فصل: بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ:

(يُرْجَعُ فِيهَا) أَيْ الْأَيْمَانِ (إلَى نِيَّةِ حَالِفٍ إنْ كَانَ) الْحَالِفُ (غَيْرَ ظَالِمٍ) لَهَا كَانَ (وَلَفْظُهُ يَحْتَمِلُهَا) أَيْ يَحْتَمِلُ النِّيَّةَ فَتَعَلَّقَ يَمِينُهُ بِمَا نَوَاهُ دُونَ مَا لَفِظَ بِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَلِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ يُصْرَفُ إلَى مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ دُونَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَكَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى إرَادَتِهِ أَوْلَى (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ (مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ مِنْ الظَّاهِرِ وَتَوَسُّطِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ.
وَ(لَا) يُقْبَلُ مِنْهُ (مَعَ بُعْدِهِ) أَيْ الِاحْتِمَالِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ (فَتُقَدَّمُ نِيَّتُهُ) أَيْ الْحَالِفِ (فِي عُمُومِ لَفْظِهِ وَعَلَى السَّبَبِ) الَّذِي صَحَّحَ الْيَمِينَ لِمَا تَقَدَّمَ (سَوَاءٌ كَانَ مَا نَوَاهُ) الْحَالِفُ (مُوَافِقًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ فَالْمُوَافِقُ) مِنْ نِيَّتِهِ (لِلظَّاهِرِ) مِنْ لَفْظِهِ (أَنْ يَنْوِيَ بِاللَّفْظِ مَوْضُوعَهُ الْأَصْلِيَّ مِثْلَ أَنْ يَنْوِيَ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ الْعُمُومَ وَ) يَنْوِيَ (بِالْمُطْلَقِ الْإِطْلَاقَ وَ) يَنْوِيَ (بِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ مَا يَتَبَادَرُ إلَى الْأَفْهَامِ مِنْهَا وَالْمُخَالِفُ) مِنْ النِّيَّةِ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ (يَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا مِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ بِالْعَامِّ الْخَاصَّ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَلَا فَاكِهَةً وَيُرِيدُ) بِاللَّحْمِ (لَحْمًا بِعَيْنِهِ وَ) بِالْفَاكِهَةِ (فَاكِهَةً بِعَيْنِهَا) وَنَظِيرُهُ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} (وَمِنْهَا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِهِ وَيَنْوِيَ فِي وَقْتٍ) مُعَيَّنٍ (مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَتَغَذَّى وَيُرِيدُ الْيَوْمَ أَوْ لَا أَكَلْتُ وَيُرِيدُ السَّاعَةَ أَوْ دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى سِوَى ذَلِكَ الْغِذَاءِ) لَكِنَّ هَذَا الْمِثَالَ مِنْ النَّوْعِ قَبْلَهُ (اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِمَا نَوَاهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَمِنْهَا أَنْ يَنْوِيَ بِيَمِينِهِ غَيْرَ مَا يَفْهَمُهُ السَّامِعُ مِنْهُ) لِنَحْوِ تَوْرِيَةٍ.
(كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْوِيلِ فِي الْحَلِفِ وَمِنْهَا أَنْ يُرِيدَ بِالْخَاصِّ الْعَامَّ) عَكْسَ الْأَوَّلِ (كَقَوْلِهِ: لَا شَرِبْتُ لِفُلَانٍ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ يَنْوِي قَطْعَ كُلِّ مَالَهُ فِيهِ مِنَّةٌ) لِأَنَّهُ نَوَى بِيَمِينِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ وَيَسُوغُ فِي اللُّغَةِ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ فَتَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَيْهِ كَالْمَعَارِيضِ.
قَالَ تَعَالَى {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} {وَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} وَالْقِطْمِيرُ لُفَافَةُ النَّوَاةِ، وَالْفَتِيلُ مَا فِي شِقِّهَا، وَالنَّقِيرُ: النَّقْرَةُ الَّتِي فِي ظَهْرِهَا وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ بَلْ نَفَى كُلَّ شَيْءٍ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَيْ لَا يَظْلِمُونَهُمْ شَيْئًا وَ(لَا) يَحْنَثُ (بِأَقَلَّ) مِنْ ذَلِكَ (كَقُعُودٍ فِي ضَوْءِ نَارِهِ وَظِلِّ حَائِطِهِ) لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ.
وَكَذَلِكَ النِّيَّةُ وَالسَّبَبُ (أَوْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارٍ سَمَّاهَا يُرِيدُ جَفَاءَهَا فَيَعُمُّ جَمِيعَ الدُّورِ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا يُرِيدُ قَطْع مِنَّتِهَا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا) وَكَذَا لَوْ دَلَّ عَلَيْهِ السَّبَبُ كَمَا يَأْتِي.
(وَمِنْ شَرْطِ انْصِرَافِ اللَّفْظِ إلَى مَا نَوَاهُ احْتِمَالُ اللَّفْظِ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ) لَفْظُهُ (مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا يَعْنِي بِهِ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا لَمْ تَنْصَرِفْ الْيَمِينُ إلَى الْمَنْوِيِّ) لِأَنَّهَا نِيَّةٌ مُجَرَّدَةٌ لَا يَحْتَمِلُهَا لَفْظُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا ظَاهَرَ اللَّفْظِ وَلَا غَيْرَهُ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَاهِيَّتِهَا) أَيْ آثَارِهَا لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى النِّيَّةِ فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ (فَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ) حَقَّهُ.
(قَبْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ إذَا قَصَدَ أَنْ لَا يُجَاوِزَهُ) أَيْ الْغَد (أَوْ كَانَ السَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْجِيلَ قَبْلَ خُرُوجِ الْغَدِ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الْيَمِينِ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ وَلِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ (فَإِنْ عُدِمَا) أَيْ النِّيَّةُ وَسَبَبُ الْيَمِينِ (لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِقَضَائِهِ) حَقَّهُ (فِي الْغَدِ) فَإِنْ عَجَّلَهُ قَبْلَهُ حَنِثَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ فِعْلَ مَا تَنَاوَلَهُ يَمِينُهُ لَفْظًا وَلَمْ يَصْرِفْهَا عَنْهُ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ شَعْبَانَ فَصَامَ رَجَبٍ (وَكَذَا) لَوْ حَلَفَ (لَآكُلَنَّ شَيْئًا غَدًا أَوْ لَأَبِيعَنَّهُ غَدًا أَوْ لَأَشْتَرِيَنَّهُ) غَدًا (أَوْ لَأَضْرِبَنَّهُ) غَدًا (وَنَحْوَهُ) كَلَا كَلَّمْتُهُ غَدًا.
(وَإِنْ قَصَدَ) بِحَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا (مَطَلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ عَلَى مَا نَوَاهُ وَقَدْ خَالَفَهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَهُ إلَّا بِمِائَةٍ فَبَاعَةُ بِهَا) أَيْ الْمِائَةِ (أَوْ) بَاعَهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ الْمِائَةِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ بَاعَهُ (بِأَقَلَّ) مِنْ مِائَةٍ (يَحْنَثُ) لِمُخَالَفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَبِيعُهُ بِمِائَةٍ حَنِثَ) إنْ بَاعَهُ (بِهَا وَبِأَقَلَّ) مِنْهَا لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَقْتَضِي ذَلِكَ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا أَشْتَرِيَنَّهُ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ حَنِثَ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى ذَلِكَ وَ(لَا) يَحْنَثُ إنْ اشْتَرَاهُ (بِأَقَلَّ) مِنْ مِائَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (وَإِنْ حَلَفَ) بَائِعٌ (لَا يَنْقُصُ هَذَا الثَّوْبُ عَنْ كَذَا فَقَالَ) مُشْتَرِيهِ (قَدْ أَخَذْته وَلَكِنْ هَبْ لِي كَذَا فَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: هَذَا حِيلَةٌ قِيلَ لَهُ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُكَ بِكَذَا وَأَهَبُ لِفُلَانٍ شَيْئًا آخَرَ قَالَ) أَحْمَدُ (هَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَكَرِهَهُ وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارًا وَنَوَى الْيَوْمَ لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ فِي غَيْرِهِ) لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّ مَا نَوَاهُ مُحْتَمَلٌ (وَإِنْ كَانَتْ) الْيَمِينُ (بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ (لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْإِنْصَافِ وَلَا الْفُرُوعِ وَلَا الْمُبْدِعِ وَلَا الْمُنْتَهَى بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ وَتَقَدَّمَ وَنَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ (وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا يَقْصِدُ قَطْعَ مِنَّتِهَا فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا) وَلَبِسَهُ (حَنِثَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا ثَمَنَهَا» (وَكَذَا) يَحْنَثُ (إنْ انْتَفَعَ بِثَمَنِهِ) فِي غَيْرِ اللُّبْسِ لِأَنَّهُ نَوْعُ انْتِفَاعٍ بِهِ تَلْحَقُ الْمِنَّةُ بِهِ (وَإِنْ انْتَفَعَ) الْحَالِفُ (بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا سِوَى الْغَزْلِ وَثَمَنِهِ) مِثْلَ أَنْ يَسْكُنَ دَارَهَا أَوْ أَكَلَ طَعَامَهَا أَوْ لَبِسَ ثَوْبًا لَهَا مِنْ غَيْرِ غَزْلِهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ لِكَوْنِهِ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا أَثَرًا فِيهِ دَاعِيَةُ الْيَمِينِ فَلَمْ يَجُزْ حَذْفُهُ.
(وَإِنْ امْتَنَّتْ) امْرَأَةٌ (عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَحَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ قَطْعًا لِمِنَّتِهَا فَاشْتَرَاهُ غَيْرُهَا ثُمَّ كَسَاهُ إيَّاهُ أَوْ اشْتَرَاهُ الْحَالِفُ وَلَبِسَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا مِنَّةَ لَهَا فِيهِ) عَلَيْهِ (فَوَجْهَانِ) قُلْت مُقْتَضَى الْعَمَلِ بِالنِّيَّةِ أَوْ السَّبَبِ: لَا حِنْثَ إذَنْ لِعَدَمِ الْمِنَّة حَيْثُ لَا حِيلَةَ.
(وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي دَارٍ سَمَّاهَا يُرِيدُهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ يُهَيِّجُ يَمِينَهُ فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا حَنِثَ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ أَثَرٌ فِي يَمِينِهِ كَانَ ذِكْرُهَا كَعَدَمِهِ فَكَأَنَّهُ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فَإِذَا أَوَى مَعَهَا حَنِثَ لِمُخَالَفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ (فَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ أَثَرٌ فِي يَمِينِهِ لِكَرَاهَتِهِ سُكْنَاهَا أَوْ) لِكَوْنِهِ (خُوصِمَ مِنْ أَجْلِهَا) أَيْ الدَّارِ أَوْ لِكَوْنِهِ (اُمْتُنَّ عَلَيْهِ بِهَا لَمْ يَحْنَثْ إذَا أَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (وَإِنْ عُدِمَ السَّبَبُ وَالنِّيَّةُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِفِعْلِ مَا يَتَنَاوَلُهُ لَفْظُهُ وَهُوَ الْإِيوَاءُ مَعَهَا فِي تِلْكَ الدَّارِ بِعَيْنِهَا) دُونَ الْإِيوَاءِ مَعَهَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَلَا صَارِفَ إلَيْهِ.
(وَالْإِيوَاءُ الدُّخُولُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) يُقَالُ: آوَيْتُ أَنَا وَآوَيْت فُلَانًا قَالَ تَعَالَى {إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إلَى الْكَهْفِ} وَقَالَ {وَآوَيْنَاهُمَا إلَى رَبْوَةٍ} وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: أَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ (وَإِنْ بَرَّهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي دَارِ سَمَّاهَا (بِصَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ اجْتَمَعَ مَعَهَا فِيمَا لَيْسَ بِدَارٍ وَلَا بَيْتٍ لَمْ يَحْنَثْ سَوَاءٌ كَانَ لِلدَّارِ سَبَبٌ فِي يَمِينِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ) لِأَنَّهُ قَصَدَ جَفَاءَهَا بِهَذَا النَّوْعِ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا عُدْتُ رَأَيْتُكِ تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعهَا) مِنْ الدُّخُولِ (حَنِثَ بِدُخُولِهَا وَلَوْ لَمْ يَرَهَا) تَدْخُلُهَا تَقْدِيمًا لِلنِّيَّةِ.
وَكَذَا لَوْ اقْتَضَاهُ السَّبَبُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فِيمَا لَيْسَ بِبَيْتٍ فَكَالَّتِي قَبْلَهَا) فَإِنْ قَصَدَ جَفَاءَهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ (وَإِنْ دَخَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ هِيَ فِيهِمْ يَقْصِدُ الدُّخُولَ عَلَيْهَا مَعَهُمْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا حَنِثَ) لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ (وَإِنْ كَانَ) دَخَلَهُ وَهُوَ (لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا فِيهِ) أَيْ الْبَيْتَ (فَدَخَلَ فَوَجَدَهَا فِيهِ فَكَمَا لَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا نَاسِيًا) يَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ، لَا فِي يَمِينٍ مُكَفِّرَةٍ (وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَخَرَجَ فِي الْحَالِ) لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ تَارِكٌ (فَإِنْ أَقَامَ) مَعَهَا (حَنِثَ) لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ دُخُولٌ.

