فصل: فَصْلٌ الشَّرْطُ الْخَامِسُ (أَنْ يَكُونَ) الْمَبِيعُ وَمِثْلُهُ الثَّمَنُ (مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ الشَّرْطُ الرَّابِعُ (أَنْ يَكُونَ) الْمَبِيعُ (مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ):

وَقْتَ الْعَقْدِ وَكَذَا الثَّمَنُ (مِلْكًا تَامًّا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِلْكًا تَامًّا الْوُقُوفُ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَالْمَبِيعُ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (حَتَّى أَسِيرٌ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِمِلْكِهِ، إذْ الْأَسْرُ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ (أَوْ) أَنْ يَكُونَ (مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِهِ وَقْتَ إيجَابٍ وَقَبُولٍ) لَفْظِيَّيْنِ أَوْ فِعْلِيَّيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، لِقِيَامِ الْمَأْذُونِ لَهُ مَقَامَ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ نَفْسِهِ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمَالِكُ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكَهُ (بِأَنْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ (لِغَيْرِهِ، فَبَانَ) أَنَّهُ (قَدْ وَرِثَهُ)، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْذُونُ لَهُ الْإِذْنَ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِذْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ (قَدْ وُكِّلَ فِيهِ) وَقَوْلُهُ (كَمَوْتِ أَبِيهِ وَهُوَ) أَيْ: الْبَائِعُ (وَارِثُهُ) مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ (أَوْ تَوْكِيلُهُ) وَالْوَكِيلُ لَا يَعْلَمُ: مِثَالٌ لِلثَّانِي، وَإِنَّمَا صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمِلْكَ وَالْإِذْنَ شَرْطٌ.
(فَإِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ وَسُكُوتِهِ) لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ بَعْدُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَحَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ ثُمَّ عَادَ بِالدِّينَارِ وَالشَّاةِ فَدَعَاهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ مُطْلَقٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَلَّمَ وَتَسَلَّمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ وَالْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ بِاتِّفَاقٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ (أَوْ اشْتَرَى لَهُ) أَيْ: لِغَيْرِهِ (بِعَيْنِ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ وَلَوْ أُجِيزَ بَعْدُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ اشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِغَيْرِهِ شَيْئًا (فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) صَحَّ (إنْ لَمْ يُسَمِّهِ) أَيْ: لَمْ يُسَمِّ الْمُشْتَرِي مَنْ اشْتَرَى لَهُ (فِي الْعَقْدِ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا وَلَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ (سَوَاءٌ نَقَدَ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ) الَّذِي اشْتَرَى لَهُ (أَوْ لَا) بِأَنْ نَقَدَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي ذِمَّتِهِ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّصَرُّفِ وَاَلَّذِي نَقَدَهُ إنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ (فَإِنْ أَجَازَهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي (مَنْ اشْتَرَى لَهُ) وَلَمْ يُسَمِّ (مِلْكَهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) فَمَنَافِعُهُ وَنَمَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِأَجْلِهِ وَنَزَّلَ الْمُشْتَرِي نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُجِزْهُ مَنْ اشْتَرَى لَهُ (لَزِمَ مَنْ اشْتَرَاهُ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ لَهُ) لِأَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ لِلْمُشْتَرِي، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ (وَإِنْ حُكِمَ بِصِحَّةِ مُخْتَلَفٍ فِيهِ) مِمَّنْ يَرَاهُ (كَتَصَرُّفِ فُضُولِيٍّ بَعْدَ إجَازَتِهِ صَحَّ) الْعَقْدُ وَاعْتُبِرَتْ آثَارُهُ (مِنْ الْحُكْمِ لَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ بَاطِلٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى الْحُكْمِ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ كَالْإِجَازَةِ.
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ: إنَّهُ يَقْبَلُ الِانْبِرَامَ وَالْإِلْزَامَ بِالْحُكْمِ وَالْحُكْمُ لَا يُنْشِئُ الْمِلْكَ بَلْ يُحَقِّقُهُ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ لِيَشْتَرِيَهُ وَيُسَلِّمَهُ) لِحَدِيثِ حَكِيمٍ السَّابِقِ.
(بَلْ) يَصِحُّ بَيْعُ (مَوْصُوفٍ) بِمَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي مِلْكِهِ مِثْلُهُ (بِشَرْطِ قَبْضِهِ) أَيْ: الْمَوْصُوفِ (أَوْ قَبْضِ ثَمَنِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ (وَيَأْتِي) الْبَيْعُ بِالْوَصْفِ (قَرِيبًا) فِي الشَّرْطِ السَّادِسِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسَّمْ، وَتَصِحُّ إجَارَتُهُ) وَكَذَا الْأَرْضُ الَّتِي جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا مِنَّا أَوْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا لَنَا، وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا بِخِلَافِ مَا فُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ، أَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً- وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَنِصْفِ خَيْبَرَ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَاَلَّذِي فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسَّمْ (كَأَرْضِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهَا) فَتَصِحُّ إجَارَتُهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ دُونَ بَيْعِهَا (؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ وَلَمْ يُقَدِّرْ) عُمَرُ (مُدَّتَهَا) أَيْ: مُدَّةَ الْإِجَارَةِ (لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا) قَالَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، قَالَ وَقَدْ اشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي قِصَصٍ نُقِلَتْ عَنْهُ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَسَاكِنِ) مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ (الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْفَتْحِ، أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ وَآلَتِهَا) أَيْ الْمَسَاكِنِ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهَا)؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اقْتَطَعُوا الْخِطَطَ فِي الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَبَنَوْا مَسَاكِنَ وَتُبَايِعُوهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ بِنَاءٍ لَيْسَ مِنْهَا (كَبَيْعِ غَرْسٍ مُحْدَثٍ) فِيهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِغَارِسِهِ وَكَلَامُهُ هُنَا كَالْفُرُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَرْسَ الْمَوْجُودَ حَالَ الْفَتْحِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْوَقْفِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ أَنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي ثَمَرَتِهَا عَلَى مَنْ تَقَرُّ بِيَدِهِ كَالْمُتَجَدِّدِ فَعَلَيْهِ تَكُونُ مِلْكًا لَهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا.
(وَكَذَا إنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ مِنْهَا) مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ مَا يَحْتَاجُ إلَى عِمَارَةٍ وَلَا يَعْمُرُهَا إلَّا مَنْ يَشْتَرِيهَا (فَبَاعَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ أَقْطَعَهُ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ) فَيَصِحُّ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ كَحُكْمِهِ بِذَلِكَ يَصِحُّ كَبَقِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ هَذَا مَعْنَى مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْمُغْنِي صِحَّةَ الْبَيْعِ مِنْهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرَى صِحَّةَ بَيْعِهِ أَوْ وَقْفِهِ، وَإِلَّا يَنْفُذُ حُكْمُ حَاكِمٍ بِمَا يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ وَفِي صِحَّةِ الْوَقْفِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ إمَّا مَوْقُوفَةٌ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا ثَانِيًا أَوْ فَيْءٌ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْوَقْفُ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَقْفَ هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْإِرْصَادِ وَالْإِفْرَازِ لِشَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى بَعْضِ مُسْتَحِقِّيهِ، لِيَصِلُوا إلَيْهِ بِسُهُولَةٍ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِي حُكْمِ الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ: وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (إقْطَاعُ هَذِهِ الْأَرْضِ) أَيْ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقَسَّمْ (وَالدُّورِ وَالْمَعَادِنِ إرْفَاقًا لَا تَمْلِيكًا وَيَأْتِي).
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي فِي بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ: وَحُكْمُ إقْطَاعِ هَذِهِ الْأَرْضِ حُكْمُ بَيْعِهَا وَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَيْضًا وَلَا يُخَصُّ أَحَدٌ بِمِلْكِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ جَازَ تَخْصِيصُ قَوْمٍ بِأَصْلِهَا لَكَانَ الَّذِينَ فَتَحُوهَا أَحَقَّ بِهَا.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ الْإِمَامِ لَهَا فِي صِحَّتِهِ (لَوْ بِيعَتْ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ) كَبَقِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (إلَّا أَرْضًا مِنْ الْعِرَاقِ فُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ) أَيْ: لِأَهْلِهَا فَيَصِحُّ بَيْعُهُمْ لَهَا لِمِلْكِهِمْ إيَّاهَا وَسُمِّيَ عِرَاقًا لِامْتِدَادِ أَرْضِهِ وَخُلُوِّهَا مِنْ جِبَالٍ مُرْتَفِعَةٍ وَأَوْدِيَةٍ مُنْخَفِضَةٍ.
قَالَ السَّامِرِيُّ: (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ (الْحِيرَةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ مَدِينَةٌ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا حَيْرِيٌّ وَحَارِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَأُلَّيْسُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ مَدِينَةٌ بِالْجَزِيرَةِ (وَبَانِقْيَا) بِزِيَادَةِ أَلْفٍ بَيْنَ الْبَاءِ وَالنُّونِ الْمَكْسُورَةِ، ثُمَّ قَافٍ سَاكِنَةٍ تَلِيهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتُ، نَاحِيَةٌ بِالنَّجَفِ دُونَ الْكُوفَةِ (وَأَرْضُ بَنِي صَلُوبَا) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ بَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ تَلِيهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ فَهَذِهِ الْأَمَاكِنُ فُتِحَتْ صُلْحًا لَا عَنْوَةً فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَمِثْلُهَا الْأَرْضُ الَّتِي لَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَأَرْضِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا مِلْكُ أَرْبَابِهَا (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَقْفِ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسَّمْ (وَنَفْعُهُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ بَاقٍ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ: فِي حَالِ بَقَاءِ نَفْعِهِ الْمَقْصُودِ، فَإِنْ تَعَطَّلَ جَازَ بَيْعُهُ (وَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ) بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رَبْعٍ (وَهِيَ الْمَنَازِلُ وَدَارُ الْإِقَامَةِ، وَلَا الْحَرَمِ كُلِّهِ وَكَذَا بِقَاعِ الْمَنَاسِكِ) كَالْمَسْعَى وَالْمَرْمَى، وَالْمَوْقِفِ وَنَحْوِهَا.
(وَ) الْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَنَاسِكِ (أَوْلَى) مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ رِبَاعِ مَكَّةَ (إذْ هِيَ) أَيْ: بِقَاعُ الْمَنَاسِكِ (كَالْمَسَاجِدِ) لِعُمُومِ نَفْعِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ (لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً) بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ووَسَلَّمَ «أَمَرَ بِقَتْلِ أَرْبَعَةٍ فَقَتَلَ مِنْهُمْ ابْنَ خَطَلٍ وَمَقِيسَ بْنَ صَبَابَةَ» وَلَوْ فُتِحَتْ صُلْحًا لَمْ يَجُزْ قَتْلُ أَهْلِهَا وَلَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَصَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
(وَلَا) تَصِحُّ (إجَارَةُ ذَلِكَ) أَيْ رِبَاعِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَبِقَاعِ الْمَنَاسِكِ، لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مَرْفُوعًا «مَكَّةُ حَرَامٌ بَيْعُهَا، حَرَامٌ إجَارَتُهَا» وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «مَكَّةُ لَا تُبَاعُ رِبَاعُهَا وَلَا تُكْرَى بُيُوتُهَا» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ (فَإِنْ سَكَنَ بِأُجْرَةٍ) فِي رِبَاعِ مَكَّةَ (لَمْ يَأْثَمْ بِدَفْعِهَا) صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ التَّقِيُّ: هِيَ سَاقِطَةٌ يَحْرُمُ بَذْلُهَا (وَلَا يَمْلِكُ مَاءَ عِدٍّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ (وَهُوَ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَمِيَاهِ الْعُيُونِ وَ) كَ (نَقْعِ الْبِئْرِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَلَا) يُمْلَكُ (مَا فِي مَعْدِنِ جَارٍ) إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَّفَهُ غَيْرُهُ (كَمِلْحٍ وَقَارٍ وَنِفْطٍ وَنَحْوِهَا) قَبْلَ حِيَازَتِهِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ فَهُوَ كَالْمَاءِ (وَلَا) يُمْلَكُ (كَلَأٌ) قَبْلَ حِيَازَتِهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَلَا) يُمْلَكُ (شَوْكٌ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ)؛ لِأَنَّ الشَّوْكَ كَالْكَلَأِ وَقَوْلُهُ (يُمْلَكُ أَرْضٌ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا يُمْلَكُ، أَيْ: لَا تُمْلَكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ بِالْحِيَازَةِ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ: بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ حِيَازَتِهِ.
(وَلَا يَدْخُلُ) مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ ذَلِكَ (فِي بَيْعِهَا)؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْبَيْعُ (كَ) مَا لَوْ كَانَ فِي (أَرْضٍ مُبَاحَةٍ) غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ (وَلَكِنْ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهِ، لِكَوْنِهِ فِي أَرْضِهِ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ، وَمَنْ حَازَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الْمَاءِ الْعِدِّ وَالْكَلَأِ وَالشَّوْكِ وَالْمَعْدِنِ الْجَارِي (شَيْئًا مَلَكَهُ) وَجَازَ بَيْعُهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ إلَّا مَا حُمِلَ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ وَعَلَى ذَلِكَ مَضَتْ الْعَادَةُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
(إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ دُخُولُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَجْلِ أَخْذِ ذَلِكَ إنْ كَانَ) رَبُّ الْأَرْضِ (مُحَوِّطًا عَلَيْهَا)؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحَوِّطْ عَلَيْهَا (جَازَ) الدُّخُولُ بِلَا إذْنِهِ (بِلَا ضَرَرٍ) لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ عَلَى رِضَاهُ حَيْثُ لَمْ يُحَوِّطْ (وَلَوْ اسْتَأْذَنَهُ) أَحَدٌ فِي الدُّخُولِ (حَرُمَ) عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ (مَنْعُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ) ضَرَرٌ بِدُخُولِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَسَوَاءٌ) فِيمَا تَقَدَّمَ (كَانَ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَاءُ الْعِدُّ وَالْمَعْدِنُ الْجَارِي، وَالْكَلَأُ وَالشَّوْكُ (مَوْجُودًا فِي الْأَرْضِ خَفِيًّا أَوْ حَدَثَ بِهَا بَعْدَ مِلْكِهَا) وَسَوَاءٌ مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ إحْيَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهَا.
(وَلَوْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ) أَيْ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ (سَمَكٌ) لَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ (أَوْ عَشَّشَ فِيهَا طَائِرٌ لَمْ يَمْلِكْهُ) بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ حِيَازَتِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الصَّيْدِ) مُوَضَّحًا.
(وَالْمَصَانِعُ الْمُعَدَّةُ لِمِيَاهِ الْأَمْطَارِ) يَمْلِكُ رَبُّهَا مَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْهَا، وَالْمَصَانِعُ الْمُعَدَّةُ لَهَا إذَا (إذَا جَرَى إلَيْهَا مَاءُ نَهْرٍ غَيْرُ مَمْلُوكٍ) كَالنِّيلِ (يُمْلَكُ مَاؤُهَا) الْحَاصِلُ فِيهَا (بِحُصُولِهِ فِيهَا)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حِيَازَةٌ لَهُ (وَيَجُوزُ) لِمَالِكِهِ (بَيْعُهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا) وَهِبَتُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ لِعَدَمِ الْمَانِعِ.
(وَلَا يَحِلُّ) لِأَحَدٍ (أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ) لِجَرَيَانِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ (وَالطُّلُولُ الَّتِي تَجْتَنِي مِنْهَا النَّحْلُ) إذَا كَانَتْ عَلَى نَبْتٍ مَمْلُوكٍ (كَكَلَأٍ) فِي الْإِبَاحَةِ.
(وَأَوْلَى) بِالْإِبَاحَةِ مِنْ الْكَلَأِ لِمَا يَأْتِي (وَلَا حَقَّ) أَيْ: لَا عِوَضَ (عَلَى أَهْلِ النَّحْلِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ الَّتِي يَجْنِي مِنْهَا قَالَ الشَّيْخُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ مِنْ مِلْكِهِمْ شَيْئًا) وَلَا يَكَادُ يَجْتَمِعُ مِنْهَا مَا يُعَدُّ شَيْئًا إلَّا بِمَشَقَّةٍ ذَكَرَ ابْنُ عَادِلٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ: فِي كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّ الطِّلَالَ هِيَ الَّتِي يَتَغَذَّى مِنْهَا النَّحْلُ إذَا تَسَاقَطَتْ عَلَى أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ وَالْأَزْهَارِ، فَيَلْتَقِطُهَا النَّحْلُ وَيَتَغَذَّى مِنْهَا وَيُكَوِّنُ مِنْهَا الْعَسَلُ انْتَهَى وَالطَّلُّ نَوْعٌ مِنْ الْقَطْرِ وَنَحْلُ رَبِّ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهِ فَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ إنْ أَضَرَّ بِهِ ذَكَرُهُ الشَّيْخُ التَّقِيُّ.
(فَأَمَّا الْمَعَادِنُ الْجَامِدَةُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالصُّفْرِ وَالرَّصَاصِ وَالْكُحْلِ، وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَنَحْوِهَا فَتُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ عَلَى مَا يَأْتِي) فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ.
(وَيَجُوزُ لِرَبِّهَا) أَيْ: رَبِّ الْأَرْضِ (بَيْعُهُ) أَيْ: بَيْعُ مَا بِهَا مِنْ مَعْدِنٍ جَامِدٍ، وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَلَا تُؤْخَذُ) الْمَعَادِنُ الْجَامِدَةُ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَسْتَوِي) فِي ذَلِكَ (الْمَوْجُودُ) مِنْ تِلْكَ الْمَعَادِنِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْأَرْضِ (قَبْلَ مِلْكِهَا) خَفِيًّا (وَمَا حَدَثَ بَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ) وَأَمَّا مَا كَانَ فِيهَا ظَاهِرًا وَقْتَ إحْيَائِهَا فَلَا يُمْلَكُ بِمِلْكِهَا وَلَوْ كَانَ جَامِدًا وَيَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ.

.فَصْلٌ الشَّرْطُ الْخَامِسُ (أَنْ يَكُونَ) الْمَبِيعُ وَمِثْلُهُ الثَّمَنُ (مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ):

حَالَ الْعَقْدِ، لِأَنَّ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ شَبِيهٌ بِالْمَعْدُومِ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ، (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ آبِقٍ) وَلَا جَعْلُهُ ثَمَنًا سَوَاءٌ (عَلِمَ) الْآخِذُ لَهُ (مَكَانَهُ أَوْ جَهِلَهُ وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (لِقَادِرٍ عَلَى تَحْصِيلِهِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ» (وَكَذَا جَمَلٌ شَارِدٌ وَفَرَسٌ غَائِرٌ وَنَحْوُهُمَا) مِمَّا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (نَحْلٍ) فِي الْهَوَاءِ (وَ) بَيْعُ (طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ يَأْلَفُ الرُّجُوعَ أَوْ لَا)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (سَمَكٍ فِي لُجَّةِ مَاءٍ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فِيهِ انْقِطَاعٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَاللُّجَّةُ بِضَمِّ اللَّامِ مُعْظَمُ الْمَاءِ (فَإِنْ كَانَ الطَّيْرُ فِي مَكَان) كَالْبُرْجِ (مُغْلَقٍ) عَلَيْهِ (وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهُ) صَحَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ.
وَشَرَطَ الْقَاضِي مَعَ ذَلِكَ أَخْذَهُ بِسُهُولَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِتَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ (أَوْ) كَانَ (السَّمَكُ فِي مَاءٍ) نَحْوِ بِرْكَةٍ (صَافٍ) ذَلِكَ الْمَاءُ (يُشَاهَدُ فِيهِ) السَّمَكُ (غَيْرِ مُتَّصِلِ) الْمَاءِ (بِنَهْرٍ وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ) أَيْ: السَّمَكِ (مِنْهُ) أَيْ: الْمَاءِ (صَحَّ) الْبَيْعُ لِعَدَمِ الْغَرَرِ (وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ تَحْصِيلِهِمَا) أَيْ: الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ هَذَا إنْ سَهُلَ أَخْذُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ بِحَيْثُ يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ لَمْ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ فِي الْحَالِ وَلِلْجَهْلِ بِوَقْتِ تَسْلِيمِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَغْصُوبٍ)؛ لِأَنَّ بَائِعَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إلَّا لِغَاصِبِهِ أَوْ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ فَلَهُ الْفَتْحُ)؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ مَعْدُومٌ هُنَا كَمَا تَقَدَّمَ.

.فَصْلٌ الشَّرْطُ (السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا لَهُمَا):

أَيْ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعُ غَرَرٌ فَيَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ، وَالْعِلْمُ بِهِ يَحْصُلُ (بِرُؤْيَةٍ تَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ) أَيْ: الْمَبِيعِ (مُقَارِنَةً) تِلْكَ الرُّؤْيَةُ لِلْعَقْدِ بِأَنْ لَا تَتَأَخَّرَ عَنْهُ وَيَأْتِي لَوْ تَقَدَّمَتْ (لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِرُؤْيَةٍ أَيْ: لِجَمِيعِ الْمَبِيعِ إنْ لَمْ تَدُلَّ بَقِيَّتُهُ عَلَيْهِ، كَالثَّوْبِ الْمَنْقُوشِ وَمَعْنَى مُقَارَنَةِ الرُّؤْيَةِ أَنْ تَكُونَ (وَقْتَ الْعَقْدِ، أَوْ) بِرُؤْيَةٍ (لِبَعْضِهِ إنْ دَلَّتْ) رُؤْيَةُ بَعْضِهِ عَلَى (بَقِيَّتِهِ) لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ بِهَا.
(وَإِلَّا) تَدُلُّ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ عَلَى بَقِيَّتِهِ كَالثَّوْبِ الْمَنْقُوشِ (فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ فَ) تَكْفِي (رُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْ ثَوْبٍ غَيْرِ مَنْقُوشٍ وَ) تَكْفِي (رُؤْيَةُ وَجْهِ الرَّقِيقِ وَ) تَكْفِي رُؤْيَةُ (ظَاهِرِ الصُّبَرِ الْمُتَسَاوِيَةِ الْأَجْزَاءِ مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ وَنَحْوِهِمَا) بِخِلَافِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَجْزَاءِ كَصُبْرَةِ بَقَّالِ الْقَرْيَةِ.
(وَ) تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِ (مَا فِي ظُرُوفٍ وَأَعْدَالٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ كُلِّ مَا يَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى كُلِّهِ، لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْأُنْمُوذَجِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِفَةِ الشَّيْءِ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (بِأَنْ يُرِيَهُ صَاعًا) مَثَلًا مِنْ صُبْرَةٍ (وَيَبِيعَهُ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِهِ) فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْعَقْدِ (وَمَا عُرِفَ مِمَّا يُبَاعُ بِلَمْسِهِ أَوْ شَمِّهِ أَوْ ذَوْقِهِ، فَكَرُؤْيَتِهِ) لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ (وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِمَعْرِفَتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ.
(وَيَصِحُّ) الْبَيْعُ (بِصِفَةٍ) تَضْبِطُ مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فِي تَمْيِيزِهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْبَيْعُ بِالصِّفَةِ (نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمُعَيَّنَةُ غَائِبَةً مِثْلَ أَنْ يَقُولُ: بِعْتُكَ عَبْدِي التُّرْكِيَّ وَيَذْكُرُ صِفَاتِهِ) الَّتِي تَضْبُطُ وَتَأْتِي فِي السَّلَمِ (أَوْ) كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ بِالصِّفَةِ (حَاضِرَةً مَسْتُورَةً، كَجَارِيَةٍ مُنْتَقِبَةٍ، وَأَمْتِعَةٍ فِي ظُرُوفِهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا) النَّوْعُ (يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ) بِنَحْوِ عَيْبٍ أَوْ نَقْصِ صِفَةٍ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ بَدَلِهِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى عَيْنِهِ كَحَاضِرٍ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ: إنْ فَاتَكَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ، أَعْطَيْتُك مَا هَذِهِ صِفَاتُهُ، لَمْ يَصِحُّ الْعَقْدُ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
(وَ) يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِ (تَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِزَوَالِ مَحَلِّ الْعَقْدِ (وَ) هَذَا النَّوْعُ (يَجُوزُ التَّفْرِيقُ) مِنْ مُتَبَايِعَيْهِ (قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَقَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ كَحَاضِرٍ) بِالْمَجْلِسِ (وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوَصْفِ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ عَلَى الْعَقْدِ كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الرُّؤْيَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلُّ وِفَاقٍ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوَصْفِ) لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (فِي السَّلَمِ عَلَى الْعَقْدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْوَصْفِ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ عَلَى الْعَقْدِ، وَتَقْدِيمِهِ فِي السَّلَمِ عَلَى الْعَقْدِ.
وَكَذَا تَقْدِيمُ الْوَصْفِ فِي بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ (فَلَوْ قَالَ) لِآخَرَ (: أُرِيدُ أَنْ أُسْلِفَكَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَوَصَفَهُ بِالصِّفَاتِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ) وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ.
(قَالَ قَدْ أَسْلَفْتُكَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ عَلَى الصِّفَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَعَجَّلَ الثَّمَنَ) قَبْلَ التَّفْرِيقِ (جَازَ) وَصَحَّ الْعَقْدُ لِلْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالْكُرُّ بِضَمِّ الْكَافِ كَيْلٌ مَعْرُوفٌ بِالْعِرَاقِ وَهُوَ سِتُّونَ قَفِيزًا وَأَرْبَعُونَ إرْدَبًّا قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
(وَ) النَّوْعُ (الثَّانِي) مِنْ نَوْعَيْ الْبَيْعِ بِالصِّفَةِ (بَيْعُ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَيَصِفُهُ بِصِفَةٍ تَكْفِي فِي السَّلَمِ إنْ صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ) بِأَنْ انْضَبَطَتْ صِفَاتُهُ (مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ عَبْدًا تُرْكِيًّا ثُمَّ يَسْتَقْصِي صِفَاتِ السَّلَمِ فِيهِ فَهَذَا فِي مَعْنَى السَّلَمِ) وَلَيْسَ سَلَمًا لِحُلُولِهِ (فَمَتَى سَلَّمَ الْبَائِعُ إلَيْهِ عَبْدًا عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفَهُ لَهُ فَرَدَّهُ) الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ (أَوْ) سَلَّمَ إلَيْهِ عَبْدًا عَلَى مَا وَصَفَ لَهُ، (فَأَبْدَلَهُ) الْمُشْتَرِي لِنَحْوِ عَيْبٍ (لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ) بِرَدِّهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى عَيْنِهِ بِخِلَافِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ (وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا النَّوْعِ قَبْضُ الْمَبِيعِ، أَوْ قَبْضُ ثَمَنِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ)؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَمِ.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بِلَفْظِ سَلَمٍ أَوْ سَلَفٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إذَنْ سَلَمًا وَلَا يَصِحُّ حَالًّا وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى قَوْلِ التَّلْخِيصِ: أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ.
(وَ) يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِمَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ (بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ) عَلَى الْعَقْدِ (بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْمَبِيعُ يَقِينًا، أَوْ) لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ (ظَاهِرًا)؛ لِأَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ الْعِلْمُ وَقَدْ حَصَلَ بِطَرِيقِهِ وَهِيَ الرُّؤْيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْمَبِيعُ مِنْهُ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ كَالْفَاكِهَةِ وَمَا يَتَوَسَّطُ كَالْحَيَوَانِ وَمَا يَتَبَاعَدُ كَالْعَقَارَاتِ فَيُعْتَبَرُ كُلُّ نَوْعٍ بِحَسَبِهِ وَلَوْ (مَعَ غَيْبَةِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ فِي مَكَان بَعِيدٍ لَا يَقْدِرُ) الْبَائِعُ (عَلَى تَسْلِيمِهِ فِي الْحَالِ، لَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِحْضَارِهِ غَيْرَ آبِقٍ وَنَحْوِهِ) كَشَارِدٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ) أَيْ: وَجَدَ الْمُشْتَرِي مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ (لَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِسَلَامَةِ الْمَبِيعِ.
(وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْفَسْخُ عَلَى التَّرَاخِي) كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَكَذَا لَوْ وُجِدَ بِالصِّفَةِ نَاقِصًا صِفَةً (وَيُسَمَّى) هَذَا الْخِيَارُ (خِيَارَ الْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ) مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبِيلِهِ (إلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمُشْتَرِي (مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) بِالْمَبِيعِ (مِنْ سَوْمٍ وَنَحْوِهِ) فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ لِذَلِكَ.
وَ(لَا) يَسْقُطُ خِيَارُهُ (بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ الْمَبِيعَةِ) فِي طَرِيقِ الرَّدِّ (إلَى الْبَائِعِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالتَّغَيُّرِ (وَمَتَى أَبْطَلَ) الْمُشْتَرِي (حَقَّهُ) مِنْ رَدِّهِ، (فَلَا أَرْشَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ مَجَّانًا لِئَلَّا يُعْتَاضَ عَنْ صِفَةٍ كَالسَّلَمِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ صِفَةٍ فَإِنَّ لَهُ أَرْشَ فَقْدِهَا، كَمَا يَأْتِي فِي الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (فِي الصِّفَةِ) بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: ذَكَرْتَ فِي وَصْفِ الْأَمَةِ أَنَّهَا بِكْرٌ مَثَلًا وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (التَّغْيِيرِ) أَيْ: قَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ تَغَيَّرَ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَقَالَ كَانَ عَلَى هَذَا الْحَالِ حِينَ رَأَيْتَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَبِيعُ الَّذِي تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ (يَفْسُدُ فِي الزَّمَنِ) الَّذِي مَضَى بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالْعَقْدِ (أَوْ) كَانَ (يَتَغَيَّرُ) فِيهِ (يَقِينًا أَوْ ظَاهِرًا أَوْ شَكًّا) مُسْتَوِيًا (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، أَوْ لِلشَّكِّ فِيهِ.
(وَلَوْ قَالَ) الْبَائِعُ (بِعْتُكَ هَذَا الْبَغْلَ بِكَذَا فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ فَبَانَ) الْمُشَارُ إلَيْهِ (فَرَسًا أَوْ حِمَارًا لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ وَمِثْلُهُ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ فَبَانَ أَمَةً أَوْ هَذَا الْجَمَلَ فَبَانَ نَاقَةً وَنَحْوُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ، وَعَدَمِ رُؤْيَةٍ يَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ.
(وَلَا يَصِحُّ اسْتِصْنَاعُ سِلْعَةٍ) بِأَنْ يَبِيعَهُ سِلْعَةً يَصْنَعُهَا لَهُ (؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَمِ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ أَعْمَى) بِالصِّفَةِ لِمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (وَ) (يَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِالصِّفَةِ) مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (كَمَا تَقَدَّمَ نَصًّا كَتَوْكِيلٍ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ الْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (بَصِيرًا وَلَهُ) أَيْ: لِلْأَعْمَى إنْ وَجَدَ مَا اشْتَرَاهُ بِالصِّفَةِ نَاقِصًا صِفَةً (خِيَارُ الْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ) كَالْبَصِيرِ وَأَوْلَى.
(وَ) يَصِحُّ بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ (بِمَا يُمْكِنُهُ مَعْرِفَتُهُ) أَيْ مَعْرِفَةُ مَا يَبِيعُهُ أَوْ يَشْتَرِيهِ (بِغَيْرِ حَاسَّةِ الْبَصَرِ كَشَمٍّ وَلَمْسٍ وَذَوْقٍ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْمَبِيعُ ظَاهِرًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) إنْسَانٌ (مَا لَمْ يَرَهُ، وَمَا لَمْ يُوصَفْ لَهُ) لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ (أَوْ) اشْتَرَى شَيْئًا (رَآهُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ) لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ (أَوْ) اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ بِمَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ، بَلْ (ذَكَرَ لَهُ مِنْ صِفَتِهِ مَا لَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِلْجَهَالَةِ بِالْبَيْعِ.
(وَحُكْمُ مَا لَمْ يَرَ بَائِعٌ حُكْمُ مُشْتَرٍ) يَهِ (فِيمَا تَقَدَّمَ) مِنْ التَّفْصِيلِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يُوصَفْ لَهُ بِمَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ بِشَمٍّ أَوْ لَمْسٍ أَوْ ذَوْقٍ وَيَصِحُّ إنْ وَصَفَ بِذَلِكَ أَوْ عَرَفَهُ بِلَمْسٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ مُفْرَدًا) عَنْ أُمِّهِ إجْمَاعًا (وَهُوَ بَيْعُ الْمَضَامِينِ وَالْمَجْرِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِسُكُونِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَضَامِينُ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ وَالْمَلَاقِيحُ: مَا فِي الْبُطُونِ وَهِيَ الْأَجِنَّةِ وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَجْرِ» قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْمَجْرُ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، وَالْمَجْرُ الْقِمَارُ، وَالْمَجْرُ الْمُحَاقَلَةُ وَالْمُزَابَنَةُ (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ أَيْضًا (بِأَنْ يَعْقِدَ مَعَ أُمِّهِ عَلَيْهِ مَعَهَا) أَيْ مَعَ أُمِّهِ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَمُطْلَقُ الْبَيْعِ) أَيْ إذَا بَاعَ الْحَامِلَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَمْلِ، فَالْعَقْدُ (يَشْمَلُهُ تَبَعًا) لِأُمِّهِ إنْ كَانَ مَالِكُهَا مُتَّحِدًا وَإِلَّا بَطَلَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: (كَالْبَيْضِ وَاللَّبَنِ) قِيَاسًا عَلَى أُسِّ الْحَائِطِ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّبَعِيَّةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِاسْتِقْلَالِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا) بَيْعُ عَسْبِ الْفَحْلِ وَهُوَ ضِرَابُهُ، لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَمَعْنَاهُ: نِتَاجُ النِّتَاجِ) وَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْ بَيْعِ الْحَمْلِ (وَلَا) بَيْعُ (اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَلَا الْبَيْضِ فِي الطَّيْرِ) كَالْحَمْلِ.
وَ(لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمِسْكِ) فِي الْفَأْرِ (وَهُوَ وِعَاؤُهُ) وَيُسَمَّى: النَّافِجَةَ مَا لَمْ يُفْتَحْ وَيُشَاهَدْ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ كَاللُّؤْلُؤِ فِي الصَّدَفِ وَاخْتَارَ فِي الْهَدْيِ صِحَّتَهُ؛ لِأَنَّهَا وِعَاءٌ لَهُ، وَلِأَنَّهُ يَصُونُهُ وَتُجَّارُهُ يَعْرِفُونَهُ.
(وَ) لَا بَيْعُ (النَّوَى فِي التَّمْرِ) لِلْجَهَالَةِ.
(وَ) لَا (الصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ «نَهَى أَنْ يُبَاعَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ فَلَمْ يَجُزْ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ كَأَعْضَائِهِ.
(وَلَا) بَيْعُ (مَا قَدْ تَحْمِلُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ أَوْ) مَا قَدْ تَحْمِلُ هَذِهِ (الشَّاةُ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ، مَعَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ أَيْضًا، وَغَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ حَالَ الْبَيْعِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا وَلَا يُشَاهِدُهُ فَيَقُولُ: أَيُّ ثَوْبٍ لَمَسْتَهُ أَوْ نَبَذْتَهُ) فَهُوَ بِكَذَا (أَوْ) أَيُّ ثَوْبٍ (لَمَسْتَ أَوْ نَبَذْتَ فَهُوَ بِكَذَا) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ مَسْتُورٍ فِي الْأَرْضِ يَظْهَرُ وَرَقُهُ فَقَطْ كَلِفْتٍ وَفُجْلٍ وَجَزَرٍ وَقُلْقَاسٍ وَبَصَلٍ وَثُومٍ وَنَحْوِهِ، قَبْلَ قَلْعِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ) لِلْجَهَالَةِ بِمَا يُرَادُ مِنْهُ (وَيَصِحُّ بَيْعُ وَرَقِهِ) أَيْ: وَرَقِ الْفُجْلِ وَنَحْوِهِ الظَّاهِرِ (الْمُنْتَفَعِ بِهِ) لِعَدَمِ الْمُنَافِي.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ ثَوْبٍ مَطْوِيٍّ) وَلَوْ تَامَّ النَّسْجِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: حَيْثُ لَمْ يُرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى بَقِيَّتِهِ، فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ يَتَبَايَعُونَ الثِّيَابَ الْمَطْوِيَّةَ وَيَكْتَفُونَ بِتَقْلِيبِهِمْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى بَقِيَّتِهَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِ الْمُغْنِي: وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَنَشَرَهُ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ فَقَوْلُهُ: فَنَشَرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَطْوِيًّا: وَكَوْنُهُ يَمْلِكُ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ: دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (ثَوْبٍ نُسِجَ بَعْضُهُ عَلَى أَنْ يُنْسَجَ بَقِيَّتُهُ وَلَوْ مَنْشُورًا) لِلْجَهَالَةِ وَالتَّعْلِيقِ (فَإِنْ أَحْضَرَ) الْبَائِعُ مَا نَسَجَهُ مِنْ الثَّوْبِ وَبَقِيَّةِ السَّدَى وَ(اللُّحْمَةَ وَبَاعَهَا مَعَ الثَّوْبِ وَشَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ نَسْجَهَا) أَيْ: الْبَقِيَّةِ (صَحَّ) الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ (إذْ هُوَ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةِ الْبَائِعِ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ) كَاشْتِرَاطِ الْحَطَبِ أَوْ تَكْسِيرِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَطَاءِ قَبْلَ قَبْضِهِ)؛ لِأَنَّ الْعَطَاءَ مُغَيَّبٌ فَيَكُونُ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ (وَهُوَ) أَيْ: الْعَطَاءُ (قِسْطُهُ فِي الدِّيوَانِ وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ رُقْعَةٍ بِهِ) أَيْ: الْعَطَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيْعُ الْعَطَاءِ لَا هِيَ.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ مَعْدِنٍ وَحِجَارَتِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: قَبْلَ حَوْزِهِ انْتَهَى وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْمَعْدِنِ الْجَارِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ بِخِلَافِ الْجَامِدِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ حَوْزِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِهِ فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْدِنِ الْجَارِي مُطْلَقًا وَعَلَى الْجَامِدِ غَيْرِ الْمَعْلُومِ (وَ) لَا يَصِحُّ (السَّلَفُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَعْدِنِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا فِيهِ فَهُوَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ الْحَصَاةِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَهُوَ) أَيْ: بَيْعُ الْحَصَاةِ (أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ ارْمِ هَذِهِ الْحَصَاةَ فَعَلَى أَيِّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ فَهُوَ لَكَ بِكَذَا أَوْ يَقُولُ: بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ قَدْرَ مَا تَبْلُغُ هَذِهِ الْحَصَاةُ إذَا رَمَيْتُهَا بِكَذَا أَوْ يَقُولُ: بِعْتُكَ هَذَا بِكَذَا، عَلَى أَنِّي مَتَى رَمَيْتُ هَذِهِ الْحَصَاةَ وَجَبَ الْبَيْعُ وَكُلُّهَا) أَيْ كُلُّ هَذِهِ الصُّوَرِ (فَاسِدَةٌ) لِمَا تَقَدَّمَ وَلِمَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ) إنْ لَمْ يُوصَفْ بِمَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا) بَيْعُ (عَبْدٍ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ (مِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ مِنْ عَبِيدٍ) لِلْجَهَالَةِ (وَلَا) بَيْعُ (شَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ) (وَلَا) بَيْعُ (شَجَرَةٍ مِنْ بُسْتَانٍ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ.
(وَلَا) يَصِحُّ: (بِعْتُك هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ إلَّا وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَا) بِعْتُكَ (هَذَا الْقَطِيعَ إلَّا شَاةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ) وَلَا هَذَا الْبُسْتَانَ إلَّا شَجَرَةً مُبْهَمَةً؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ الثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ وَيُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ.
(وَلَوْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالشِّيَاهِ وَالشَّجَرِ (كُلِّهِ وَإِنْ اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا مِنْ ذَلِكَ يَعْرِفَانِهِ جَازَ) وَصَحَّ الْبَيْعُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ لِكَوْنِ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا فَانْتَفَى الْمُفْسِدُ.