فصل: (أَحَدُهَا: شَرِكَةُ الْعَنَانِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: فِي الْكَذِب فِي ادِّعَاءِ الوكالة:

(فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إنْسَانٍ (حَقٌّ) مِنْ دَيْنٍ كَثَمَنِ وَقِيمَةِ مُتْلِفٍ (أَوْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لِإِنْسَانٍ، فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَ صَاحِبَهُ فِي قَبْضِهِ) الدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ (فَصَدَّقَهُ) الْمَدِينُ أَوْ الْوَدِيعُ (لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعَ إلَيْهِ) لِأَنَّ عَلَيْهِ فِيهِ تَبِعَةً لِجَوَازِ أَنْ يُنْكِرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ فَيَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِهِ بَيِّنَةً (وَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ كَذَّبَ الْمَدِينُ أَوْ الْوَدِيعُ مُدَّعِيَ الْوَكَالَةَ (لَمْ يَسْتَحْلِفْ) لِعَدَمِ فَائِدَةِ اسْتِحْلَافِهِ وَهِيَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ (كَدَعْوَى) إنْسَانٍ (وَصِيَّةً بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَدِينَ وَلَا الْمُودِعَ الدَّفْعُ إلَيْهِ إنْ صَدَّقَهُ، وَلَا الْحَلِفُ إنْ كَذَّبَهُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ دَفَعَ) الْمَدِينُ أَوْ الْوَدِيعُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مُدَّعِي الْوَكَالَةَ (فَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْحَقِّ الْوَكَالَةَ حَلَفَ) صَاحِبُ الْحَقِّ أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(وَرَجَعَ) صَاحِبُ الْحَقِّ (عَلَى الدَّافِعِ وَحْدَهُ) بِدَيْنِهِ (إنْ كَانَ) الْحَقُّ (دَيْنًا) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَى غَيْرِ وَكِيلِهِ (وَ) يَرْجِعُ (هُوَ) أَيْ الدَّافِعُ (عَلَى الْوَكِيلِ) بِمَا دَفَعَ لَهُ (مَعَ بَقَائِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ فِي تَلَفٍ أَوْ تَفْرِيطِهِ) حَتَّى تَلِفَ لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطِ.
(وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ) الْوَكِيلُ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَبَضَهُ (مَعَ تَلَفِهِ) بِيَدِ الْوَكِيلِ (لَمْ يَرْجِعَ الدَّافِعُ) عَلَى الْوَكِيلِ حَيْثُ صَدَّقَهُ عَلَى دَعْوَى الْوَكَالَةِ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ مَا أَخْذَهُ الْمَالِكُ ظُلْمٌ وَيُقِرُّ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ صَاحِبِهِ تَعَدٍّ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِظُلْمِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَ بِغَيْرِ تَصْدِيقٍ رَجَعَ مُطْلَقًا.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَدْفُوعُ (عَيْنًا كَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَوَجَدَهَا) رَبُّهَا (أَخَذَهَا) مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ لِأَنَّهَا عَيْنُ حَقِّهِ (وَلَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ بِرَدِّهَا) فَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْوَدِيعَ لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ قَبَضَ عَيْنَ مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (فَإِنْ طَالَبَ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ (الدَّافِعَ فَلِلدَّافِعِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِهَا وَأَخْذِهَا مِنْ يَدِهِ) لِيُسَلِّمَهَا لِرَبِّهَا.
وَيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَتِهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً أَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَلَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا (تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) أَيْ مَنْ الدَّافِعِ وَالْقَابِضِ لِأَنَّ الدَّافِعَ ضَمِنَهَا بِالدَّفْعِ، وَالْقَابِضَ قَبَضَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ (وَلَا يَرْجِعُ بِهَا مَنْ ضَمِنَهُ عَلَى الْآخَرِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ ظُلْمٌ وَيُقِرُّ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ صَاحِبِهِ تَعَدٍّ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِظُلْمِ غَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّافِعُ دَفَعَهَا إلَى الْوَكِيلِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ فَيَرْجِعُ) الدَّافِعُ (عَلَى الْوَكِيلِ) ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وِفَاقًا، لِكَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ بِوَكَالَتِهِ وَلَمْ تَثْبُتْ بِبَيِّنَتِهِ قَالَ وَمُجَرَّدُ التَّسْلِيمِ لَيْسَ تَصْدِيقًا (وَإِنْ ضَمِنَ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ (الْوَكِيلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الدَّافِعِ وَإِنْ صَدَّقَهُ).
لِاعْتِرَافِ الْوَكِيلِ بِبَرَاءَتِهِ وَأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ ظَلَمَهُ فَلَا يَرْجِعُ بِظُلْمِهِ عَلَى غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ (لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ تَعَدَّى فِيهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (أَوْ فَرَّطَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ) وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ صَدَّقَهُ (فَإِنْ ضَمِنَ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ الْوَكِيلَ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ) بِمَا غَرِمَهُ (وَإِنْ ضَمِنَ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ (الدَّافِعَ رَجَعَ) الدَّافِعُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ.
(وَلَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ اثْنَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا (قَدْ عَزَلَهُ) الْمُوَكِّلُ (لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ)، لِأَنَّ رُجُوعَ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحُكْمِ يَمْنَعُ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ (فَإِنْ قَالَهُ) أَيْ قَالَ قَدْ عَزَلَهُ (بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّتِهَا) ثَبَتَتْ، لِأَنَّ رُجُوعَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يَرْفَعُهُ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ بِعَزْلِهِ (أَوْ قَالَهُ) أَيْ قَالَ قَدْ عَزَلَهُ (وَاحِدٌ غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ الشَّاهِدَيْنِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ (ثَبَتَتْ) الْوَكَالَةُ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ النِّصَابُ بِهَا.
وَلَمْ يَتِمَّ بِالْعَزْلِ (فَإِنْ قَالَا جَمِيعًا) أَيْ الشَّاهِدَانِ أَوْ قَالَ اثْنَانِ غَيْرُهُمَا (كَانَ قَدْ عَزَلَهُ ثَبَتَ الْعَزْلُ) لِتَمَامِ نِصَابِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ.
(وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ وَكَّلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ) شَهِدَ (شَاهِدٌ أَنَّهُ وَكَّلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ) لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ التَّوْكِيلِ يَوْمِ السَّبْتِ فَلَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ (أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ) أَنَّهُ (وَكَّلَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ) لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ غَيْرُ التَّوْكِيلِ بِالْعَجَمِيَّةِ، فَلَمْ تَكْمُلْ الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ (أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ) لَهُ: (وَكَّلْتُكَ، وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ) لَهُ: (أَذِنْتُ لَكَ فِي التَّصَرُّفِ) لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ (أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُكَ وَالْآخَرَ (أَنَّهُ قَالَ جَعَلْتُكَ وَكِيلًا أَوْ جَرِيًّا).
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْجَرِيُّ الْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ (لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ) لِأَنَّ اللَّفْظَ مُخْتَلِفٌ فَلَمْ تَكْمُلْ الشَّهَادَةُ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ هُنَا وَفِيهِ مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ (أَنَّهُ أَقَرَّ بِتَوْكِيلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ) بِتَوْكِيلِهِ (يَوْمَ السَّبْتِ) كَمُلَتْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَيَشُقُّ جَمْعُ الشُّهُودِ لِيُقِرَّ عِنْدَهُمْ حَالَةً وَاحِدَةً (أَوْ شَهِدَ) أَحَدُهُمَا (أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالْوَكَالَةِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ (بِالْعَرَبِيَّةِ) كَمُلَتْ لِعَدَمِ التَّنَافِي (أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ).
(وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ) كَمُلَتْ لِاتِّحَادِ الْمَعْنَى وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّهُمَا هُنَاكَ اتَّفَقَا عَلَى اتِّحَادِ الصِّيغَة وَاخْتَلَفَا فِيهَا وَهُنَا لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلصِّيغَةِ (أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ: (أَشْهَدُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُوَكِّلَ (أَقَرَّ عِنْدِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ وَقَالَ) الشَّاهِدُ (الْآخَرُ أَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي أَنَّهُ جَرِيَّةٌ) تَمَّتْ الشَّهَادَةُ بِالْوَكَالَةِ لَهُ لِعَدَمِ التَّنَافِي لِمَا سَبَقَ (أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكَّلَهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ (أَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي حَيَاتِهِ، تَمَّتْ الشَّهَادَةُ، وَثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ بِذَلِكَ) لِعَدَمِ التَّنَافِي لِإِمْكَانِ تَعَدُّدِ الْإِقْرَارِ.
(وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَشَهِدَ) الشَّاهِدُ (الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ وَزَيْدًا) لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ لِلتَّنَافِي (أَوْ شَهِدَ) أَحَدُهُمَا (أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ) أَيْ الْعَبْدِ وَقَالَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ: وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ (وَقَالَ لَا تَبِعْهُ حَتَّى تَسْتَأْمِرَنِي، أَوْ) حَتَّى (تَسْتَأْمِرَ فُلَانًا لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ) وَلَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ لِلتَّنَافِي، لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَثْبَتَ اسْتِقْلَالَهُ بِالْبَيْعِ، وَالثَّانِي يَنْفِي ذَلِكَ.
(وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَجَارِيَتِهِ حُكْمَ بِالْوَكَالَةِ فِي الْعَبْدِ) لِتَمَامِ النِّصَابِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الثَّانِي وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا فِي الْجَارِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلَا.
(وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ لِزَيْدٍ وَ) شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ لِزَيْدٍ وَ(إنْ شَاءَ) فَلَهُ بَيْعُهُ (لِعَمْرٍو) فَيُحْكَمُ بِالْوَكَالَةِ فِي بَيْعِهِ لِزَيْدٍ وَإِنْ حَلَفَ مَعَ الْآخَرِ ثَبَتَتْ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الْوَكَالَةِ فِي الْمَالِ تَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ وَيَأْتِي.
(وَلَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةِ وَ) لَا (الْعَزْلُ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ) بَلْ بِاثْنَيْنِ فِي غَيْرِ الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ وَيَأْتِي أَنَّ الْوَكَالَةَ فِيهِ تَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ هُوَ بِهِ وَفِي الْمُغْنِي: الْعَزْلُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْوَكِيلُ.
(فَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ) حِسْبَةً (بِلَا دَعْوَى الْوَكِيلِ: أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَ فُلَانًا الْحَاضِرَ فَقَالَ الْوَكِيلُ: مَا عَلِمْتُ هَذَا وَأَنَا أَتَصَرَّفُ عَنْهُ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ) لِأَنَّ مَعْنَى: مَا عَلِمْتُ هَذَا، أَيْ أَنَّهُ وَكَّلَنِي وَذَلِكَ لَيْسَ تَكْذِيبًا لَهُمَا لِأَنَّهُ قَبْلُ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَعْلَمْهُ، وَبِهَا عَلِمَهُ (وَإِنْ قَالَ) الْمَشْهُودُ لَهُ (مَا أَعْلَمُ صِدْقَ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ) لِتَكْذِيبِهِ شَاهِدَيْهِ (وَإِنْ قَالَ) الْمَشْهُودُ لَهُ (مَا عَلِمْتُ، وَسَكَتَ قِيلَ لَهُ: فَسِّرْ فَإِنْ فَسَّرَ بِالْأَوَّلِ) أَيْ أَنَّهُ مَا عَلِمَ هَذَا وَأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ (ثَبَتَتْ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ فَسَّرَ بِالثَّانِي) بِأَنْ قَالَ مَا أَعْلَمُ صِدْقَ الشَّاهِدَيْنِ (لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ لِمَا سَبَقَ).
(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ كَشَهَادَةِ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْلَى.
(وَ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ (لَهُ) أَيْ لِمُوَكِّلِهِ (فِيمَا لَمْ يُوَكِّلْهُ فِيهِ) لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (فَإِنْ شَهِدَ) الْوَكِيلُ (بِمَا كَانَ وَكِيلًا فِيهِ بَعْدَ عَزْلِهِ) مِنْ الْوَكَالَةِ (لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُ (أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ) الْوَكِيلُ (خَاصَمَ فِيهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ لَمْ يُخَاصِمْ) لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الْوَكَالَةِ صَارَ خَصْمًا فِيهِ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ خَاصَمَ فِيهِ.
(وَإِذَا كَانَتْ أَمَةً بَيْنَ نَفَسَيْنِ فَشَهِدَ أَنَّ زَوْجَهَا وَكَّلَ) زَيْدًا (فِي طَلَاقِهَا) لَمْ تُقْبَلْ (أَوْ شَهِدَ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ فِي الطَّلَاقِ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهَا تَجُرُّ نَفْعًا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ إلَيْهِمَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِبَقَاءِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ.
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنَيْ الرَّجُلِ) لَهُ بِالْوَكَالَةِ (وَلَا) شَهَادَةُ (أَبَوَيْهِ لَهُ بِالْوَكَالَةِ) وَلَا شَهَادَةُ أَبِيهِ وَابْنِهِ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ فَرْعٍ لِأَصْلٍ وَعَكْسُهُ (وَيَثْبُتُ الْعَزْلُ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَةِ أَبَوَيْ الْمُوَكِّلِ أَوْ ابْنَيْهِ أَوْ أَبِيهِ وَابْنِهِ (لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِمَنْ لَا يَدَّعِيهَا) أَيْ يَطْلُبُهَا فَهِيَ كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ) الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ (فَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَزَلَ الْوَكِيلَ وَأَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ وَشَهِدَ لَهُ ابْنَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ، أَوْ أَبَوَاهُ وَابْنُهُ (لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا) لِأَنَّهَا شَهَادَةُ فَرْعٍ لِأَصْلِهِ وَبِالْعَكْسِ.
(وَإِنْ ادَّعَى مُكَاتِبُ الْوَكَالَةِ فَشَهِدَ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ ابْنَا سَيِّدِهِ أَوْ أَبَوَاهُ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمَا (لِأَنَّهَا شَهَادَةُ مَالِكٍ لِرَقِيقِهِ، أَوْ شَهَادَةُ فَرْعٍ أَوْ أَصْلٍ لِرَقِيقِ أَصْلِهِ) أَوْ فَرْعِهِ.
(وَإِذَا حَضَرَ رَجُلَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْآخَرَ وَكَّلَهُ) يَعْنِي قَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ وَكَّلَ الْآخَرَ (وَلَمْ يَسْمَعْهُ) أَيْ الْإِقْرَارَ (شَاهِدَانِ مَعَ الْحَاكِمِ، ثُمَّ غَابَ الْمُوَكِّلُ وَحَضَرَ الْوَكِيلُ فَقَدِمَ خَصْمًا لِمُوَكِّلِهِ، وَقَالَ أَنَا وَكِيلُ فُلَانٍ فَأَنْكَرَ الْخَصْمُ كَوْنَهُ وَكِيلًا، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِوَكَالَتِهِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ) فِي غَيْرِ تَعْدِيلٍ وَجَرْحٍ وَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ: يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ بِالْإِقْرَارِ فِي مَجْلِس حُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَعَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ إقْرَارَهُ بِالْوَكَالَةِ تَوْكِيلٌ وَلَيْسَ إقْرَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ حَقًّا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إشْهَادٌ فَلَيْسَ مِمَّا يَأْتِي.
(وَلَوْ حَضَرَ رَجُلٌ) قَاضِيًا (وَادَّعَى عَلَى غَائِبٍ مَالًا فِي وَجْهِ وَكِيلِهِ فَأَنْكَرَهُ) الْوَكِيلُ (فَأَقَامَ) الْمُدَّعِي (بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ) مِنْ الدَّيْنِ (حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ) عَلَى رِوَايَةٍ تَأْتِي فِي الْقَضَاءِ اسْتِظْهَارًا.
(وَحَكَمَ لَهُ بِالْمَالِ) وَيَأْتِي: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ التَّامَّةِ (فَإِذَا حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ) لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْحُكْمِ أَوْ حَضَرَ (وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَزَلَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا.
(وَإِنْ ادَّعَى) إنْسَانٌ (أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ) أَيْ الدَّيْنِ (أَحَالَهُ بِهِ) عَلَى الْغَرِيمِ (فَكَدَعْوَى وَكَالَةٍ وَ) دَعْوَى (وَصِيَّةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) فَإِنْ صَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُسْتَحْلَفْ، لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَيْهِ غَيْرُ مُبَرِّئٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُنْكِرَ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ فَهُوَ كَدَعْوَى الْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعْتَرَفٌ أَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَيْهِ أَشْبَهَ الْوَارِثِ وَرُدَّ بِأَنَّ وُجُوبَ الدَّفْعِ إلَى الْوَارِثِ لِكَوْنِهِ مُسْتَحَقًّا وَالدَّفْعُ إلَيْهِ مُبَرِّئٌ فَإِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لَا حَقَّ لِسِوَاهُ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِلْحَاقُهُ بِالْوَكِيلِ أَوْلَى وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ فَلَا يَطْلُبُهُ وَتُعَادُ لِغَائِبٍ مُحْتَالٍ بَعْدَ دَعْوَاهُ، فَيُقْضَى لَهُ بِهَا إذَنْ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَإِنْ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ لِلْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ بِلَا إثْبَاتهَا ثُمَّ أَنْكَرَهَا رَبُّ الْحَقِّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ، وَهُوَ عَلَى الْقَابِضِ مُطْلَقًا صَدَّقَهُ أَوْ لَا تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى مَضْمُونٍ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ ادَّعَى) إنْسَانٌ أَنَّهُ أَيْ رَبَّ الْحَقِّ (مَاتَ وَأَنَا وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي لَزِمَهُ) أَيْ الْغَرِيمَ (الدَّفْعُ إلَيْهِ مَعَ التَّصْدِيقِ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِالْحَقِّ، وَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِهَذَا الدَّفْعِ فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ جَاءَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَ(لَا) يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ مَعَ (الْإِنْكَارِ) أَنَّهُ مَاتَ أَوْ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ.
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْغَرِيمَ (الْيَمِينُ مَعَ الْإِنْكَارِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِحَّةَ مَا قَالَهُ) لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ (عَيْنًا كَانَ) الْحَقُّ (أَوْ دَيْنًا، وَدِيعَةً) كَانَتْ الْعَيْنُ (أَوْ غَيْرَهُمَا) مِنْ عَارِيَّةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا.
(وَ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ حَقٌّ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (وَامْتَنَعَ) الْمَطْلُوبُ مِنْهُ (مِنْ دَفْعِهِ حَتَّى يَشْهَدَ الْقَابِضُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ، وَكَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ (بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَمْ يَلْزَمْ الْقَابِضَ الْإِشْهَادُ) وَلَمْ يَجُزْ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ التَّأْخِيرُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ حَتَّى يَطْلُبَ زَوَالَهُ لِأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى عَلَيْهِ قَالَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ (وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَكَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ، كَالْمُودِعِ وَالْوَكِيلِ بِغَيْرِ جُعْلٍ) وَالْوَصِيِّ بِغَيْرِ جُعْلٍ (فَكَذَلِكَ) لَا يَلْزَمُ الْقَابِضَ الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ، وَلَا لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ التَّأْخِيرَ لِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَ) مَنْ عَلَيْهِ الْحَقَّ (مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ، أَوْ) كَانَ مِمَّنْ هُوَ (مُخْتَلِفٌ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ) فِي الرَّدِّ (كَالْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ) وَالْمُقْتَرِضِ (وَالْمُرْتَهِنِ) وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ بِجُعْلٍ، وَكُلُّ مَنْ قَبَضَ الْعَيْنَ لِحَظِّ نَفْسِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ مَا قَبْلَهُ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (إلَّا بِالْإِشْهَادِ) عَلَى الْقَابِضِ بِالْقَبْضِ لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».
(وَمَتَى شَهِدَ) الْقَابِضُ (عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ لَمْ يَلْزَمْ) الْقَابِضَ (تَسْلِيمُ الْوَثِيقَةِ بِالْحَقِّ إلَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ) لِأَنَّهَا مِلِكُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا وَكَذَا مَنْ بَاعَ عَقَارًا وَنَحْوَهُ وَبِهِ وَثِيقَةٌ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا لِلْمُشْتَرِي (وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الرَّهْنِ).
(وَإِذَا شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ) شَهِدَ (شَاهِدٌ) بِهَا (وَحَلَفَ) مُدَّعِي الْوَكَالَةِ (مَعَهُ ثَبَتَ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ فِي الْمَالِ) أَوْ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا حُكْمُ الْمَقَاصِدِ.
(وَ مَنْ أَخْبَرَ بِوَكَالَةٍ وَظَنَّ صِدْقَهُ) أَيْ صِدْقَ مُخْبِرِهِ (تَصَرَّفَ) اعْتِمَادًا عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ (وَ) إذَا تَصَرَّفَ وَأَنْكَرَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ (ضَمِنَ) الْوَكِيلُ مَا فَاتَ بِتَصَرُّفِهِ إنْ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ، لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ بِغَيْرِ حَقٍّ.

.(كِتَابُ الشَّرِكَةِ).

بِوَزْنِ سَرِقَةٍ وَتَمْرَةٍ، وَنِعْمَةٍ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} الْآيَةَ وَالْخُلَطَاءُ: هُمْ الشُّرَكَاءُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَقُولُ اللَّهُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ.
(وَهِيَ) نَوْعَانِ (اجْتِمَاعٌ فِي اسْتِحْقَاقٍ، أَوْ) اجْتِمَاعٌ فِي (تَصَرُّف) وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ: شَرِكَةٌ فِي الْمَالِ كَاثْنَيْنِ مَلَكَا عَيْنًا بِمَنَافِعِهَا بِإِرْثٍ، أَوْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَلَكَا الرَّقَبَةَ دُونَ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا إذَا اشْتَرَكَا فِي حَقِّ الرَّقَبَةِ، كَمَا لَوْ قَذَفَهُمَا إنْسَانٌ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لَهُمَا حَدًّا وَاحِدًا وَيَأْتِي (وَ) النَّوْعُ (الثَّانِي شَرِكَةُ عُقُودٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) بِالتَّرْجَمَةِ.
(وَتُكْرَهُ مُعَامَلَةُ مَنْ فِي مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ يَجْهَلُ) وَكَذَا إجَابَةُ دَعْوَتِهِ، وَأَكْلُ هَدِيَّتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَنَحْوِهَا، وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ} الْحَدِيثَ.
(وَ) تُكْرَهُ (مُشَارَكَةُ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ) مِمَّنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ يَلِي التَّصَرُّفَ قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَجُوسِيِّ: مَا أُحِبُّ مُخَالَطَتَهُ وَمُعَامَلَتَهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِلُّ مَا لَا يَسْتَحِلُّ هَذَا.
(وَكَذَا) تُكْرَهُ (مُشَارَكَةُ كِتَابِيٍّ وَلَوْ غَيْرَ ذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالرِّبَا، إلَّا أَنْ يَلِيَ الْمُسْلِمُ التَّصَرُّفَ) فَلَا تُكْرَهُ لِلْأَمْنِ مِنْ الرِّبَا وَلِمَا رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُشَارَكَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ بِيَدِ الْمُسْلِمِ».
(وَهِيَ) أَيْ شَرِكَةُ الْعُقُودِ (خَمْسَةُ أَقْسَامٍ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى تَصَرُّفٍ فِي مَالٍ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْ غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ كَالْبَيْعِ:

.(أَحَدُهَا: شَرِكَةُ الْعَنَانِ):

بِكَسْرِ الْعَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الْمَال وَالتَّصَرُّفِ، كَالْفَارِسَيْنِ إذَا اسْتَوَيَا بَيْنَ فَرَسَيْهِمَا وَتَسَاوَيَا فِي السَّيْرِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ إذَا عَرَضَ يُقَالُ عَنَّتْ لِي حَاجَةٌ إذَا عَرَضَتْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ عَنَّ أَيْ عَرَضَ لَهُ مُشَارَكَةُ صَاحِبِهِ وَقِيلَ: مَنْ عَانَهُ، إذَا عَارَضَهُ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ عَارَضَ صَاحِبَهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَعَمَلِهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَقَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ: إنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ هُوَ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا، وَهِيَ جَائِزَةٌ إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي بَعْضِ شُرُوطِهَا (بِأَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فَأَكْثَر بِمَالَيْهِمَا) خَرَجَ بِهِ الْمُضَارَبَةَ، لِأَنَّ الْمَالَ فِيهَا مِنْ جَانِبٍ، وَالْعَمَلَ مِنْ آخَرَ بِخِلَافِهَا، فَإِنَّهَا تَجْمَعُ مَالًا وَعَمَلًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِقَوْلِهِ (لِيَعْمَلَا فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (بِيَدَيْهِمَا وَرِبْحُهُ بَيْنَهُمَا) عَلَى حَسَبِ مَا اشْتَرَطَاهُ (أَوْ) يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ بِمَالَيْهِمَا عَلَى أَنْ (يَعْمَلَ) فِيهِ.
(أَحَدُهُمَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (مِنْ الرِّبْحِ أَكْثَرُ مِنْ رِبْحِ مَالِهِ) لِيَكُونَ الْجُزْءُ الزَّائِدُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ فِي مَالِ شَرِيكِهِ (فَإِنْ شَرَطَ) صَاحِبُهُ (لَهُ رِبْحًا قَدْرَ مَالِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (فَهُوَ إبْضَاعٌ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ عِوَضٍ.
(وَإِنْ شَرَطَ لَهُ) صَاحِبُهُ (أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ رِبْحِ مَالِهِ (لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا، لِأَخْذِهِ جُزْءًا مِنْ رِبْحِ مَالِ صَاحِبِهِ بِلَا عَمَلٍ) مِنْهُ لَكِنَّ التَّصَرُّفَ صَحِيحٌ لِعُمُومِ الْإِذْنِ وَلَهُ رِبْحُ مَالِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِعَمَلِهِ (بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُمَا) مُتَعَلِّقٌ بِيَشْتَرِكُ أَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ.
وَتَنْعَقِدُ (بِمُصَيِّرِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ (كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمَالَيْنِ (لَهُمَا) أَيْ لِلشَّرِيكَيْنِ فَقَوْلُهُ: بِمُصَيِّرٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: عَلَى رِضَاهُمَا.
(وَلَهَا) أَيْ شَرِكَةِ الْعَنَانِ (شُرُوطٌ مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِمَا (مَعْلُومَيْنِ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى مَجْهُولَيْنِ لِلْغَرَرِ (فَإِنْ اشْتَرَكَا فِي مَالٍ مُخْتَلَطٍ بَيْنَهُمَا شَائِعًا) كَمَا وَرِثَاهُ، أَوْ اتَّهَبَاهُ وَلَمْ يَعْلَمَا كَمِّيَّتَهُ (صَحَّ) عَقْدُ الشَّرِكَةِ (إنْ عَلِمَا قَدْرَ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا) فِيهِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ وَنَحْوِهِ، لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ بِذَلِكَ.
(وَ مِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ الشَّرِكَةِ (حُضُورُ الْمَالَيْنِ كَمُضَارَبَةٍ) لِتَقْرِيرِ الْعَمَلِ وَتَحْقِيق الشَّرِكَةِ (فَلَا تَصِحُّ) الشَّرِكَةُ عَلَى مَالٍ (غَائِبٍ وَلَا) عَلَى مَالٍ (فِي الذِّمَّةِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فِي الْحَالِ وَهُوَ مَقْصُودُ الشَّرِكَةِ، لَكِنْ إذَا أَحْضَرَاهُ وَتَفَرَّقَا وَوُجِدَ مِنْهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّرِكَةُ فِيهِ انْعَقَدَتْ حِينَئِذٍ.
(وَلَا) تَصِحُّ الشَّرِكَةُ عَلَى مَالٍ (مَجْهُولٍ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَهِيَ) أَيْ الشَّرِكَةُ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى مَالَيْنِ مِنْهُمَا لِيَعْمَلَ فِيهِ أَحَدُهُمَا بِجُزْءٍ زَائِدٍ عَنْ رِبْحِ مَالِهِ (عَنَانٌ) مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَالَ مِنْهُمَا (وَمُضَارَبَةٌ) مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَمَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي مَالِ غَيْرِهِ وَبِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَإِنَّمَا حَمَلْتُ كَلَامَهُ عَلَى هَذَا مَعَ بُعْدِهِ، لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ (وَيُغْنِي لَفْظُ الشَّرِكَةِ عَنْ إذْنٍ صَرِيحٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (فِي التَّصَرُّفِ) لِتَضَمُّنِهَا لِلْوَكَالَةِ (وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (فِي) جَمِيعِ (الْمَالَيْنِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ، وَ) بِحُكْمِ (الْوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ) لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِجِهَةِ الْإِذْنِ فَهُوَ كَالْوَكَالَةِ فَعَلِمْتُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَالَيْنِ يَصِيرُ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ خَلْطٌ بِالْفِعْلِ.
(وَمِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ الشَّرِكَةِ (أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ النَّقْدَيْنِ الْمَضْرُوبَيْنِ) لِأَنَّهُمَا ثَمَنُ الْمَبِيعَاتِ وَقِيَمُ الْأَمْوَالِ وَالنَّاسُ يَشْتَرِكُونَ بِهِمَا مِنْ زَمَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى زَمَنِنَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (فَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَلَا الْمُضَارَبَةُ بِعَرْضٍ، وَلَوْ) كَانَ الْعَرْضُ (مِثْلِيًّا) كَبُرٍّ وَحَرِيرٍ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ رُبَّمَا زَادَتْ قَبْلَ بَيْعِهِ فَيُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِي نَمَاءِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ (وَلَا) تَصِحُّ الشَّرِكَةُ وَلَا الْمُضَارَبَةُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْعَرْضِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَزِيدُ بِحَيْثُ تَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الرِّبْحِ وَقَدْ تَنْقُصُ، بِحَيْثُ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِي ثَمَنِ مِلْكِهِ الَّذِي لَيْسَ بِرِبْحٍ، مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةُ الْمِقْدَارِ فَيُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ (وَلَا) تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَلَا الْمُضَارَبَةُ (بِثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ الْعَرْضِ (الَّذِي اشْتَرَى بِهِ) لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ حَالَ الْعَقْدِ وَأَيْضًا قَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لِلْبَائِعِ (وَلَا) تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَلَا مُضَارَبَةٌ (بِثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ الْعَرْضِ (الَّذِي سَيُبَاعُ بِهِ) لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ (وَلَا) تَصِحُّ شَرِكَةُ الْعَنَانِ وَمُضَارَبَةٌ (بِمَغْشُوشٍ) مِنْ النَّقْدَيْنِ غِشًّا (كَثِيرًا) عُرْفًا لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ غِشُّهُ.
فَلَا يَتَأَتَّى رَدُّ مِثْلِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَزِيدُ وَتَنْقُصُ فَهِيَ كَالْعُرُوضِ (وَلَا فُلُوسَ وَلَوْ نَافِقَةً) لِأَنَّهَا عُرُوضٌ (وَلَا نَقْرَةَ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُضْرَبْ) لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَزِيدُ وَتَنْقُصُ فَأَشْبَهَتْ الْعُرُوضَ (وَلَا أَثَرَ هُنَا) أَيْ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَالْمُضَارَبَةِ.
(وَ) لَا (فِي الرِّبَا وَغَيْرِهِمَا) كَالصَّرْفِ وَالْقَرْضِ (لِغِشٍّ يَسِيرٍ لِمَصْلَحَةٍ، كَحَبَّةِ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا فِي دِينَارٍ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزَ مِنْهُ.
(وَمِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ شَرِكَة عَنَانٍ وَمُضَارَبَةٍ (أَنْ يَشْرِطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ مَشَاعًا مَعْلُومًا كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا) لِأَنَّ الرِّبْحَ مُسْتَحَقٌّ لَهُمَا بِحَسَبِ الِاشْتِرَاطِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ (سَوَاءٌ شَرَطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِ مِنْ الرِّبْحِ، أَوْ) شَرَطَا (أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ أَكْثَرَ) لِأَنَّ الرِّبْحَ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَمَلِ وَقَدْ يَتَفَاضَلَانِ فِيهِ، لِقُوَّةِ أَحَدِهِمَا وَحَذَقِهِ فَجَازَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حَظًّا مِنْ رِبْحِ مَالِهِ كَالْمُضَارِبِ (فَإِنْ قَالَا: الرِّبْحُ بَيْنَنَا تَنَاصَفَاهُ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فَاقْتَضَتْ التَّسْوِيَةُ كَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَاهُ) أَيْ الرِّبْحَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرِكَةِ.
فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ (أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ جُزْءًا مَجْهُولًا) كَحَظٍّ أَوْ جُزْءٍ وَنَصِيبٍ لَمْ يَصِحَّا لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْوَاجِبِ (أَوْ) شَرَطَا فِيهِمَا لِأَحَدِهِمَا (دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً) لَمْ يَصِحَّا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ غَيْرهَا فَيَأْخُذُ جَمِيع الرِّبْحِ وَقَدْ لَا يَرْبَحُ فَيَأْخُذُ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ، وَقَدْ يَرْبَحُ كَثِيرًا فَيَتَضَرَّرُ مَنْ شُرِطَتْ لَهُ (أَوْ) شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا (رِبْحَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ أَوْ) رِبْحَ (أَحَدِ السَّفْرَتَيْنِ، أَوْ رِبْحَ تِجَارَتِهِ فِي شَهْرٍ) بِعَيْنِهِ (أَوْ) فِي (عَامٍ بِعَيْنِهِ) لَمْ يَصِحَّا لِأَنَّهُ قَدْ يَرْبَحُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ دُونَ غَيْرِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَيَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِالرِّبْحِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعِ الشَّرِكَةِ (أَوْ) شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا (جُزْءًا وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ جُزْءًا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ) وَنَحْوَهَا لَمْ يَصِحَّا كَمَا لَوْ شُرِطَ لَهُ مِثْلُ مَا شُرِطَ لِزَيْدٍ فِي شَرِكَةٍ أُخْرَى، وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِهِ (أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا مُضَارَبَةً وَقَالَ) الدَّافِعُ (لَكَ رِبْحُ نِصْفِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا مُسَاقَاةً وَمُزَارَعَةً) قِيَاسًا عَلَى الشَّرِكَةِ.
فَيَعْتَبِرُ لَصِحَّتِهَا تَسْمِيَةَ جُزْءِ مَشَاعٍ مَعْلُومٍ لِلْعَامِلِ وَيَأْتِي فِي بَابِهِ مُفَصَّلًا.
(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ (خَلْطُ الْمَالَيْنِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ الرِّبْحُ فَلَمْ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ كَالْمُضَارَبَةِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فَلَمْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخَلْطُ كَالْوَكَالَةِ (وَلَا) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (اتِّفَاقُهُمَا) أَيْ الْمَالَيْنِ (قَدْرًا، وَ) لَا (جِنْسًا، وَ) لَا (صِفَةً) لِأَنَّهُمَا آثِمَانِ فَصَحَّتْ الشَّرِكَةُ فِيهِمَا كَالْمُتَّفِقَيْنِ (فَلَوْ نَمَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمَالَيْنِ (قَبْلَ الْخَلْطِ أَوْ خَسِرَ) أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْخَلْطِ (فَ) النَّمَاءُ (لَهُمَا وَ) الْخُسْرَانُ (عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ مُخْتَلَطًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا) مِائَتَيْنِ أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (دَرَاهِمَ، وَ) أَخْرَجَ (الْآخَرُ دَنَانِيرَ، أَوْ) أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مِائَةً.
(وَ) أَخْرَجَ (الْآخَرُ مِائَتَيْنِ أَوْ) أَخْرَجَ (أَحَدُهُمَا) دَرَاهِمَ (نَاصِرِيَّةً) أَيْ ضَرْبَ النَّاصِرِ مُحَمَّدٍ بْنِ قَلَاوُونَ.
(وَ) أَخْرَجَ (الْآخَرُ) دَرَاهِمَ (ظَاهِرِيَّةً) نِسْبَةً لِلظَّاهِرِ بِيبَرْسَ (صَحَّ) الْعَقْدُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَعِنْدَ التَّرَاجُعِ) بَعْدَ فَسْخِ الشَّرِكَةِ (يَرْجِعَانِ بِمَا أَخْرَجَاهُ) أَيْ يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِثْلَ مَا أَخْرَجَهُ قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً وَمَا بَقِيَ فَرِبْحٌ.
(وَمَا يَشْتَرِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَ) هُوَ (بَيْنَهُمَا) مُشْتَرَكٌ حَيْثُ لَمْ يَنْوِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَوَكِيلُهُ (وَأَمَّا مَا يَشْتَرِيهِ) أَحَدُهُمَا (لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ) خَاصَّةٌ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلشَّرِكَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ.
(وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ) أَوْ بَعْضُهُ (وَلَوْ قَبْلَ الْخَلْطِ فَ) التَّالِفُ (مِنْ ضَمَانِهِمَا) مَعًا لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ كَنَمَائِهِ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ بِالْكَلَامِ، كَخَرْصِ ثِمَارٍ فَكَذَا الشَّرِكَةُ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَالْوَضِيعَةُ) أَيْ الْخُسْرَانُ، وَلَوْ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ عَلَيْهِمَا (عَلَى قَدْرِ الْمَالِ) بِالْحِسَابِ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ نُقْصَانِ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْقَدْرِ فَيَكُونُ النَّقْصُ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَضِيعَةُ لِتَلَفٍ أَوْ نُقْصَانٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ) (وَ) يَجُوزُ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِي مُسَاوَمَةً وَمُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً وَمُوَاضَعَةً).
لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَرِيكه وَكِيلٌ فَمَلَكَ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ (وَيَقْبِضُ) ثَمَنًا وَمُثَمَّنًا (وَيَقْبِضُ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي ذَلِكَ فَمَلَكَهَا، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَأْمَنُهُ (وَيُطَالَبُ بِالدَّيْنِ وَيُخَاصِمُ فِيهِ) لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ قَبْضَ شَيْءٍ مَلَكَ الْمُطَالَبَةَ وَالْمُخَاصَمَةَ فِيهِ، كَالْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ.
(وَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ (يُحِيلَ وَيَحْتَالَ) لِأَنَّهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَهُوَ يَمْلِكُهُمَا (وَيُؤَجِّرُ وَيَسْتَأْجِرُ) مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْأَعْيَانِ فَصَارَ كَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْأَجْرِ لَهُمَا وَدَفْعُهُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ لَا تَخْتَصُّ بِالْعَاقِدِ.
(وَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ (يَرُدُّ بِالْعَيْبِ لِلْحَظِّ فِيمَا وَلِيَهُ) مِنْ الْبَيْعِ (أَوْ وَلِيَهُ صَاحِبُهُ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَرُدُّ، فَالشَّرِيكُ أَوْلَى (وَلَوْ رَضِيَ) بِهِ (شَرِيكُهُ وَ) لَهُ أَنْ (يُقِرَّ بِهِ) أَيْ بِالْعَيْبِ كَمَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ (وَ) لَهُ أَنْ (يُقَابِلَ) لِأَنَّ الْحَظَّ قَدْ يَكُونُ فِيهَا.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ بَيْعًا فَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ فَسْخًا فَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَ) لَهُ أَنْ (يُقِرَّ بِالثَّمَنِ وَبِبَعْضِهِ، وَبِأُجْرَةِ الْمُنَادِي وَالْحَمَّالِ وَنَحْوِهِ وَيَأْتِي قَرِيبًا) لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَالْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَفْعَلَ، كُلَّ مَا هُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ تِجَارَتِهِمَا) لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْأَمَانَةِ (وَإِنْ رُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّرِيكِ (بِعَيْبٍ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا) وَيَرُدَّ الثَّمَنَ.
(وَ) لَهُ (أَنْ يُعْطِيَ الْأَرْشَ أَوْ يَحُطَّ مِنْ ثَمَنِهِ) لِأَجْلِ الْعَيْبِ (أَوْ يُؤَخِّرَ ثَمَنَهُ لِأَجْلِ الْعَيْبِ) لِأَنَّهُ عَادَةُ التِّجَارَةِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا (أَنْ يُكَاتِبَ الرَّقِيقَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ شَرِيكُهُ وَالشَّرِكَةُ تَنْعَقِدُ عَلَى التِّجَارَةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا (وَلَا) أَنْ (يُزَوِّجَهُ) لِمَا ذَكَرْنَا، سِيَّمَا وَتَزْوِيجُ الْعَبْدِ ضَرَرٌ مَحْضٌ (وَلَا) أَنْ (يَعْتِقَهُ وَلَوْ بِمَالٍ وَلَا يَهَبُهُ) لَكِنْ نَقَلَ حَنْبَلُ: يَتَبَرَّعُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ لِمَصْلَحَتِهِ (وَلَا) أَنْ (يُقْرِضَ) ظَاهِرَهُ وَلَوْ بِرَهْنٍ (وَلَا يُحَابِي) فَيَبِيعَ بِأَنْقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَر مِنْهُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ انْعَقَدَتْ عَلَى التِّجَارَةِ بِالْمَالِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهَا (وَلَا) أَنْ (يُضَارِبَ بِالْمَالِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُثْبِتُ فِي الْمَالِ حُقُوقًا وَيَسْتَحِقُّ رِبْحَهُ لِغَيْرِهِ (وَلَا) أَنْ (يُشَارِكَ فِيهِ) أَيْ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ (وَلَا أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِمَالِهِ وَلَا مَالِ غَيْرِهِ)؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إيجَابَ حُقُوقٍ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا (وَلَا أَنْ يَأْخُذَ بِهِ) أَيْ بِمَالِ الشَّرِكَةِ (سَفْتَجَةً) بِفَتْحِ السِّينِ وَالتَّاءِ ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (بِأَنْ يَدْفَعَ إلَى إنْسَانٍ شَيْئًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَأْخُذُ بِهِ كِتَابًا إلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ) بِتِلْكَ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ فِيهَا خَطَرًا.
(وَلَا يُعْطِيهَا) أَيْ السَّفْتَجَةَ (بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ إنْسَانٍ عَرْضًا وَيُعْطِيَ بِثَمَنِهِ كِتَابًا إلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ ذَلِكَ) الْمَالَ (إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فِيهِنَّ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْكِتَابَةِ وَمَا بَعْدِهَا.
(وَيَمْلِكُ) الشَّرِيكُ (الْبَيْعَ نَسَاءً) أَيْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ،؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ وَمَهْمَا فَاتَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ إلَّا أَنْ يُفَرِّطَ بِبَيْعِ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ، أَوْ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي فِي الْمُضَارِبِ (وَيَمْلِكُ الْإِيدَاعَ)؛ لِأَنَّهُ عَادَةُ التُّجَّارِ (وَ) يَمْلِكُ (الرَّهْنَ وَالِارْتِهَانَ)؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ يُرَادُ لِلْإِيفَاءِ وَالِارْتِهَانَ يُرَادُ لِلِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ يَمْلِكُهُمَا فَكَذَا مَا يُرَاد لَهُمَا (لِحَاجَةٍ فِيهِنَّ) أَيْ فِي الْإِيدَاعِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَلِيَ الْعَقْدَ وَغَيْرِهِ.
(وَ) لِلشَّرِيكِ (عَزْلُ وَكِيلٍ وَكَّلَهُ هُوَ، أَوْ) وَكَّلَهُ (شَرِيكُهُ)؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ وَكِيلِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْضِعَ وَهُوَ) أَيْ الْإِبْضَاعُ فِي الْأَصْلِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَالِ تُبْعَثُ لِلتِّجَارَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمُرَادُ (أَنْ يَدْفَعَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَى مَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ وَشَرِيكِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ) مِنْ الْعَمَلِ (بِنَفْسِهِ) كَالْوَكِيلِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يُعَجِّزُهُ (وَهُوَ) أَيْ شَرِيكُ الْعَنَانِ (كَمُضَارِبٍ فِيمَا لَهُ) فِعْلُهُ.
(وَ) فِيمَا يَجِبُ (عَلَيْهِ) فِعْلُهُ (وَفِيمَا يُمْنَعُ) الْمُضَارِبُ (مِنْهُ) لِتُسَاوِيهِمَا فِي الْحُكْمِ.
(وَلَهُ) أَيْ الشَّرِيكِ (السَّفَرُ مَعَ الْأَمْنِ) أَيْ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ (فَلَوْ سَافَرَ وَالْغَالِبُ الْعَطَبُ ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ (وَكَذَا) لَوْ سَافَرَ (فِيمَا لَيْسَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ فِيهِ) وَلَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ لِتَفْرِيطِهِ.
(وَمِثْلُهُ وَلِيُّ يَتِيمٍ) وَمُضَارِبٌ.
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا) أَيْ الشَّرِيكُ وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ وَمِثْلُهُ الْمُضَارِبُ (بِخَوْفِهِ) أَيْ الْبَلَدِ أَوْ الطَّرِيقِ (أَوْ) لَمْ يَعْلَمَا (بِفَلَسِ مُشْتَرٍ لَمْ يَضْمَنَا) مَا فَاتَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعَدَّانِ مُفَرِّطَيْنِ (وَإِنْ عَلِمَ) الشَّرِيكُ (عُقُوبَةَ سُلْطَانٍ بِبَلَدٍ بِأَخْذِ مَالٍ فَسَافَرَ إلَيْهِ فَأَخَذَهُ ضَمِنَهُ) أَيْ الْمَالَ (لِتَعْرِيضِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ الْمَالَ (لِلْأَخْذِ).
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الشَّرِيكِ (أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ)؛ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا رَضِيَ الشَّرِيكُ بِالْمُشَارَكَةِ فِيهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ ضَمَّ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَالِاسْتِدَانَةُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ (بِأَكْثَرِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِثَمَنٍ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ جِنْسِهِ إلَّا فِي النَّقْدَيْنِ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِقَبُولِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ اسْتَدَانَ عَلَى الشَّرِكَةِ (فَهُوَ) أَيْ فَضَمَانُ مَا اسْتَدَانَهُ (عَلَيْهِ) إنْ تَلِفَ أَوْ خَسِرَ (وَرِبْحُهُ لَهُ) إنْ رَبِحَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعْ الشَّرِكَةُ فِيهِ (إلَّا أَنْ يَأْذَنَ شَرِيكُهُ) فَيَجُوزُ كَبَقِيَّةِ أَفْعَالِ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا.
وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مَالًا مُضَارَبَةً فَرِبْحُهُ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِعَمَلِهِ، وَيَجِيءُ فِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْمُضَارَبَةِ ذَكَرَهُ، فِي الْمُغْنِي.
(وَهَذَا الْمَنْعُ الْمُتَقَدِّمُ مَعَ الْإِطْلَاقِ أَمَّا لَوْ أَذِنَ) الشَّرِيكُ (لَهُ) أَيْ لِشَرِيكِهِ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ جَازَ.
(أَوْ قَالَ) الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ (اعْمَلْ بِرَأْيِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ كُلَّ مَا يَقَعُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ الْإِبْضَاعِ وَالْمُضَارَبَةِ بِالْمَالِ وَالْمُشَارَكَةِ) بِهِ.
(وَخَلْطِهِ بِمَالِهِ، وَالزِّرَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إذَا رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً) لِتَنَاوُلِ الْإِذْنِ لِذَلِكَ دُون التَّبَرُّعِ وَالْحَطِيطَةِ وَالْقَرْضِ، وَكِتَابَةِ الرَّقِيقِ وَعِتْقِهِ، وَتَزْوِيجِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتِجَارَةٍ، وَإِنَّمَا فَوَّضَ إلَيْهِ الْعَمَلَ بِرَأْيِهِ فِي التِّجَارَةِ.
(وَإِنْ أَخَّرَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (حَقَّهُ مِنْ الدَّيْنِ الْحَالِّ جَازَ)؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ فَصَحَّ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ كَالْإِبْرَاءِ (لَا) إنْ أَخَّرَ (حَقَّ شَرِيكِهِ) فَلَا يَجُوزُ،؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ نُطْقًا وَلَا عُرْفًا (لَكِنْ لَوْ قَبْضَ شَرِيكُهُ شَيْئًا مِمَّا لَمْ يُؤَخِّرْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُؤَخِّرِ (مُشَارَكَتُهُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَبَضَهُ (وَلَهُ) أَيْ الشَّرِيكِ (حَبْسُ غَرِيمٍ مَعَ مَنْعِ الْآخَرِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ حَبْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَدِينُهُ (وَإِنْ تَقَاسَمَا الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ) بِأَنْ كَانَ لَهُمَا عَلَى زَيْدٍ مِائَةٌ فَقَالَ: أَنَا آخُذُ مِنْهُ خَمْسِينَ وَأَنْتَ تَأْخُذُ خَمْسِينَ لَمْ تَصِحُّ (أَوْ) تَقَاسَمَا الدَّيْنَ فِي (الذِّمَمِ) بِأَنْ كَانَ لَهُمَا دُيُونٌ عَلَى جَمَاعَةٍ وَرَضِيَ كُلٌّ بِبَعْضِهِمْ (لَمْ يَصِحَّ)؛ لِأَنَّ الذِّمَمَ لَا تَتَكَافَأُ وَلَا تَتَعَادَلُ وَالْقِسْمَةُ لَا تَقْضِيهِمَا؛ لِأَنَّهَا بِغَيْرِ تَعْدِيلٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ،.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَلَوْ تَقَاسَمَا وَضَاعَ الْبَعْضُ وَقَبَضَ الْبَعْضَ، فَمَا قَبَضَ لَهُمَا وَمَا ضَاعَ عَلَيْهِمَا (وَإِنْ أَبْرَأَ) أَحَدُهُمَا (مِنْ الدَّيْنِ لَزِمَ) الْإِبْرَاءُ (فِي حَقِّهِ)؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ (دُونَ) حَقِّ (صَاحِبِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ وَمِثْلُهُ لَوْ أَجَّلَ ثَمَنَ مَبِيعٍ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ عَلَى مَا فِي الْمُبْدِعِ.
(وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (بِمَالٍ عَلَى الشَّرِكَةِ غَيْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا وَتَقَدَّمَ) الْمُتَعَلِّقُ بِهَا وَأَنَّهُ عَلَيْهِمَا (قَرِيبًا، عَيْنًا كَانَ) الْمُقَرُّ بِهِ (أَوْ دَيْنًا قَبْلَ) حُصُولِ (الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا لَزِمَ) الْإِقْرَارُ (فِي حَقِّهِ وَلَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ (عَلَى شَرِيكِهِ)؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ دَاخِلًا فِيهَا.
(وَإِذَا أَقْبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافٍ أَوْ عَقْدٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَوْ ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ (وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ) مِثْلَ مَا قَبَضَهُ شَرِيكُهُ.
(وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ الْقَابِضِ)؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمِلْكِ (حَتَّى وَلَوْ أَخْرَجَهُ) الْقَابِضُ عَنْ يَدِهِ (بِرَهْنٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ فَيَأْخُذُهُ) الشَّرِيكُ (مِنْ يَدِهِ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ (كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ تَلَفِ) الْمَقْبُوضُ (فِي يَدِ قَابِضِهِ فَلَا مُحَاصَّةَ) وَيَتَعَيَّنُ الْغَرِيمُ وَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ مِنْهُ مِثْلَ مَا قَبَضَهُ شَرِيكُهُ.
(وَلِلْغَرِيمِ) غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (التَّخْصِيصُ) لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ (مَعَ تَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ) بِأَنْ بَاعَهُ وَاحِدٌ شَيْئًا وَأَقْرَضَهُ آخَرُ شَيْئًا فَلَهُ تَقْدِيمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فِي الْوَفَاءِ؛ إذْ لَا مُعَيَّنٌ لِذَلِكَ غَيْرِهِ (لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إكْرَاهُهُ عَلَى تَقْدِيمِهِ) عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (أَنْ يَتَوَلَّى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ، مِنْ نَشْرِ الثَّوْبِ وَطَيِّهِ، وَخَتْمِ الْكِيسِ وَإِحْرَازِهِ، وَقَبْضِ النَّقْدِ)؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْإِذْنِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ يَتَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ (فَإِنْ) اسْتَأْجَرَ مَنْ (فَعَلَهُ بِأُجْرَةٍ غَرِمَهَا) مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَهَا عِوَضًا عَمَّا يَلْزَمُهُ.
(وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ) بِ (أَنْ يَسْتَنِيبَ) الشَّرِيكُ (فِيهِ، كَالِاسْتِئْجَارِ لِلنِّدَاءِ عَلَى الْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ)؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الشَّرِيكِ (فِعْلُهُ) أَيْ فِعْلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ (لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ بِلَا شَرْطٍ)؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، كَالْمَرْأَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ خَادِمًا إذَا خَدَمَتْ نَفْسَهَا.
(وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إلَّا بِعَمَلٍ فِيهِ، كَنَقْلِ طَعَامٍ بِنَفْسِهِ أَوْ غُلَامِهِ أَوْ دَابَّتِهِ جَازَ، كَ) اسْتِئْجَارِ (دَارِهِ) أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِذَلِكَ (وَبَذْلِ خِفَارَةٍ وَعُشْرٍ عَلَى الْمَالِ قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ مَا أُنْفِقَ عَلَى الْمَالِ) الْمُشْتَرَكِ (فَعَلَى الْمَالِ) بِالْحِصَصِ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ.
(وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ الْمَالِ) الْمُشْتَرَكِ (أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ خِيَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ (وَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ النَّفَقَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ) ذَلِكَ (أَحْوَطَ) قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (وَيَحْرُمُ عَلَى شَرِيكٍ فِي زَرْعٍ فَرْكُ شَيْءٍ مِنْ سُنْبُلِهِ يَأْكُلُهُ بِلَا إذْنِ) شَرِيكٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَفِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ.
(فَصْلٌ وَالشُّرُوطُ فِي الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ).
كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَحَدُهُمَا (صَحِيحٌ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَّا فِي نَوْعٍ مِنْ الْمَتَاعِ) أَيْ الْمَالِ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ أَوْ لَا.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: عَامُّ الْوُجُودِ وَالْمُرَادُ بِهِ عُمُومُهُ حَالَ الْعَقْدِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعِينِ لِلتِّجَارَةِ لَا عُمُومُهُ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ (أَوْ) أَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَّا فِي (بَلَدٍ بِعَيْنِهِ) كَمَكَّةَ وَنَحْوِهَا (أَوْ) أَنْ (لَا يَبِيعُ إلَّا بِنَقْدِ كَذَا أَوْ) أَنْ (لَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ، أَوْ) أَنْ (لَا يَبِيعُ) إلَّا مِنْ فُلَانٍ (أَوْ) أَنْ (لَا يَشْتَرِيَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ) فَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّا يَكْثُرُ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ أَوْ يَقِلُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِنَوْعٍ فَصَحَّ تَحْصِيصُهُ بِرَجُلٍ وَبَلَدٍ مُعَيَّنَيْنِ، كَالْوَكَالَةِ فَإِنْ جَمَعَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِنْ وَاحِدٍ لَمْ يَضُرَّ ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: خِلَافُهُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) الثَّانِي (فَاسِدٌ كَاشْتِرَاطِ مَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ وَتَقَدَّمَ) بَيَانُهُ (فِي الْبَابِ فَهَذَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ) كَمَا تَقَدَّمَ مُفَصَّلًا.
(وَإِنْ اشْتَرَطَ) الشَّرِيكُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى شَرِيكِهِ أَوْ الْمُضَارِبِ (ضَمَانَ الْمَالِ) إنْ تَلِفَ (أَوْ) شَرَطَ (أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْوَضِيعَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَالِهِ) فَسَدَ الشَّرْطُ وَحْدُهُ، لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (أَوْ) شَرَطَ عَلَيْهِ (الِارْتِفَاقَ بِالسِّلَعِ) فَسَدَ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ أَشْبَهَ اشْتِرَاطِ مَا يُنَافِيهِ (أَوْ) شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ (لَا يَفْسَخُ الشَّرِكَةَ مُدَّةً بِعَيْنِهَا، أَوْ) أَنْ (لَا يَبِيعُ إلَّا بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (أَوْ) أَنْ (لَا يَبِيعُ إلَّا مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ) أَنْ (لَا يَبِيعَ أَوْ لَا يَشْتَرِيَ، أَوْ لُزُومُ الْعَقْدِ أَوْ) شَرَطَ عَلَيْهِ (خِدْمَةً) وَلَوْ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، (أَوْ قَرْضًا، أَوْ مُضَارَبَةً أُخْرَى) لَهُ فِي مَالٍ آخَرَ (أَوْ شَرْطِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخِدْمَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمَا (لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ) شَرَطَ (أَيَّمَا أَعْجَبَهُ أَخْذَهُ بِثَمَنِهِ وَهُوَ التَّوْلِيَةُ وَنَحْوُهُ) كَشَرْطِهِ عَلَى الْمُضَارِبِ جُزْءًا مِنْ الْوَضِيعَةِ (فَهَذِهِ شُرُوطٌ فَاسِدَةٌ)؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَلَا مُقْتَضَاهُ أَشْبَهَتْ مَا يُنَافِيهِ.
(وَلَا تُفْسِدُ) هَذِهِ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ (الْعَقْدَ)؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَجْهُولٍ فَلَمْ تُبْطِلْهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ كَالنِّكَاحِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ: أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ قَرْضًا أَوْ مُضَارَبَةً أُخْرَى يَفْسُدُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي بَعْضُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ.
(وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الشَّرِكَةِ بِأَنْوَاعِهَا (قُسِّمَ رِبْحُ شَرِكَةِ عَنَانٍ وَوُجُوهٍ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ)؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَالرِّبْحُ نَمَاءُ الْمَالِ (كَالْوَضِيعَةِ) فَهِيَ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ (وَمَا عَمِلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (فِي الشَّرِكَتَيْنِ) أَيْ شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ (فَلَهُ أُجْرَتُهُ)؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُبْتَغَى الْفَضْلُ فِيهِ فِي ثَانِي الْحَالِ فَوَجَبَ أَنْ يُقَابِلَ الْعَمَلَ فِيهِ عِوَضٌ كَالْمُضَارَبَةِ، وَبَيَانُ قَدْرِ أُجْرَتِهِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ: أَنْ يَنْظُرَ أُجْرَةَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْمَالَيْنِ وَ(يُسْقِطُ مِنْهَا أُجْرَةَ عَمَلِهِ فِي مَالِهِ)؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ عَلَى نَفْسِهِ الْمَالَ (وَيَرْجِعُ عَلَى) شَرِيكِهِ (الْآخَرِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ) مِنْ أُجْرَةِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي عَمِلَهُ فِي مَالِ شَرِيكِهِ (فَإِنْ تَسَاوِي مَالَاهُمَا وَعَمَلَاهُمَا تَقَاصَّ الدَّيْنَانِ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ.
(وَاقْتَسَمَا الرِّبْحَ نِصْفَيْنِ وَإِنْ فَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِفَضْلٍ تَقَاصَّ دَيْنَ الْقَلِيلِ بِمِثْلِهِ) مِنْ الْكَثِيرِ (وَيَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِالْفَضْلِ) أَيْ بِنِصْفِهِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَقُسِّمَتْ أُجْرَةُ مَا تَقَبَّلَاهُ فِي) شَرِكَةِ (الْأَبَدَانِ) إذَا فَسَدَتْ (بِالسَّوِيَّةِ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ نِصْفِ عَمَلِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ تَعَدَّى شَرِيكٌ) مَا أَمَرَ بِهِ شَرِيكُهُ فَتَلِفَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ (ضَمِنَ) التَّالِفَ، كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ (وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ) أَيْ رِبْحُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَهُ، لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْمُعْتَدِي كَالْغَاصِبِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ.
(وَالْعَقْدُ الْفَاسِدُ فِي كُلِّ أَمَانَةٍ وَتَبَرُّعٍ، كَمُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ، وَوَكَالَةٍ، الْوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ، وَهِبَةٍ، وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا، كَصَحِيحٍ فِي ضَمَانٍ وَعَدَمِهِ فَكُلُّ عَقْدٍ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهِ) كَالْمَذْكُورَاتِ (لَا ضَمَانَ فِي فَاسِدَةٍ وَكُلُّ عَقْدٍ لَازِمٌ) أَوْ جَائِزٌ (يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ بِحَسَبِ) الضَّمَانِ (فِي فَاسِدَةٍ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهَا) كَعَارِيَّةٍ وَالْمُرَادُ ضَمَانُ الْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَغَيْرُ مَضْمُونَةٍ فِيهِمَا وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَا وَجَبَ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ وَجَبَ فِي فَاسِدِهِ، وَمَا لَا فَلَا قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ حَالٍ ضَمِنَ فِيهَا فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ضَمِنَ فِيهَا فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ لَا يَجِبُ فِيهِ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا تَضَمَّنَ الْعَيْنَ بِالثَّمَنِ وَالْمَضْمُونُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَجِبُ ضَمَانُ الْأُجْرَةِ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا يُقَالُ: إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ خَرَجَ الرَّهْنُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ إنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِالْحَالِ كَمَا سَبَقَ، مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي صَحِيحِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْقَبْضِ الْبَاطِلِ لَا الْفَاسِدِ.
(وَالشَّرِكَةُ) بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا (عَقْدٌ جَائِزٌ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْأَمَانَةِ (تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَ) بِ (جُنُونِهِ) الْمُطْبِقِ، (وَ) بِ (الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ) أَوْ فَلَسٍ أَوْ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ (وَبِالْفَسْخِ مِنْ أَحَدِهِمَا) وَسَائِرِ مَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ (فَإِنْ عَزَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ انْعَزَلَ الْمَعْزُولُ) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ، كَالْوَكِيلِ.
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ) مِنْ الْمَالِ فَإِنْ تَصَرَّفَ أَكْثَرَ ضَمِنَ الزَّائِدَ (وَلِلْعَازِلِ التَّصَرُّفُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَالِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا الشَّرِكَةَ فَلَا يَتَصَرَّفُ كُلٌّ إلَّا فِي قَدْرِ مَالِهِ (هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَزْلِ (إذَا نَضَّ الْمَالُ) أَيْ صَارَ مِثْلَ حَالِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ (وَإِنْ كَانَ) الْمَالُ (عَرْضَا لَمْ يَنْعَزِلْ) أَحَدُهُمَا بِعَزْلِ شَرِيكِهِ لَهُ.
(وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ) لِتَنْضِيضِ الْمَالِ كَالْمُضَارِبِ (دُونَ الْمُعَاوَضَةِ بِسِلْعَةٍ أُخْرَى، وَدُونَ التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ مَا يَنِضُّ بِهِ الْمَالَ)؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ التَّنْضِيضِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَنْعَزِلُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ عَرْضَا وَرُدَّ قِيَاسُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ وَكَالَةٌ وَالرِّبْحَ يَدْخُلُ ضِمْنًا، وَحَقُّ الْمُضَارِبِ أَصْلِيٌّ.
(وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَلَهُ وَارِثٌ رَشِيدٌ فَلَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (أَنْ يُقِيمَ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَيَأْذَنَ لَهُ الشَّرِيكُ فِي التَّصَرُّفِ) وَيَأْذَنُ هُوَ أَيْضًا لِشَرِيكِهِ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ بَقَاؤُهُ عَلَى الشَّرِكَةِ (إتْمَامُ الشَّرِكَةِ وَلَيْسَ بِابْتِدَائِهَا فَلَا تُعْتَبَرُ شُرُوطُهَا) أَيْ شُرُوطُ الشَّرِكَةِ مِنْ حُضُورِ الْمَالِ وَكَوْنِهِ نَقْدًا مَضْرُوبًا، وَبَيَانِ الرِّبْحِ وَنَحْوِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُبْدِعِ.
وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ مَاتَ يَخْرُجْ مِنْ الشَّرِكَةِ، وَيَتَسَلَّمْ حَقَّهُ وَرَثَتُهُ انْتَهَى فَصَرِيحُهُ بُطْلَانُ الشَّرِكَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ قَرِيبًا وَكَلَامُ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْمُضَارَبَةِ إذْ لَا فَرْقَ (وَلَهُ) أَيْ الْوَارِثِ (الْمُطَالَبَةُ) لِلشَّرِيكِ (بِالْقِسْمَةِ) لِمَالِ الشَّرِكَةِ.
(فَإِنْ كَانَ) الْوَارِثُ (مُوَلَّى عَلَيْهِ) لِكَوْنِهِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إبْقَاءِ الشَّرِكَةِ وَالْمُقَاسَمَةِ (وَلَا يَفْعَلُ) الْوَلِيُّ (إلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ) كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ.
(فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ وَصَّى بِمَالِ الشَّرِكَةِ أَوْ بِبَعْضِهِ لِمُعَيَّنٍ فَالْمُوصَى لَهُ) إذَا قَبِلَ (كَالْوَارِثِ فِيمَا ذَكَرْنَا) لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْإِيصَاءُ بِهِ (لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ لَمْ يَجُزْ لِلْوَصِيِّ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ وَوَجَبَ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ) أَيْ دَفْعُ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ إلَى الْمُوصَى لَهُمْ، (فَيَعْزِلُ) الْوَصِيُّ (نَصِيبَهُ) أَيْ نَصِيبَ الْمَيِّتِ (وَيُفَرِّقُهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ، عَمَلًا بِالْوَصِيَّةِ.
(فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ) الدَّيْنُ (بِتَرِكَتِهِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إمْضَاءُ الشَّرِكَةِ حَتَّى يُقْضَى دَيْنُهُ فَإِنْ قَضَاهُ) أَيْ الْوَارِثُ (مِنْ غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَلَهُ الْإِتْمَامُ) أَيْ إتْمَامُ الشَّرِكَةِ.
(وَإِنْ قَضَاهُ مِنْهُ بَطُلَتْ الشَّرِكَةُ فِي قَدْرِ مَا قُضِيَ) ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَمْنَعُ مِنْ إتْمَامِ الشَّرِكَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، لَكِنْ يَكُونُ مَوْقُوفًا إنْ قَضَاهُ نَفَذَتْ الشَّرِكَةُ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَإِلَّا نُقِضَتْ وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ حِصَّةِ الْمَيِّتِ (وَيَأْتِي فِي الْمُضَارَبَةِ: لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَضَارِبِينَ) مُفَصَّلًا.