.فَصْلٌ: الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ:

وَالْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ لِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ فَصَارَ كَالْمَنْوِيِّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَقَصْرَهُ الْخَاصَّ، وَإِذَا اخْتَلَفَ السَّبَبُ وَالنِّيَّةُ مِثْلَ: إنْ امْتَنَّتْ امْرَأَةٌ عَلَيْهِ بِغَزْلِهَا فَحَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا يَنْوِي اجْتِنَابَ اللُّبْسِ خَاصَّةً دُونَ الِانْتِفَاعِ بِثَمَنٍ وَغَيْرِهِ، قُدِّمَتْ النِّيَّةُ عَلَى السَّبَبِ وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّ النِّيَّةَ وَافَقَتْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَإِنْ نَوَى بِيَمِينِهِ ثَوْبًا وَاحِدًا.
فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْقَاضِي، لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْقَصْدِ فَإِذَا خَالَفَ حَقِيقَةَ الْقَصْدِ لَمْ يُعْتَبَرْ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اللَّفْظُ بِعُمُومِهِ وَالنِّيَّةُ تَخُصُّهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (فَلَوْ حَلَفَ لِعَامِلٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَنَحْوِهِ) كَأَمْرِهِ وَرِضَاهُ (فَعَزَلَ) الْعَامِلَ (أَوْ) حَلَفَ (عَلَى زَوْجَتِهِ) لَا تَفْعَلُ كَذَا (فَطَلَّقَهَا) انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (أَوْ) حَلَفَ (عَلَى عَبْدِهِ) لَا يَفْعَلُ كَذَا (فَأَعْتَقَهُ) انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ عَلَى أَجِيرِهِ وَانْقَضَتْ مُدَّتُهَا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ بَلَدَ الظُّلْمِ فَرَآهُ فِيهِ) أَيْ الْبَلَدِ (فَزَالَ) الظُّلْمُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْتُهُ إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي أَوْ الْوَالِي فَعُزِلَ وَنَحْوَهُ) كَمَا لَوْ مَاتَ (يُرِيدُ) الْحَالِفَ (مَا دَامَ) الْعَامِلُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْعَبْدُ أَوْ الظُّلْمُ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْوَالِي (كَذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ) الْحَالِفُ (انْحَلَّتْ يَمِينُهُ) تَقْدِيمًا لِلنِّيَّةِ أَوْ السَّبَب عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَالْمَذْهَبُ عَوْدُ الصِّفَةِ فَيُحْمَلُ يَعْنِي انْحِلَالُ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْحَالِفَ (نَوَى تِلْكَ الْوِلَايَةَ) أَيْ فِيمَا إذَا حَلَفَ لِعَامِلٍ أَوْ وَالٍ أَوْ قَاضٍ (وَذَلِكَ النِّكَاحُ) أَيْ فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ (أَوْ) ذَلِكَ (الْمِلْكُ انْتَهَى) أَيْ فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى عَبْدِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِانْحَلَّتْ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ بَعْدُ إلَّا حَالَ وُجُودِ صِفَةٍ عَادَتْ كَمَا قَالَ فِي الْمُنْتَهَى إحَالَةً عَلَى مَا سَبَقَ فِي كَلَامِهِمْ.
(فَلَوْ رَأَى الْمُنْكَرَ فِي وِلَايَتِهِ وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهُ) إلَيْهِ (فَلَمْ يَرْفَعْهُ) إلَيْهِ (حَتَّى عُزِلَ حَنِثَ بِعَزْلِهِ وَلَوْ رَفَعَهُ) إلَيْهِ (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْعَزْلِ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ رَفْعُهُ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ وَمَفْهُومُهُ كَالْمُنْتَهَى وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا إنْ عُزِلَ قَبْلَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ مَاتَ) الْعَامِلُ أَوْ الْوَالِي أَوْ الْقَاضِي (قَبْلَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ حَنِثَ) الْحَالِفُ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ رَفْعُهُ إلَيْهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ فِي غَدٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ الْيَوْمَ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) الْحَالِفُ (الْوَالِي إذَنْ) بِأَنْ حَلَفَ لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا أَرْفَعُهُ لِذِي الْوِلَايَةِ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) ذُو الْوِلَايَةِ خَالَفَ الْحَلِفَ لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) أَيْ الْمُنْكَرِ (الْحَالِفُ إلَّا بَعْدَ عِلْمِ الْوَالِي فَمَاتَ لَبَرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْوَلِيِّ وَلَمْ يَحْنَثْ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ.
(وَإِنْ حَلَفَ اللِّصُّ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِهِ وَلَا يَغْمِزَ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ الْوَالِي عَنْ قَوْمٍ هُوَ مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ) الْحَالِفُ (وَسَكَتَ عَنْهُ) أَيْ الْمَحْلُوفِ لَهُ (يَقْصِدُ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ حَنِثَ) الْحَالِفُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ بِقَصْدِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي مَعْنَى الْإِخْبَارِ بِهِ وَالْغَمْزِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الْحَالِفُ (حَقِيقَةَ النُّطْقِ وَالْغَمْزِ) فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا وَجَدَ لِمُوَافَقَةِ النِّيَّةِ اللَّفْظَ (وَالْغَمْزُ أَنْ يَفْعَلَ) الْحَالِفُ (فِعْلًا تَعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ هُوَ اللِّصُّ)،.
