فصل: فَصْلٌ: حُكْمُ بيعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ صَلَاحِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: حُكْمُ بيعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ صَلَاحِهَا:

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الزَّرْعِ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (إلَّا) إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَالزَّرْعَ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ) فَيَصِحُّ قَالَ فِي الْمُغْنِي: بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْ تَلَفِ الثَّمَرَةِ وَحُدُوثِ الْعَاهَةِ عَلَيْهَا، بِدَلِيلِ مَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ قَالَ أَرَأَيْتَ إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(إنْ كَانَ) مَا ذُكِرَ (مُنْتَفَعًا بِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا كَثَمَرَةِ الْجَوْزِ وَزَرْعِ التُّرْمُسِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِالْمَبِيعِ (وَلَمْ يَكُنْ) مَا بِيعَ مِنْ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ (مُشَاعًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ نِصْفَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) مُشَاعًا (أَوْ) يَشْتَرِيَ (نِصْفَ الزَّرْعِ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ مُشَاعًا فَلَا يَصِحُّ) الشِّرَاءُ (بِ شَرْطِ الْقَطْعِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنهُ قَطْعُهُ) أَيْ قَطْعُ مَا يَمْلِكهُ (إلَّا بِقَطْعِ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ قَطْع مَا لَا يَمْلِكُهُ (إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ (مَعَ الْأَصْلِ بِأَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ) فَيَجُوزُ (أَوْ) يَبِيعَ (الزَّرْعَ مَعَ الْأَرْضِ) فَيَجُوزُ (أَوْ يَبِيعَ الثَّمَرَةَ لِمَالِكِ الْأَصْلِ) أَيْ الشَّجَرِ فَيَجُوزُ (أَوْ) يَبِيعَ (الزَّرْعَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ فَيَجُوزُ) الْبَيْعُ.
وَيَصِحُّ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ مَعَ أَصْلٍ دَخَلَ تَبَعًا فِي الْبَيْعِ فَلَمْ يَضُرَّ احْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيهِ كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ مَعَ الشَّاةِ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ مَعَ التَّمْرِ، فِيمَا إذَا بِيعَ مُفْرَدًا لِمَالِكِ الْأَصْلِ قَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ التَّامُّ لِلْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ مَالكَ الْأَصْلِ وَالْقَرَارِ.
(فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلثَّمَرِ مَعَ أَصْلِهِ، أَوْ لِلزَّرْعِ مَعَ أَرْضِهِ، أَوْ لَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ وَهُوَ مَالِكُ الْأَصْلِ (الْقَطْعَ فِي الْحَالِ صَحَّ) الْبَيْعُ.
(وَلَا يَلْزَمُ مُشْتَرِيًا الْوَفَاءُ بِهِ) أَيْ بِالشَّرْطِ (لِأَنَّ الْأَصْلَ لَهُ) فَإِنْ شَاءَ فَرَّغَهُ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ مَشْغُولًا (وَكَذَا حُكْمُ رَطْبَةٍ وَبُقُولٍ فَلَا يُبَاعُ) شَيْءٌ مِنْهَا (مُفْرَدًا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إلَّا جِزَّةً) جِزَّةً (بِشَرْطِ جَزِّهِ) أَيْ قَطْعِهِ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ مَعْلُومٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ وَلَا غَرَرَ بِخِلَافِ مَا فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ مَسْتُورٌ مُغَيَّبٌ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ مَعْلُومٌ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَاَلَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرَةِ.
(وَإِنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ) قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) فِي الْحَالِ (ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأُصُولَ أَوْ اسْتَعَارَهَا) أَيْ الْأُصُولَ (لِتَبْقِيَتِهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (إلَى) أَوَانِ (الْجُذَاذِ لَمْ يَصِحَّ) وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ أَخْضَرَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ فِي الْحَالِ أَوْ اسْتَعَارَهَا لِتَبْقِيَتِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيَأْتِي أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِأَوَّلِ الزِّيَادَةِ.
(وَلَا يُبَاعُ الْقِثَّاءُ وَنَحْوُهُ) كَالْخِيَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ (إلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً) لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى اللَّقْطَةِ لَمْ يُخْلَقْ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ (إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ) أَيْ الْقِثَّاءَ وَنَحْوَهُ (مَعَ أَصْلِهِ) فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ إذَنْ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ أَشْبَهَ الْحَمْلَ مَعَ أُمِّهِ وَأُسِّ الْحَائِطِ مَعَهُ (وَلَوْ لَمْ يَبِعْ مَعَهُ أَرْضَهُ) كَالثَّمَرِ إذَا بِيعَ مَعَ الشَّجَرِ.
(وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِ (دُونَ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ (إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الثَّمَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ إذَنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ كَسَائِرِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ هَذِهِ الْأُصُولِ الَّتِي تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهَا) كَأُصُولِ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ (مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ) كَبَيْعِ الشَّجَرِ (صِغَارًا، كَانَتْ الْأُصُولُ أَوْ كِبَارًا مُثْمِرَةً) كَانَتْ (أَوْ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ) بَدَا صَلَاحُ ثَمَرِهَا أَوْ لَمْ يَبْدُ كَالشَّجَرِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُصُولِ وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَتَابِعَةٌ كَالْحَمْلِ مَعَ أُمِّهِ.
(وَالْقِطْنُ) ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا لَهُ أَصْلٌ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَعْوَامًا وَالثَّانِي مَا يَتَكَرَّرُ زَرْعُهُ كُلَّ عَامٍ فَ (إنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَعْوَامًا كَقُطْنِ الْحِجَازِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّجَرِ فَيَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ) كَالشَّجَرِ وَأُصُولِ الْقِثَّاءِ (وَإِذَا بِيعَتْ الْأَرْضُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ) كَالشَّجَرِ (وَثَمَرَةِ كَالطِّلْعِ إنْ تَفَتَّحَ فَلِبَائِعٍ وَإِلَّا فَلِمُشْتَرٍ وَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ زَرْعُهُ كُلَّ عَامٍ) كَقُطْنِ مِصْرَ وَالشَّامِ (فَ) حُكْمُهُ حُكْمُ (زَرْعِ) بُرٍّ وَنَحْوِهِ لِشَبَهٍ بِهِ.
(وَمَتَى كَانَ جَوْزُهُ ضَعِيفًا رَطْبًا لَمْ يَقْوَ) أَيْ لَمْ يَشْتَدَّ (مَا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ) كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) فِي الْحَالِ (كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ قَوِيَ حَبُّهُ وَاشْتَدَّ جَازَ بَيْعُهُ) مُطْلَقًا (وَبِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ) كَالزَّرْعِ إذَا اشْتَدَّ حَبُّهُ جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ (وَكَذَا الْبَاذِنْجَانُ) فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقُطْنِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَالْحَصَادُ) لِزَرْعٍ اشْتَرَاهُ (وَاللِّقَاطُ) لِلَّقْطَةِ اشْتَرَاهَا (وَالْجُذَاذُ) لِلثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤْنَةِ مَا اشْتَرَاهُ كَنَقْلِ الطَّعَامِ الْمَبِيعِ، بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا مِنْ مُؤْنَةِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ وَهُنَا حَصَلَ التَّسْلِيمُ بِالتَّخْلِيَةِ دُونَ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِ.
(فَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ الْحَصَادَ أَوْ الْجُذَاذَ أَوْ اللَّقَّاطُ الْمُشْتَرِي (عَلَى الْبَائِعِ صَحَّ) الشَّرْطُ كَشَرْطِهِ حَمْلُ الْحَطَبِ أَوْ تَكْسِيرَهُ.
(وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهَا دُونَ أُصُولِهِ (مُطْلَقًا فَلَمْ يَذْكُرْ قَطْعًا وَلَا تَبْقِيَةً أَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الثَّمَرَةِ، وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ فِي الزَّرْعِ وَجَزِّ الْمَبِيعِ لَقْطَةً لَقْطَةً فِيمَا تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) إنْسَانٌ (قَصِيلًا فَقَطَعَهُ ثُمَّ نَبَتَ) فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَرَكَ الْأُصُولَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْضِ لَهَا فَسَقَطَ حَقُّهُ كَمَا يَسْقُطُ حَقُّ حَاصِدِ الزَّرْعِ مِنْ السَّنَابِلِ الَّتِي يَخْلُفهَا وَلِذَلِكَ أُبِيحَ الْتِقَاطُهَا (أَوْ سَقَطَ مِنْ الزَّرْعِ حَبٌّ) عِنْدَ الْحَصَادِ (فَنَبَتَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَيُسَمَّى الزُّرَيْعَ) بِالتَّصْغِيرِ (فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ) وَيَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ.
(وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ) أَيْ بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَوْ الْقِثَّاءَ وَنَحْوَهَا الظَّاهِرَةَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ (ثُمَّ أَخَّرَهُ) أَيْ الْقَطْعَ (حَتَّى بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ) أَوْ اشْتَدَّ الْحَبُّ (أَوْ طَالَتْ الْجُذَّةُ) الرَّطْبَةُ وَنَحْوُهَا، أَوْ كَبُرَتْ اللَّقْطَةُ مِنْ الْقِثَّاءِ وَنَحْوِهَا (أَوْ اشْتَرَى عَرِيَّةً لِيَأْكُلَهَا رُطَبًا) بِشُرُوطِهَا السَّابِقَةِ (فَأَخَّرَ) أَخْذَهَا (حَتَّى أَثْمَرَتْ) أَيْ صَارَتْ تَمْرًا (أَوْ) أَخَّرَ (الزَّرْعَ) الْأَخْضَرَ إذَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ (حَتَّى اشْتَدَّ) الزَّرْعُ (بَطَلَ الْبَيْعُ) فِيمَا ذُكِرَ (بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ) لِأَنَّ صِحَّةَ ذَلِكَ يُجْعَلُ ذَرِيعَةً إلَى الْحَرَامِ وَوَسَائِلُ الْحَرَامِ حَرَامٌ كَبَيْعِ الْعِينَةِ وَقَدْ عَاقَبَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ السَّبْتِ بِصَنِيعِهِمْ.
(وَ) إذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فَ (الْأَصْلُ) مِنْ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ وَالْجُذَّةِ وَاللَّقْطَةِ عَلَى الْبَائِعِ (وَالزِّيَادَةُ) الطَّارِئَةُ بَعْدَهُ (لِلْبَائِعِ) كَأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يُوجَدْ (لَكِنْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا) أَيْ يَسِيرِ الزِّيَادَةِ (عُرْفَا كَ) تَرْكِهِ الْقَطْعَ (الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ) فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ.
(وَإِنْ تَلِفَتْ) الثَّمَرَةُ الْمَبِيعَةُ دُونَ أُصُولِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ (بِجَائِحَةٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَخْذِهِ) أَيْ الثَّمَرِ، أَنَّثَ أَوَّلًا، وَذَكَّرَ ثَانِيًا لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ يَجُوزُ تَأْنِيثُ ضَمِيرِهِ وَتَذْكِيرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} {نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (ضَمِنَهُ) أَيْ الثَّمَرَ (بَائِعٌ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ تَمَكُّنِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَخْذِهَا (فَعَلَى مُشْتَرٍ) أَيْ فَتَفُوتُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِهَا.
(وَلَوْ بَاعَ شَجَرًا فِيهِ) أَيْ الشَّجَرِ (ثَمَرٌ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ نَخْلًا تَشَقَّقَ طِلْعُهُ، أَوْ شَجَرًا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ (وَنَحْوُهُ) بِأَنْ بَاعَ مَا فِيهِ زَهْرٌ أَوْ قِطْنٌ خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ، وَأُصُولِ قِثَّاءٍ وَنَحْوِهَا بَعْدَ ظُهُورِ ثَمَرَتِهَا (وَلَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ: لَمْ يَأْخُذْ الْبَائِعُ الثَّمَرَ الَّذِي لَهُ وَنَحْوَهُ (حَتَّى حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى) وَاخْتَلَطَتْ بِهَا (فَلَمْ تَتَمَيَّزْ، فَهُمَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (شَرِيكَانِ) فِي الثَّمَرَةِ (بِقَدْرِ ثَمَرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) فَيَقْسِمَانِهَا كَذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً فَانْهَالَتْ عَلَيْهَا أُخْرَى (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا) أَيْ قَدْرَ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ (اصْطَلَحَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَرَةِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ إذْ لَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَةِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ) فَلَا يَبْطُلُ بِالِاخْتِلَاطِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَاطِ الْحِنْطَةِ الْمَبِيعَةِ بِغَيْرِهَا.
(وَإِنْ أَخَّرَ) الْمُشْتَرِي (قَطْعَ خَشَبٍ) اشْتَرَاهُ (مَعَ شَرْطِهِ) أَيْ الْقَطْعِ (فَنَمَا) الْخَشَبُ (وَغَلُظَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ) لَا يَبْطُل بِذَلِكَ (وَيَشْتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي مِلْكِهِمَا فَإِنَّ الْخَشَبَ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي وَأَصْلُهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَهُمَا سَبَبُ الزِّيَادَةِ فَيُقَوَّمُ الْخَشَبُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَوْمَ الْأَخْذِ فَالزِّيَادَةُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِيهَا.

.فَصْلٌ: حُكْمُ بيعِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا:

(وَإِذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَاشْتَدَّ الْحَبُّ جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِغَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ أَوْ تَبْقِيَةٍ.
(وَ) جَازَ بَيْعُهُ (بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ) لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ: يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادِ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُلِّلَ بِخَوْفِ التَّلَفِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ هُنَا.
(وَلِلْمُشْتَرِي تَبْقِيَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (إلَى الْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ) لِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِيهِ (وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ سَقْيُهُ) إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ كَامِلًا وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْأَصْلَ وَعَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ سَقْيُهَا لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا مِنْ جِهَتِهِ وَإِنَّمَا بَقِيَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا.
(وَيُجْبَرُ) الْبَائِعُ عَلَى السَّقْيِ إذَنْ (إنْ أَبَى) السَّقْيَ (وَلَوْ تَضَرَّرَ الْأَصْلُ) بِالسَّقْيِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ (وَلِمُشْتَرِيهِ) أَيْ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحٍ (تَعْجِيلُ قَطْعِهِ وَبَيْعِهِ قَبْلَ جَذِّهِ) لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ تَامٌّ.
(وَإِنْ تَلِفَتْ ثَمَرَةٌ وَلَوْ فِي غَيْرِ النَّخْلِ) كَرُمَّانٍ وَعِنَبٍ (أَوْ) تَلِفَ (بَعْضُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ.
(وَلَوْ) كَانَ التَّالِفُ (أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ (بِجَائِحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَهِيَ مَا لَا صُنْعَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا كَرِيحٍ وَمَطَرٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمَطَرُ الْمُنْعَقِدُ (وَبَرْدٌ) بِسُكُونِ الرَّاءِ ضِدُّ الْحَرِّ (وَجَلِيدٍ وَصَاعِقَةٍ وَحَرٍّ وَعَطَشٍ وَنَحْوِهَا وَكَذَا جَرَادٌ وَنَحْوُهُ) كَجُنْدُبٍ.
(وَلَوْ) كَانَ التَّلَفُ (بَعْدَ قَبْضِهَا وَتَسْلِيمِهَا) بِالتَّخْلِيَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَبْضٍ تَامٍّ فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَمَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي (عَلَى بَائِعِ الثَّمَرِ التَّالِفَةِ) بِثَمَنِهَا إنْ تَلِفَتْ كُلُّهَا (لَكِنْ يُسَامَحُ فِي تَلَفٍ يَسِيرٍ لَا يَنْضَبِطُ) فَلَا يَرْجِعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ (وَيُوضَعُ مِنْ الثَّمَنِ بِتَلَفِ الْبَعْضِ) مِنْ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ (بِقَدْرِ التَّالِفِ) مِنْهَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: حَدِيثُ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ تَمْرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
(وَإِنْ تَعَيَّبَتْ) الثَّمَرَةُ (بِهَا) أَيْ الْجَائِحَةِ الْمَذْكُورَةِ (مِنْ غَيْرِ تَلَفٍ خُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (بَيْنَ مَضَاءِ) الْبَيْعِ (مَعَ) أَخْذِ (أَرْشِ) الْعَيْبِ (وَبَيْنَ رَدِّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ كَامِلًا) لِأَنَّ مَا ضَمِنَ تَلَفَهُ بِسَبَبٍ فِي وَقْتٍ كَانَ ضَمَانُ تَعْيِيبِهِ فِيهِ بِذَلِكَ أَوْلَى.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (فِي التَّالِفِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ: لَمْ يُتْلَفْ شَيْءٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ تَلِفَ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (قَدْرِهِ) أَيْ التَّالِفِ (فَقَوْلُ بَائِعٍ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَمَحَلُّ) وَضْعِ (الْجَائِحَةِ) عَنْ الْمُشْتَرِي (مَا لَمْ يَشْتَرِهَا مَعَ أَصْلِهَا) لِحُصُولِ الْقَبْضِ التَّامِّ وَانْقِطَاعِ عَلَقِ الْبَائِعِ عَنْهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهَا لَوْ بِيعَتْ وَحْدَهَا لِمَالِكِ الْأَصْلِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَمْ أَجِدَهُ مَنْقُولًا (أَوْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِ أَخْذِهَا) الْمُعْتَادِ (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ) التَّأْخِيرُ عَنْ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ (فَ) الثَّمَرَةُ التَّالِفَةُ (مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ) لِتَفْرِيطِهِ (وَمَا لَهُ أَصْلٌ يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ، كَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَشِبْهِهَا كَشَجَرٍ) فِيمَا تَقَدَّمَ (وَثَمَرَةِ كَثَمَرِ) شَجَرٍ كِبَارٍ (فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ) وَضْعِ (جَائِحَةٍ وَغَيْرِهَا) عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ.
(وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرِ (آدَمِيٌّ مُعَيَّنٌ أَوْ) أَتْلَفَهُ (عَسْكَرُ لُصُوصٍ خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخِ) الْبَيْعِ وَيَرْجِعُ بِمَا دَفْعَهُ.
(وَ) بَيْنَ (إمْضَاءٍ وَمُطَالَبَةِ مُتْلِفٍ) بِالْبَدَلِ كَالْمَكِيلِ إذَا أَتْلَفَهُ آدَمِيٌّ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(وَإِنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الْمَبِيعِ مِنْ الثَّمَرَةِ (بِالْجَائِحَةِ بَطَلَ الْعَقْدُ) فَلَا تَخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي (وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ لَهُ، وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
(وَفِي الْأَجْوِبَةِ الْمِصْرِيَّةِ) لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ (لَوْ اسْتَأْجَرَ بُسْتَانًا أَوْ أَرْضًا وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ إذَا أُتْلِفَ الثَّمَرُ بِجَرَادٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ وَضْعُ الْجَائِحَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ) صُورَةَ (الْمُشْتَرِي) حَقِيقَةً (فَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْعِوَضِ بِقَدْرِ مَا تَلِفَ مِنْ الثَّمَرَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا) لِعُمُومِ حَدِيثِ جَابِرٍ السَّابِقِ وَلِأَنَّ فَاسِدَ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ.
(وَإِنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَتَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ (بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَطْعِهَا فَ) هِيَ (مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ (وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ) الْمُشْتَرِي مِنْ قَطْعِهَا حَتَّى تَلِفَتْ (فَ) هِيَ (مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ السَّابِقِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْحَبَّ إذَا اشْتَرَاهُ وَتَلِفَ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ كَالثَّمَرَةِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) إنْسَانٌ (أَرْضًا فَزَرَعَهَا فَتَلِفَ الزَّرْعُ) وَلَوْ بِجَائِحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُؤْجِرِ) فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا فَلَهُ الطَّلَبُ بِهَا، لِأَنَّهَا تَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، انْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَا.
(وَصَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ) فِي بُسْتَانٍ (صَلَاحٌ لَهَا) أَيْ لِلشَّجَرَةِ.
(وَ) صَلَاحٌ (لِسَائِرِ النَّوْعِ الَّذِي فِي الْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ) لِأَنَّ اعْتِبَارَ الصَّلَاحِ فِي الْجَمِيعِ يَشُقُّ كَالشَّجَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَ(لَا) يَكُونُ صَلَاحُ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ أَوْ بَعْضِهَا صَلَاحًا لِسَائِرِ (الْجِنْسِ) الَّذِي بِالْبُسْتَانِ لِأَنَّ الْأَنْوَاعَ تَتَبَاعَدُ وَيَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَلَا يُخْشَى اخْتِلَاطُهَا.
(وَلَوْ أَفْرَزَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) مِنْ الْبُسْتَانِ (مِمَّا بَدَا صَلَاحُهُ وَبَاعَهُ) أَيْ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِحَدِيثِ النَّهْيِ السَّابِقِ وَإِنَّمَا صَحَّ مَعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ تَبَعًا لَهُ.
(وَإِذَا اشْتَدَّ بَعْضُ حَبِّ الزَّرْعِ جَازَ بَيْعُ جَمِيعِ مَا فِي الْبُسْتَانِ مِنْ نَوْعِهِ) أَيْ نَوْعِ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ (كَالشَّجَرَةِ) إذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهَا كَانَ صَلَاحًا لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا كَمَا تَقَدَّمَ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَصَلَاحُ ثَمَرِ النَّخْلِ) وَهُوَ الْبَلَحُ (أَنْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ، وَ) صَلَاحُ (الْعِنَبِ أَنْ يَتَمَوَّهَ بِالْمَاءِ الْحُلْوِ) أَيْ أَنْ يَصْفُوَ لَوْنُهُ وَيَظْهَرَ مَاؤُهُ وَتَذْهَبَ عُفُوصَتُهُ مِنْ الْحَلَاوَةِ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ قَالَ فَإِنْ كَانَ أَبْيَضَ حَسُنَ قِشْرُهُ وَضَرَبَ إلَى الْبَيَاضِ، وَإِنْ كَانَ أَسْوَدَ فَحِينَ يَظْهَرُ فِيهِ السَّوَادُ.
(وَ) صَلَاحُ (مَا يَظْهَرُ ثَمَرُهُ فَمًا وَاحِدًا مِنْ سَائِرِ الثَّمَرَةِ) كَرُمَّانٍ وَمِشْمِشٍ وَخَوْخٍ وَجَوْزٍ (أَنْ يَظْهَرُ فِيهِ النُّضْجُ وَيَطِيبُ أَكْلُهُ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَطِيبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَمَاعَةٌ بُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ: أَنْ يَطِيبَ أَكْلُهُ وَيَظْهَرَ نُضْجُهُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهَذَا الضَّابِطُ أَوْلَى وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِمْ وَمَا ذَكَرُوهُ عَلَامَةً عَلَى هَذَا انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.
(وَ) صَلَاحُ (مَا يَظْهَرُ فَمَا بَعْدَ فَم كَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ: أَنْ يُؤْكَلَ عَادَةً وَ) صَلَاحٌ (فِي حَبٍّ: أَنْ يَشْتَدَّ أَوْ يَبْيَضَّ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ اشْتِدَادَ الْحَبِّ غَايَةً لِصِحَّةِ بَيْعِهِ كَبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الثَّمَرَةِ.

.فَصْلٌ: حُكْمُ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ:

(وَمَنْ بَاعَ رَقِيقًا) عَبْدًا أَوْ أَمَةً (لَهُ مَالٌ مَلَّكَهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (سَيِّدُهُ إيَّاهُ) أَيْ الْمَالَ (أَوْ خَصَّهُ بِهِ، أَوْ) بَاعَ رَقِيقًا (عَلَيْهِ حُلِيٌّ) كَأَسَاوِرَ وَحِيَاصَةٍ (فَمَالُهُ وَحُلِيُّهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ) الْمُبْتَاعُ (أَوْ) يَشْتَرِطُ (بَعْضَهُ الْمُبْتَاعُ، فَيَكُونُ لَهُ) أَيْ لِلْمُبْتَاعِ (مَا اشْتَرَطَ) مِنْ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالَ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ لِلْبَائِعِ فَإِذَا بَاعَ الْعَبْدَ بَقِيَ الْمَالُ وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْعَبْدُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ أَوْ لَا.
(فَإِنْ كَانَ) الْمُبْتَاعُ (قَصْدَهُ الْمَالَ) الَّذِي هُوَ مَعَ الرَّقِيقِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَرْكَهُ لِلرَّقِيقِ كَمَا يَأْتِي (اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ) بِالْمَالِ (وَسَائِرِ شُرُوطِ الْبَيْعِ) لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَقْصُودٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَمَّ إلَيْهِ عَيْنًا أُخْرَى.
(وَلَهُ) أَيْ الْمُبْتَاعِ (الْفَسْخُ بِعَيْبِ مَالِهِ) أَيْ مَالِ الرَّقِيقِ الْمَقْصُودِ (كَهُوَ) أَيْ كَمَا أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِعَيْبٍ يَجِدُهُ فِي الرَّقِيقِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ) أَيْ الْمُبْتَاعِ (الْمَالَ وَقَصَدَ) الْمُبْتَاعُ (تَرْكَ الْمَالِ لِلرَّقِيقِ لِيَنْتَفِعَ) الرَّقِيقُ (بِهِ وَحْدَهُ لَمْ يُشْتَرَطْ) عِلْمُهُ بِالْمَالِ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ لِأَنَّ الْمَالَ دَخَلَ تَبَعًا.
(فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (ثِيَابٌ فَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ مَا كَانَ لِلْجَمَالِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ) لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَنْ الْعَادَةِ: فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ (وَمَا كَانَ لِلِبْسِ الْمُعْتَادِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِبَيْعِهَا مَعَهُ وَتَتَعَلَّقُ بِهَا مَصْلَحَتُهُ وَحَاجَتُهُ إذْ لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا.
(وَيَدْخُلُ عِذَارُ فَرَسٍ) أَيْ لِجَامُهَا (وَمِقْوَدُ دَابَّةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَنَعْلُهَا وَنَحْوُهُنَّ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِبَيْعِهِ مَعَهَا.
(وَإِذَا اشْتَرَطَ مَالَ الرَّقِيقِ ثُمَّ رَدَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (بِإِقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ غَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ) وَنَحْوِهِ (رَدَّ مَالَهُ) مَعَهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ فَيَرُدّهُ بِالْفَسْخِ كَالْعَبْدِ (فَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَأَرَادَ) الْمُشْتَرِي (رَدَّهُ) بِنَحْوِ عَيْبٍ (فَ) لَهُ ذَلِكَ وَ(عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قِيمَةُ مَا تَلِفَ) مِنْ الْمَالِ (عِنْدَهُ) كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهُ.
(وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَبْدِ) أَيْ الْمَبِيعِ (وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِبَيْعِهِ) بَلْ النِّكَاحُ بَاقٍ مَعَ الْبَيْعِ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ.