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا فِي الصَّدَاقِ دُونَ وَلِيِّهَا وَقَدْ تَرْضَى بِتَأْخِيرِهِ (وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، كَالْفَسْخِ لِلَّعْنَةِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ زَوْجَانِ كُلٌّ يَعْتَقِد حِلِّهَا لَهُ وَتَحْرِيمَهَا عَلَى الْآخَرِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُعْتَقَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

.بَابُ الْوَلِيمَةِ وَآدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ:

وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (وَهِيَ) أَيْ الْوَلِيمَةُ (اسْمٌ لِطَعَامِ الْعُرْسِ خَاصَّةً) لَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ حَكَاهُ ابْنُ عَبْد الْبَرِّ عَنْ ثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: يَقَعُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي طَعَامِ الْعُرْسِ أَكْثَرُ وَقَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَقْوَى، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ وَهُمْ أَعْرَفُ بِمَوْضُوعَاتِ اللُّغَةِ وَأَعْلَمُ بِلُغَاتِ الْعَرَبِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلِيمَةُ الشَّيْءِ كَمَالُهُ وَجَمْعُهُ وَسُمِّيَتْ دَعْوَةُ الْعُرْسِ وَلِيمَةٌ لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ يُقَالُ: أَوْلَمَ إذَا صَنَعَ وَلِيمَةً (قَالَ الشَّيْخُ: وَتُسْتَحَبُّ بِالدُّخُولِ انْتَهَى).
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: بِالْعَقْدِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَقْتَ الِاسْتِحْبَابِ مُوَسَّعٌ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى انْتِهَاءِ أَيَّامِ الْعُرْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا وَهَذَا، وَكَمَالُ السُّرُورِ بَعْدَ الدُّخُولِ.
(وَجَرَتْ الْعَادَةُ) بِجَعْلِ الْوَلِيمَةِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ (بِيَسِيرٍ وَ) الْأَطْعِمَةُ الَّتِي يُدْعَى النَّاسُ إلَيْهَا إحْدَى عَشْرَةَ: الْوَلِيمَةُ وَتَقَدَّمَتْ وَالثَّانِي (شُنْدَخِيَّةٌ) وَيُقَالُ: شُنْدُخٌ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَة وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (لِطَعَامِ إمْلَاكٍ عَلَى زَوْجَةٍ) مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَسٌ مُشَنْدَخٌ، أَيْ يَتَقَدَّمُ غَيْرَهُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ الدُّخُولَ.
(وَ) الثَّالِثُ (عَذِيرَةٌ وَإِعْذَارُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (لِ) طَعَامِ خِتَانٍ وَيُقَالُ الْعُذْرَةُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ.
(وَ) الرَّابِعُ (خُرْسَةٌ وَخُرْسُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِسِينٍ مُهْمَلَةٍ، وَيُقَالُ بِالصَّادِ (لِطَعَامِ وِلَادَةٍ) أَيْ لِخَلَاصِهَا وَسَلَامَتِهَا مِنْ السَّلَقِ.
(وَ) الْخَامِسُ (عَقِيقَةُ الذَّبْح لِلْمَوْلُودِ) وَتَقَدَّمَتْ فِي الْأُضْحِيَّةِ.
(وَ) السَّادِسُ (وَكِيرَةٌ لِبِنَاءٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ الْمَسْكَنُ الْمُتَجَدِّدُ انْتَهَى مِنْ الْوَكْرِ وَهُوَ الْمَأْوَى وَالْمُسْتَقَرُّ (وَ) السَّابِعُ (نَقِيعَةٌ) مِنْ النَّقْعِ وَهُوَ الْغُبَارُ أَوْ النَّحْرُ أَوْ الْقَتْلُ (تُصْنَعُ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ) ظَاهِرِهِ طَوِيلًا كَانَ أَوْ قَصِيرًا.
(وَ) الثَّامِنُ (التُّحْفَةُ: طَعَامُ الْقَادِمِ يَصْنَعُهُ هُوَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي تُحْفَةِ الْوَدُودِ) فِي أَحْكَامِ الْمَوْلُودِ (هُوَ) أَيْ الْقَادِمُ (الزَّائِرُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سَفَرٍ (وَ) التَّاسِعُ (حِذَاقٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ (لِطَعَامٍ عِنْدَ حِذَاقِ صَبِيٍّ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: يَوْمُ حِذَاقِ الصَّبِيِّ يَوْمُ خَتْمِهِ الْقُرْآنَ.
(وَ) الْعَاشِرُ: (وَضِيمَةٌ وَهِيَ طَعَامُ الْمَأْتَمِ وَ) الْحَادِيَ عَشَرَ (شِنْدَاخٌ الْمَأْكُولُ مِنْ خَتْمَةِ الْقَارِئِ وَالْعَتِيرَةُ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَسْمَاءِ الطَّعَامِ، بَلْ هِيَ الذَّبِيحَةُ (تُذْبَحُ أَوَّلَ يَوْمٍ فِي رَجَبٍ) وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ (وَالْإِخَاءِ وَالتَّسَرِّي ذَكَرَهُمَا بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ).
وَفِي الْمُنْتَهَى: وَلَمْ يَخُصَّهَا، أَيْ الدَّعْوَةَ لِإِخَاءٍ وَلْتُسِرْ بِاسْمٍ.
وَالْفَرَعَةُ وَالْفَرَعُ: ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ (وَالْقِرَى اسْمٌ لِطَعَامِ الضِّيفَانِ) وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الدَّعَوَاتِ (وَالْمَأْدُبَةُ) بِضَمِّ الدَّالِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا (اسْمٌ لِكُلِّ دَعْوَةٍ بِسَبَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْآدِبُ) بِوَزْنِ فَاعِلٍ صَاحِبُ الْمَأْدُبَةِ فَإِنْ عَمَّمَ الدَّاعِي فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إلَى الطَّعَامِ، أَوْ يَقُولُ الرَّسُولُ أَيْ رَسُولُ الْآدِبِ (قَدْ أُذِنَ لِي أَنْ أَدْعُوَ مَنْ لَقِيتُ أَوْ مَنْ شِئْتُ، وَقَدْ شِئْتُ أَنْ تَحْضُرُوا فَهِيَ الْجَفَلَى) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْفَاءِ وَاللَّامِ.
(وَإِنْ خَصَّ قَوْمًا لِلدَّعْوَةِ دُون قَوْمٍ فَهِيَ النَّقَرَى) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْقَافِ وَالرَّاءِ قَالَ الشَّاعِرُ: نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى لَا تَرَى الْآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرُ أَيْ لَا نَدْعُو قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ (وَجَمِيعُهَا) أَيْ الدَّعَوَاتِ (جَائِزَةٌ) أَيْ مُبَاحَةٌ، لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مَأْتَمٍ فَيُكْرَهُ.
وَرَوَى الْحَسَنُ قَالَ «دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ إلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ وَقَالَ كُنَّا لَا نَأْتِي الْخِتَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَدْعُو إلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الدَّعَوَاتِ (شَيْءٌ وَاجِبٌ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (وَوَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهَا وَفَعَلَهَا.
(وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ كَمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ) لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ) الْوَلِيمَةُ عَنْ (شَاةٍ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَتَقَدَّمَ.
(وَالْأَوْلَى الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الشَّاةِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَلَوْ بِشَاةٍ» (وَإِنْ نَكَحَ) رَجُلٌ (أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ أَجْزَأَتْهُ وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا نَوَاهَا عَنْ الْكُلِّ) لِتَدَاخُلِ أَسْبَابِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَقِيقَةِ وَكَمَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةِ وَالسُّنَّةِ.
(الْإِجَابَةُ إلَيْهَا) أَيْ الْوَلِيمَةِ (وَاجِبَةٌ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ» أَيْ الَّذِي يُدْعَى لَهُ الْأَغْنِيَاءُ وَتُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ «يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ إلَيْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (إذَا عَيَّنَهُ دَاعٍ مُسْلِمٍ يَحْرُمُ هَجْرُهُ وَمَكْسَبُهُ طَيِّبٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) وَيَأْتِي مُحْتَرَزُ هَذِهِ الْقُيُودِ (وَهِيَ) أَيْ الْإِجَابَةُ (حَقُّ الدَّاعِي تَسْقُطُ بِعَفْوِهِ) عَنْ الدَّعْوَةِ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ (وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي حُضُورَ وَلِيمَةِ عُرْسٍ) لَعَلَّهُ فِي مَظِنَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِدَفْعِ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ.
(وَمَنَعَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ إجَابَةِ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُتَفَاخِرٍ بِهَا أَوْ فِيهَا مُبْتَدِعٌ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَتِهِ إلَّا لِرَادٍّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهَا مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُضْحِكًا بِفُحْشٍ وَلَا كَذِبٍ (أُبِيحَ) أَنْ يُجِيبَ (إذَا كَانَ) يُضْحِكُ (قَلِيلًا، وَإِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ مَرِيضًا أَوْ مُمَرِّضًا) لِغَيْرِهِ (أَوْ مَشْغُولًا بِحِفْظِ مَالٍ) لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ كَانَ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ) فِي (مَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ أَوْ وَحْلٍ) لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ يُبِيح تَرْكَ الْجَمَاعَةِ فَأَبَاحَ تَرْكَ الْإِجَابَةِ (أَوْ كَانَ أَجِيرًا) خَاصًّا (وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ تَجِبْ) عَلَيْهِ (الْإِجَابَةُ) لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ.
أَشْبَهَ الْعَبْدَ غَيْرَ الْمَأْذُونِ (وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ) فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ) وَإِلَّا لَمْ يُجِبْ لِأَنَّ حَقَّ سَيِّدِهِ آكَدُ (وَالْمُكَاتَبُ إنْ أَضَرَّ) حُضُورُهُ (بِكَسْبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ إلَّا أَنْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ.
وَفِي التَّرْغِيبِ) وَالْبُلْغَةِ (إنْ عَلِمَ حُضُورُ الْأَرْذَالِ وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تَزِرِي بِمِثْلِهِ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: وَقَدْ أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْوُجُوبَ وَاشْتِرَاطَ الْحَدِّ قَالَ: وَعَدَمُ الْمُنْكَرِ فَأَمَّا هَذَا الشَّرْطُ فَلَا أَصْلَ لَهُ، كَمَا أَنَّ مُخَالَطَةَ هَؤُلَاءِ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ لَا تُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ وَفِي الْجِنَازَةِ لَا تُسْقِطُ الْحُضُورَ فَكَذَلِكَ هُنَا وَهَذِهِ شُبْهَةُ الْحَجَّاجِ ابْنِ أَرْطَاةَ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّكَبُّرِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.
نَعَمْ إنْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَقَدْ اشْتَمَلَتْ الدَّعْوَةُ عَلَى مُحَرَّمٍ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَكْرُوهٍ (وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ فِي مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ كَأَكْلِهِ مِنْهُ وَمُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَهِبَتِهِ وَنَحْوِهِ) كَصَدَقَتِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخِطْبَةِ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ».
(وَقِيلَ يَحْرُمُ) مُطْلَقًا (كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ حَرَامًا) قَطَعَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُنْتَخَبِ.
(وَقَالَ الْأَزَجِيُّ) فِي نِهَايَتِهِ (وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبُ) وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ.
(وَسُئِلَ) أَيْ سَأَلَ الْمَرُّوذِيُّ (أَحْمَدَ عَنْ الَّذِي يُعَامِلُ بِالرِّبَا أَيُؤْكَلُ عِنْدَهُ أَمْ لَا؟ قَالَ لَا وَفِي) آدَابِ (الرِّعَايَةِ) الْكُبْرَى (وَلَا يَأْكُلُ مُخْتَلِطًا بِحَرَامٍ بِلَا ضَرُورَةٍ) وَقِيلَ إنْ زَادَ الْحَرَامُ عَلَى الثُّلُثِ حَرُمَ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَلَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْحَرَامُ أَكْثَرَ حَرُمَ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَلَا إقَامَةَ لِلْأَكْثَرِ مُقَامِ الْكُلِّقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ.
(وَ) عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (تَقْوَى الْكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَالِ حَرَامًا فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ) فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ وَلَا تَحْرِيمَ بِالِاحْتِمَالِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ (وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ) أَيْ الْأَكْلِ (أَوْلَى) حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ الْحِلُّ (لِلشَّكِّ وَيَنْبَغِي صَرْفُ الشُّبُهَاتِ فِي الْأَبْعَدِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَقْرَبُ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِنِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَنَحْوِهِ).
فَيُجْرَى فِيهِ الْحَلَالُ (ثُمَّ مَا وَلِيَ الظَّاهِرُ مِنْ اللِّبَاسِ فَإِنْ دَعَاهُ الْجَفَلَى) كُرِهَتْ الْإِجَابَةُ (أَوْ) دَعَاهُ (فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ) كُرِهَتْ الْإِجَابَةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا (أَوْ) دَعَاهُ (ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ الْإِجَابَةُ) لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إذْلَالُهُ وَذَلِكَ يُنَافِي إجَابَتَهُ (وَتُسْتَحَبُّ) الْإِجَابَةُ (فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَإِنْ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ فَكَرَجُلٍ) فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (إلَّا مَعَ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ) فَتَحْرُمُ الْإِجَابَةُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مُحَرَّمٍ.
(وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ مُبَاحَةٌ نَصًّا) وَتَقَدَّمَ (غَيْرُ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ) وَتَقَدَّمَتْ فِي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ (وَ) غَيْرُ (مَأْتَمٍ فَتُكْرَه) وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ، وَالْمَأْتَمِ بِالْمُثَنَّاةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْمَأْتَمُ فِي الْأَصْلِ مُجْتَمَعُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْغَمِّ وَالْفَرَحِ، ثُمَّ خُصَّ بِهِ اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ فِي الْمَوْتِ وَقِيلَ هُوَ لِلشَّوَابِّ مِنْهُنَّ لَا غَيْرُ (وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ الْإِسْرَاعُ إلَى الْإِجَابَةِ) إلَى الْوَلَائِمِ غَيْرُ الشَّرْعِيَّةِ (وَالتَّسَامُحِ) أَيْ التَّسَاهُلِ (فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ بِذْلَةً وَدَنَاءَةً وَشَرّ هًا لَا سِيَّمَا الْحَاكِمَ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ ذَرِيعَةً لِلتَّهَاوُنِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ.
(وَإِنْ حَضَرَ) الْمَدْعُوُّ إلَى وَلِيمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَهُوَ صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا لَمْ يُفْطِرْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} وَلِأَنَّ الْفِطْرَ مُحَرَّمٌ وَالْأَكْلُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَصِلْ» أَيْ يَدَعُ (وَدَعَا) لِلْخَبَرِ (وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ صَائِمٌ) كَمَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ لِتَزُولَ عَنْهُ التُّهْمَةُ تَرْكِ فِي الْأَكْلِ (ثُمَّ انْصَرَفَ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا اُسْتُحِبَّ الْأَكْلُ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إكْرَامِ الدَّاعِي وَجَبْرُ قَلْبِهِ، وَإِنْ أَحَبَّ دَعَا وَانْصَرَفَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» قَالَ فِي الشَّرْحِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَدْعُوُّ (صَائِمًا تَطَوُّعًا وَفِي تَرْكِهِ الْأَكْلَ كَسْرُ قَلْبِ الدَّاعِي اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ) لِأَنَّ فِي أَكْلِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي دَعْوَةٍ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ نَاحِيَةً فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ كُلْ يَوْمًا ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْتَ» (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ الْأَكْلَ كَسْرُ قَلْبِ الدَّاعِي (كَانَ تَمَامُ الصَّوْمِ أَوْلَى مِنْ الْفِطْرِ) هَذَا مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ.
(قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ.
وَقَالَ: وَلَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الدَّعْوَةِ الْإِلْحَاحُ فِي الطَّعَامِ) أَيْ الْأَكْلِ (لِلْمَدْعُوِّ إذَا امْتَنَعَ) مِنْ الْفِطْرِ فِي التَّطَوُّعِ أَوْ الْأَكْلِ إنْ كَانَ مُفْطِرًا (فَإِنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ وَإِذَا أَلْزَمَهُ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ كَانَ مِنْ نَوْعِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ صَائِمًا لِيُفْطِرَ (وَلَا) يَحْلِفُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا (لِيَأْكُلَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمَدْعُوِّ إذَا رَأَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى امْتِنَاعِهِ) مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الْفِطْرِ فِي النَّفْلِ (مَفَاسِدُ أَنْ يَمْتَنِعَ فَإِنَّ فِطْرَهُ جَائِزٌ انْتَهَى).
(وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامٍ) مِنْ الْوَلِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا (بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ (فَإِنْ عَلِمَ) الْآخِذُ (بِقَرِينَةِ رِضَاهُ) أَيْ رَبُّ الطَّعَامِ (فَفِي التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّه يُبَاحُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ ظَنِّهِ رِضَاهُ (فَمَعَ الظَّنِّ) رِضَاهُ (أَوْلَى) لِأَنَّ الظَّنَّ دُونَ الْعِلْمِ وَيَأْتِي حُكْمُ الْآكِلِ بِلَا إذْنٍ.
(وَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ إلَى وَلِيمَتَيْنِ أَجَابَ أَسْبَقَهُمَا بِالْقَوْلِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبْ الَّذِي سَبَقَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا) لِأَنَّ كَثْرَةَ الدِّينِ لَهَا أَثَرٌ فِي التَّقْدِيمِ كَالْإِمَامَةِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ (أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا) لِمَا فِي تَقْدِيمِهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا (جِوَارًا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا فَإِنَّ أَقَرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا» (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا (يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا (وَلَا يُجِيبُ الثَّانِي حَيْثُ) سَبَقَ الْأَوَّلُ (إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِإِجَابَتِهِمَا فَإِنْ اتَّسَعَ) الْوَقْتُ (لَهُمَا وَجَبَا) أَيْ وَجَبَتْ إجَابَتُهُمَا لِلْأَخْبَارِ.