(وَلَوْ) حَلَفَ (لِيَتَزَوَّجَنَّ يَبَرُّ بِعَقْدِ) نِكَاحٍ (صَحِيحٍ) لَا فَاسِدٍ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْعَقْدِ الْحِلُّ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا تَحِلُّ بِهِ الزَّوْجَةُ فَيَكُونُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (و) لَوْ حَلَفَ (لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ لَا يَبَرُّ إلَّا بِدُخُولِهِ بِنَظِيرَتِهَا أَوْ بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى بِهَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ يَمِينِهِ قَصْدُ إغَاظَتِهَا بِذَلِكَ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا فِي حُقُوقِهَا مِنْ الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ مَنْ يُسَاوِيهَا فِي الْحَقِّ وَالْقَسْمِ وَالنَّفَقَةُ لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ بِدُونِ ذَلِكَ (فَإِنْ تَزَوَّجَ عَجُوزًا زِنْجِيَّةً لَمْ يَبْرَأْ نَصًّا) لِأَنَّهَا لَا تَغُمُّهَا، وَلَا تَتَأَذَّى بِهَا قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَوْ قَالَ إنَّ تَزْوِيجَ الْعَجُوزِ يَغِيظُهَا وَالزِّنْجِيَّةِ لَبَرَّ بِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ لِأَنَّ الْغَالِبَ لَا يَغِيظُهَا لِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً لِئَلَّا يَغِيظَهَا.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا حَنِثَ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَلَوْ) كَانَ الْعَقْدُ (عَلَى نَظِيرَتِهَا) لِأَنَّهُ صَدَقَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهَا هَجْرًا حَنِثَ) الْحَالِفُ (بِوَطْئِهَا) لِزَوَالِ الْهَجْرِ بِالْوَطْءِ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَيُطَلِّقَنَّ ضَرَّتَهَا بَرَّ بِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيِّ) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ (إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ أَوْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي الْإِبَانَةَ) فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِهَا.

.فَصْلٌ: في عَدَمِ النِّيَّةِ:

(فَإِنْ عَدَمَ النِّيَّةَ وَسَبَبَ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا رَجَعَ إلَى التَّعْيِينِ وَهُوَ الْإِشَارَةُ) لِأَنَّ التَّعْيِينَ أَبْلَغُ مِنْ دَلَالَةِ الِاسْمِ عَلَى الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ يَنْفِي الْإِبْهَامَ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الِاسْمِ وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ عَبْدَانِ عَلَى عَيْنِ شَخْصٍ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُسَمَّى بِاسْمٍ لَمْ يُحْكَمْ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ فَيُقَدَّمُ التَّعْيِينُ عَلَى الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَالْإِضَافَةِ (فَإِنْ تَغَيَّرَتْ صِفَةُ التَّعْيِينِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ (فَذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ تَسْتَحِيلَ أَجْزَاؤُهُ بِتَغْيِيرِ اسْمه ك).
مَا لَوْ حَلَفَ (لَا أَكَلْتُ هَذِهِ الْبَيْضَةَ فَصَارَتْ فَرْخًا أَوْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَصَارَتْ زَرْعًا فَأَكَلَهُ) حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا شَرِبْتُ هَذَا الْخَمْرَ فَصَارَ خَلًّا فَشَرِبَهُ حَنِثَ الثَّانِي: تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ وَزَالَ اسْمُهُ مَعَ بَقَاءِ أَجْزَائِهِ كَلَا أَكَلْتُ هَذَا الرُّطَبَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ دِبْسًا أَوْ خَلًّا أَوْ نَاطِفًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْحَلْوَى).
وَأَكَلَهُ حَنِثَ (أَوْ حَلَفَ) لَا كَلَّمْتُ هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَوْ لَا أَكَلْتُ هَذَا الْحَمَلَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (فَصَارَ كَبْشًا أَوْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَصَارَتْ دَقِيقًا أَوْ سَوِيقًا أَوْ هَرِيسَةً) أَوْ كَشْكًا وَنَحْوَهُ، وَأَكَلَهَا حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ لَا أَكَلْتُ (هَذَا الْعَجِينَ فَصَارَ خُبْزًا) وَأَكَلَهُ حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ لَا أَكَلْتُ (هَذَا اللَّبَنَ فَصَارَ مَصْلًا أَوْ جُبْنًا أَوْ كَشْكًا أَوْ) حَلَفَ (لَا دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ فَضَاءً ثُمَّ دَخَلَهَا أَوْ أَكْلَهُ حَنِثَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) عَمَلًا بِالتَّعْيِينِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(الثَّالِثُ: تَبَدَّلَتْ الْإِضَافَةُ كَ) مَا لَوْ حَلَفَ (لَا كَلَّمْتُ زَوْجَةَ زَيْدٍ هَذِهِ وَلَا عَبْدَهُ هَذَا وَلَا دَخَلْتُ دَارِهِ هَذِهِ فَطَلَّقَ) زَيْدٌ (الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْعَبْدَ، وَ) بَاعَ الدَّارَ (فَكَلَّمَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَةَ وَالْعَبْدَ (وَدَخَلَ الدَّارَ حَنِثَ) الْحَالِفُ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّمَ تَعْيِينٌ عَلَى الِاسْمِ فَلَأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْإِضَافَةِ أَوْلَى.
(الرَّابِعُ: تَغَيُّرُ صِفَتِهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (بِمَا يُزِيلُ اسْمَهُ ثُمَّ عَادَتْ) الصِّفَةُ (كَغُصْنٍ انْكَسَرَ ثُمَّ أُعِيدَ وَقَلَمٌ كُسِرَ ثُمَّ بُرِيَ وَسَفِينَةٌ نُقِضَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ وَدَارٌ هُدِمَتْ ثُمَّ بُنِيَتْ وَنَحْوه فَإِنَّهُ) أَيْ الْحَالِفَ (يَحْنَثُ) بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِتَقْدِيمِ التَّعْيِينِ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ عَلَى الِاسْم فَالصِّفَةُ أَوْلَى.
(الْخَامِسُ: تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ بِمَا لَمْ يَزُلْ اسْمُهُ كَلَحْمٍ) حَلَفَ لَا يَأْكُلهُ (شُوِيَ أَوْ طُبِخَ) ثُمَّ أَكَلَهُ حَنِثَ (وَ) ك (تَمْرٌ حَدِيثٌ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (فَعُتِّقَ) ثُمَّ أَكَلَهُ حَنِثَ (وَعَبْدٌ بِيعَ وَرَجُلٌ صَحِيحٌ) حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ مَثَلًا (فَمَرِضَ وَنَحْوه) ثُمَّ كَلَّمَهُ (فَإِنَّهُ يَحْنَثُ) تَقْدِيمًا لِلتَّعْيِينِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ) الْحَالِفُ فِي حَلِفِهِ (لَا كَلَّمَتْ سَعْدًا زَوْجَ هِنْدٍ أَوْ سَيِّدَ صُبَيْحٍ أَوْ صَدِيقَ عَمْرٍو أَوْ مَالِكَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ صَاحِبَ الطَّيْلَسَانِ أَوْ) قَالَ (لَا كَلَّمْتُ هِنْدَ امْرَأَةَ سَعْدٍ أَوْ صُبَيْحًا عَبْدًا أَوْ عَمْرًا صَدِيقَهُ فَطَلَّقَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْعَبْدَ وَالدَّارَ وَالطَّيْلَسَانَ وَعَادَى عَمْرًا ثُمَّ كَلَّمَهُمْ حَنِثَ) لِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ الِاسْمُ وَالْإِضَافَةُ غَلَبَ الِاسْمُ لِجَرَيَانِهِ مَجْرَى التَّعْيِينِ فِي تَعْرِيفِ الْمَحَلِّ (وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَكَانَ) الثَّوْبُ (رِدَاءً حَالَ حَلِفِهِ فَارْتَدَى بِهِ أَوْ اتَّزَرَ أَوْ اعْتَمَّ أَوْ جَعَلَهُ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَبَاءً فَلَبِسَهُ حَنِثَ) لِفِعْلِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ.
(وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ) الثَّوْبُ (سَرَاوِيلَ فَارْتَدَى أَوْ اتَّزَرَ بِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ لَبِسَهُ عَادَةً وَ(لَا) يَحْنَثُ (إذَا اتَّزَرَ بِهِ) أَيْ الْقَمِيصِ (وَلَا بِطَيِّهِ وَتَرْكِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَلَا بِنَوْمِهِ عَلَيْهِ أَوْ تَدَثُّرِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لُبْسًا لِلْقَمِيصِ عَادَةً (وَإِنْ قَالَ لَا أَلْبَسُهُ وَهُوَ رِدَاءٌ فَغَيَّرَ) الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (عَنْ كَوْنِهِ رِدَاءً وَلَبِسَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا وَلَمْ يَلْبَسهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ (وَكَذَلِكَ) لَا يَحْنَثُ (إنْ نَوَى بِيَمِينِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَالْإِضَافَةِ أَوْ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ) أَوْ كَانَ السَّبَبُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْيِينِ.

.فَصْلٌ: في حكم فقد النِّيَّةِ:

فَإِنْ عَدِمَ النِّيَّةَ وَسَبَبَ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا وَالتَّعْيِينَ رَجَعَ إلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُسَمَّى وَلَا مُعَارِضَ لَهُ هُنَا فَوَجَبَ أَنْ يُرْجَعَ إلَيْهِ عَمَلًا بِهِ لِسَلَامَتِهِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ (وَالِاسْمُ يَتَنَاوَلُ الْعُرْفِيَّ وَالشَّرْعِيَّ وَالْحَقِيقِيَّ وَهُوَ اللُّغَوِيُّ) أَيْ يَنْقَسِمُ إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ (فَيُقَدَّمُ شَرْعِيٌّ) أَيْ فَتَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ فِيمَا لَهُ مَوْضُوعٌ شَرْعِيٌّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
(ثُمَّ عُرْفِيُّ) لِأَنَّهُ الَّذِي يُرِيدُهُ بِيَمِينِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَشْبَهَ الْحَقِيقَةَ فِي غَيْرِهِ (ثُمَّ لُغَوِيٌّ فَالشَّرْعِيُّ مَاله مَوْضُوعٌ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّرْعِ (وَمَوْضُوعٌ فِي اللُّغَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ) كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ وَالِاعْتِكَافِ (فَالْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَالَ صَلِّ تَعَيَّنَ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِكَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَوْضُوعِ اللُّغَوِيِّ فَكَذَلِكَ الْحَالِفُ (وَيَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ مِنْهُ) لِأَنَّ الْفَاسِدَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِهِ بِالْيَمِينِ (إلَّا إذَا حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَحَجَّ حَجًّا فَاسِدًا فَيَحْنَثُ) لِوُجُوبِ الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِ وَلِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْم الصَّحِيحِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ وَيَجِبُ مِنْ الْفِدْيَةِ وَغَيْرِهَا (فَإِذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا) لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُنْكِحُ غَيْرَهُ) أَيْ يُزَوِّجَهُ (فَأَنْكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا) لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ حَلَفَ مَا بِعْتُ وَلَا صَلَّيْتُ وَنَحْوَهُ) كَنَكَحْتُ (وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَتَنَاوَلْ الْفَاسِدَ (إلَّا أَنْ يُضِيفَ الْيَمِينَ إلَى شَيْءٍ لَا تُتَصَوَّرُ فِيهِ الصِّحَّةُ كَحَلِفِهِ لَا يَبِيعُ الْحُرَّ أَوْ) لَا يَبِيعُ (الْخَمْرَ أَوْ مَا بَاعَ الْحُرَّ أَوْ) مَا بَاعَ (الْخَمْرَ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ سَرَقْتِ مِنِّي شَيْئًا وَبِعْتِيهِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ لَهَا إنْ (طَلَّقْتُ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَحْنَثُ بِصُورَةِ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ) لِتَعَذُّرِ حَمْلِ يَمِينِهِ عَلَى عَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْ طَلَاقٍ وَاقِعٍ فَتَعَيَّنَ كَوْنُ صُورَةِ ذَلِكَ مَحَلًّا لَهُ.
(فَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فِيهِ الْخِيَارُ حَنِثَ) لِأَنَّهُ بَيْعٌ شَرْعِيٌّ فَيَحْنَثُ بِهِ كَاللَّازِمِ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا أَبِيعُ وَلَا أَتَزَوَّجُ وَلَا أُؤْجَرُ فَأَوْجَبَ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ وَالْإِجَارَةَ) أَيْ أُتِيَ بِالْإِيجَابِ فِي ذَلِكَ (وَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي وَالْمُتَزَوِّجُ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَمْ يَحْنَثْ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ فَلَمْ يَقَعْ عَلَى الْإِيجَابِ بِدُونِهِ وَإِنْ قَبِلَ حَنِثَ (وَلَا يَتَسَرَّى فَوَطِئَ جَارِيَتَهُ حَنِثَ وَلَوْ عَزَلَ) أَوْ لَمْ يَحْضُنْهَا أَوْ يَحْجُبْهَا عَنْ النَّاسِ لِأَنَّ التَّسَرِّي مَأْخُوذٌ مِنْ السِّرِّ وَهُوَ الْوَطْءُ قَالَ تَعَالَى {لَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} وَلِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْإِنْزَالُ وَلَا التَّحْصِينُ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ (كَحَلِفِهِ لَا يَطَأُ) امْرَأَتَهُ أَوْ سُرِّيَّتَهُ أَوَ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ قُلْت وَبِمَا ذَكَر فِي التَّسَرِّي عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إخْرَاجُهَا عَلَى هَيْئَةِ الْأَحْرَارِ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَحُجُّ وَلَا يَعْتَمِرُ حَنِثَ بِإِحْرَامٍ) صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ يُسَمَّى حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَصُومُ حَنِثَ بِشُرُوعٍ صَحِيحٍ) فِي الصَّوْمِ لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ يُسَمَّى صَائِمًا.
(وَلَوْ كَانَ حَالَ حَلِفِهِ) لَا يَصُومُ (صَائِمًا) فَاسْتَدَامَ لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ) كَانَ حَالَ حَلِفِهِ لَا يَحُجُّ (حَاجًّا فَاسْتَدَامَ) لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ لَا يُصَلِّي وَهُوَ) أَيْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (فِي الصَّلَاةِ فَاسْتَدَامَ لَمْ يَحْنَثْ) الْحَالِفُ بِالِاسْتِدَامَةِ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَصُومُ صَوْمًا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَصُومَ يَوْمًا) لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنْصَرِفُ لِلصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ وَإِمْسَاكِ بَعْضِ يَوْمٍ لَيْسَ بِصَوْمٍ شَرْعِيٍّ (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يُصَلِّي صَلَاةً بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) لِأَنَّهُ يَدْخُلُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ فَيُسَمَّى مُصَلِّيًا.
(وَ) حَلَفَ (لَا يُصَلِّي صَلَاةً لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلَاةِ) بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً بِسَجْدَتِهَا لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلَاةِ شَرْعًا (وَيَشْمَلُ) يَمِينُهُ (صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فِيهِمَا) أَيْ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَلَا يُصَلِّي صَلَاةً لِأَنَّهُ يُقَالُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَتَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ.
(قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الطَّوَافُ لَيْسَ بِصَلَاةٍ فِي الْحَقِيقَةِ) قَالَ الْمَجْدُ لَيْسَ صَلَاةً مُطْلَقَةً وَلَا مُضَافَةً لَكِنْ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَلَاةٌ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ فِي الْحَدِيثِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ فِي الْأَحْكَامِ كُلِّهَا إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ وَهُوَ النُّطْقُ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُ لِزَيْدٍ شَيْئًا وَلَا يُوصِي لَهُ وَلَا يَتَصَدَّق عَلَيْهِ أَوْ لَا يُعِيرُهُ فَفَعَلَهُ) أَيْ وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ أَهْدَى لَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَيْ أَتَى بِالْإِيجَابِ فِي هَذِهِ (وَلَمْ يَقْبَلْ زَيْدٌ حَنِثَ) الْحَالِفُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا عِوَضَ فِيهِ فَيَحْنَثُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ كَالْوَصِيَّةِ.
(وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَهَبَ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ مَثَلًا (بَرَّ) النَّاذِرُ (بِالْإِيجَابِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ زَيْدٌ قُلْتُ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ أَنْ يُهْدِيَ لَهُ أَوْ أَنْ يُعِيرَهُ لِأَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ عَلَيْهَا بِدُونِ الْقَبُولِ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الصَّدَقَةَ نَوْعٌ مِنْ الْهِبَةِ وَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى نَوْعٍ بِفِعْلِ نَوْعٍ آخَرَ وَلَا يَثْبُتُ لِلْجِنْسِ حُكْمُ النَّوْعِ.
(وَ) لَوْ حَلَفَ (لَا يَهَبُهُ فَأَسْقَطَ عَنْهُ دَيْنًا أَوْ أَعْطَاهُ مِنْ نَذْرِهِ أَوْ كَفَّارَتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِهِبَةٍ (فَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا) حَنِثَ لِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْهِبَةِ (أَوْ أَهْدَى لَهُ أَوْ أَعْمَرَهُ) حَنِثَ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْهِبَةِ (أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ) حَنِثَ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ لَهُ بِعَيْنٍ فِي الْحَيَاةِ فَهُوَ فِي الْعُرْفِ هِبَةٌ (أَوْ بَاعَهُ وَحَابَاهُ حَنِثَ) لِأَنَّهُ تَرَكَ لَهُ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ وَهَبَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَأَطْعَمَ عِيَالَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِمْ لَيْسَتْ صَدَقَةً عُرْفًا وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهَا فِي الْخَبَرِ صَدَقَةٌ فَبِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِ الْأَجْرِ.