فصل: فَصْلٌ: كيفية تقسيم الغنائم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ:

يُقَالُ: غَنِمَ فُلَانٌ الْغَنِيمَةَ يَغْنَمُهَا وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ الْغُنْمِ وَأَصْلُهَا الرِّبْحُ وَالْفَضْلُ وَالْمَغْنَمُ مُرَادِفٌ لِلْغَنِيمَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الْآيَةَ وَقَوْلُهُ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} وَقَدْ اشْتَهَرَ، وَصَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَّمَ الْغَنَائِمَ وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَنْفَالِ} الْآيَةَ، ثُمَّ صَارَتْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ، وَخُمْسُهَا لِغَيْرِهِمْ (وَهِيَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ) خَرَجَ بِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جِزْيَةٍ، وَخَرَاجٍ، وَنَحْوِهِ (قَهْرًا بِقِتَالٍ) خَرَجَ بِهِ مَا جَلُوا، وَتَرَكُوهُ فَزَعًا، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ الْعُشْرِ إذَا اتَّجَرُوا إلَيْنَا، وَنَحْوِهِ.
(وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ: بِالْمَأْخُوذِ بِالْقِتَالِ (كَهَارِبٍ) اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ (وَهَدِيَّةِ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِمَا) كَالْمَأْخُوذِ فِي فِدَاءِ الْأَسْرَى، وَمَا يُهْدَى لِبَعْضِ قُوَّادِ الْأَمِيرِ بِدَارِ حَرْبٍ (وَلَمْ تَحِلَّ) الْغَنَائِمُ (لِغَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ غَيْرِكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ) مَالُ (مُعَاهَدٍ) ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ (فَأَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ، لَمْ يُقَسَّمْ، وَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ غُلَامًا لَهُ أَبَقَ إلَى الْعَدُوِّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ» وَذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ووَسَلَّمَ رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.
(فَإِنْ قُسِّمَ) مَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ (بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ لَمْ تَصِحَّ قِسْمَتُهُ وَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ)؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ كَانَتْ بَاطِلَةً مِنْ أَصْلِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُقَسَّمْ (ثُمَّ إنْ كَانَ) مَالُ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُعَاهَدِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ (أُمَّ وَلَدٍ لَزِمَ السَّيِّدُ أَخْذُهَا) قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا.
(وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالثَّمَنِ) وَلَا يَدَعُهَا يَسْتَحِلُّ فَرْجَهَا مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ (وَمَا سِوَاهَا) أَيْ: أُمِّ الْوَلَدِ (لِرَبِّهِ أَخْذُهُ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا وَبَعْدَهَا بِالثَّمَنِ.
(وَ) لَهُ (تَرْكُهُ غَنِيمَةً) لِلْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَاهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (فَإِنْ أَخَذَهُ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ (أَخَذَهُ مَجَّانًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَبَى أَخْذَهُ) قُسِّمَ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِذَا تَرَكَهُ سَقَطَ مِنْ التَّقْدِيمِ.
(أَوْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَرَاكِبَ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يُعْرَفْ صَاحِبُهُ قُسِّمَ، وَجَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ)؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ قَدْ مَلَكُوهُ، فَصَارَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ إذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَإِنَّمَا لِرَبِّهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ إذَا عُرِفَ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْأَمَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْكُفَّارِ (جَارِيَةً لِمُسْلِمٍ، أَوْلَدَهَا أَهْلُ الْحَرْبِ فَلِسَيِّدِهَا أَخَذُهَا إذَا أَدْرَكَهَا كَمَا تَقَدَّمَ دُونَ أَوْلَادِهَا وَمَهْرِهَا) لِلُحُوقِ النَّسَبِ لِمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ كَسَائِرِ أَمْوَالِنَا.
(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ: أَدْرَكَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُعَاهَدُ مَالَهُ الْمَأْخُوذَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (مَقْسُومًا) فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا لَهُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هُوَ لَكَ، وَإِنْ أَصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِمَ أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ» وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَخْذُهُ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِئَلَّا يُفْضِي إلَى حِرْمَانِ آخِذِهِ بِالْغَنِيمَةِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَأَدَّى إلَى ضَيَاعِ حَقِّهِ فَالرُّجُوعُ بِشَرْطِ وَزْنِ الْقِيمَةِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (أَوْ) أَدْرَكَهُ رَبُّهُ (بَعْدَ بَيْعِهِ وَ) بَعْدَ (قَسْمِ ثَمَنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ كَأَخْذِهِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ لَهُ أَخْذَهُ (مِنْ مُشْتَرِيهِ مِنْ الْعَدُوِّ) بِثَمَنِهِ، لِئَلَّا يَضِيعَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَحَقُّهُ يَنْجَبِرُ بِالثَّمَنِ، فَرُجُوعُ صَاحِبِ الْمَالِ فِي عَيْنِهِ كَأَخْذِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ.
(وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ: وَجَدَ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ (بِيَدِ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهِ) مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (وَقَدْ جَاءَنَا بِأَمَانٍ، أَوْ) جَاءَنَا (مُسْلِمًا، فَلَا حَقَّ لَهُ) أَيْ: لِرَبِّهِ (فِيهِ) لِحَدِيثِ «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا أَسْلَمُوا وَفِي أَيْدِيهِمْ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ لَهُمْ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ لَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ كُلَّ مَا قَبَضَهُ الْكُفَّارُ مِنْ الْأَمْوَالِ قَبْضًا يَعْتَقِدُونَ جَوَازَهُ، فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَالْأَنْكِحَةِ وَالْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا، وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى، وَإِنْ كَانَ أَخْذُهُ مِنْ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهِ هِبَةً أَوْ سَرِقَةً أَوْ شِرَاءً فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ حَالَ كُفْرِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِقَهْرِهِ الْمُسْلِمَ.
(وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ سَرَقَهُ أَحَدٌ مِنْ الرَّعِيَّةِ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ أَخَذَهُ) أَحَدٌ (هِبَةً فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ) لِحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ قَوْمًا أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذُوا جَارِيَةً وَنَاقَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُمْ أَيَّامًا، ثُمَّ خَرَجَتْ، فَرَكِبَتْ النَّاقَةَ، وَنَذَرَتْ إنْ نَجَّاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ فَأَخْبَرَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَذْرِهَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، بِئْسَ مَا جَزَيْتِيهَا نَذَرْتِ لِلَّهِ إنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (صَحَّ تَصَرُّفُهُ)؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ مَالِكٍ فَصَحَّ كَمَا لَوْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْكُفَّارِ (مِثْلُ أَنْ بَاعَهُ الْمُغْتَنَمَ، أَوْ رَهَنَهُ، وَيَمْلِكُ رَبُّهُ انْتِزَاعَهُ مِنْ الثَّانِي) كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْأَوَّل وَإِنْ أَوْقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لَزِمَ، وَفَاتَ عَلَى رَبِّهِ.
(وَتَمْنَعُ الْمُطَالَبَةُ التَّصَرُّفَ فِيهِ كَالشُّفْعَةِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ الطَّلَبَ بِالشُّفْعَةِ يَمْنَعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ (وَتُرَدُّ مُسْلِمَةٌ سَبَاهَا الْعَدُوُّ إلَى زَوْجِهَا)؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا وَكَذَا ذِمِّيَّةٌ (وَوَلَدُهَا) أَيْ: الْحُرَّةِ (مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (كَ) وَلَدِ (مُلَاعَنَةٍ، وَ) وَلَدِ (زِنًا)؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمْ، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً، وَأَبَى وَالِدُهَا الْإِسْلَامَ حُبِسَ، وَضُرِبَ حَتَّى يُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الْكُفْرِ.
(وَمَا لَمْ يَمْلِكُوهُ) كَالْوَقْفِ (فَلَا يُغْنَمُ بِحَالٍ، وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ إنْ وَجَدَهُ مَجَّانًا، وَلَوْ بَعْدَ إسْلَامِ مَنْ هُوَ مَعَهُ، أَوْ) بَعْدَ (قَسْمِهِ أَوْ شِرَائِهِ مِنْهُمْ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ لَهُمْ، وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُ رَبِّهِ عَنْهُ.
(وَإِنْ جُهِلَ رَبُّهُ) أَيْ: رُبُّ مَا لَا يَمْلِكُونَهُ مِنْ أَمْوَالِنَا (وُقِفَ) حَتَّى يُعْلَمَ رَبُّهُ، وَلَا يُقَسَّمُ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَنِيمَةً (وَيَمْلِكُ أَهْلُ الْحَرْبِ مَالَ مُسْلِمٍ بِأَخْذِهِ)؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ الْمُسْلِمُ مَالَ الْكَافِرِ فَكَذَا عَكْسُهُ كَالْبَيْعِ، وَكَمَا يَمْلِكُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَسَوَاءٌ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ أَوْ لَا، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ.
(وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَتِهِ إلَى دَارِ الْكُفْرِ) قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ أَثْبَتَهُ حَيْثُ وُجِدَ كَالْبَيْعِ (وَلَوْ) كَانَ أَخْذُهُمْ مَالَ مُسْلِمٍ (بِغَيْرِ قَهْرٍ، كَأَنْ أَبِقَ أَوْ شَرَدَ إلَيْهِمْ) مَالُ مُسْلِمٍ فَأَخَذُوهُ كَعَكْسِهِ (حَتَّى أُمَّ وَلَد، وَمُكَاتَبًا)؛ لِأَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ بِقِيمَتِهِمَا عَلَى مُتْلِفِهِمَا فَمَلِكُوهُمَا كَالْقِنِّ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهَا كَوَقْفٍ (وَ) مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى مِلْكِهِمْ مَالَ الْمُسْلِمِ بِأَخْذِهِ.
(لَوْ بَقِيَ مَالُ مُسْلِمٍ مَعَهُمْ) أَيْ: الْحَرْبِيِّينَ (حَوْلًا أَوْ أَحْوَالًا، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ)؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمُسْلِمِ.
(وَ) مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ (إنْ كَانَ) مَا أَخَذُوهُ (عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يُعْتَقْ)؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُهُ (وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً مُزَوَّجَةً فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ انْفِسَاخُ نِكَاحِهَا) إذَا سَبَوْهَا وَحْدَهَا كَعَكْسِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ: إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ أُخْتَانِ أَمَتَانِ، وَاسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى إحْدَاهُمَا، وَكَانَ وَطِئَهَا فَلَهُ وَطْءُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ عَنْ أُخْتِهَا.
(قَالَ الشَّيْخُ: الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ مِلْكًا مُقَيَّدًا لَا يُسَاوِي أَمْلَاكَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَى) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ رَبَّهُ إذَا أَدْرَكَهُ أَخَذَهُ إمَّا مَجَّانًا أَوْ بِالثَّمَنِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ (وَلَا يَمْلِكُونَ حَبِيسًا، وَوَقْفًا) لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْمِلْكِ فِيهِمَا، فَلَمْ يُمْلَكَا بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْحُرِّ.
(وَ) لَا يَمْلِكُونَ (ذِمِّيًّا) حُرًّا (وَ) لَا (حُرًّا) مُسْلِمًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ، فَلَا تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهِ بِحَالٍ فَإِذَا قَدَرَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَجَبَ رَدُّهُمْ إلَى ذِمَّتِهِمْ، وَلَمْ يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهُمْ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُمْ بَاقِيَةٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ مَا يُوجِبُ نَقْضَهَا.
(وَمَنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ: الْأَسِيرَ الْحُرَّ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (مِنْهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ (وَأَطْلَقَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ رَجَعَ بِثَمَنِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، وَلَا يُرَدُّ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ بِحَالٍ وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ بِدَلِيلِهِ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ: الْمُشْتَرِي وَالْأَسِيرُ (فِي) قَدْرِ (ثَمَنِهِ، فَقَوْلُ أَسِيرٍ)؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهَا (وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ عَبْدٍ مَيْسُورٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ) قِيلَ لِأَحْمَدَ: أُصِيبَ غُلَامٌ فِي بِلَادِ الرُّومِ فَقَالَ: أَنَا لِفُلَانٍ رَجُلٌ بِمِصْرَ قَالَ إذَا عُرِفَ الرَّجُلُ لَمْ يُقَسَّمْ، وَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَقِيلَ لَهُ: أَصَبْنَا مَرْكَبًا فِي بِلَادِ الرُّومِ فِيهَا النَّوَاتِيَّةُ قَالُوا هَذَا لِفُلَانٍ قَالَ هَذَا قَدْ عُرِفَ صَاحِبُهُ لَا يُقَسَّمُ.
(وَ) يُعْمَلُ (بِوَسْمٍ عَلَى حَبِيسٍ) وَنَظِيرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي أَخِرِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ: الْعَمَلُ بِمَا عَلَى أَسْكُفَّةِ مَدْرَسَةٍ، وَنَحْوِهَا، وَكُتُبِ عِلْمٍ بِخِزَانَةٍ مُدَّةً طَوِيلَةً لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا.
(وَمَا أَخَذَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ) فَاعِلٍ أَخَذَ (هُوَ مَعَ الْجَيْشِ وَحْدَهُ أَوْ بِجَمَاعَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَأْخُوذِ (بِدُونِهِمْ مِنْ رِكَازٍ أَوْ مُبَاحٍ لَهُ قِيمَةٌ فِي مَكَانِهِ كَالدَّارَصِينِيِّ، وَسَائِرِ الْأَخْشَابِ، وَالْأَحْجَارِ، وَالصُّمُوغِ، وَالصُّيُودِ، وَلُقَطَةِ حَرْبِيٍّ، وَالْعَسَلِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمُبَاحَةِ، وَنَحْوِهِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ)؛ لِأَنَّهُ مَالٌ حَصَلَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ قَهْرًا بِقُوَّةِ الْجَيْشِ، فَكَانَ غَنِيمَةً كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ (فِي الْأَكْلِ مِنْهُ) إذَا كَانَ طَعَامًا.
(وَغَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ الْأَكْلِ فَثَبَتَتْ لَهُ أَحْكَامُ الْغَنِيمَةِ كُلِّهَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْأَخْذُ لِذَلِكَ (مَعَ الْجَيْشِ، كَالْمُتَلَصِّصِ، وَنَحْوِهِ، فَالرِّكَازُ لِوَاجِدِهِ) كَمَا وُجِدَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (وَفِيهِ) أَيْ: الرِّكَازِ (الْخُمْسُ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ وَمَا عَدَا الرِّكَاز مِنْ الْمُبَاحَاتِ يَكُونُ أَيْضًا لِوَاجِدِهِ غَيْرُ مَخْمُوسٍ، حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ.
(الْمُبَاحَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ: لِلْمَأْخُوذِ مِنْ مُبَاحِ دَارِ الْحَرْبِ (قِيمَةٌ بِنَقْلِهِ كَالْأَقْلَامِ وَالْمِسَنِّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (الْمِيمِ وَالْأَدْوِيَةِ، فَهُوَ لِأَخِذِهِ)، وَلَوْ وَصَلَ إلَيْهِ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ (وَلَوْ صَارَ لَهُ قِيمَةٌ بِنَقْلِهِ، وَمُعَالَجَتِهِ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ طَارِئٌ.
(وَإِنْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَكَمَا لَوْ وَجَدَهَا فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ) يُعَرِّفُهَا حَوْلًا، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهَا مَلَكَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْمُشْرِكِينَ فَهِيَ غَنِيمَةٌ.
(وَإِنْ شَكَّ هَلْ هِيَ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ) مِنْ مَتَاعِ (الْمُشْرِكِينَ عَرَّفَهَا حَوْلًا) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ تُعْرَفْ (جَعَلَهَا فِي الْغَنِيمَةِ)؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا مِنْ مَتَاعِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُبْدِعِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْكِيَا فِيهِ خِلَافًا، وَمَحَلُّهُ: إذَا وَصَلَ إلَيْهَا بِقُوَّةِ الْجَيْشِ (وَيُعَرِّفُهَا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ) نَصَّ عَلَيْهِ، أَيْ: يُتِمُّ تَعْرِيفَهَا فِي بِلَادِنَا، وَأَمَّا الشُّرُوعُ فَمِنْ حِينِ الْوِجْدَانِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي.
(وَإِنْ تَرَكَ صَاحِبُ الْقَسْمِ) أَيْ: الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَمْرُهُ، وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ أَوْ نَائِبُهُ (شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ عَجْزًا عَنْ حَمْلِهِ حَمْلِهِ وَلَمْ يَشْتَرِ) ذَلِكَ الْمَتْرُوكَ (فَقَالَ) صَاحِبُ الْقَسْمِ (مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا مَلَكَهُ) كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ.
(وَلِلْأَمِيرِ إحْرَاقُهُ) حَتَّى لَا يَعُودُ إلَيْهِ الْكُفَّارُ، فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ (وَ) لِلْأَمِيرِ (أَخَذُهُ لِنَفْسِهِ كَغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْأَمِيرِ فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ أَرَادَ الْأَمِيرُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَوَكَّلَ مَنْ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ) لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الْمُحَابَاةُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ بَعْضَ الْغَانِمِينَ لِحِصَّتِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ الْأَمِيرَ أَوْ وَكِيلَهُ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْوِكَالَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَغْنَمِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ يُحَابِي؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ ابْنُهُ فِي غَزْوَةِ جَلُولَاءَ، وَقَالَ: إنَّهُ يُحَابِي احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَلِأَنَّهُ هُوَ الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ، فَكَأَنَّهُ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِ نَفْسِهِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ ابْنُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ جَلُولَاءَ لِلْمُحَابَاةِ، وَظَاهِرُهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ.
(وَتُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ)؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مُبَاحٌ فَمُلِكَتْ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ، وَيُؤَيِّدُهُ: أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُمْ فِي رَقِيقِهِمْ الَّذِينَ حَصَلُوا فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمْ فِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ وَلَحِقَ بِجَيْشِ الْمُسْلِمِينَ صَارَ حُرًّا.
وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ بِاسْتِيلَاءٍ تَامٍّ لَا فِي فَوْرِ الْهَزِيمَةِ لِلَبْسِ الْأَمْرِ، هَلْ هُوَ حِيلَةٌ أَوْ ضَعْفٌ؟ وَفِي الْبُلْغَةِ كَذَلِكَ وَإِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: أَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْتِيلَاءِ، وَإِزَالَةَ أَيْدِي الْكُفَّارِ عَنْهَا كَافٍ.
(وَيَجُوزُ قَسْمُهَا وَتَبَايُعُهَا) فِي دَارِ الْحَرْبِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ لِلْأَوْزَاعِيِّ هَلْ قَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ الْغَنَائِمِ فِي الْمَدِينَةِ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ وَقَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ بَنِي الْمُصْطَلَقِ عَلَى مِيَاهِهِمْ، وَغَنَائِمَ حَنِينٍ بِأَوْطَاسٍ؛ وَلِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِالِاسْتِيلَاءِ فَجَازَ قِسْمَتُهَا فِيهَا وَبَيْعُهَا كَمَا لَوْ أُحْرِزَتْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
(وَهِيَ) أَيْ: الْغَنِيمَةُ (لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ «الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ» (مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ إذَا كَانَ قَصْدُهُ الْجِهَادَ، قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، مِنْ تُجَّارِ الْعَسْكَرِ، وَأُجَرَاءِ التُّجَّارِ، وَلَوْ) كَانَ الْأَجِيرُ (لِلْخِدْمَةِ وَلِمُسْتَأْجَرٍ مَعَ جُنْدِيٍّ كَرِكَابِيٍّ وَسَايِسٍ، وَالْمُكَارِي وَالْبَيْطَارِ وَالْحَدَّادِ وَالْإِسْكَافِ وَالْخَيَّاطِ وَالصُّنَّاعِ) أَيْ: أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ (الَّذِينَ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ وَمَعَهُمْ السِّلَاحُ)؛ لِأَنَّهُ رِدْءٌ لِلْمُقَاتِلِ لِاسْتِعْدَادِهِ أَشْبَهَ الْمُقَاتِلَ وَحَمَلَ الْمَجْدُ إسْهَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَسْلَمَةَ وَكَانَ أَجِيرًا لِطَلْحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَلَى أَجِيرٍ قَصَدَ مَعَ الْخِدْمَةِ الْجِهَادَ (حَتَّى مَنْ مُنِعَ لِدَيْنِهِ) أَيْ: مَنَعَهُ الشَّرْعُ الْجِهَادَ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ (أَوْ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ) مِنْ الْجِهَادِ، فَيُسْهَمُ لَهُ (لِتَعَيُّنِهِ) أَيْ: الْجِهَادِ (بِحُضُورِهِ) أَيْ: لِصَيْرُورَةِ الْجِهَادِ فَرْضَ عَيْنٍ بِحُضُورِهِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ إذَنْ عَلَى الْإِذْنِ.
(وَ) يُعْطَى أَيْضًا (لِمَنْ بَعَثَهُمْ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةٍ كَرَسُولٍ) مُخَوَّفٍ وَغَزَا (وَ) يُعْطَى أَيْضًا (لِمَنْ بَعَثَهُمْ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةٍ كَرَسُولٍ وَجَاسُوسٍ وَدَلِيلٍ، وَشِبْهِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا، وَلِمَنْ خَلَفَهُ الْأَمِيرُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَلَوْ مَرِضَ بِمَوْضِعٍ مَخُوفٍ وَغَزَا) الْأَمِيرُ (وَلَمْ يَمُرَّ بِهِمْ فَرَجَعُوا نَصًّا فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُسْهَمُ لَهُمْ)؛ لِأَنَّهُمْ فِي مَصْلَحَةِ الْجَيْشِ أَوْ خَلَفَهُمْ الْأَمِيرُ وَهُمْ أَوْلَى بِالْإِسْهَامِ مِمَّنْ شَهِدَ وَلَمْ يُقَاتِلْ، وَ.
(لَا) يُسْهَمُ (لِمَرِيضٍ عَاجِزٍ عَنْ الْقِتَالِ كَالزَّمِنِ وَالْمَفْلُوجِ وَالْأَشَلِّ)؛ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِمْ (لَا) إنْ كَانَ الْمَرَضُ لَا يَمْنَعُ الْقِتَالَ كَ (الْمَحْمُومِ وَمَنْ بِهِ صُدَاعٌ وَنَحْوُهُ) كَوَجَعِ ضِرْسٍ فَيُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ (وَلَا) يُسْهَمُ (لَكَافِرٍ وَعَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا) لِعِصْيَانِهِمَا فَإِنْ أُذِنَ لَهُمَا أُسْهِمَ لِلْكَافِرِ وَرُضِخَ لِلْعَبْدِ (وَلَا) يُسْهَمُ (لِمَنْ لَمْ يَسْتَعِدّ لِلْقِتَالِ مِنْ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ) كَالْخَدَمِ وَالصُّنَّاعِ (؛ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِمْ) لِلْقِتَالِ (وَلَا) يُسْهَمُ (لِمَنْ نَهَى الْإِمَامُ عَنْ حُضُورِهِ) الْقِتَالَ (أَوْ) غَزَا (بِلَا إذْنِهِ) لِعِصْيَانِهِ (وَلَا لِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ)؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ.
(وَ) لَا (فَرَسٍ عَجِيفٍ وَنَحْوِهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْجِهَادِ عَلَيْهِ (وَلَا لِمُخَذِّلٍ، وَمُرْجِفٍ، وَلَوْ تَرَكَا ذَلِكَ وَقَاتَلَا) وَكَذَا رَامٍ بَيْنَنَا بِفِتَنٍ وَنَحْوِهِ (وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ لِعِصْيَانِهِمْ وَكَذَا مَنْ هَرَبَ مِنْ كَافِرِينَ) لَا يُسْهَمُ وَلَا يُرْضَخُ لَهُ لِعِصْيَانِهِ (وَ) لَا يُسْهَمُ وَلَا يُرْضَخُ (لِخَيْلِهِمْ) تَبَعًا لَهُمْ.
(وَإِذَا لَحِقَ الْمُسْلِمِينَ مَدَدٌ) هُوَ مَا مَدَدْتُ بِهِ قَوْمًا فِي الْحَرْبِ (أَوْ هَرَبَ مِنْ الْكُفَّارِ إلَيْنَا أَسِيرٌ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ أَوْ صَارَ الْفَارِسُ رَاجِلًا أَوْ عَكْسُهُ: قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ، أُسْهِمَ لَهُمْ وَجُعِلُوا كَمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ كُلَّهَا) لِقَوْلِ عُمَرَ؛ وَلِأَنَّهُمْ شَارَكُوا الْغَانِمِينَ فِي السَّبَبِ، فَشَارَكُوهُمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحَرْبِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا.
(وَإِنْ كَانَ) لُحُوقُ الْمَدَدِ أَوْ الْأَسِيرِ أَوْ إسْلَامُ الْكَافِرِ أَوْ بُلُوغُ الصَّبِيِّ أَوْ عِتْقُ الْعَبْدِ (بَعْدَ التَّقَضِّي) لِلْحَرْبِ (وَلَوْ لَمْ تُحْرَزْ) الْغَنِيمَةُ، فَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا فَقَالَ أَبَانُ اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: اجْلِسْ يَا أَبَانُ وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
؛ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَدْرَكُوا بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَلَوْ لَحِقَهُمْ عَدُوٌّ وَقَاتَلَ الْمَدَدُ مَعَهُمْ حَتَّى سَلَّمُوا الْغَنِيمَةَ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِيهَا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَاتَلُوا عَنْ أَصْحَابِهَا؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ فِي أَيْدِيهِمْ وَحَوْزِهِمْ، نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَقَالَ قِيلَ لَهُ: إنَّ أَهْلَ الْمِصِّيصَةِ غَنِمُوا ثُمَّ اسْتَنْقَذَ مِنْهُمْ الْعَدُوُّ، فَجَاءَ أَهْلُ طَرَطُوسَ فَقَاتَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى اسْتَنْقَذُوهُمْ؟ فَقَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصْطَلِحُوا أَيْ: لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ إذَا مَلَكُوهَا بِالْحِيَازَةِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُ الْكُفَّارِ بِأَخْذِهَا.
(أَوْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ أَوْ انْصَرَفَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ) لِلْغَنِيمَةِ (فَلَا) شَيْءَ لَهُ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْتَحِقُّ سَهْمَهُ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، سَوَاءٌ أُحْرِزَتْ الْغَنِيمَةِ أَوْ لَا، وَيَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْقَاضِي قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي (وَكَذَا لَوْ أُسِرَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: أَثْنَاءِ الْوَقْعَةِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ الْوَقْعَةَ.

.فَصْلٌ: كيفية تقسيم الغنائم:

وَإِذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بَدَأَ بِالْأَسْلَابِ فَدَفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ يَسْتَحِقُّهَا غَيْرَ مَخْمُوسَةٍ (فَإِنْ كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ مَالٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ دُفِعَ إلَيْهِ)؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَيَّنٌ (ثُمَّ) يَبْدَأُ (بِمُؤْنَةِ الْغَنِيمَةِ مِنْ أُجْرَةِ نَقَّالٍ، وَحَمَّالٍ، وَحَافِظٍ، وَمُخَزِّنٍ، وَحَاسِبٍ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْغَنِيمَةِ.
(وَإِعْطَاءِ جَعْلِ مَنْ دَلَّهُ عَلَى مَصْلَحَةٍ) كَطَرِيقٍ أَوْ قَلْعَةٍ (إنْ شَرَطَهُ مِنْ) مَالِ (الْعَدُوِّ) قَالَ فِي الشَّرْحِ:؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَبِ لَكِنْ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بَعْدَ الْخُمْسِ (ثُمَّ يُخَمِّسُ الْبَاقِي)، فَيَجْعَلُهُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ (فَيُقَسِّمُ خُمُسَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الْآيَةَ وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ سَهْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} وَأَنَّ الْجِهَةَ جِهَةُ مَصْلَحَةِ (سَهْمِ اللَّهِ) تَعَالَى.
(وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَذِكْرُ اسْمِهِ تَعَالَى لِلتَّبَرُّكِ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةَ لَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ووَسَلَّمَ «يَصْنَعُ بِهَذَا السَّهْمِ مَا شَاءَ» ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ (وَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ بَاقٍ (يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ) لِلْمَصَالِحِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَيْسَ لِي مِنْ الْفَيْءِ إلَّا الْخُمُسُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلَا يَكُونُ مَرْدُودًا عَلَيْنَا إلَّا إذَا صُرِفَ فِي مَصَالِحِنَا، وَفِي الِانْتِصَارِ: هُوَ لِمَنْ يَلِي الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ.
(وَخُصَّ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيْضًا مِنْ الْمَغْنَمِ بِالصَّفِيِّ، وَهُوَ شَيْءٌ يَخْتَارُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَجَارِيَةٍ، وَعَبْدٍ، وَثَوْبٍ، وَسَيْفٍ، وَنَحْوِهِ)، وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَانْقَطَعَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ بَاقٍ لِلْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ.
(وَسَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى) لِلْآيَةِ، وَهُوَ ثَابِتٌ بَعْدَ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْقَطِعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَاسِخٌ، وَلَا مُغَيِّرٌ (وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ) لِمَا رَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ «قَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بَيْنَ هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَقَالَ: إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ».
وَفِي رِوَايَةٍ «لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا إسْلَامٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ فَرَعَى لَهُمْ نُصْرَتَهُمْ، وَمُوَافَقَتَهُمْ لِبَنِي هَاشِمٍ (وَيَجِبُ تَعْمِيمُهُمْ، وَتَفْرِقَتُهُ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، حَيْثُ كَانُوا حَسْبَ الْإِمْكَانِ)؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ فَوَجَبَ فِيهِ ذَلِكَ كَالتَّرِكَةِ؛ وَلِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ، فَفَضَّلَ فِيهِ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى كَالْمِيرَاثِ، وَيُسَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ (غَنِيُّهُمْ، وَفَقِيرُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ فُقَرَاءَ قَرَابَتِهِ، بَلْ أَعْطَى الْغَنِيَّ كَالْعَبَّاسِ، وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْفَقْرِ يُنَافِي ظَاهِرَ الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْقَرَابَةِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ كَالْمِيرَاثِ (جَاهَدُوا أَوْ لَا) لِعُمُومِ الْآيَةِ (فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ إلَى عُمَّالِهِ فِي الْأَقَالِيمِ يَنْظُرُوا مَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ، الْمُتَعَلِّقِ بِذَوِي الْقُرْبَى (فَإِنْ اسْتَوَتْ الْأَخْمَاسُ) الْمُتَحَصِّلَةُ مِنْ الْأَقَالِيمِ (فَرَّقَ كُلَّ خُمْسٍ فِيمَا قَارَبَهُ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ الْحَاصِلِ مِنْهُ، وَمَا قَارَبَهُ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) الْأَخْمَاسُ (أَمَرَ بِحَمْلِ الْفَاضِلِ لِيَدْفَعَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ) لِيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمْ.
(فَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا) أَيْ: بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ سَهْمَهُمْ (رُدَّ فِي سِلَاحٍ، وَكُرَاعٍ) أَيْ: خَيْلِ عُدَّةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ (وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِيهِمْ)؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ (وَلَا) شَيْءَ (لِأَوْلَادِ بَنَاتِهِمْ) مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْفَعْ إلَى أَقَارِبِ أُمِّهِ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَلَا إلَى بَنِي عَمَّاتِهِ كَالزُّبَيْرِ.
(وَلَا) شَيْءَ (لِغَيْرِهِمْ) أَيْ: غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ (مِنْ قُرَيْشٍ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(مَثَلًا وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى) لِلْآيَةِ (الْفُقَرَاءِ)؛ لِأَنَّ اسْمَ الْيَتِيمِ فِي الْعُرْفِ لِلرَّحْمَةِ، وَمَنْ أُعْطِيَ لِذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْحَاجَةُ بِخِلَافِ الْقَرَابَةِ (وَالْيَتِيمُ مَنْ لَا أَبَ لَهُ، وَلَمْ يَبْلُغْ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الزِّنَا»، وَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا (وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى) لِظَاهِرِ الْآيَةِ.
(وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ) لِلْآيَةِ، وَهُمْ مَنْ لَا يَجِدُ تَمَامَ كِفَايَتِهِ (فَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْفُقَرَاءُ، فَهُمَا صِنْفَانِ فِي الزَّكَاةِ فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ) لِلْآيَةِ.
(لِلْآيَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي ذَوِي قُرْبَى وَيَتَامَى وَمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ سَبِيلٍ كَوْنُهُمْ مُسْلِمِينَ)؛ لِأَنَّ الْخُمْسَ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ لِكَافِرٍ فِيهَا حَقٌّ كَالزَّكَاةِ.
(وَ) يَجِبُ (أَنْ يُعْطَوْا كَالزَّكَاةِ) أَيْ: يُعْطَى هَؤُلَاءِ الْخُمْسَ كَمَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ فَيُعْطَى الْمِسْكِينُ تَمَامَ كِفَايَتِهِ مَعَ عَائِلَتِهِ سَنَةً، وَكَذَا الْيَتِيمُ، وَيُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ (وَيَعُمُّ بِسِهَامِهِمْ جَمِيعَ الْبِلَادِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ)؛ لِأَنَّ كُلَّ سَهْمٍ مِنْهَا مُسْتَحَقٌّ بِوَصْفٍ مُوجِبٍ دَفْعَةً إلَى كُلِّ مُسْتَحِقِّيهِ كَالْمِيرَاثِ، فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ إلَى عُمَّالِهِ بِالْأَقَالِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَوِي الْقُرْبَى.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ أَسْبَابٌ كَالْمِسْكِينِ الْيَتِيمِ ابْنِ السَّبِيلِ اسْتَحَقَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا)؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ لِأَحْكَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُهَا مَعَ الِاجْتِمَاعِ كَالِانْفِرَادِ (لَكِنْ لَوْ أَعْطَاهُ لِيُتْمِهِ فَزَالَ فَقْرُهُ) بِأَنْ اسْتَغْنَى بِمَا أُعْطِيَهُ لِيُتْمِهِ (لَمْ يُعْطَ لِفَقْرِهِ شَيْئًا)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فَقِيرًا (وَلَا حَقَّ فِي الْخُمْسِ لِكَافِرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا لِقِنٍّ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ لَكَانَ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ لَا يَمْلِكُ.
(وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَلَوْ مُفْلِسًا حَقَّهُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (فَهُوَ لِلْبَاقِينَ) مِنْ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ لِضَعْفِ الْمِلْكِ؛ وَلِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ فَإِذَا أَسْقَطَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ كَانَ لِلْبَاقِينَ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ لِقُوتِهِ.
(وَإِنْ أَسْقَطَ الْكُلُّ) أَيْ: كُلُّ الْغَانِمِينَ حَقَّهُمْ مِنْ الْغَنِيمَةِ (فَ) هِيَ (فَيْءٌ) أَيْ: صَارَتْ فَيْئًا، فَتُصْرَفُ مَصْرِفَهُ.
(ثُمَّ يُعْطِي) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ (النَّفَلَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: بَعْدَ الْخُمْسِ، لِمَا رَوَى مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ مَرْفُوعًا «لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ مَالٌ اُسْتُحِقَّ بِالتَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ، فَكَانَ (مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ)، وَقُدِّمَ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُ الْغَانِمِينَ، فَأَشْبَهَ الْأَسْلَابَ (وَهُوَ) أَيْ: النَّفَلُ (الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ لِمَصْلَحَةٍ، وَهُوَ الْمَجْعُولُ لِمَنْ عَمِلَ عَمَلًا، كَتَنَفُّلِ السَّرَايَا الثُّلُثَ، وَالرُّبْعَ، وَنَحْوَهُ، وَقَوْلِ الْأَمِيرِ مَنْ طَلَعَ حِصْنًا أَوْ نَقَبَهُ) فَلَهُ كَذَا.
(وَ) قَوْلِهِ (مَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ، وَنَحْوِهِ فَلَهُ كَذَا)، وَكَذَا مَنْ دَلَّ عَلَى قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ مَا فِيهِ غَنَاءٌ (وَيَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ فَكَانَ بَعْدَ الْخُمْسِ كَسِهَامِ الْغَانِمِينَ (وَهُمْ الْعُبَيْدُ) لِحَدِيثِ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ «شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْقِتَالِ كَالصَّبِيِّ.
(كَالصَّبِيٍّ وَلِمُعْتَقٍ بَعْضُهُ بِحِسَابٍ مِنْ رَضْخٍ وَسِهَامٍ) كَالْحَدِّ (كَالْحَدِّ وَالنِّسَاءِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَيُحْذَيْنَ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ أَسْهَمَ لِامْرَأَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّاوِي سَمَّى الرَّضْخَ سَهْمًا (وَالصِّبْيَانُ الْمُمَيِّزُونَ) لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ «كَانَ الصِّبْيَانُ يَحْذُونَ مِنْ الْغَنِيمَةِ إذَا حَضَرُوا الْغَزْوَ»، وَيَكُونُ الرَّضْخُ لِلْمَذْكُورِينَ (عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ، وَالْفَضْلُ عَلَى قَدْرِ غِنَائِهِمْ، وَنَفْعِهِمْ) بِخِلَافِ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مَوْكُولٍ إلَى اجْتِهَادِهِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ كَالْحُدُودِ بِخِلَافِ الرَّضْخِ (وَمُدَبَّرٌ، وَمُكَاتَبٌ كَقِنٍّ، وَخُنْثَى مُشْكِلٌ كَامْرَأَةٍ)؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ (فَإِنْ انْكَشَفَ حَالُهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ مَثَلًا وَالْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهُمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَجُلٌ أَتَمَّ لَهُ سَهْمَ رَجُلٍ) كَغَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ.
(وَيُسْهَمُ لَكَافِرٍ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ فَأَسْهَمَ لَهُمْ»؛ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ نَقْصٌ فِي الدِّينِ فَلَمْ يَمْنَعْ اسْتِحْقَاقَ السَّهْمِ كَالْفِسْقِ، بِخِلَافِ الرِّقِّ فَإِنَّهُ نَقْصٌ فِي الدُّنْيَا، وَالْأَحْكَامِ (وَلَا يَبْلُغُ بِرَضْخِ الرَّاجِلِ سَهْمَ) رَاجِلٍ، وَلَا بِرَضْخِ (الْفَارِسِ سَهْمَ فَارِسٍ)؛ لِأَنَّ السَّهْمَ أَكْمَلُ مِنْ الرَّضْخِ فَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ إلَيْهِ كَمَا لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ، وَلَا بِالْحُكُومَةِ دِيَةَ الْعُضْوِ، وَيَكُونُ الرَّضْخُ لَهُ، وَلِفَرَسِهِ (فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: إنْ غَزَا الصَّبِيُّ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى فَرَسٍ لَهَا، رَضَخَ لِلْفَرَسِ، وَلِرَاكِبِهَا مِنْ غَيْرِ إسْهَامٍ لِلْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ كَانَ سَهْمًا لِمَالِكِهَا فَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَالِكُهَا السَّهْمَ بِحُضُورِهِ لِلْقِتَالِ فَبِفَرَسِهِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا غَزَا عَلَى فَرَسِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ سَهْمهَا لِغَيْرِ رَاكِبهَا، وَهُوَ سَيِّدُهُ.
(فَإِنْ غَزَا الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يُرْضَخْ لَهُ مَثَلًا وَلَا لِفَرَسِهِ) لِعِصْيَانِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) غَزْوُ الْعَبْدِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ) رَضَخَ لِلْعَبْدِ، وَأَسْهَمَ لِلْفَرَسِ (فَيُؤْخَذُ لِلْفَرَسِ) الْعَرَبِيِّ (سَهْمَانِ) كَفَرَسِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ فَرَسٌ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، وَقُوتِلَ عَلَيْهِ، فَأَسْهَمَ لَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ رَاكِبَهُ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ فَرَسِ الصَّبِيِّ، وَنَحْوِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ سَيِّدِهِ فَرَسٌ غَيْرُ فَرَسِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ) مَعَ السَّيِّدِ فَرَسٌ غَيْرُ فَرَسِ الْعَبْدِ (لَمْ يُسْهَمْ لِفَرَسِ الْعَبْدِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْسَمُ لِأَكْثَرِ مِنْ فَرَسَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْعَبْدِ فَرَسَانِ قَسَمَ لَهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ سَيِّدِهِ غَيْرُهُمَا، وَرَضَخَ لِلْعَبْدِ، وَسَهْمُ الْفَرَسَيْنِ لِمَالِكِهِمَا، وَيُعَايَى بِهَا فَيُقَالُ: يَسْتَحِقُّ الرَّضْخَ، وَالسَّهْمَ.
(وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْغَنِيمَةِ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ، كَعَبِيدٍ، وَصِبْيَانٍ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ) بِالْإِذْنِ (فَغَنِمُوا أَخَذَ) الْإِمَامُ (خُمُسَهُ، وَمَا بَقِيَ لَهُمْ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الْآيَةَ (وَهَلْ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ)؛ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا كَالْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ (أَوْ) يُقَسَّمُ (عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُمْ رِجَالٌ أَحْرَارٌ؟ (احْتِمَالَانِ)، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ أُعْطِيَ سَهْمًا، وَفُضِّلَ عَلَيْهِمْ) لِمُزَيَّتِهِ بِالْبُلُوغِ، وَالْحُرِّيَّةِ (وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ مَنْ بَقِيَ)، وَهُمْ الْعَبِيدُ أَوْ الصِّبْيَانُ (عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ التَّفْضِيلِ)؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَهُ سَهْمٌ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.
(وَإِنْ غَزَا جَمَاعَةٌ الْكُفَّارِ وَحْدَهُمْ فَغَنِمُوا فَغَنِيمَتُهُمْ لَهُمْ)؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ شَهِدُوا الْوَقْعَةَ (وَهَلْ يُؤْخَذُ خُمْسُهَا؟ احْتِمَالَانِ).