فصل: فَصْلٌ: في خِيَارِ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ عَلَى التَّرَاخِي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ:

أَيْ بَيَانُ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ مِنْ الْعُيُوبِ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ وَأَقْسَامُ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا:

.فَصْلٌ: الْقِسْمُ الأول: مَا يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ:

وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إذَا وَجَدَتْ) الْمَرْأَةُ (زَوْجَهَا) مَجْبُوبًا أَيْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِحَيْثُ (لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَطَأُ بِهِ أَوْ) وَجَدَتْ زَوْجهَا (أَشَلَّ) الذَّكَرِ (فَلَهَا الْفَسْخُ فِي الْحَالِ) وَيُرْوَى ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فِي الْجُمْلَةِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ عَلِيٍّ لَا تُرَدُّ الْحُرَّةُ بِعَيْبٍ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِعَيْبٍ وَلَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ (1) فِي النِّكَاحِ فَجَازَ رَدُّهَا بِعَيْبٍ، كَالصَّدَاقِ، وَالرَّجُلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَيَثْبُت لَهُ الْخِيَارُ بِالْعَيْبِ فِي الْآخَرِ كَالْمَرْأَةِ وَلِأَنَّ الْجَبَّ وَالرَّتَقَ وَنَحْوَهُمَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ الْوَطْءَ بِخِلَافِ الْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَنَحْوِهِمَا وَأَمَّا الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ فَتُوجِبُ نُفْرَةً تَمْنَعُ قُرْبَانَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيُخَافُ مِنْ التَّعَدِّي إلَى نَفْسِهِ وَنَسْلِهِ وَالْمَجْنُونُ يُخَاف مِنْهُ الْجِنَايَةَ، فَصَارَتْ كَالْمَانِعِ الْحِسِّيِّ (فَإِنْ) جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ وَ(أَمْكَنَ وَطْؤُهُ بِالْبَاقِي فَادَّعَاهُ) أَيْ إمْكَانَ وَطْئِهِ بِالْبَاقِي مِنْ ذَكَرِهِ وَ(أَنْكَرَتْهُ قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا) لِأَنَّهُ يَضْعُفُ بِالْقَطْعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوَطْءِ.
(وَإِنْ بَانَ) الزَّوْجُ (عِنِّينًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ وَرُبَّمَا اشْتَهَاهُ وَلَا يُمْكِنُهُ، مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ إذَا اعْتَرَضَ، لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ إذَا أَرَادَ إيلَاجَهُ أَيْ يَعْتَرِضُ (لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءَ بِإِقْرَارِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَانَ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) أَنَّهُ عِنِّينٌ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالثِّقَةِ عُمِلَ بِهَا (أَوْ بِنُكُولِهِ) عَنْ الْيَمِينِ (كَمَا يَأْتِي) أَجَلُ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ، (وَلَوْ عَبْدًا مُنْذُ تَرَافُعِهِ إلَى الْحَاكِمِ) فَيَضْرِبُ الْحَاكِمُ (لَهُ الْمُدَّةَ وَلَا يَضْرِبُهَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْحَاكِمِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً وَرَوَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ عَنْ عَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ، كَالْجَبِّ فِي الرَّجُلِ وَالرَّتَقِ فِي الْمَرْأَة.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِنَّ مَا لَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ مُدَّةً» فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَدْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ طَلَاقِهِ، فَلَا مَعْنَى لِضَرْبِ الْمُدَّةِ (وَلَا تُعْتَبَرُ عُنَّتُهُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَجْزُهُ لِصِغَرِهِ لَا خِلْقَةً (وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ (مَا اعْتَزَلَتْهُ) الْمَرْأَةُ لَهُ بِالنُّشُوزِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا.
وَإِنَّمَا تُضْرَبُ لَهُ السَّنَةُ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّى مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ هَذَا الْعَجْزَ قَدْ يَكُونُ لِعُنَّتِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَرَضِ فَضَرَبَ لَهُ سَنَةً لِتَمُرَّ بِهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ فَإِنْ كَانَ مِنْ يُبْسٍ زَالَ فِي فَصْلِ الرُّطُوبَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ رُطُوبَةٍ زَالَ فِي فَصْلِ الْيُبْسِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بُرُودَةٍ زَالَ فِي فَصْلِ الْحَرَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ انْحِرَافِ مِزَاجٍ زَالَ فِي فَصْلِ الِاعْتِدَالِ فَإِذَا مَضَتْ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَمْ يَزُلْ عَلِمْنَا أَنَّهُ خِلْقَةٌ (وَلَوْ عَزَلَ) الزَّوْجُ (نَفْسَهُ) عَنْهَا (أَوْ سَافَرَ) لِحَاجَةٍ (أَوْ غَيْرِهَا حُسِبَ عَلَيْهِ) ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ وَكَالْمُولِي.
(فَإِنْ وَطِئَ) الزَّوْجُ (فِيهَا) أَيْ فِي السَّنَةِ فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ مَضَتْ وَلَمْ يَطَأَهَا فِيهَا (فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ فَسْخُ نِكَاحِهَا مِنْهُ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ جُبَّ أَيْ قُطِعَ ذَكَرُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ) كَانَ الْجَبُّ (بِفِعْلِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ مِنْ وَقْتِهَا) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ، إذْ التَّأْجِيلُ وَالْفَسْخُ إذَنْ لِلْجَبِّ لَا لِلْعُنَّةِ.
(فَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (قَدْ عَلِمْتُ أَنِّي عِنِّينٌ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَهَا فَإِنْ أَقَرَّتْ) بِذَلِكَ (أَوْ ثَبَتَ) عِلْمُهَا بِهِ (بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُؤَجَّلُ وَهِيَ امْرَأَتُهُ) وَلَا فَسْخَ لَهَا لِدُخُولِهَا عَلَى بَصِيرَةٍ (وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ عِنِّينٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فَسَكَتَتْ عَنْ الْمُطَالَبَةِ ثُمَّ طَالَبَتْ بَعْدُ فَلَهَا ذَلِكَ) لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي (وَيُؤَجَّلُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ تَرَافُعِهِ) لَا مِنْ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ الدُّخُولِ.
(وَإِنْ قَالَتْ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ: رَضِيتُ بِهِ عِنِّينًا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ) ذَلِكَ بِالْفَسْخِ لِإِسْقَاطِهَا حَقَّهَا مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ) بِأَنَّهُ عِنِّينٌ وَلَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ بِعُنَّتِهِ إنْ أَمْكَنَ وَلَمْ يَدَّعِ وَطْئًا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ لِقَطْعِ دَعْوَاهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّجُلِ السَّلَامَةُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ أُجِّلَ سَنَةً لِمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ.
(فَإِنْ اعْتَرَفَتْ) الْمَرْأَةُ (أَنَّهُ وَطِئَهَا مَرَّةً فِي الْقُبُلِ وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (فِي مَرَضٍ يَضُرُّهَا فِيهِ الْوَطْءُ وَفِي حَيْضٍ وَنَحْوِهِ) كَنِفَاسٍ (أَوْ فِي إحْرَامٍ أَوْ هِيَ صَائِمَةٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الرِّدَّةِ بَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا) لِزَوَالِ عُنَّتِهِ بِالْوَطْءِ (فَإِنْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ) لَمْ تَزُلْ الْعُنَّةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَلِذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إحْصَانٌ وَلَا إحْلَالٌ لِمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا (أَوْ) وَطِئَهَا (فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ أَوْ وَطِئَ غَيْرَهَا لَمْ تَزُلْ الْعُنَّةُ لِأَنَّهَا قَدْ تَطْرَأُ) وَلِأَنَّ حُكْمَ كُلِّ امْرَأَةٍ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهَا.
وَالْفَسْخُ لِزَوَالِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِعَجْزِهِ عَنْ وَطْئِهَا وَهُوَ لَا يَزُولُ بِوَطْءِ غَيْرِهَا (وَإِنْ ادَّعَى) زَوْجٌ (وَطْءَ بِكْرٍ فَشَهِدَ بِعُذْرَتِهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ بَكَارَتِهَا (امْرَأَةٌ ثِقَةٌ) أُجِّلَ سَنَةً كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا (وَالْأَحْوَطُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ) تَقِيَّتَيْنِ (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا) أَيْ الْبَكَارَةِ (أَحَدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (وَعَلَيْهَا الْيَمِينُ إنْ قَالَ) الزَّوْجُ (أَزَلْتُهَا) أَيْ الْبَكَارَةَ (وَعَادَتْ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
فَلِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِيَمِينِهَا (وَإِنْ شَهِدَتْ) امْرَأَةٌ ثِقَةٌ (بِزَوَالِهَا) أَيْ الْبَكَارَةِ بَعْدَ دَعْوَاهُ الْوَطْءَ (لَمْ يُؤَجَّلْ) أَيْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْعِنِّينِ فِي تَأْجِيلِهِ سَنَةً لِبَيَانِ كَذِبهَا بِثُبُوتِ زَوَالِ بَكَارَتِهَا (وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ قَالَتْ) الْمَرْأَةُ (زَالَتْ) الْبَكَارَةُ (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ وَطْئِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا (وَكَذَا إنْ أَقَرَّ بِعُنَّتِهِ وَأُجِّلَ) السَّنَةَ (وَادَّعَى وَطْأَهَا فِي الْمُدَّةِ) فَقَوْلُهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَشَهِدَتْ ثِقَةٌ بِبَقَاءِ بَكَارَتِهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.
(وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَادَّعَى وَطْأَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ وَأَنْكَرَتْهُ فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ وُجُودُ مَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ وَهُوَ ثُبُوت الْعُنَّةِ (وَإِنْ ادَّعَى الْوَطْءَ ابْتِدَاءً مَعَ إنْكَارِ الْعُنَّةِ وَأَنْكَرَتْهُ) أَيْ الْوَطْءَ (فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَيَكْفِي فِي زَوَالِ الْعُنَّةِ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِ) الْحَشَفَةِ (مَعَ انْتِشَارِهِ) لِيَكُونَ مَا يُجْزِئ مِنْ الْمَقْطُوعِ مِثْلَ مَا يُجْزِئُ مِنْ الصَّحِيحِ.
وَكَذَا يَسْقُطُ حَقُّ امْرَأَةِ مَنْ جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ بِتَغْيِيبِ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مَعَ الِانْتِشَارِ (وَإِنْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ ضُرِبَتْ لَهُ الْمُدَّةُ) عِنْدَ ابْنَ عَقِيلٍ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا تُضْرَبُ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ مِلْكِ الْفَسْخِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمَجْنُونُ وَالْعَاقِلُ قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَمَجْنُونٌ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ كَعَاقِلٍ فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ (وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهَا هُنَا فِي عَدَمِ الْوَطْءِ وَلَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا) لِأَنَّ قَوْلَ الْمَجْنُونِ لَا حُكْمَ لَهُ (وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ عَجْزَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عَنْ الْوَطْءِ لِعَارِضٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ مُدَّةٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِنِّينٍ وَعَارِضُهُ مَرْجُوُّ الزَّوَالِ.
(وَإِنْ كَانَ) عَجْزُهُ عَنْ الْوَطْءِ (لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ ضُرِبَتْ لَهُ الْمُدَّةُ) كَالْخِلْقِيِّ لِأَنَّ عَارِضَهُ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ (وَكُلُّ مَوْضِعٍ حَكَمْنَا بِوَطْئِهِ فِيهِ بَطَل حُكْمُ عُنَّتِهِ فَإِنْ كَانَ) الْحُكْمُ بِوَطْئِهِ (فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ) عِنْدَ التَّرَافُعِ (لَمْ تُضْرَبْ لَهُ مُدَّةٌ) لِأَنَّهُ لَا عُنَّةَ مَعَ الْوَطْءِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْحُكْمُ بِوَطْئِهِ (بَعْدَ ضَرْبِهَا انْقَطَعَتْ) عُنَّتُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهَا (وَإِنْ كَانَ) الْحُكْمُ بِوَطْئِهِ (بَعْدَ انْقِضَائِهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارُ) الْفَسْخِ لِزَوَالِ مُوجِبِهِ كَمَا لَوْ زَالَ عَيْبُ الْمَبِيعِ سَرِيعًا (وَكُلُّ مَوْضِعٍ حَكَمْنَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ فِيهِ حَكَمْنَا بِعُنَّتِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ بِالْعُنَّةِ لِأَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ عَلَامَتُهَا.

.فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْعُيُوبِ مَا يَشْتَرِكُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ:

وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِجُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ أَوْ جُنُونٍ وَلَوْ أَفَاقَ) أَحْيَانًا لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَسْكُنُ إلَى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَيَاضٍ بِجَسَدِهِ) هَلْ هُوَ بَهَقٌ أَوْ بَرَصٌ؟ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي عَلَامَاتِ الْجُذَامِ مِنْ ذَهَابِ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ، هَلْ هُوَ جُذَامٌ؟ فَإِنْ كَانَتْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْخِبْرَةِ تَشْهَدُ بِمَا قَالَ ثَبَتَ قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ (حَلَفَ الْمُنْكِرُ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُنْكِرِ حَيْثُ لَا بَيِّنَة بِيَمِينِهِ وَلِمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ) تَحْتَ الثِّيَابِ (أُرِيَتْ النِّسَاءُ الثِّقَاتُ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِذَلِكَ (وَيُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَدْلٍ) فَيُكْتَفَى بِشَهَادَتِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَالْأَحْوَطُ اثْنَتَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (وَإِنْ شَهِدَتْ) امْرَأَةٌ عَدْلٌ (بِمَا قَالَ الزَّوْجُ) مِنْ الْعَيْبِ فِي امْرَأَتِهِ عُمِلَ بِشَهَادَتِهَا (وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ) فِي عَدَمِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ قُلْتُ: وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ بَعْدَ الْوَطْءِ أَنَّهُ وَجَدَ الزَّوْجَةَ ثَيِّبًا وَقَالَتْ: بَلْ كُنْتُ بِكْرًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ.
(وَإِنْ زَالَ الْعَقْلُ بِمَرَضٍ فَهُوَ إغْمَاءٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ) لِأَنَّهُ لَا تَطُولُ مُدَّتُهُ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ بِهِ (فَإِنْ زَالَ الْمَرَضُ وَدَامَ الْإِغْمَاءُ فَهُوَ كَالْجُنُونِ) يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَالْمُبْدِعِ فَهُوَ جُنُونٌ (يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ).

.الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ الْعُيُوبِ مَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ:

وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَيَثْبُتُ) خِيَارُ الْفَسْخِ لِلزَّوْجِ (بِالرَّتَقِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالتَّاءِ (وَهُوَ كَوْنُ الْفَرْجِ مَسْدُودًا مُلْتَصِقًا لَا مَسْلَكَ لِلذَّكَرِ فِيهِ) بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَيَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ لِلزَّوْجِ (بِالْقَرَنِ وَالْعَفَلِ، وَهُوَ لَحْمٌ يَحْدُثُ فِيهِ يَسُدُّهُ) فَعَلَى هَذَا: الْقَرَنُ وَالْعَفَلُ فِي الْعُيُوبِ وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ.
(وَقِيلَ: الْقَرَنُ عَظْمٌ أَوْ غُدَّةٌ تَمْنَع وُلُوجَ الذَّكَرِ) قَالَهُ صَاحِبُ الْمَطْلَعِ وَالزَّرْكَشِيُّ (وَقِيلَ: الْعَفَلُ رَغْوَةٌ تَمْنَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ) قَالَهُ أَبُو حَفْصٍ.
(وَقِيلَ: شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ الْفَرْجِ شَبِيهٌ بِالْأُدْرَةِ الَّتِي لِلرِّجَالِ فِي الْخُصْيَةِ) قَالَهُ صَاحِبُ الْمَطْلَعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَلِذَلِكَ قَالَ (وَعَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلرَّجُلِ أَيْضًا (بِانْخِرَاقِ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ) أَيْ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ مِنْ الْمَرْأَةِ (وَ) بِانْخِرَاقِ (مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ) وَهُوَ الْفَتْقُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ وَفَائِدَتَهُ.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ (بِبَخَرِ فَمِ) الْآخَرِ فَهُوَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُشْتَرَكَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَسْتَعْمِلُ لِلْبَخَرِ السِّوَاكَ وَيَأْخُذُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَرَقَ آسٍ مَعَ زَبِيبٍ مَنْزُوعِ الْعَجْمِ بِقَدْرِ الْجَوْزَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْكَرَفْسِ وَمَضْغُ النَّعْنَاعِ جَيِّدٌ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالدَّوَاء الْقَوِيُّ لِعِلَاجِهِ: أَنْ يَتَغَرْغَرَ بِالصَّبِرِ كُلَّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى الرِّيقِ وَوَسْطَ النَّهَارِ وَعِنْدَ النَّوْمِ وَيَتَمَضْمَضُ بِالْخَرْدَلِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أُخَرَ، يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّمَا يَتَغَيَّرُ فَمُهُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ وَإِمْسَاكُ الذَّهَبِ فِي الْفَمِ يُزِيلُ الْبَخَرَ.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلرَّجُلِ بِبَخَرِ (فَرْجِ) الْمَرْأَةِ وَهُوَ نَتْنٌ فِي الْفَرْجِ يَثُورُ بِالْوَطْءِ.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (بِاسْتِطْلَاقِ بَوْلٍ وَ) اسْتِطْلَاقِ (نَجْوٍ) أَيْ غَائِطِ.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلرَّجُلِ (بِقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ فِي فَرْجِ) الْمَرْأَةِ.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (بِبَاسُورٍ وَنَاصُورٍ) وَهُمَا دَاءَانِ بِالْمَقْعَدَةِ فَالْبَاسُورُ: مِنْهُ مَا يَأْتِي كَالْعَدَسِ أَوْ الْحِمَّصِ أَوْ الْعِنَبِ أَوْ التُّوتِ وَمِنْهُ مَا هُوَ غَائِرٌ دَاخِلُ الْمَقْعَدَةِ وَكُلٌّ مِنْ ذَلِكَ إمَّا سَائِلٌ أَوْ غَيْرُ سَائِلٍ، وَالنَّاصُورُ قُرُوحٌ غَائِرَةٌ تَحْدُثُ فِي الْمَقْعَدَةِ يَسِيلُ مِنْهَا صَدِيدٌ وَيَنْقَسِمُ إلَى نَافِذَةٍ وَغَيْرِ نَافِذَةٍ وَعَلَامَةُ النَّافِذَةِ أَنْ يَخْرُجَ الرِّيحُ وَالنَّجْوُ بِلَا إرَادَةٍ وَإِذَا أَدْخَلَ فِي النَّاصُورِ مِيلًا وَأَدْخَلَ الْإِصْبَعَ فِي الْمَقْعَدَةِ فَإِنْ الْتَقَيَا فَالنَّاصُورُ نَافِذٌ.
(وَ) يَثْبُتُ لِلْمَرْأَةِ خِيَارُ الْفَسْخِ بِ (خِصَاءِ) الرَّجُلِ (وَهُوَ قَطْعُ الْخُصْيَتَيْنِ وَ) يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَيْضًا بِ (سَلٍّ وَهُوَ سَلُّهُمَا) أَيْ الْخُصْيَتَيْنِ.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا أَيْضًا بِ (وِجَاءٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ (وَهُوَ رَضُّهُمَا) أَيْ رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ قَالَ فِي الْمُطْلِعِ: هُوَ رَضُّ عِرْقِ الْبَيْضَتَيْنِ حَتَّى يَنْفَسِخَ فَيَكُونُ شَبِيهًا بِالْخِصَاءِ انْتَهَى وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ يُضْعِفُهُ وَقَدْ رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ ابْنَ سَنَدٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ خَصِيٌّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْلَمْتَهَا قَالَ: لَا قَالَ أَعْلِمْهَا ثُمَّ خَيِّرْهَا.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلِّ مِنْهُمَا بِ (كَوْنِهِ) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (خُنْثَى غَيْرَ مُشْكِلٍ وَأَمَّا) الْخُنْثَى (الْمُشْكِلُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ) حَتَّى يَتَّضِحَ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعُيُوبِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ مِنْهَا مَا يُخْشَى تَعَدِّي أَذَاهُ وَمِنْهَا مَا فِيهِ نُفْرَةٌ وَنَقْصٌ وَمِنْهَا مَا تَتَعَدَّى نَجَاسَتُهُ.
(وَ) يَثْبُتُ الْفَسْخُ بِ (وُجْدَانِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ عَيْبًا بِهِ عِيبَ غَيْرُهُ أَوْ مِثْلُهُ) كَأَنْ يَجِدَ الْأَجْذَمُ الْمَرْأَةَ بَرْصَاءَ أَوْ جَذْمَاءَ لِوُجُودِ سَبَبِهِ كَمَا لَوْ غَرَّ عَبْدٌ بِأَمَةٍ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ (إلَّا أَنْ يَجِدَ الْمَجْبُوبُ الْمَرْأَةَ رَتْقَاءَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُمَا خِيَارٌ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ) وَصَاحِبُ الْمُبْدِعِ، لِامْتِنَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ بِعَيْبِ نَفْسِهِ وَاخْتَارَ فِي الْفُصُولِ: إنْ لَمْ يَطَأَ لِطُرُوئِهَا فَكَرَتْقَاءَ.
(وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ أَيْضًا (بِحُدُوثِهِ) أَيْ الْعَيْبِ (بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَهُ الشَّيْخُ) فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ (وَتَعْلِيلُهُمْ) بِأَنَّهُ عَيْبٌ أَثْبَتَ الْخِيَارَ مُقَارِنًا فَأَثْبَتَ طَارِئًا كَالْإِعْسَارِ وَالرِّقِّ (لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ (وَهُنَا) أَيْ إذَا كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ الدُّخُولِ لِعَيْبٍ طَرَأَ بَعْدَهُ (لَا يَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِالْمَهْرِ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ غَرَرٌ) لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إلَّا اللَّهُ.
(وَيَثْبُتُ) لِلزَّوْجِ خِيَارُ الْفَسْخِ (بِاسْتِحَاضَةٍ وَ) يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا بِ (قَرْعٍ فِي رَأْسٍ وَلَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ النُّفْرَةِ (فَإِنْ كَانَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الَّذِي لَا عَيْبَ بِهِ (عَالِمًا بِالْعَيْبِ) فِي الْآخَرِ (وَقْتَ الْعَقْدِ) فَلَا خِيَارَ لَهُ (أَوْ عَلِمَ) بِالْعَيْبِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ (وَرَضِيَ بِهِ) فَلَا خِيَارَ لَهُ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ كَمُشْتَرِي الْمَعِيبِ (أَوْ وُجِدَ مِنْهُ دَلَالَةٌ عَلَى الرِّضَا) بِالْعَيْبِ (مِنْ وَطْءٍ أَوْ تَمْكِينٍ) مِنْ وَطْءٍ (مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَ (الْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ مُنْكِرِ الْعِلْمِ (مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ) بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
(فَإِنْ رَضِيَ بِعَيْبٍ) كَمَا لَوْ رَضِيَهَا رَتْقَاءَ مَثَلًا (ثُمَّ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) بِأَنْ حَدَثَ لِلرَّتْقَاءِ جُذَامٌ (فَلَهُ الْخِيَارُ) لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ (فَإِنْ ظَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي رَضِيَ بِهِ يَسِيرًا فَبَانَ كَثِيرًا كَمَنْ ظَنَّ الْبَرَصَ فِي قَلِيلٍ مِنْ جَسَدِهِ، فَبَانَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ أَوْ زَادَ) الْعَيْبُ (بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا رَضِيَ بِهِ وَرِضَاهُ بِهِ رِضًا بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا) وَلَوْ دُونَ عَشْرٍ (وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَلَهَا الْفَسْخُ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ سَبَبِهِ.
(وَلَا يُنْتَظَرُ وَقْتُ إمْكَانِ الْوَطْءِ وَعَلَى قِيَاسِهِ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ عَفْلَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْحَالِ، وَلَا يَنْتَظِرُ وَقْتَ إمْكَانِ الْوَطْءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِ.

.فَصْلٌ: في خِيَارِ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ عَلَى التَّرَاخِي:

وَخِيَارُ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الْقِصَاصِ فَ (لَا يَسْقُطُ إلَّا أَنْ تُوجَدَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ (دَلَالَةٌ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ) كَقَوْلِهِ: أَسْقَطْتُ الْفَسْخَ وَنَحْوَهُ: رَضِيتُ (أَوْ وَطْءٍ) إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى رَغْبَتِهِ فِيهَا (أَوْ تَمْكِينٍ) مِنْ وَطْءٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا لِأَنَّهُ دَلِيلُ رَغْبَتِهَا فِيهِ (مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (أَوْ يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَا) كَقَوْلِهِ: رَضِيتُ بِالْعَيْبِ.
(فَإِنْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ) كَعَامِّيٍّ لَا يُخَالِطُ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا (فَالْأَظْهَرُ ثُبُوتُ الْفَسْخِ قَالَهُ الشَّيْخُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَيْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ (وَ) خِيَارُ الْفَسْخِ (فِي الْعُنَّةِ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِ قَوْلِ) امْرَأَةِ الْعِنِّينِ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الْفَسْخِ أَوْ رَضِيتُ بِهِ عِنِّينًا وَنَحْوَهُ لَا بِتَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا لِتَعْلَمَ أَزَالَتْ عُنَّتُهُ أَمْ لَا.
(وَمَتَى زَالَ الْعَيْبُ) قَبْلَ الْفَسْخِ (فَلَا فَسْخَ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ كَالْمَبِيعِ يَزُولُ عَيْبُهُ (وَلَوْ فَسَخَتْ بِعَيْبٍ) كَبَيَاضٍ بِبَدَنِهِ ظَنَّتْهُ بَرَصًا (فَبَانَ أَنْ لَا عَيْبَ بَطَلَ) أَيْ تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ (الْفَسْخُ) إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا (وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ) لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي فَسْخَهُ (وَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ وَعَمًى وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَكُلِّ عَيْبٍ يَنْفِرُ الزَّوْجُ الْآخَرُ مِنْهُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَيِّمِ) قَالَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهَذِهِ لَا تَمْنَعُهُ، وَالْحُرَّةُ لَا تُقَلَّبُ كَمَا تُقَلَّبُ الْأَمَةُ وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً فَبَانَتْ دُونَهَا.
وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الشَّيْخُوخَةُ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ (فَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ نَفْيَ ذَلِكَ) أَيْ الْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَنَحْوِهِ فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ (أَوْ شَرَطَهَا بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً وَنَحْوَهُ) بِأَنْ شَرَطَهَا (نَسِيبَةً، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ) لِشَرْطِهِ (وَكَذَا لَوْ شَرَطَتْهُ) حُرًّا (أَوْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا.
(وَلَوْ بَانَ) أَحَدُهُمَا (عَقِيمًا) فَلَا خِيَارَ لِلْآخَرِ (أَوْ كَانَ) الزَّوْجُ (يَطَأُ وَلَا يُنْزِلُ فَلَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ لَا فِي الْإِنْزَالِ وَلَا يَصِحُّ فَسْخٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ).
لِأَنَّهُ فَسْخٌ يُجْتَهَدُ فِيهِ فَافْتُقِرَ إلَيْهِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ إلَّا الْحُرَّةَ إذَا غَرَّتْ بِعَبْدٍ وَمَنْ عَتَقَتْ كُلَّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ فَتَفْسَخُ بِلَا حَاكِمٍ وَتَقَدَّمَ (فَيَفْسَخُهُ) أَيْ النِّكَاحَ (الْحَاكِمُ أَوْ يَرُدُّهُ) أَيْ الْفَسْخَ (إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) فَيَفْسَخُهُ (وَيَصِحُّ) الْفَسْخُ مِنْ الْمَرْأَةِ حَيْثُ مَلَكَتْهُ (فِي غِيبَةِ زَوْجٍ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخِيَارِ.
(وَالْأَوْلَى) الْفَسْخُ (مَعَ حُضُورِهِ) أَيْ الزَّوْجِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ فِي غِيبَتِهِ (وَالْفَسْخُ لَا يَنْقُصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (رَجْعَتُهَا) يَعْنِي إعَادَتَهَا (بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ (وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ) حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ طَلَاقٌ (وَكَذَا سَائِرُ الْفُسُوخِ) كَالْفَسْخِ لِإِعْسَارِهِ بِالصَّدَاقِ أَوْ بِالنَّفَقَةِ وَفَسْخُ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُولِي بِشَرْطِهِ (إلَّا فُرْقَةِ اللِّعَانِ) فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَحْرُمُ عَلَى الْمُلَاعِن أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ) وَلَا مُتْعَةَ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ كَانَ مِنْهَا فَالْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا.
وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَإِنَّمَا فَسَخَ لِعَيْبٍ بِهَا دَلَّسَتْهُ بِالْإِخْفَاءِ فَصَارَ الْفَسْخُ كَأَنَّهُ مِنْهَا لَا يُقَالُ: هَلَّا جَعَلَ فَسْخهَا لِعَيْبِهِ كَأَنَّهُ مِنْهُ لِحُصُولِهِ بِتَدْلِيسِهِ لِأَنَّ الْعِوَضَ مِنْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا اخْتَارَتْ الْفَسْخَ مَعَ سَلَامَةِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ رَجَعَ الْعِوَضُ إلَى الْعَاقِدِ مِنْهَا، وَلَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ لِأَجْلِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا لَا لِأَجْلِ تَعَذُّرِ مَا اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ مَنَافِعَ عِوَضًا فَافْتَرَقَا.
(وَ) إنْ فَسَخَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ (أَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ) فَ (لَهَا الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ وُجِدَ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ وَيَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ، وَكَمَا لَوْ طَرَأَ الْعَيْبُ (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنْ امْرَأَةٍ عَاقِلَةٍ (وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ) رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَمَا لَوْ غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ.
قَالَ أَحْمَدُ كُنْتُ أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فَهِبْتُهُ فَمِلْتُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ، فَ (أَيُّهُمْ انْفَرَدَ بِالْغَرَرِ، ضَمِنَ) وَحْدَهُ لِانْفِرَادِهِ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ (وَشَرَطَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْخِضْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخِضْرِ بْنِ عَبْدِ بْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ) الْوَاعِظُ الْفَقِيهُ (بُلُوغَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَ التَّغْرِيرُ مِنْهَا (وَقْتَ الْعَقْدِ لِيُوجَدَ تَغْرِيرٌ مُحَرَّمٌ).
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ غَارَّةً إذَا كَانَتْ تَعْلَمُ وَأَمَّا الطِّفْلَةُ وَالْمَجْنُونَةُ فَلَا فَاعْتَبَرَ الْقَصْدَ دُونَ الْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى: زَوْجَةٌ عَاقِلَةٌ (وَلَا سُكْنَى لَهَا) أَيْ لِلْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا (وَلَا نَفَقَةَ إلَّا أَنْ تَكُون حَامِلًا) فَتَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ كَالْبَائِنِ (وَإِنْ وُجِدَ الْغُرُورُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ.
(وَ) إنْ وُجِدَ الْغُرُورُ (مِنْهَا وَمِنْ الْوَكِيلِ) فَ (بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَقَدْ أَشَرْتُ إلَى مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ (وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ) عِلْمَهُ بِالْعَيْبِ.
(وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رُؤْيَتُهَا) كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ (أَوْ) ادَّعَى (الْوَكِيلُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ) عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ (قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْعَيْبَ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ بِهَا عَيْبٌ وَزُوِّجَتْ (عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَيْبِ نَفْسِهَا وَاحْتُمِلَ ذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْوَلِيِّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: (وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَا إذَا غُرَّ الزَّوْجُ فِي تَزْوِيجِهِ مَعِيبَةً (فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ لَوْ زُوِّجَ امْرَأَةً فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ زَوْجَتِهِ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِلشُّبْهَةِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِإِدْخَالِهَا عَلَيْهِ (وَيَلْحَقهُ الْوَلَدُ) إنْ أَتَتْ بِهِ لِلشُّبْهَةِ (وَتُجَهَّزُ) إلَيْهِ (زَوْجَتُهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ نَصًّا وَتَقَدَّمَ) نَحْوُهُ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ طَلَّقَ الْمَعِيبَةَ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ (ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِهَا عَيْبٌ يَقْتَضِي الْفَسْخَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ لَا يَرْجِعُ بِهِ) عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالْتِزَامِهِ بِطَلَاقِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ.
(وَإِنْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا (أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْفَسْخِ فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا) لِتَقَرُّرِهِ بِالْمَوْتِ (وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ) لِأَنَّ سَبَبَ الرُّجُوعِ الْفَسْخُ وَلَمْ يُوجَدْ.
(فَصْلٌ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغِيرٍ) وَلَا لِوَلِيِّ (مَجْنُونَةٍ وَمَجْنُونٍ و) لَا لِ (سَيِّدِ أَمَةٍ تَزْوِيجُهُمْ مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ) فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لَهُمْ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ، وَلَا حَظَّ لَهُمْ فِي هَذَا الْعَقْدِ (فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ) بِأَنْ زَوَّجَهُمْ مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ (فِيهِنَّ مَعَ عِلْمِهِ) لِأَنَّهُ عَقَد لَهُمْ عَقْدًا لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَقَارَ مَحْجُورِهِ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ عَيْبَهُ (صَحَّ) النِّكَاحُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُمْ مَعِيبًا لَا يَعْلَمُ عَيْبَهُ (وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ) لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُنَّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ (خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْقِيحِ) وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى قَالَا وَلَهُ الْفَسْخُ وَاللَّامُ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ عِبَارَةُ الْمُبْدِعِ.
وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْ يَقُولُ لَا يَفْسَخُ وَيَنْتَظِرُ الْبُلُوغَ أَوْ الْإِفَاقَةَ فَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَنَظِيرُهُ فِي كَلَامِهِمْ وَمِنْهُ مَا فِي الْفُرُوعِ فِي الْوَقْفِ فِي بَيْعِ النَّاظِرِ لَهُ (وَلَا لِوَلِيِّ كَبِيرَةٍ تَزْوِيجُهَا بِمَعِيبٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ إذَا عَلِمَتْ بِهِ) أَيْ: الْعَيْبَ (بَعْدَ الْعَقْدِ) فَالِامْتِنَاعُ أَوْلَى (فَإِنْ اخْتَارَتْ) كَبِيرَةٌ (نِكَاحَ مَجْبُوبٍ أَوْ) نِكَاحَ (عِنِّينٍ لَمْ يَمْلِكْ وَلِيُّهَا الَّذِي يَعْقِدُ نِكَاحَهَا مَنْعَهَا) لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَطْءِ لَهَا، وَالضَّرَرُ مُخْتَصٌّ بِهَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُزَوِّجهَا بِعِنِّينٍ وَإِنْ رَضِيَتْ السَّاعَةَ تَكْرَه إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِنَّ النِّكَاحَ، وَيُعْجِبُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْجِبُنَا (وَإِنْ اخْتَارَتْ نِكَاحَ مَجْنُونٍ أَوْ مَجْذُومٍ أَوْ أَبْرَصَ؛ فَلَهُ مَنْعُهَا) لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا دَائِمًا وَعَارًا عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلهَا كَمَنْعِهَا مِنْ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ كُفْءٍ.
(وَإِنْ عَلِمَتْ بِالْعَيْبِ) الَّذِي تَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ (بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَ بِهِ) أَيْ: بِالزَّوْجِ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ (لَمْ يَمْلِكْ الْوَلِيُّ إجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي النِّكَاحِ لَا فِي دَوَامِهِ) لِأَنَّهَا لَوْ دَعَتْ وَلِيَّهَا أَنْ يُزَوِّجهَا بِعَبْدٍ لَمْ يَلْزَمهُ إجَابَتُهَا وَلَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ لَمْ يَمْلِكْ إجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ.