فصل: فَصْلٌ: النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ:

(تُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ) مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (إلَّا أَوْقَاتَ النَّهْيِ) فَيَحْرُمُ فِيهَا كَمَا يَأْتِي (وَصَلَاةُ اللَّيْلِ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» رَوَاه مُسْلِمٌ.
وَفِيهِ أَيْضًا «إنَّ فِي اللَّيْلِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» وَلِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ الْغَفْلَةِ، وَعَمَلُ السِّرِّ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْعَلَانِيَةِ (وَبَعْدَ النَّوْمِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ النَّاشِئَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ رَقْدَةٍ) وَمَنْ لَمْ يَرْقُدْ فَلَا نَاشِئَةَ لَهُ قَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ هِيَ أَشَدُّ وَطْأَةً، أَيْ تَثَبُّتًا: تَفْهَمُ مَا تَقْرَأُ وَتَعِي أُذُنُك (وَالتَّهَجُّدُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ النَّوْمِ) وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ يَسِيرًا (فَإِذَا اسْتَيْقَظَ) مِنْ نَوْمِهِ (ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَقَالَ مَا وَرَدَ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ وَمِنْهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ إنْ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اُسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ).
لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ» فَذَكَرَهُ رَوَاه الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ تَعَارَّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، أَيْ اسْتَيْقَظَ وَقَوْلُهُ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا هُوَ شَكٌّ مِنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَحَدُ الرُّوَاةِ وَهُوَ شَيْخُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (ثُمَّ يَقُولُ) يَعْنِي إذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانِي بَعْدَمَا أَمَاتَنِي وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ.
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا «لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ لَا شَرِيكَ لَك، سُبْحَانَك أَسْتَغْفِرُك لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُك رَحْمَتَك اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إذْ هَدَيْتنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْك رَحْمَةً إنَّك أَنْتَ الْوَهَّابُ».
رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إذَا اسْتَيْقَظَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَعَافَانِي فِي جَسَدِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ» رَوَاه ابْنُ السُّنِّيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ» وَذَكَرَهُ (ثُمَّ يَسْتَاكُ) إذَا اسْتَيْقَظَ، وَيَشُوصُ فَاهُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي السِّوَاكِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(وَإِذَا تَوَضَّأَ وَقَامَ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، إنْ شَاءَ اسْتَفْتَحَ بِاسْتِفْتَاحِ الْمَكْتُوبَةِ) وَسَبَقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَإِنْ شَاءَ) اسْتَفْتَحَ (بِغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ قَيُّومُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُك حَقٌّ وَقَوْلُك حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ) أَيْ رَفَعْت الْحُكْمَ إلَيْك فَلَا حُكْمَ إلَّا لَك (فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت، وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ).
لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ يَتَهَجَّدُ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ قَيُّومُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُك الْحَقُّ وَلِقَاؤُك حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ- إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ شَاءَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك إنَّك تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ افْتَتَحَ بِهِ صَلَاتَهُ فَقَالَ» فَذَكَرَهُ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يَفْتَتِحَ تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» رَوَاه أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَقْرَأَ حِزْبَهُ) أَيْ الْحِصَّةَ الَّتِي يَقْرَؤُهَا كُلَّ لَيْلَةٍ (مِنْ الْقُرْآنِ فِيهِ) أَيْ فِي تَهَجُّدِهِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَأَنْ يُغْفِي بَعْدَ تَهَجُّدِهِ) لِئَلَّا يَظْهَرَ عَلَيْهِ أَثَرُ النُّعَاسِ «لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي وَصْفِ تَهَجُّدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ، حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ» وَكَذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ يَنَامُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا (وَالنِّصْفُ الْأَخِيرُ أَفْضَلُ مِنْ) النِّصْفِ (الْأَوَّلِ، وَ) أَفْضَلُ (مِنْ الثُّلُثِ الْأَوْسَطِ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَصَلِّ مَا شِئْتَ».
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ».
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ وَفِي أُخْرَى لَهُ إذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النُّزُولُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي هَكَذَا، وَفِي بَعْضِهَا هَكَذَا (وَالثُّلُثُ بَعْدَ النِّصْفِ أَفْضَلُ نَصًّا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ».
(وَكَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إلَّا قَلِيلًا} (وَلَمْ يُنْسَخْ) وَقَطَعَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بِنَسْخِهِ.
(وَلَا يَقُومُهُ كُلَّهُ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا عَلِمْتُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَلَا لَيَالِي الْعَشْرِ، فَيَكُونُ قَوْلُ عَائِشَةَ أَنَّهُ أَحْيَا اللَّيْلَ أَيْ كَثِيرًا مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَهُ وَيَتَوَجَّهُ بِظَاهِرِهِ احْتِمَالٌ وَيَخْرُجُ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهَا الْأَوَّلُ: عَلَى غَيْرِ الْعَشْرِ، أَوْ لَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ مِنْهُ وَاسْتَحَبَّهُ شَيْخُنَا وَقَالَ قِيَامُ بَعْضِ اللَّيَالِي كُلِّهَا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ (إلَّا لَيْلَةَ عِيدٍ) لِحَدِيثِ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ أَحْيَا اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رَوَاه الدَّارَقُطْنِيّ فِي عِلَلِهِ وَفِي مَعْنَاهَا: لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ (وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ قِيَامِهِ كُلِّهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي قِيَامِهِ كُلِّهِ مِنْ ضَرَرٍ أَوْ تَفْوِيتِ حَقٍّ.
وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ» وَكَسِلَ بِكَسْرِ السِّينِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «أَحَبُّ الْعَمَلِ إلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» وَعَنْهَا مَرْفُوعًا «خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاَللَّهِ لَا يَسْأَمُ اللَّهُ حَتَّى تَسْأَمُوا» مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ.
(وَيُسْتَحَبُّ التَّنَفُّلُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَهُوَ) أَيْ التَّنَفُّلُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ (مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ اللَّيْلَ (مِنْ الْمَغْرِبِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي) لِقَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قَوْله تَعَالَى {تَتَجَافَى جَنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ}- الْآيَةَ قَالَ كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلُّونَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَانَ أَبِي سَاعَةَ يُصَلِّي عِشَاءَ الْآخِرَةِ يَنَامُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الصَّبَاحِ يُصَلِّي وَيَدْعُو وَقَالَ مَا سَمِعْت بِصَاحِبِ حَدِيثٍ لَا يَقُومُ بِاللَّيْلِ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَطَوُّعَاتٌ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا وَإِذَا فَاتَتْ يَقْضِيهَا) لِقَوْلِ عَائِشَةَ «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ وَكَانَ إذَا نَامَ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» رَوَاه مُسْلِمٌ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ) مَا وَرَدَ قَالَ الْمُوَفَّقُ الْبَغْدَادِيُّ فِي ذَيْلِ فَصِيحِ ثَعْلَبٍ الصَّبَاحُ عِنْدَ الْغُرُوبِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ إلَى الزَّوَالِ ثُمَّ الْمَسَاءُ إلَى آخِرِ نِصْفِ اللَّيْلِ ا هـ وَمِنْ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ وَأَنَّهُ يُكْفَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وَعَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قَالَ إذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: رَضِيتُ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا إلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَعَنْهُ «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَك فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ» رَوَاه أَبُو دَاوُد.
(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ (النَّوْمِ وَالِانْتِبَاهِ) مَا وَرَدَ وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ النَّوْمِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ (وَفِي السَّفَرِ) مَا وَرَدَ وَمِنْهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلَى سَفَرِهِ كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُك فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ- وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ، وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ تَائِبُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ وَمَعْنَى مُقْرِنِينَ مُطِيقِينَ» (وَغَيْرَ ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمَ (مِمَّا وَرَدَ) وَمِنْهُ: مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ النَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ وَآخِرِ الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْهُ: مَا يُقَالُ لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا مُبَاحًا أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ وَزَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَيَقُولُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ كُلِّهَا مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ خَوْلَةَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ نَوْمِهِ مِنْ اللَّيْلِ قِيَامَ لَيْلِهِ (وَاسْتَحَبَّ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَكَعَاتٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِذَا نَشِطَ طَوَّلَهَا، وَإِذَا لَمْ يَنْشَطْ خَفَّفَهَا) لِحَدِيثِ «أَحَبُّ الْعَمَلِ إلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ».
(وَصَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: مَثْنَى مَثْنَى) أَيْ يُسَلِّمُ فِيهَا مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» رَوَاه الْخَمْسَةُ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَلَيْسَ بِمُنَاقِضٍ لِلْحَدِيثِ الَّذِي خُصَّ فِيهِ اللَّيْلُ بِذَلِكَ وَهُوَ «قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ سَائِلٍ عَيَّنَهُ فِي سُؤَالِهِ وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ مَفْهُومُهُ حُجَّةً بِاتِّفَاقٍ وَلِأَنَّهُ سِيقَ لِبَيَانِ حُكْمِ الْوِتْرِ، وَالنُّصُوصُ بِمُطْلَقِ الْأَرْبَعِ لَا تَنْفِي فَضْلَ الْفَصْلِ بِالسَّلَامِ (وَإِنْ تَطَوَّعَ فِي النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ، كَالظُّهْرِ فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا كَرَاهَةَ لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، لَا يَفْصِلُ، بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَإِنْ سَرَدَهُنَّ) أَيْ الْأَرْبَعَ (وَلَمْ يَجْلِسْ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ جَازَ، وَقَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ)؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا (وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) مِنْ الْأَرْبَعِ (الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً) كَسَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ (وَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ نَهَارًا) كُرِهَ، وَصَحَّ (أَوْ) زَادَ عَلَى (اثْنَتَيْنِ لَيْلًا، وَلَوْ جَاوَزَ ثَمَانِيًا، عَلِمَ الْعَدَدَ أَوْ نَسِيَهُ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ كُرِهَ وَصَحَّ) أَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى الْوِتْرَ خَمْسًا وَسَبْعًا وَتِسْعًا بِسَلَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَطَوُّعٌ فَأَلْحَقْنَا بِهِ سَائِرَ التَّطَوُّعَاتِ.
وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُنَّ» وَهَذَا لَا يُنَافِي رِوَايَتَهَا الْأُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّهَا رَأَتْهُ يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ قُلْت يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا عَدَا الْوِتْرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ.
(وَالتَّطَوُّعُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» رَوَاه مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِخْلَاصِ (وَإِسْرَارُهُ، أَيْ عَدَمُ إعْلَانِهِ أَفْضَلُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا تُشْرَعُ لَهُ الْجَمَاعَةُ) فَإِنْ كَانَ مِمَّا تُشْرَعُ لَهُ الْجَمَاعَةُ، كَالْكُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالتَّرَاوِيحِ، وَالْوَتْرِ بَعْدَهَا فَفِعْلُهُ فِي غَيْرِ الْبَيْتِ كَالْمَسْجِدِ وَإِظْهَارُهُ أَفْضَلُ لِشَبَهِهِ بِالْفَرَائِضِ، وَكَذَا السُّنَنُ مِنْ الْمُعْتَكِفِ، وَسُنَّةُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ.
(وَلَا بَأْسَ بِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ جَمَاعَةً) كَمَا تُفْعَلُ فُرَادَى؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا، وَكَانَ أَكْثَرُ تَطَوُّعَاتِهِ مُنْفَرِدًا، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَمَا سُنَّ فِعْلُهُ مُنْفَرِدًا، كَقِيَامِ اللَّيْلِ وَصَلَاةِ الضُّحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، إنْ فُعِلَ جَمَاعَةً فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، لَكِنْ لَا يُتَّخَذُ سُنَّةً رَاتِبَةً.
(وَيُكْرَهُ جَهْرُهُ فِيهِ) أَيْ التَّطَوُّعِ (نَهَارًا) لِحَدِيثِ «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» وَالْمُرَادُ: غَيْرُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي بَابِهَا (وَ) الْمُتَطَوِّعُ (لَيْلًا يُرَاعِي الْمَصْلَحَةَ فَإِنْ كَانَ الْجَهْرُ أَنْشَطَ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهَا فَالْجَهْرُ أَفْضَلُ) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْمَصَالِحِ (وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ مَنْ يَتَهَجَّدُ أَوْ يَسْتَضِرُّ بِرَفْعِ صَوْتِهِ) مِنْ نَائِمٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ خَافَ رِيَاءً فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ) دَفْعًا لِتِلْكَ الْمَفْسَدَةِ.
(وَمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْفِيفُهُ) كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ افْتِتَاحِ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (أَوْ) وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَطْوِيلُهُ) كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ (فَالْأَفْضَلُ اتِّبَاعُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (وَمَا عَدَاهُ) أَيْ مَا عَدَا مَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْفِيفُهُ وَتَطْوِيلُهُ (فَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ».
وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «عَلَيْك بِكَثْرَةِ السُّجُودِ، فَإِنَّك لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً».
وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَك فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» رَوَاه أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَرَفَعَ بِهَا لَهُ دَرَجَةً فَاسْتَكْثِرُوا مِنْ السُّجُودِ» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ السُّجُودَ فِي نَفْسِهِ أَفْضَلُ وَآكَدُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَلَا يُبَاحُ بِحَالٍ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْقِيَامُ يَسْقُطُ فِي النَّفْلِ وَيُبَاحُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْعَالِمِ وَسَيِّدِ الْقَوْمِ وَالِاسْتِكْثَارُ مِمَّا هُوَ آكَدُ وَأَفْضَلُ أَوْلَى.
(وَيُسْتَحَبُّ اسْتِغْفَارٌ بِالسَّحَرِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} وَسَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، خَلَقْتنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَك بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، إلَّا أَنْتَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ بِقَوْلِهِ كُلُّ أَحَدٍ وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ وَقَالَ شَيْخُنَا: تَقُولُ الْمَرْأَةُ أَمَتُك بِنْتُ عَبْدِك أَوْ بِنْتِ أَمَتِك وَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا عَبْدُك لَهُ مَخْرَجٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ بِتَأْوِيلِ شَخْصٍ.
(وَمَنْ فَاتَهُ تَهَجُّدُهُ قَضَاهُ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ» (وَتَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ مَنْ نَوَى عَدَدًا فَزَادَ عَلَيْهِ) وَحَاصِلُهُ: إنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ نَهَارًا لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا أَرْبَعًا، وَلَيْلًا فَلَا.
(وَصَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَجْرِ صَلَاةِ الْقَائِمِ إلَّا الْمَعْذُورَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ أَجْرُ نِصْفِ الْقَائِمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ» قَالَتْ عَائِشَةُ «إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَانَ كَثِيرٌ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ» رَوَاه مُسْلِمٌ وَسُومِحَ فِي التَّطَوُّعِ تَرْكُ الْقِيَامِ تَرْغِيبًا فِي تَكْثِيرِهِ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْقُعُودِ مُتَرَبِّعًا) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ (فَإِذَا بَلَغَ الرُّكُوعَ فَإِنْ شَاءَ قَامَ فَرَكَعَ، وَإِنْ شَاءَ رَكَعَ مِنْ قُعُودٍ لَكِنْ يَثْنِي رِجْلَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا» رَوَاه الدَّارَقُطْنِيّ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، قَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
وَقَالَتْ «لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ قَاعِدًا قَطُّ حَتَّى أَسَنَّ فَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا، حَتَّى إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً ثُمَّ رَكَعَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهَا «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَاعِدٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ» رَوَاه مُسْلِمٌ.
(وَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ إذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ جَالِسًا) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ (وَ) يَجُوزُ (عَكْسُهُ) بِأَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسَ.
(وَلَا يَصِحُّ) النَّفَلُ (مِنْ مُضْطَجِعٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ عَلَى افْتِرَاضِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ عَنْهُمَا، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلُ ذَلِكَ لِيُخَصِّصَ بِهِ الْعُمُومَ (وَ) التَّنَفُّلُ (لَهُ) أَيْ لِعُذْرٍ مُضْطَجِعًا (يَصِحُّ) كَالْفَرْضِ وَأَوْلَى (وَيَسْجُدُ) الْمُتَنَفِّلُ مُضْطَجِعًا (إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السُّجُودِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ (أَوْمَأَ) بِهِ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».