فصل: بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ:

وَهُوَ كُلُّ مَا يُنَافِيهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا، (وَ) مَا (يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ) كَالْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ (مِنْ أَكْلٍ وَلَوْ تُرَابًا أَوْ مَا لَا يُغَذِّي) بِالْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ (وَلَا يَنْمَاعُ فِي الْجَوْفِ، كَالْحَصَى أَوْ شَرِبَ) فَسَدَ صَوْمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} فَأَبَاحَهُمَا إلَى غَايَةٍ وَهِيَ تَبَيُّنُ الْفَجْرِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُمَا إلَى اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، إنَّهُ تَرَكَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
(أَوْ اسْتَعَطَ) فِي أَنْفِهِ (بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ أَوْ دِمَاغِهِ).
وَفِي الْكَافِي: أَوْ خَيَاشِيمِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ «لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّائِمَ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ»؛ وَلِأَنَّ الدِّمَاغَ جَوْفٌ وَالْوَاصِلُ إلَيْهِ يُغَذِّيهِ فَيُفْطِرُ كَجَوْفِ الْبَدَنِ.
(أَوْ احْتَقَنَ) فِي دُبُرِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ كَالْمُعْتَادِ فِي الْوَاصِلِ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَوْلَى مِنْ الِاسْتِعَاطِ (أَوْ دَاوَى الْجَائِفَةَ أَوْ جُرْحًا بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ)؛ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْئًا بِاخْتِيَارِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ (أَوْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ أَوْ صَبِرٍ أَوْ قُطُورٍ أَوْ ذَرُورٍ أَوْ إثْمِدٍ وَلَوْ غَيْرُ مُطَيَّبٍ يَتَحَقَّقُ مَعَهُ وُصُولُهُ إلَى حَلْقِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَقَالَ: لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ؛ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ مَنْفَذٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَكَالْوَاصِلِ مِنْ الْأَنْفِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُصُولُهُ إلَى حَلْقِهِ (فَلَا) فِطْرَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مَا يُنَافِي الصَّوْمَ (أَوْ اسْتَقَاءَ) أَيْ: اسْتَدْعَى الْقَيْءَ (فَقَاءَ طَعَامًا أَوْ مِرَارًا أَوْ بَلْغَمًا أَوْ دَمًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ قَلَّ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ (أَوْ أَدْخَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ مُجَوَّفٍ فِي جَسَدِهِ كَدِمَاغِهِ وَحَلْقِهِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا، وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (الِاسْتِطَابَةِ إذَا أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ: نَحْوُ الدِّمَاغِ وَالْحَلْقِ وَبَاطِنِ فَرْجِهَا كَالدُّبُرِ (مِمَّا يُنْفِذُ إلَى مَعِدَتِهِ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَلَوْ خَيْطًا ابْتَلَعَهُ كُلَّهُ أَوْ) ابْتَلَعَ (بَعْضَهُ أَوْ رَأْسَ سِكِّينٍ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ) فَغَابَ فِي جَوْفِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالْوَاصِلِ.
وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: بِأَنَّهُ يَكْفِي الظَّنُّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُفْطِرُ بِمُدَاوَاةِ جَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ وَلَا بِحُقْنَةٍ (أَوْ دَاوَى الْمَأْمُومَةَ) فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ (أَوْ قَطَرَ فِي أُذُنِهِ مِمَّا يَصِلُ إلَى دِمَاغِهِ)؛ لِأَنَّ الدِّمَاغَ أَحَدُ الْجَوْفَيْنِ فَالْوَاصِلُ إلَيْهِ يُغَذِّيهِ فَأَفْسَدَ الصَّوْمَ كَالْآخَرِ (أَوْ اسْتَمْنَى) أَيْ: اسْتَدْعَى الْمَنِيَّ (فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى)؛ لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ بِالْقُبْلَةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِالْإِنْزَالِ فَلَأَنْ يَفْسُدَ بِهِ بِطَرِيقِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ فَقَدْ أَتَى مُحَرَّمًا وَلَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَإِنْ أَنْزَلَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا كَالْبَوْلِ (أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد «عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي فَعَلْتُ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ مِنْ إنَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ قُلْتُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ فَمَهْ» فَشَبَّهَ الْقُبْلَةَ بِالْمَضْمَضَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْفِطْرِ فَإِنَّ الْقُبْلَةَ إذَا كَانَ مَعَهَا نُزُولٌ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ: أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ وَسِيلَةً وَذَرِيعَةً إلَى الْجِمَاعِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فِطْرَ بِدُونِ الْإِنْزَالِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرُوِيَ بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَمَعْنَاهُ حَاجَةُ النَّفْسِ وَوَطَرِهَا وَقِيلَ: بِالتَّسْكِينِ الْعُضْوُ وَبِالتَّحْرِيكِ الْحَاجَةُ (أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى)؛ لِأَنَّهُ إنْزَالٌ بِفِعْلٍ يَلْتَذُّ بِهِ وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ أَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِاللَّمْسِ (وَلَا) يُفْطِرُ (إنْ أَمْذَى) بِتَكْرَارِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ.
وَالْقِيَاسُ عَلَى إنْزَالِ الْمَنِيِّ لَا يَصِحُّ لِمُخَالَفَتِهِ إيَّاهُ فِي الْأَحْكَامِ (أَوْ لَمْ يُكَرِّرْ النَّظَرَ فَأَمْنَى) أَيْ: لَا فِطْرَ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْ النَّظْرَةِ الْأُولَى، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا فِطْرَ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ (أَوْ حَجَمَ أَوْ احْتَجَمَ) فِي الْقَفَا أَوْ السَّاقِ نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَظَهَرَ دَمٌ) نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَعَائِشَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَهُوَ لِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا يَزِيدُ عَلَى رُتْبَةِ الْمُسْتَفِيضِ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: ثَبَتَتْ الْأَخْبَارُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ فِيهِ غَيْرُ حَدِيثِ ثَابِتٍ وَأَصَحُّهَا: حَدِيثُ رَافِعٍ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ثَوْبَانَ وَشَدَّادٍ وَصَحَّحَهُمَا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، وَرَخَّصَ فِيهَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ أَحْمَدَ ضَعَّفَهُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ؛ لِأَنَّ الْأَنْصَارِيَّ ذَهَبَتْ كُتُبُهُ فِي فِتْنَةٍ فَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْ كُتُبِ غُلَامِهِ أَبِي حَكِيمٍ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ رَاوِيهِ كَانَ يُعِدُّ الْحَجَّامَ وَالْمَحَاجِمَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ فَإِذَا غَابَتْ احْتَجَمَ كَذَلِكَ رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ وَجَدَهُ» وَأَحَادِيثُنَا أَكْثَرُ وَاعْتَضَدَتْ بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَهِيَ قَوْلٌ وَحَدِيثُهُمْ فِعْلٌ، وَالْقَوْلُ مُقَدَّمٌ لِعَدَمِ عُمُومِ الْفِعْلِ وَاحْتِمَالِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ وَنَسْخُ حَدِيثِهِمْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الْأَصْلِ فَنَسْخُهُ يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ نَسْخِ حَدِيثِنَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَمٌ فَلَا فِطْرَ.
وَ(لَا) فِطْرَ (إنْ جَرَحَ) الصَّائِمُ (نَفْسَهُ أَوْ جَرَحَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى جَوْفِهِ) شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْجَرْحِ (وَلَوْ) كَانَ الْجَرْحُ (بَدَلَ الْحِجَامَةِ).
(وَلَا) فِطْرَ (بِفَصْدٍ وَشَرْطٍ وَلَا بِإِخْرَاجِ دَمِهِ بِرُعَافٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَالْقِيَاسُ لَا يَقْتَضِيهِ (أَيْ: ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمَا.
(فِعْلُ) الصَّائِمِ (عَامِدًا) أَيْ: قَاصِدًا لِلْفِعْلِ (ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ مُخْتَارًا) لِفِعْلِهِ (فَسَدَ صَوْمُهُ وَلَوْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، (فَلَا يُفْطِرُ غَيْرُ قَاصِدٍ الْفِعْلَ كَمَنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ غُبَارٌ وَنَحْوُهُ) كَذُبَابٍ (أَوْ أُلْقِيَ فِي مَاءٍ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ وَنَحْوِهِ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْقَاصِدِ غَافِلٌ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ.
(وَلَا) يُفْطِرُ (نَاسٍ) لِفِعْلِ شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (فَرْضًا كَانَ الصَّوْمُ أَوْ نَفْلًا) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.
(وَلَا) يُفْطِرُ (مُكْرَهٌ سَوَاءٌ أُكْرِهَ عَلَى الْفِعْلِ) أَيْ: الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ (حَتَّى فَعَلَ) مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (أَوْ فُعِلَ بِهِ بِأَنْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا كَمَا لَوْ أُوجِرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مُعَالَجَةً) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
(وَيُفْطِرُ) الصَّائِمُ (بِرِدَّةٍ) مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} وَكَذَلِكَ كُلُّ عِبَادَةٍ حَصَلَتْ الرِّدَّةُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهَا تُفْسِدُهَا (وَ) يُفْطِرُ بِ (مَوْتٍ فَيُطْعَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي نَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ) مِسْكِينٌ لِفَسَادِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ قَضَائِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ.
(وَإِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارُ طَرِيقٍ أَوْ) غُبَارُ (دَقِيقٍ أَوْ دُخَانٌ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ) لَمْ يُفْطِرْ لِعَدَمِ الْقَصْدِ كَالنَّائِمِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ ابْتَلَعَ الدُّخَانَ قَصْدًا فَسَدَ صَوْمُهُ.
(أَوْ قَطَرَ فِي إحْلِيلِهِ) دُهْنًا أَوْ غَيْرَهُ لَمْ يُفْطِرْ (وَلَوْ وَصَلَ مَثَانَتَهُ) لِعَدَمِ الْمَنْفَذِ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْبَوْلُ رَشْحًا كَمُدَاوَاةِ جُرْحٍ عَمِيقٍ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ، وَالْمَثَانَةُ: الْعُضْوُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْبَوْلُ وَإِذَا كَانَ لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ قِيلَ: مَثِنَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الثَّاءِ فَهُوَ أَمْثَنُ، وَالْمَرْأَةُ مَثْنَى وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ رَجُلٌ مَثِنٌ وَمَمْثُونٌ.
(أَوْ فَكَّرَ فَأَمْنَى أَوْ مَذَى) لَمْ يُفْطِرْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عُفِيَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ»؛ وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَقِيَاسُهُ عَلَى تَكْرَارِ النَّظَرِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي اسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ وَإِفْضَائِهِ إلَى الْإِنْزَالِ (كَمَا لَوْ حَصَلَ) الْإِنْزَالُ (بِفِكْرٍ غَالِبٍ) أَيْ: غَيْرِ اخْتِيَارِيٍّ بِأَنْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ (أَوْ احْتَلَمَ أَوْ أَنْزَلَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَاَلَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ أَوْ الْمَذْيُ لِمَرَضٍ أَوْ) لِ (سَقْطَةٍ) مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ (أَوْ خُرُوجًا مِنْهُ لِهَيَجَانِ شَهْوَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ) بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ أَمْنَى نَهَارًا مِنْ وَطْءِ لَيْلٍ) لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ إلَيْهِ فِي النَّهَارِ (أَوْ) أَمْنَى (لَيْلًا مِنْ مُبَاشَرَتِهِ نَهَارًا) فَلَا فِطْرَ بِذَلِكَ كُلِّهِ.
(أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: غَلَبَهُ وَسَبَقَهُ لَمْ يُفْطِرْ لِلْخَبَرِ (وَلَوْ عَادَ) شَيْءٌ مِنْ قَيْئِهِ (إلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ)؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ (لَا إنْ عَادَ) الْقَيْءُ إلَى جَوْفِهِ (بِاخْتِيَارِهِ) وَلَوْ لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ ثُمَّ أَعَادَهُ عَمْدًا، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ بِذَلِكَ كَبَلْعِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ الْفَمِ.
(أَوْ أَصْبَحَ) الصَّائِمُ (وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ) أَيْ: رَمَاهُ لَمْ يُفْطِرْ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ صَائِمٌ غَالِبًا (أَوْ شَقَّ) عَلَيْهِ (لَفْظُهُ) أَيْ: رَمْيُ الطَّعَامِ الَّذِي أَصْبَحَ بِفَمِهِ لِعَدَمِ تَمَيُّزِهِ عَنْ رِيقِهِ (فَبَلَعَهُ مَعَ رِيقِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ أَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَقِيَّةِ طَعَامٍ تَعَذَّرَ رَمْيُهُ) لَمْ يُفْطِرْ بِذَلِكَ لِمَا سَبَقَ.
(أَوْ بَلَعَ) الصَّائِمُ (رِيقَهُ عَادَةً) لَمْ يُفْطِرْ، (لَا إنْ أَمْكَنَ لَفْظُهُ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ بِأَنْ تَمَيَّزَ عَنْ رِيقِهِ فَبَلَعَهُ عَمْدًا وَلَوْ) كَانَ (دُونَ حِمَّصَةٍ) فَإِنَّهُ يُفْطِرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي لَفْظِهِ، وَالتَّحَرُّزُ مِنْهُ مُمْكِنٌ.
(أَوْ اغْتَسَلَ) لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَلْزَمُ جَوَازُ الْإِصْبَاحِ جُنُبًا احْتَجَّ بِهِ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ.
(أَوْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ) فِي الْوُضُوءِ (فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ بِلَا قَصْدٍ أَوْ بَلَعَ مَا بَقِيَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ لَمْ يُفْطِرْ)؛ لِأَنَّهُ وَاصِلٌ بِغَيْرِ قَصْدٍ أَشْبَهَ الذُّبَابَ (وَكَذَا إنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْفِعْلَيْنِ وَهُمَا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ (أَوْ بَالَغَ فِيهِ) أَيْ: فِي أَحَدِهِمَا بِأَنْ بَالَغَ فِي الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ؛ لِأَنَّهُ وَاصِلٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (وَإِنْ فَعَلَهُمَا) أَيْ: الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ (لِغَيْرِ طَهَارَةٍ) أَيْ: وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ (فَإِنْ كَانَ لِنَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا فَكَالْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ عَبَثًا أَوْ لِحَرٍّ أَوْ عَطَشٍ كُرِهَ) نَصَّ عَلَيْهِ، سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الصَّائِمِ يَعْطَشُ فَيَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَمُجُّ الْمَاءَ قَالَ: يَرُشُّ عَلَى صَدْرِهِ أَحَبُّ إلَيَّ (وَحُكْمُهُ) فِي الْفِطْرِ (حُكْمُ الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ) فَلَا يُفْطِرُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَكَذَا إنْ غَاصَ فِي الْمَاءِ فِي غُسْلٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ أَوْ إسْرَافٍ أَوْ كَانَ عَابِثًا) فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُفْطِرُ بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ بِلَا قَصْدٍ.
(وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي) نَهَارِ (رَمَضَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَجَبَ إعْلَامُهُ عَلَى مَنْ رَآهُ) كَإِعْلَامِ نَائِمٍ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ.
(وَلَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الِاغْتِسَالُ) نَهَارًا لِجَنَابَةٍ وَنَحْوِهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ (وَلَوْ) كَانَ الِاغْتِسَالُ (لِلتَّبَرُّدِ)؛ لِأَنَّ فِيهِ إزَالَةَ الضَّجَرِ مِنْ الْعِبَادَةِ كَالْجُلُوسِ فِي الظِّلِّ الْبَارِدِ قَالَهُ الْمَجْدُ.
(لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ لَيْلًا مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ وَنَحْوِهِمَا) كَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهَا وَكَافِرٍ أَسْلَمَ (أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَاحْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ (فَلَوْ أَخَّرَهُ) أَيْ: الْغُسْلَ (وَاغْتَسَلَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي (صَحَّ صَوْمُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ «لَا صَوْمَ لَهُ» وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: رَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ فُتْيَاهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّ الْجِمَاعَ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الصَّائِمِ بَعْدَ النَّوْمِ فَلَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ الْجِمَاعَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ جَازَ لِلْجُنُبِ إذَا أَصْبَحَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَنْ يَصُومَ.
(وَكَذَا إنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: الْغُسْلَ (يَوْمًا) فَأَكْثَرَ (لَكِنْ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ) أَيْ: تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا (وَإِنْ كَفَرَ بِالتَّرْكِ) أَيْ: تَرْكِ الصَّلَاةِ (بَطَلَ صَوْمُهُ) بِالرِّدَّةِ (بِأَنْ يُدْعَى إلَيْهَا) أَيْ: يَدْعُوهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ إلَى صَلَاةٍ (وَهُوَ صَائِمٌ فَيَأْبَى) حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا، (أَوْ) كَفَرَ (بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ) أَيْ: تَرْكِ الصَّلَاةِ (مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ عَلَى قَوْلِ الْآجُرِّيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ) لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ لِلرِّدَّةِ.
(وَإِنْ بَصَقَ نُخَامَةً بِلَا قَصْدٍ مِنْ مَخْرَجِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لَمْ يُفْطِرْ) بِذَلِكَ، وَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا بَلَعَهَا فِي الْبَابِ بَعْدَهُ.
(وَمَنْ أَكَلَ، وَنَحْوُهُ) بِأَنْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ (شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَدَامَ شَكُّهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ فَيَكُونُ زَمَانُ الشَّكِّ مِنْهُ.
(وَإِنْ أَكَلَ يَظُنُّ طُلُوعَهُ) أَيْ الْفَجْرِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَكْلَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ طُلُوعَهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ نِيَّةَ الصَّوْمِ وَقَصْدَ غَيْرِ الْيَقِينِ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: اعْتِقَادُهُ طُلُوعَهُ؛ وَلِهَذَا فَرَضَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ اعْتَقَدَهُ نَهَارًا فَبَانَ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الظَّانَّ شَاكٌّ؛ وَلِهَذَا خَصُّوا الْمَنْعَ بِالْيَقِينِ وَاعْتَبَرُوهُ بِالشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ طَاهِرٍ وَلَا أَثَرَ لِلظَّنِّ فِيهِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الظَّنَّ وَالِاعْتِقَادَ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ يَأْكُلُ مَعَ الشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ مَا لَمْ يَظُنَّ أَوْ يَعْتَقِدْ النَّهَارَ (فَبَانَ لَيْلًا، وَلَمْ يُجَدِّدْ نِيَّةَ صَوْمِهِ الْوَاجِبِ قَضَى)؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نِيَّةَ الصَّوْمِ بِأَكْلِهِ يَعْتَقِدُ نَهَارًا وَالصَّوْمُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ.
(وَإِنْ أَكَلَ وَنَحْوَهُ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ وَدَامَ شَكُّهُ) قَضَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ (وَلَا) يَقْضِي إنْ أَكَلَ وَنَحْوُهُ (ظَانًّا) غُرُوبَ الشَّمْسِ (وَدَامَ شَكُّهُ)، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ.
(وَلَوْ شَكَّ) فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ (وَدَامَ) شَكُّهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ يَقِينٌ أَزَالَ ذَلِكَ الظَّنَّ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ شَكَّ فِي الْإِصَابَةِ بَعْدَ صَلَاتِهِ (أَوْ أَكَلَ يَظُنُّ بَقَاءَ النَّهَارِ قَضَى) مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ وَلَمْ يُتِمَّهُ، (وَإِنْ بَانَ) أَنَّ أَكْلَهُ وَنَحْوَهُ كَانَ (لَيْلًا لَمْ يَقْضِ)؛ لِأَنَّهُ أَتَمَّ صَوْمَهُ.
(وَإِنْ أَكَلَ)، وَنَحْوُهُ (يَظُنُّ أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا فِي أَوَّلِهِ) بِأَنْ أَكَلَ يَظُنُّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ طَلَعَ، (أَوْ أَخَّرَهُ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ غَرَبَتْ وَلَمْ تَغِبْ (فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ)؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ وَلَمْ يُتِمَّهُ وَقَالَتْ أَسْمَاءُ: «أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قِيلَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ جَهِلَ وَقْتَ الصَّوْمِ فَلَمْ يُعْذَرْ كَالْجَهْلِ بِأَوَّلِ رَمَضَانَ.
تَتِمَّةٌ:
لَوْ أَكَلَ وَنَحْوُهُ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَفْطَرَ فَأَكَلَ وَنَحْوُهُ عَمْدًا قَضَى قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَيُشْبِهُ ذَلِكَ لَوْ اعْتَقَدَ الْبَيْنُونَةَ فِي الْخُلْعِ لِأَجْلِ عَدَمِ عَوْدِ الصِّفَةِ ثُمَّ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.

.فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ:

(وَإِذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرِ شَبَقٍ وَنَحْوِهِ) كَمَنْ بِهِ مَرَضٌ يَنْتَفِعُ بِالْوَطْءِ فِيهِ (بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ قُبُلًا كَانَ) الْفَرْجُ (أَوْ دُبُرًا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) كَبَهِيمَةٍ أَوْ سَمَكَةٍ أَوْ طَيْرَةٍ (حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ أَنْزَلَ أَمْ لَا، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُخْطِئًا مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا نَصًّا، سَوَاءٌ أُكْرِهَ حَتَّى فَعَلَهُ) أَيْ الْجِمَاعَ (أَوْ فُعِلَ بِهِ مِنْ نَائِمٍ وَغَيْرِهِ) أَمَّا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ: مَالَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: هَا أَنَا قَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا وُجُوبُ الْقَضَاءِ؛ «فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُجَامِعِ: وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأَمَّا كَوْنُ السَّاهِي كَالْعَامِدِ، وَالْمُكْرَهِ كَالْمُخْتَارِ وَالنَّائِمِ كَالْمُسْتَيْقِظِ فَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ الْأَعْرَابِيَّ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ لَاسْتَفْصَلَهُ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَالسُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا وَقَعْتَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَكَفِّرْ؛ وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَغَيْرُهُ كَالْحَجِّ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُنْزِلَ أَوْ لَا فَلِأَنَّهُ فِي مَظِنَّةِ الْإِنْزَالِ؛ أَوْ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ كَالدُّبُرِ.
(وَلَوْ أَوْلَجَ بِفَرْجٍ أَصْلِيٍّ) فِي فَرْجٍ غَيْرِ أَصْلِيٍّ كَفَرْجِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (أَوْ) أَوْلَجَ بِفَرْجٍ (غَيْرِ أَصْلِيٍّ فِي) فَرْجٍ (غَيْرِ أَصْلِيٍّ) كَمَا لَوْ جَامَعَ خُنْثَى مُشْكِلٌ خُنْثَى مُشْكِلًا (فَلَا كَفَّارَةَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ، (وَلَمْ يَفْسُدْ صَوْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ) كَالْغُسْلِ، فَإِنْ أَنْزَلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ.
(وَإِنْ أَوْلَجَ بِغَيْرِ أَصْلِيٍّ فِي أَصْلِيٍّ فَسَدَ صَوْمُهَا فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْخُنْثَى (؛ لِأَنَّ دَاخِلَ فَرْجِهَا فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ فَيَفْسُدُ) صَوْمُهَا (بِإِدْخَالِ غَيْرِ) الْفَرْجِ (الْأَصْلِيِّ كَأُصْبُعِهَا وَأُصْبُعِ غَيْرِهَا وَأَوْلَى) أَيْ: إفْسَادُ صَوْمِهَا بِإِدْخَالِ الْفَرْجِ غَيْرِ الْأَصْلِيِّ أَوْلَى مِنْ إفْسَادِهِ بِإِدْخَالِ أُصْبُعٍ فِي فَرْجِهَا، (وَكَلَامُهُمْ) أَيْ: الْأَصْحَابِ (هُنَا يُخَالِفُهُ) حَيْثُ قَالُوا: لَا يَفْسُدُ صَوْمٌ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ (إلَّا أَنْ نَقُولَ: دَاخِلُ الْفَرْجِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ، كَالْفَمِ وَإِذَا ظَهَرَ دَمُ حَيْضِهَا إلَيْهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ فَسَدَ صَوْمُهَا وَلَوْ كَانَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَالدُّبُرِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، فَهُوَ كَفَمِهَا وَعُمْقِ سُرَّتِهَا وَطَيِّ عُكَنِهَا، وَإِنَّمَا فَسَدَ صَوْمُهَا بِإِيلَاجِ ذَكَرِ الرَّجُلِ فِيهِ، لِكَوْنِهِ جِمَاعًا لَا لِكَوْنِهِ وُصُولًا إلَى بَاطِنٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَوْلَجَ أُصْبُعَهُ فِي قُبُلِهَا فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهَا، وَالْجِمَاعُ يُفْسِدُ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْإِنْزَالِ فَأُقِيمَ مَقَامَ الْإِنْزَالِ كَمَا أُقِيمَ مَقَامَهُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ؛ وَلِهَذَا يَفْسُدُ بِهِ صَوْمُ الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَلَمْ يَصِلْ إلَى جَوْفِهِ شَيْءٌ.
(وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ فَلَوْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ) الثَّانِي (وَهُوَ مُجَامِعٌ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ) الثَّانِي (فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ)؛ لِأَنَّهُ يَلْتَذُّ بِالنَّزْعِ كَمَا يَلْتَذُّ بِالْإِيلَاجِ (كَمَا لَوْ اسْتَدَامَ) الْجِمَاعَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، بِخِلَافِ مُجَامِعٍ حَلَفَ لَا يُجَامِعُ فَنَزَعَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِتَعَلُّقِ الْيَمِين بِالْمُسْتَقْبَلِ أَوَّلَ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ.
(وَلَوْ جَامَعَ يَعْتَقِدُهُ لَيْلًا فَبَانَ نَهَارًا وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ) لِمَا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى قِيَاسِهِ: لَوْ جَامَعَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ.
(وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ كَفَّارَةٌ مَعَ الْعُذْرِ كَنَوْمٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَنِسْيَانٍ وَجَهْلٍ)؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ (وَيَفْسُدُ صَوْمُهَا بِذَلِكَ) أَيْ: بِوَطْئِهَا مَعْذُورَةً فَيَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ قَالَ فِي الشَّرْحِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ فَاسْتَوَى فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ كَالْأَكْلِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُكْرَهَةِ.
(وَتَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ) إذَا جُومِعَتْ (مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ)؛ لِأَنَّهَا هَتَكَتْ حُرْمَةَ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ فَلَزِمَتْهَا الْكَفَّارَةُ كَالرَّجُلِ، وَأَمَّا كَوْنُ الشَّارِعِ لَمْ يَأْمُرْهَا بِهَا فَلِأَنَّ فِي لَفْظِ الدَّارَقُطْنِيّ «هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ» فَدَلَّ أَنَّهَا كَانَتْ مُكْرَهَةً.
(وَلَوْ طَاوَعَتْهُ أَمَتُهُ) عَلَى الْجِمَاعِ (كَفَّرَتْ بِالصَّوْمِ)؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهَا وَمِثْلُهَا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ.
(وَلَوْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ) أَوْ أَمَتَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ (دَفَعَتْهُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، وَلَوْ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى ذَهَابِ نَفْسِهِ كَالْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي ذَكَرَهُ) أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيٌّ (ابْنُ عَقِيلٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ).
(وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ) صَائِمَةٌ (ذَكَرَ نَائِمٍ أَوْ) ذَكَرَ (صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ بَطَلَ صَوْمُهَا) لِلْجِمَاعِ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.
(وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَنَحْوِهِمَا) كَمُفَاخَذَةٍ (إذَا أَنْزَلَ) لِأَنَّهُ فِطْرٌ بِغَيْرِ جِمَاعٍ.
(وَإِنْ جَامَعَ فِي يَوْمٍ رَأَى الْهِلَالَ فِي لَيْلَتِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِفِسْقِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ)؛ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ فَلَزِمَتْهُ كَمَا لَوْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.
(وَإِنْ جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ عَامِدًا فَأَنْزَلَ وَلَوْ مَذْيًا) فَسَدَ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ بِاللَّمْسِ مَعَ الْإِنْزَالِ فَفِيمَا ذُكِرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِمَاعٍ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ كَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ.
(أَوْ أَنْزَلَ مَجْبُوبٌ أَوْ امْرَأَتَانِ بِمُسَاحَقَةٍ فَسَدَ الصَّوْمُ) لِمَا سَبَقَ، (وَلَا كَفَّارَةَ) صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، فِيمَا إذَا تَسَاحَقَتَا، وَنَقَلَهُ فِي الْإِنْصَافِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْبُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْجِمَاعِ، وَجَعَلَ فِي الْمُنْتَهَى تَبَعًا لِلتَّنْقِيحِ: إنْزَالَ الْمَجْبُوبِ وَالْمَرْأَتَيْنِ بِالْمُسَاحَقَةِ كَالْجِمَاعِ.
(وَإِنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٌ وَلَمْ يُكَفِّرْ) لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ (فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَتَانِ)؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ وَكَالْحَجَّتَيْنِ، (كَمَا لَوْ كَفَّرَ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِلْيَوْمِ الثَّانِي كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا (وَكَيَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ).
وَإِنْ جَامَعَ ثُمَّ جَامَعَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَبْلَ التَّكْفِيرِ (فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) بِغَيْرِ خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَلَوْ كَفَّرَ بِالْعِتْقِ لِلْوَطْءِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بِهِ لِلثَّانِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الرَّقَبَةُ الْأُولَى لَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا وَأَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ عَنْهُمَا وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ وَحْدَهَا لَزِمَهُ بَدَلُهَا، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتَا جَمِيعًا أَجْزَأَتْهُ رَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ التَّدَاخُلِ وُجُودُ السَّبَبِ الثَّانِي قَبْلَ أَدَاءِ مُوجِبِ الْأَوَّلِ وَنِيَّةُ التَّعْيِينِ لَا تُعْتَبَرُ، فَيُكَفِّرُ وَتَصِيرُ كَنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ، قِيَاسُ مَذْهَبِنَا.
(وَإِنْ جَامَعَ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ فِي يَوْمِهِ فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَالْمَيْمُونِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ وَقَدْ تَكَرَّرَ فَتَتَكَرَّرُ هِيَ كَالْحَجِّ بِخِلَافِ الْوَطْءِ لَيْلًا فَإِنَّهُ مُبَاحٌ، لَا يُقَالُ: الْوَطْءُ الْأَوَّلُ تَضَمَّنَ هَتْكَ الصَّوْمِ وَهُوَ مُؤَثِّرٌ فِي الْإِيجَابِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ مُلْغًى بِمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ يُجَامِعُ فَاسْتَدَامَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ عَدَمِ الْهَتْكِ.
(وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ يُكَفِّرُ لِوَطْئِهِ) كَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ أَوْ أَكَلَ عَامِدًا ثُمَّ جَامَعَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ الزَّمَنِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَدِيمِ لِلْوَطْءِ وَلَا صَوْمَ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا.
(وَلَوْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ جُنَّ أَوْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ أَوْ حَاضَتْ) الْمَرْأَةُ (أَوْ نَفِسَتْ بَعْدَ وَطْئِهَا لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ)؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمًا وَاجِبًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ تَامٍّ فَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ لَمْ يَطْرَأْ الْعُذْرُ لَا يُقَالُ: تَبَيَّنَّا أَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عِنْدَ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الصَّادِقَ لَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَيَمْرَضُ أَوْ يَمُوتُ لَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ.
(وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ)؛ لِعَدَمِ اسْتِصْحَابِ حُكْمِ النِّيَّةِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الْعِبَادَاتِ غَيْرَ الْحَجِّ، (فَإِنْ كَانَ) الصَّوْمُ (نَذْرًا وَجَبَ الْإِطْعَامُ مِنْ تَرِكَتِهِ) لِذَلِكَ الْيَوْمِ فَيُطْعِمُ مِسْكِينًا، وَكَذَا بَاقِي الْأَيَّامِ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، (وَإِنْ كَانَ صَوْمُ كَفَّارَةِ تَخْيِيرٍ) كَفِدْيَةٍ إذَنْ (وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ) لِتَعَذُّرِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ مِنْهُ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَمَا يَأْتِي وَيَأْتِي حُكْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا فِي الْبَابِ بَعْدَهُ.
(وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ) الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ (ثُمَّ جَامَعَ فَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَوْمٌ لَا يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِيهِ فَلَمْ تَجِبْ كَالتَّطَوُّعِ (وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ.
(وَلَا تَجِبُ) الْكَفَّارَةُ (بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا فِي صِيَامِ رَمَضَانَ أَدَاءً)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَغَيْرُ الْجِمَاعِ لَا يُسَاوِيهِ (وَيَخْتَصُّ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِرَمَضَانَ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُسَاوِيهِ فَلَا تَجِبُ) الْكَفَّارَةُ (فِي قَضَائِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِزَمَانٍ مُحْتَرَمٍ، فَالْجِمَاعُ فِيهِ هَتْكٌ لَهُ.
(وَالْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرْتِيبِ فَيَجِبُ عِتْقُ رَقَبَةٍ) إنْ وَجَدَهَا بِشَرْطِهِ وَيَأْتِي مُفَصَّلًا فِي الظِّهَارِ، (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الرَّقَبَةَ وَلَا ثَمَنَهَا (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الصَّوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ) عَنْ الصَّوْمِ إلَى الْعِتْقِ، نَصَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُعْتِقَ فَيُجْزِئُهُ وَيَكُونُ قَدْ فَعَلَ الْأَوْلَى قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى، وَ(لَا) يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ (إنْ قَدَرَ) عَلَى الْعِتْقِ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ الْمُوَاقِعَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حِينَ أَخْبَرَهُ وَلَمْ يَسْأَلهُ عَمَّا كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَالَ الْمُوَاقَعَةِ وَهِيَ حَالُ الْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّهُ وَجَدَ الْمُبْدَلَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالْبَدَلِ فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ وَجَدَهُ حَالَ الْوُجُوبِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي فِي الظِّهَارِ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) الصَّوْمَ (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا)، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ بُرِّ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّرْتِيبِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالِانْتِقَالِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ (وَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ هُنَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَلَا فِي لَيَالِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ، كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ.
وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) مَا يُطْعِمُهُ لِلْمَسَاكِينِ حَالَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ (سَقَطَتْ عَنْهُ كَصَدَقَةِ فِطْرٍ) وَكَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ الْأَعْرَابِيَّ بِهَا أَخِيرًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ بَقَاءَهَا فِي ذِمَّتِهِ (بِخِلَافِ كَفَّارَةِ حَجٍّ وَظِهَارٍ وَيَمِينٍ وَنَحْوِهَا) كَكَفَّارَةِ قَتْلٍ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ فِي رَمَضَانَ لِلنَّصِّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالُوا: لِلنَّصِّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بِسَبَبِ الصَّوْمِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَيْسَ الصَّوْمُ سَبَبًا، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ إلَّا بِالصَّوْمِ وَالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا وَتَسْقُطُ الْكَفَّارَاتُ كُلُّهَا بِتَكْفِيرِ غَيْرِهِ عَنْهُ بِإِذْنِهِ.
(وَإِنْ كَفَّرَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَلَهُ أَكْلُهَا) إنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا، (وَكَذَا لَوْ مَلَّكَهُ) غَيْرُهُ (مَا يُكَفِّرُ بِهِ) جَازَ لَهُ أَكْلُهُ مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَوْ مَلَّكَهُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ وَقُلْنَا: لَهُ أَخْذُهُ هُنَاكَ فَلَهُ هُنَا أَكْلُهُ، وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ا هـ.
وَفِي الْمُبْدِعِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلْأَعْرَابِيِّ لِحَاجَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ كَفَّارَةً ا هـ قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ اسْتِدْلَالُهُمْ بِهِ عَلَى سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَجْزٌ بَلْ حَصَلَ الْإِخْرَاجُ وَالْإِجْزَاءُ.