فصل: (أَحَدُهَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(أَحَدُهَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ):

لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي دُيُونِهِمْ فَكَانَتْ حُقُوقُهُمْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ، كَالرَّهْنِ (فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالِهِ لِأَنَّ حُقُوقَ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَعْيَانِ مَالِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ الْإِقْرَارُ عَلَيْهِ كَالْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ، حَتَّى وَلَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ، بِخِلَافِ الرَّاهِنِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَالِهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ (حَتَّى مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ) أَيْ لِلْمُفْلِسِ (مِنْ مَالٍ) بَعْدَ الْحَجْرِ فَحُكْمُهُ كَالْمَوْجُودِ حَالَ الْحَجْرِ (مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ) عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى قِنِّهِ.
(وَإِرْثٍ وَنَحْوِهِمَا) كَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ (وَلَوْ) كَانَ تَصَرُّفُهُ (عِتْقًا أَوْ صَدَقَةً بِشَيْءٍ، كَثِيرٍ أَوْ يَسِيرٍ) فَلَا يَنْفُذُ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ، كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ دَيْنُهُ مَالَهُ (إلَّا بِتَدْبِيرٍ) وَوَصِيَّةٍ لِأَنَّ تَأْثِيرَهُمَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ يَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ وَفَاءِ دَيْنِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُفْلِسِ (رَدُّ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ (بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارِ) شَرْطٍ أَوْ غَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ وَنَحْوِهِ (غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِالْأَحَظِّ) لِأَنَّ ذَلِكَ إتْمَامٌ لِتَصَرُّفٍ سَابِقٍ حَجْرَهُ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَاسْتِرْدَادِ وَدِيعَةٍ أَوْدَعَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ.
(وَيُكَفِّرُ هُوَ) أَيْ الْمُفْلِسُ (وَ) يُكَفِّرُ (سَفِيهٌ بِصَوْمٍ) لِأَنَّ إخْرَاجَ الْكَفَّارَةِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ يَضُرُّ بِغُرَمَائِهِ، وَمِنْ مَالِ السَّفِيهِ يَضُرُّ بِهِ وَلِلْمَالِ الْمُكَفَّرِ بِهِ بَدَلٌ وَهُوَ الصَّوْمُ فَرَجَعَ إلَيْهِ كَمَا لَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ لَا مَالَ لَهُ (فَإِنْ فُكَّ حَجْرُهُ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ، وَقَدِرَ) عَلَى الْمَالِ (كَفَّرَ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الصَّوْمِ، وَهُوَ الْعِتْقُ فِي كَفَّارَةِ التَّرْتِيبِ، كَمُوسِرٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا يَأْتِي فِي الظِّهَارِ.
(فَإِنْ كَانَ الْمُفْلِسُ صَانِعًا، كَالْقَصَّارِ وَالْحَائِكِ فِي يَدِهِ مَتَاعٌ فَأَقَرَّ) الْمُفْلِسُ (بِهِ لِأَرْبَابِهِ لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ (وَتُبَاعُ الْعَيْنُ الَّتِي فِي يَدِهِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ) كَسَائِرِ مَالِهِ (وَتَكُونُ قِيمَتُهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمُقَرِّ بِهَا (وَاجِبَةً عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا قَدِرَ عَلَيْهَا) بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ أَوْ بَعْضِهِمْ وَلَوْ بِكُلِّ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ.
(فَإِنْ تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُفْلِسِ يَمِينٌ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَ، فَطَلَبَ الْخَصْمُ يَمِينَهُ (فَنَكَلَ عَنْهَا فَقُضِيَ عَلَيْهِ) بِالنُّكُولِ (فَكَإِقْرَارِهِ، يَلْزَمُ فِي حَقِّهِ) فَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ (دُونَ الْغُرَمَاءِ) فَلَا يُشَارِكُهُمْ، لِلتُّهْمَةِ.
(وَإِنْ تَصَرَّفَ) الْمُفْلِسُ (فِي ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ إقْرَارٍ صَحَّ) تَصَرُّفُهُ (وَيُتْبَعُ بِهِ) أَيْ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ ضَمَانٍ أَوْ إقْرَارٍ (بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِهِ) لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (لَا بِذِمَّتِهِ) بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَنَحْوِهِ.
(وَلَا يُشَارِكُونَ) أَيْ غُرَمَاءُ الدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ، مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ ضَمَانٍ وَنَحْوِهِ أَوْ إقْرَارٍ (غُرَمَاءَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ نُسِبَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ) بِأَنْ قَالَ أَخَذْتُ مِنْهُ كَذَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ أَطْلَقَ (وَسَوَاءٌ عَلِمَ مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا) لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ فَلَسَهُ ثُمَّ عَامَلَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ فَرَّطَ.
(وَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (حَقٌّ) لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ (بِبَيِّنَةٍ شَارَكَ صَاحِبُهُ الْغُرَمَاءَ) كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ.
(وَإِنْ جَنَى) الْمُفْلِسُ (جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ شَارَكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءَ) بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ عَلَى الْجَانِي بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَلَمْ يَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ كَمَا قَبْلَ الْحَجْرِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْجِنَايَةُ (مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ) كَالْعَمْدِ (فَعَفَا صَاحِبُهَا إلَى مَالٍ أَوْ صَالَحَهُ الْمُفْلِسُ عَلَى مَالٍ شَارَكَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (الْغُرَمَاءَ) أَيْضًا لِمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ) أَيْ عَبْدُ الْمُفْلِسِ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ أَوْ لِلْقِصَاصِ، وَعَفَا وَلِيُّهَا إلَى مَالٍ (قُدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ.

.(فَصْلٌ: الْحُكْمُ الثَّانِي):

مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ (أَنَّ مَنْ وَجَدَ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (عَيْنًا بَاعَهَا إيَّاهُ وَلَوْ) كَانَ بَائِعُهَا إيَّاهُ (بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى كَثِيرًا (أَوْ) وَجَدَ عِنْدَهُ (عَيْنَ قَرْضٍ أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) كَشِقْصٍ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُفْلِسُ بِشُفْعَةٍ (حَتَّى عَيْنًا مُؤَجَّرَةً، وَلَوْ) كَانَتْ (نَفْسَهُ) بِأَنْ أَجَّرَ حُرٌّ نَفْسَهُ فَحُجِرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِفَلَسٍ (أَوْ غَيْرَهَا) بِأَنْ أَجَّرَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ فَحُجِرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِفَلَسٍ، وَ(لَمْ يَمْضِ مِنْ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (شَيْءٌ) لَهُ أُجْرَةٌ عَادَةً (فَهُوَ) أَيْ وَاجِدُ عَيْنِ مَالِهِ عِنْدَ الْمُفْلِسِ (أَحَقُّ بِهَا إنْ شَاءَ) الرُّجُوعَ فِيهَا، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَحِينَئِذٍ فَالْبَائِعُ وَنَحْوُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرُّجُوعِ فِيهَا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ مُسَاوِيَةً لِثَمَنِهَا أَوْ لَا (وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (وَعَوْدِهَا إلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ (فَلَوْ اشْتَرَاهَا) الْمُفْلِسُ (ثُمَّ بَاعَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَهِيَ لِأَحَدِ الْبَائِعَيْنِ بِقُرْعَةٍ) فَأَيُّهُمَا قَرَعَ الْآخَرَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ فَتَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ فَاحْتَجْنَا إلَى تَمْيِيزِهِ بِالْقُرْعَةِ.
فَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا فَلِلثَّانِي الْأَخْذُ بِلَا قُرْعَةٍ (فَإِنْ بَذَلَ الْغُرَمَاءُ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ) الَّتِي أَدْرَكَهَا بِهَا بِيَدِ الْمُفْلِسِ (الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ خَصُّوهُ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِهَا (مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ لِيَتْرُكَهَا، أَوْ قَالَ الْمُفْلِسُ: أَنَا أَبِيعُهَا وَأُعْطِيكَ ثَمَنَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ رَبَّ السِّلْعَةِ (قَبُولُهُ) وَلَهُ أَخْذُهَا لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَإِنْ دَفَعُوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ (إلَى الْمُفْلِسِ الثَّمَنَ فَبَذَلَهُ) الْمُفْلِسُ (لَهُ) أَيْ لِرَبِّ السِّلْعَةِ (لَمْ يَكُنْ لَهُ الْفَسْخُ) وَاسْتَقَرَّ الْبَيْعُ، لِزَوَالِ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَزَالَ مِلْكُ الْفَسْخُ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الْغُرَمَاءُ حَقَّهُمْ عَنْهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ فَأَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ مِنْهُ أَوْ غَلَتْ أَعْيَانُ مَالِهِ فَصَارَتْ قِيمَتُهَا وَافِيَةً بِحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ، بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الثَّمَنِ كُلِّهِ.
(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا) مَثَلًا (لِلزَّرْعِ) أَوْ غَيْرِهِ (فَأَفْلَسَ) الْمُسْتَأْجِرُ (قَبْلَ مُضِيِّ شَيْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ) لَهُ أُجْرَةٌ (فَلِلْمُؤَجِّرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ.
(وَإِنْ كَانَ) الْحَجْرُ عَلَيْهِ (بَعْدَ انْقِضَائِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (أَوْ) بَعْدَ (مُضِيِّ بَعْضِهَا لَمْ يَمْلِكْ الْفَسْخَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَيْنَ مَالِهِ (تَنْزِيلًا لِلْمُدَّةِ مَنْزِلَةَ الْمَبِيعِ وَمُضِيِّ بَعْضِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (بِمَنْزِلَةِ تَلَفِ بَعْضِهَا) أَيْ بَعْضِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلرُّجُوعِ كَمَا يَأْتِي.
(وَلَوْ اكْتَرَى مَنْ يَحْمِلُ لَهُ مَتَاعًا إلَى بَلَدٍ) أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ (ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ حَمْلِ شَيْءٍ) مِنْ الْمَتَاعِ (فَلِلْمُكْرَى) أَيْ الْأَجِيرِ (الْفَسْخُ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً عَيْنًا ثُمَّ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِسَبَبٍ يُسْقِطُ صَدَاقَهَا) كَفَسْخِهَا لِعَيْبٍ (أَوْ فَارَقَهَا) الزَّوْجُ (قَبْلَ الدُّخُولِ فُرْقَةً تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ) بِأَنْ طَلَّقَهَا وَنَحْوَهُ.
(وَقَدْ أَفْلَسَتْ وَوَجَدَ) الزَّوْجُ (عَيْنَ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ بِمَا وَجَبَ لَهُ وَهُوَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ فِي الْأُولَى، وَنِصْفُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بَاعَتْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهَا وَنَحْوَهُ مِمَّا يُسْقِطُ الرُّجُوعَ وَإِلَّا فَتَرْجِعُ إلَيْهِ قَهْرًا كَمَا يَأْتِي.
وَيُشْتَرَطُ لِمِلْكِ الرُّجُوعِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ وَذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُفْلِسُ حَيًّا إلَى حِينِ أَخْذِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ لِمَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد مُرْسَلًا وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو دَاوُد وَحَدِيثُ مَالِكٍ أَصَحُّ فَعَلَى هَذَا: إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِفَلَسِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَحُجِرَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ، أَوْ مَاتَ فَتَبَيَّنَ فَلَسُهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ عَنْ الْمُفْلِسِ إلَى الْوَرَثَةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَنْقُدْ) الْمُفْلِسُ (مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) وَنَحْوِهِ (شَيْئًا، وَلَا أَبْرَأَهُ) الْبَائِعُ (مِنْ بَعْضِهِ) فَإِنْ أَدَّى بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ، أَوْ الْقَرْضِ، أَوْ السَّلَمِ وَنَحْوِهِ، أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْبَاقِي أَوْ نَحْوِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ فِي قِسْطِ مَا بَقِيَ تَبْعِيضًا لِلصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِضْرَارًا لَهُ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ كَوْنُ (السِّلْعَةِ بِحَالِهَا وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ كَوْنُهَا (لَمْ يَزُلْ مُلْكُهُ عَنْ بَعْضِهَا بِتَلَفٍ وَلَا غَيْرِهِ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا.
(فَإِنْ تَلِفَ جُزْءٌ مِنْهَا) أَيْ السِّلْعَةِ (كَ) قَطْعِ (بَعْضِ أَطْرَافِ الْعَبْدِ) أَوْ الْأَمَةِ (أَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ أَوْ جُرِحَ جُرْحًا) تَنْقُصُ بِهِ قِيمَتُهُ (أَوْ وُطِئَتْ الْبِكْرُ، أَوْ تَلِفَ بَعْضُ الثَّوْبِ، أَوْ انْهَدَمَ بَعْضُ الدَّارِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ) فِي الْعَيْنِ وَيَكُونُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ بَاعَ) الْمُشْتَرِي (بَعْضَ الْمَبِيعِ، أَوْ وَهَبَهُ أَوْ وَقَفَهُ فَكَتَلَفِهِ) فَيُمْنَعُ الرُّجُوعُ (هَذَا إنْ كَانَتْ) السِّلْعَةُ (عَيْنًا وَاحِدَةً فِي مَبِيعٍ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنَيْنِ كَعَبْدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) كَثَوْبَيْنِ.
(وَبَقِيَ وَاحِدَةٌ) وَتَلِفَتْ الْأُخْرَى (رَجَعَ فِيهَا) أَيْ الْبَاقِيَةِ لِأَنَّهُ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فَيَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ فَيَأْخُذُهَا بِقِسْطِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الثَّمَنِ يُقَسَّطُ عَلَى الْمَبِيعِ فَيَقَعُ الْقَبْضُ مِنْ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَيْنَيْنِ وَقَبْضُ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ مَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهِ مُبْطِلٌ لَهُ، بِخِلَافِ التَّلَفِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَلَفِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ تَلَفُ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ الْأُخْرَى.
(وَ) مَعْنَى كَوْنِ السِّلْعَةِ بِحَالِهَا بِأَنْ (لَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَاتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَنَسْجِ غَزْلٍ وَخَبْزِ دَقِيقٍ وَعَمَلِ زَيْتٍ صَابُونًا، وَقَطْعِ ثَوْبٍ قَمِيصًا، وَنَجْرِ خَشَبٍ أَبْوَابًا) أَوْ رُفُوفًا (وَعَمَلِ شَرِيطٍ إبَرًا) وَعَمَلِ حَدِيدٍ مَسَامِيرَ وَنَحْوَهَا، وَنُحَاسٍ صُحُونًا وَنَحْوَهَا.
(وَطَحْنِ حَبٍّ) مِنْ بُرٍّ أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ) كَانَ (حَبًّا فَصَارَ زَرْعًا أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ اشْتَرَى زَرْعًا فَحَصَدَهُ وَصَارَ حَبًّا (أَوْ) كَانَ (نَوًى) فَغَرَسَهُ (فَنَبَتَ شَجَرًا، أَوْ) كَانَ (بَيْضًا فَصَارَ فِرَاخًا) وَنَحْوَ ذَلِكَ فَيُمْنَعُ الرُّجُوعُ وَيَكُونُ رَبُّهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ.
(وَ) بِأَنْ (لَمْ يَخْلِطْهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ) مِنْهُ فَلَوْ كَانَتْ زَيْتًا فَخَلَطَهُ بِنَحْوِ زَيْتٍ، أَوْ قَمْحًا فَخَلَطَهُ بِقَمْحٍ فَلَا رُجُوعَ وَقَوْلُهُ مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ أَيْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ.
(وَ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ: كَوْنُ السِّلْعَةِ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ مِنْ شُفْعَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ) شِقْصًا مَشْفُوعًا ثُمَّ يُفْلِسُ أَوْ يَشْتَرِيَ (عَبْدًا ثُمَّ يُفْلِسُ بَعْدَ تَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ) فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ لِسَبْقِ حَقِّ الشَّفِيعِ لِكَوْنِهِ ثَبَتَ بِالْبَيْعِ وَالْبَائِعُ ثَبَتَ حَقُّهُ بِالْحَجْرِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّهْنِ الْمُقَدَّمِ عَلَى حَقِّ الْبَائِعِ فَمُنِعَ بِالْأَوْلَى (فَإِنْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ) الْمُشْتَرِيَ (مِنْ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ) لِأَنَّهُ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ.
(وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ الشَّفِيعُ) حَقَّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ (أَوْ) أَسْقَطَ (الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ) مِنْ الرَّهْنِ فَلِلْبَائِعِ وَنَحْوِهِ الرُّجُوعُ، لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ رَهْنٍ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى شُفْعَةٍ فَإِنْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ لِسَبْقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ الرَّهْنِ كَالْعِتْقِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَالْبَائِعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.
وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ لَكِنْ مُنِعَ الرُّجُوعُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْعِتْقِ، لَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَيُمْكِنُ تَمْثِيلُهُ بِالْإِجَارَةِ، بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ أَجَّرَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ (لَكِنْ إنْ كَانَ الرَّهْنُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ) وَأَخَذَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ مِنْهُ (فَمَا فَضَلَ مِنْهُ رُدَّ عَلَى الْمَالِ) لِيُقَسَّمَ مَعَهُ بَيْنَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَمَا يَأْتِي.
(وَلَيْسَ لِبَائِعِهِ الرُّجُوعُ فِي الْفَاضِلِ) مِنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ فَرَهَنَ) الْمُشْتَرِي (إحْدَاهُمَا) أَوْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ شُفْعَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ (مَلَكَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي) الْعَيْنِ (الْأُخْرَى، كَمَا إذَا تَلِفَتْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ) وَبَقِيَتْ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِأَحَدٍ.
(وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَضَاقَتْ تَرِكَتُهُ عَنْ الدُّيُونِ، قُدِّمَ الْمُرْتَهِنُ بِرَهْنِهِ) فَيَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ.
فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ رُدَّ عَلَيْهِمْ وَإِنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ حَاصَصَهُمْ بِهِ وَتَقَدَّمَ (وَلَوْ رَهَنَ) الْمُشْتَرِي (بَعْضَ الْعَبْدِ) وَنَحْوَهُ (لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي بَاقِيهِ) كَمَا لَوْ تَلِفَ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الصَّفْقَةِ ضَرَرٌ بِالْمُشْتَرِي.
(وَلَمْ يَكُنْ) الْمَبِيعُ (صَيْدًا وَالْبَائِعُ مُحْرِمٌ) إذْ لَا يَدْخُلُ الصَّيْدُ فِي مِلْكِ الْمُحْرِمِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ إرْثٍ (فَلَا يَأْخُذُهُ) الْبَائِعُ الْمُحْرِمُ (حَالَ إحْرَامِهِ) وَلَا يُبَاعُ مَعَ بَاقِي مَالِهِ، بَلْ يُؤَخَّرُ لَهُ إلَى أَنْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ فَيَأْخُذُهُ.
(وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ كَوْنُ السِّلْعَةِ (لَمْ تَزِدْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ، وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَ) تَعَلُّمِ (كِتَابَةٍ وَ) تَعَلُّمِ (قُرْآنٍ وَتَجَدُّدِ حَمْلٍ إلَّا إنْ وَلَدَتْ) فَهُوَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ (فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ السِّمَنِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ (مُنِعَ الرُّجُوعُ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ بِسَبَبٍ حَادِثٍ فَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ فِي عَيْنِ الْمَالِ الزَّائِدِ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِالْإِعْسَارِ أَوْ الرَّضَاعِ إذَا زَادَ الصَّدَاقُ كَذَلِكَ لَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ بِعَيْنِهِ بَلْ بِبَدَلِهِ وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَخْذَهَا وَفَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ رَاضٍ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِلْعَيْبِ لِمَعْنًى قَارَنَ الْعَقْدَ، وَهُوَ الْعَيْبُ وَالْفَسْخُ هُنَا لِسَبَبٍ حَادِثٍ وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عَلَى صِفَتِهِ لَيْسَ بِزَائِدٍ (وَوَطْءُ الثَّيِّبِ مَا لَمْ تَحْمِلْ، وَتَزْوِيجُ الْأَمَةِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عَيْنَ مَالِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْأَمَةُ الَّتِي زَوَّجَهَا الْمُفْلِسُ (عَلَى نِكَاحِهَا) فَلَا يَنْفَسِخُ بِرُجُوعِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ (وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ حَيًّا) إلَى حِينِ الرُّجُوعِ وَهُوَ الشَّرْطُ السَّابِعُ.
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلِرَبِّهِ دُونَ وَرَثَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ أَخْذُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالتَّلْخِيصِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى: لَا يُشْتَرَطُ وَلِوَرَثَتِهِ أَخْذُ السِّلْعَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ صَاحِبُهَا حَيًّا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ صَحِيحٌ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُمْ.
(وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا رَجَعَ) الْبَائِعُ (فِيهَا) أَيْ فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ (فَأَخَذَهَا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَتُوقَفُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ فَيَخْتَارُ الْبَائِعُ الْفَسْخَ أَوْ التَّرْكَ وَلَا تُبَاعُ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِهَا فَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَالْمُرْتَهَنِ.
(وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهَا) أَيْ فِي الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ (وَ) يَصِحُّ الرُّجُوعُ أَيْضًا (فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَبِيعَةِ، كَالْقَرْضِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَنَحْوِهِ، مِمَّا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ (بِالْقَوْلِ) كَرَجَعْتُ فِي مَتَاعِي، أَوْ أَخَذْتُهُ، أَوْ اسْتَرْجَعْتُهُ، أَوْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ (عَلَى التَّرَاخِي) كَرُجُوعِ الْأَبِ فِي الْهِبَةِ وَيَكُونُ رُجُوعُهُ (فَسْخًا) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ عَقْدٌ بِفَسْخٍ، كَاسْتِرْجَاعِ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ الَّذِي انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِيهِ بِمَا يُسْقِطُهُ قَبْلَ فَلَسِ الْمَرْأَةِ إذَا بَاعَتْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ إلَى مِلْكِهِ قَهْرًا، حَيْثُ اسْتَمَرَّ فِي مِلْكِهَا بِصِفَتِهِ (بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ) لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ، كَفَسْخِ الْمُعْتَقَةِ.
(إذَا كَمَلَتْ الشُّرُوطُ) السَّابِقَةُ (وَلَوْ حَكَمَ حَاكِم بِكَوْنِهِ) أَيْ الَّذِي وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ الْمُفْلِسِ (أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ نُقِضَ حُكْمُهُ نَصًّا) قَالَ أَحْمَدُ وَلَوْ أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى رَجُلٍ يَرَى الْعَمَلَ بِالْحَدِيثِ جَازَ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
(وَلَا يَفْتَقِرُ الرُّجُوعُ إلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ: مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لَا بَيْعٌ (فَلَوْ رَجَعَ) الْبَائِعُ وَنَحْوُهُ (فِي) عَبْدٍ (آبِقٍ صَحَّ) الرُّجُوعُ (وَصَارَ) الْعَبْدُ مِلْكًا (لَهُ فَإِنْ قَدَرَ) الْبَائِعُ أَوْ نَحْوُهُ (أَخَذَهُ وَإِنْ تَلِفَ) الْآبِقُ (فَمِنْ مَالِهِ) أَيْ الْبَائِعِ وَنَحْوِهِ، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ.
(وَإِنْ بَانَ تَلَفُهَا) أَيْ السِّلْعَةِ (حِينَ اسْتِرْجَاعِهِ) لَهَا (بَطَلَ رُجُوعُهُ) أَيْ تَبَيَّنَّا أَنَّ رُجُوعَهُ كَانَ بَاطِلًا إذْ لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْمَعْدُومِ وَمِنْهُ لَوْ رَجَعَ فِي أَمَةٍ وَطِئَهَا الْمُفْلِسُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَمَلَتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ، إذْ الِاسْتِيلَاءُ إتْلَافٌ.
(فَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ، وَالْكَسْبِ، وَالنَّقْصُ) بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى الزِّيَادَةِ (بِهُزَالٍ أَوْ نِسْيَانِ صَنْعَةٍ أَوْ) نِسْيَانِ (كِتَابَةٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ تَغَيُّرِ عَقْلِهِ، أَوْ كَانَ) الْمَتَاعُ (ثَوْبًا فَخَلِقَ فَلَا يُمْنَعُ الرُّجُوعُ) لِأَنَّ الْعَيْنَ قَائِمَةٌ مُشَاهَدَةٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ اسْمُهَا وَلَا صِفَتُهَا (فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْمَتَاعَ (وَلَوْ نَاقِصًا بِجَمِيعِ حَقِّهِ) إنْ شَاءَ أَوْ يَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَتَقَسَّطُ عَلَى صِفَةِ السِّلَعِ مِنْ سِمَنٍ وَهُزَالٍ وَعِلْمٍ وَنَحْوِهِ فَيَصِيرُ نَقْصُهُ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ (وَالزِّيَادَةُ) الْمُنْفَصِلَةُ (لِبَائِعٍ) نَصًّا كَالْمُتَّصِلَةِ: قَالَ الْإِمَامُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فِي وَلَدِ الْجَارِيَةِ وَنِتَاجِ الدَّابَّةِ: هُوَ لِلْبَائِعِ وَعَنْهُ لِمُفْلِسٍ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَالَ الشَّارِحُ: هَذَا أَصَحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَقِيَاسُهُمْ عَلَى الْمُتَّصِلَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهَا تُتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِي هَذَا خِلَافٌ لِظُهُورِهِ وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُمَا فِي حَالِ حَمْلِهِمَا فَيَكُونَانِ مَبِيعَيْنِ وَلِهَذَا خُصَّ هَذَيْنِ بِالذِّكْرِ، دُونَ بَقِيَّةِ النَّمَاءِ.
(وَإِنْ صَبَغَ) الْمُشْتَرِي (الثَّوْبَ أَوْ قَصَّرَهُ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِزَيْتٍ لَمْ يُمْنَعْ الرُّجُوعُ) لِأَنَّ الْعَيْنَ قَائِمَةٌ مُشَاهَدَةٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ اسْمُهَا وَلَا صِفَتُهَا (مَا لَمْ يَنْقُصْ بِهَا) أَيْ الثَّوْبُ بِالصَّبْغِ أَوْ الْقَصْرِ أَوْ السَّوِيقِ بِاللَّتِّ فَإِنْ نَقَصَ بِذَلِكَ سَقَطَ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ نَقَصَ بِفِعْلِهِ فَأَشْبَهَ إتْلَافَ الْبَعْضِ وَرُدَّ هَذَا التَّعْلِيلُ فِي الْمُغْنِي بِأَنَّ هَذَا النَّقْصَ نَقْصُ صِفَةٍ فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَنِسْيَانِ صَنْعَةٍ وَهُزَالِ عَبْدٍ وَقَالَ الْمَجْدُ: إنَّهُ أَيْ الرُّجُوعَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى.
(وَ) إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَوْ السَّوِيقُ فَ (الزِّيَادَةُ عَنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ) بِالصَّبْغِ أَوْ الْقَصَارَةِ.
(وَ) الزِّيَادَةُ عَنْ قِيمَةِ (السَّوِيقِ) بِاللَّتِّ (لِلْمُفْلِسِ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ بِمَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَالسَّوِيقِ فَإِنْ كَانَتْ الْقَصَارَةُ بِفِعْلِ الْمُفْلِسِ، أَوْ بِأُجْرَةٍ وَفَّاهَا، فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الثَّوْبِ فَإِنْ اخْتَارَ الْبَائِعُ دَفْعَ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ إلَى الْمُفْلِسِ لَزِمَهُ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ بَيْعَ الثَّوْبِ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ حَقِّهِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةً فَصَارَ يُسَاوِي سِتَّةً فَلِلْمُفْلِسِ سُدُسُهُ وَلِلْبَائِعِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ صَانِعٍ لَمْ يَسْتَوْفِ أُجْرَةً فَلَهُ حَبْسُ الثَّوْبِ عَلَى اسْتِيفَاءِ أُجْرَتِهِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ.
(وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ صِبْغًا، فَصَبَغَ بِهِ) الْمُشْتَرِي ثِيَابًا وَحُجِرَ عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَتْ (زَيْتًا فَلَتَّ بِهِ) سَوِيقًا (أَوْ) كَانَتْ (مَسَامِيرَ، فَسَمَّرَ بِهَا بَابًا أَوْ) كَانَتْ (حَجَرًا فَبَنَى عَلَيْهِ) بُنْيَانًا (أَوْ) كَانَتْ (خَشَبًا، فَسَقَّفَ بِهِ) سَقْفًا (فَلَا رُجُوعَ) لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَغَلَ الْمَبِيعَ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ فَلَمْ يَمْلِكْ بَائِعُهُ الرُّجُوعَ (فَإِنْ كَانَ الصِّبْغُ وَالثَّوْبُ لِوَاحِدٍ) وَاشْتَرَاهُمَا مِنْهُ وَصَبَغَ الثَّوْبَ بِالصِّبْغِ وَحُجِرَ عَلَيْهِ (رَجَعَ) الْبَائِعُ (فِي الثَّوْبِ وَحْدَهُ وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا) لِلْبَائِعِ (بِزِيَادَةِ الصِّبْغِ وَيَضْرِبُ بَائِعُ الصِّبْغِ بِثَمَنِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ) كَمَا لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ.
(وَإِنْ اشْتَرَى رُفُوفًا) جَمْعُ رَفٍّ، أَيْ أَلْوَاحِ خَشَبٍ (وَمَسَامِيرَ مِنْ وَاحِدٍ وَسَمَّرَهَا) أَيْ الرُّفُوفَ (بِهَا) أَيْ بِالْمَسَامِيرِ (رَجَعَ) بَائِعُهُمَا (فِيهِمَا) لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ.
(وَإِنْ غَرَسَ) الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ الَّتِي اشْتَرَاهَا (أَوْ بَنَى فِيهَا) وَحُجِرَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِبَائِعِهَا (الرُّجُوعُ فِيهَا) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ وَمَالُ الْمُشْتَرِي دَخَلَ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ كَالصَّبْغِ.
(وَ) إذَا رَجَعَ فِي الْأَرْضِ فَلَهُ (دَفْعُ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَيَمْلِكُهُ، أَوْ قَلْعُهُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ) لِأَنَّهُمَا حَصَلَا فِي مِلْكِهِ لِغَيْرِهِ بِحَقٍّ، كَالشَّفِيعِ وَالْمُعِيرِ (إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ) فَإِنْ اخْتَارُوهُ مَلَكَهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَلَا يَمْلِكُ إجْبَارَ مَالِكِهِمَا عَنْ الْمُعَاوَضَةِ عَنْهُمَا.
(وَ) عَلَى هَذَا (يَلْزَمُهُمْ إذَنْ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَ) يَلْزَمُهُمْ (أَرْشٌ بِنَقْصِهَا الْحَاصِلِ بِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ حَصَلَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِ الْمُفْلِسِ فَكَانَ عَلَيْهِ (وَيَضْرِبُ بِهِ) أَيْ بِأَرْشِ نَقْصِ الْأَرْضِ (الْبَائِعُ مَعَ الْغُرَمَاءِ) كَسَائِرِ دُيُونِ الْمُفْلِسِ (وَلَهُ) أَيْ لِبَائِعِ الْأَرْضِ (الرُّجُوعُ فِيهَا) أَيْ أَرْضِهِ (وَلَوْ قَبْلَ الْقَلْعِ) أَيْ قَلْعِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ (وَدَفْعُ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ أَوْ قَلْعُهُ) وَضَمَانُ نَقْصِهِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا.
(وَإِنْ امْتَنَعُوا) أَيْ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ (مِنْ الْقَلْعِ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ) لِأَنَّهُمَا وُضِعَا بِحَقٍّ (وَإِنْ أَبَوْا) أَيْ الْغُرَمَاءُ (الْقَلْعَ) وَأَبَى الْبَائِعُ (دَفْعَ الْقِيمَةِ) أَوْ أَرْشَ نَقْصِ الْقَلْعِ (سَقَطَ الرُّجُوعُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْغُرَمَاءِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ.
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَزَرَعَهَا، ثُمَّ أَفْلَسَ بَقِيَ الزَّرْعُ لِرَبِّهِ مَجَّانًا إلَى الْحَصَادِ فَإِنْ اتَّفَقَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى التَّرْكِ أَوْ الْقَطْعِ جَازَ وَإِنْ اخْتَلَفُوا وَلَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ الْقَطْعِ قُدِّمَ قَوْلُ مَنْ يَطْلُبُهُ.
وَإِنْ اشْتَرَى غِرَاسًا فَغَرَسَهُ فِي أَرْضِهِ، ثُمَّ أَفْلَسَ وَلَمْ يَزِدْ الْغِرَاسُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ فَإِنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَأَرْشُ نَقْصِهَا وَإِنْ بَذَلَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ لَهُ الْقِيمَةَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَلْعِ فَبَذَلُوا الْقِيمَةَ لَهُ لِيَمْلِكَهُ الْمُفْلِسُ، وَأَرَادُوا قَلْعَهُ وَضَمَانَ النَّقْصِ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ أَرَادُوا قَلْعَهُ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْقَلْعَ وَبَعْضُهُمْ التَّبْقِيَةَ قُدِّمَ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْقَلْعَ.
وَإِنْ اشْتَرَى أَرْضًا مِنْ وَاحِدٍ وَغَرْسًا مِنْ آخَرَ وَغَرَسَهُ فِيهَا، ثُمَّ أَفْلَسَ وَلَمْ يَزِدْ فَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَلْعُ الْغِرَاسِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ فَإِنْ قَلَعَهُ بَائِعُهُ لَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَأَرْشُ نَقْصِهَا الْحَاصِلُ بِهِ وَإِنْ بَذَلَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْعَكْسِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْقَلْعِ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَتَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ حُكْمُ الطَّلْعِ، وَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ.