فصل: فَصْلٌ: في مقدار الزكاة في الزروع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ:

مِنْ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَمَا هُوَ فِي حُكْمِ ذَلِكَ كَعَسَلِ النَّحْلِ.
وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ: قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ} وَالزَّكَاةُ تُسَمَّى نَفَقَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وقَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَقَّهُ: الزَّكَاةُ مَرَّة الْعُشْر وَمَرَّة نِصْفُ الْعُشْرِ وَالسُّنَّةُ مُسْتَفِيضَةٌ بِذَلِكَ وَيَأْتِي بَعْضُهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
(تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَدْخُلُهُ التَّوْسِيقُ لَيْسَ مُرَادًا مِنْ عُمُومِ الْآيَة وَالْخَبَر، وَإِلَّا لَكَانَ ذِكْرُ الْأَوْسُقِ لَغْوًا وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُدَّخَرِ لَا تَكْمُلُ فِيهِ النِّعْمَةُ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ مَآلًا (مِنْ قُوتٍ) كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْأُرْزِ وَالدَّخَنِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْقُوتِ، مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ.
(فَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي كُلِّ الْحُبُوبِ: كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ) بِالضَّمِّ قَالَهُ فِي الْقَامُوس (وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الشَّعِيرِ لَوْنُهُ لَوْنُ الْحِنْطَةِ وَطَبْعُهُ كَالشَّعِيرِ فِي الْبُرُودَة) قَالَ فِي الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ الْحُبُوبِ بِهِ، أَيْ بِالشَّعِيرِ فِي صُورَتِهِ (وَالذُّرَة وَالْقُطْنِيَّات) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (كُلُّهَا كَالْبَاقِلَّاءِ وَالْحِمَّصِ وَاللُّوبِيَا) يُمَدُّ وَيُقْصَرُ.
(وَالْعَدَس وَالْمَاشّ وَالتُّرْمُس) بِوَزْنِ بُنْدُق قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (حَبٌّ عَرِيضٌ أَصْغَرُ مِنْ الْبَاقِلَّاءِ وَالدَّخَنُ وَالْأُرْزُ وَالْهُرْطُمَانُ) حَبٌّ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَهُوَ الْجُلُبَّانَةُ وَالْكِرْسِنَّةُ وَالْحُلْبَةُ وَالْخَشْخَاشُ وَالسِّمْسِمُ) سُمِّيَ ذَلِكَ قُطْنِيَّة مِنْ قَطَنَ يَقْطُنُ فِي الْبَيْتِ.
لِأَنَّهَا تَمْكُثُ فِيهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فُلَانٌ قَاطِنٌ بِمَكَانِ كَذَا (وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ شَيْرَجِهِ) أَيْ السِّمْسِم، كَإِخْرَاجِ قِيمَتِهِ (وَكَبِزْرِ الْبُقُولِ كُلِّهَا، كَالْهِنْدَبَا وَالْكَرَفْسِ وَالْبَصَلِ وَبِزْرِ قَطُونَا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الطَّاءِ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ.
(وَنَحْوِهَا وَبِزْرُ الرَّيَاحِين جَمِيعًا وَأَبَازِيرُ الْقِدْرِ، كَالْكُزْبَرَةِ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَأَظُنُّهُ مُعَرَّبًا قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَالْكَمُّون وَالْكَرَوْيا وَالشُّونِيز) يُقَال لَهُ: الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَكَذَلِكَ حَبُّ الرَّازِيَانجِ، وَهُوَ الشَّمَرُ وَالْأَنِيسُونَ وَالشَّهْدَانِجُ) بِفَتْحِ النُّونِ (وَهُوَ حَبُّ الْقُنَّب، وَالْخَرْدَلُ وَبِزْرُ الْكَتَّانِ) بِفَتْحِ الْكَافِ.
(وَ) بِزِرِّ (الْقُطْنِ وَالْيَقْطِين) وَهُوَ الْقَرْعُ (وَالْقِرْطِم) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ، وَضَمِّهِمَا لُغَةً: حَبُّ الْعُصْفُرِ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَ) حَبُّ (الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْبِطِّيخِ) بِأَنْوَاعِهِ.
(وَ) حَبُّ (الرَّشَادِ وَالْفُجْلِ وَبِزْرُ الْبَقْلَةِ الْحَمْقَاء وَنَحْوِهِ) كَبِزْرِ الْبَاذِنْجَانِ وَالْخَسِّ وَالْجَزَرِ وَنَحْوِهِمَا.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ) نَقَلَ صَالِحُ: مَا كَانَ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ وَيَقَعُ فِيهِ الْقَفِيزُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا كَانَ مِثْلَ الْخِيَارِ وَالْقِثَّاءِ وَالْبَصَلِ وَالرَّيَاحِين وَالرُّمَّان فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ إلَّا أَنْ يُبَاعَ، وَيَحُولُ عَلَى ثَمَنِهِ حَوْلٌ (كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَالسُّمَّاقِ).
وَ(لَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ (فِي عُنَّابٍ وَزَيْتُونٍ) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِإِدْخَارِهِ، وَهُوَ شَرْطٌ ذُكِرَ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَقِنَّبٍ وَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ وَنِيلٍ وَفُوَّةٍ وَغُبَيْرَاءَ) وَبَقَّمٍ (وَحِنَّاءٍ وَنَأْرَنْجِيلٍ) بِالْهَمْزِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهُ وَهُوَ جَوْزُ الْهِنْدِ، الْوَاحِدَةُ نَأْرَنْجِيلَةٌ وَشَجَرَتُهُ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ، لَكِنَّهَا تَمِيلُ بِصَاحِبِهَا حَتَّى تُدْنِيه مِنْ الْأَرْضِ لِينًا قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَجَوْز) نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ مَعْدُودٌ.
(وَسَائِر الْفَوَاكِهِ، كَالتِّينِ وَالْمِشْمِشِ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ (وَالتُّوت الْأَظْهَر: وُجُوبُهَا فِي الْعِنَّابِ وَالتِّينِ وَالْمِشْمِش وَالتُّوت) هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّة وَالْمُسْتَوْعِب وَالْكَافِي: بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعِنَّابِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي التِّينِ لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ كَالتَّمْرِ.
(وَلَا تَجِبُ فِي التُّفَّاحِ وَالْإِجَّاصِ وَالْخَوْخِ) وَيُسَمِّي الْفِرْسِكَ (وَالْكُمَّثْرَى) بِضَمِّ الْمِيم مُثْقَلَة فِي الْأَكْثَرِ الْوَاحِد كُمُّثْرَاة ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَالسَّفَرْجَلُ وَالرُّمَّانُ وَالنَّبْقُ وَالزُّعْرُورُ) يُشْبِه النَّبْق (وَالْمَوْز) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَكِيلَةً وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَامِلَ عُمَرَ كَتَبَ إلَيْهِ فِي كُرُوم فِيهَا مِنْ الْفِرْسِكِ وَالرُّمَّانِ مَا هُوَ أَكْثَرُ غَلَّةً مِنْ الْكُرُومِ أَضْعَافًا فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ لَيْسَ فِيهَا عُشْرٌ، هِيَ مَنْ الْعِضَاه رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
(وَلَا فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَالْخُضَرِ، كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وَبَاذَنْجَان) بِفَتْحِ الذَّالِ (وَلِفْتٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ (وَهُوَ السَّلْجَمُ) بِوَزْنِ جَعْفَر (وَسَلْق وَكُرُنْب وَقَرْنَبِيط وَبَصَل وَثُوم وَكُرَّاث وَجَزَر وَفُجْل وَنَحْوِهِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ» وَعَنْ عَائِشَةَ مَعْنَاهُ رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيّ.
(وَلَا فِي الْبُقُولِ كَالْهِنْدَبَا) قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: تُفْتَحُ الدَّالُ فَتُقْصَرُ وَتُكْسَرُ فَتُمَدُّ (وَالْكَرَفْس) قَالَ فِي الْبَارِعِ وَالتَّهْذِيبِ: بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ.
وَفِي الصِّحَاحِ: بِوَزْنِ جَعْفَر (وَالنَّعْنَاع وَالرَّشَاد وَبَقْلَة الْحَمْقَاءِ وَالْقَرَظ وَالْكُزْبَرَة وَالْجِرْجِير وَنَحْوِهِ، وَلَا فِي الْمِسْكِ وَالزَّهْرِ، كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسِجِ وَالنَّرْجِسِ وَاللِّينُوفَرَ وَالْخِيرِيِّ، وَهُوَ الْمَنْثُور وَنَحْوِهِ) كَالزِّنْبَقِ (وَلَا فِي طَلْعِ الْفُحَّالِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ ثَانِيهِ- وَهُوَ ذَكَرُ النَّخْلِ وَلَا فِي السَّعَفِ، وَهُوَ أَغْصَانُ النَّخْلِ) أَيْ جِرِيدُ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يُجَرَّدْ عَنْهُ خُوصُهُ، فَإِنْ جُرِّدَ خُوصُهُ عَنْهُ فَجَرِيدٌ (وَلَا فِي الْخُوصِ وَهُوَ وَرَقُهُ) أَيْ وَرَقُ السَّعَفِ (وَلَا فِي قُشُورِ الْحَبِّ وَالتِّينِ وَالْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَأَغْصَانِ الْخِلَاف وَوَرَق التُّوت وَالْكَلَأ وَالْقَصَب الْفَارِسِيّ وَلَبَن الْمَاشِيَةِ وَصُوفِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْوَبَرِ وَالشَّعْرِ (وَكَذَا الْحَرِيرُ وَدُودُ الْقَزِّ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي صَعْتَرٍ وَأُشْنَانٍ وَحَبِّ ذَلِكَ وَكُلِّ وَرَقٍ مَقْصُودٍ، كَوَرَقِ سِدْرٍ وَخِطْمِيٍّ وَآسِي وَهُوَ الْمَرْسِينُ) لِأَنَّهُ نَبَاتٌ مَكِيلٌ مُدَّخَرٌ.

.(فَصْل): فيما يُعْتَبَرُ لوجوبِ الزَّكاةِ:

(وَيُعْتَبَرُ لِوُجُوبِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ (شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَبْلُغَ نِصَابًا قَدْرُهُ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ وَ) بَعْد (الْجَفَافِ فِي الثِّمَارِ) وَالْوَرَق (خَمْسَة أَوْسُقٍ) (فَلَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ» رَوَاه أَحْمَدُ وَمُسْلِم فَتَقْدِيرُهُ بِالْكَيْلِ يَدُلُّ عَلَى إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِهِ وَاعْتُبِرَ كَوْنُ النِّصَابِ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ لِأَنَّهُ حَالُ الْكَمَالِ وَالِادِّخَارِ، وَالْجَفَافِ فِي الثِّمَارِ وَالْوَرَقِ لِأَنَّ التَّوْسِيقَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ التَّجْفِيفِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ عِنْده.
فَلَوْ كَانَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ عِنَبًا لَا يَجِيءُ مِنْهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَبِيبًا، لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ هُنَا، لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ عِنْدَ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
(وَالْوَسْقُ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا (سِتُّونَ صَاعًا) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا» وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ نَحْوه رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُث) رِطْل (بِالْعِرَاقِيِّ؛ فَيَكُونُ النِّصَابُ فِي الْكُلِّ) مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْأَوْرَاقِ (أَلْفًا وَسِتّمِائَة رِطْلٍ عِرَاقِيٍّ، وَهُوَ) أَيْ النِّصَابُ (أَلْف وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاع رَطْلٍ مِصْرِيٍّ، وَمَا وَافَقَهُ) كَالْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ.
(وَ) النِّصَابُ (ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ دِمَشْقِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ) فِي الزِّنَةِ.
(وَ) النِّصَابُ (مِائَتَانِ وَخَمْسَةُ وَثَمَانُونَ رِطْلًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ حَلَبِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ) الزِّنَة كَالْحِمْصِيِّ (وَمِائَتَانِ وَسَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ رِطْلًا وَسُبْعُ رِطْلٍ قُدْسِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ) كَالنَّابُلُسِيِّ (وَمِائَتَانِ وَثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بَعْلِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ) فِي وَزْنِهِ.
فَائِدَة:
الْإِرْدَبُ كَيْلٌ مَعْرُوفٌ بِمِصْرَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ مَنَا وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ الْأَرَادِب، قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَلَعَلَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوَّلًا، وَالْآنَ الْإِرْدَبُّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رُبْعًا، وَالرُّبُعُ أَرْبَعَةُ أَقْدَاحٍ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَالصَّاعُ قَدَحَانِ ا هـ فَالْإِرْدَبُ ثَمَان وَأَرْبَعُونَ صَاعًا، فَيَكُونُ النِّصَابُ سِتَّةَ أَرَادِب وَرُبْعٍ تَقْرِيبًا وَقَالَ الشَّمْسُ الْعَلْقَمِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الصَّاعُ قَدَحَانِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ، بِالْقَدَحِ الْمِصْرِيِّ (وَالْوَسْقُ وَالصَّاعُ وَالْمُدُّ: مَكَايِيل نُقِلَتْ إلَى الْوَزْنِ) أَيْ قُدِّرَتْ بِالْوَزْنِ (لِتُحْفَظَ) فَلَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا (وَتُنْقَلُ) مِنْ الْحِجَازِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَيْسَتْ، صَنْجًا.
(وَالْمَكِيلُ يَخْتَلِفُ فِي الْوَزْنِ فَمِنْهُ ثَقِيلٌ) كَتَمْرٍ وَأُرْزٍ وَمِنْهُ (مُتَوَسِّطٌ كَبُرٍّ وَعَدَسٍ وَ) مِنْهُ (خَفِيفٌ، كَشَعِيرٍ وَذُرَةٍ) وَأَكْثَرُ التَّمْرِ أَخَفُّ مِنْ الْحِنْطَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُكَالُ شَرْعًا لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى هَيْئَةٍ غَيْر مَكْبُوسٍ (فَالِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَكِيلَاتِ (بِالْمُتَوَسِّطِ نَصًّا) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَنَصَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلْث بِالْحِنْطَةِ، أَيْ بِالرَّزِينِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَهُوَ الَّذِي يُسَاوِي الْعَدَسَ فِي وَزْنِهِ.
(وَمِثْل مَكِيلِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَوَسِّطِ وَهُوَ الثَّقِيلُ وَالْخَفِيفُ (وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ) الْمَكِيلُ مِنْ غَيْرِ الْمُتَوَسِّطِ (الْوَزْنَ) الْمَذْكُورَ لِخِفَّتِهِ (نَصًّا) فَالْمُعْتَبَر: بُلُوغُهُ نِصَابًا بِالْكَيْلِ، دُونَ الْوَزْنِ (فَمَنْ اتَّخَذَ وِعَاءً يَسَعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلْثًا عِرَاقِيَّةً مِنْ جَيِّدِ الْبُرِّ) أَيْ رَزِينِهِ (ثُمَّ كَالَ بِهِ مَا شَاءَ) مِنْ ثَقِيلٍ وَخَفِيفٍ (عَرَفَ) بِهِ (مَا بَلَغَ حَدَّ الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِهِ) الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا.
(فَإِنْ شَكَّ فِي بُلُوغِ قَدْرِ النِّصَابِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُقَدِّرُهُ) أَيْ الْمَكِيلُ (بِهِ، احْتَاطَ وَأَخْرَج) الزَّكَاةَ لِيُخْرِجَ مِنْ عُهْدَتِهَا (وَلَا يَجِبُ) عَلَيْهِ الْإِخْرَاج إذَنْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ.
(وَنِصَاب عَلْس) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا (وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ، وَ) نِصَابُ (أُرْزٍ يُدَّخَرَانِ) أَيْ الْعَلْسُ وَالْأُرْزُ (فِي قِشْرَيْهِمَا عَادَةً لِحِفْظِهِمَا) لِأَنَّهُمَا إذَا خَرَجَا مِنْ قِشْرِهِمَا لَا يَبْقَيَانِ بَقَاءَهُمَا فِي الْقِشْرِ (عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، إذَا كَانَ) الْعَلْسُ أَوْ الْأُرْزُ (بِبَلَدٍ قَدْ خَبِرَهُ) أَيْ امْتَحَنَهُ وَجَرَّبَهُ (أَهْلُهُ وَعَرَفُوا أَنَّهُ يَخْرُج مِنْهُ مُصَفَّى النِّصْف) عَمَلًا بِالْعَادَةِ (لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي الْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ فَيَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ) بِذَلِكَ.
(وَيُؤْخَذُ بِقَدْرِهِ) لِلْحَاجَةِ (وَإِنْ صُفِّيَا، فَنِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) كَسَائِرِ الْحُبُوبِ (فَإِنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِمَا نِصَابًا) وَهُمَا فِي قِشْرِهِمَا، لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَادَةِ (خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَحْتَاطَ وَيُخْرِجُ عُشْرَهُ قَبْل قَشْرِهِ، وَبَيْنَ قِشْرِهِ وَاعْتِبَارِهِ بِنَفْسِهِ كَمَغْشُوشِ أَثْمَانٍ) حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ.
(وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ غَيْرِهِ) أَيْ الْعَلْس (مِنْ الْحِنْطَةِ فِي قِشْرِهِ، وَلَا إخْرَاجُهُ قَبْلَ تَصْفِيَتِهِ) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِهِ وَلَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَا يُعْلَمُ قَدْرُ مَا تَخْرُجُ مِنْهُ.
(وَتُضَمُّ ثَمَرَةُ الْعَامِ الْوَاحِدِ) إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ (وَ) يُضَمُّ (زَرْعُهُ) أَيْ زَرْعُ الْعَامِ الْوَاحِدِ (بَعْضُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (إلَى بَعْضٍ) فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَبَعْضُ الزَّرْعِ إلَى بَعْضٍ (فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ) إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ (وَلَوْ اخْتَلَفَ وَقْتُ إطْلَاعِهِ، وَ) وَقْتُ (إدْرَاكِهِ بِالْفُصُولِ) كَمَا لَوْ اتَّحَدَ لِأَنَّهُ عَامٌ وَاحِدٌ (وَسَوَاء تَعَدَّدَ الْبَلَدُ أَوْ لَا) نَصَّ عَلَيْهِ فَيَأْخُذَ عَامِلُ الْبَلَدِ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَاجِبِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ حَمْلَيْنِ ضَمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ) لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ، فَضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ (كَزَرْعِ الْعَامِ الْوَاحِدِ) وَكَالذُّرَةِ الَّتِي تَنْبُتُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْحِمْلَ الثَّانِي يُضَمُّ إلَى الْحِمْلِ الْمُنْفَرِدِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ أَوَّلٌ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَنَّ وُجُودَ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا، بِدَلِيلِ حِمْلِ الذُّرَةِ وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ انْفِصَالِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ.
وَفِي الْمُبْدِعِ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَامِ هُنَا: اثْنَيْ عَشْرَ شَهْرًا، بَلْ وَقْتَ اسْتِغْلَالِ الْمُغَلِّ مِنْ الْعَامِ عُرْفًا وَأَكْثَرُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ بِقَدْرِ فَصْلَيْنِ.
(وَلَا تُضَمُّ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَلَا زَرْعُهُ) أَيْ زَرْعُ عَامٍ (إلَى) ثَمَرَةِ عَامٍ (آخَر) لِانْفِصَالِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ (وَتُضَمُّ أَنْوَاعُ الْجِنْسِ) مِنْ حُبُوبٍ أَوْ ثِمَارٍ مِنْ عَامٍ وَاحِدٍ (بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ) كَأَنْوَاعِ الْمَاشِيَةِ وَالنَّقْدَيْنِ (فَالسُّلْتُ نَوْعٌ مِنْ الشَّعِيرِ، فَيُضَمُّ إلَيْهِ وَالْعَلَسُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ: فَيُضَمُّ إلَيْهَا) وَكَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ جِنْسٍ (وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى آخَرَ) كَبُرٍّ إلَى شَعِيرٍ، أَوْ دُخْنٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ عَدَسٍ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا فَلَمْ يُضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ (كَأَجْنَاسِ الثِّمَارِ، وَ) أَجْنَاسِ (الْمَاشِيَةِ) وَيَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى ضَمِّ الْعَلَسِ إلَى الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا وَإِذَا انْقَطَعَ الْقِيَاسُ لَمْ يَجُزْ إيجَابُ الزَّكَاةِ بِالتَّحَكُّمِ (وَلَا) تُضَمُّ (الْأَثْمَانُ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الثِّمَارِ أَوْ الْمَاشِيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا إلَى عُرُوضِ التِّجَارَةِ) فَتُضَمُّ الْأَثْمَانُ إلَى قِيمَتِهَا (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الْبَابِ بَعْدَهُ).
الشَّرْطُ (الثَّانِي) لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ (أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ مَمْلُوكًا لَهُ) أَيْ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ.
(وَقْتَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ) فِيهِ وَهُوَ وَقْتُ اشْتِدَادِ الْحَبِّ وَبُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهُ.
(فَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِيمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ مِمَّا يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّ كَمَنْ سَقَطَ لَهُ حَبٌّ فِي أَرْضِهِ أَوْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ) فَنَبَتَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَفِعْلُ الزَّرْعِ لَيْسَ شَرْطًا.
(وَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِيمَا يَكْتَسِبهُ اللَّقَّاطُ، أَوْ يُوهَبُ لَهُ) بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، أَوْ يَشْتَرِيه وَنَحْوه بَعْدَ ذَلِكَ (أَوْ يَأْخُذُهُ) الْحَصَّادُ وَنَحْوه (أُجْرَةً لِحَصَادِهِ وَدِيَاسِهِ وَنَحْوِهِ) كَأُجْرَةِ تَصْفِيَةٍ أَوْ نِطَارَتِهِ.
(وَلَا فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرَةٍ بَعْد بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا) كَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خَلْعٍ وَإِجَارَةٍ وَعِوَضِ صُلْحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْعَسَلِ، لِلْأَثَرِ.
(وَلَا) زَكَاةَ (فِيمَا يَجْتَنِيه مِنْ مُبَاحٍ كَبُطْمٍ وَزَعْبَلٍ) بِوَزْنِ جَعْفَر (وَهُوَ شَعِيرُ الْجَبَلِ، وَبِزْرُ قَطْونَا وَكُزْبَرَة وَعَفْص وَأُشْنَان وَسُمَاق وَنَحْوه) كَبِزْرِ النَّمَّامِ وَالْحَبَّة الْحَمْقَاء (سَوَاء أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَك إلَّا بِأَخْذِهِ) فَلَمْ يَكُنْ وَقْتُ الْوُجُوبِ فِي مِلْكِهِ.

.فَصْلٌ: في مقدار الزكاة في الزروع:

وَيَجِبُ الْعُشْرُ وَهُوَ (وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ) إجْمَاعًا (فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ) أَيْ كُلْفَةٍ (كَالْغَيْثِ، وَهُوَ الْمَطَرُ، وَ) كـ (السُّيُوحِ) جَمْعُ سَيْحٍ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (كَالْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي) الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ مِنْ الْأَنْهَارِ بِلَا آلَةٍ (وَمَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ، وَهُوَ الْبَعْلُ وَلَا يُؤَثِّر) مُؤْنَةُ (حَفْرِ الْأَنْهَارِ) وَحَفْرِ (السَّوَاقِي) فِي نَقْصِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ.
(وَ) لَا تُؤَثِّرُ أَيْضًا مُؤْنَةُ (تَنْقِيَتِهَا) أَيْ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي (وَ) لَا مُؤْنَةُ (سَقْيٍ) أَيْ مَنْ يَسْقِي بِمَاءِ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي (فِي نَقْصِ الزَّكَاةِ، لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَكَذَا مَنْ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي السَّوَاقِي لِأَنَّهُ كَحَرْثِ الْأَرْضِ) وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى فِي السَّقْيِ بِكُلْفَةٍ.
(وَإِنْ اشْتَرَى مَاءَ بِرْكَةٍ أَوْ حَفِيرَةٍ وَسَقَى بِهِ سَيْحًا فَ) الْوَاجِبُ (الْعُشْرُ وَكَذَا إنْ جَمَعَهُ وَسَقَى بِهِ) سَيْحًا فَيَجِبُ الْعُشْرُ، لِنُدْرَةِ هَذِهِ الْمُؤْنَةِ وَهِيَ فِي مِلْكِ الْمَاءِ لَهُ لَا فِي السَّقْيِ بِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي مِنْ النَّهْرِ فِي سَاقِيَةٍ إلَى الْأَرْضِ، وَيَسْتَقِرُّ فِي مَكَان قَرِيبٍ مِنْ وَجْهِهَا، إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَرْقِيَةِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ: إلَى آلَةٍ مِنْ غَرْبٍ أَوْ دُولَابٍ فَهُوَ مِنْ الْكُلْفَةِ الْمُسْقِطَةِ لِنِصْفِ الْعُشْرِ.
(وَيَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِكُلْفَةٍ، كَالدَّوَالِي جَمْعُ دَالِيَةٍ، وَهِيَ الدُّولَابُ تُدِيرُهُ الْبَقَرُ) وَيُسَمُّونَهَا بِمِصْرَ سَاقِيَةً (وَالنَّاعُورَةُ يُدِيرُهَا الْمَاءُ وَالسَّانِيَةُ) بِالنُّونِ.
(وَ) هِيَ (النَّوَاضِحُ وَاحِدُهَا: نَاضِحٌ وَنَاضِحَةٌ، وَهُمَا الْبَعِيرُ يُسْتَقَى عَلَيْهِ وَمَا يَحْتَاجُ فِي تَرْقِيَةِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ) أَيْ رَفْعِهِ إلَيْهَا (إلَى آلَةٍ مِنْ غَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عُثْرِيًّا: الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ سُمِّيَ عُثْرِيًّا: لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ فِي مَجْرَى الْمَاءِ عَاثُورًا فَإِذَا صَدَمَهُ الْمَاءُ تَرَادَّ، فَدَخَلَ تِلْكَ الْمَجَارِي فَتَسْقِيه وَلِأَنَّ لِلْكُلْفَةِ تَأْثِيرًا فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ فَفِي تَخْفِيفِهَا أَوْلَى.
(وَقَالَ الشَّيْخُ وَمَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ مِنْ النَّوَاعِيرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُصْنَعُ مِنْ الْعَامِ إلَى الْعَامِ، أَوْ) يُصْنَعُ (فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى دُولَابٍ تُدِيرُهُ الدَّوَابُّ: يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ خَفِيفَةٌ فَهِيَ كَحَرْثِ الْأَرْضِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ) فَلَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْصِ الزَّكَاةِ.
تَتِمَّةٌ:
إذَا سُقِيَتْ أَرْضُ الْعُشْرِ بِمَاءِ الْخَرَاجِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا خَرَاجٌ، أَوْ عَكْسُهُ، لَمْ يَسْقُطْ خَرَاجُهَا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ سَقْيِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَاءِ الْأُخْرَى نَصَّ عَلَى ذَلِكَ (فَإِنْ سَقَى بِكُلْفَةٍ وَبِغَيْرِ كُلْفَةٍ سَوَاء) بِأَنْ سَقَى نِصْفَ السَّنَةِ بِهَذَا وَنِصْفَهَا بِهَذَا (وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ وُجِدَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ لَأَوْجَبَ مُقْتَضَاهُ فَإِذَا وُجِدَ فِي نِصْفِهِ أَوْجَبَ نِصْفه (فَإِنْ سَقَى بِأَحَدِهِمَا أَكْثَر) مِنْ الْآخَرِ (اعْتَبَرَ أَكْثَرَهُمَا) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ قَدْرِ مَا يَسْقِي بِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَشُقُّ فَاعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ كَالصَّوْمِ (فَإِنْ جَهِلَ الْمِقْدَارَ) أَيْ مِقْدَارَ السَّقْيِ، فَلَمْ يَعْلَمْ: هَلْ سَقَى سَيْحًا أَكْثَر أَوْ بِكُلْفَةٍ أَكْثَر؟ أَوْ جَهِلَ أَكْثَرَهُمَا نَفْعًا وَنُمُوًّا؟ (وَجَبَ الْعُشْرُ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُهُ كَامِلًا، وَلِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِيَقِينِ (وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَكْثَرِ) مِنْ السَّقْيِ بِكُلْفَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (نَفْعًا وَنُمُوًّا) نَصًّا وَ(لَا) اعْتِبَارَ (بِالْعَدَدِ وَالْمُدَّةِ) أَيْ عَدَدِ السَّقْيَاتِ وَمُدَّةِ السَّقْيِ.
(وَمَنْ لَهُ حَائِطَانِ) أَيْ بُسْتَانَانِ (أَوْ) لَهُ (أَرْضَانِ، ضُمَّا) أَيْ الْحَائِطَانِ أَوْ الْأَرْضُ، أَيْ ضُمَّتْ ثِمَارُهُمَا وَزُرُوعُهُمَا بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْعَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ (فِي) تَكْمِيلِ (النِّصَابِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُ نَفْسِهِ فِي سَقْيِهِ بِمُؤْنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا) فَيُخْرِجُ مِمَّا يُشْرَبُ بِمُؤْنَةٍ نِصْفَ عُشْرِهِ، وَمِمَّا يُشْرَبُ بِغَيْرِهَا: عُشْرَهُ (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيمَا سَقَى بِهِ بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُسْتَحْلَفُونَ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَدِّ.
(وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ، فَ) بُدُوّ الصَّلَاحِ (فِي فُسْتُقٍ وَبُنْدُقٍ وَنَحْوِهِ) كَلَوْزٍ (انْعِقَادُ لُبِّهِ، وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الثِّمَارِ كَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ (كَبَيْعٍ) أَيْ ظُهُورُ نُضْجِهِ وَطِيبُ أَكْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ.
(وَجَبَتْ الزَّكَاةُ) لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِلْأَكْلِ وَالِاقْتِيَاتِ كَالْيَابِسِ، وَلِأَنَّهُ وَقْتُ خَرْصِ الثَّمَرَةِ لِحِفْظِ الزَّكَاةِ وَمَعْرِفَةِ قَدْرِهَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ لَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْخَرْصِ وَبَعْدَهُ، فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ، دُونَ الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ لَهُ (فَإِنْ قَطَعَهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، كَأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ تَخْفِيفٍ) أَصْلُهَا (أَوْ تَحْسِين بَقِيَّتهَا؛ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) أَيْ الْمَقْطُوعِ قَبْلَ بُدُوّ صَلَاحِهِ، كَمَا لَوْ أَكَلَ السَّائِمَةَ أَوْ بَاعَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ.
(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ الْقَطْعَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ، أَثِمَ وَلَزِمَتْهُ) الزَّكَاةُ لِتَفْوِيتِهِ الْوَاجِبَ بَعْد انْعِقَادِ سَبَبِهِ، أَشْبَهَ الْقَاتِل وَالْمُطَلِّق ثَلَاثًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ.
(وَلَوْ بَاعَهُ) بَعْد بُدُوِّ صَلَاحِهِ (أَوْ وَهَبَهُ خَرَصَ أَمْ لَا فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ أَوْ الْوَاهِبِ، كَمَا لَوْ بَاعَ السَّائِمَةَ بَعْدَ الْحَوْلِ.
(وَلَا) تَجِبُ زَكَاتُهُ (عَلَى الْمُشْتَرِي وَ) لَا (الْمَوْهُوبِ لَهُ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ.
(وَلَوْ مَاتَ) مَالِكُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ (وَلَهُ وَرَثَةٌ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا، لَمْ يُؤَثِّر ذَلِكَ) فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ كَمَوْتِ رَبِّ الْمَاشِيَةِ بَعْد الْحَوْلِ.
(وَلَوْ وَرِثَهُ) أَيْ الْحَبَّ الْمُشْتَدَّ أَوْ الثَّمَرَ، بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَمْنَعْ دَيْنُهُ الزَّكَاةَ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُوَرِّثِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَتُؤْخَذُ تَرِكَتُهُ، لَا عَلَى الْوَارِثِ الْمَدِينِ.
(وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ مَوْتِ الْمَالِكِ عَمَّنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّةُ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ نِصَابًا، أَوْ عَنْ مَدِينٍ (قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ، وَ) قَبْلَ (اشْتِدَادِ الْحَبِّ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ) فَتَكُونُ الزَّكَاةُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ لَهُ، إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَتَسْقُطُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمَوْتِ.
(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْحَبَّ الْمُشْتَدَّ أَوْ الثَّمَرَ بَعْد بُدُوِّ صَلَاحِهِ (وَشَرَطَ) الْبَائِعُ (الزَّكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي صَحَّ) الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ، لِلْعِلْمِ بِالزَّكَاةِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى قَدْرَهَا، وَوَكَّلَهُ فِي إخْرَاجِهِ (فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أُلْزِمَ بِهَا الْبَائِعُ) لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ.
(وَيُفَارِقُ إذَا اسْتَثْنَى) زَكَاةَ (نِصَابِ مَاشِيَةٍ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، بَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ (لِلْجَهَالَةِ) بِالْمُسْتَثْنَى وَاسْتِثْنَاءُ الْمَجْهُولِ مِنْ الْمَعْلُومِ يُصَيِّرُهُ مَجْهُولًا (أَوْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ (بِأَصْلِهِ) الَّذِي هُوَ أَرْضُهُ، أَوْ شَجَرُهُ فَإِنَّهُ (لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْمُشْتَرِي زَكَاتَهُ عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْغَرَضِ الَّذِي يَصِيرُ إلَيْهِ.
(وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ إلَّا بِجَعْلِهَا) أَيْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ (فِي جَرِينٍ وَبَيْدَرٍ وَمِسْطَاحٍ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: الْجَرِينُ يَكُونُ بِمِصْرَ وَالْعِرَاق وَالْبَيْدَرُ بِالشَّرْقِ وَالشَّامِ وَالْمِرْبَدُ يَكُونُ بِالْحِجَازِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُجْمَعُ فِيهِ الثَّمَرَةُ لِيَتَكَامَلَ جَفَافُهَا وَالْجُوجَانُ: يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ، وَهُوَ مَوْضِعُ تَشْمِيسِهَا وَتَيْبِيسِهَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَيُسَمَّى بِلُغَةِ آخَرِينَ الْمِسْطَاحِ وَبِلُغَةِ آخَرِينَ: الطِّبَابَةُ ا هـ فَدَلَّ أَنَّ مُسَمَّى الْجَمِيعِ وَاحِدٌ (فَإِنْ تَلِفَتْ) الْحُبُوبُ أَوْ الثِّمَارُ الَّتِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوَضْعِ بِالْجَرِينِ وَنَحْوِهِ (بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ، خُرِصَتْ) الثَّمَرَةُ (أَوْ لَمْ تُخْرَصْ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَا لَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً فَذَهَبَتْ بِعَطَشٍ أَصَابَهَا وَنَحْوِهِ رُجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهَا وَالْخَرْصُ لَا يُوجِبُ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ السَّاعِي لِيَتَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَوَجَبَ سُقُوطُ الزَّكَاةِ مَعَ وُجُودِهِ، كَعَدَمِهِ.
(وَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ) مِنْ الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرِ قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ (زَكَّى) الْمَالِكُ (الْبَاقِي إنْ كَانَ نِصَابًا) لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي نِصَابًا (فَلَا) زَكَاةَ فِيهِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: فِي الْأَصَحِّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» وَهَذَا يَعُمُّ حَالَةَ الْوُجُوبِ وَلُزُوم الْأَدَاءِ ا هـ وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمَذْهَبِ: إنْ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، فَهُوَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ بَعْده وَجَبَ فِي الْبَاقِي بِقَدْرِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ الْمُوَفَّقُ.
(وَإِنْ تَلِفَتْ) الزُّرُوعُ أَوْ الثِّمَارُ (بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ) أَيْ الْوَضْعِ فِي الْجَرِين وَنَحْوِهِ (لَمْ تَسْقُطْ) زَكَاتُهَا، كَتَلَفِ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا أَوْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَلَوْ قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ أَوْ مُفَرِّطٌ.
(وَإِنْ ادَّعَى) رَبُّ الزُّرُوعِ أَوْ الثِّمَارِ (تَلَفَهَا) بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ (قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ فَلَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ، كَالصَّلَاةِ (وَلَوْ اُتُّهِمَ) فِي دَعْوَاهُ- التَّلَف- (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ) أَيْ التَّلَفَ (بِجَائِحَةٍ ظَاهِرَةٍ تَظْهَرُ عَادَةً) كَحَرِيقٍ وَجَرَادٍ (فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِوُجُودِ ذَلِكَ الظَّاهِرِ (ثُمَّ يُصَدَّقُ) الْمَالِكُ (فِي قَدْرِ التَّالِفِ) مِنْ الْمَالِ الْمُزَكَّى بِلَا يَمِينٍ.
(وَيَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْحَبِّ مُصَفًّى) مِنْ قِشْرِهِ وَتِبْنِهِ (وَالثَّمَر يَابِسًا) لِحَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ زَبِيبًا، كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا، كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» وَلَا يُسَمَّى زَبِيبًا وَتَمْرًا حَقِيقَةً إلَّا الْيَابِسُ وَقِيسَ عَلَيْهِمَا الْبَاقِي وَلِأَنَّ ذَلِكَ حَالَةُ كَمَالِهِ، وَنِهَايَةُ صِفَاتِ ادِّخَارِهِ وَوَقْتُ لُزُومِ الْإِخْرَاجِ مِنْهُ (فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَ سُنْبُلًا وَرُطَبًا وَعِنَبًا لَمْ يُجْزِئْهُ) إخْرَاجُهُ.
(وَوَقَعَ نَفْلًا) إنْ كَانَ الْإِخْرَاجُ لِلْفُقَرَاءِ (فَلَوْ كَانَ الْآخِذُ) لِذَلِكَ (السَّاعِي، فَإِنْ جَفَّفَهُ) أَيْ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ (وَصَفَّاهُ) أَيْ السُّنْبُلَ (وَجَاءَ قَدْرُ الْوَاجِبِ) فِي الزَّكَاةِ (أَجْزَأَ) الْمَالِكُ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ (رَدَّ) لِلسَّاعِي (الْفَضْلَ) لِمَالِكِهِ لِبَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ (إنْ زَادَ) مَا كَانَ دَفَعَهُ (وَأَخَذَ) السَّاعِي مِنْ الْمَالِكِ (النَّقْصَ) أَيْ مَا بَقِيَ مِنْ الْوَاجِبِ (إنْ نَقَصَ) الْمُخْرَجُ عَنْهُ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُخْرَجُ (بِحَالِهِ) بِيَدِ السَّاعِي لَمْ يُجَفِّفْهُ وَلَمْ يُصَفِّهِ (رَدَّهُ) لِمَالِكِهِ، لِفَسَادِ الْقَبْضِ وَيُطَالِبهُ بِالْوَاجِبِ (وَإِنْ تَلِفَ) بِيَدِ السَّاعِي (رَدَّ بَدَلَهُ) لِمَالِكِهِ فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى السَّاعِي.
(وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى قَطْعِ ثَمَرٍ وَزَبِيبٍ، مِثْلَ بَعْدِ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَقَبْلَ كَمَالِهِ) أَيْ الثَّمَرِ وَقَوْله (لِضَعْفِ أَصْلٍ وَنَحْوه، كَخَوْفِ عَطَشٍ أَوْ تَحْسِينِ بَقِيَّتِهِ) عِلَةً لَاحْتِيجَ (جَازَ) قَطْعُهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ يَابِسًا) إنْ بَلَغَ نِصَابًا يَابِسًا (كَمَا لَوْ قُطِعَ لِغَرَضِ الْبَيْعِ بَعْد خَرْصِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُخْرَصُ الْعِنَبُ فَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا» وَلِأَنَّهُ حَالَ الْكَمَالِ فَاعْتُبِرَ.
(وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ مَعَ حُضُورِ سَاعٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إنْ كَانَ (إلَّا بِإِذْنِهِ) لِحَقِّ أَهْلِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَكَوْنُ السَّاعِي كَالْوَكِيلِ عَنْهُمْ قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، لَا كَتَعَلُّقِ شَرِكَةٍ فَلَا يَتِمُّ التَّعْلِيلُ.
(وَإِنْ كَانَ) الثَّمَرُ (رُطَبًا لَا يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ أَوْ) كَانَ (عِنَبًا لَا يَجِيءُ مِنْهُ زَبِيبٌ وَجَبَ قَطْعُهُ) رُطَبًا وَعِنَبًا، لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا (وَفِيهِ الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا يَابِسًا) بِالْخَرْصِ فَيُخْرِجُ زَكَاتُهُ (مِنْ غَيْرِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا مُقَدَّرًا بِغَيْرِهِ) مِمَّا يَصِيرُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا (ا) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِقَطْعِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ الَّذِي لَا يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ وَلَا زَبِيبٌ (فَمُسْتَحِيلٌ) عَادَةً (أَنْ يُخْرِجَ مِنْ عَيْنِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا إذْ لَمْ يَجِئْ مِنْهُ تَمْرٌ أَوْ زَبِيبٌ) بِحَسَبِ الْعَادَةِ (أَوْ يُخْرِجَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا قَطَعَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى قَطْعِهِ أَوْ لِوُجُوبِهِ (رُطَبًا وَعِنَبًا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ مُوَاسَاةً، وَلَا مُوَاسَاةَ بِإِلْزَامِهِ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَعَلَى مَا اخْتَارَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ (وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَاجِبَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ (مُشَاعًا) بِأَنْ يُسَلِّمَهُ الْعُشْرَ مَثَلًا، شَائِعًا (أَوْ مَقْسُومًا بَعْدَ الْجُذَاذِ، أَوْ قَبْلَهُ بِالْخَرْصِ فَيُخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ مُقَاسَمَةِ رَبِّ الْمَالِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْجُذَاذِ فَيَأْخُذُ نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ شَجَرَاتٍ مُفْرَدَةٍ، وَبَيْنَ مُقَاسَمَتِهِ بَعْدَ جَذِّهَا بِالْكَيْلِ).
فِي الرُّطَبِ وَالْوَزْنِ فِي الْعِنَبِ (وَلَهُ) السَّاعِي (بَيْعُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (مِنْهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَيُقَسِّمُ ثَمَنَهَا لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَبْذُلُ فِيهَا عِوَضَ مِثْلِهَا أَشْبَه الْأَجْنَبِيّ لَا يُقَالُ: الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ الَّذِي لَا يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ وَلَا زَبِيبٌ، لَا يُدَّخَرُ فَهُوَ كَالْخَضْرَاوَاتِ، لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ يُدَّخَرُ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُدَّخَرْ هُنَا لِأَنَّ أَخْذَهُ رُطَبًا أَنْفَعُ فَلَمْ تَسْقُطْ زَكَاتُهُ بِذَلِكَ (وَالْمَذْهَبُ) الْمَنْصُوصُ (أَنَّهُ لَا يُخْرِجُ مِنْهُ إلَّا يَابِسًا) لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَالْمَذْهَبِ لَا يُخْرِجُ إلَّا يَابِسًا.
(فَإِنْ أَتْلَفَ النِّصَابَ رَبُّهُ بَقِيَتْ الزَّكَاةُ فِي ذِمَّتِهِ، تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا) لِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِإِتْلَافِهِ (وَظَاهِره) أَيْ ظَاهِرُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا يَابِسًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ إذَا تَلِفَ.
(وَلَوْ لَمْ يُتْلِفهُ) أَيْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ يُفَرِّط فِيهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِقْرَارُ فِيهِ عَلَى الْوَضْعِ بِالْمِسْطَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى وَضْعُهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَا بِتَمْرٍ وَلَا بِزَبِيبٍ فَيَكُونُ اسْتِقْرَارُهَا بِمُجَرَّدِ انْتِهَاءِ نُضْجِهِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا) أَيْ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ (بَقِيَا فِي ذِمَّتِهِ فَيُخْرِجُهُ) أَيْ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ (إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ) كَبَاقِي الْوَاجِبَاتِ الَّتِي لَا بَدَلَ لَهَا (وَالْمَذْهَبُ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَزَكَاتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «حُمِلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا تَشْتَرِهِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّ شِرَاءَهَا وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِرْجَاعِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي أَنْ يُمَاكِسَهُ فِي ثَمَنِهَا وَرُبَّمَا سَامَحَهُ طَمَعًا مِنْهُ بِمِثْلِهَا أَوْ خَوْفًا مِنْهُ إذَا لَمْ يَبِعْهَا أَنْ لَا يَعُودَ يُعْطِيه فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكُلُّ هَذِهِ مَفَاسِدُ فَوَجَبَ حَسْمُ الْمَادَّةِ (وَسَوَاء اشْتَرَاهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَنَقَلَهُ أَبُو دَاوُد فِي فَرَسِ حَمِيلٍ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ: يَقْتَضِي الْفَرْقَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِعَيْنِ الزَّكَاةِ وَنَقَلَ حَنْبَلُ وَمَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ فَلَا.
(وَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ) زَكَاتُهُ أَوْ صَدَقَتُهُ (بِإِرْثٍ) طَابَتْ لَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ» رَوَاه جَمَاعَةٌ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالنَّسَائِيَّ (أَوْ) عَادَتْ إلَيْهِ ب (هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ أَخَذَهَا مِنْ دَيْنِهِ) طَابَتْ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْإِرْثِ (أَوْ رَدَّهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (لَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ جَازَ لَهُ أَخْذُهَا (لِمَا يَأْتِي) فِي الْبَابِ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ.