فصل: فَصْلٌ: إِنْ عتقتْ الْأَمَةُ كُلُّهَا وَزَوْجُهَا حُرٌّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ:اكتشاف المسلم أن زوجته كتابيّة:

فَإِنْ تَزَوَّجَهَا أَيْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً (عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَبَانَتْ كِتَابِيَّة) أَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُك هَذِهِ الْمُسْلِمَة فَبَانَتْ كَافِرَةً (أَوْ تَزَوَّجَهَا يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ فَبَانَتْ كَافِرَةً) كِتَابِيَّةً (فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ شَرَطَ صِفَةً مَقْصُودَةً فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً (وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ شَرَطَهَا أَوْ ظَنَّهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً (لَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ خَيْرٍ فِيهَا.
(وَإِنْ شَرَطَهَا أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً) فَلَا خِيَارَ لَهُ (أَوْ) شَرَطَهَا (ذَاتَ نَسَبِ فَبَانَتْ أَشْرَفَ أَوْ) شَرَطَهَا (عَلَى صِفَةٍ دَنِيَّةٍ فَبَانَتْ أَعْلَى مِنْهَا) كَمَا لَوْ شَرَطَهَا شَوْهَاءَ فَبَانَتْ حَسْنَاءَ أَوْ قَصِيرَةً فَبَانَتْ طَوِيلَةً أَوْ سَوْدَاءَ فَبَانَتْ بَيْضَاءَ (فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ خَيْرٍ فِيهَا (وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا) فَبَانَتْ ثَيِّبًا فَلَهُ الْخِيَارُ.
(أَوْ) شَرَطَهَا (جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً) أَيْ ذَاتَ نَسَبٍ (فَبَانَتْ) بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ (أَوْ) شَرَطَهَا (بَيْضَاءَ أَوْ طَوِيلَةً أَوْ شَرَطَ نَفْيَ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا يَنْفَسِخُ بِهَا النِّكَاحُ كَالْعَمَى وَالْخَرَسِ وَالصَّمِّ وَالشَّلَلِ وَنَحْوِهِ) كَالْعَرَجِ وَالْعَوَرِ (فَبَانَتْ) الزَّوْجَةُ (بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا شَرَطَهُ (فَلَهُ الْخِيَارُ نَصًّا) لِأَنَّهُ شَرَطَ وَصْفًا مَقْصُودًا فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ (كَمَا لَوْ شَرَطَ الْحُرِّيَّةَ) فَبَانَتْ أَمَةً (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِالْمَهْرِ إنْ قَبَضَتْهُ).
قُلْتُ لَعَلَّ الْمُرَادَ إنْ اسْتَقَرَّ بِأَنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْأَمَة (عَلَى الْغَارِّ) لَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ لِلْغُرُورِ (وَإِلَّا) بِأَنْ فُسِخَ قَبْلَ مَا يُقَرِّرُهُ سَقَطَ لِأَنَّهُ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا (وَلَا يَصِحُّ فَسْخٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ غَيْرَ مَا يَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَنْ شَرَطَتْ حُرِّيَّةَ زَوْجهَا فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْفَسْخُ بِلَا حَاكِمٍ كَمَا لَوْ عَتَقَتْ تَحْتَهُ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَ الْحُرُّ امْرَأَةً يَظُنّهَا حُرَّةَ الْأَصْلِ) فَبَانَتْ أَمَةً (أَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً وَكَانَ الْحُرُّ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ غَيْر عَادِمِ الطَّوْلِ خَائِفَ الْعَنَتِ.
فَالنِّكَاحُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا مَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ كَانَ) الْحُرَّ (مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ نِكَاحُ الْإِمَاءِ لِكَوْنِهِ عَادِمَ الطَّوْلِ خَائِفَ الْعَنَتِ (وَاخْتَارَ الْفَسْخُ) فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَرَّ فِيهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحُرِّيَّةِ الْآخَرِ وَكَانَ لَهُ ذَلِكَ.
فَثَبَتَ فِيهِ الْخِيَارُ كَالْآخَرِ ثُمَّ إنْ فُسِخَ (وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (فَلَا مَهْرَ) لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (دَخَلَ بِهَا) ثُمَّ فُسِخَ (فَلَهَا الْمُسَمَّى) لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ (وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ) لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ حُرِّيَّتهَا فَكَانَ وَلَدُهُ حُرًّا لِاعْتِقَادِهِ مَا يَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ (وَيَفْدِيهِ) الزَّوْجُ (بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وِلَادَتِهِ) قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ الْوَضْعِ.
فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَهُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ وَقْتُ فَوَاتِ رِقِّهِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْوَضْعِ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِمَالِكِ الْأَمَةِ فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا بَعْدَ الْخُصُومَةِ (إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ سَوَاءٌ عَاشَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِذَلِكَ) أَيْ بِالْفِدَاءِ.
(وَ) يَرْجِعُ (بِالْمَهْرِ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَخْتَرْ إمْكَانَ النِّكَاحِ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الْإِمْضَاءُ (عَلَى مَنْ غَرَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْغَارُّ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَلِيٌّ وَكَذَلِكَ إنْ غَرِمَ الزَّوْجُ أُجْرَةَ خِدْمَتِهَا لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَارِّ (وَإِنْ كَانَ) حِينَ تَزَوَّجَ بِالْمَرْأَةِ (ظَنَّهَا عَتِيقَةً) فَبَانَتْ أَمَةً (فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِتْقِ فَكَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَالْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ) قَبْل وُجُودِهَا (كَالْأَمَةِ الْقِنِّ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ يَقُومُ كَأَنَّهُ عَبْدٌ).
وَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ وِلَادَتِهِ (وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا) يَكُونُ حُرًّا إذَا غَرَّ بِهَا (وَيَفْدِي) الزَّوْجُ (مِنْ وَلَدِهَا بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ) وَبَاقِيهِ حُرُّ لَا فِدَاءَ فِيهِ (وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ) إذَا غَرَّ بِهَا (وَيَفْدِيهِ) أَيْ وَلَدَهَا أَبُوهُ الْمَغْرُور بِهَا (وَمَهْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا لَهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرُورُ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يَجِبَ لَهَا ثُمَّ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهَا.
(وَيَثْبُتُ كَوْنُهَا أَمَةً بِبَيِّنَةٍ فَقَطْ لَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى) لِحَدِيثِ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» (وَلَا) يَثْبُتُ كَوْنُهَا أَمَةً أَيْضًا (بِإِقْرَارِهَا) بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهَا فَلَمْ يُقْبَلْ.
(وَإِنْ حَمَلَتْ الْمَغْرُورُ بِهَا فَضَرَبَهَا ضَارِبٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا) فَعَلَى الضَّارِب غُرَّةٌ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى جَنِينٍ حُرٍّ (يَرِثُهَا وَرَثَتُهُ) أَيْ وَرَثَةُ الْجَنِينِ كَأَنَّهُ وُلِدَ حَيًّا وَمَاتَ عَنْهَا.
(وَإِنْ كَانَ الضَّارِبُ أَبَاهُ) فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ وَ(لَمْ يَرِثْهُ) لِأَنَّهُ قَاتِلٌ (وَلَا يَجِبُ فِدَاءُ هَذَا الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ) لِأَنَّهُ وُلِدَ مَيِّتًا وَلَا قِيمَةَ لَهُ.
(وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْأَمَةِ وَمَنْ غَرَّ بِهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) بِأَنْ كَانَ حُرًّا فَاقِدًا الشَّرْطَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ) الْإِمَاءِ (فَلَهُ الْخِيَارُ) كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ رَضِيَ بِالْمُقَامِ مَعَهَا فَمَا) حَمَلَتْ بِهِ وَوَلَدَتْهُ (بَعْدَ الرِّضَا فَرَقِيقٌ) لِمَالِكِ الْأَمَةِ تَبَعًا لِأُمِّهِ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ مِنْ نَمَائِهَا وَنَمَاؤُهَا لِمَالِكِهَا وَقَدْ انْتَفَى الْغَرَرُ الْمُقْتَضِي لِلْحُرِّيَّةِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ) بِالْأَمَةِ (عَبْدًا فَوَلَدُهُ) مِنْهَا (أَحْرَارٌ) لِأَنَّهُ وَطِئَهَا مُعْتَقِدًا حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهَا فَأَشْبَهَ الْحُرَّ (يَفْدِيهِمْ) أَيْ يَفْدِي الْعَبْدُ أَوْلَادَهُ مِنْ الْأَمَةِ الَّتِي غَرَّ بِهَا بِقِيمَتِهِمْ يَوْم الْوِلَادَةِ (إذَا عَتَقَ لِتَعَلُّقِهِ) أَيْ الْفِدَاءِ (بِذِمَّتِهِ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقُّهُمْ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَا مَالَ لَهُ فِي الْحَالِ فَتَعَلَّقَ الْفِدَاءُ بِذِمَّتِهِ وَيُفَارِقُ الْجِنَايَةَ وَالِاسْتِدَانَةَ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا عَتَقُوا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ وَلَا أَخْذِ عِوَضٍ.
(وَيَرْجِعُ) الْعَبْدُ (بِهِ) أَيْ بِالْفِدَاءِ (عَلَى مَنْ غَرَّهُ) قَالَ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: وَلَا يَرْجِعُ بِهِ حَتَّى يَغْرَمَهُ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ (كَأَمْرِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ (عَبْدًا بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ) مُغَرَّرًا بِهِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَالَ (لَهُ) أَيْ لِلْآمِرِ (فَلَمْ يَكُنْ) الْمَالُ لَهُ وَأَغْرَمهُ مَالِكُهُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ.
(وَيَرْجِعُ) الْعَبْدُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَارِّ (بِالْمَهْرِ الْمُسَمَّى أَيْضًا) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرِّ (وَشَرْطُ رُجُوعِهِ) أَيْ الْمَغْرُورِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا (عَلَى الْغَارِّ) لَهُ (أَنْ يَكُونَ) الْغَارُّ (قَدْ شَرَطَ لَهُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَلَوْ لَمْ يُقَارِنْ الشَّرْطُ الْعَقْدَ) بِأَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ (حَتَّى مَعَ إبْهَامِهِ حُرِّيَّتَهَا) بِأَنْ عَلِمَ رِقَّهَا وَكَتَمَهُ (قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُغْنِي) قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَالْغَارُّ مَنْ عَلِمَ رِقَّهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ.
وَفِي نُسَخٍ (نَصًّا) لَكِنْ سَيَأْتِي كَلَامُ الشَّرْحِ: لَا يَكُونُ غَارًّا إلَّا بِالِاشْتِرَاطِ أَوْ الْإِخْبَارِ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ إيهَامِهِ ذَلِكَ بِقَرَائِنَ تَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ حُرِّيَّتهَا فَيَنْكِحُهَا عَلَى ذَلِكَ وَيَرْغَبُ فِيهَا وَيُصْدِقُهَا صَدَاقَ الْحَرَائِرِ (وَلِمُسْتَحِقِّ الْفِدَاءِ) وَالْمَهْرِ (مُطَالَبَةُ الْغَارِّ ابْتِدَاءً) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَالِبَ الزَّوْجَ لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ الْغَارُّ) هُوَ (السَّيِّدَ وَلَمْ تَعْتِقْ بِذَلِكَ) أَيْ وَلَمْ يَكُنِ التَّغْرِيرُ بِلَفْظٍ ثَبَتَتْ بِهِ الْحُرِّيَّةُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الزَّوْجِ) لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْغَارُّ (الْأَمَةَ) غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ تَعَلَّقَ الْوَاجِبُ (بِرَقَبَتِهَا) فَيَغْرَمُ الزَّوْجُ الْمَهْرَ وَقِيمَةَ الْأَوْلَادِ لِلسَّيِّدِ، وَيَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِرَقَبَتِهَا، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهَا بَيْنَ فِدَائِهَا بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِمَّا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا أَوْ يُسْلِمُهَا فَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهَا بِقِيمَتِهَا سَقَطَ قَدْرُ ذَلِكَ عَنْ الزَّوْج فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ نُوجِبَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ نَرُدُّهُ إلَيْهِ وَإِنْ اخْتَارَ تَسْلِيمَهَا سَلَّمَهَا وَأَخَذ مَا وَجَبَ لَهُ.
(وَإِنْ كَانَ) الْغَارُّ (أَجْنَبِيًّا رَجَعَ) الزَّوْجُ بِمَا غَرِمَهُ (عَلَيْهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ الْغَرَرُ مِنْهَا) أَيْ الْأَمَةِ.
(وَمِنْ وَكِيلِهَا فَالضَّمَانُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْجِنَايَةِ وَيَتَعَلَّقُ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا بِرَقَبَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَتْ حُرَّةٌ) رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ (أَوْ) تَزَوَّجَتْ (أَمَةٌ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ تَزَوَّجَتْهُ) الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ (تَظُنُّهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ نَصًّا) أَمَّا الْحُرَّةُ فَلِأَنَّهَا إذَا مَلَكَتْ الْفَسْخَ لِلْحُرِّيَّةِ الطَّارِئَةِ فَلِلسَّابِقَةِ أَوْلَى.
وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلِأَنَّهَا مَغْرُورَةٌ بِحُرِّيَّةِ مَنْ لَيْسَ بِحُرٍّ أَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ وَالْعَبْدَ الْمَغْرُورَ وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَهَذَا إذَا كَمُلَتْ شُرُوطُ النِّكَاحِ وَكَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (فَإِنْ اخْتَارَتْ الْحُرَّةُ الْإِمْضَاءَ فَلِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَإِنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَلَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ) عَتَقَتْ (تَحْتَ عَبْدٍ وَإِنْ غَرَّهَا بِنَسَبٍ فَبَانَ دُونَهُ وَكَانَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِالْكَفَاءَةِ).
بِأَنْ غَرَّهَا بِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ فَبَانَ عَجَمِيًّا (فَلَهَا الْخِيَارُ) لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ (وَإِنْ لَمْ يُخِلَّ) ذَلِكَ (بِهَا) أَيْ الْكَفَاءَةِ (فَلَا خِيَارَ) لَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ (أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَتْهُ فَقِيهًا فَبَانَ بِخِلَافِهِ وَإِنْ شَرَطَتْ) الْمَرْأَةُ (صِفَةً غَيْرَ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ (مِمَّا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْجَمَالِ وَنَحْوِهِ فَبَانَ أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا).
لِمَا تَقَدَّمَ (وَكُلُّ مَوْضِعٍ حُكِمَ فِيهِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ وَ) إنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا (بَعْدَهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا لَكِنْ يَأْتِي فِي آخِرِ الصَّدَاقِ: أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ (وَكُلُّ مَوْضِعٍ فُسِخَ فِيهِ النِّكَاحُ مَعَ صِحَّتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ) لَهَا لِحُصُولِ الْفَسْخِ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا (وَ) إنْ فُسِخَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُقَرِّرُهُ (يَجِبُ الْمُسَمَّى) فِي الْعَقْدِ لِتَقَرُّرِهِ.
وَلِأَنَّهُ فَسْخٌ طَرَأَ عَلَى نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ.

.فَصْلٌ: إِنْ عتقتْ الْأَمَةُ كُلُّهَا وَزَوْجُهَا حُرٌّ:

وَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ كُلُّهَا وَزَوْجُهَا حُرٌّ فَلَا خِيَارَ لَهَا (أَوْ) عَتَقَتْ كُلُّهَا وَ(بَعْضه) حُرٌّ (فَلَا خِيَار لَهَا) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّهَا كَافَأَتْ زَوْجَهَا فِي الْكَمَالِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارٌ كَمَا لَوْ أَسَلَّمْتَ الْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَأَمَّا خَبَرُ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ بَرِيرَةَ وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
فَقَدْ رَوَى عَنْهَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةُ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ لِبَنِي الْمُغِيرَةِ يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُمَا أَخَصُّ بِهَا مِنْ الْأَسْوَدِ لِأَنَّهُمَا ابْنُ أَخِيهَا وَابْنُ أُخْتِهَا قَالَ أَحْمَدُ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ قَالَا فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ إنَّهُ عَبْدٌ رِوَايَةُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَعَمَلُهُمْ وَإِذَا رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَدِيثًا وَعَمِلُوا بِهِ فَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ.
وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنَّهُ حُرٌّ عَنْ الْأَسْوَدِ وَحْدَهُ (وَإِنْ كَانَ) زَوْجُ الْأَمَةِ الَّتِي عَتَقَتْ كُلَّهَا (عَبْدًا فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهَا بِلَا حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ (فَإِذَا قَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي أَوْ) قَالَتْ (فَسَخْتُ النِّكَاحَ انْفَسَخَ) وَكَذَا لَوْ قَالَتْ اخْتَرْتُ فِرَاقَهُ (وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي وَنَوَتْ الْمُفَارَقَةَ كَانَ) ذَلِكَ (كِنَايَةً عَنْ الْفَسْخِ) لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَى الْفَسْخِ، فَصَلُحَ كَوْنُهُ كِنَايَةً عَنْهُ كَالْكِنَايَةِ بِالْفَسْخِ عَنْ الطَّلَاقِ.
وَلَا يَكُونُ فَسْخُهَا لِنِكَاحِهَا طَلَاقًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ وَكَانَتْ فَسْخًا كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا (وَهُوَ) أَيْ خِيَارُ الْفَسْخِ مِنْهَا (عَلَى التَّرَاخِي) كَخِيَارِ الْعَيْبِ (فَإِنْ عَتَقَ) زَوْجُهَا (قَبْلَ فَسْخِهَا) بَطَلَ خِيَارُهَا، لِأَنَّ الْخِيَارَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالرِّقِّ وَقَدْ زَالَ بِالْعِتْقِ فَسَقَطَ الْخِيَارُ كَالْمَبِيعِ إذَا زَالَ عَيْبُهُ سَرِيعًا (أَوْ رَضِيَتْ) الْعَتِيقَةُ (بِالْمُقَامِ مَعَهُ) رَقِيقًا وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ.
فَلَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، وَقَدْ أَسْقَطَتْهُ (أَوْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا أَوْ) مِنْ (مُبَاشَرَتِهَا أَوْ) مِنْ (تَقْبِيلِهَا طَائِعَةً أَوْ قَبَّلَتْهُ هِيَ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَطَلَ خِيَارُهَا) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ عَبْدٍ لِآلِ أَبِي مُحَمَّدٍ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهَا إنْ قَرِبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ».
(فَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ) أَيْ يُمْكِنُ (جَهْلُهُ أَوْ) ادَّعَتْ (الْجَهْلَ بِمِلْكِ الْفَسْخِ لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهَا (وَبَطَلَ خِيَارُهَا نَصًّا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (وَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْإِقْدَامُ عَلَى وَطْئِهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ عَالِمَةٍ) بِالْعِتْقِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ.
(وَلَوْ بَذَلَ الزَّوْجُ لَهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ (عِوَضًا عَلَى أَنْ تَخْتَارَهُ) أَيْ الزَّوْجَ (جَازَ) ذَلِكَ (نَصًّا) قَالَ ابْنُ رَجَبٍ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى صِحَّةِ إسْقَاطِ الْخِيَارِ بِعِوَضٍ.
وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِجَوَازِهِ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ (وَلَوْ شَرَطَ مُعْتِقُهَا عَلَيْهَا دَوَامَ النِّكَاحِ تَحْتَ حُرٍّ) إنْ قُلْنَا لَهَا الْفَسْخُ إذَا عَتَقَتْ تَحْتَهُ (أَوْ) شَرَطَ عَلَيْهَا مُعْتِقُهَا دَوَامَ النِّكَاحِ تَحْتَ (عَبْدٍ إذَا أَعْتَقَهَا فَرَضِيَتْ) بِالشَّرْطِ (لَزِمَهَا ذَلِكَ) وَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ إذَنْ كَأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ بُضْعهَا الزَّوْجَ، وَالْعِتْقُ بِشَرْطٍ جَائِزٌ.
(فَإِنْ كَانَتْ) مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ (صَغِيرَةً) دُونَ تِسْعٍ (أَوْ مَجْنُونَةً فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهَا (وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ تِسْعًا وَعَقَلَتْ) لِكَوْنِهَا صَارَتْ عَلَى صِفَةٍ لِكَلَامِهَا حُكْمٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِزَوْجِهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْفَسْخَ (مَا لَمْ يَطَأْ الزَّوْجُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْل اخْتِيَارِهَا الْفَسْخَ فَيَسْقُطُ كَالْكَبِيرَةِ لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ.
(وَلَا يُمْنَعُ زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهَا) كَمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْكَبِيرَةِ قَبْلَ عِلْمِهَا (وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا) أَيْ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْمَجْنُونَةِ (الِاخْتِيَارُ عَنْهَا) لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ الشَّهْوَةُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوِلَايَةِ كَالْقِصَاصِ (فَإِنْ طَلُقَتْ) مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ (قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ) الْفَسْخَ (وَقَعَ الطَّلَاقُ) لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ كَمَا لَوْ لَمْ تُعْتَقْ (وَبَطَلَ خِيَارُهَا إنْ كَانَ) الطَّلَاقُ (بَائِنًا) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا) فَلَهَا الْخِيَارُ (أَوْ عَتَقَتْ الْمُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيَّةُ فِيهَا الْخِيَارُ) مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ نِكَاحهَا بَاقٍ يُمْكِنُ فَسْخُهُ وَلَهَا فِي الْفَسْخ فَائِدَةٌ فَإِنَّهَا لَا تَأْمَنُ رَجْعَتَهُ إذَا لَمْ تَفْسَخْ بِخِلَافِ الْبَائِنِ (فَإِنْ رَضِيَتْ) الرَّجْعِيَّةُ (بِالْمُقَامِ بَطَلَ خِيَارُهَا) لِأَنَّهَا حَالَةٌ يَصِحُّ فِيهَا اخْتِيَارُ الْفَسْخِ فَصَحَّ اخْتِيَارُ الْمَقَامِ كَصُلْبِ النِّكَاح وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ شَيْئًا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَسُكُوتُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا.
(وَإِنْ فَسَخَتْ) الرَّجْعِيَّةُ (فِي الْعِدَّةِ بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يُنَافِي عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَلَا يَقْطَعُهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً أُخْرَى (تَمَامَ عِدَّةِ حُرَّةٍ) لِأَنَّهَا عَتَقَتْ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ (فَإِنْ) لَمْ تَفْسَخْ و(رَاجَعَهَا فَلَهَا الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ فَسَخَتْ ثُمَّ عَادَ يَتَزَوَّجُهَا بَقِيَتْ مَعَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ) لِأَنَّ عَدَد الطَّلَاقِ يُعْتَبَرُ بِالزَّوَاجِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ رَقِيقٌ وَقَدْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَبَقِيَتْ لَهُ أُخْرَى (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْد أَنْ عَتَقَ رَجَعَتْ مَعَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ) كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ (وَمَتَى اخْتَارَتْ) الْعَتِيقَةُ (الْفُرْقَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَهِيَ مِلْكُهُ حَالَتَهُ كَمَا لَوْ لَمْ تَفْسَخْ.
(وَإِنْ كَانَ) الْفَسْخُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَلَا مَهْرَ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ أَتَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ فَسَقَطَ بِذَلِكَ مَهْرُهَا كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةً لَهُ صُغْرَى.
(وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ) نَصِيبَهُ مِنْ الْأَمَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُعْتِقُ (مُعْسِرٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا) لِأَنَّهَا لَمْ تَعْتِقْ كُلُّهَا فَلَمْ تَفُتْهُ الْمُكَافَأَةُ (وَلَوْ زَوَّجَ مُدَبَّرَةً لَهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ يُعِيدُ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَتْ وَلَا فَسْخَ) لَهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ) عَلَى الْمَذْهَبِ (أَوْ يَتَنَصَّفَ) عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ.
(فَلَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيُرَقُّ بَعْضُهَا فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ) لِأَنَّ مَا أَدَّى وُجُودُهُ إلَى رَفْعِهِ يَرْتَفِعُ مِنْ أَصْلِهِ (فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاة مِنْ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ) مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ لَهَا الْفَسْخُ وَيُعَايَى بِهَا فَيُقَالُ أَمَةٌ عَتَقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ وَلَمْ تَمْلِكْ الْفَسْخَ (وَإِنْ أُعْتِقَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَلَا خِيَارَ لَهَا) لِعَدَمِ فَوَاتِ الْمُكَافَأَةِ.
(وَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ الْكَفَاءَة تُعْتَبَر فِيهِ لَا فِيهَا فَلَوْ تَزَوَّجَ) رَجُلٌ (امْرَأَةً مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ غَيْرِ شَرْطِ حُرِّيَّةٍ وَلَا رِقٍّ (فَبَانَتْ أَمَةً فَلَا خِيَارَ) لَهُ لِمَا سَبَقَ (وَلَوْ تَزَوَّجَتْ) رَجُلًا (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ حُرِّيَّةٍ أَوْ عَدَمِهَا (فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ) لِمَا سَبَقَ (فَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِدَامَةِ) فَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ لَا خِيَارَ لَهُ وَإِذَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدِ فَلَهَا الْخِيَارُ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَهُ عَبْدٌ وَأَمَةٌ مُتَزَوِّجَانِ فَأَرَادَ عِتْقَهُمَا الْبُدَاءَةُ بِالرَّجُلِ لِئَلَّا يَثْبُتَ لَهَا عَلَيْهِ خِيَارٌ) فَتَفْسَخَ نِكَاحَهُ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ كَانَ لَهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ وَتَزَوَّجَا فَقَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَهُمَا فَقَالَ لَهَا: ابْدَئِي بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ» وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ وَقَالَتْ لِلرَّجُلِ: إنِّي بَدَأْت بِعِتْقِكَ لِئَلَّا يَكُونَ لَهَا عَلَيْكَ خِيَارٌ وَلِمَالِكِ زَوْجَيْنِ بَيْعُهُمَا وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا وَلَا فُرْقَةَ بِذَلِكَ وَمَنْ عَتَقَتْ وَزَادَهَا زَوْجُهَا فِي مَهْرِهَا فَالزِّيَادَةُ لَهَا دُونَ سَيِّدِهَا، سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا، عَتَقَ مَعَهَا أَوْ لَمْ يَعْتِقْ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَزَادَهَا زَوْجُهَا فِي مَهْرِهَا فَالزِّيَادَةُ لِلثَّانِي قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.