فصل: بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ:

(حُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ النِّسَاءَ إلَيْهِمْ فَقَالَ: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} وَقَالَ {امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ» (فِيمَا يَجِبُ بِهِ) مِنْ مَهْرٍ وَقَسَمٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَأْتِي.
(وَ) فِي (تَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ) السَّابِقِ تَفْصِيلُهُنَّ، لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَوَاضِعَ.
(وَ) فِي (وُقُوعِ الطَّلَاقِ) وَالْخُلْعُ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَوَقَعَ كَطَلَاقِ الْمُسْلِمِ (و) وَفِي صِحَّةِ (الظِّهَارِ) فَإِذَا ظَاهَرَ كَافِرٌ مِنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا وَقَدْ وَطِئَهَا، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.
(وَ) فِي صِحَّةِ (الْإِيلَاءِ) فَإِذَا آلَى الْكَافِرُ مِنْ زَوْجَتِهِ فَحُكْمُهُ كَالْمُسْلِمِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ، لِتَنَاوُلِ عُمُومِ آيَةِ الظِّهَارِ، وَالْإِيلَاءُ لَهُمْ (وَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْقَسَمِ) لِمَا تَقَدَّمَ، (و) فِي (الْإِبَاحَةِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ) إذَا كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَكَانَ الثَّانِي وَطِئَهَا لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}.
(وَ) فِي (الْإِحْصَانِ) إذَا وَطِئَهَا وَهُمَا حُرَّانِ مُكَلَّفَانِ كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْحُدُودِ (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَلُزُومِ مَا يَلْزَم مِنْ الشُّرُوطِ وَالْفَسْخِ لِنَحْوِ عُنَّةٍ أَوْ إعْسَارٍ بِوَاجِبِ نَفَقَةٍ، (فَإِذَا طَلَّقَ الْكَافِرُ) امْرَأَتَهُ الْكَافِرَةَ (ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَا، لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا لَمْ يُصِبْهَا زَوْجٌ غَيْره، (وَإِنْ طَلَّقَ) الْكَافِرُ امْرَأَتَهُ (أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ ثُمَّ) أَعَادَهَا وَ(أَسْلَمَا فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا) سَوَاءٌ أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ أَوْ بَعْدَهُ، كَمَا يَأْتِي فِي الْمُسْلِمِ.
(وَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ: الْكَافِرَةَ الزَّوْجُ (الثَّانِي وَأَصَابَهَا حَلَّتْ لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُطَلِّقُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ ظَاهَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ) بِالْوَطْءِ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ لَيْسَتْ قَيْدًا.
(وَنُقِرّهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارَ (عَلَى فَاسِدِ نِكَاحِهِمْ، وَإِنْ خَالَفَ أَنْكِحَةَ الْمُسْلِمِينَ إذَا اعْتَقَدُوهُ فِي دِينهمْ) نِكَاحًا.
(وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ يُخِلُّونَ أَحْكَامَهُمْ إذَا لَمْ يَجِيئُوا إلَيْنَا، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِمْ فِي أَنْكِحَتِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ نِكَاحَ مَحَارِمِهِمْ وَمَا لَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِهِمْ فَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ (فَإِنْ أَتَوْنَا قَبْلَ عَقْدِهِ) أَيْ النِّكَاحَ (عَقَدْنَاهُ عَلَى حُكْمِنَا) بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَإِيجَابٍ وَقَبُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}.
(وَإِنْ أَتَوْنَا مُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمِينَ بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدَ (لَمْ نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ) لِأَنَّهُ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ وَلَمْ يَكْشِفْ عَنْ كَيْفِيَّتِهَا، فَأَوْلَى إذَا ارْتَفَعُوا إلَيْنَا مِنْ غَيْرِ إسْلَامٍ (وَلَا نَعْتَبِرُ لَهُ) أَيْ لِنِكَاحِهِمْ الَّذِي يَعْتَقِدُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ (شُرُوطُ أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، وَصِفَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ) مِمَّا تَقَدَّمَ، لِمَا سَبَقَ (لَكِنْ لَا نُقِرُّهُمْ عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ فِي الْحَالِ) أَيْ حَالَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا مُسْلِمِينَ أَوْ لَا (كَالْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ) كَأَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أُخْتُهُ أَوْ بِنْتُهَا أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ (أَوْ السَّبَبُ) كَأَنْ تَكُونَ تَحْتَهُ أُمُّ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَةُ أَبِيهِ أَوْ ابْنُهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْزِنَا (وَكَالْمُعْتَدَّةِ) مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَفْرُغْ عِدَّتُهَا (و) كَ (الْمُرْتَدَّةِ) لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهَا (وَ) كَ (الْمَجُوسِيَّةِ) إذَا أَسْلَمَ زَوْجُهَا لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا.
(وَ) كَ (الْحُبْلَى مِنْ الزِّنَا) إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ أَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ (وَ) كَ (الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا) فَلَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا إذَا أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (أَوْ) كَانَ النِّكَاحُ (شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ مَتَى شَاءَ أَوْ) شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ (إلَى مُدَّةٍ هُمَا فِيهَا) حَيْثُ قُلْنَا بِفَسَادِهِ مِنْ الْمُسْلِم كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَيْمِيَّةَ وَصَاحِبُ التَّنْقِيحِ لِأَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ لَا يَدُومُ بَيْنَهُمَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَعِبَارَتُهُ كَالْمُنْتَهَى مُوهِمَةٌ، وَسَبَقَهُمَا الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ إلَيْهَا (وَنَحْوُهُ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا إلَى مُدَّةٍ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فَإِذَا أَسْلَمَا لَمْ يُقَرَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ لَا يَدُومُ بَيْنَهُمَا (بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَ).
التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ (قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ) لَهَا لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ إذَنْ (وَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الدُّخُولِ (فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ وَالِاعْتِقَادِ (وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُبَاحُ إذَنْ) أَيْ حَالَ التَّرَافُعِ أَوْ الْإِسْلَامِ (كَعَقْدِهِ) عَلَيْهَا (فِي عِدَّةٍ) وَلَمْ يَتَرَافَعَا أَوْ يُسْلِمَا حَتَّى (فَرَغَتْ) الْعِدَّةُ (أَوْ) عَقَدَهُ (بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ وَصِيغَةٍ) أَيْ: إيجَابٌ وَقَبُولُ (أَوْ تَزْوِيجِهَا عَلَى أُخْتٍ) لَهَا وَ(مَاتَتْ) أُخْتُهَا (بَعْد عَقْدِهِ وَقَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالتَّرَافُعِ أُقِرَّا) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَا مَعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ: أَنَّ لَهُمَا الْمُقَامَ عَلَى نِكَاحِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ.
(وَإِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فَوَطِئَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا) عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَا لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لَهُ اعْتِقَادُهُ الْحِلُّ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدَاهُ نِكَاحًا لَمْ يُقَرَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَنْكِحَتِهِمْ، وَكَذَا ذِمِّيٌّ) يَعْنِي قَهَرَ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا عَلَيْهِ أَوْ طَاوَعَتْهُ عَلَى الْوَطْءِ وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا عَلَيْهِ وَأَمَّا قَهْرُ الذِّمِّيَّةِ فَلَا يَتَأَتَّى لِعِصْمَتِهَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ قَهَرَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً لَمْ يُقَرَّ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ أَنَّهُمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا أَشَرْتَ إلَيْهِ أَوَّلًا فَلَا تَعَارُضَ (وَمَتَى كَانَ الْمَهْرُ صَحِيحًا) اسْتَقَرَّ (أَوْ) كَانَ الْمَهْرُ (فَاسِدًا) كَخَمْرِ أَوْ خِنْزِيرٍ (وَقَبَضَتْهُ اسْتَقَرَّ) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِمَا فَعَلُوهُ وَيُؤَكِّدهُ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ} وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْمَقْبُوضِ بِإِبْطَالِهِ يَشُقُّ لِتَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ تَصَرُّفَاتِهِمْ فِي الْحَرَامِ وَلِأَنَّ فِي التَّعَرُّضِ لَهُمْ تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنْ الْإِسْلَامِ فَعَفَى عَنْهُ كَمَا عَفَى عَمَّا تَرَكُوهُ مِنْ الْفَرَائِضِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَهْرُ (صَحِيحًا وَلَمْ تَقْبِضهُ أَخَذَتْهُ) لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ (وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ) الْمَهْرَ الْفَاسِدَ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً فَكَذَا الْكَافِرَةُ وَلِأَنَّ الْخَمْرَ لَا قِيمَةَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (أَوْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ خَلَا عَنْ تَسْمِيَةٍ فَوَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْمُسْلِمَةِ.
(وَلَوْ أَسْلَمَا وَالْمَهْرُ خَمْرٌ قَدْ قَبَضَتْهُ فَانْقَلَبَ) الْخَمْرُ (خَلًّا وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ) أَيْ نِصْفِ الْخَلِّ لِأَنَّهُ عَيْنُ الصَّدَاقِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ) قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ بِمِثْلِ نِصْفِهِ) لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ.
(وَإِنْ قَبَضَتْ الزَّوْجَةُ بَعْضَ الْحَرَامِ) كَالْخَمْرِ إذَا قَبَضَتْ مِنْهُ بَعْضَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ التَّرَافُعِ إلَيْنَا اسْتَقَرَّ مَا قَبَضَتْهُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَ(وَجَبَ) لَهَا (مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِاسْتِقْرَارِ مَا قَبَضَتْهُ وَإِلْغَاءِ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ.
(وَتُعْتَبَرُ الْحِصَّةُ فِيمَا يَدْخُلُهُ كَيْلٌ) بِالْكَيْلِ (أَوْ) يَدْخُلُهُ (وَزْنٌ) بِالْوَزْنِ (أَوْ) يَدْخُلُهُ (عَدٌّ بِهِ) أَوْ ذَرْعٌ بِالذَّرْعِ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ كَذَلِكَ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ لِيُعْتَبَرَ بِهَا فَلَوْ أَصْدَقَهَا عَشْرَةَ خَنَازِيرَ فَقَبَضَتْ مِنْهَا خَمْسَةً وَجَبَ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ وَهُوَ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهَا فَاسْتَوَى كَبِيرُهَا وَصَغِيرُهَا.
(فَصْلٌ وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا بِأَنْ تَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ دُفْعَةً وَاحِدَةً قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَدْخُلُ فِي الْمَعِيَّةِ لَوْ شُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْأَوَّلُ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا اخْتِلَافُ دِينٍ (أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ كِتَابِيَّةٍ) أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ (فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) لِأَنَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ فَالِاسْتِمْرَارُ أَوْلَى (سَوَاءٌ كَانَ) ذَلِكَ (قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ) وَسَوَاءٌ كَانَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ أَوْ غَيْرُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ) تَحْت كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ، (أَوْ) أَسْلَمَ (أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غَيْرَ الْكِتَابِيَّيْنِ) كَالْمَجُوسِيِّينَ وَالْوَثَنِيَّيْنِ (قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}- إلَى قَوْلِهِ-
{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}.
إذْ لَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِر أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ دِينَهُمَا اخْتَلَفَ فَلَمْ يَجُزْ اسْتِمْرَارُهُ كَابْتِدَائِهِ وَتُعُجِّلَتْ الْفُرْقَةُ.
(وَلَا يَكُونُ) هَذَا الْفَسْخُ (طَلَاقًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَسْخِ لِلْعَيْبِ وَكَالرِّدَّةِ فَلَوْ أَسْلَمَ الْآخَرُ ثُمَّ أَعَادَهَا فَهِيَ مَعَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ (وَإِنْ سَبَقَتْهُ) بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَلَا مَهْرَ) لَهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا أَشْبَهُ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ (وَإِنْ سَبَقَهَا) بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَلَهَا نِصْفُهُ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ مِنْ جِهَتِهِ أَشْبَهُ مَا لَوْ طَلَّقَهَا.
(وَإِنْ قَالَتْ سَبَقَنِي) وَفِي نُسَخٍ سَبَقَتْنِي بِالْإِسْلَامِ فَلِي نِصْفُ الْمَهْرِ (فَقَالَ بَلْ أَنْتَ سَبَقْتِ) بِالْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَكِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) لِأَنَّهَا تَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ يَدَّعِي سُقُوطَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(وَإِنْ قَالَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (سَبَقَ أَحَدُنَا وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ فَلَهَا أَيْضًا نِصْفُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُقُوطِهِ (وَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ أَسْلَمْنَا مَعًا فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ وَأَنْكَرَتْهُ) فَقَالَتْ بَلْ سَبَقَ أَحَدُنَا بِالْإِسْلَامِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا إذْ يَبْعُدُ اتِّفَاقُ الْإِسْلَامِ مِنْهُمَا دُفْعَةً (وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (بَعْدَ الدُّخُولِ وُقِفَ الْأَمْرُ عَلَى فَرَاغِ الْعِدَّة، فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِيهَا بَقِيَ النِّكَاحُ) لِمَا رَوَى ابْنُ شُبْرُمَةَ قَالَ «كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْلِمُ الرَّجُلُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ قَبْلَهُ، فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّة فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا» وَرُوِيَ «أَنَّ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ كَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ صَفْوَانُ فَلَمْ يُفَرِّقْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ مِنْ شَهْرٍ رَوَاهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: شُهْرَةُ هَذَا الْحَدِيثُ أَقْوَى مِنْ إسْنَادِهِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَسْلَمَتْ أُمُّ حَكِيمٍ وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ إلَى الْيَمَنِ فَارْتَحَلَتْ إلَيْهِ وَدَعَتْهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، وَقَدِمَ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ وَزَوْجُهَا مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَقْدُمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِم الْآخَرُ فِي الْعِدَّة (تَبَيَّنَّا فَسْخُهُ مُنْذُ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ اخْتِلَافُ الدِّينِ فَوَجَبَ أَنْ تُحْسَبَ الْفُرْقَةُ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ.
(وَلَوْ وَطِئَ) فِي الْعِدَّةِ (مَعَ الْوَقْفِ) أَيْ وَقْفِ النِّكَاحِ عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُتَخَلِّفِ وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَطِئَ فِي غَيْرِ مِلْكٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ.
وَفِي الْمُبْدِعِ وَيُؤَدَّبُ (وَإِنْ أَسْلَمَ) الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا مَهْرَ لِذَلِكَ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا فِي نِكَاحِهِ (وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةُ إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ) لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ فَكَانَ لَهَا النَّفَقَةُ لِكَوْنِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْ تَلَافِي نِكَاحِهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَمْ لَا (وَلَا) نَفَقَةَ لَهَا لِلْعِدَّةِ إنْ أَسْلَمَتْ (بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَلَافِي نِكَاحِهَا فَأَشْبَهَتْ الْبَائِنَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ تُسْلِمْ هِيَ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ) مِنْهُمَا بِأَنْ ادَّعَتْ سَبْقَهُ لِتَجِبَ لَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَأَنْكَرَهَا فَقَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَهُوَ يَدَّعِي سُقُوطَهَا (أَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ) فَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا السَّابِقُ (فَقَوْلُهَا) يَعْنِي فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُهَا فَلَا تَسْقُطُ بِالشَّكِّ.
(وَإِنْ قَالَ) الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ (أَسْلَمْتِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مِنْ إسْلَامِي فَلَا نَفَقَةَ لَكِ فِيهِمَا فَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْتُ (بَعْدَ شَهْرٍ) فَلِي نَفَقَةُ الشَّهْرِ الْآخَرِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا تَدَّعِيهِ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ (وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ وَقَالَتْ أَسْلَمْتُ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ بَلْ) أَسْلَمْتِ (بَعْدَهَا فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ (وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ وَقَدْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ (أَسْلَمْتُ فِي عِدَّتِك فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ بَلْ) أَسْلَمْتَ (بَعْدَ انْقِضَائِهَا) فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءَ النِّكَاحِ (وَيَجِبُ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ أَوْ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِشَيْءٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا.
(وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا اتَّفَقَتْ الدَّارَانِ أَوْ اخْتَلَفَتَا) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْن كَوْنِهِمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَامْرَأَتُهُ بِمَكَّةَ لَمْ تُسْلِمْ وَهِيَ حِينَئِذٍ دَارُ حَرْبٍ وَلِأَنَّ أُمَّ حَكِيمٍ أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ وَزَوْجُهَا عِكْرِمَةُ قَدْ هَرَبَ إلَى الْيَمَنِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ وَأُقَرُّوا عَلَى أَنْكِحَتهمْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَالدَّارِ فَلَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كِتَابِيَّةً بِدَارٍ الْحَرْبِ صَحَّ نِكَاحُهُ لِأَنَّهُ يُبَاحُ نِكَاحُهَا إذَا كَانَتْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، فَأُبِيحَ نِكَاحُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْمُسْلِمَةِ.
(فَصْلٌ وَإِنْ ارْتَدَّا) أَيْ الزَّوْجَانِ (مَعًا فَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ الِارْتِدَادَ اخْتِلَافُ دِينٍ وَقَعَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَوَجَبَ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ كَافِرٍ (أَوْ) ارْتَدَّ (أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَاهُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}- إلَى قَوْلِهِ-
{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافُ دِينٍ يَمْنَعُ الْإِصَابَةَ فَأَوْجَبَ النِّكَاحَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ كَافِرٍ (وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِرِدَّتِهَا) لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا.
(وَ) يَسْقُطُ الْمَهْرُ أَيْضًا (بِرِدَّتِهِمَا مَعًا) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا، (وَيَتَنَصَّفُ) الصَّدَاقُ (بِرِدَّتِهِ) وَحْدَهُ، لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُول، (وَإِنْ كَانَتْ) الرِّدَّةُ (بَعْدَ الدُّخُولِ وُقِفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الْعِدَّةِ).
فَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسْخَهُ مِنْ الرِّدَّة كَإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِ الْفَسْخِ حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّةُ، (وَيُمْنَعُ) الزَّوْجُ (مِنْ وَطْئِهَا) إذَا ارْتَدَّ أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ اشْتَبَهَتْ حَالَةُ الْحَظْرِ بِحَالَةِ الْإِبَاحَةِ فَغُلِّبَ الْحَظْرُ احْتِيَاطًا.
(وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِرِدَّتِهَا) لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَلَافِي نِكَاحِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ كَمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَ(لَا) تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (بِرِدَّتِهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنهُ تَلَافِي نِكَاحَهَا بِإِسْلَامِهِ، فَهُوَ كَزَوْجِ الرَّجْعِيَّة وَ(لَا) تَسْقُط نَفَقَتُهَا أَيْضًا (بِرِدَّتِهِمَا مَعًا) لِأَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَتَمَحَّضْ مِنْ جِهَتهَا (وَإِنْ) ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُول أَوْ هُمَا وَوُقِفَ الْأَمْرُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَ(وَطِئَهَا مَعَ الْوَقْفِ أُدِّبَ) لِفِعْلِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ.
(وَوَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِهَذَا الْوَطْءِ إنْ ثَبَتَ عَلَى الرِّدَّةِ) إنْ كَانَتْ مِنْهُمَا (أَوْ ثَبَتَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا) عَلَى رِدَّتِهِ (حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ مُنْذُ الرِّدَّةِ وَأَنَّ الْوَطْءَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ، لَكِنْ لَهُ شُبْهَةُ تَدْرَأُ الْحَدَّ فَوَجَبَ لَهَا مَهْرٌ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا (وَيَسْقُطُ) مَهْرُ الْوَطْءِ حَالَ الْوَقْفِ (إنْ أَسْلَمَا) قَبْلَ انْقِضَائِهَا.
(وَ) أَسْلَمَ (الْمُرْتَدُّ) مِنْهُمَا (قَبْلَ انْقِضَائِهَا) أَيْ الْعِدَّةِ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَطْءَ فِي زَوْجَتِهِ (وَيَجِبُ لَهَا الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعُقْدَةِ وَاسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَسْقُطْ بَعْدُ سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا فَتُطَالِبُ بِهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ) لِاسْتِقْرَارِهِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا حَالَ الْوَقْفِ فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ: وَقَعَ الطَّلَاقُ.
وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ انْتَقَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ (أَوْ) انْتَقَلَ (أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ) كَالْيَهُودِيِّ يَتَنَصَّرُ أَوْ النَّصْرَانِيّ يَتَهَوَّدُ فَكَالرِّدَّةِ (أَوْ تَمَجَّسَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ فَكَالرِّدَّةِ) فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَتَوَقَّفُ بَعْدَهُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ إلَى دِينٍ بَاطِلٍ قَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِهِ، فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ كَالْمُرْتَدِّ وَكَذَا حُكْمُ كِتَابِيَّةٍ تَحْتَ مُسْلِمٍ إذَا تَمَجَّسَتْ أَوْ نَحْوَهُ.

.فَصْلٌ: فيمن أسلم وتحته أكثر من زوجة:

وَإِنْ أَسْلَمَ حُرٌّ وَتَحْتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِنَّ (أَوْ) لَمْ يُسْلِمْنَ وَ(كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَمْسَكَ أَرْبَعًا) مِنْهُنَّ وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهُنَّ كُلُّهُنَّ لِمَا رَوَى قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ «أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَرَوَى مُحَمَّدٌ بْنُ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيّ «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا (وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا) لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ وَتَعْيِينٌ لِلْمَنْكُوحَةِ فَصَحَّ مِنْ الْمُحْرِمِ كَالرَّجْعَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ.
وَلَهُ الِاخْتِيَارُ (وَلَوْ مِنْ مِئَاتٍ) لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الِاخْتِيَارِ بِحَالِ ثُبُوتِهِ وَهُوَ وَقْتُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كُنَّ أَحْيَاءٌ وَقْتَهُ (وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ) أَيْ بَاقِيهِنَّ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مُكَلَّفًا، سَوَاءٌ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْ أَمْسَكَ مِنْهُنَّ أَوَّلُ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ أَوْ آخِرُهُنَّ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَلَوْ كَانَ جُنُونُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ (وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُكَلَّفَ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الِاخْتِيَارُ) لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الشَّهْوَةِ فَلَا تَدْخُلهُ الْوِلَايَةُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (النَّفَقَةُ) لِجَمِيعِهِنَّ (إلَى أَنْ يَخْتَارَ) مِنْهُنَّ أَرْبَعًا لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٍ لِأَجْلِهِ وَهُنَّ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ.
(وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ لَمْ يَقُمْ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِي الِاخْتِيَارِ وَيَأْتِي حُكْمُ الْعِدَّةِ وَالْإِرْثِ (وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (وَلَيْسَ الْبَوَاقِي كِتَابِيَّاتٍ إمْسَاكًا وَفَسْخًا فِي مُسْلِمَةٍ خَاصَّةٍ) إنْ زَادَتْ الْمُسْلِمَاتُ عَلَى أَرْبَعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً مِمَّنْ لَمْ يُسْلِمْنَ لِعَدَمِ حِلِّهَا لَهُ.
(وَلَهُ) أَيْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَ فَأَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ وَبَقِيَ الْبَعْضُ (تَعْجِيلُ إمْسَاكٍ مُطْلَقًا وَ) لَهُ (تَأْخِيرٌ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْبَقِيَّةِ أَوْ يُسْلِمْنَ) فَمَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ خَمْسٌ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ، وَلَهُ الِاخْتِيَارُ إلَى أَنْ يُسْلِمَ الْبَوَاقِي أَوْ تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ.
(وَصِفَةُ الِاخْتِيَارِ: اخْتَرْتُ نِكَاحَ هَؤُلَاءِ، أَوْ اخْتَرْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ أَمْسَكَتْهُنَّ أَوْ اخْتَرْتُ حَبْسَهُنَّ أَوْ) اخْتَرْتُ (إمْسَاكَهُنَّ أَوْ) اخْتَرْتُ (نِكَاحَهُنَّ أَوْ أَمْسَكَتْ نِكَاحَهُنَّ أَوْ ثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ أَوْ ثَبَّتُّهُنَّ أَوْ أَمْسَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ تَرَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ اخْتَرْتُ هَذِهِ لِلْفَسْخِ أَوْ) اخْتَرْتُهَا (لِلْإِمْسَاكِ وَنَحْوَهُ) كَأَبْقَيْتُ هَذِهِ وَبَاعَدْتُ هَذِهِ.
(وَإِنْ قَالَ لِمَنْ زَادَ عَلَى أَرْبَعَ: فَسَخْتُ نِكَاحَهُنَّ كَانَ اخْتِيَارًا لِلْأَرْبَعِ) لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ سَرَّحْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ فَارَقْتُهُنَّ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا لَهُنَّ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَلَا اخْتِيَارًا لِغَيْرِهِنَّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) فَيَعْمَلُ بِمَا نَوَاهُ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ، وَالنِّيَّةُ مُعَيِّنَةٌ لِلْمَقْصُودِ (وَالْمَهْرُ لِمَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِالِاخْتِيَارِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا) لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَسْقُطْ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (فَلَهَا مَهْرُهَا) لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ ابْتِدَائِهِ وَاسْتِدَامَتِهِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفُرْقَةَ) بِشَرْطٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ تَعْلِيقُ (الِاخْتِيَارِ بِشَرْطٍ) فَلَا يَصِحُّ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَلَقَدْ اخْتَرْتُهَا، أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ دَارَ فُلَانٍ فَقَدْ فَارَقْتُهَا وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ يُوجَدُ فِيمَنْ يُحِبُّهَا فَيُفْضِي إلَى تَنْفِيرِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ الْقُرْعَةُ فِيهِ فَإِنْ عَلَّقَ الْفَسْخَ بِشَرْطٍ وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ.
(وَ) يَصِحُّ (فَسْخُ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمهَا) أَيْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فَسْخَ نِكَاحِهَا (إسْلَامُ أَرْبَعٍ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ اخْتَارَ أَوَّلًا فَسْخَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ صَحَّ إنْ تَقَدَّمَهُ (إسْلَامُ أَرْبَعٍ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ اخْتَارَ أَوَّلًا فَسْخَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ صَحَّ إنْ تَقَدَّمَهُ إسْلَامُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِحَالٍ.
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: وَإِنْ اخْتَارَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَ، أَوْ اخْتَارَ تَرْكَ الْجَمِيع أُمِرَ بِطَلَاقِ أَرْبَعَ أَوْ تَمَامِ أَرْبَعَ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَا يَبِنَّ مِنْهُ إلَّا بِطَلَاقٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ.
(وَعِدَّةُ ذَوَاتِ الْفَسْخِ مِنْ مُنْذُ اخْتَارَ) لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ حَصَلَتْ بِهِ (وَفُرْقَتُهُنَّ فَسْخٌ) لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ طَلَاقِهِنَّ لَوْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ بَعْدُ (وَعِدَّتُهُنَّ كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ) لِأَنَّهُنَّ مُفَارِقَاتُ حَالَ الْحَيَاةِ (وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَى الْمُخْتَارَاتِ أَوْ بَانَتْ مِنْهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ وَاحِدَةً مِنْ الْمُفَارَقَاتِ) لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا كَانَ لِعَارِضٍ وَقَدْ زَالَ.
(وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ) يَعْنِي أَنَّ الْفَسْخَ لَا يُحْتَسَبُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ طَلَاقًا (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) مِنْ نِسَائِهِ مَا لِلْفَسْخِ وَمَا لِلْإِمْسَاكِ (أُجْبِرَ) عَلَى الِاخْتِيَارِ (بِحَبْسٍ ثُمَّ تَعْزِيرٍ) لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ حَقٌّ عَلَيْهِ فَأُلْزِمَ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ إنْ امْتَنَعَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَخْتَارَ عَنْهُ) كَمَا يُطَلِّقُ عَلَى الْمُولِي لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ (وَلَهُنَّ النَّفَقَةُ حَتَّى يَخْتَارَ) لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ لِأَجْلِهِ وَتَقَدَّمَ.
(فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ اخْتَارَهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ (أَوْ وَطِئَهَا فَقَدْ اخْتَارَهَا) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مِلْكٍ كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ.
(وَإِنْ وَطِئَ الْكُلَّ تَعَيَّنَ) الْأَرْبَعَ (الْأُوَلُ لَهُ) أَيْ لِلْإِمْسَاكِ وَمَا عَدَاهُنَّ تَعَيَّنَ لِلتَّرْكِ (وَإِنْ ظَاهَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ (أَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ قَذَفَهَا لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا) لَهَا لِأَنَّ هَذِهِ كَمَا تَدُلُّ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَنْكُوحَةِ؛ تَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِ تَرْكِهَا فَيَتَعَارَضُ الِاخْتِيَارُ وَعَدَمُهُ فَلَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (فَإِنْ طَلَّقَ الْكُلَّ ثَلَاثًا أُخَرَ بِالْقُرْعَةِ أَرْبَعُ مِنْهُنَّ وَكُنَّ الْمُخْتَارَاتُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِنَّ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَ فَإِذَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى الْجَمِيعِ أُخْرِجَ الْأَرْبَعُ الْمُطَلَّقَاتُ بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لَا بِعَيْنِهِنَّ.
(وَلَهُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَرْبَعِ) فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا فَكُلَّمَا انْقَضَتْ عِدَّةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ فَلَهُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُفَارَقَاتِ.
(وَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (فَعَلَى الْجَمِيعِ أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إنْ كُنَّ مِمَّنْ يَحِضْنَ) لِتَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بِيَقِينٍ لِأَنَّ عِدَّةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُخْتَارَةً أَوْ مُفَارَقَةً وَعِدَّةُ الْمُخْتَارَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَعِدَّةُ الْمُفَارَقَةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ فَأَوْجَبْنَا أَطْوَلَهُمَا (وَعِدَّةُ حَامِلٍ بِوَضْعِهِ) لِأَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ عِدَّتُهَا.
(وَ) عِدَّةُ (صَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ بِعِدَّةِ وَفَاةٍ) لِأَنَّهَا أَطْوَلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (وَالْمِيرَاثُ لِأَرْبَعَ) مِنْهُنَّ (بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَا زَوْجِيَّةَ فِيهِمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ.
(وَإِنْ اخْتَرْنَ جَمِيعُهُنَّ الصُّلْحَ) وَكُنَّ مُكَلَّفَاتٍ رَشِيدَاتٍ (جَازَ كَيْفَ مَا اصْطَلَحْنَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُنَّ (وَمَنْ هَاجَرَ إلَيْنَا) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (بِذِمَّةٍ مُؤَبَّدَةٍ أَوْ أَسْلَمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (أَوْ أَسْلَمَ) أَحَدُهُمَا (وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) بِاخْتِلَافِ الدَّارِ لِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الدِّينِ فَقَدْ مَضَى تَفْصِيلُهُ.
(وَإِنْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا زَوْجَانِ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ زَوْجَيْنِ (تَزَوَّجَاهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ أَحَدَهُمْ وَلَوْ أَسْلَمُوا مَعًا) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلُّ وِفَاقٍ (وَإِنْ كَانَ) تَزْوِيجُهُمْ بِهَا (فِي عُقُودٍ فَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ وَمَا بَعْدَهُ بَاطِلٌ).
(وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَوْ امْرَأَةٌ وَعَمَّتُهَا أَوْ) امْرَأَةٌ (وَخَالَتُهَا) وَنَحْوَهُ (اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدَةً إنْ كَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ) كَانَتَا غَيْرُهُمَا كَمَجُوسِيَّتَيْنِ.
(وَأَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ) أَسْلَمَتَا (بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ عِدَّةً) بِأَنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا لِمَا رَوَى الضَّحَّاكُ بْنُ فَيْرُوزِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي امْرَأَتَانِ أُخْتَانِ فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.
وَفِي لَفْظٍ لِلتِّرْمِذِيِّ «اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتْ» وَلِأَنَّ الْمُبْقَاةَ امْرَأَةٌ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا فَجَازَ لَهُ اسْتِدَامَتُهُ كَغَيْرِهَا، وَلِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْجَمْعُ وَقَدْ أَزَالَهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ إحْدَاهُمَا وَلَا مَهْرَ لِغَيْرِ الْمُخْتَارَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ أَشْبَهَ تَزَوُّجَ الْمَجُوسِيِّ أُخْتَهُ (وَإِنْ كَانَتَا) أَيْ اللَّتَانِ تَحْتَ مَنْ أَسْلَمَ (أُمًّا وَبِنْتًا) أَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ (فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}.
وَهَذِهِ أُمُّ زَوْجَتِهِ فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ الْبِنْتَ وَحْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا إذَا أَسْلَمَ فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَتَمَسَّكَ بِنِكَاحِهَا فَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَيَبْقَى نِكَاحُ الْبِنْتِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا) أَيْ بِالْأُمِّ وَالْبِنْتِ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا أَمَّا الْأُمُّ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ دَخَلَ بِأُمِّهَا (أَوْ) كَانَ دَخَلَ (بِالْأُمِّ) وَحْدَهَا (فَسَدَ نِكَاحُهَا) لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا وَحْدَهَا.
(وَإِنْ اخْتَارَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا) كَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (لَمْ يَطَأْهَا) أَيْ الْمُخْتَارَةِ (حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا) وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يَجْمَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ نَحْوِ أُخْتَيْنِ (وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَ) فَلَا يَجْمَعُ مَاءَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ رَحِمِ أَرْبَعَ.
(فَإِنْ كُنَّ ثَمَانِيًا وَاخْتَارَ أَرْبَعًا وَفَارَقَ الْبَاقِيَاتِ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْ الْمُخْتَارَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَاتِ أَوْ يَمُتْنَ) يَعْنِي كُلَّمَا انْقَضَتْ عِدَّةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُفَارَقَاتِ فَلَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ (وَإِنْ كُنَّ خَمْسًا فَفَارَقَ إحْدَاهُنَّ) وَأَمْسَكَ أَرْبَعًا (فَلَهُ وَطْءُ ثَلَاثٍ مِنْ الْمُخْتَارَات وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَةِ وَإِنْ كُنَّ سِتًّا فَفَارَقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ وَطْءُ اثْنَتَيْنِ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ) وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ إحْدَى الْمُفَارَقَتَيْنِ فَلَهُ وَطْءُ ثَالِثَةٍ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ (وَإِنْ كُنَّ سَبْعًا فَفَارَقَ ثَلَاثًا فَلَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ وَكُلَّمَا انْقَضَتْ عِدَّةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُفَارَقَاتِ فَلَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ وَإِنْ أَسْلَمَ) الزَّوْجُ (قَبْلَهُنَّ) أَيْ قَبْلَ إسْلَامِ مَنْ تَحْتَهُ وَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ (ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ ثُمَّ أَسْلَمْنَ بَعْدَهَا تَبَيَّنَّا أَنَّ طَلَاقَهُ لَمْ يَقَعْ بِهِنَّ) لِأَنَّهُنَّ قَدْ بِنَّ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ فَلَا يَلْحَقُهُنَّ طَلَاقُهُ.
(وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعَ مِنْهُنَّ) فِي الْحَالِ (وَإِنْ كَانَ وَطِئَهُنَّ) حَالَ الْوَقْفِ (تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَطِئَ غَيْرَ نِسَائِهِ) فَيُؤَدَّبُ وَيَجِب لَهُنَّ مَهْرُ الْمِثْلِ حَيْثُ لَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ (وَإِنْ آلَى مِنْهُنَّ أَوْ ظَاهَرَ أَوْ قَذَفَ) هُنَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ (تَبَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ خَاطَبَ ذَلِكَ أَجْنَبِيَّةٍ) لِأَنَّهُنَّ قَدْ بِنَّ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
وَإِنْ أَسْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَ الْجَمِيعَ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ أُمِرَ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ فَإِذَا اخْتَارَهُنَّ تَبَيَّنَّا أَنْ طَلَاقَهُ وَقَعَ بِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ زَوْجَاتٌ وَيَعْتَدِدْنَ مِنْ حِينِ طَلَاقِهِ وَبِأَنَّ الْبَوَاقِيَ بِاخْتِيَارِهِ لِغَيْرِهِنَّ وَلَا يَقَعُ بِهِنَّ طَلَاقُهُ وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَاتِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مُطَلَّقَاتٍ وَالْفَرْقُ بَيْن هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا طَلَّقَهُنَّ بَعْدَ إسْلَامِهِنَّ لِأَنَّ طَلَاقَهُنَّ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ فِي زَمَنٍ لَيْسَ لَهُ الِاخْتِيَارُ فِيهِ فَإِذَا أَسْلَمْنَ تَجَدَّدَ لَهُ الِاخْتِيَارُ حِينَئِذٍ وَبَعْدَ إسْلَامِهِنَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَهُ الِاخْتِيَارُ وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ اخْتِيَارًا وَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي الْجَمْعِ وَلَيْسَ بَعْضُهُنَّ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ فَصِرْنَا إلَى الْقُرْعَةِ لِتَسَاوِي الْحُقُوقِ.
(فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا زَوْجَةٌ فَوَقَعَ طَلَاقُهُ بِهَا وَكَانَ وَطْؤُهُ لَهَا) أَيْ: وَطْؤُهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ (وَطْءٌ لِمُطَلَّقَتِهِ) فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَانَ رَجْعَةً وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَوَطْؤُهُ شُبْهَةٌ يَجِبُ لَهَا بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمَوْطُوءَةِ (فَوَطْؤُهُ لَهَا وَطْءٌ لِامْرَأَتِهِ) لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِهِ (وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا) فَهُوَ وَطْءٌ لِامْرَأَتِهِ لَا شَيْءَ بِهِ عَلَيْهِ (وَإِنْ) أَسْلَمَ قَبْلَهُنَّ ثُمَّ (طَلَّقَ الْجَمِيعَ) قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ (فَأَسْلَمَ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَوْ) أَسْلَمَ (أَقَلُّ) مِنْ أَرْبَعٍ (فِي عِدَّتِهِنَّ وَلَمْ يُسْلِمْ الْبَوَاقِي تَعَيَّنَتْ الزَّوْجِيَّةُ فِي الْمُسْلِمَاتِ) لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَتَجَاوَزْنَ أَرْبَعًا (وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِنَّ) لِأَنَّهُنَّ مَحَلٌّ لَهُ (فَإِنْ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي) بَعْدَ عِدَّتِهِنَّ (فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّج مِنْهُنَّ) إلَى أَرْبَعٍ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يُطَلَّقْنَ مِنْهُ.