فصل: فَصْلٌ: الْقِسْمُ السَّادِسُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: الْقِسْمُ السَّادِسُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ:

(خِيَارٌ يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ إذَا أَخْبَرَهُ) أَيْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَإِخْفَاءِ تَأْجِيلِهِ (وَلَا بُدَّ فِي جَمِيعِهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ (مِنْ مَعْرِفَةِ) الْبَائِعِ وَ(الْمُشْتَرِي رَأْسَ الْمَالِ) لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الثَّمَنِ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَتَى فَاتَتْ لَمْ يَصِحَّ.
(وَهُنَّ) أَيْ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُرَابَحَةُ وَالْمُوَاضَعَةُ (أَنْوَاعٌ مِنْ الْبَيْعِ) اخْتَصَّتْ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ، كَاخْتِصَاصِ السَّلَمِ وَالْمُشْتَرِي قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَوْقَعَهُ، لِكَوْنِهِ حَالِفًا أَوْ وَصِيًّا فِي الشِّرَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (فَتَصِحُّ) هَذِهِ الْأَنْوَاعُ (بِأَلْفَاظِهَا وَ) تَصِحُّ (بِلَفْظِ الْبَيْعِ) وَبِمَا يُؤَدِّي ذَلِكَ الْمَعْنَى.
(وَهِيَ) صُورَةُ (الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ، وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَسْهَلُ مِنْهُ نَصًّا) قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: لِضِيقِ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ النَّقْدِ وَالْوَزْنِ وَتَأْخِيرِ الثَّمَنِ وَمِمَّنْ اشْتَرَاهُ وَيَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ وَالرَّقْمُ، وَالْقِصَارَةُ، وَالسَّمْسَرَةُ وَالْحَمْلُ وَلَا يَغُرَّ فِيهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَهُ لِيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِكُلِّ مَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُسَاوَمَةُ انْتَهَى.
وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْتُ أَمَّا بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ فَهُوَ أَوْلَى لِلْمُشْتَرِي وَأَسْهَلُ انْتَهَى وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كَلَامَ الْحَاوِي فِي الضِّيقِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا بَيَّنَهُ وَكَلَامَ صَاحِبِ الْإِنْصَافِ فِي سُهُولَةِ الْأَمْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ الْمُمَاكَسَةِ (فَالتَّوْلِيَةُ) لُغَةً تَقْلِيدُ الْعَمَلِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا (الْبَيْعُ بِرَأْسِ الْمَالِ) فَقَطْ (فَيَقُولُ الْبَائِعُ:
وَلَّيْتُكَهُ، أَوْ بِعْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ بِمَا اشْتَرَيْتُهُ بِهِ، أَوْ بِرَقْمِهِ الْمَعْلُومِ عِنْدَهُمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (وَهُوَ) أَيْ رَقْمُهُ (الثَّمَنُ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ) فَإِنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا الثَّمَنَ لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ دَفَعَ الثِّيَابَ إلَى قَصَّارٍ وَأَمَرَهُ بِرَقْمِهَا، فَرَقَمَ ثَمَنَهَا عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ حَتَّى يَرْقُمَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فَعَلَ الْقَصَّارُ.
(وَالشَّرِكَةُ: بَيْعُ بَعْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ) الْمَعْلُومِ لَهُمَا (نَحْوَ: أَشْرَكْتُكَ فِي نِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ وَنَحْوِهِ) كَرُبُعِهِ، وَ(كَقَوْلِهِ: هُوَ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا) فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (فَلَوْ قَالَ) إنْسَانٌ اشْتَرَى شَيْئًا (لِمَنْ قَالَ لَهُ أَشْرِكْنِي فِيهِ: أَشْرَكْتُكَ انْصَرَفَ) الْإِشْرَاكُ (إلَى نِصْفِهِ) لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ.
(وَإِنْ لَقِيَهُ آخَرُ فَقَالَ) الْآخَرُ لَهُ (أَشْرِكْنِي وَكَانَ الْآخَرُ عَالِمًا بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَشَرَكَهُ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ وَهُوَ الرُّبُعُ) لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي النِّصْفِ وَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ فَيَأْخُذُ الرُّبُعَ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْآخَرُ (عَالِمًا) بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَشْرَكْتُكَ (صَحَّ) ذَلِكَ (وَأَخَذَ) الْآخَرُ (نَصِيبَهُ كُلَّهُ وَهُوَ النِّصْفُ) لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ نِصْفَ الْمَبِيعِ وَأَجَابَهُ إلَيْهِ وَإِنْ طَلَبَا مِنْهُ الشَّرِكَةَ فَشَرَكَهُمَا مَعًا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَلَهُ الثُّلُثُ.
(وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ لِاثْنَيْنِ فَقَالَ لَهُمَا آخَرُ أَشْرِكَانِي فِيهَا، فَأَشْرَكَاهُ مَعًا فَلَهُ الثُّلُثُ) لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ.
(وَإِنْ أَشْرَكَهُ أَحَدُهُمَا) وَحْدَهُ (فَ) لَهُ (نِصْفُ نَصِيبِهِ) وَهُوَ الرُّبُعُ لِمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ أَشْرَكَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا كَانَ لَهُ النِّصْفُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبُعُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ اشْتَرَى) شَخْصٌ (قَفِيزًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا يُكَالُ (فَقَبَضَ) الْمُشْتَرِي (نِصْفَهُ فَقَالَ لَهُ آخَرُ بِعْنِي نِصْفَهُ فَبَاعَهُ) نِصْفَهُ (انْصَرَفَ) الْبَيْعُ (إلَى النِّصْفِ الْمَقْبُوضِ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ (وَإِنْ قَالَ) الْآخَرُ لِمُشْتَرِي الْقَفِيزِ الْقَابِضِ لِنِصْفِهِ (أَشْرِكْنِي فِي هَذَا الْقَفِيزِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَفَعَلَ) أَيْ قَالَ لَهُ: أَشْرَكْتُكَ فِيهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ إلَّا فِيمَا قَبَضَ مِنْهُ وَهُوَ النِّصْفُ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ النِّصْفِ الْمَقْبُوضِ (الرُّبُعُ بِرُبُعِ الثَّمَنِ) وَالنِّصْفُ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ بَاقٍ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي بِالشَّرِكَةِ لَا يَصِحُّ فِيمَا قُبِضَ مِنْهُ (وَالْمُرَابَحَةُ) مِنْ الرِّبْحِ هِيَ (أَنْ يَبِيعَهُ بِثَمَنِهِ) الْمَعْلُومِ (وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ فَيَقُولُ: رَأْسُ مَالِي فِيهِ مِائَةٌ بِعْتُكَهُ بِهَا وَرِبْحِ عَشْرَةٍ فَيَصِحُّ) ذَلِكَ (بِلَا كَرَاهَةٍ) لِأَنَّ الثَّمَنَ وَالرِّبْحَ مَعْلُومَانِ (وَيَكُونُ الثَّمَنُ مِائَةً وَعَشْرَةٍ وَكَذَا قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشْرَةٍ دِرْهَمًا).
يَصِحُّ وَيُكْرَهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِكَرَاهَتِهِ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَنَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ كَأَنَّهُ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِم (أَوْ قَالَ) بِعْتُكَهُ (ده ياز ده) أَيْ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ (أَوْ) بِعْتُكَهُ (ده دوازده) أَيْ الْعَشَرَةُ اثْنَا عَشَرَ يَصِحُّ.
(وَيُكْرَهُ نَصًّا) قَالَ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْأَعَاجِمِ (وَالْمُوَاضَعَةُ) الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَبِيعِ، فَيَكُونُ بِدُونِ رَأْسِ الْمَالِ (عَكْسُ الْمُرَابَحَةِ وَيُكْرَهُ فِيهَا) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ (مَا يُكْرَهُ فِيهَا) أَيْ الْمُرَابَحَةِ كَقَوْلِهِ: ثَمَنُهُ كَذَا بِعْتُكَهُ بِهِ عَلَى أَنْ أَضَعَ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ دِرْهَمًا (فَ) الْمُوَاضَعَةُ: أَنْ (يَقُولَ: بِعْتُكَهُ بِهَا) أَيْ بِالْمِائَةِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِهِ مَثَلًا.
(وَوَضِيعَةُ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ فَ) يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحَصِّلٌ لِمَقْصُودِ الْبَيْعِ بِدُونِ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِعْتُكَهُ بِهِ أَيْ بِرَأْسِ مَالِهِ، وَأَضَعُ لَكَ عَشْرَةً.
وَ(يَحُطُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ الْمِائَةُ (عَشْرَةً وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تِسْعُونَ دِرْهَمًا) لِأَنَّ الْمِائَةَ عَشْرُ عَشَرَاتٍ فَإِذَا سَقَطَ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ دِرْهَمٌ بَقِيَ تِسْعُونَ (وَإِنْ قَالَ) الْبَائِعُ: بِعْتُكَهُ بِالْمِائَةِ (وَوَضْعُهُ دِرْهَمٌ لِكُلِّ عَشْرَةٍ كَانَ الْحَطُّ) لِلدِّرْهَمِ مِنْ أَحَدِ عَشَرَ لِأَنَّهُ اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْحَطُّ مِنْ غَيْرِ الْعَشَرَةِ (كَ) قَوْلِهِ: بِعْتُكَ بِالْمِائَةِ وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ (عَنْ كُلِّ عَشْرَةٍ فَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ) لِأَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَمِنْ دِرْهَمٍ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا يَبْقَى مَا ذَكَرَ وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ بِذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ، لِزَوَالِهَا بِالْحِسَابِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ إذَا ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَقَلُّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ الْبَائِعُ تَبِعَ فِيهِ الْمُقْنِعَ وَهُوَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ.
(وَ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ (مَنْ أُخْبِرَ بِثَمَنٍ فَعَقَدَ بِهِ) تَوْلِيَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ مُرَابَحَةً أَوْ وَضَيْعَةً (ثُمَّ ظَهَرَ الثَّمَنُ أَقَلَّ) مِمَّا خْبِرَ بِهِ (فَلِلْمُشْتَرِي حَطُّ الزِّيَادَةِ) فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَلَا خِيَارَ وَلِلْمُشْتَرِي أَيْضًا حَطُّ الزِّيَادَةِ (فِي الْمُرَابَحَةِ وَ) حَطُّ حَظِّهَا (أَيْ قِسْطِهَا) مِنْ الرِّبْحِ.
(وَلَا خِيَارَ) وَيُنْقِصُهُ (أَيْ الزَّائِدَ) فِي الْمُوَاضَعَةِ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ وَمَا قَدَّرَهُ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْوَضِيعَةِ فَإِذَا بَانَ رَأْسُ مَالِهِ قَدْرًا كَانَ مَبِيعًا بِهِ وَبِالزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ بِحَسَبِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِالْبَاقِي) فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَنْ بِأَقَلَّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ الزَّائِدُ فَقَدْ زِيدَ خَيْرًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ كَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ مُعَيَّنًا بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ.
(وَإِنْ بَانَ) أَيْ ظَهَرَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي (مُؤَجَّلًا وَقَدْ كَتَمَهُ) أَيْ التَّأْجِيلَ (بَائِعٌ فِي تَخْيِيرِهِ) بِالثَّمَنِ (ثُمَّ عَلِمَ مُشْتَرٍ) تَأْجِيلَهُ (أَخَذَ) الْمَبِيعَ (بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ (مُؤَجَّلًا) بِالْأَجَلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ إلَيْهِ (وَلَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي (فَلَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ فِيهِنَّ) أَيْ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ زِيدَ خَيْرًا.
(وَلَوْ قَالَ) الْبَائِعُ (مُشْتَرَاهُ مِائَةٌ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ وَالثَّمَنُ زَائِدٌ عَمَّا أَخْبَرْت بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) فَيَحْلِفُ (بِطَلَبِ مُشْتَرٍ) تَحْلِيفَهُ (اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ) مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ انْتَهَى لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا دَخَلَ مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمُرَابَحَةِ فَقَدْ ائْتَمَنَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ (فَيَحْلِفُ) بَائِعٌ (أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَنَّ ثَمَنَهَا أَكْثَرُ) مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ (فَإِنْ حَلَفَ) بَائِعٌ (خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ الرَّدِّ وَ) بَيْنَ (دَفْعِ الزِّيَادَةِ) الَّتِي ادَّعَاهَا الْبَائِعُ.
(وَإِنْ نَكَلَ) الْبَائِعُ (عَنْ الْيَمِينِ) قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (أَوْ أَقَرَّ) بَعْدَ الْغَلَطِ (لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ) لِرِضَاهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (وَقَدَّمَ فِي التَّنْقِيحِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ) قَوْلُ الْبَائِعِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَاخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ، وَحَمَلَ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّمَنِ وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ وَكَوْنُهُ مُؤْتَمَنًا لَا يُوجِبُ قَبُولَ دَعْوَاهُ الْغَلَطُ كَالْمُضَارِبِ إذَا أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ قَالَ غَلِطْتُ (ثُمَّ قَالَ) فِي التَّنْقِيحِ.
(وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُ مَعْرُوفٍ بِالصِّدْقِ وَهُوَ أَظْهَرُ انْتَهَى) وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ.
(وَلَا يَحْلِفْ مُشْتَرٍ بِدَعْوَى بَائِعٍ عَلَيْهِ عَلِمَ الْغَلَطَ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ، فَيَسْتَغْنِي بِالْإِقْرَارِ عَنْ الْيَمِينِ (وَخَالَفَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ) فَقَالَا: الصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي.
(وَإِنْ بَاعَ) سِلْعَةً (بِدُونِ ثَمَنهَا عَالِمًا لَزِمَهُ) الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (بِدَنَانِيرَ وَأَخْبَرَ) فِي الْبَيْعِ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ (أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَالْعِبْرَةُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، لَا بِمَا أَقْبَضَ عَلَيْهِ (أَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ) وَلَوْ فُلُوسًا نَافِقَةً (فَأَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ) أَيْ بِنَقْدٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ آخَرَ (أَوْ) اشْتَرَاهُ (مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَأَبِيهِ وَابْنِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ) وَزَوْجَتِهِ وَكَتَمَ ذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَرِي فِي تَخْبِيرِهِ بِالثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِمْ لِكَوْنِهِ يُحَابِيهِمْ وَيَسْمَحُ لَهُمْ (أَوْ) اشْتَرَاهُ (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حِيلَةً كَشِرَائِهِ مِنْ غُلَامٍ وَكَأَنَّهُ الْحُرُّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَكَتَمَهُ) أَيْ كَتَمَ الْبَائِعُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْمُشْتَرِي (فِي تَخْبِيرِهِ) بِالثَّمَنِ (فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا عَلِمَ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ) كَالتَّدْلِيسِ وَهُوَ حَرَامٌ كَتَدْلِيسِ الْعَيْبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً جَازَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ أَشْبَهَ غَيْرَهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَ أَحَدِهِمَا بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ شَيْئًا وَتَقَاسَمَاهُ، وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا بَيْعَ نَصِيبِهِ مُرَابَحَةً) أَوْ تَوْلِيَةً أَوْ مُوَاضَعَةً (فَإِنْ كَانَ) أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً أَوْ قَسَمَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ (مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ الَّتِي لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْعَبِيدِ وَنَحْوِهَا (لَمْ يَجُزْ) أَنْ يَبِيع بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ (حَتَّى يُبَيِّنَ الْحَالُ عَلَى وَجْهِهِ) لِأَنَّ قِسْمَةَ الثَّمَنِ عَلَى ذَلِكَ تَخْمِينٌ وَاحْتِمَالُ الْخَطَأِ فِيهِ كَثِيرٌ.
(لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَ ثَوْبَيْنِ) أَوْ نَحْوَهُمَا (بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَخَذَهُمَا عَلَى الصِّفَةِ فَلَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا) بِتَخْبِيرِ ثَمَنِهِ (مُرَابَحَةً) أَوْ مُوَاضَعَةً أَوْ تَوْلِيَةً (بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ لَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) فَهُمَا كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ الْمُتَمَاثِلَةِ ((وَلِذَلِكَ لَوْ أَقَالَهُ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنْ حَصَلَ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ الْمُسْلِمِ فِيهِمَا بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ (زِيَادَةً عَلَى الصِّفَةِ) الَّتِي أَوْقَعَا عَلَيْهَا الْعَقْدَ (جَرَتْ) الزِّيَادَةُ (مَجْرَى) النَّمَاءِ (الْحَادِثِ بَعْدَ الْبَيْعِ) فَلَا يُؤَثِّرُ عَدَمُ الْإِخْبَارِ بِهِ فِي بَيْعِ الثَّانِي بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ.
(وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) الْبَائِعُ الْحَالَ عَلَى وَجْهِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ (فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ) دَفْعًا لِمَا قَدْ يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ.
(وَإِنْ كَانَ) أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً، أَوْ قَسَمَ الْمُشْتَرِيَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ الْمُتَمَاثِلَاتِ الَّتِي يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ، كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ مُرَابَحَةً) وَمُوَاضَعَةً وَتَوْلِيَةً (بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) إنْسَانٌ (شَيْئًا بِثَمَنٍ لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ كَحَاجَةٍ إلَى إرْضَاعِ) نَحْوِ وَلَدِهِ وَأَرَادَ الْبَيْعَ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ (لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِالْحَالِ، وَيَصِيرُ) ذَلِكَ كَ (الشِّرَاءِ بِثَمَنِ عَالٍ لِأَجْلِ) الْمَوْسِمِ (الَّذِي كَانَ حَالَ الشِّرَاءِ) وَذَهَبَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِجِوَارِهِ فَإِنْ كَتَمَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ.
(وَإِذَا أَرَادَ الْبَائِعُ الْإِخْبَارَ بِثَمَنِ السِّلْعَةِ وَكَانَتْ) السِّلْعَةُ (بِحَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ) بِزِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ (أَوْ) كَانَتْ (زَادَتْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَتَعَلُّم صَنْعَةٍ أَخْبَرَ بِثَمَنِهَا) الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ (سَوَاءٌ غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ) لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ بِمَا اشْتَرَاهَا بِهِ لَا بِقِيمَتِهَا الْآنَ (فَإِنْ) رَخُصَتْ وَ(أَخْبَرَهُ بِدُونِ ثَمَنِهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْحَالَ) أَيْ إنَّهُ أَخْبَرَ بِدُونِ ثَمَنِهَا لِكَوْنِهَا رَخُصَتْ (لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ كَذَبَ) وَالْكَذِبُ حَرَامٌ.
(وَإِنْ تَغَيَّرَتْ) السِّلْعَةُ (بِنَقْصٍ بِمَرَضٍ أَوْ) تَغَيَّرَ الْمَبِيعُ (بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ أَوْ) بِ (تَلَفِ بَعْضِهِ أَوْ بِوِلَادَةٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ) تَغَيَّرَ (بِأَخْذِ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ كَالصُّوفِ) الْمَوْجُودِ (وَاللَّبَنِ الْمَوْجُودِ) حِينَ الشِّرَاءِ (وَنَحْوِهِ أَخْبَرَ بِالْحَالِ) لِئَلَّا يَغُرَّ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَتَمَهُ عَنْهُ فَلَهُ الْخِيَارُ كَالتَّدْلِيسِ.
(وَإِنْ حَطَّ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي) زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (أَوْ زَادَهُ) أَيْ زَادَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (فِي الْأَجَلِ) أَيْ أَجَلِ الثَّمَنِ (أَوْ) زَادَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فِي (الْمُثَمَّنِ) بِأَنْ أَعْطَاهُ شَيْئًا آخَرَ مَعَ الْمَبِيعِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (أَوْ زَادَهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (فِي الثَّمَنِ) بِأَنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ زَادَهُ دِرْهَمَيْنِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (أَوْ حَطَّ) الْمُشْتَرِي (لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (فِي الْأَجَلِ) بِأَنْ عَقَدَ مَعَهُ بِثَمَنٍ إلَى رَجَبٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ بَلْ إلَى جُمَادَى الْأُولَى مَثَلًا (فِي مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ (لَحِقَ) ذَلِكَ الْفِعْلُ (بِالْعَقْدِ وَأَخْبَرَ) الْمُشْتَرِيَ (بِهِ فِي) الْبَيْعِ بِتَخْبِيرِ (الثَّمَنِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ فَوَجَبَ إلْحَاقُهُ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْإِخْبَارُ بِهِ كَأَصْلِهِ (وَإِنْ حَطَّ الْبَائِعُ) عَنْ الْمُشْتَرِي (كُلَّ الثَّمَنِ فَهُوَ هِبَةٌ) وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهِ.
(وَمَا كَانَ) مِنْ زِيَادَةٍ فِي ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ نَقْصٍ مِنْهُمَا (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ (لَا يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِالْعَقْدِ لِلُزُومِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِخْبَارُ بِهِ (كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ) فَإِنَّهُمَا لَا يَلْحَقَانِ بِالْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَتَقَدَّمَ.
(وَكَمَا لَوْ جُنِيَ) عَلَى الْمَبِيعِ (فَفَدَاهُ الْمُشْتَرِي) فَإِنَّ الْفِدَاءَ لَا يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ وَلَا يُجْبَرُ بِهِ (وَلَوْ كَانَ) الْفِدَاءُ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ بِهِ الْمَبِيعُ قِيمَةً وَلَا ذَاتًا وَإِنَّمَا هُوَ مُزِيلٌ لِنَقْصِهِ بِالْجِنَايَةِ.
(وَكَالْأَدْوِيَةِ وَالْمُؤْنَةِ وَالْكِسْوَةِ فَإِنَّهُ لَا يُخْبِرُ بِهِ فِي الثَّمَنِ) وَجْهًا وَاحِدًا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ أَخْبَرَ بِالْحَالِ فَحَسَنٌ) فَإِنَّهُ أَتَمُّ فِي الصِّدْقِ.
(وَلَا يُخْبِرُ) إذَا بَاعَ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ (بِأَخْذِ نَمَاءٍ) كَصُوفِ وَلَبَنِ غَيْرِهِ مَوْجُودَيْنِ حَالَ الشِّرَاءِ.
(وَ) لَا بِ (اسْتِخْدَامِ وَطْءِ ثَيِّبٍ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ) أَيْ يُنْقِصُ الْوَطْءُ الْمَبِيعَ كَوَطْءِ الْبِكْرِ فَيَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ (وَمَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي) أَرْشًا لِعَيْبٍ أَوْ أَرْشًا لِ (جِنَايَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (أَخْبَرَ بِهِ) إذَا بَاعَ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ (عَلَى وَجْهِهِ وَلَوْ كَانَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ) لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَمَعْنَى الْإِخْبَارِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِكَذَا أَوْ أَخَذَ أَرْشَهُ كَذَا وَلَا يَحُطُّ أَرْشَهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَمُتَابِعِيهِ (وَهِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ كَزِيَادَةٍ) فِي ثَمَنٍ فَتَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ وَتَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ.
(وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ) أَيْ هِبَةُ بَائِعٍ لِوَكِيلٍ اشْتَرَى مِنْهُ فَتَلْحَقُ بِالْعَقْدِ وَتَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِيهِمَا.
(فَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشْرَةٍ وَقَصَّرَهُ) الْمُشْتَرِي (أَوْ نَحْوَهُ) بِأَنْ صَبَغَهُ (بِعَشْرَةٍ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَصَرَهُ (أَخْبَرَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَقَطْ) بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُهُ بِعَشْرَةٍ وَقَصْرُهُ أَوْ صَبْغَتُهُ بِعَشْرَةٍ.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ (مِثْلُ أُجْرَةِ مَكَانِهِ وَكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ) وَعَدِّهِ وَذَرْعِهِ (وَحَمْلِهِ وَخِيَاطَتِهِ وَعَلْفِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ) (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ) أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (بِعِشْرِينَ وَلَا) يَجُوزُ (أَنْ يَقُولَ تَحَصَّلَ عَلَيَّ بِهَا) لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَتَغْرِيرٌ لِلْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً) مُخْبِرٌ بِثَمَنِهِ الثَّانِي (بَلْ يُخْبِرُ بِالْحَالِ) أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ.
(وَيَحُطُّ الرِّبْحَ) وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي وَهُوَ عَشْرَةٌ (وَيُخْبِرُ أَنَّهُ تُقُوِّمَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ) لِأَنَّ الرِّبْحَ أَحَدُ نَوْعَيْ النَّمَاءِ فَوَجَبَ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ كَالنَّمَاءِ مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ كَالثَّمَرَةِ وَنَحْوِهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّمَاءِ لَا يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ.
(وَلَا يُخْبِرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ لِأَنَّهُ كَذِبٌ) وَالْكَذِبُ حَرَامٌ (وَقِيلَ يَجُوزُ) أَنْ يُخْبِرَ (أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ) قَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَاخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِح وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَهُوَ أَصْوَبُ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ انْتَهَى قَالَ فِي الشَّرْحِ وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِأَنَّهُ الثَّمَنُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْمِلْكُ الثَّانِي (وَعَلَى) الْقَوْلِ (الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِعِشْرِينَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ (أَخْبَرَ بِالْحَالِ) عَلَى وَجْهِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ وَأَبْلَغُ فِي الصِّدْقِ.
(وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ بَيَّنَهُ) أَيْ الثَّمَنِ إذَا بَاعَ بِتَخْبِيرِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَضُمَّ الْخَسَارَةَ إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ كَذِبٌ.
(وَلَوْ اشْتَرَى) شَخْصٌ (نِصْفَ شَيْءٍ بِعَشْرَةٍ وَاشْتَرَى غَيْرُهُ بَاقِيَهُ بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَاهُ مُرَابَحَةً أَوْ مُوَاضَعَةً أَوْ تَوْلِيَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً فَالثَّمَنُ لَهُمَا بِالتَّسَاوِي) لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ عَنْ الْبَيْعِ فَكَانَ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا (كَمُسَاوَمَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَاهُ مُسَاوَمَةً فَإِنَّ الثَّمَنَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
(وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ ثَوْبًا) مَثَلًا (بِعِشْرِينَ ثُمَّ بُذِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لَهُمَا فِيهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِذَلِكَ السِّعْرِ) الْمَبْذُولِ (أَخْبَرَ) فِي الْمُرَابَحَةِ وَنَحْوِهَا (بِأَحَدَ وَعِشْرِينَ) عَشْرَةٌ ثَمَنُ نَصِيبِهِ الْأَوَّلِ وَأَحَدَ عَشَرَ ثَمَنُ نَصِيبِ صَاحِبِهِ (لَا بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ) لِأَنَّهُ كَذِبٌ.