فصل: فَصْلٌ: فِي إرْثِ الْجَدَّةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: أَحْوَالُ الْأُمِّ:

وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهَا بِسَبَبِ اخْتِلَافِهَا وَأَمَّا الرَّابِعُ فَإِنَّمَا يَظْهَرُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي عَصَبَتِهَا كَمَا يَأْتِي (فَ) إذَا كَانَتْ (مَعَ الْوَلَدِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (أَوْ) مَعَ (وَلَدِ الِابْنِ) كَذَلِكَ (أَوْ) مَعَ (اثْنَيْنِ وَلَوْ مَحْجُوبَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ كَامِلِي الْحُرِّيَّةِ) فَ (لَهَا سُدُسٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} وَقَوْله {فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وَرَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ «لَيْسَ الْأَخَوَانِ إخْوَةً فِي لِسَانِ قَوْمِكَ فَلِمَ تَحْجُبُ بِهِمَا الْأُمَّ؟ فَقَالَ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا كَانَ قَبْلِي وَمَضَى فِي الْبُلْدَانِ وَتَوَارَثَ النَّاسُ بِهِ» وَهَذَا مِنْ عُثْمَانَ يَدُلُّ عَلَى إجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ مُخَالَفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَفْظُ الْإِخْوَةِ هُنَا يَتَنَاوَلُ الْأَخَوَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْجَمْعِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ مِنْ غَيْرِ كَمِّيَّةٍ انْتَهَى.
وَلِأَنَّ كُلَّ حَجْبٍ تَعَلَّقَ بِعَدَدٍ كَانَ أَوَّلُهُ اثْنَيْنِ كَحَجْبِ الْبَنَاتِ لِبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِلْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ وَشَمَل قَوْلُهُ: وَلَوْ مَحْجُوبَيْنِ مَا إذَا حُجِبَا بِالْأَبِ أَوْ بِالْجَدِّ كَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا وَارِثًا وَالْآخَرُ مَحْجُوبًا كَأَخٍ شَقِيقٍ وَأَخٍ لِأَبٍ.
(وَ) لِلْأُمِّ (مَعَ عَدَمِهِمْ) أَيْ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَالْعَدَدِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (ثُلُثٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} وَهَذَا هُوَ الْحَالُ الثَّانِي.
(وَ) الْحَالُ الثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فِي أَبَوَيْنِ وَزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَهُمَا الْعُمَرِيَّتَانِ) وَالْغَرَوَانِ (لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ، قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهَا ثُلُثُ الْمَالِ كُلِّهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْحُجَّةُ مَعَهُ لَوْلَا انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ.
وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي السَّبَبِ الْمُدْلِي بِهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ وَامْتَازَ الْأَبُ بِالتَّعْصِيبِ بِخِلَافِ الْجَدِّ فَلَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَ فَرْضَهُ وَأَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ لَزِمَ تَفْضِيلُ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَعْطَيْنَا الزَّوْجَةَ فَرَضَهَا وَالْأُمَّ الثُّلُثَ كَامِلًا لَزِمَ أَنْ لَا يُفَضَّلَ عَلَيْهَا التَّفْضِيلَ الْمَعْهُودَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَالرُّتْبَةِ فَلِذَلِكَ اسْتَدْرَكُوا هَذَا الْمَحْذُورَ وَأَعْطَوْا الْأُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي وَالْأَبَ ثُلُثَيْهِ مُرَاعَاةً لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ.
(وَ) الْحَالُ (الرَّابِعُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا أَبٌ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنَا أَوْ ادَّعَتْهُ) أَيْ ادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا (وَأُلْحِقَ بِهَا) وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ دُونَ زَوْجِهَا الْجَاحِدِ لَهُ وَتَقَدَّمَ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ، فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ تَعْصِيبُهُ) أَيْ الْوَلَدِ (مِمَّنْ نَفَاهُ) بِاللِّعَانِ (وَنَحْوِهِ) كَجَحْدِ زَوْجِ الْمُقِرَّةِ بِهِ (فَلَا يَرِثُهُ هُوَ) أَيْ الْبَاقِي (وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَتِهِ) لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ وَهُوَ النَّسَبُ.
وَكَذَا الزَّانِي وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ وَلَدَ الزِّنَا وَكَذَا زَوْجُ الْمُقِرَّةِ وَعَصَبَتُهُ لَا يَرِثُونَ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهَا لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ (وَلَوْ) كَانَ التَّعْصِيبُ (بِإِخْوَةٍ مِنْ أَبٍ إذَا وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ) مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ نَفَاهُمَا بِاللِّعَانِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا (فَلَا يَرِثُ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ) الَّذِي تَوْأَمُهُ بِإِخْوَتِهِ مِنْ الْأَبِ شَيْئًا (وَلَا يَحْجُبُ) تَوْأَمُهُ أَحَدًا مِمَّنْ يَحْجُبُهُ الْأَخُ لِأَبٍ (لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُ) إذْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبٌ يُنْتَسَبُ إلَيْهِ (وَتَرِث أُمُّهُ) مِنْهُ فَرْضَهَا.
(وَ) يَرِثُ (ذُو فَرْضٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ وَلَدِ زِنًا وَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وَنَحْوِهِ (فَرْضَهُ) كَغَيْرِهِ لِأَنَّ كَوْنَهُ لَا أَبَ لَهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي مَنْعِ ذِي فَرْضٍ مِنْ فَرْضِهِ (وَعَصَبَتِهِ) أَيْ عَصَبَةِ مَنْ لَا أَبَ لَهُ شَرْعًا (عَصَبَةُ أُمِّهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إلَّا أَنَّ عَلِيًّا يَجْعَلُ ذَا السَّهْمِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَحَقَّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعُصُوبَةُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَبَقِيَ أَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَقَارِبُ أُمِّهِ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ بَعْدَ أَخْذِ ذَوِي الْفُرُوضِ فَرْضَهُمْ لَهُ وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ «فَجَرَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَأَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَرِثُ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضِهَا فَيَبْقَى الْبَاقِي لِذَوِي قَرَابَتِهِ وَهُمْ عَصَبَتُهَا وَعَلَى هَذَا فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاةً فَمَا بَقِيَ لِمَوْلَاهَا.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِ عَصَبَةٌ فَلَهَا الثُّلُثُ فَرْضًا وَالْبَاقِي رَدًّا فِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَسَائِرِ مَنْ يَرَى الرَّدَّ (فِي إرْثٍ فَقَطْ كَقَوْلِنَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ فَلَا يَعْقِلُونَ) أَيْ عَصَبَةُ أُمِّهِ (عَنْهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ) عَلَيْهِ (وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ) أَوْ كَانَ أُنْثَى (وَلَا غَيْرَهُ) كَوِلَايَةِ الْمَالِ لِأَنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعْصِيبِ فِي الْمِيرَاثِ التَّعْصِيبْ فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إلَيْهِ وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَنَّ عَصَبَتَهُ نَفْسُ أُمِّهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَصَبَتُهُ عَصَبَتُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمَذْهَبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ وَلَا عَصَبَتُهَا عَصَبَةٌ لَهُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَلَعَلَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقُلْ بِهِ لِمُخَالِفَةِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الصَّحَابَةِ لَهُ فَلَوْلَا أَنَّ مَعَهُمْ تَوْقِيفًا فِي ذَلِكَ لَمَا صَارُوا إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُقَال بِالرَّأْيِ فَيَكُونُ مَعَهُمْ زِيَادَةُ عِلْمٍ فِي ذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْهَا غَيْرَهُمْ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ أَرْجَحُ لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي الْحَاشِيَةِ لَهُ عَلَى الْمُغْنِي وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَصْلٌ كَبِيرٌ يَنْبَغِي النَّظَرُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ إذَا اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ وَالْآخَرُ مُخَالِفًا لَهُ، وَلَيْسَ مِمَّا يُقَالُ بِالرَّأْيِ يُؤْخَذُ بِالْقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِلْقِيَاسِ أَيْ لِأَنَّ الظَّنَّ مِنْهُمْ صُدُورُهُ عَنْ تَوْقِيفٍ بِهِمْ.
وَمَحَلُّ كَوْنِ عَصَبَةِ الْأُمِّ عَصَبَةً لَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِوَلَدِ الزِّنَا وَالْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ وَنَحْوِهِ (ابْنٌ وَلَا ابْنُ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ) بِمَحْضِ الذُّكُورِ (وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ الْفُرُوضِ إنْ كَانَتْ (لِأَقْرَبِهِمْ) أَيْ الْعَصَبَةِ (مِنْهَا) أَيْ الْأُمِّ (فَإِنْ خَلَفَ) وَلَدُ الزِّنَا وَالْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ وَنَحْوُهُ (أُمَّهُ وَأَبَاهَا وَأَخَاهَا فَلَهَا الثُّلُثُ) إجْمَاعًا (وَالْبَاقِي لِأَبِيهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا.
(وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ) فَالْمَسْأَلَةُ أُمٌّ وَجَدُّهَا وَأَخُوهَا (فَ) لِلْأُمِّ الثُّلُثُ (وَالْبَاقِي بَيْنَ أَخِيهَا وَجَدِّهَا نِصْفَيْنِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ مِنْهَا وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ (وَإِنْ خَلَفَ) وَلَدُ الزِّنَا وَنَحْوُهُ (أُمًّا وَخَالًا) لِغَيْرِ أُمٍّ (فَلَهَا الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْخَالِ) لِأَنَّهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ (وَإِنْ كَانَ مَعَهَا) أَيْ الْأُمِّ وَالْخَالِ (أَخٌ لِأُمٍّ فَ) لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَ(لَهُ) أَيْ الْأَخِ لِأُمٍّ (السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا وَيَسْقُطُ الْخَالُ) لِأَنَّ الِابْنَ أَقْرَبُ مِنْ الْأَخِ (يَرِثُ أَخُوهُ) أَيْ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ وَوَلَدٌ وَنَحْوُهُ (لِأُمِّهِ مَعَ بِنْتِهِ بِالْعُصُوبَةِ فَقَطْ) فَإِذَا مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ فَلِبِنْتِهِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ لِأُمِّهِ عُصُوبَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْفَرْضِ لِسُقُوطِهِ بِالْبِنْتِ وَ(لَا) تَرِثُ (أُخْتُهُ لِأُمِّهِ) مَعَ بِنْتِهِ شَيْئًا لِأَنَّهَا مَحْجُوبَةٌ بِالْبِنْتِ عَنْ الْفَرْضِ وَلَا عُصُوبَةَ لَهَا (فَإِذَا خَلَفَ) وَلَدُ زِنَا وَنَحْوُهُ (بِنْتًا وَأَخًا) لِأُمٍّ.
(وَأُخْتًا لِأُمٍّ فَلِبِنْتِهِ النِّصْفُ) فَرْضًا (وَالْبَاقِي لِلْأَخِ) تَعْصِيبًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةً لِأُمِّهِ (وَبِدُونِ الْبِنْتِ لَهُمَا الثُّلُثُ فَرْضًا وَالْبَاقِي لِلْأَخِ) عُصُوبَةً وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَصَبَةِ الْأُمِّ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ.
(وَإِذَا قُسِّمَ مِيرَاثُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ ثُمَّ أَكْذَبَ الْمُلَاعَنُ نَفْسَهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا قَوْمٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ لِلتُّهْمَةِ (وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ) كَمَا لَوْ اقْتَسَمُوا فِي غَيْبَةِ بَعْضِهِمْ (وَإِذَا مَاتَ ابْنُ ابْنِ مُلَاعَنَةٍ وَخَلَفَ أُمَّهُ وَجَدَّتَهُ أُمَّ أَبِيهِ وَهِيَ الْمُلَاعَنَةُ) وَلَا عَصَبَةَ (فَالْكُلُّ لِأُمِّهِ فَرْضًا وَرَدًّا) لِأَنَّ الْجَدَّةَ لَا تَرِثُ مَعَ الْأُمِّ.
(وَيَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إذَا تَمَّ اللِّعَانُ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُهُ.
(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ إتْمَامِهِ) أَيْ اللِّعَانِ (وَرِثَهُ الْآخَرُ) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ إلَى الْمَوْتِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ.

.فَصْلٌ: فِي إرْثِ الْجَدَّةِ:

(وَلِجَدَّةٍ فَأَكْثَرَ) إلَى ثَلَاثٍ (إذَا تَحَاذَيْنَ) أَيْ تَسَاوَيْنَ فِي الدَّرَجَةِ (السُّدُسُ) إجْمَاعًا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى لِلْجَدَّتَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ بِالسُّدُسِ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ.
(وَ) الْجَدَّةُ (الْقُرْبَى وَلَوْ) كَانَتْ (مِنْ جِهَةِ الْأَبِ تَحْجُبُ) الْجَدَّةَ (الْبُعْدَى) لِأَنَّهَا جَدَّةُ قُرْبَى فَتَحْجُبُ الْبُعْدَى كَالَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثًا وَاحِدًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ كَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ وَالْبَنَاتِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ: لَا تَحْجُبُ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ الْبُعْدَى مِنْ الْأُمِّ لِقُوَّتِهَا (وَلَا يَرِثُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ) وَهُنَّ، (أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْجَدِّ) أَبِي الْأَبِ فَقَطْ (وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِهِنَّ وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً).
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ» وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَرَوَى سَعِيدٌ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ «أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَرِّثُونَ مِنْ الْجَدَّاتِ ثَلَاثًا ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ»، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْدِيدِ بِثَلَاثٍ وَأَنَّهُ لَا يُوَرِّثُ مَنْ فَوْقَهَا (وَالْجَدَّاتُ الْمُتَحَاذِيَاتُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِي أَبٍ) وَكَذَا أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبٍ وَإِنْ أَرَدْتَ تَنْزِيلَ الْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَغَيْرِهِنَّ فَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ الْأَوْلَى جَدَّتَيْنِ أُمُّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِيهِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعًا لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ جَدَّتَيْنِ، فَهُمَا أَرْبَعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
وَفِي الثَّالِثَةِ ثَمَانٌ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَرْبَعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَكُونُ لِوَلَدِهِمَا ثَمَانٌ وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا عَلَتْ دَرَجَةً يُضَاعَفُ عَدَدُهُنَّ وَلَا يَرِثُ مِنْهُنَّ إلَّا ثَلَاثٌ (وَتَرِثُ الْجَدَّةُ) أُمُّ الْأَبِ.
(وَ) تَرِثُ (أُمُّ الْجَدِّ وَابْنُهُمَا حَيٌّ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا) فَلَا يَحْجُبُ الْأَبُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا أُمَّ أَبِيهِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ لَا يَحْجُبُ أُمَّهُ (كَمَا لَوْ كَانَ عَمَّا) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودَ وَأَبِي مُوسَى وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ أَبِيهَا وَابْنُهَا حَيٌّ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ إلَّا أَنَّ لَفْظَهُ أَوَّلُ جَدَّةٍ أُطْعِمَتْ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا.
وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثَ الْأُمِّ لَا مِيرَاثَ الْأَبِ فَلَا يُحْجَبْنَ بِهِ كَأُمَّهَاتِ الْأُمِّ (وَإِنْ اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مَعَ) جَدَّةٍ (أُخْرَى) ذَاتِ قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَهَا) أَيْ ذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ (ثُلُثَا السُّدُسِ) وَلِذَاتِ الْقَرَابَةِ ثُلُثُهُ لِأَنَّهَا شَخْصٌ ذُو قَرَابَتَيْنِ يَرِثُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً لَا يُرَجَّحُ بِهِمَا عَلَى غَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَرِثَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَابْنِ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا لِأُمٍّ أَوْ زَوْجًا وَفَارَقَتْ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ رَجَحَ بِقَرَابَتِهِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَلَا يَجْمَعُ بَيْن التَّرْجِيحِ بِالْقَرَابَةِ الزَّائِدَةِ وَالتَّوْرِيثِ بِهَا فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا انْتَفَى الْآخَرُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْلُ بِهِمَا جَمِيعًا وَهَهُنَا قَدْ اتَّفَقَ التَّرْجِيحُ فَيَثْبُتُ التَّوْرِيثُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ: السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ.
(فَلَوْ تَزَوَّج بِنْتَ عَمَّتِهِ) فَأَتَتْ بِوَلَدٍ (فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهِمَا، وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ) فَتَرِثُ مَعَهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ثُلُثَ السُّدُسِ (أَوْ) تَزَوَّجَ (بِنْتَ خَالَتِهِ) فَوَلَدَتْ وَلَدًا (فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ) فَتَرِثُ مَعَهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ثُلُثَ السُّدُسِ (وَقَدْ تُدْلِي جَدَّةٌ بِثَلَاثِ جِهَاتٍ تَرِثُ بِهَا) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ هَذَا الْوَلَدُ بِنْتَ خَالَةٍ لَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْهُ فَالْجَدَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبٍ (فَ) هَذِهِ الْجَدَّةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (يَنْحَصِرُ السُّدُسُ فِيهَا) لِأَنَّا لَا نُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ (وَأَمَّا أُمِّ أَبِي الْأُمِّ، وَأُمَّ أَبِي الْجَدِّ فَلَا يَرِثَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَرْضًا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ) بَلْ يَرِثَانِ بِالتَّنْزِيلِ عِنْدَ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
وَكَذَا كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ اتِّفَاقًا أَوْ أَدْلَتْ بِجَدٍّ أَعْلَى، لِأَنَّ الْقَرَابَةَ كُلَّمَا بَعُدَتْ ضَعُفَتْ وَالْجُدُودَةُ جِهَةٌ ضَعِيفَةٌ (وَتَقَدَّمَ لَوْ ادَّعَى اللَّقِيطُ رَجُلَانِ فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا فَهُمَا أَبَوَاهُ) أَيْ وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَأُلْحِقَ وَلَدُهَا بِهِمَا فَهُمَا أَبَوَاهُ (لِأُمِّهِمَا إذَا مَاتَ) الْمُلْحَقُ بِهِمَا (مَعَ أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ السُّدُسِ وَلَهَا) أَيْ أُمِّ الْأُمِّ (نِصْفُهُ) وَكَذَا لَوْ أُلْحِقَ بِأَكْثَر مِنْ أَبٍ لِأُمَّهَاتِ الْآبَاءِ نِصْفُ السُّدُسِ بَيْنَهُنَّ سَوِيَّةً وَلِأُمِّ الْأُمِّ نِصْفُهُ.

.فَصْلٌ: فِي إرْثِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ:

(وَلِلْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ) بِلَا خِلَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (وَلِابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ بِإِعْطَاءِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقِيَاسًا عَلَى الْأُخْتَيْنِ وَشَذَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ فَرْضُهُمَا النِّصْفُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، لَكِنْ قَالَ الشَّرِيفُ الْأُرْمَوِيُّ: صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَصَارَ إجْمَاعًا (وَبَنَاتُ الِابْنِ إذَا لَمْ تَكُنَّ بَنَاتٍ) أَيْ لَا وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ (بِمَنْزِلَتِهِنَّ) فَلِبِنْتِ ابْنٍ نِصْفٌ وَلِبِنْتَيْ ابْنٍ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ قِيَاسًا عَلَى بَنَاتِ الصُّلْبِ أَوْ لِدُخُولِ أَوْلَادِ الِابْن فِي الْأَوْلَادِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ (فَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ) وَاحِدَةٌ (وَبِنْتُ ابْنٍ فَأَكْثَر فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ فَصَاعِدًا السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ) إجْمَاعًا، لِمَا رَوَى هُذَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ قَالَ:
«سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ: لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: قَدْ ضَلَلْتُ إذَنْ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَة الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَبَنَاتِ الِابْنِ كُلُّهُنَّ نِسَاءٌ مِنْ الْأَوْلَادِ، فَكَانَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَاخْتَصَّتْ بِنْتُ الصُّلْبِ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ فَبَقِيَ تَمَامُ الثُّلُثَيْنِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الِابْن) الْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ (ابْنٌ) فَأَكْثَرُ (فِي دَرَجَتِهِنَّ كَأَخِيهِنَّ أَوْ ابْنِ عَمِّهِنَّ فَيَعْصِبُهُنَّ فِيمَا بَقِيَ) بَعْدَ فَرْضِ الْبِنْتِ (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) لِدُخُولِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى:
{يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} وَلَا يَعْصِبهُنَّ مَنْ هُوَ أَنْزَل مِنْهُنَّ مَتَى كَانَ لَهُنَّ شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ لِعَدَمِ احْتِيَاجهنَّ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَإِنْ اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ) بِأَنْ كُنَّ ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ (سَقَطَ بَنَاتُ الِابْنِ) لِمَفْهُومِ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِيمَا سَبَقَ «السُّدُسُ تَكْمِلَة الثُّلُثَيْنِ» وَكَذَا بِنْتُ ابْنِ ابْنٍ نَازِلَةً فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتَيْ ابْنٍ أَعْلَى مِنْهَا تَسْقُطُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ فِي دَرَجَتِهِنَّ) ذَكَرٌ.
(وَلَوْ) كَانَ (غَيْرَ أَخِيهِنَّ أَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (أَنْزَلَ مِنْهُنَّ فَيَعْصِبُهُنَّ فِيمَا بَقِيَ) لِأَنَّهُ إذَا عَصَّبَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَمَنْ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ عِنْدَ احْتِيَاجِهَا إلَيْهِ أَوْلَى (وَبِنْتُ الِابْنِ مَعَ بَنَاتِ ابْنِ الِابْنِ كَالْبِنْتِ مَعَ بَنَاتِ الِابْنِ) فَلِلْعُلْيَا النِّصْفُ وَلِلَّاتِي يَلِينَهَا السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَإِذَا اسْتَوْفَى الْعَالِيَاتُ الثُّلُثَيْنِ سَقَطَ مَنْ دُونَهُنَّ إنْ لَمْ يَعْصِبْهَا ذَكَرٌ بِإِزَائِهَا أَوْ أَنْزَلَ مِنْهَا (وَيُمْكِنُ عَوْلُ الْمَسْأَلَةِ بِسُدُسِ بِنْتِ الِابْنِ كَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ).
لِأَنَّ فِيهَا رُبْعًا وَسُدُسًا وَمَا عَدَاهُمَا مُمَاثِلٌ أَوْ دَاخِلٌ فِيهِمَا (وَتَعُولُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ) لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ اثْنَانِ وَلِلْبِنْتِ سِتَّةٌ وَلِبِنْتِ الِابْنِ اثْنَانِ (فَلَوْ عَصَّبَهَا أَخُوهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ لِأَنَّهُ أَضَرَّ) أُخْتَهُ (نَفْسَهَا وَمَا انْتَفَعَ) لِأَنَّهُمَا سَاقِطَانِ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ.
(وَكَذَا أُخْتٌ لِأَبٍ) فَأَكْثَرُ لَهَا السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ (مَعَ الْأُخْتِ) الْوَاحِدَةِ (لِأَبَوَيْنِ) قِيَاسًا عَلَى بِنْتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ (وَكَذَا فِي بَنَاتِ ابْنِ الِابْنِ) وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ لَهَا السُّدُسُ (مَعَ بِنْتِ الِابْنِ) الْوَاحِدَةِ وَكَذَا كُلُّ نَازِلَةٍ مَعَ أَعْلَى مِنْهَا مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ أَبُوهُنَّ.
(وَفَرْضُ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ) كَفَرْضِ الْبَنَاتِ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ وَعَدَمِ بَنَاتِ الِابْنِ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}- الْآيَةُ (أَوْ) أَيْ: وَفَرْضُ الْأَخَوَاتِ (مِنْ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ) أَيْ عَدَمِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ وَالشَّقِيقَاتِ (مِثْلُ فَرْضِ الْبَنَاتِ) لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ لِلْآيَةِ السَّابِقَة، أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْإِخْوَةِ لِغَيْرِ أُمٍّ.
(وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ مَعَهُنَّ) أَيْ الشَّقِيقَاتِ (كَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْبَنَاتِ سَوَاءٌ) فَفِي شَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ لِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَلِلَّتِي لِأَبٍ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ تَكْمِلَة الثُّلُثَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَتْ الشَّقِيقَاتُ ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ سَقَطَتْ الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ مَا لَمْ يَعْصِبْهُنَّ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْصِبُهُنَّ إلَّا أَخُوهُنَّ) دُونَ ابْنِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْصِبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ بَنَاتِ الْأَخِ فَمِنْ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ أَوْلَى (وَأُخْتٌ فَأَكْثَرُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ بِنْتٍ فَأَكْثَرَ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ عَصَبَةٌ يَرِثْنَ مَا فَضَلَ) عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ (كَالْإِخْوَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ فِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ حَيْثُ قَالَ «وَلِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ».
(فَبِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُخْتٌ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مِنْ سِتَّةٍ (لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ) تَكْمِلَة الثُّلُثَيْنِ (وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ كَانَ ابْنَتَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُخْتٌ) لِغَيْرِ أُمٍّ (فَ) الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ (لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ) عُصُوبَةً.
(وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الِابْنِ) لِاسْتِغْرَاقِ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ (فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ) أَيْ مَعَ الْبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ (أُمٌّ فَلَهَا السُّدُسُ) وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ (وَيَبْقَى لِلْأُخْتِ سُدُسٌ) تَأْخُذهُ عُصُوبَةً (فَإِنْ كَانَ بَدَلَ الْأُمِّ زَوْجٌ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ لِلْأُخْتِ نِصْفُ السُّدُسِ) تَأْخُذُهُ تَعْصِيبًا.
(وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ) أَيْ الزَّوْجِ وَالْبِنْتَيْنِ وَالْأُخْتِ (أُمٌّ عَالَتْ) الْمَسْأَلَةُ (إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ) لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ (وَسَقَطَتْ الْأُخْتُ) لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ.
(وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُخْتُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَ) الْبِنْتِ فَأَكْثَرَ أَوْ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ فَأَكْثَرَ وَ(الْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ وَلَدُ أَبٍ فَالْبَاقِي عَنْ الْبِنْتَيْنِ أَوْ الْبَنَاتِ) أَوْ بِنْتِ الِابْنِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ عَنْ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ كَمَا تَقَدَّمَ (لِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مُدْلِيَةٌ بِقَرَابَتَيْنِ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ (وَسَقَطَ) بِهَا.
(وَلَدُ الْأَبِ أُخْتًا كَانَتْ أَوْ أَخًا أَوْ إخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ وَإِخْوَةً) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلِلْأَخِ الْوَاحِدِ لِأُمٍّ السُّدُسُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ) ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ خُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (فَصَاعِدًا فَلَهُمْ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى «وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ» أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا فِي الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ وَالْكَلَالَةُ الْوَرَثَةُ غَيْرُ الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدَيْنِ نُصَّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْل الصِّدِّيقِ.
وَقِيلَ الْمَيِّتُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَقِيلَ قَرَابَةُ؛ الْأُمِّ.