فصل: فَصْلٌ: حُكم نقصِ الْمَغْصُوبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: حُكم نماءِ الْمَغْصُوبِ:

وَإِنْ زَادَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ رَدُّهُ بِزِيَادَتِهِ، مُتَّصِلَةً كَانَتْ، كَالسِّمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ) مِنْ بَهِيمَةٍ وَكَذَا مِنْ أَمَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا فَهُوَ حُرٌّ وَيَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَيَأْتِي (وَالْكَسْب) لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ لِمَالِكِهِ فَلَزِمَهُ رَدُّهُ كَالْأَصْلِ.
(وَلَوْ غَصَبَ جَارِحًا) فَصَادَ بِهِ (أَوْ قَوْسًا) أَوْ سَهْمًا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي (فَصَادَ) الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ (بِهِ أَوْ غَصَبَ شَبَكَةً أَوْ شَرَكًا) أَوْ فَخًّا وَنَحْوَهُ (فَأَمْسَكَ) الشَّرَكُ أَوْ الشَّبَكَةُ (شَيْئًا أَوْ) غَصَبَ (فَرَسًا فَصَادَ عَلَيْهِ أَوْ غَنِمَ، فَهُوَ لِمَالِكِهِ) أَيْ فَالصَّيْدُ فِي الْكُلِّ وَغُنْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِ الْجَارِحِ وَالْقَوْسِ وَالشَّبَكَةِ وَالشَّرَكِ وَالْفَرَسِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِسَبَبِ مِلْكِهِ فَكَانَ لَهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَصَادَ.
(وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أُجْرَةٌ لِلْجَارِحِ أَوْ الْقَوْسِ أَوْ الشَّبَكَةِ أَوْ الشَّرَكِ أَوْ الْفَرَسِ (مُدَّةَ اصْطِيَادِهِ) وَغَزْوِ الْفَرَسِ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَادَتْ إلَى الْمَالِكِ.
فَلَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضَهَا عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ فَأَخَذَ الْمَالِكُ الزَّرْعَ بِنَفَقَتِهِ وَكَذَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَصَادَ أَوْ كَسَبَ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَبْدِ عَلَى الْغَاصِبِ فِي مُدَّةِ كَسْبِهِ وَصَيْدِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ غَصَبَ كَلْبًا وَصَادَ بِهِ فَفِي التَّلْخِيصِ هُوَ لِلْغَاصِبِ (وَإِنْ غَصَبَ مِنْجَلًا فَقَطَعَ) الْغَاصِبُ غَيْرَهُ (بِهِ خَشَبًا أَوْ حَشِيشًا فَهُوَ) أَيْ الْخَشَبُ أَوْ الْحَشِيشُ (لِلْغَاصِبِ) لِحُصُولِ الْفِعْلِ مِنْهُ (كَالْحَبْلِ) الْمَغْصُوبِ (يَرْبِطُ بِهِ) الْغَاصِبُ مَا يَجْمَعُهُ مِنْ حَطَبٍ وَنَحْوِهِ.
وَكَمَا لَوْ غَصَبَ سَيْفًا فَقَاتَلَ بِهِ وَغَنِمَ (وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ) الْغَاصِبُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأُجْرَةٍ (أَوْ) غَصَبَ (غَزْلًا فَنَسَجَهُ، أَوْ) غَصَبَ (فِضَّةً أَوْ حَدِيدًا فَضَرَبَهُ إبَرًا أَوْ أَوَانِيَ أَوْ غَيْرَهَا، أَوْ) غَصَبَ (خَشَبًا فَنَجَّرَهُ بَابًا أَوْ نَحْوَهُ) كَرُفُوفٍ (أَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا) لَزِمَهُ رَدُّ ذَلِكَ وَأَرْشُ نَقْصِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ لِتَعَدِّيهِ.
(وَذَبْحُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (إيَّاهَا) أَيْ الشَّاةِ (لَا يُحَرِّمُهَا، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَيْسَ) هُوَ أَيْ الشَّأْنُ أَنَّ الشَّاةَ (صَارَتْ كَالْمَيْتَةِ) لِأَنَّهَا مُذَكَّاةٌ مِمَّنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الذَّكَاةِ (لَكِنْ لَا يَجُوزُ) لِلْغَاصِبِ وَلَا غَيْرِهِ (أَكْلُهَا وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهَا) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ (وَيَأْتِي فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ).
(أَوْ) غَصَبَ (طِينًا فَضَرَبَهُ لَبِنًا) أَوْ آجُرًّا (أَوْ فَخَّارًا، أَوْ) غَصَبَ (حَبًّا فَطَحَنَهُ) أَوْ دَقِيقًا فَعَجَنَهُ وَخَبَزَهُ وَنَحْوَهُ (رُدَّ ذَلِكَ) إلَى مَالِكِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ بِمِلْكِهِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ فَكَذَا بِمِلْكِ غَيْرِهِ (بِزِيَادَتِهِ) إنْ زَادَ.
(وَأَرْشِ نَقْصِهِ) إنْ نَقَصَ لِكَوْنِهِ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَقْصِ الْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ أَوْ هُمَا.
(وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ بِعَمَلِهِ الْمُؤَدِّي إلَى الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ لِذَلِكَ عِوَضًا، كَمَا لَوْ غَلَى زَيْتًا فَزَادَتْ قِيمَتُهُ (لَكِنْ إنْ أَمْكَنَ الرَّدُّ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى)، كَحُلِيٍّ وَدَرَاهِمَ وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَوَانٍ مِنْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ وَسَكَاكِينَ وَنِعَالٍ (فَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (عَلَى الْإِعَادَةِ) إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى لِأَنَّ عَمَلَ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ مُحَرَّمٌ فَمَلَكَ الْمَالِكُ إزَالَتَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ: إنَّمَا يَمْلِكُ إجْبَارَهُ إذَا كَانَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَجَزَمَ بِهِ الْحَارِثِيُّ.
(وَمَا لَا يُمْكِنُ) رَدُّهُ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى (كَالْأَبْوَابِ وَالْفَخَّارِ وَنَحْوِهِمَا) كَالْآجُرِّ وَالشَّاةِ إذَا ذَبَحَهَا وَشَوَاهَا وَالْحَبِّ طَحَنَهُ (فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ إفْسَادُهُ وَلَا لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ).
(وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا فَحَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ شَقَّ) فِيهَا (نَهْرًا أَوْ نَحْوَهُ) كَقَنَاةٍ وَدُولَابٍ (فَلِرَبِّهَا إلْزَامُهُ بِطَمِّهَا) أَيْ الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا (إنْ كَانَ) الطَّمُّ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) لِعُدْوَانِهِ بِالْحَفْرِ وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ.
(وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ طَمَّهَا فَإِنْ كَانَ) الطَّمُّ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَإِسْقَاطِ ضَمَانٍ مَا يَقَعُ فِيهَا) أَيْ الْبِئْرِ (أَوْ يَكُونُ) الْغَاصِبُ (قَدْ نَقَلَ تُرَابَهَا إلَى مِلْكِهِ، أَوْ) إلَى (مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ إلَى طَرِيقٍ يَحْتَاجُ إلَى تَفْرِيغِهِ- فَلَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (طَمُّهَا) بِتُرَابِهَا حَيْثُ بَقِيَ فَلَوْ فَاتَ بِسَيْلٍ أَوْ رِيحٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ الطَّمُّ بِغَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ، لَا بِرَمْلٍ أَوْ كُنَاسَةٍ وَنَحْوِهَا ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ (مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا) تَخَلُّصًا مِنْ ذَلِكَ الضَّرَرِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي الطَّمِّ (مِثْلُ أَنْ يَكُونَ) الْغَاصِبُ (قَدْ وَضَعَ التُّرَابَ فِي أَرْضِ مَالِكِهَا، أَوْ) وَضَعَهُ (فِي مَوَاتٍ وَأَبْرَأَهُ) الْمَالِكُ (مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا) أَيْ الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا (وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ) قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ لِوُجُودِ التَّعَدِّي فَإِذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ زَالَ التَّعَدِّي فَيَزُولُ الضَّمَانُ وَلَيْسَ هَذَا إبْرَاءً مِمَّا لَمْ يَجِبْ.
وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطٌ لِلتَّعَدِّي بِرِضَاهُ بِهِ (أَوْ مَنَعَهُ) الْمَالِكُ (مِنْهُ) أَيْ الطَّمِّ (لَمْ يَمْلِكْ) الْغَاصِبُ (طَمَّهَا) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ، وَمَنْعُهُ مِنْ الطَّمِّ رِضًا بِالْحَفْرِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ إبْرَائِهِ مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا (وَلَوْ كَشَطَ) الْغَاصِبُ (تُرَابَ الْأَرْضِ) الْمَغْصُوبَةِ (فَطَالَبَهُ الْمَالِكُ بِرَدِّهِ وَفَرْشِهِ لَزِمَهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (ذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ وَالْفَرْشُ.
وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ أَرَادَهُ) أَيْ فَرْشَ التُّرَابِ كَمَا كَانَ (الْغَاصِبُ وَأَبَاهُ الْمَالِكُ فَلَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِعْلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، مِثْلُ إنْ كَانَ) الْغَاصِبُ (نَقَلَهُ إلَى مِلْكٍ لِنَفْسِهِ فَيَرُدُّهُ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَكَانِ، أَوْ) كَانَ الْغَاصِبُ (طَرَحَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي طَرِيقٍ يَحْتَاجُ إلَى تَفْرِيغِهِ) أَيْ مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ الطَّرِيقِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْغَاصِبُ أَرَادَ فَرْشَ التُّرَابِ الَّذِي كَشَطَهُ (لَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَلَا) يُمَكَّنُ مِنْهُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ لِأَنَّ فِيهِ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ.
(وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ، أَوْ) غَصَبَ (بَيْضًا فَصَارَ) الْبِيضُ (فِرَاخًا، أَوْ) غَصَبَ (نَوًى) فَغَرَسَهُ (فَصَارَ غَرْسًا، أَوْ) غَصَبَ (غُصْنًا) فَغَرَسَهُ (فَصَارَ شَجَرًا رَدَّهُ) الْغَاصِبُ لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالَيْ مَالِكِهِ.
(وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ فِي عَمَلِهِ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ.
(وَإِنْ نَقَصَ) الْمَغْصُوبُ (وَلَوْ) كَانَ نَقْصُهُ (بِنَبَاتِ لِحْيَةِ عَبْدٍ أَمْرَدَ، أَوْ) كَانَ نَقْصُهُ بِ (ذَهَابِ رَائِحَةِ مِسْكٍ، أَوْ قَطْعِ ذَنَبِ حِمَارٍ وَنَحْوِهِ) كَبَغْلٍ وَفَرَسٍ (ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (نَقْصَهُ) الْحَاصِلَ قَبْلَ رَدِّهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَالٍ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ فَكَانَ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ إذْ الْقَصْدُ بِالضَّمَانِ جَبْرُ حَقِّ الْمَالِكِ بِإِيجَابِ قَدْرِ مَا فُوِّتَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ قَدْرُهُ مِنْ الْقِيمَةِ، كَغَيْرِ الْحَيَوَانِ.
وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ رِبْحًا فَاتَ بِحَبْسِ مَالِ تِجَارَةٍ عَنْ مَالِكِهِ مُدَّةً يُمْكِنُ أَنْ يَرْبَحَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ (وَنَصَّ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي طِيَرَةٍ جَاءَتْ إلَى قَوْمٍ فَازْدَوَجَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرَّخَتْ: أَنَّ الْفِرَاخَ تَبَعٌ لِلْأُمِّ وَيَرُدُّ عَلَى أَصْحَابِ الطَّيْرَةِ فِرَاخُهَا) كَوَلَدِ الْأَمَةِ وَالْبَهِيمَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّهَا بِمَا أَنْفَقَهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى هُوَ وَاضِحٌ إنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ غَصَبَ شَاةً) أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةَ وَنَحْوَهَا (وَأَنْزَى عَلَيْهَا فَحْلَهُ فَالْوَلَدُ لِمَالِكِ الْأُمِّ) كَوَلَدِ الْأَمَةِ.
(وَلَا أُجْرَةَ لِلْفَحْلِ) لِعَدَمِ إذْنِ رَبِّهَا وَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِذَلِكَ قُلْت: وَكَذَا لَوْ غَصَبَ نَخْلَةً وَحَصَلَ مِنْهَا مِنْهَا فَإِنَّهُ لِمَالِكِهَا لِأَنَّهُ مِنْ نَمَائِهَا كَكَسْبِ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الْأَمَةِ.
(وَإِنْ غَصَبَ فَحْلَ غَيْرِهِ فَأَنْزَاهُ عَلَى شَاتِهِ فَالْوَلَدُ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ تَبَعًا لِلْأُمِّ وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْفَحْلِ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِذَلِكَ (لَكِنْ إنْ نَقَصَ) الْفَحْلُ بِالْإِنْزَاءِ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (أَرْشُ نَقْصِهِ) لِتَعَدِّيهِ.

.فَصْلٌ: حُكم نقصِ الْمَغْصُوبِ:

وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِيَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (ضَمَانُهُ) أَيْ النَّقْصِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ النَّقْصِ فَيُقَوَّمُ صَحِيحًا وَنَاقِصًا وَبِغُرْمِ الْغَاصِبِ مَا بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَالٍ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ فَكَانَ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ، إذْ الْقَصْدُ بِالضَّمَانِ جَبْرُ حَقِّ الْمَالِكِ بِإِيجَابِ قَدْرِ مَا فُوِّتَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ قَدْرُهُ مِنْ الْقِيمَةِ.
(وَلَوْ) كَانَ مَا نَقَصَ (رَقِيقًا أَوْ بَعْضَهُ) بِأَنْ عَمِيَ أَوْ خَرِسَ وَنَحْوُهُ، أَوْ ذَهَبَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ وَنَحْوُهُمَا بِنَحْوِ أَكْلَةٍ وَ(لَا) يَضْمَنُ مَا ذَهَبَ مِنْ الرَّقِيقِ (بِمُقَدَّرٍ مِنْ الْحُرِّ كَيَدِهِ) فَلَا يَجِبُ فِيهِمَا نِصْفُ الْقِيمَةِ وَلَا تَجِبُ الْقِيمَةُ فِي ذَهَابِ نَحْوِ بَصَرِهِ أَيْضًا (إذَا لَمْ يُجْنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ.
(وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ (ضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ (بِأَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ) مِنْ أَرْشِ نَقْصِ قِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ دِيَةِ الْمَقْطُوعِ لِأَنَّ سَبَبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُجِدَ فَوَجَبَ أَكْثَرُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ فِيهِ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ وَالْيَدَ وُجِدَا فِيهِ جَمِيعًا فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَهُ إلَى أَلْفَيْنِ، ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسمِائَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مَعَ رَدِّهِ أَلْفٌ وَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ لِيَدِهِ غَيْرَ الْغَاصِبِ.
وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِائَتَيْنِ قَبْلُ وَصَارَ بَعْدَ الْقَطْعِ يُسَاوِي أَرْبَعَمِائَةٍ كَانَ عَلَى الْجَانِي أَرْبَعُمِائَةٍ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ مَضْمُونَةٌ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَهِيَ حِينَ الْقَطْعِ ثَمَانُمِائَةٍ وَعَلَى الْغَاصِبِ مِائَتَانِ لِأَنَّهَا نَقَصَتْ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي يَدِهِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبَ مَا عَلَيْهِ وَعَلَى الْجَانِي لِأَنَّ مَا وُجِدَ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ مِنْهُ.
(وَيَرْجِعُ غَاصِبٌ غَرِمَ) الْجَمِيعَ لِمَالِكٍ (عَلَى جَانٍ بِأَرْشِ جِنَايَةٍ فَقَطْ) لِاسْتِقْرَارِ ضَمَانِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهُ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْجَانِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَمِّنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّقْصِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ (فَإِنْ خَصَاهُ) أَيْ خَصَى الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ.
(وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ) بِالْخِصَاءِ (أَوْ قَطَعَ) الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ (مِنْهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (مَا تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ مِنْ الْحُرِّ) كَأَنْفِهِ أَوْ ذَكَرِهِ أَوْ يَدَيْهِ.
(لَزِمَهُ رَدُّهُ وَرَدُّ قِيمَتِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ الْجَانِي) لِأَنَّ الْمُتْلَفَ الْبَعْضُ فَلَا يَقِفُ ضَمَانُهُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ، كَقَطْعِ خَصْيَتَيْ ذَكَرٍ مُدَبَّرٍ وَلِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الْمُفَوَّتُ فَلَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ غَيْرِهِ، بِضَمَانِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ تِسْعَ أَصَابِعَ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَغْصُوبُ (دَابَّةً) وَنَقَصَتْ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَوْ) كَانَ النَّقْصُ (بِتَلَفِ إحْدَى عَيْنَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ فَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهَا فَقَطْ لِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَهُ عَلَى الْمَالِكِ وَمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ قِيمَتِهَا» وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا نَعْرِفُ صِحَّتَهُ، بِدَلِيلِ احْتِجَاجِ أَحْمَدَ بِقَوْلِ عُمَرَ دُونَهُ، مَعَ أَنَّ قَوْلَ؛ عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَدْرَ نَقْصِهَا وَلَوْ كَانَ تَقْدِيرُ الْوَاجِبِ فِي الْعَيْنِ نِصْفَ الدِّيَةِ، كَعَيْنِ الْآدَمِيِّ.
(وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَيْنِ) الْمَغْصُوبَةِ (بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ) بِأَنْ نَزَلَ السِّعْرُ لِذَهَابِ نَحْوِ مَوْسِمٍ (لَمْ يَضْمَنْ) الْغَاصِبُ مَا نَزَلَ السِّعْرُ (سَوَاءٌ رُدَّتْ الْعَيْنُ أَوْ تَلِفَتْ) لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ لَمْ تَنْقُصْ عَيْنُهُ وَلَا صِفَتُهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ سِوَى رَدِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَدَلِهِ- وَالْفَائِتُ إنَّمَا هُوَ رَغَبَاتُ النَّاسِ، وَلَا تُقَابَلُ بِشَيْءٍ.
(وَإِنْ نَقَصَتْ) قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ (لِمَرَضٍ ثَمَّ عَادَتْ) الْقِيمَةُ (بِبُرْئِهِ) رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ ابْيَضَّتْ عَيْنُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (ثَمَّ زَالَ بَيَاضُهَا وَنَحْوُهُ) بِأَنْ نَسِيَ صَنْعَةً فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ تَعَلَّمَهَا (رَدَّهُ) الْغَاصِبُ (وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَنْقُصْ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
(وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ مَعِيبًا مَعَ الْأَرْضِ، ثَمَّ زَالَ الْعَيْبُ فِي يَدِ مَالِكِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (لَمْ يَجِبْ) عَلَى مَالِكِهِ (رَدُّ الْأَرْشِ لِاسْتِقْرَارِهِ) أَيْ الْأَرْشِ (بِأَخْذِ الْعَيْنِ نَاقِصَةً) عَنْ حَالِ غَصْبِهَا نَقْصًا أَثَّرَ فِي قِيمَتِهِ.
(وَكَذَا لَوْ أَخَذَ) الْمَالِكُ (الْمَغْصُوبَ) بَعْدَ تَعَيُّبِهِ (بِغَيْرِ أَرْشٍ ثَمَّ زَالَ) الْعَيْبُ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (لَمْ يَسْقُطْ الْأَرْشُ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالرَّدِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ قَبْلَ رَدِّهِ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ (لِمَعْنًى فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ كِبَرٍ وَسِمَنٍ وَهُزَالٍ) عَنْ سِمَنٍ مُفْرِطٍ.
(وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَزَوَالِ عُجْمَةٍ وَتَعَلُّمِ عِلْمٍ (ثَمَّ نَقَصَتْ) الْقِيمَةُ بِزَوَالِ ذَلِكَ (ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (الزِّيَادَةَ) لِأَنَّهَا زَادَتْ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا فَلَزِمَ الْغَاصِبَ ضَمَانُهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْغَصْبِ وَفَارَقَ زِيَادَةَ السِّعْرِ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهَا.
وَالصِّنَاعَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ فَهِيَ صِفَةٌ فِيهِ وَلِذَلِكَ يَضْمَنُهَا إذَا طُولِبَ بِرَدِّ الْعَيْنِ (وَإِنْ عَادَ مِثْلُ الزِّيَادَةِ الْأُولَى مِنْ جِنْسِهَا مِثْلُ أَنْ) غَصَبَ عَبْدًا فَ (سَمِنَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ نَقَصَتْ) قِيمَتُهُ (بِزَوَالِ ذَلِكَ) السِّمَنِ (ثُمَّ سَمِنَ فَعَادَتْ) قِيمَتُهُ كَمَا كَانَتْ (لَمْ يَضْمَنْ) الْغَاصِبُ (مَا نَقَصَ) أَوَّلًا ثَمَّ عَادَ لِأَنَّ مَا ذَهَبَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَادُ وَهُوَ بِيَدِهِ أَشْبَهُ مَا لَوْ مَرِضَتْ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا ثَمَّ بَرِئَتْ فَعَادَتْ الْقِيمَةُ وَكَذَا لَوْ نَسِيَ صَنْعَةً ثُمَّ تَعَلَّمَهَا أَوْ بَدَّلَهَا فَعَادَتْ قِيمَتُهُ كَمَا كَانَتْ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا (وَإِنْ كَانَتْ) الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ الذَّاهِبَةِ مِثْلُ أَنْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَتَعَلَّمَ صَنْعَةً، فَصَارَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، ثَمَّ نَسِيَهَا فَصَارَ يُسَاوِي مِائَةً، ثَمَّ سَمِنَ فَصَارَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ (لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ مَا ذَهَبَ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.
(وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (مُفْرِطًا فِي السِّمَنِ فَهَزَلَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ) بِذَلِكَ (أَوْ لَمْ تَنْقُصْ) وَلَمْ تَزِدْ (رَدَّهُ) الْغَاصِبُ.
(وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا أَوْجَبَ فِي مِثْلِ هَذَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَمْ يُقَدَّرْ بَدَلُهُ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَ رَدِّهِ (وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ) قَبْلَ رَدِّهِ (نَقْصًا غَيْرَ مُسْتَقَرٍّ) بِأَنْ يَكُونَ سَارِيًا غَيْرَ وَاقِفٍ (كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ) وَطَلَبَهَا مَالِكُهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَى حَالَةٍ يَعْلَمُ فِيهَا قَدْرَ أَرْشِ نَقْصِهَا (خُيِّرَ) مَالِكُهَا (بَيْنَ أَخْذِ مِثْلِهَا) مِنْ مَالِ غَاصِبٍ (وَبَيْنَ تَرْكِهَا) بِيَدِ غَاصِبٍ (حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا فَيَأْخُذَهَا وَ) يَأْخُذَ أَرْشَ نَقْصِهَا لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ الْمِثْلُ ابْتِدَاءً لِوُجُودِ عَيْنِ مَالِهِ وَلَا أَرْشَ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَا ضَبْطُهُ إذَنْ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ صَارَتْ الْخِيَرَةُ إلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ التَّعْجِيلِ فَيَأْخُذُ الْعَيْنَ عِنْدَ اسْتِقْرَارِ فَسَادِهَا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَيَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ أَرْشَ نَقْصِهَا لِأَنَّهُ، حَصَلَ تَحْتَ يَدِهِ الْعَادِيَةِ أَشْبَهَ تَلَفَ جُزْءٍ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ (فَإِنْ اسْتَقَرَّ) النَّقْصُ قَبْلَ رَدِّ الْمَغْصُوبِ (أَخَذَهَا) أَيْ الْحِنْطَةَ مَالِكُهَا (وَ) أَخَذَ (الْأَرْشَ) لِمَا سَبَقَ: يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَقَرَّ قَبْلَ الطَّلَبِ، لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ.
(وَإِنْ جَنَى) الْقِنُّ (الْمَغْصُوبُ) قَبْلَ رَدِّهِ (فَعَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ جِنَايَتِهِ) لِأَنَّ جِنَايَتَهُ نَقْصٌ فِيهِ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ، كَسَائِرِ نَقْصِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْمَالَ (وَسَوَاءٌ جَنَى) الْقِنُّ الْمَغْصُوبُ (عَلَى سَيِّدِهِ، أَوْ) عَلَى (أَجْنَبِيٍّ) لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ مِنْ جُمْلَةِ جِنَايَاتِهِ فَكَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْغَاصِبِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا حُكْمُ مَا أَتْلَفَهُ الْقِنُّ الْمَغْصُوبُ مِنْ مَالِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ سَيِّدِهِ لِمَا سَبَقَ وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِرَدِّ الْغَاصِبِ لَهُ لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ فِي يَدِهِ فَلَوْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ الرَّدِّ رَجَعَ رَبُّهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ (وَجِنَايَتُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (عَلَى غَاصِبِهِ وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ) لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ لَوْ كَانَتْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَوَجَبَ أَرْشُهَا عَلَى الْغَاصِبِ فَلَوْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ لَوَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ (إلَّا فِي قَوَدٍ) لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِنَفْسِهِ لَا يُمْكِنُ تَضْمِينُهُ لِغَيْرِهِ فَاسْتُوْفِيَ مِنْهُ.
(فَلَوْ قَتَلَ) الْمَغْصُوبُ (عَبْدًا لِأَحَدِهِمَا) أَيْ لِلْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ سَيِّدِهِ (عَمْدًا فَلَهُ) أَيْ سَيِّدِ الْمَقْتُولِ (قَتْلُهُ بِهِ ثَمَّ يَرْجِعُ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فِيهِنَّ) لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَشْبَهُ مَا لَوْ مَاتَ بِيَدِهِ.
(وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ مَنْ اسْتَعَانَ بِعَبْدِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ فَحُكْمُهُ) أَيْ الْمُسْتَعِينِ (حُكْمُ الْغَاصِبِ حَالَ اسْتِخْدَامِهِ) فَيَضْمَنُ جِنَايَتَهُ وَنَقْصَهُ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ، وَكَذَا فِي الْمُنْتَهَى فِي الدِّيَاتِ (وَيَضْمَنُ) الْغَاصِبُ (زَوَائِدَ الْغَصْبِ، كَالثَّمَرَةِ) إذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ.
(وَ) كَ (الْوَلَدِ إذَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ حَيًّا ثَمَّ مَاتَ سَوَاءٌ حَمَلَتْ) بِهِ أُمُّهُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (أَوْ غَصَبَهَا حَامِلًا) لِأَنَّهُ مَالٌ مَغْصُوبٌ حَصَلَ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهُ بِالتَّلَفِ كَأَصْلٍ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ) إنْ كَانَ غَصَبَهَا حَامِلًا لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ.
وَإِنْ كَانَتْ قَدْ حَمَلَتْ بِهِ عِنْدَهُ وَوَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَعِنْدَ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَاضِي: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَمِنْ تَبِعَهُ: وَالْأُولَى أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُوَفَّقِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَيُحْتَمَلُ الضَّمَانُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَقْيَسُ (وَ) إنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا (بِهَا) أَيْ بِجِنَايَةٍ (يَضْمَنُهُ الْجَانِي بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ) لِمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ (وَكَذَا وَلَدُ بَهِيمَةٍ) مَغْصُوبَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ فِيمَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ لَكِنْ إذَا وَلَدَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ يَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ أُمَّهُ لَا بِعُشْرِ قِيمَتِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ.