فصل: كِتَابُ (النَّفَقَاتُ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.كِتَابُ (النَّفَقَاتُ):

(وَهِيَ جَمْعُ نَفَقَةٍ) وَتُجْمَعُ عَلَى نِفَاقٍ كَثَمَرَةٍ وَثِمَارٍ (وَهِيَ) فِي الْأَصْلِ لِلدَّرَاهِمِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَشَرْعًا (كِفَايَةُ مَنْ يَمُونُهُ خُبْزًا وَأُدْمًا وَكُسْوَةً) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَمَسْكَنًا وَتَوَابِعَهَا) أَيْ تَوَابِعَ الْخُبْزِ وَالْأُدْمِ وَالْكُسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ، كَثَمَنِ الْمَاءِ وَالْمُشْطِ وَالسُّتْرَةِ وَدُهْنِ الْمِصْبَاحِ وَالْغِطَاءِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِهَا وَأَصْلُهَا الْإِخْرَاجُ مِنْ النَّافِقَاءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ يَجْعَلُهُ الضَّبُّ فِي مُؤَخَّرِ الْحُجْرِ رَفِيعًا يَعُدُّهُ لِلْخُرُوجِ إذَا أَتَى مِنْ بَابِهِ رَفْعَهُ بِرَأْسِهِ وَخَرَجَ وَمِنْهُ سُمِّيَ النِّفَاقُ، لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنْ الْإِيمَانِ أَوْ خُرُوجٌ الْإِيمَان مِنْ الْقَلْبِ، فَسُمِّيَ الْخُرُوجُ نَفَقَةً لِذَلِكَ وَهِيَ أَصْنَافٌ: نَفَقَةُ الزَّوْجَاتِ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ هُنَا وَنَفَقَةُ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ وَتَأْتِي (وَيَلْزَمُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورَ وَهُوَ الْكِفَايَةَ مِنْ الْخُبْزِ وَالْأُدْمِ وَالْكُسْوَةِ وَتَوَابِعِهَا (الزَّوْجَ لِزَوْجَتِهِ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ:
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الْآيَةُ وَمَعْنَى قَدَرَ ضَيَّقَ «وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ نَفَقَتُهُنَّ وَكُسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَى الزَّوْجِ يَمْنَعُهَا مِنْ التَّصَرُّفِ وَالِاكْتِسَابِ فَوَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ مَعَ سَيِّدِهِ (وَلَوْ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ (ذِمِّيَّةً) تَحْتَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (بِ) حَسَبِ (مَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهَا) مَعَ مِثْلِهِ (بِالْمَعْرُوفِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ.
(وَهِيَ) أَيْ النَّفَقَةُ (مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ) فَيَجِبُ لَهَا كِفَايَتُهَا مِمَّا ذُكِرَ لِحَدِيثِ هِنْدٍ «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» فَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَنْ تَجِبُ لَهُ فِي قَدْرِهَا لِلْحَدِيثِ فَأَمَرَهَا بِأَخْذِ مَا يَكْفِيهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَالْكِفَايَةُ لَا تَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُمَا الشَّرْعُ فِي الْجِنْسِ لَا الْقَدْرِ.
(وَتَخْتَلِفُ) النَّفَقَةُ (بِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ) يَسَارًا وَإِعْسَارًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} (فَيَعْتَبِرُ ذَلِكَ الْحَاكِمُ بِحَالِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ) لَا وَقْتَ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ بِحَالِهِمَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَرِعَايَةً لِكُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَكَانَ أَوْلَى.
وَقَالَ الْقَاضِي الْوَاجِبُ رِطْلَانِ مِنْ خُبْزٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ اعْتِبَارًا بِالْكَفَّارَاتِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي صِفَتِهِ وَجَوْدَتِهِ (فَيَفْرِضُ) الْحَاكِمُ (لِلْمُوسِرَةِ تَحْتَ الْمُوسِرِ مِنْ أَرْفَعِ خُبْزِ الْبَلَدِ) الْخَاصِّ (وَدُهْنِهِ وَأُدْمِهِ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِأَكْلِهِ مِنْ الْأُرْزِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا تُكْرَهُ عُرْفًا) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَلَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ إطْعَامُ الْمُوسِرَةِ خُبْزَ الْمُعْسِرَةِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ فِي الْإِنْفَاقِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا فِيهِ التَّفْرِيقُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُ الْعُرْفِ يَتَعَارَفُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ جِنْسَ نَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ أَعْلَى مِنْ جِنْسِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ وَيَعُدُّونَ الْمُنْفِقَ مِنْ الْمُوسِرِينَ مِنْ جِنْسِ الْمُعْسِرِينَ بَخِيلًا (وَإِنْ تَبَرَّمَتْ بِأُدْمٍ نَقَلَهَا إلَى أُدْمٍ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ.
(وَ) يَفْرِضُهُ لَهَا (لَحْمًا عَادَةَ الْمُوسِرِينَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ) يَفْرِضُ لَهَا (حَطَبًا وَمِلْحًا لِطَبْخِهِ) لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ (وَقَدْرُ اللَّحْمِ رِطْلٌ عِرَاقِيٌّ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ الْمِيَاهِ.
وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ وَمَا قَدَّمَهُ أَوْلَى أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالْكِفَايَةِ (لَكِنْ يُخَالِفُ فِي إدْمَانِهِ) قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ (قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ فِي الْجُمُعَةِ مَرَّتَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ (وَ) يَفْرِضُ لَهَا الْحَاكِمُ مِنْ الْكُسْوَةِ (مَا يَلْبِسُ مِثْلُهَا مِنْ حَرِيرٍ وَخَزٍّ) وَهُوَ مَا سُدِيَ بِإِبْرَيْسَمٍ وَلُحِمَ بِغَيْرِهِ (وَجَيِّدِ كَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَوِقَايَةٌ وَهِيَ مَا تَضَعُهُ فَوْقَ الْمِقْنَعَةِ وَتُسَمَّى الطَّرْحَةَ وَمِقْنَعَةٌ وَمَدَاسٌ وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلَّ مَا تَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ.
لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ شَيْءٍ يُوَارِي جَسَدَهُ وَهُوَ الْقَمِيصُ، وَمِنْ شَيْءٍ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، وَهُوَ السَّرَاوِيلُ، وَمِنْ شَيْءٍ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ الْوِقَايَةُ، وَمِنْ شَيْءٍ فِي رِجْلِهِ وَهُوَ الْمَدَاسُ وَمِنْ شَيْءٍ يُدْفِئُهُ وَهُوَ جُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ، وَمِنْ شَيْءٍ يَنَامُ عَلَيْهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلِلنَّوْمِ فِرَاشٌ وَلِحَافٌ وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (مَحْشُوٌّ ذَلِكَ بِالْقُطْنِ الْمَنْزُوعِ الْحَبِّ إذَا كَانَ عُرْفُ) الْبَلَدِ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ (وَمِلْحَفَةٌ لِلِّحَافِ) لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ (وَإِزَارٌ) تَنَامُ فِيهِ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالنَّوْمِ فِيهِ كَأَرْضِ الْحِجَازِ وَنَحْوِهَا.
(وَلِلْجُلُوسِ زِلِّيٌّ وَهُوَ بِسَاطٌ مِنْ صُوفٍ وَهُوَ الطَّنْفَسَةُ وَرَفِيعُ الْحُصْرِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَا لَا غِنًى عَنْهُ (وَتُزَادُ مِنْ عَدَدِ الثِّيَابِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ مِمَّا لَا غِنًى عَنْهُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ دَفْعُ الْحَاجَةِ الْغَالِبَةِ (دُونَ مَا لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ وَ) يُفْرَضُ (لِلْمُعْسِرَةِ تَحْتَ الْمُعْسِرِ مِنْ أَدْنَى خُبْزِ الْبَلَدِ كَخِشْكَارٍ) ضِدَّ النَّاعِمِ (بِأُدْمِهِ الْمُلَائِمِ لَهُ عُرْفًا كَالْبَاقِلَاءِ وَالْخَلِّ وَالْبَقْلِ وَالْكَامَخِ وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَمْثَالِهَا) لِأَنَّهَا إحْدَى الزَّوْجَيْنِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ حَالِهَا كَالْمُوسِرَةِ (وَدُهْنِهِ وَلَحْمِهِ عَادَةً.
وَفِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ كَالرِّعَايَةِ فِي اللَّحْمِ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً وَ) يَفْرِضُ لَهَا (مَا يَلْبِسُ مِثْلُهَا أَوْ يَنَامُ فِيهِ مِنْ غَلِيظِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَلِلنَّوْمِ فِرَاشٌ بِصُوفٍ وَكِسَاءٍ أَوْ عَبَاءَةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمَدِّ (لِلْغِطَاءِ وَالْجُلُوسِ بَارِيَّةٍ أَوْ خَيْشٍ) عَلَى قَدْرِ عَادَتِهَا وَعَادَةِ أَمْثَالِهَا.
(وَ) يُفْرَضُ (لِلْمُتَوَسِّطَةِ تَحْتَ الْمُتَوَسِّطِ وَالْمُوسِرَةِ مَعَ الْمُعْسِرِ وَالْمُعْسِرَةِ مَعَ الْمُوسِر الْمُتَوَسِّطِ مِنْ ذَلِكَ عُرْفًا) لِأَنَّ إيجَابَ نَفَقَةَ الْمُوسِرِ عَلَى الْمُعْسِرِ وَإِنْفَاقِ الْمُعْسِرِ نَفَقَةَ الْمُوسِرُ لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَفِيهِ إضْرَارٌ بِصَاحِبِهِ، فَكَانَ اللَّائِقُ بِحَقِّهِمَا هُوَ الْمُتَوَسِّطُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: الْمُوسِرُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَة بِمَالِهِ أَوْ كَسْبِهِ وَعَكْسُهُ الْمُعْسِرُ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ بِمَالِهِ أَوْ كَسْبِهِ قَالَ ابْنُ حَمَدَانِ: وَمِسْكِينٌ لَا زَكَاةَ لَهُ مُعْسِرٌ وَمِنْ فَوْقَهُ مُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْسِرٌ.
(وَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ الْبَدَوِيَّةِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَادِيَةِ بِالنَّاحِيَةِ الَّتِي يَنْزِلُونَهَا وَيَجِبُ) لِلزَّوْجَةِ (مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدُّهْنِ لِلسِّرَاجِ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كُلُّهُ بِحَسْبِ عَادَةِ بَلَدِهِمَا (عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ فِي بُلْدَانِهِ) فَيَجِبُ لَهَا (السَّمْنُ فِي مَوْضِعٍ وَالزَّيْتُ فِي آخَرَ وَالشَّحْمِ فِي آخَرَ وَالشَّيْرَجِ فِي آخَرَ) بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَ(لَا) يَجِبُ دُهْنُ الْمِصْبَاحِ (لِأَهْلِ الْخِيَامِ وَالْبَادِيَةِ) لِعَدَمِ تَعَارُفِهِمْ لَهُ (وَلَا يَجِبُ لَهَا إزَارٌ لِلْخُرُوجِ وَهُوَ الْمِلْحَفَةُ، وَمِثْلُهُ الْخُفُّ وَنَحْوُهُ) كَالرَّانِ (لِأَنَّهُ لَمْ يُبْنَ أَمْرُهَا عَلَى الْخُرُوجِ) وَلِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْخُرُوجِ لِحَقِّ الزَّوْجِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ مَا هِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ لِأَجْلِهِ (وَلَا بُدَّ مِنْ مَاعُونِ الدَّارِ) لِأَنَّهُ لَا غِنًى لَهَا عَنْهُ (وَيُكْتَفَى بِخَزَفٍ) وَهُوَ آنِيَةُ الطِّينِ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ وَهُوَ الصَّلْصَالُ فَإِذَا شُوِيَ فَهُوَ الْفَخَّارُ ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَخَشَبٍ وَالْعَدْلُ مَا يَلِيقُ بِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآنِيَةِ.
(وَحُكْمُ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ) فِي النَّفَقَةِ (كَالْمُعْسِرِ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِأَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ (وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَكَمُتَوَسِّطِينَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَكَمُعْسِرَيْنِ) وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَنِصْفُ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَبَاقِيهِمَا عَلَى سَيِّدِهِ.
(وَلَا يَجِبُ فِي النَّفَقَةِ الْحَبُّ) بَلْ الْكِفَايَةُ مِنْ الْخُبْزِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ وَكَنَفَقَةِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّ الْحَبَّ يَحْتَاجُ إلَى كُلْفَةٍ وَمُؤْنَةٍ (فَلَوْ طَلَبَتْ مَكَانَ الْخُبْزِ حَبًّا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَقِيقًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ (أَوْ) طَلَبَتْ (مَكَانَ الْكُسْوَةِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا) مِنْ الْعُرُوضِ (لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوِضُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا.
(وَ) كَذَا (لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا لَوْ بَذَلَهُ) الزَّوْجُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ بَذْلِ الْخُبْزِ أَوْ الْكُسْوَةِ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ تَرَاضَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَخْذُ الْعِوَضَ (جَازَ) لِأَنَّهُ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا (بِخِلَافِ الطَّعَامِ) فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (وَلَيْسَ هُوَ مُعَاوَضَةً حَقِيقَةً) لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاجِبَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْكِفَايَةِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ حَصَلَتْ كَانَ هُوَ الْوَاجِبُ وَإِنَّمَا صِرْنَا إلَى إيجَابِ الْخُبْزِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فَرُجِّحَ بِذَلِكَ.
(وَ) إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْعِوَضِ فِي النَّفَقَةِ أَوْ الْكُسْوَةِ أَوْ فِيهِمَا فَ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَنْهُ بَعْدَ التَّرَاضِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ.
(وَلَا يَمْلِكُ الْحَاكِمُ فَرْضَ غَيْرِ الْوَاجِبِ كَدَرَاهِمَ مَثَلًا) إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا وَلَا يُجْبَرُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا قَالَ فِي الْهَدْيِ: وَأَمَّا فَرْضُ الدَّرَاهِمِ فَلَا أَصْلَ لَهَا فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِغَيْرِ الرِّضَا عَنْ غَيْرِ مُسْتَقَرٍّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَّجِهٌ مَعَ عَدَمِ الشِّقَاقِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ، فَأَمَّا مَعَ الشِّقَاقِ وَالْحَاجَةُ كَالْغَائِبِ مَثَلًا فَيَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى.
(وَلَا يُعْتَاضُ عَنْ الْمَاضِي) مِنْ وَاجِبِ النَّفَقَةِ (بِرِبَوِيٍّ) لِأَنَّهُ رِبًا.
(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (مُؤْنَةُ نَظَافَتِهَا مَنْ الدُّهْنِ) لِرَأْسِهَا (وَالسِّدْرِ وَالصَّابُونِ وَثَمَنُ مَاءَ شُرْبٍ وَوُضُوءٍ وَغُسْلٍ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجَنَابَةٍ وَنَجَاسَةٍ وَغَسْلِ ثِيَابٍ وَكَذَا الْمُشْطُ وَأُجْرَةُ الْقِيمَةِ وَنَحْوُهُ وَتَبْيِيضُ الدَّسْتِ وَقْتَ الْحَاجَةِ) إلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ كَتَنْظِيفِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ.
(وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (الْأَدْوِيَةُ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ وَالْفَاصِدِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَادُ لِإِصْلَاحِ الْجِسْمِ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ بِنَاءُ مَا يَقَعُ مِنْ الدَّارِ (وَكَذَا ثَمَنُ الطِّيبِ وَالْحِنَّاءُ وَالْخِضَابُ وَنَحْوُهُ) كَالْإِسْفِيدَاجِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الزِّينَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَشِرَاءِ الْحُلِيِّ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِنْهَا التَّزَيُّنَ بِهِ) لِأَنَّهُ هُوَ الْمُرِيدُ لِذَلِكَ (أَوْ قَطْعَ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مِنْهَا) أَيْ يَلْزَمُهُ مَا يُرَادُ لِقَطْعِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّرْغِيبِ (وَيَلْزَمُهَا تَرْكُ الْحِنَّاءِ وَزِينَةً نَهَاهَا عَنْهُ) ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(فَإِنْ احْتَاجَتْ) الزَّوْجَةُ (إلَى مَنْ يَخْدُمُهَا لِكَوْنِ مِثْلِهَا لَا يَخْدُمُ نَفْسَهَا أَوْ لِمَوْضِعِهَا وَلَا خَادِمَ لَهَا لَزِمَهُ لَهَا خَادِمٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَلِأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى الدَّوَامِ (حُرًّا أَوْ عَبْدًا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخِدْمَةُ كَمَا لَوْ أَسْكَنَهَا دَارًا بِالْأُجْرَةِ أَوْ عَارِيَّةٍ وَالْخَادِمُ وَاحِدُ الْخَدَمِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِإِجْرَائِهِ مَجْرَى الْأَسْمَاءِ غَيْرِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْأَفْعَالِ كَحَائِضٍ وَعَاتِقٍ ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الزَّوْجُ (أَنْ يُمَلِّكَهَا إيَّاهُ) أَيْ الْخَادِمَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْإِخْدَامُ لَا التَّمْلِيكُ فَإِنْ مَلَّكَهَا إيَّاهُ فَقَدْ زَادَهَا خَيْرًا (وَلَا إخْدَامَ) عَلَيْهِ (لِرَقِيقَةٍ وَلَوْ كَانَتْ جَمِيلَةً) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ.
(فَإِنْ طَلَبَتْ) الزَّوْجَةُ (مِنْهُ أَجْرَ خَادِمِهَا فَوَافَقَهَا جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (وَإِنْ أَبَى) الزَّوْجُ ذَلِكَ (وَقَالَ أَنَا آتِيكِ بِخَادِمٍ سِوَاهُ فَلَهُ ذَلِكَ إذَا أَتَى بِمَنْ يَصْلُحُ لَهَا) لِأَنَّهُ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ (وَلَا يَكُونُ الْخَادِمُ إلَّا مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الزَّوْجَةِ (إمَّا امْرَأَةٌ أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ) لِأَنَّ الْخَادِمَ يَلْزَمُ الْمَخْدُومَ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ فَلَا يَسْلَمُ مِنْ النَّظَرِ.
(فَإِنْ كَانَ الْخَادِمُ مِلْكَهَا كَانَ تَعْيِينُهُ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الزَّوْجَيْنِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِخِدْمَتِهِ وَنَفَقَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (وَإِنْ كَانَ) الْخَادِمُ (مِلْكَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اسْتِعَارَهُ فَتَعْيِينُهُ إلَيْهِ) لِأَنَّ أُجْرَتَهُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ تَعْيِينُهُ إلَيْهِ (وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ) الْخَادِمُ (كِتَابِيَّةً) لِأَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ لِلْمُسْلِمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَلْزَمُهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (قَبُولُهَا) أَيْ الْكِتَابِيَّةَ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ (وَلَهُ تَبْدِيلُ خَادِمٍ أَلِفَتْهَا) الزَّوْجَةُ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إلَيْهِ (وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (أُجْرَةُ مَنْ يُوَضِّئُ) زَوْجَةً (مَرِيضَةً) بِخِلَافِ رَقِيقِهِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْوُضُوءُ بِنَفْسِهِ.
(وَتَلْزَمُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ وَكُسْوَتِهِ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْفَقِيرَيْنِ) لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ وَحَالُهُ حَالُ الْمُعْسِرِينَ (إلَّا فِي النَّظَافَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا) أَيْ الْخَادِمِ (مَا يَعُودُ بِنَظَافَتِهَا وَلَا مُشْطٍ وَدُهْنٍ وَسِدْرٍ لِرَأْسِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَادُ لِلزِّينَةِ وَالتَّنْظِيفِ وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ مِنْ الْخَادِمِ (فَإِنْ احْتَاجَتْ) الْخَادِمُ (إلَى خُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ لِحَاجَةِ الْخُرُوجِ لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (إلَّا إذَا كَانَتْ) الْخَادِمُ (بِأُجْرَةٍ أَوْ) كَانَتْ (عَارِيَّةً فَ) نَفَقَتُهَا وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ (عَلَى مُؤَجِّرٍ وَمُعِيرٍ) لِأَنَّ الْمُكْرِي لَيْسَ لَهُ إلَّا الْأُجْرَةُ وَالْمُعَيَّرُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَةٌ مِلْكُهُ بِإِعَارَتِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الزَّوْجُ (أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ خِدْمَتُهَا فِي نَفْسِهَا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدِ وَمَا زَادَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّجَمُّلِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ قَالَتْ) لِزَوْجِهَا (أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذ مَا يَلْزَمُكَ لِخَادِمِي لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ فَتَعَيَّنَ الْخَادِمُ إلَيْهِ (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (أَنَا أَخْدُمُكِ) بِنَفْسِي (لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ) لِأَنَّهَا تَحْتَشِمُهُ وَفِيهِ غَضَاضَةٌ عَلَيْهَا لِكَوْنِ زَوْجِهَا خَادِمًا لَهَا (وَلَوْ أَرَادَتْ مِنْ الْإِخْدَامِ لَهَا أَنْ تَتَّخِذَ خَادِمًا وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ) لَهَا فِيهِ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنِسَةٌ لِحَاجَةٍ.

.فَصْلٌ: نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ:

(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكُسْوَتُهَا وَمَسْكَنُهَا كَالزَّوْجَةِ) فِيمَا تَقَدَّمَ (سَوَاءٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ أَشْبَهَ مَا قَبْل الطَّلَاقِ (إلَّا فِيمَا يَعُودُ بِنَظَافَتِهَا) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدَّةٍ لِلِاسْتِمْتَاعِ (أَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (تَأْخُذُهَا كُلَّ يَوْمٍ قَبْلَ الْوَضْعِ) لِلْآيَةِ (وَلَهَا السُّكْنَى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}.
(وَ) لَهَا (الْكُسْوَةُ) لِدُخُولِهَا فِي النَّفَقَةِ، لِأَنَّ الْحَمْلَ وَلَدُهُ وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ دُونَهَا مُتَعَذِّرٌ فَوَجَبَ كَمَا وَجَبَتْ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) الْبَائِنُ (حَامِلًا فَلَا شَيْءَ لَهَا)
«لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَزَادَ «وَلَا سُكْنَى».
وَفِي لَفْظٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«اُنْظُرِي يَا ابْنَةَ قَيْسٍ إنَّمَا النَّفَقَةُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا فَكَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحُمَيْدِيُّ وَقَوْلُ عُمَرَ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا خَالَفَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ.
(فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَائِلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا اسْتِحْقَاقَهَا لَهُ فَرَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ (سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ أَوْ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا وَجَبَتْ، وَإِلَّا فَلَا (وَعَكْسُهَا) بِأَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا يَظُنُّهَا حَامِلًا فَبَانَتْ حَائِلًا (يَرْجِعُ عَلَيْهَا) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَضَاهَا دَيْنًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ) بَائِنٌ (أَنَّهَا حَامِلٌ أَنْفَقَ عَلَيْهَا) مُبِينُهَا (ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ) مِنْ ابْتِدَاءِ زَمَنٍ ذَكَرَتْ أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْهُ بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَ الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ (وَلَمْ يَبِنْ) حَمْلُهَا (رَجَعَ عَلَيْهَا، إلَّا إنْ ظَهَرَ بَرَاءَتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ (بِحَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَقْطَعُ النَّفَقَةَ) عَنْهَا لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَمْلِ (سَوَاءٌ دُفِعَ إلَيْهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ بِغَيْرٍ شَرَطَ أَنَّهَا نَفَقَةٌ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ) ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَتَبَيَّنُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَقَرِينَةُ الْحَالِ دَالَّةٌ أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ النَّفَقَةِ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ الرَّجْعِيَّةُ الْحَمْلَ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ عِدَّتِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا لَهَا (وَيَرْجِعُ فِي) قَدْرِ (مُدَّةِ الْعِدَّةِ إلَيْهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا.
(وَلَا يُرْجَعُ بِالنَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذَا تَبَيَّنَ فَسَادُهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ النَّفَقَةُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالْإِنْفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَهُوَ مُفَرِّطٌ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ (كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ) بِلَا إذْنِهَا لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ.
(وَتَجِبُ) النَّفَقَةُ عَلَى الْمُبِينِ (لِلْحَمْلِ لَا لَهَا) أَيْ الْبَائِنُ (مِنْ أَجْلِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِوُجُودِ الْحَمْلِ (وَتَسْتَحِقُّ) الْبَائِنُ (قَبْضَهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا) وَكَذَلِكَ صَحَّتْ مُخَالَعَتُهَا عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ (فَتَجِبُ) النَّفَقَةُ (عَلَى زَوْجٍ لِ) زَوْجَةٍ (نَاشِزٍ حَامِلٍ وَلِمُلَاعَنَةٍ حَامِلٍ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ وَهُوَ وَلَدُهُ (وَلَوْ نَفَاهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ نَفْيِهِ) مَا دَامَ حَمْلًا (فَإِنْ نَفَاهُ بَعْدَ وَضْعِهِ، فَلَا نَفَقَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) لِانْقِطَاعِ نَسَبِهِ عَنْهُ (فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ) لِمُلَاعِنٍ بَعْدَ نَفْيِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَ(رَجَعْت عَلَيْهِ الْأُمُّ بِمَا أَنْفَقَتْهُ، وَبِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ وَالرَّضَاعِ سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ أَوْ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْلَمْهُ ثُمَّ عَلِمَهُ.
(وَتَجِبُ) النَّفَقَةُ (لِحَامِلٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ عَلَى الْوَاطِئِ) لِأَنَّهُ لَاحِقٌ بِهِ وَالنَّفَقَةُ لَهُ.
(وَ) تَجِبُ النَّفَقَةُ (لِمِلْكِ يَمِينٍ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَوْ عَتَقَهَا) وَهِيَ حَامِلٌ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ.
(وَ) تَجِبُ نَفَقَةُ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ مَيِّتٍ عَلَى وَارِث زَوْجٍ مَيِّتٍ لِلْقُرْبَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَمْلِ مَالُ.
(وَ) تَجِبُ (مِنْ مَالِ حَمْلِ مُوسِرٍ فَتَسْقُطُ عَنْ أَبِيهِ) وَعَنْ وَارِثِهِ لِأَنَّ الْمُوسِرَ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) النَّفَقَةُ بِيَدِ حَامِلٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ) مِنْهَا (وَجَبَ) عَلَى مَنْ قُلْنَا عَلَيْهِ نَفَقَةُ حَمْلِهَا (بَدَلَهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ.
(وَلَا تَجِبُ) نَفَقَةُ الْحَمْلِ (عَلَى زَوْجٍ رَقِيقٍ وَلَا مُعْسِرٍ وَلَا غَائِبٍ) لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ (فَلَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ (مَا لَمْ تَسْتَأْذِنْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ تُنْفِقْ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ) الْإِنْفَاقُ عَلَى الْحَمْلِ لِكَوْنِهَا قَامَتْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ.
(وَلَا تَجِبُ) نَفَقَةُ الْحَمْل (عَلَى مَنْ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُ الْحَمْلِ كَزَانٍ) لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ (وَلَا تَجِب نَفَقَةُ الْحَمْلِ عَلَى وَارِثِ) الْحَمْلِ (مَعَ عُسْرِ زَوْجٍ لَاحِقٍ بِهِ الْحَمْلُ) لِحَجْبِهِمْ بِهِ قَلَّتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ مِنْ عَمُودِيِّ النَّسَبِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ يَسَارِهِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ (وَلَا تَجِبُ فِطْرَةُ حَامِلٍ مُطَلَّقَةٍ) وَإِنْ قُلْنَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا لِلْحَمْلِ وَفِطْرَتُهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، بَلْ تُسْتَحَبُّ.
(وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ نَفَقَةِ الْحَامِلِ عِوَضًا فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ لَهَا) بَلْ لِلْحَمْلِ فَلَا تَعَارُضَ لَهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامُ الشِّيرَازِيِّ، وَقَالَ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ: يَصِحُّ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمَالِكَةِ لَهَا لِأَنَّهَا الَّتِي قَبَضَتْهَا وَتَسْتَحِقُّهَا وَتَتَصَرَّفُ فِيهَا فَإِنَّهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ هِيَ الْمَالِكَةُ لَهَا وَبَعْد الْوِلَادَةِ هِيَ أُجْرَةُ رَضَاعِهَا وَهِيَ الْآخِذَةُ لَهَا.
(وَلَوْ وُطِئَتْ الرَّجْعِيَّةُ بِشُبْهَةٍ أَوْ) وُطِئَتْ (بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ ثُمَّ بَانَ بِهَا حَمْلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الزَّوْجِ وَ) مِنْ (الْوَطْءِ) بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ (فَعَلَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ (الْأُجْرَةُ حَتَّى تَضَعَ وَ) عَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ (بَعْدَ الْوَضْعِ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْأَبُ مِنْهُمَا) وَيَتَمَيَّزَ (وَمَتَى ثَبَتَ نَسَبُهُ) أَيْ الْحَمْلِ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيْ الزَّوْجِ أَوْ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ (رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ (بِمَا أَنْفَقَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدَّى عَنْهُ شَيْئًا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الدَّافِعِ فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ تَتِمَّةٌ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِنْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ فَحَمَلَتْ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَاطِئِ إنْ وَجَبَتْ لِلْحَمْلِ وَلَهَا عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً تَظُنُّهُ زَوْجَهَا فَلَا.
(وَلَا نَفَقَةَ مِنْ التَّرِكَةِ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَوْ) كَانَتْ (حَامِلًا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ تَجِبُ لِلتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَدْ فَاتَ (وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ مِنْ نَصِيبِهِ) فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ نَصِيبِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ فِي حَمْلِ أُمِّ الْوَلَدِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْمَجْدُ بِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَيُوقَفُ نَصِيبُهُ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ؟ وَيُجَابُ: بِأَنَّ هَذَا النَّصَّ يَشْهَدُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ مِنْ حِينِ مَوْتِ مُورَثِهِ وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ حَيًّا يَتَبَيَّنُ بِهِ ذَلِكَ فَإِذَا حَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَا سِيَّمَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى أُمِّهِ يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ كَمَا يُتَصَرَّفُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ.
(وَلَا) نَفَقَةَ (لِأُمِّ وَلَدٍ حَامِلٍ وَيُنْفِقُ) عَلَيْهَا (مِنْ مَالِ حَمْلِهَا نَصًّا) كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ مَا سَبَقَ (وَلَا سُكْنَى لَهُمَا) أَيْ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَوْ حَامِلًا وَأُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ (وَلَا كُسْوَة) لِمَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَةِ.
وَفِي الْمُغْنِي فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي مَسْكَنِهِ قُدِّمَتْ بِهِ، وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} الْآيَةَ لِنَسْخِ بَعْضِ الْمُدَّةِ وَبَقِيَ مَا فِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ وَلَوْ لَمْ تَجِبْ السُّكْنَى لِلْفُرَيْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَسْكُنَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ وَقِصَّةُ فُرَيْعَةَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ.
(وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) لِأَنَّ وُجُودَ الْعَقْدِ كَعَدَمِهِ (لِغَيْرِ حَامِلٍ) فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَالنَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ.
(وَلَا) تَجِبُ النَّفَقَةُ (لِ) زَوْجَةٍ (نَاشِزٍ غَيْرِ حَامِلٍ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي نَظِيرِ تَمْكِينِهَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالنَّاشِزُ غَيْرُ مُمَكَّنَةٌ (فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ) أَيْ النَّاشِزِ (أَعْطَاهَا نَفَقَةَ وَلَدِهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْحَاضِنَةَ لَهُ أَوْ الْمُرْضِعَةَ) لَهُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَيْسَتْ فِي نَظِيرِ التَّمْكِينِ بَلْ لِلْقَرَابَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ مَعَ نُشُوزِ أُمِّهِ (وَيُعْطِيهَا أَيْضًا أُجْرَةَ رَضَاعِهَا إنْ طَالَبَتْ بِهَا) وَإِنْ كَانَتْ فِي حِبَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وَالنَّاشِزُ الْعَاصِيَةُ لِزَوْجِهَا (فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ فِرَاشِهِ أَوْ) مِنْ (الِانْتِقَالِ مَعَهُ إلَى مَسْكَنِ مِثْلِهَا أَوْ خَرَجَتْ) مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ سَافَرَتْ أَوْ انْتَقَلَتْ مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ أَبَتْ السَّفَرَ مَعَهُ إذَا لَمْ تَشْتَرِطْ بَلَدَهَا فَهِيَ نَاشِزٌ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ.