فصل: فَصْلٌ: إِحْيَاءُ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ:

قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ وَلَا بِهَا مَاءٌ وَلَا عِمَارَةٌ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا انْتَهَى وَتُسَمَّى مَيْتَةً وَمَوَاتًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ، وَالْمَوْتَانَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ الْمَوْتُ الذَّرِيعُ وَرَجُلٌ مَوْتَانُ الْقَلْبِ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ يَعْنِي أَعْمَى الْقَلْبِ لَا يَفْهَمُ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْمَوَاتُ وَكَغُرَابٍ الْمَوْتُ وَكَسَحَابٍ: مَا لَا رَوْحَ فِيهِ وَأَرْضٌ لَا مَالِكَ لَهَا وَالْمَوَتَانُ بِالتَّحْرِيكِ خِلَافُ الْحَيَوَانِ، وَأَرْضٌ لَمْ تُحْيَا بَعْدُ، وَبِالضَّمِّ: مَوْتٌ يَقَعُ بِالْمَاشِيَةِ وَيُفْتَحُ (وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصِيَّاتِ وَمِلْكٌ مَعْصُومٌ) مُسْلِمٌ، أَوْ كَافِرٌ وَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِصَاصَاتِ.
وَالْأَصْلُ فِي إحْيَاءِ الْأَرْضِ حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَحَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَأَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِثْلَهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ.
وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي شُرُوطِهِ (فَإِنْ كَانَ الْمَوَاتُ) أَيْ الْأَرْضُ لِخَرَابِ الدِّرَاسَةِ (لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْإِحْيَاءِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ نَقَلَ أَبُو الْمُظَفَّرِ فِي أَرْضٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ لَيْسَ فِيهَا مَزَارِعُ وَلَا عُيُونٌ وَأَنْهَارٌ تَزْعُمُ كُلُّ قَرْيَةٍ أَنَّهَا لَهُمْ فِي حَرَمِهِمْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِهَؤُلَاءِ وَلَا لِهَؤُلَاءِ، حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُمْ أَحْيَوْهَا فَمَنْ أَحْيَاهَا فَلَهُ وَمَعْنَاهَا نَقْلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَأْتِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ.
(وَإِنْ مَلَكَهَا مَنْ لَهُ حُرْمَةٌ) مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهِدٍ لَمْ تُمْلَكْ بِإِحْيَاءٍ (أَوْ) مَلَكَهَا مَنْ شُكَّ فِيهِ أَلَهُ حُرْمَةٌ أَمْ لَا (فَإِنْ وَجَدَ) هُوَ (أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ لَمْ يَمْلِكْ بِإِحْيَاءٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا عُرِفَ بِمِلْكِ مَالِكٍ غَيْرِ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ لَأَحَدٍ غَيْرِ أَرْبَابِهِ انْتَهَى وَمُرَادُهُ: مَا مُلِكَ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مَا مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ ثُمَّ دَثَرَ فَفِيهِ خِلَافٌ فَعِنْدَ مَالِكٍ: يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ.
(وَإِنْ عُلِمَ) مَالِكُهُ (وَلَمْ يُعْقِبْ)، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ (لَمْ يَمْلِكْ) أَيْضًا بِالْإِحْيَاءِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» (وَأَقْطَعهُ الْإِمَامُ مَنْ شَاءَ)؛ لِأَنَّهُ فَيْءٌ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَوَاتُ (قَدْ مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ ثُمَّ تُرِك حَتَّى دَثَرَ وَعَادَ مَوَاتًا لَمْ يَمْلِكْ بِإِحْيَاءٍ إنْ كَانَ لِمَعْصُومٍ)؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُحْيِي أَوَّلًا لَمْ يَزُلْ عَنْهَا بِالتَّرْكِ بِدَلِيلِ سَائِرِ الْأَمْلَاكِ.
(وَإِنْ عُلِمَ مِلْكُهُ) أَيْ الدَّارِسِ الْخَرَابِ (لِمُعَيَّنٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ) بِأَنْ كَانَ لِكَافِرٍ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا أَمَانَ (فَإِنْ كَانَ بِدَارِ حَرْبٍ وَانْدَرَسَ كَانَ كَمَوَاتٍ أَصْلِيٍّ يَمْلِكُهُ مُسْلِمٌ بِإِحْيَاءٍ)؛ لِأَنَّ مِلْكَ مَنْ لَا عِصْمَةَ لَهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ بِدَارِ إسْلَامٍ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ، فَلَا أَثَرَ لِإِحْيَائِهِ.
وَإِنْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ شِرَاءٍ، بِأَنْ وَكَّلَ غَيْرٌ الْمَعْصُومِ مَعْصُومًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ مَكَانًا فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى دَرَسَ، وَصَارَ مَوَاتًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ فَيَكُونُ فَيْئًا بِمَنْزِلَةِ مَا جَلَوْا عَنْهُ خَوْفًا مِنَّا لَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.
(وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الْخَرَابِ أَثَرٌ لِمِلْكٍ غَيْرِ جَاهِلِيٍّ، كَالْخَرَابِ الَّتِي ذَهَبَتْ أَنْهَارُهَا وَانْدَرَسَتْ آثَارُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ الْآنَ لَهَا مَالِكٌ (مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ.
(وَكَذَا إنْ كَانَ) أَثَرُ الْمِلْكِ بِهِ (جَاهِلِيًّا قَدِيمًا كَدِيَارِ عَادٍ) وَآثَارِ الرُّومِ فَيَمْلِكُهُ مَنْ أَحْيَاهُ لِمَا سَبَقَ وَرَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَادِي الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هُوَ بَعْدُ لَكُمْ».
(فَأَمَّا مَسَاكِنُ ثَمُودَ فَلَا تُمْلَكُ فِيهَا لِعَدَمِ دَوَامِ الْبُكَاءِ مَعَ السُّكْنَى وَ) مَعَ (الِانْتِفَاعِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ) وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ، بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَيُكْرَهُ دُخُولُ دِيَارِهِمْ) أَيْ ثَمُودَ (إلَّا لِبَاكٍ مُعْتَبِرٍ، لَا يُصِيبُهُ مَا أَصَابَهُمْ) مِنْ الْعَذَابِ لِلْخَبَرِ.
(أَوْ) كَانَ أَثَرُ الْمِلْكِ بِهِ جَاهِلِيًّا (قَرِيبًا) فَيَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْمِلْكِ الَّذِي بِهِ لَا حُرْمَةَ لَهُ أَشْبَهَ آثَارَ الْجَاهِلِيِّ الْقَدِيمِ.
(أَوْ تَرَدَّدَ فِي جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ) وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِلْكُهُ لِمَعْصُومِ مِلْكٍ بِالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ.
(وَمَتَى أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحْيِي (مُسْلِمًا كَانَ) الْمُحْيِي (أَوْ ذِمِّيًّا)، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهَا (بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ) بِ (غَيْرِ إذْنِهِ، فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ مُبَاحَةٌ فَلَمْ يُفْتَقَرْ مِلْكُهَا إلَى إذْنِ الْإِمَامِ، كَأَخْذِ الْمُبَاحِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ.
(إلَّا مَوَاتَ الْحَرَمِ) وَ(عَرَفَاتٍ) فَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ فِي أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَاخْتِصَاصِهِ بِمَحَلٍّ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ عَلَى الْحَرَمِ كَمَا سَبَقَ فَلَا إحْيَاءَ بِهِمَا.
(وَمَوَاتُ الْعَنْوَةِ) كَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ (كَغَيْرِهِ) مِمَّا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، كَالْمَدِينَةِ وَمَا صُولِحَ أَهْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ (فَيُمْلَكُ) مَوَاتُ الْعَنْوَةِ بِالْإِحْيَاءِ.
(وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَحْيَا مَوَاتَ الْعَنْوَةِ وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ لَيْسَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ مَوَاتٌ مُعَلَّلًا بِأَنَّهَا لِجَمَاعَةٍ فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمْ حَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى الْعَامِرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَهُ لِكَوْنِ السَّوَادِ كَانَ عَامِرًا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَحِينَ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْكُفَّارِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمُحْيِي لِلْعَنْوَةِ (ذِمِّيًّا) فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا تُقَرُّ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ بِدُونِ الْخَرَاجِ كَغَيْرِ الْمَوَاتِ وَهَلْ يَمْلِكُهُ مَعَ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْإِنْصَافِ أَوَّلًا: تَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَثَانِيًا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يُقَرُّ بِيَدِهِ بِالْخَرَاجِ.
(وَلَا يَمْلِكُ مُسْلِمٌ) بِالْإِحْيَاءِ (مَا) أَيْ مَوَاتًا (أَحْيَاهُ مِنْ أَرْضِ كُفَّارٍ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْأَرْضَ (لَهُمْ، وَلَنَا الْخَرَاجُ عَلَيْهَا)؛ لِأَنَّهُمْ صُولِحُوا فِي بِلَادِهِمْ فَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَوَاتَ تَابِعٌ لِلْبَلَدِ وَيُفَارِقُ دَارَ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ.
(وَلَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ مَا قَرُبَ) عُرْفًا (مِنْ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ، كَطُرُقِهِ وَفِنَائِهِ) مَا اتَّسَعَ أَمَامَهُ (وَمُجْتَمَعِ نَادِيهِ) أَيْ جَمَاعَتِهِ (وَمَسِيلِ مِيَاهِهِ، وَمَطْرَحِ قُمَامَتِهِ، وَمُلْتَقَى تُرَابِهِ وَ) مَلْقَى (آلَاتِهِ) الَّتِي لَا نَفْعَ بِهَا (وَمَرْعَاهُ وَمُحْتَطَبِهِ، وَحَرِيمِ الْبِئْرِ، وَ) حَرِيمِ (النَّهْرِ، وَ) حَرِيمِ (الْعَيْنِ، وَمُرْتَكَضِ الْخَيْلِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِرَكْضِهَا (وَمَدَافِنِ الْأَمْوَاتِ، وَمُنَاخِ الْإِبِلِ، وَالْمَنَازِلِ الْمُعْتَادَةِ لِلْمُسَافِرِينَ حَوْلَ الْمِيَاهِ، وَالْبِقَاعِ الْمُرْصَدَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَ) لِصَلَاةِ (الِاسْتِسْقَاءِ، وَ) لِصَلَاةِ (الْجَنَائِزِ، وَ) الْبِقَاعِ الْمُرْصَدَةِ لِ (دَفْنِ الْمَوْتَى) وَلَوْ قَبْلَ الدَّفْنِ.
(وَنَحْوِهِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا تَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً مِنْ غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ»؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الْمِلْكِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ مُبَاحَ الْمَرَافِقِ لَا يَمْلِكُهَا الْمُحْيِي بِالْإِحْيَاءِ لَكِنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ مَا لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ) مِمَّا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَمْلُوكِ لِأَهْلِ الْعَامِرِ.
(وَمَا) قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ لَكِنَّهُ (لَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِهِ مِلْكٌ بِإِحْيَاءٍ) كَالْبَعِيدِ عَنْهُ، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِمَصَالِحِ الْعَامِرِ.
(وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهُ) أَيْ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ وَلَمْ وَلَمْ وَلَمْ بِمَصَالِحِهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ» مَعَ قُرْبِهِ مِنْ عَامِرِ الْمَدِينَةِ.
(وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ وَقْتَ الْإِحْيَاءِ جُعِلَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ) لِلْخَبَرِ (وَلَا تُغَيَّرُ) الطَّرِيقُ (بَعْدَ وَضْعِهَا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ؛ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ) فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا.
(وَلَا تُمْلَكُ مَعَادِنُ ظَاهِرَةٌ) بِإِحْيَاءٍ (وَلَا تُحَجَّرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَجَّرَهَا لِيَخْتَصَّ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ (مَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى عَمَلٍ) بِأَنْ كَانَ يُتَوَصَّلُ إلَى مَا فِيهَا بِلَا مُؤْنَةٍ (كَمِلْحٍ وَقَارٍ، وَنَفْطٍ وَكُحْلٍ، وَجَصٍّ، وَيَاقُوتٍ وَمَاءٍ، وَثَلْجٍ) فِي عَدِّهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ نَظَرٌ (وَمُومْيَا، وَبِرَامٍ، وَكِبْرِيتٍ، وَمُقَاطِعِ طِينٍ) فِي جَعْلِهِ مِنْ الْمَعَادِنِ نَظَرٌ.
(وَنَحْوِهَا)؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالْمُسْلِمِينَ وَتَضْيِيقًا عَلَيْهِمْ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ مَعْدِنَ الْمِلْحِ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْعِدِّ رَدَّهُ» كَذَا قَالَ أَحْمَدُ.
(وَلَا) تُمْلَكُ وَلَا تُحْتَجَرُ مَعَادِنُ (بَاطِنَةٌ) وَهِيَ الَّتِي تَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِهَا إلَى حَفْرٍ وَمُؤْنَةٍ (ظَهَرَتْ) الْبَاطِنَةُ (أَوْ لَا كَحَدِيدٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ نُحَاسٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ وَشِبْهِهَا (بِإِحْيَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا تَمَلُّكٍ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ الَّذِي يُمْلَكُ بِهِ الْعَمَارُ الَّتِي يَتَهَيَّأُ بِهَا الْمُحْيَا لِلِانْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِ عَمَلٍ وَهَذَا حَفْرٌ وَتَخْرِيبٌ يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارٍ عِنْدَ كُلِّ انْتِفَاعٍ.
(وَلَا) يُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ (مَا نَضَبَ) أَيْ غَارَ (عَنْهُ الْمَاءُ مِمَّا كَانَ مَمْلُوكًا وَغَلَبَ) الْمَاءُ (عَلَيْهِ ثُمَّ نَضَبَ) الْمَاءُ عَنْهُ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مُلَّاكِهِ قَبْلَ غَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَ (لَهُمْ أَخْذُهُ)؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ مِلْكَهُمْ عَنْهُ.
(أَمَّا مَا نَضَبَ) أَيْ غَارَ (عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ الْجَزَائِرِ وَالرَّقَاقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَرْضٌ لَيِّنَةٌ أَوْ رِمَالٌ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَرْضٌ مُسْتَوِيَةٌ لَيِّنَةُ التُّرَابِ تَحْتَهَا صَلَابَةٌ (مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَلِكُلِّ أَحَدٍ إحْيَاؤُهُ) بَعُدَتْ، أَوْ قَرُبَتْ (كَمَوَاتٍ) قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ وَنَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى: إذَا نَضَبَ الْمَاءُ مِنْ جَزِيرَةٍ إلَى فِنَاءِ رَجُلٍ لَمْ يُبْنَ فِيهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ يَرْجِعُ، أَيْ يَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِذَا وَجَدَهُ مَبْنِيًّا رَجَعَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَأَضَرَّ بِأَهْلِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَزَائِرَ مَنْبَتُ الْكَلَأِ وَالْحَطَبِ، فَجَرَتْ مَجْرَى الْمَعَادِن الظَّاهِرَةِ.
(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ مَعَادِنَ ظَاهِرَةٍ أَوْ بَاطِنَةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَصَحَّحَ فِي الشَّرْحِ جَوَازَهُ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلِيسَهَا وَغُوَيْرَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
(فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ صَارَ مِلْحًا مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا تَضْيِيقَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ، بَلْ يَحْدُثُ نَفْعُهُ بِالْعَمَلِ فِيهِ فَلَمْ يُمْنَعُ مِنْهُ، كَبَقِيَّةِ الْمَوَاتِ وَإِحْيَاؤُهُ بِتَهْيِئَتِهِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ مِنْ حَفْرِ تُرَابِهِ وَتَمْهِيدِهِ وَفَتْحِ قَنَاةٍ إلَيْهِ يَتَهَيَّأُ بِهَذَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ.
(وَإِذَا مَلَكَ الْمُحْيَا) بِأَنْ أَحْيَا مَا يَجُوزُ لَهُ إحْيَاؤُهُ (مَلَكَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعَادِنِ الْجَامِدَةِ، كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا) كَالْجَوَاهِرِ (بَاطِنَةً كَانَتْ) الْمَعَادِنُ (أَوْ ظَاهِرَةً) تَبَعًا لِلْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَطَبَقَاتِهَا وَهَذَا مِنْهَا فَدَخَلَ فِي مِلْكِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ وَيُفَارِقُ الْكَنْزَ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا لِلنَّقْلِ عَنْهَا فَالْبَاطِنَةُ كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ، وَالرَّصَاصِ وَالظَّاهِرَةُ كَالْكُحْلِ، وَالْجَصِّ، وَالزِّرْنِيخِ، وَالْكِبْرِيتِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ:.
: وَلَوْ تَحَجَّرَ الْأَرْضَ أَوْ قَطَعَهَا فَظَهْرَ فِيهَا الْمَعْدِنُ قَبْلَ إحْيَائِهَا كَانَ لَهُ إحْيَاؤُهَا، وَيَمْلِكُهَا بِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِتَحَجُّرِهِ وَإِقْطَاعِهِ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ إتْمَامِ حَقِّهِ.
(وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ) أَيْ الْمُحْيَا مِنْ الْأَرْضِ (عَيْنُ مَاءٍ مَاءٍ أَوْ مَعْدِنٍ جَارٍ إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَفَهُ غَيْرُهُ، كَنَفْطٍ وَقَارٍ أَوْ) ظَهَرَ فِيهَا (كَلَأٌ، أَوْ شَجَرٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ) لِأَنَّهُ لَوْ سَبَقَ إلَى الْمُبَاحِ الَّذِي لَيْسَ بِأَرْضِهِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي لَفْظٍ «فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» فَهُنَا أُولَى (وَلَا يَمْلِكُهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ «وَثَمَنُهُ حَرَامٌ» وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَلَمْ تُمْلَكْ بِمِلْكِهَا كَالْكَنْزِ.
(وَمَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ الَّذِي فِي قَرَارِ الْعَيْنِ، الْعَيْنِ أَوْ) فِي قَرَارِ (الْبِئْرِ) عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ (لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِبَهَائِمِ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ مُبَاحٌ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ) رَبُّ الْأَرْضِ (بِهِ سَوَاءٌ، اتَّصَلَ) مَوْضِعُ الْمَاءِ (بِالْمَرْعَى، أَوْ بَعُدَ عَنْهُ وَيَلْزَمُ) أَيْضًا (بَذْلُهُ لِزَرْعِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يُؤْذِهِ بِالدُّخُولِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ، أَوْ فَضْلَ كَلَئِهِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَا يَتَوَعَّدُ عَلَى مَا يَحِلُ.
(فَإِنْ آذَاهُ) بِالدُّخُولِ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَكَذَا لَوْ تَضَرَّرَ بِبَذْلِهِ، أَوْ وَجَدَهُ مُبَاحًا غَيْرُهُ، (أَوْ كَانَ لَهُ فِيهِ) أَيْ الْبِئْرِ (مَاءُ السَّمَاءِ فَيَخَافُ عَطَشًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْنَعَهُ)؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْحِيَازَةِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ بِخِلَافِ الْعِدِّ.
(وَكَذَا لَوْ حَازَهُ) أَيْ الْمَاءَ الْعِدَّ (فِي إنَاءٍ) لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِغَيْرِهِ لِمَا تَقْدَمَ، إلَّا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ بِشَرْطِهِ (وَعِنْدَ الْأَذَى يُورِدُ الْمَاشِيَةَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَاءِ الْعِدِّ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَةِ رَبِّ أَرْضِهِ (فَيَجُوزُ لِرُعَاتِهَا سَوْقُ فَضْلِ الْمَاءِ إلَيْهَا)؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ بِلَا مَفْسَدَةٍ.
(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَذْلُ الْمَاءِ (بَذْلُ آلَةِ الِاسْتِسْقَاءِ، كَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَالْبَكَرَةِ)؛ لِأَنَّهَا تَتْلَفُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَشْبَهَتْ بَقِيَّةَ مَالِهِ لَكِنْ إنْ اُضْطُرَّ بِلَا ضَرَرٍ عَلَى رَبِّهَا لَزِمَ بَذْلُهَا وَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ.
(وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا بِ) أَرْضٍ (مَوَاتٍ لِلسَّابِلَةِ) أَيْ لِنَفْعِ الْمُجْتَازِينَ (فَالنَّاسُ مُشْتَرِكُونَ فِي مَائِهَا، وَالْحَافِرُ لَهَا كَأَحَدِهِمْ فِي السَّقْيِ وَالزَّرْعِ وَالشُّرْبِ)؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَمْ يَخُصَّ بِهَا نَفْسَهُ وَلَا غَيْرَهُ.
(وَعِنْدَ الضَّيِّقِ) أَيْ التَّزَاحُمِ (يُقَدَّمُ الْآدَمِيُّ) فِي السَّقْيِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ حُرْمَةً (ثُمَّ) تُقَدَّمُ (الْبَهَائِمُ)؛ لِأَنَّ لَهَا حُرْمَةً (ثُمَّ) يُسْقَى (الزَّرْعُ).
(وَإِنْ حَفَرَهَا) أَيْ الْبِئْرِ (لِيَرْتَفِقَ هُوَ) أَيْ الْحَافِرُ (بِمَائِهَا كَحَفْرِ السِّفَارَةِ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ) بِئْرًا لِيَرْتَفِقُوا بِمَائِهَا وَكَحَفْرِ الْمُنْتِجِينَ (كَالْأَعْرَابِ وَالتُّرْكُمَانِ يُنْتِجُونَ أَرْضًا فَيَحْفِرُونَ لِشُرْبِهِمْ وَشُرْبِ دَوَابِّهِمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا)؛ لِأَنَّهُمْ جَازِمُونَ بِانْتِقَالِهِمْ عَنْهَا وَتَرْكِهَا لِمَنْ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُمْ بِخِلَافِ الْحَافِرِ لِلتَّمَلُّكِ.
(وَهُمْ أَحَقُّ بِمَائِهَا مَا أَقَامُوا) لِسَبْقِهِمْ (وَعَلَيْهِمْ بَذْلُ الْفَاضِلِ) مِنْ الْمَاءِ (لِشَارِبِهِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَبَعْدَ رَحِيلِهِمْ تَكُونُ سَابِلَةً لِلْمُسْلِمِينَ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِمَّنْ لَمْ يَحْفُرْهَا أَحَقَّ مِنْ الْآخَرِ (فَإِنْ عَادُوا) أَيْ الْحَافِرُونَ (إلَيْهَا كَانُوا أَحَقَّ بِهَا) مَنْ غَيْرِهِمْ،؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْفِرُوهَا إلَّا لِأَنْفُسِهِمْ وَمِنْ عَادَتِهِمْ الرَّحِيلُ وَالرُّجُوعُ فَلَمْ تَزَلْ أَحَقِّيَّتُهُمْ بِذَلِكَ.
(قَالَ فِي الْمُغْنِي) وَالشَّرْحِ (وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي لِشُرْبِهِ وَطَهَارَتِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَانْتِفَاعِهِ بِهِ، فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الشُّرْبِ وَالطَّهَارَةِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ (مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ) رَبِّهِ (إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ فِي مَكَان مَحُوطٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ بِفَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فَأَمَّا مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَسَقْيِ الْمَاشِيَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنْ فَضَلَ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ (وَقَالَ الْحَارِثِيُّ الْفَضْلُ الْوَاجِبُ بَذْلُهُ مَا فَضَلَ عَنْ شَفَتِهِ وَشَفَةِ عِيَالِهِ، وَعَجِينِهِمْ، وَطَبِيخِهِمْ، وَطَهَارَتِهِمْ، وَغَسْلِ ثِيَابِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعَنْ مَوَاشِيهِ وَمَزَارِعِهِ وَبَسَاتِينِهِ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ حَاجَتِهِ.
وَإِنْ حَفَرَ الْبِئْرَ بِمَوَاتٍ تَمَلَّكَهَا فَهِيَ لَهُ كَمَا يَأْتِي كَمَا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ الْحَيِّ.

.فَصْلٌ: إِحْيَاءُ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ:

وَإِحْيَاءُ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ (أَنْ يَحُوزَهَا بِحَائِطٍ مَنِيعٍ) بِحَيْثُ (يَمْنَعُ) الْحَائِطُ (مَا وَرَاءَهُ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرٍ وَلَهُمَا مِثْلُهُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ.
(وَيَكُونُ الْبِنَاءُ مِمَّا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْبِنَاءُ بِهِ مِنْ لَبِنٍ، أَوْ آجُرٍّ أَوْ حَجَرٍ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ سَوَاءٌ أَرَادَهَا) الْمُحْيِي (لِبِنَاءٍ، أَوْ زَرْعٍ، أَوْ) أَرَادَهَا (حَظِيرَةَ غَنَمٍ، أَوْ) حَظِيرَةَ (خَشَبٍ وَنَحْوَهُمَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْإِحْيَاءِ (تَسْقِيفٌ) وَلَا نَصْبُ بَابٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْخَبَرِ، وَالسُّكْنَى مُمْكِنَةٌ بِدُونِهِ (أَوْ) أَنْ (يُجْرِيَ لَهَا مَاءً بِأَنْ يَسُوقَ إلَيْهَا) مَاءَ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ (إنْ كَانَتْ لَا تُزْرَعُ إلَّا بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ الْمَسُوقِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ نَفْعَ الْأَرْضِ بِالْمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ الْحَائِطِ (أَوْ) أَنْ (يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا يَكُونُ فِيهَا مَاءٌ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمَاءِ فَهُوَ كَالْمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي) تَفْصِيلُهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ.
وَإِنْ خَرَجَ الْمَاءُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ إلَّا أَنْ تَحْتَاجَ إلَى طَيٍّ فَتَمَامُ الْإِحْيَاءِ طَيُّهَا (أَوْ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا) بِأَنْ كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِلْغِرَاسِ لِكَثْرَةِ أَحْجَارِهَا، أَوْ نَحْوِهَا، فَيُنَقِّيهَا وَيَغْرِسُهَا؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ كَالْحَائِطِ (أَوْ) أَنْ (يَمْنَعَ) عَنْ الْمَوَات (مَا لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا إلَّا بِحَبْسِهِ عَنْهَا، كَأَرْضِ الْبَطَائِحِ)؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَزْرَعهَا وَيَسْقِيَهَا.
(وَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ زَرْعِهَا كَثْرَةُ الْأَحْجَارِ كَأَرْضِ اللَّجَأَةِ) نَاحِيَةٌ بِالشَّامِ (فَإِحْيَاؤُهَا بِقَلْعِ أَحْجَارِهَا وَتَنْقِيَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غِيَاضًا وَأَشْجَارًا كَأَرْضِ الشَّعْرِ فَبِأَنْ يَقْلَعَ أَشْجَارَهَا، وَيُزِيلَ عُرُوقَهَا الْمَانِعَةَ مِنْ الزَّرْعِ)؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا.
(وَلَا يَحْصُلُ الْإِحْيَاءُ بِمُجَرَّدِ الْحَرْثِ وَالزَّرْعِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلْبَقَاءِ بِخِلَافِ الْغَرْسِ (وَلَا) يَحْصُلُ الْإِحْيَاءُ أَيْضًا (بِخَنْدَقٍ يَجْعَلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ حَوْلَ الْأَرْضِ الَّتِي يُرِيدُ إحْيَاءَهَا (أَوْ) بِ (شَوْكٍ وَشِبْهِهِ يُحَوِّطُهَا بِهِ وَيَكُونُ تَحَجُّرًا)؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ يَنْزِلُ مَنْزِلًا وَيُحَوِّطُ عَلَى رَحْلِهِ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
(وَإِنْ حَفَرَ) فِي مَوَاتٍ (بِئْرًا عَادِيَّةً) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ نِسْبَةً إلَى عَادٍ وَلَمْ يُرِدْ عَادًا بِعَيْنِهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ عَادٌ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ وَكَانَتْ لَهَا آثَارٌ فِي الْأَرْضِ نُسِبَ إلَيْهَا كُلُّ قَدِيمٍ فَلِذَا قَالَ.
(وَهِيَ الْقَدِيمَةُ الَّتِي انْطَمَّتْ وَذَهَبَ مَاؤُهَا، فَجُدِّدَ حَفْرُهَا وَعِمَارَتُهَا أَوْ انْقَطَعَ مَاؤُهَا فَاسْتَخْرَجَهُ مَلَكَهَا وَمَلَكَ حَرِيمَهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَ) الْبِئْرُ (غَيْرُ الْعَادِيَّةِ) حَرِيمُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَرِيمِ الْعَادِيَّةِ فَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ «السُّنَّةُ فِي حَرِيمِ الْقَلِيبِ الْعَادِيِّ خَمْسُونَ ذِرَاعًا وَالْبَدِيءُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ» وَرَوَى الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ: أَنَّ الْبِئْرَ الَّتِي لَهَا مَاءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ لَيْسَ لِأَحَدٍ احْتِجَارُهُ كَالْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ (وَحَرِيمُ عَيْنٍ وَقَنَاةٍ) مِنْ مَوَاتٍ حَوْلَهَا (خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ) قُلْتُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِذِرَاعِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَحَرِيمُ نَهْرٍ مِنْ حَافَتَيْهِ مَا يَحْتَاجُ) النَّهْرُ (إلَيْهِ لِطَرْحِ كِرَايَتِهِ) أَيْ مَا يُلْقَى مِنْهُ طَلَبًا لِسُرْعَةِ جَرْيِهِ.
(وَطَرِيقِ شَاوِيهِ) أَيْ: قَيِّمِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَالْكِرَايَةُ وَالشَّايُ لَمْ أَجِدْ لَهُمَا أَصْلًا فِي اللُّغَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَعَلَّهُمَا مُوَلَّدَتَانِ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ الشَّامِ (وَمَا يَسْتَضِرُّ صَاحِبُهُ بِتَمَلُّكِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَثُرَ)، وَكَذَا مَا يَرْتَفِقُ بِدُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ النَّهْرِ (عَمَلُ أَحْجَارِ طَحْنٍ عَلَى النَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَمَوْضِعُ غَرْسٍ وَزَرْعٍ وَنَحْوِهِمَا) قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَالَ:، وَإِنْ كَانَ بِجَنْبِهِ مُسَنَّاةٌ لِغَيْرِهِ ارْتَفَقَ بِهَا فِي ذَلِكَ، أَيْ فِي تَنْظِيفِهِ ضَرُورَةً (وَحَرِيمُ شَجَرَةٍ قَدْرُ مَدِّ أَغْصَانِهَا وَ) الْحَرِيمُ (فِي النَّخْلِ) (مَدُّ جَرِيدِهَا) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «اُخْتُصِمَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ مِنْ جَرَائِدِهَا فَذُرِعَتْ فَكَانَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، أَوْ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَقَضَى بِذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَحَرِيمُ أَرْضٍ) أُحْيِيَتْ (لِزَرْعٍ) قَدْرَ (مَا يَحْتَاجهُ) زَارِعُهَا (لِسَقْيِهَا وَرَبْطِ دَوَابِّهَا وَطَرْحِ سَبَخِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَمَصْرِفِ مَائِهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ مَرَافِقِهَا (وَحَرِيمُ دَارٍ مِنْ مَوَاتٍ حَوْلَهَا مَطْرَحُ تُرَابٍ وَكُنَاسَةٍ وَثَلْجٍ وَمَاءٍ وَمِيزَابٍ وَمَمَرٍّ إلَى بَابِهَا)؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ يَرْتَفِقُ بِهِ سَاكِنُهَا.
(وَلَا حَرِيمَ لِدَارٍ مَحْفُوفَةٍ بِمِلْكِ الْغَيْرِ) مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؛ لِأَنَّ الْحَرِيمَ مِنْ الْمَرَافِقِ وَلَا يَرْتَفِقُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ أَحَقُّ بِهِ (وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (فِي مِلْكِهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ بِحَسْبِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَإِنْ تَعَدَّى) الْعَادَةَ (مُنِعَ) التَّعَدِّي، عَمَلًا بِالْعَادَةِ.
(وَمَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا) أَيْ شَرَعَ فِي إحْيَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتِمَّهُ (بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَائِهَا، أَوْ أَدَارَ حَوْلَ الْأَرْضِ) الَّتِي أَرَادَ إحْيَاءَهَا (تُرَابًا أَوْ أَحْجَارًا، أَوْ جِدَارًا صَغِيرًا) لَا يَمْنَعُ مَا وَرَاءَهُ (أَوْ سَبَقَ إلَى شَجَرٍ مُبَاحٍ كَالزَّيْتُونِ وَالْخَرْنُوبِ وَنَحْوِهِمَا فَشَفَاهُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ أَيْ قَطَعَ الْأَغْصَانَ الرَّدِيئَةَ لِتَخْلُفَهَا أَغْصَانٌ جَيِّدَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ وَأَطَالَ فِيهِ وَذَكَرْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى.
(وَأَصْلَحَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) بِأَنْ خَنْدَقَ حَوْلَ الْأَرْضِ أَوْ حَرَثَهَا، أَوْ أَدَارَ حَوْلَهَا شَوْكًا أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ (أَوْ أَقْطَعَهُ لَهُ إمَامٌ لَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ)؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَهُوَ) أَيْ الْمُتَحَجِّرُ (أَحَقُّ بِهِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ سَبَقَ إلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَ) كَذَا (وَارِثُهُ بَعْدَهُ) يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ تَرَكَ حَقًّا، أَوْ مَالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ»؛ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمُوَرِّثِ فَقَامَ وَارِثَهُ مَقَامَهُ فِيهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَكَذَا مَنْ يَنْقُلُهُ) الْمُتَحَجِّرُ، أَوْ وَارِثُهُ (إلَيْهِ بِغَيْرِ بِيَعٍ) فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ أَقَامَهُ مَقَامَهُ فِيهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُتَحَجِّرِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَشَرْطُ الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا.
(فَإِنْ فَإِنْ، أَيْ أَطْعَمَ الزَّيْتُونَ وَالْخَرْنُوبَ) بَعْدَ أَنْ شَفَاهُ وَأَصْلَحَهُ (مَلَكَهُ)؛ لِأَنَّهُ تَهَيَّأَ بِذَلِكَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِمَا يُرَادُ مِنْهُ فَهُوَ كَسَوْقِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ الْمَوَاتِ (وَ) مَلَكَ أَيْضًا (حَرِيمَهُ) تَبَعًا لَهُ وَتَقَدَّمَ.
(فَإِنْ لَمْ يَتِمّ إحْيَاؤُهُ) أَيْ إحْيَاءُ مَا تَحَجَّرَ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ عُرْفًا كَنَحْوِ ثَلَاثِ سِنِينَ قِيلَ لَهُ) أَيْ: الْمُتَحَجِّرِ (إمَّا أَنْ تُحْيِيَهُ) فَتَمْلِكَهُ (أَوْ تَتْرُكَهُ) لِمَنْ يُحْيِيهِ (إنْ حَصَلَ مُتَشَوِّفٌ لِلْإِحْيَاءِ)؛ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ وَقَفَ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ، أَوْ مَشْرَعَةِ مَاءٍ أَوْ مَعْدِنٍ لَا يَنْتَفِعُ وَلَا يَدَعُ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ.
(فَإِنْ طَلَبَ) الْمُتَحَجِّرُ (الْمُهْلَةَ لِعُذْرٍ أُمْهِلَ شَهْرَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَقَلَّ عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ)؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَلَا يُمْهَلُ) بَلْ يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَعْمُر وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ يَدَك فَإِنْ لَمْ يَعْمُرْهَا كَانَ لِغَيْرِهِ عِمَارَتُهَا.
(وَإِنْ أَحْيَاهُ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُتَحَجِّرِ (فِي مُدَّةِ الْمُهْلَةِ أَوْ قَبْلَهَا لَمْ يَمْلِكُهُ) لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ»؛ وَلِأَنَّهُ إحْيَاءٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُتَحَجِّرِ أَسْبَقُ فَكَانَ أَوْلَى.
(وَ) إنْ أَحْيَاهُ أَحَدٌ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ (مَلَكَهُ) مَنْ أَحْيَاهُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا انْتَهَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا مِلْكَ لَهُ، وَحَقُّهُ زَالَ بِإِعْرَاضِهِ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِمْهَالِ.
(وَمَنْ) (نَزَلَ عَنْ وَظِيفَةٍ) مِنْ إمَامَةٍ إمَامَةٍ أَوْ خَطَابَةٍ خَطَابَةٍ أَوْ تَدْرِيسٍ وَنَحْوِهِ (لِزَيْدٍ وَهُوَ) أَيْ زَيْدٌ (لَهَا) أَيْ الْوَظِيفَةِ (أَهْلٌ لَمْ يَتَقَرَّرْ غَيْرُهُ فِيهَا) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهَا (فَإِنْ قَرَّرَ هُوَ) أَيْ قَرَّرَهُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ كَالنَّاظِرِ تَمَّ الْأَمْرُ لَهُ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقَرِّرْهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ (فَهِيَ) أَيْ: الْوَظِيفَةُ (لِلنَّازِلِ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رَغْبَةٌ مُطْلَقَةٌ عَنْ وَظِيفَتِهِ (وَقَالَ الشَّيْخُ: لَا يَتَعَيَّنُ الْمَنْزُولُ لَهُ، وَيُوَلِّي مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا شَرْعًا) وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ بِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ نُزُولُهُ بِعِوَضٍ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رَغْبَةٌ مُطْلَقَةٌ عَنْ وَظِيفَتِهِ ثُمَّ قَالَ: وَكَلَامُ الشَّيْخِ فِي قَضِيَّةِ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَنْزُولَ لَهُ لَيْسَ أَهْلًا، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ النُّزُولَ يُفِيدُ الشُّغُورَ وَقَدْ سَقَطَ حَقُّهُ بِشُغُورِهِ إذْ السَّاقِطُ لَا يَعُودُ وَقَوْلُهُ: فِي قَضِيَّةِ عَيْنٍ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَقَالَ فِي الْمُوَضِّحِ: مُلَخَّصُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: يَسْتَحِقُّهَا مَنْزُولٌ لَهُ إنْ كَانَ أَهَلًا وَإِلَّا فَلِنَاظِرٍ تَوْلِيَةُ مُسْتَحِقِّهَا شَرْعًا انْتَهَى.
وَمِمَّا يُشْبِهُ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ: النُّزُولُ عَنْ الْإِقْطَاعِ فَإِنَّهُ نُزُولٌ عَنْ اسْتِحْقَاقٍ يَخْتَصُّ بِهِ لِتَخْصِيصِ الْإِمَامِ لَهُ اسْتِغْلَالَهُ أَشْبَهَ مُسْتَحِقَّ الْوَظِيفَةِ وَأَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ الْخُلْعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَغَيْرُهُ قُلْتُ:، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ النُّزُولُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا بَذَلَهُ مِنْ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ.
(وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَمَنْ بِيَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالْخَرَاجِ كَالْمُسْتَأْجَرِ)؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَقَرَّهَا بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا كُلَّ عَامٍ، فَمَلَكُوا مَنَافِعَهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي يَبْذُلُونَهُ (وَيَرِثُهَا وَرَثَتُهُ كَذَلِكَ) فَيَكُونُونَ أَحَقَّ بِهَا بِالْخَرَاجِ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَخَذُهَا مِنْهُ) أَيْ: مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَلَا مِنْ وَرَثَتِهِ (وَدَفْعُهَا إلَى غَيْرِهِ)؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ (وَإِنْ نَزَلَ عَنْهَا، أَوْ آثَرَ بِهَا) أَحَدًا (فَالْمَنْزُولُ لَهُ) أَحَقُّ بِهَا (وَالْمُؤْثَرُ أَحَقُّ بِهَا) مِنْ غَيْرِهِ (وَتَقَدَّمَ) فِي الْأَرْضِينَ الْمَغْنُومَةِ.
(وَمِثْلُهُ مَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ لَوْ آثَرَ شَخْصًا بِمَكَانِهِ فِي الْجُمُعَةِ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُؤْثَرِ (سَبْقُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَهُ أَشْبَهَ مَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا، أَوْ سَبَقَ إلَيْهِ) أَيْ الْمَوَاتِ (أَوْ آثَرَ بِهِ) فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ سَبْقُهُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ، أَيْ الْمُتَحَجِّرِ فِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ وَمَنْ يَنْقُلُهُ إلَيْهِ فِي نُزُولٍ مُسْتَحِقٍّ عَنْ وَظِيفَةٍ لِزَيْدٍ، هَلْ يَتَقَرَّرُ فِيهَا غَيْرُهُ؟ (فَمُرَادُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ بِالتَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ النُّزُولُ الْمَذْكُورُ، إمَّا لِسُكُونِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ مَنْ الْمَنْزُولِ لَهُ، أَوْ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ إذَا كَانَ النُّزُولُ مُعَلَّقًا بِشَرْطِ الْإِمْضَاءِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ الْمُتَحَجِّرَ فَيَجْرِي فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ أَمَّا إذَا تَمَّ النُّزُولُ إمَّا بِالْقَبُولِ).
مِنْ الْمَنْزُولِ لَهُ (أَوْ الْإِمْضَاءِ) مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ (وَوَقَعَ) الْمَنْزُولُ (الْمَوْقِعَ) لِأَهْلِيَّةِ الْمَنْزُولِ لَهُ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ (فَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّقَرُّرُ) عَنْ الْمَنْزُولِ لَهُ (وَلَا) لِنَاظِرٍ وَلَا غَيْرِهِ (التَّقْرِيرُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَنْزُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَى الْمَنْزُولِ لَهُ عَاجِلًا بِقَبُولِهِ.
وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقْرِيرِ نَاظِرٍ وَلَا مُرَاجَعَتِهِ، إذْ هُوَ حَقٌّ لَهُ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي حُقُوقِهِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَشْبَهَ سَائِرَ حُقُوقِهِ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَهُ مُلَخَّصُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِطُولِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَهُوَ) أَيْ الْمَنْزُولُ عَنْهُ (حِينَئِذٍ يُشْبِهُ بِالْمُتَحَجَّرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (إذَا أَحْيَاهُ مَنْ تَحَجَّرَهُ وَ) يُشْبِهُ (بِالْمُؤْثَرِ بِالْمَكَانِ إذَا صَارَ فِيهِ) لَيْسَ لِأَحَدٍ نَزْعُهُ مِنْهُ (لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَ الْمُحْيِي عَمَّا أَحْيَاهُ وَلَا الْمُؤْثَرُ يُزَالُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أُوثِرَ بِهِ وَصَارَ فِيهِ) بَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ.