فصل: شروط وجوب الزكاة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.شروط وجوب الزكاة:

(وَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْوَالِ (إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ):

.(الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ):

فَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (بِمَعْنَى الْأَدَاءِ) أَيْ: بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِبْ عَلَيْهِ أَدَاءُ الزَّكَاةِ حَالَ كُفْرٍ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْكُفَّارَ يُعَاقَبُونَ عَلَى سَائِرِ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ، كَالتَّوْحِيدِ (عَلَى كُلِّ كَافِرٍ) أَيْ: فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْكُفَّارِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِمْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ: «إنَّك تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَى كَافِرٍ، كَالصِّيَامِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (مُرْتَدًّا) سَوَاءً حَكَمْنَا بِبَقَاءِ الْمِلْكِ مَعَ الرِّدَّةِ أَوْ زَوَالِهِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ».
(وَلَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى (عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ بِتَمْلِيكٍ) مِنْ سَيِّدٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ تَمْلِيكٍ، فَلَا مَالَ لَهُ، وَكَذَا الْأَمَةُ (وَزَكَاةُ مَا بِيَدِهِ) أَيْ: الرَّقِيقِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ (عَلَى سَيِّدِهِ، وَلَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمُّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ.
(وَلَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ (عَلَى مُكَاتَبٍ لِنَقْصِ مِلْكِهِ) فَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ حَتَّى يَعْتِقَ» رَوَاه الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَهُ جَابِرُ وَابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ حَاجَتِهِ إلَى فَكِّ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ بِمَالِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ حَاجَةِ الْحُرِّ الْمُفْلِسِ بِمَسْكَنِهِ، وَثِيَابِ بَذْلَتِهِ، فَكَانَ بِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْهُ أَوْلَى وَأَحْرَى.
(بَلْ) تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى (مُعْتَقٍ بَعْضُهُ) بِقَدْرِ مِلْكِهِ (فَيُزَكَّى) الْبَعْضُ (مَا مَلَكَ) مِنْ مَالٍ زَكَوِيٍّ (بِحُرِّيَّةٍ) أَيْ: بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ تَامٌّ أَشْبَهَ الْحُرَّ.
(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (وَوَهَبَهُ شَيْئًا) زَكَوِيًّا (ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ) أَوْ الْأَمَةَ (كَانَ حُرًّا، فَلَهُ) أَيْ: السَّيِّدِ (أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا) كَانَ (وَهَبَهُ) لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَلِكُهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِهِ وَيُزَكِّيه أَيْ: الْمَالَ السَّيِّدُ، لِمَا مَضَى لِأَنَّهُ مَالَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فَإِنْ تَرَكَهُ السَّيِّدُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ حُرِّيَّتَهُ زَكَّاهُ لِآخِذٍ لَهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ تَامُّ الْمِلْكِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ حِينِ التَّرْكِ لِأَنَّهُ وَقْتَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، حَكَاهُ عَنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَكَذَا رَوَاهُ مَالِك فِي مُوَطَّئِهِ وَالشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُعْرَف لَهُمْ مُخَالِفٌ وَقَدْ قَالُوهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَاشْتُهِرَ فَلَمْ يُنْكَر فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» رَوَاه الْجَمَاعَةُ وَلَفْظَةُ الْأَغْنِيَاءِ تَشْمَلُ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ كَمَا شَمَلَتْهُمْ لَفْظَةُ الْفُقَرَاءِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «انْتَمُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تُذْهِبُهَا، أَوْ لَا تَسْتَهْلِكُهَا، الصَّدَقَةُ» وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِأَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَنَا، وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ.
(وَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ) أَيْ: الَّذِي وُقِفَ لَهُ فِي إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَانْفَصَلَ حَيًّا لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، مَا دَامَ حَمْلًا وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْدَانَ يَجِبُ، لِحُكْمِنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِي الْوَرَثَةِ.

.الثَّالِثُ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ: (مِلْكُ نِصَابٍ):

لِلنُّصُوصِ وَلَا فَرْقَ بَيْن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يُرَدُّ الرِّكَازُ، لِأَنَّ شَبَهَهُ بِالْغَنِيمَةِ أَكْثَرُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَلِهَذَا وَجَبَ فِيهِ الْخُمْسُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الدَّيْنُ (فَـ) النِّصَابُ (فِي أَثْمَانٍ وَعُرُوضٍ تَقْرِيبٌ) لَا تَحْدِيدٌ (فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ حَبَّتَيْنِ) لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ غَالِبًا فَهُوَ كَنَقْصِ الْحَوْلِ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمُوَاسَاةِ لِأَنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ لَا حُكْمَ لَهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ كَالْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَانْكِشَافِ يَسِيرٍ مِنْ الْعَوْرَةِ، وَالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ، فَكَذَا هُنَا فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بَيِّنًا كَالدَّانِقَيْنِ لَمْ تَجِبْ.
(وَ) النِّصَابُ (فِي مَزْرُوعٍ) ثَمَرٍ وَزَرْعٍ (تَحْدِيدٌ) كَالْمَاشِيَةِ فَلَوْ نَقْصَ يَسِيرًا لَمْ تَجِبْ (وَقِيلَ) النِّصَابُ فِي ثَمَرٍ وَزَرْعٍ (تَقْرِيبٌ) كَالْأَثْمَانِ (فَلَا يُؤَثِّرُ) نَقْصٌ (نَحْوَ رَطْلَيْنِ) بِنَحْوِ الْبَغْدَادِيِّ (وَمُدَّيْنِ وَيُؤَثِّرَانِ) أَيْ: نَقْصُهُمَا (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَوَّلِ) وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: الْقَوْلَيْنِ (لَا اعْتِبَارَ بِنَقْصٍ بِتَدَاخُلٍ فِي الْمَكَايِيلِ كَالْأُوقِيَّةِ) فَلَا يَمْنَعُ نَقْصُهَا الْوُجُوبَ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِالْحِسَابِ) لِعُمُومِ مَا يَأْتِي فِي أَبْوَابِهِ (إلَّا فِي السَّائِمَةِ، فَلَا زَكَاةَ فِي وَقَصِهَا) لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْد فِي غَرِيبِهِ مَرْفُوعًا «لَيْسَ فِي الْأَوْقَاصِ صَدَقَةٌ» وَقَالَ: الْوَقَصُ: مَا بَيْن النِّصَابَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: «أُمِرْتُ فِي الْأَوْقَاصِ، بِشَيْءٍ قَالَ: لَا وَسَأَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لَا» رَوَاه الدَّارَقُطْنِيّ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ مَغْصُوبَةٌ فَأَخَذَ مِنْهَا بَعِيرًا بَعْد الْحَوْلِ، زَكَّاهُ بِخُمْسِ شَاةٍ.

.الرَّابِعُ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ (تَمَامُ الْمِلْكِ):

فِي الْجُمْلَةِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ لِأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ لَيْسَ نِعْمَةً كَامِلَةً وَهِيَ إنَّمَا تَجِبُ فِي مُقَابَلَتِهَا، إذْ الْمِلْكُ التَّامُّ عِبَارَةٌ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ لَمْ يَتَعَلَّق بِهِ غَيْرُهُ، يَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى حَسَبِ اخْتِيَارِهِ وَفَوَائِدُهُ حَاصِلَهُ لَهُ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: النِّصَابُ الزَّكَوِيُّ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَكَمَا يَدْخُلُ فِيهِ تَمَامُ الْمِلْكِ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ أَوْ يُقَالُ: الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطَانِ لِلسَّبَبِ، فَعَدَمُهُمَا مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ السَّبَبِ وَانْعِقَادِهِ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ شُرُوطًا لِلْوُجُوبِ كَالْحَوْلِ، فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ، بِلَا خِلَافٍ لَا أَثَرَ لَهُ فِي السَّبَبِ (فَلَا زَكَاةَ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ الْأَدَاءِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا.
(وَلَا) زَكَاةَ (فِي السَّائِمَةِ وَغَيْرِهَا الْمَوْقُوفَةِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَالْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَنَحْوِهِمَا) كَمَدْرَسَةٍ، لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ لَهَا (كَمَالٍ مُوصَى بِهِ فِي) غَيْرِ (وُجُوهِ بِرٍّ) أَيْ: خَيْرَاتٍ مِنْ غَزْوٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَالٍ مُوصَى بِهِ (يُشْتَرَى بِهِ مَا يُوقَف، فَإِنْ اتَّجَرَ بِهِ وَصَّى قَبْلَ مَصْرِفِهِ) فِيمَا وُصِّيَ بِهِ (فَرَبِحَ) الْمَالُ (فَرِبْحُهُ مَعَ أَصْلِ الْمَالِ) يُصْرَفُ (فِيمَا وَصَّى فِيهِ) لِتَبَعِيَّةِ الرِّبْحِ لِلْأَصْلِ.
(وَلَا زَكَاةَ فِيهِمَا) لِعَدَمِ الْمَالِكِ الْمُعَيِّنِ (وَإِنْ خَسِرَ) الْمَالَ (ضَمِنَ) الْوَصِيُّ (النَّقْصَ) لِمُخَالَفَتِهِ إذَنْ (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي سَائِمَةٍ) مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، لِلْعُمُومِ، وَكَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ.
وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي لِنَقْصِهِ (وَ) تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي (غَلَّةِ أَرْضٍ)، وَغَلَّةِ (شَجَرٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ) إنْ بَلَغَتْ الْغَلَّةُ نِصَابًا نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ لَيْسَ وَقْفًا، بِدَلِيلِ بَيْعِهِ.
(وَيُخْرِجُ مِنْ غَيْرِ السَّائِمَةِ) كَالزَّرْعِ وَالثَّمَرِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِخِلَافِ السَّائِمَةِ فَلَا يُخْرِجُ مِنْهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ (فَإِنْ كَانُوا) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُعَيَّنُونَ (جَمَاعَةً وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ غَلَّتِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ شَجَرٍ (نِصَابًا، وَجَبَتْ) الزَّكَاةُ وَكَذَا لَوْ بَلَغَتْ حِصَّةُ بَعْضِهِمْ نِصَابًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَبْلُغ حِصَّةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا (فَلَا) زَكَاةَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ (وَلَا فِي حِصَّةِ مُضَارِبٍ) مِنْ الرِّبْحِ (قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ مُلِكَتْ) أَيْ: وَلَوْ قُلْنَا: تُمْلَكُ (بِالظُّهُورِ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا (فَلَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهَا) بِالْقِسْمَةِ أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهَا.
(وَيُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ حِصَّتَهُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الرِّبْحِ (كَالْأَصْلِ) أَيْ: رَأْسِ الْمَالِ (لِمِلْكِهِ) الرِّبْحَ (بِظُهُورِهِ) وَتَبَعِيَّتِهِ لِمَا لَهُ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ وَلَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةَ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهَا (فَلَوْ دَفَعَ) حُرٌّ مُسْلِمٌ (إلَى رَجُلٍ أَلْفًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَقَدْ رَبَحَ) الْمَالُ (أَلْفَيْنِ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ أَلْفَيْنِ) رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّته مِنْ الرِّبْحِ (فَإِنْ أَدَّاهَا) أَيْ: زَكَاةَ الْأَلْفَيْنِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ (حُسِبَ) مَا أَدَّاهُ (مِنْ الْمَالِ وَالرِّبْحِ، فَيُنْقَصُ رُبُعُ عُشْرِ رَأْسِ الْمَالِ) وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ.
(وَالْمَالُ الْمُوصَى بِهِ) لِمُعَيَّنٍ (يُزَكِّيه مَنْ حَالِ الْحَوْلُ وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ) سَوَاءً الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ (وَلَوْ وَصَّى بِنَفْعِ نِصَابِ سَائِمَةٍ زَكَّاهَا مَالِكُ الْأَصْلِ) كَالْمَوْجُودَةِ.
(وَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَلِيءٍ) أَيْ: قَادِرٍ عَلَى وَفَائِهِ (بَاذِلٍ) لِلدَّيْنِ (مِنْ قَرْضٍ أَوْ دَيْنٍ، عُرُوضِ تِجَارَةٍ أَوْ مَبِيعٍ لَمْ يَقْبِضْهُ) كَمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوَّلًا، أَوْ دَيْنِ سَلَمٍ إنْ كَانَ) دَيْنُ السَّلَمِ (لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ أَثْمَانًا) هَكَذَا عِبَارَةُ الْإِنْصَافِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَهَى: لَا تَجِبُ فِي دَيْنِ سَلَمٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَثْمَانًا أَوْ لِلتِّجَارَةِ انْتَهَى وَعَلَيْهِ: يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ أَيْ: إنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ فِي حَالِ كَوْنِهِ غَيْرَ أَثْمَانٍ فَإِنْ كَانَ أَثْمَانًا لَمْ يُعْتَبَر كَوْنُهَا لِلتِّجَارَةِ (أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِمَا) أَيْ: عِوَضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَهُوَ الْمَبِيعُ؛ وَعِوَضِ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ.
وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ مَا دَامَا بِالْمَجْلِسِ وَلَمْ يُنَبَّه عَلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ، مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهِ (وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ) أَيْ: عَقْدُ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا تَسْقُطُ زَكَاتُهُ (أَوْ) دَيْنٍ مِنْ (صَدَاقٍ أَوْ عِوَضِ خُلْعٍ أَوْ أُجْرَةٍ) بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ بِذَلِكَ، أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شَيْئًا كَذَلِكَ، فَيَجْرِي ذَلِكَ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ (بِالْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوْفِ) مِنْهُ (الْمَنْفَعَةُ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فِي النِّكَاحِ أَوْ الْإِجَارَةِ لِمِلْكِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْعَقْدِ (وَكَذَا كُلُّ دَيْنٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، أَوْ) فِي مُقَابَلَةِ (مَالٍ غَيْرِ زَكَوِيٍّ، كَمُوصَى بِهِ وَمَوْرُوثٍ، وَثَمَنِ مَسْكَنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَقِيمَةِ عَبْدٍ مُتْلَفٍ وَجُعْلٍ بَعْدَ عَمَلٍ، وَمُصَالَح بِهِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ (جَرَى فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ مِنْ حِينِ مِلْكِهِ، عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي جَمِيعِهِ مُسْتَقِرٌّ، وَتَعْرِيضُهُ لِلزَّوَالِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ.
وَهُوَ ظَاهِرُ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ فِي الصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَالْأُجْرَةِ وَالصَّدَاقِ، وَعِوَضُ الْخُلْعِ إذَا كَانَ مُبْهَمًا اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلَ مَنْ تَعْيِينِهِ (مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، لَا) إنْ كَانَ الدَّيْنُ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْبَعِينَ شَاةً مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ (لِاشْتِرَاطِ السَّوْمِ) فِيهَا (فَإِنْ عُيِّنَتْ زُكِّيَتْ كَغَيْرِهَا وَكَذَا الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ لَا تُزَكَّى لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّن مَالًا زَكَوِيًّا) لِأَنَّ الْإِبِلَ فِي الدِّيَةِ أَحَدُ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ وَقَوْلُهُ (زَكَاة) أَيْ: الدَّيْن الْمَذْكُور (إذَا قَبَضَهُ، أَوْ) قَبَضَ (شَيْئًا مِنْهُ) جَوَاب قَوْلِهِ: وَمَنْ لَهُ دَيْنٌ، لِجَرَيَانِهِ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ لِمَا سَبَقَ (فَكُلَّمَا قَبَضَ شَيْئًا) مِنْ الدَّيْنِ (أَخْرَجَ زَكَاتَهُ) لِمَا مَضَى (وَلَوْ لَمْ يَبْلُغ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا) حَيْثُ بَلَغَ أَصْلُهُ نِصَابًا وَلَوْ بِالضَّمِّ إلَى غَيْرِهِ.
رَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ «لَا زَكَاةَ فِي الدَّيْنِ حَتَّى يُقْبَضَ» ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ وَلَمْ يُعْرَف لَهُمْ مُخَالِفٌ (أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ فَيُزَكِّيهِ (لِمَا مَضَى) وَسَوَاء (قَصَدَ بِبَقَائِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَدِينِ (الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ لَا) وَسَوَاء كَانَ الْمَدِينُ يُزَكِّيه أَوْ لَا (وَيُجْزِئ إخْرَاجُهَا) أَيْ: زَكَاةِ الدَّيْنِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) لِقِيَامِ الْوُجُوبِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ، وَعَدَمُ إلْزَامِهِ بِالْإِخْرَاجِ قَبْلَ قَبْضِهِ رُخْصَةٌ فَلَيْسَ كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ.
(وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ) أَيْ: الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (بَعْضُ نِصَابٍ وَبَاقِيه دَيْنٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ ضَالٌّ زَكَّى مَا بِيَدِهِ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَتَمَامِ النِّصَابِ (وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا ظَنَّ رُجُوعَهُ) أَيْ: الضَّالِّ، وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ مِلْكُ النِّصَابِ.
(وَكُلُّ دَيْنٍ) مِنْ صَدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (سَقَطَ قَبْلَ قَبْضِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (لَمْ يُتَعَوَّض عَنْهُ) أَيْ: لَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ عِوَضًا وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ (كَنِصْفِ صَدَاقٍ) سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ (قَبْلَ قَبْضِهِ بِطَلَاقٍ) أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ) كَصَدَاقٍ سَقَطَ (كُلُّهُ لِانْفِسَاخِهِ مِنْ جِهَتِهَا) كَفَسْخِهَا لِعَيْبِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ وَلَمْ يُقْبَضْ الدَّيْن وَلَا أَبْرَأَ مِنْهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَنَحْوِهِ بِنِصَابِ أَثْمَانٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ تَلَفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ: انْفَسَخَ الْبَيْعُ؛ وَسَقَطَتْ الزَّكَاةُ، لِسُقُوطِ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرَى، بِلَا إبْرَاءٍ وَلَا إسْقَاطٍ وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ رَقِيقٍ دَيْنٌ ثُمَّ اشْتَرَاهُ رَبُّ الدَّيْنِ سَقَطَ وَسَقَطَتْ زَكَاتُهُ لِمَا ذُكِرَ.
(وَإِنْ أَسْقَطَهُ) أَيْ: الدَّيْنَ (رَبُّهُ) بِأَنْ أَبْرَأ مِنْهُ (زَكَّاهُ وَإِنْ أَخَذَ بِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ (عِوَضًا أَوْ أَحَالَ) عَلَيْهِ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (زَكَّاهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ كَقَبْضِهِ (كَعَيْنٍ) تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَدِيعَةً أَوْ نَحْوِهَا (وَهَبَهَا) مَالِكُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ لِمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ فَلَا تَسْقُطُ زَكَاتُهَا عَنْهُ لِاسْتِقْرَارِهَا عَلَيْهِ.
(وَلِلْبَائِعِ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَبِيعٍ) مَشْرُوطٍ (فِيهِ خِيَارٌ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَبِيعِ، لِسَبْقِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهِ عَلَى الْمَبِيعِ (فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي قَدْرِهِ) أَيْ: قَدْرِ مَا أَخْرَجَهُ عَنْ الزَّكَاةِ، لِتَفْوِيتِهِ إيَّاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ زَكَّتْ) الْمَرْأَةُ (صَدَاقَهَا كُلَّهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ) الصَّدَاقُ (بِطَلَاقٍ) أَوْ نَحْوِهِ (رَجَعَ) الزَّوْجُ (فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الصَّدَاقِ (بِكُلِّ حَقِّهِ) وَهُوَ النِّصْفُ تَامًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} وَالزَّكَاةُ فَاتَتْ عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ لَهَا.
(وَلَا يُجْزِيهَا) أَيْ: الْمُطَلَّقَةَ (زَكَاتُهَا مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الصَّدَاقِ (بَعْدَ طَلَاقِهِ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَصِفَهُ (لِأَنَّهُ مُشْتَرِكٌ) فَلَا تَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (وَمَتَى لَمْ تُزَكِّهِ) ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ نَحْوه قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ بِنِصْفِهِ كَامِلًا) لِلْآيَةِ (وَتُزَكِّيه) أَيْ: الصَّدَاقَ كُلَّهُ (هِيَ) لِجَرَيَانِهِ فِي مِلْكِهَا إلَى الْحَوْلِ وَكَذَا لَوْ سَقَطَ كُلُّهُ لِفَسْخِهَا لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ وَزَكَاتِهِ إنْ مَضَى حَوْلٌ فَأَكْثَرُ عَلَيْهَا.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (أَيْضًا فِي دَيْنٍ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ) وَهُوَ الْمُعْسِرُ (وَ) دَيْنٍ (عَلَى مُمَاطِلٍ وَفِي) دَيْنٍ (مُؤَجَّلٍ، وَ) فِي (مَجْحُودٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَا) لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ، فَيُزَكِّي ذَلِكَ إذَا قَبَضَهُ، لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنٍ عَبَّاسٍ لِلْعُمُومِ كَسَائِرِ مَالِهِ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ أَيْضًا (فِي مَغْصُوبٍ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ، أَوْ) فِي (بَعْضِهِ) بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ تَالِفًا لِأَنَّهُ مَالٌ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَالْحَوَالَةِ بِهِ وَعَلَيْهِ أَشْبَهَ الدَّيْنَ عَلَى الْمَلِيءِ، فَيُزَكِّيه مَالِكُهُ إذَا قَبَضَهُ، لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ (وَيَرْجِعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّكَاةِ لِنَقْصِهِ) أَيْ: زَكَاةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ زَمَنَ غَصْبِهِ (أَيْ: الْمَالِ) بِيَدِهِ (أَيْ: الْغَاصِبِ) كَتَلَفِهِ (أَيْ: تَلَفِ الْمَغْصُوبِ بِيَدِ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، فَكَذَا نَقْصِهِ).
وَتَجِبُ (الزَّكَاةُ) فِي (مَالٍ ضَائِعٍ كَلُقَطَةٍ، فَ) زَكَاةُ (حَوْلِ التَّعْرِيفِ عَلَى رَبِّهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ إذَا وَجَدَهَا (وَ) زَكَاةُ (مَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ حَوْلِ التَّعْرِيفِ (عَلَى مُلْتَقِطٍ) لِدُخُولِ اللُّقَطَةِ فِي مِلْكِهِ بِمُضِيِّ حَوْلِ التَّعْرِيفِ بِشَرْطِهِ كَالْإِرْثِ فَتَصِيرُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ (فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُلْتَقِطُ زَكَاتَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ: حَالَ كَوْنِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَذَلِكَ مَا بَعْدَ حَوْلِ التَّعْرِيفِ (مِنْهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ (ثُمَّ أَخَذَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (رَبُّهَا، رَجَعَ) رَبُّهَا (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ (بِمَا أَخْرَجَ) مِنْ اللُّقَطَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ وَصَيْرُورَتِهَا مَضْمُونَةً بِمُضِيِّ حَوْلِ التَّعْرِيفِ، كَمَا لَوْ تَلِفَتْ وَإِنْ أَخْرَجَ الْمُلْتَقِطُ الزَّكَاةَ لِحَوْلِ التَّعْرِيفِ؛ لَمْ يُجْزَ عَنْ رَبِّهَا وَيَضْمَنهَا أَيْضًا إنْ أَخْرَجَهَا مِنْهَا لِتَعْدِيَةٍ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ أَيْضًا (فِي مَسْرُوقٍ وَمَدْفُونٍ وَمَنْسِيٍّ فِي دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا)، أَوْ مَالٍ (مَذْكُورٍ) أَيْ: مَعْرُوفٍ لَهُ لَكِنْ (جَهِلَ عِنْد مَنْ هُوَ؟ وَفِي مَوْرُوثٍ) وَلَوْ جَهِلَهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ هُوَ (وَمَرْهُون وَيُخْرِجهَا الرَّاهِنُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَرْهُونِ (إنْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُؤَدِّي مِنْهُ) الزَّكَاةَ غَيْرَ الْمَرْهُونِ كَأَرْشِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ عَلَى دَيْنِهِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ مَالٌ يُؤَدِّي مِنْهُ الزَّكَاةَ غَيْرَ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّيهَا (مِنْ غَيْرِهِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ.
(وَتَجِبُ فِي مَبِيعٍ وَلَوْ كَانَ فِي خِيَارٍ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْضِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَتَجِبْ فِي مَبِيعٍ قَبْلَ الْقَبْضِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ فَيُزَكِّيه الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا انْتَهَى وَهَذَا مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ وَسَوَاءً كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا، لِأَنَّ زَكَاةَ الدَّيْنِ عَلَى مَنْ هُوَ لَهُ لَا عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (فَيُزَكِّي بَائِعٌ مَبِيعًا غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ وَلَا مُتَمَيِّزٍ) كَالْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ بَاعَهُ مَثَلًا أَرْبَعِينَ شَاةً مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ، وَعِنْدَهُ أَرْبَعُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَزَكَاتُهَا عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ لَكِنَّ تَسْمِيَتَهَا مَبِيعًا فِيهِ تَسَمُّحٌ، لِأَنَّهَا عَلَى صِفَةِ الْمَبِيعِ.
وَإِنَّمَا الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ، أَيْ: شَيْءٍ سَلَّمَهُ عَنْهُ بِالصِّفَاتِ لَزِمَ قَبُولُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا: إذَا لَمْ يَنْقُصْ النِّصَابُ بِهَا؛ وَإِلَّا فَيَأْتِي: لَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَيَنْقُصُ النِّصَابُ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ فِي الْمِثَالِ لِأَنَّهُ دَيْنُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ السَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ الْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عُرُوضَ تِجَارَةٍ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ وَيُزَكِّي الْبَائِعُ مَا بِيَدِهِ بِأَوْصَافِهِ سِوَى مَا يُقَابِلُهُ عَلَى مَا سَبَقَ (وَمُشْتَرٍ يُزَكِّي غَيْرَهُ) أَيْ: مَبِيعًا مُتَعَيِّنًا أَوْ مُتَمَيِّزًا وَمَثَّلَ ابْنُ قُنْدُسٍ الْمُتَعَيِّنَ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ مِنْ قَطِيعٍ مُعَيَّنٍ وَالْمُتَمَيِّزُ بِهَذِهِ الْأَرْبَعِينَ شَاةً قَالَ: فَكُلُّ مُتَمَيِّزَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ، وَلَيْسَ كُلُّ مُتَعَيِّنَةٍ مُتَمَيِّزَةٍ وَذَكَر فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى أَنَّ غَيْرَ الْمُتَمَيِّزِ كَصِنْفٍ مُشَاعًا فِي زَبْرَةِ فِضَّةٍ وَزْنُهَا أَرْبَعمِائَةِ دِرْهَمَ يُزَكِّيه الْبَائِعُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ فِي مَالٍ (مُودَعٍ) بِشَرْطِهِ كَغَيْرِهِ (وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ إخْرَاجُهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (مِنْهُ) أَيْ: الْمُودَعِ (بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ افْتِيَاتٌ عَلَيْهِ.
(وَ) تَجِبُ الزَّكَاةُ (فِي) مَالِ (غَائِبِ مَعَ عَبْدِهِ أَوْ وَكِيلِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أُسِرَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ حُبِسَ وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لَمْ تَسْقُطْ زَكَاتُهُ) لِعَدَمِ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ.
(وَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ النِّصَابَ)؟ سَوَاءً حُجِرَ عَلَيْهِ لِلْفَلَسِ أَوْ لَا (أَوْ) عَلَيْهِ دَيْنٌ (يُنْقِصُهُ) أَيْ: النِّصَابَ (وَلَا يَجِدُ مَا يَقْضِيه بِهِ سِوَى النِّصَابِ، أَوْ) يَجِدُ (مَا) يَقْضِي بِهِ الدَّيْنُ غَيْرَ النِّصَابِ، لَكِنَّهُ (لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ) كَمَسْكَنِهِ وَكُتُبِ عِلْمٍ يَحْتَاجُهَا وَثِيَابِهِ وَخَادِمِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ (وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ) الْمُزَكَّى (حَتَّى دَيْنُ خَرَاجٍ، وَ) حَتَّى (أَرْشُ جِنَايَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ، وَ) حَتَّى (مَا اسْتَدَانَهُ لِمُؤْنَةِ حَصَادٍ وَجُذَاذٍ وَدِيَاسٍ) يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا اسْتَدَانَهُ لِذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ: وَلَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِمُؤْنَةِ حَصَادٍ وَدِيَاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْهُ، لِسَبْقِ الْوُجُوبِ وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يُحْتَمَلُ ضِدُّهُ، كَالْخَرَاجِ انْتَهَى.
وَجَزَمَ فِي الْمُنْتَهَى بِمَعْنَى مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي (وَ) حَتَّى دَيْنُ (كِرَى أَرْضٍ) أَيْ: أُجْرَتِهَا (وَنَحْوِهِ) كَأُجْرَةِ حَرْثٍ (لَا دَيْنًا بِسَبَبِ ضَمَانٍ) كَالضَّامِنِ وَالْغَاصِبِ إذَا غُصِبَتْ مِنْهُ الْعَيْنُ وَتَلِفَتْ عِنْد الثَّانِي وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَمْنَعُ هَذَا الدَّيْنُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَنْ الضَّامِنِ، وَلَا عَنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ مُتَمَكِّنًا مِنْ مُطَالَبَتِهِمَا لِأَنَّ مَنْعَ الدَّيْنِ فِي أَكْثَرِ مِنْ قَدْرِهِ إجْحَافٌ بِالْفُقَرَاءِ وَتَوْزِيعُهُ عَلَى الْجِهَتَيْنِ لَا قَائِلَ بِهِ فَتَعَيَّنَ مُقَابَلَتُهُ بِجِهَةِ الْأَصْلِ لِتَرَجُّحِهَا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ مِمَّنْ يَرْجِعُ إذَا أَدَّى لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ عَلَيْهِ، إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الدَّيْنَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ (فَيَمْنَعُ) الدَّيْنُ (وُجُوبَهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (فِي قَدْرِهِ حَالًا كَانَ الدَّيْنُ أَوْ مُؤَجَّلًا فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ كَالْأَثْمَانِ وَقِيَمِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَالْمَعْدِنِ وَ) الْأَمْوَالِ (الظَّاهِرَةِ كَالْمَوَاشِي وَالْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ) لِقَوْلِ عُثْمَانَ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِهِ وَلْيُزَكِّ مَا بَقِيَ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (وَمَعْنَى قَوْلِنَا: يَمْنَعُ) الدَّيْنُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ (بِقَدْرِهِ أَنَّا نُسْقِطُ مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ) الْمَانِعِ (كَأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ) لِاسْتِحْقَاقِ صَرْفِهِ لِجِهَةِ الدَّيْنِ (ثُمَّ يُزَكِّي) الْمَدِينُ (مَا بَقِيَ) مِنْ الْمَالِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا تَامًّا (فَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ مِنْ الْغَنَمِ وَعَلَيْهِ مَا) أَيْ: دَيْنٌ (يُقَابِلُ سِتِّينَ) مِنْهَا (فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَرْبَعِينَ) الْبَاقِيَةِ لِأَنَّهَا نِصَابٌ تَامٌّ (فَإِنْ قَابَلَ) الدَّيْنَ (إحْدَى وَسِتِّينَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ) أَيْ: الدَّيْنَ (يُنْقِصُ النِّصَابَ) فَيَمْنَعُ الزَّكَاةَ.
(وَمَنْ كَانَ لَهُ عَرَضُ قِنْيَةٍ يُبَاع لَوْ أَفْلَسَ) أَيْ: حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلْسٍ، كَعَقَارٍ وَأَثَاثٍ لَا يَحْتَاجُهُ وَكَانَ ثَمَنُهُ (يَفِي بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ) وَمَعَهُ مَالٌ زَكَوِيٌّ (جَعَلَ) الدَّيْنَ (فِي مُقَابَلَةِ مَا مَعَهُ) مِنْ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ (فَلَا يُزَكِّيه) لِئَلَّا يُخِلَّ بِالْمُوَاسَاةِ وَلِأَنَّ عَرَضَ الْقِنْيَةِ كَمَلْبُوسِهِ فِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ فَكَذَا فِيمَا يَمْنَعهَا (وَكَذَا مَنْ بِيَدِهِ أَلْفٌ وَلَهُ عَلَى مَلِيءٍ) دَيْنُ (أَلْف، وَعَلَيْهِ) دَيْنُ (أَلْفٍ) فَيَجْعَل الْأَلْفَ الَّذِي بِيَدِهِ فِي مُقَابَلَةِ مَا عَلَيْهِ فَلَا يُزَكِّيهِ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَيُزَكِّيهِ إذَا قَبَضَهُ.
تَتِمَّة لَوْ كَانَ لَهُ مَالَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُقَابِلُ أَحَدَهُمَا جَعَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَقْضِي مِنْهُ وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ جَعْلَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا الْحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ، فِي جَعْلِهِ فِي مُقَابَلَتِهِ تَحْصِيلًا لِحَظِّهِمْ قَالَهُ فِي الْكَافِي.
(وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ خُمُسَ الرِّكَازِ) لِأَنَّهُ بِالْقِيمَةِ أَشْبَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ نِصَابٌ وَلَا حَوْلٌ (وَمَتَى أُبْرِئَ الْمَدِينُ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ قَضَى) الدَّيْنَ (مِنْ مَالٍ مُسْتَحْدَثٍ) مِنْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا (ابْتَدَأَ) أَيْ: اسْتَأْنَفَ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ (حَوْلًا) مِنْ حِينِ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّ مَا مَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَنَعَ انْعِقَادَ الْحَوْلِ وَقَطْعه (وَحَكَّمَ دِينَ اللَّهِ) تَعَالَى (مِنْ كَفَّارَةٍ وَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَدَيْنِ حَجٍّ وَنَحْوِهِ) كَإِطْعَامٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ (كَدَيْنِ آدَمِيٍّ) فِي مَنْعِهِ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي قَدْرِهِ لِوُجُوبِ قَضَائِهِ.
وَقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» (فَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا) مُشِيرًا إلَى نِصَابٍ زَكَوِيٍّ (أَوْ) قَالَ: (هُوَ صَدَقَةٌ فَحَالَ الْحَوْلُ) قَبْلَ إخْرَاجِهِ (فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) لِزَوَالِ، مِلْكِهِ عَنْهُ أَوْ نَقْصِهِ.
(وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا النِّصَابِ إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ) فِيهِ إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَبْل إخْرَاجِهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ تَامٌّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ (وَتُجْزِئْهُ الزَّكَاةُ مِنْهُ وَيَبْرَأُ) النَّاذِرُ (بِقَدْرِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (مِنْ الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ إنْ نَوَاهُمَا مَعًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَدَقَةٌ كَمَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ وَالرَّاتِبَةَ.
(وَكَذَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ) فَيَكُونُ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِهِ كُلِّهِ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَشْرٍ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَحَالَ الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْعَشْرِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَأَجْزَأَتْهُ مِنْهَا وَبَرِئَ بِقَدْرِهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ إنْ نَوَاهُمَا مَعًا.