فصل: فَصْل: الْحُكمُ إذا أَقَرَّ مُكَلَّفٌ بِنَسَبِ صَغِيرٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: الْحُكمُ إذا أَقَرَّ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَوْ آبِقًا بِحَدٍّ:

وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَوْ آبِقًا بِحَدٍّ أَوْ أَقَرَّ عَبْدٌ (بِطَلَاقٍ أَوْ) أَقَرَّ قِنٌّ (بِقِصَاصٍ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أُخِذَ بِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْ بَدَنِهِ وَهُوَ دُونَ سَيِّدِهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ إلَّا الْمَالَ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَمَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) الْقِنُّ (بِقِصَاصٍ فِي النَّفْسِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ يَسْقُطُ حِقُّ السَّيِّدِ بِهِ أَشْبَهَ الْإِقْرَارَ بِقَتْلِ الْخَطَأِ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي أَنْ يُقِرَّ لِمَنْ يَعْفُو عَلَى مَالٍ يَسْتَحِقُّ رَقَبَتَهُ لِتَخْلُصَ مِنْ سَيِّدِهِ (وَيَتْبَعَ بِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ إذَا أَقَرَّ بِهِ فِي رِقِّهِ (بَعْدَ الْعِتْقِ) لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ (وَطَلَبَ جَوَابِ الدَّعْوَى) لِلْقَتْلِ عَمْدًا (مِنْهُ) أَيْ الْقِنِّ (وَمِنْ سَيِّدِهِ) جَمِيعًا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقِنِّ (بِمَالٍ أَوْ بِمَا يُوجِبُهُ) أَيْ الْمَالَ (كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ) وَالْعَمْدِ الَّذِي لَا يُوجِبُ قِصَاصًا بِحَالٍ كَالْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ (صَحَّ) إقْرَارُهُ لِأَنَّ الْمَالَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَهِيَ مَالُ السَّيِّدِ فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ (وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ السَّيِّدِ (دِيَةُ ذَلِكَ) يَعْنِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ، كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالنِّيَّةِ.
وَ(لَا) يَصِحُّ إقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى قِنِّهِ (بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا وَلَوْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ إلَّا الْمَالَ.
(وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ) وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ (بِجِنَايَةِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةِ مَالٍ) لَمْ يُقْبَلْ عَلَى السَّيِّدِ (أَوْ) أَقَرَّ الْقِنُّ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ بِمَالٍ عَنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ (أَقَرَّ بِمَالٍ) مُطْلَقًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَوْنَهُ عَنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُقْبَلْ عَلَى السَّيِّدِ (أَوْ) أَقَرَّ مِنْ مَأْذُونٍ لَهُ وَمِثْلُهُ حُرٌّ صَغِيرٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ) كَقَرْضٍ وَجِنَايَةٍ (وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ (عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الْقِنِّ (يَمِينٌ عَلَى مَالٍ فَنَكَلَ عَنْهَا فَكَإِقْرَارِهِ فَلَا يَجِبُ الْمَالُ) لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ عَلَى غَيْرِهِ (وَسَوَاءٌ كَانَ مَا أَقَرَّ) الْقِنُّ (بِسَرِقَتِهِ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا فِي يَدِ السَّيِّدِ أَوْ يَدِ الْعَبْدِ وَيَتْبَعُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ.
(وَيُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ فِي الْمَالِ) إذَا أَقَرَّ بِهَا (فِي الْحَالِ) أَيْ حَالِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقُّ لَهُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ بِطَرَفٍ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِي عَبْدٍ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ دَرَاهِمَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ سَرَقَهَا مِنْ رَجُلٍ وَالرَّجُلُ يَدَّعِي ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ سَرَقَ الدَّرَاهِمَ مِنْهُ (وَالسَّيِّدُ يُكَذِّبُهُ فَالدَّرَاهِمُ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْمَالَ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ فَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ (وَيُقْطَعُ الْعَبْدُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَتْبَعُ بِذَلِكَ) الْمَالُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ (بَعْدَ الْعِتْقِ) لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ (وَمَا صَحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ) كَالْحَدِّ وَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ (فَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ) وَحْدَهُ فَطُلِبَ جَوَابُ دَعْوَاهُ مِنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ كَالْمَالِ الْخَصْمُ فِيهِ (سَيِّدُهُ) وَالْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ هُمَا الْخَصْمُ فِيهِ كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ مُكَاتَبٌ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ وَذِمَّتِهِ) وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِالسَّيِّدِ (وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَب (عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِجِنَايَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ بِمَالٍ لِسَيِّدِهِ أَوْ) أَقَرَّ (سَيِّدُهُ لَهُ) بِمَالٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْإِقْرَارُ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقَ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ قَالَهُ يَمْلِكُ كَسْبَهُ وَمَنَافِعَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ إقْرَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بِنَحْوِ حَدٍّ.
(وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ) أَوْ الْأَمَةُ (بِرِقِّهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ لَمْ يُقْبَلْ) وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِذَلِكَ قُبِلَ لِأَنَّهُ فِي يَدِ السَّيِّدِ لَا فِي يَدِ نَفْسِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِأَلْفٍ وَصَدَّقَهُ صَحَّ) ذَلِكَ (وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَيَكُونُ كَالْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْأَلْفَ بَدَلٌ عَنْ رَقَبَتِهِ (فَإِنْ أَنْكَرَ) الْعَبْدُ شِرَاءَهُ نَفْسَهُ حَلَفَ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ (وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ (وَيُعْتَقُ) الْعَبْدُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ التَّصْدِيقِ وَالْإِنْكَارِ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ وَالْأَمَةُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ وَنَظَائِرُهُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ غَيْرِهِ بِمَالٍ صَحَّ) الْإِقْرَارُ (وَكَانَ) الْمَالُ (لِمَالِكِهِ) لِأَنَّهُ هُوَ الْجِهَةُ الَّتِي يَصِحُّ بِهَا الْإِقْرَارُ فَتَعَيَّنَ جَعْلُ الْمَالِ لَهُ فَكَانَ الْإِقْرَارُ لِسَيِّدِهِ (وَ) حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ بِتَصْدِيقِهِ وَ(يَبْطُل بِرَدِّهِ) أَيْ رَدِّ مَالِكِهِ لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ كَيَدِ سَيِّدِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ مُكَلَّفٌ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (بِنِكَاحٍ) فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ صَحَّ قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِنِكَاحٍ صَحَّ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ فِي ثُبُوتِ نِكَاحِ الْعَبْدِ ضَرَرًا عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِتَصْدِيقِ السَّيِّدِ.
(أَوْ) أَقَرَّ لِقِنٍّ (بِقِصَاصٍ أَوْ تَعْزِيرٍ لِقَذْفٍ فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ صَحَّ) الْإِقْرَارُ (وَلَهُ) أَيْ الْقِنِّ (الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَالْعَفْوُ عَنْهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مُطَالَبَةُ) الْمُقِرِّ (بِذَلِكَ وَلَا عَفْوَ عَنْهُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِيهِ دُونَ سَيِّدِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِبَهِيمَةٍ) بِشَيْءٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْإِقْرَارُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ وَلَا لَهَا أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ.
(وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ بِسَبَبِ هَذِهِ الْبَهِيمَةِ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لِأَحَدٍ) لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ ذِكْرَ الْمُقَرِّ لَهُ (وَإِنْ قَالَ لِمَالِكِهَا) أَوْ لِزَيْدٍ (عَلَيَّ أَلْفٌ بِسَبَبِهَا صَحَّ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) عَلَيَّ كَذَا (بِسَبَبِ حَمْلِ هَذِهِ الْبَهِيمَةِ لَمْ يَصِحَّ) إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ شَيْءٍ بِسَبَبِ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَنْفَصِلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا وَيَدَّعِي مَالِكُهَا أَنَّهُ بِسَبَبِهِ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ) كَقَنْطَرَةِ وَسِقَايَةٍ (صَحَّ الْإِقْرَارُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا) كَغَلَّةِ وَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ عَيَّنَ السَّبَبَ (وَيَكُونُ لِمَصَالِحِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ.
(وَلَا يَصِحُّ) الْإِقْرَارُ (لِدَارٍ) وَنَحْوِهَا (إلَّا مَعَ) بَيَانِ (السَّبَبِ) مِنْ غَصْبٍ أَوْ إجَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَجْرِي عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي الْغَالِبِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهَا لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تَرْتَفِعُ بِقَوْلِ أَحَدٍ كَالْإِقْرَارِ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ) الْمُقِرُّ (وَلَمْ يُتَبَيَّنْ هَلْ أَتَتْ بِهِ) أَيْ الْوَلَدِ (فِي مِلْكِهِ أَوْ) فِي (غَيْرِهِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تَدُلُّ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَلَكَهَا بِكْرًا أَوْ صَغِيرَةً.

.فَصْل: الْحُكمُ إذا أَقَرَّ مُكَلَّفٌ بِنَسَبِ صَغِيرٍ:

وَإِنْ أَقَرَّ مُكَلَّفٌ بِنَسَبِ (صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ) بِأَنْ قَالَ (أَنَّهُ ابْنُهُ وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُولَدَ لِمِثْلِ الْمُقِرِّ) بِأَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ أَكْبَرَ مِنْهُ بِعَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ (وَلَمْ يُنَازِعْهُ مُنَازِعٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يُلْحَقُ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ.
(وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَجْنُونُ) الْمُقَرُّ بِهِ (مَيِّتًا وَرِثَهُ) لِأَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ النَّسَبِ مَعَ الْحَيَاةِ الْإِقْرَارُ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُقَرُّ بِهِ (كَبِيرًا عَاقِلًا لَمْ يَثْبُتْ) نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّ (حَتَّى يُصَدِّقَهُ) لِأَنَّ لَهُ قَوْلًا صَحِيحًا فَاعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ.
(وَإِنْ كَانَ) الْكَبِيرُ الْعَاقِلُ الْمُقَرُّ بِهِ (مَيِّتًا ثَبَتَ إرْثُهُ وَنَسَبُهُ) لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ أَشْبَهَ الصَّغِيرَ.
(وَإِنْ ادَّعَى نَسَبَ مُكَلَّفٍ فِي حَيَاتِهِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُقِرُّ، ثُمَّ صَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِأَنَّ بِتَصْدِيقِهِ حَصَلَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى التَّوَارُثِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا.
(مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَهُ أُمٌّ فَجَاءَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ تَدَّعِي زَوْجِيَّتَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (لَمْ تَثْبُتْ) الزَّوْجِيَّةُ (بِذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَقَرَّ بِنَسَبٍ صَغِيرٍ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِزَوْجِيَّةِ أُمِّهِ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ أُخْتُهُ الْبُنُوَّةَ ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
وَمَنْ أَنْكَرَ زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا كَانَ لَهَا طَلَبُهُ بِحَقِّهَا.
(وَإِنْ قَدِمَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَمَعَهَا طِفْلٌ فَأَقَرَّ بِهِ رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُهُ) مَعَ إمْكَانِهِ وَلَا مُنَازِعَ (لَحِقَهُ) نَسَبُهُ لِوُجُودِ الْإِمْكَانِ وَعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَالنَّسَبُ يُحْتَاطُ لِإِثْبَاتِهِ (وَلِهَذَا لَوْ وَلَدَتْ امْرَأَةُ رَجُلٍ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْبَتِهِ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (قُدُومٌ إلَيْهَا وَلَا عُرِفَ لَهَا خُرُوجٌ مِنْ بَلَدِهَا).
وَمَنْ لَهُ أَمَتَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ وَلَا زَوْجَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَقَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ ابْنِي أُخِذَ بِالْبَيَانِ فَإِنْ عُيِّنَ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَحُرِّيَّتُهُ وَيُطَالَبُ بِبَيَانِ الِاسْتِيلَادِ فَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتُهَا فِي مِلْكِي فَالْوَلَدُ حُرُّ الْأَصْلِ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ وَإِنْ قَالَ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَأُمُّهُ رَقِيقَةُ قِنٍّ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَتُرَقُّ الْأُخْرَى وَوَلَدُهَا وَإِنْ ادَّعَتْ الْأُخْرَى أَنَّهَا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَارِثَ عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ فَأُلْحِقَ بِهِ مَنْ تُلْحِقُهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَافَةً أَوْ أُشْكِلَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَيُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ وَتَقَدَّمَ لَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي تَمْيِيزِ النَّسَبِ وَيُجْعَلُ سَهْمُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّا نَعْلَمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْتَحِقُّ نَصِيبَ وَلَدٍ وَلَا يُعْرَفُ عَيْنُهُ فَلَا اسْتَحَقَّهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ قَالَهُ السَّامِرِيُّ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ أَوْ عَمٍّ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّ قَرَارَ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ (وَإِنْ كَانَ) إقْرَارُهُ بِنَسَبِ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ (بَعْدَ مَوْتِهِمَا) أَيْ الْأَبِ وَالْجَدِّ (وَهُوَ) أَيْ الْمُقِرُّ (الْوَارِثُ وَحْدَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَثَبَتَ النَّسَبُ) لِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فِي حُقُوقِهِ وَهَذَا مِنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ قَدْ نَفَاهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَتَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ إذَا كَانَ الْوَارِثُ ابْنَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا تَرِثُ الْمَالَ فَرْضًا وَرَدًّا وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَ مَعَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (غَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتْ) النَّسَبُ الْمُقَرُّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي حَقَّ شَرِيكِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ.
(وَلِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ مَا فَضَلَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي) بَ (الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ) مُفَصَّلًا وَبَيَانُ طَرِيقِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِأَبٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلًى أَعْتَقَهُ قُبِلَ إقْرَارُهُ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (وَلَوْ أَسْقَطَ بِهِ وَارِثًا وَفَّاهُ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِشَرْطِ خُلُوِّهِ مِنْ مُسْقِطٍ (إذَا أَمْكَنَ صَدَّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ بِأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ فِيهِ ظَاهِرُ حَالِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صِدْقُهُ كَإِقْرَارِ الْإِنْسَانِ بِمَنْ فِي سِنِّهِ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ (وَلَمْ يَدْفَعْ بِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ (نَسَبًا لِغَيْرِهِ) فَإِنْ دَفَعَ بِهِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ (وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ بِهِ) الْمُكَلَّفُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ (أَوْ كَانَ) الْمُقَرُّ بِهِ (مَيِّتًا إلَّا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ فَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُمَا) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ كَبِرَا وَعَقِلَا وَأَنْكَرَا) النَّسَبَ (لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُمَا) لِأَنَّهُ نَسَبٌ حُكِمَ بِثُبُوتِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِرَدِّهِ كَمَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ (وَلَوْ طَلَبَا إحْلَافَ الْمُقِرِّ لَمْ يُسْتَحْلَفْ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ عَادَ فَجَحَدَ النَّسَبَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَالِ.
(وَيَكْفِي فِي تَصْدِيقِ وَالِدٍ بِوَلَدِهِ وَعَكْسِهِ) كَتَصْدِيقِ وَلَدٍ بِوَالِدِهِ (سُكُوتُهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ) لِأَنَّهُ يَغْلِبُ فِي ذَلِكَ ظَنُّ التَّصْدِيقِ (وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ وَعَكْسِهِ (تَكْرَارُهُ) أَيْ التَّصْدِيقِ (فَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا) بِدُونِ تَكْرَارِ التَّصْدِيقِ وَمَعَ السُّكُوتِ (وَتَقَدَّمَ فِي) كِتَابِ (الشَّهَادَاتِ) مُفَصَّلًا.
(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مَنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ) وَهُمْ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ وَالْمَوْلَى كَجَدٍّ يُقِرُّ بِابْنِ ابْنٍ وَعَكْسِهِ وَكَأَخٍ لَا يُقِرُّ بِأَخٍ وَالْعَمُّ يُقِرُّ بِابْنِ أَخٍ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ عَلَى غَيْرِهِ نَسَبًا فَلَمْ يُقْبَلْ (إلَّا وَرَثَةٌ أَقَرُّوا لِمَنْ) لَوْ (أَقَرَّ بِهِ مُوَرِّثُهُمْ) ثَبَتَ نَسَبُهُ فَيَصِحَّ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ وَتَقَدَّمَ فِي عِبَارَتِهِ نَظَرٌ لَكِنْ تَوْضِيحُهَا مَا قَدَّرْتُهُ لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ صَغِيرٍ) أَوْ مَجْنُونٍ (ثُمَّ مَاتَ الْمُنْكِرُ وَالْمُقِرُّ وَحْدَهُ وَارِثٌ) لِلْمُنْكِرِ (ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْهُمَا) لِانْحِصَارِ الْإِرْثِ فِيهِ (فَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ بَنِي عَمٍّ وَعَنْ الْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ وَرِثَهُ) الْأَخُ الْمُقِرُّ بِهِ (دُونَهُمْ) أَيْ دُونَ بَنِي الْعَمِّ لِأَنَّ الْأَخَ يَحْجُبُهُمْ وَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِنَسَبِ وَارِثٍ لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِدَفْعِ مَوْلَاهُ عَنْ مِيرَاثِهِ (إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ مَوْلَاهُ) فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُقِرُّ بِنَسَبٍ (مَجْهُولَ النَّسَبِ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَأَمْكَن قُبِلَ) وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا أَوْ عَمًّا لِأَنَّ نَسَبَهُ لَا يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ فَوَجَبَ قَبُولُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحَقِّ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ وَلَوْ بِكْرًا بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا قُبِلَ) إقْرَارُهَا لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَيُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمَالٍ وَلِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ وَلِيَّهَا بَاعَ أَمَتَهَا فِي صِغَرِهَا (إنْ كَانَ مُدَّعِيهِ) أَيْ النِّكَاحِ (وَاحِدًا) قَالَ فِي الشَّرْحِ فَإِنْ ادَّعَاهَا اثْنَانِ فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا لِأَنَّ الْآخَرَ يَدَّعِي مِلْكَ بَعْضِهَا وَهِيَ مُعْتَرِفَةٌ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ مَلَكَ عَلَيْهَا فَصَارَ إقْرَارهَا لِحَقِّ غَيْرِهَا وَلِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فَإِنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ ابْتِدَاء تَزْوِيجِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ مِنْ دَعْوَى الْآخَرِ اثْنَيْنِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْمَيْمُونِيِّ وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ.
وَفِي الْمُغْنِي فِي أَثْنَاءِ الدَّعَاوَى وَصَحَّحَ فِي الْإِنْصَافِ وَتَصْحِيحِ الْفُرُوعِ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ عَلَى نَفْسِهَا.
وَقَالَ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِي النِّكَاحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَتَقَدَّمَ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ).
(فَلَوْ أَقَرَّتْ) الْمَرْأَةُ بِالنِّكَاحِ (لِاثْنَيْنِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِمَ أَسْبِقُهُمَا) تَارِيخًا لِأَنَّ نِكَاحَ الْمُتَأَخِّرِ بَاطِلٌ (فَإِنْ جُهِلَ) التَّارِيخُ (فُسِخَا) أَيْ النِّكَاحَانِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ فَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ التَّارِيخَ قُبِلَ قَوْلُهُ وَكَانَ السَّابِقُ صَحِيحًا (وَلَا يَحْصُلُ التَّرْجِيحُ بِالْيَدِ) أَيْ لَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِهَا بِيَدِهِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ (وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ) بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ (أَوْ) أَقَرَّتْ (امْرَأَةٌ بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْآخَرُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّ) التَّصْدِيقُ (وَوَرِثَهُ) لِقِيَامِ النِّكَاحِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَّبَهُ فِي حَيَاتِهِ) فَلَا يُقْبَلُ تَصْدِيقُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بَطَلَ تَكْذِيبُهُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ وَلِيٌّ لِمُمَيِّزَةٍ عَلَيْهَا بِنِكَاحٍ قُبِلَ) إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فَمَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَهِيَ مُقِرَّةٌ لَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (بِالْإِذْنِ قُبِلَ أَيْضًا) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ فَمَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ كَالْوَكِيلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ مُقِرَّةً بِالْإِذْنِ (فَلَا) يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَيْهَا أَشْبَهَ الْإِقْرَارَ عَلَيْهَا بِمَالٍ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) مُكَلَّفٌ (بِنِكَاحِ صَغِيرَةٍ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) حَيْثُ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِهِ وَتَصْدِيقُهَا لَاغٍ لِصِغَرِهَا (وَفَسَخَهُ حَاكِمٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ صَدَّقَتْهُ) الْمَرْأَةُ (إذَا بَلَغَتْ قُبِلَ) تَصْدِيقُهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ (فَدَلَّ أَنَّ مَنْ ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ) بِالْفُرْقَةِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا الْمُوَفَّقُ فَلَمْ يُجِبْ فِيهَا بِشَيْءٍ.
(وَلَوْ أَقَرَّتْ مُزَوَّجَةٌ بِوَلَدٍ لَحِقَهَا) لِإِقْرَارِهَا (دُونَ زَوْجِهَا) لِعَدَمِ إقْرَارِهِ بِهِ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِامْرَأَتِهِ (وَ) دُونَ (أَهْلِهَا) هَذِهِ عِبَارَةُ الرِّعَايَةِ وَفِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا لَحِقَهَا نَسَبٌ تَبِعَهَا أَهْلُهَا كَالرَّجُلِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ لَزِمَهُمْ قَضَاؤُهُ) لِأَنَّهُمْ أَقَرُّوا بِاسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ عَلَى مَوْرُوثِهِمْ (إمَّا مِنْ التَّرِكَةِ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا) أَيْ التَّرِكَةِ (فَلِلْوَرَثَةِ تَسْلِيمُهَا فِيهِ) أَيْ فِي الدَّيْنِ كَتَسْلِيمِ الْعَبْدِ الْجَانِي فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ أَحَبُّوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (اسْتِخْلَاصَهَا) أَيْ التَّرِكَةِ (وَوَفَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِمْ فَلَهُمْ ذَلِكَ) لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا إلَيْهِمْ وَكَالْعَبْدِ الْجَانِي (وَيَلْزَمُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةَ (أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ) الْقِنِّ (الْجَانِي) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَمْرِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ بِلَا شَهَادَةٍ (لَزِمَهُ) مِنْ الدَّيْنِ (بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ فَإِذَا وَرِثَ النِّصْفَ فَنِصْفُ الدَّيْنِ (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ (بِوَصِيَّةٍ) فَيَلْزَمُهُ مِنْهَا بِقَدْرِ إرْثِهِ (مَا لَمْ يَشْهَدْ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ (عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَيَمِينٌ فَيَلْزَمُهُمْ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الدَّيْنِ (إنْ وَفَّتْ بِهِ التَّرِكَةُ) كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِهِمْ (وَيَأْتِي آخِرَ بَابِ مَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ).
وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِمَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أُخِذَ كُلُّ مَا بِيَدِهِ (وَيُقَدَّمُ) مِنْ الدُّيُونِ عَلَى الْمَيِّتِ (مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) نَصًّا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ (أَوْ) يُعَيَّن ثُمَّ مَا ثَبَتَ (بِإِقْرَارِ) الْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ (عَلَى مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ وَرَثَةٍ إنْ حَصَلَتْ مُزَاحَمَةٌ) لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ فِي حَقِّهِمْ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ التَّرِكَةَ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَيْهَا فَوَجَبَ أَدَاءُ مَا ثَبَتَ بِغَيْرِ إقْرَارِهِمْ أَوَّلًا ثُمَّ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِمْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ) أَوْ كَانَتْ وَاسْتَغْرَقَهَا مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ إقْرَارِ الْمَيِّتِ (لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ) لِأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ دِيَةٌ إذَا كَانَ حَيًّا مُفْلِسًا فَكَذَا هُنَا إذَا كَانَ مَيِّتًا.
(وَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِرَجُلٍ) مَثَلًا (بِدَيْنٍ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِمِثْلِهِ لِلْآخَرِ فِي مَجْلِسٍ ثَانٍ لَمْ يُشَارِكِ الثَّانِي الْأَوَّلَ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ تَسَلُّمَهُ كُلَّهُ بِالْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَارِثِ بِمَا يُسْقِطُ حَقَّهُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ (وَيَغْرَمُهُ) أَيْ قَدْرَ التَّرِكَةِ (الْمُقِرُّ لِلثَّانِي) لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِهِ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ تَخَاصَمَا.
(وَإِنْ أَقَرَّ) مُكَلَّفٌ (لِحَمْلِ امْرَأَةٍ بِمَالٍ صَحَّ) الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَجْهٌ فَصَحَّ كَالطِّفْلِ (إلَّا أَنْ تُلْقِيَهُ) أَيْ الْحَمْلَ (مَيِّتًا أَوْ يُتَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ أَوْ لَا نَتَيَقَّنَ أَنَّ الْحَمْلَ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْإِقْرَارِ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَبْلَ أَرْبَعِ سِنِينَ مَعَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ (فَيَبْطُلُ) الْإِقْرَارُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِلْحَيِّ) لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ مُتَحَقِّقٌ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى حَيَّيْنِ فَ) الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ (لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ) لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَمُطْلَقُ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (إلَّا أَنْ يَعْزُوهُ) أَيْ الْمَالَ (إلَى مَا يَقْتَضِي التَّفَاضُلَ فَيُعْمَلُ بِهِ) أَيْ بِمَا عَزَاهُ إلَيْهِ وَيَكُونُ عَلَى التَّفَاضُلِ.
(وَإِنْ قَالَ لِلْحَمْلِ عَلَيَّ أَلْفٌ جَعَلْتُهَا لَهُ وَنَحْوِهِ) كَوَهَبْتُهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْدَدْتُهَا لَهُ (فَهُوَ وَعْدٌ) لَا يُؤْخَذُ بِهِ (وَإِنْ قَالَ لَهُ) أَيْ الْحَمْلِ (عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (وَدِيعَةً أَخَذْتُهَا مِنْهُ لَزِمَهُ) لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلْحَمْلِ عَلَيَّ أَلْفٌ إقْرَارٌ بِالْأَلْفِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَ(لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِ (أَقْرَضَنِي) الْحَمْلُ (أَلْفًا) لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ قَرْضٌ.
(وَمَنْ أَقَرَّ لِكَبِيرٍ عَاقِلٍ بِمَالٍ فِي يَدِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ عَبْدًا أَوْ) كَانَ (نَفْسَ الْمُقِرِّ بِأَنْ أَقَرَّ بِرِقِّ نَفْسِهِ لِلْغَيْرِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ) الْمُقَرُّ لَهُ (بَطَلَ إقْرَارُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ فِي ثُبُوتِ مِلْكِهِ (وَيُقَرُّ بِيَدِ الْمُقِرِّ) لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ فَإِذَا بَطَلَ إقْرَارُهُ بَقِيَ كَأَنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ (فَإِنْ عَادَ الْمُقِرُّ فَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِثَالِثٍ قُبِلَ مِنْهُ) لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ لَهُ فِيهِ (وَلَمْ يُقْبَلْ بَعْدَ مَا) أَيْ بَعْدَ دَعْوَى الْمُقِرِّ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِثَالِثٍ (عَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَوْدُهُ إلَى دَعْوَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ دَعْوَى الْمُقِرِّ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ.