فصل: (بَابُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(بَابُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ):

وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْقِصَاصِ (وَهِيَ أَخْذُ مَالٍ مُحْتَرَمٍ لِغَيْرِهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ) عَادَةً (لَا شُبْهَةَ لَهُ) أَيْ الْآخِذِ (فِيهِ) وَقَوْلُهُ (عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذِ وَمِنْهُ اسْتِرَاقُ السَّمْعِ وَمُسَارَقَةُ النَّظَر إذَا كَانَ يَخْتَفِي بِذَلِكَ إذَا عَلِمْتَ أَنَّ السَّرِقَةَ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ (فَلَا قَطْعَ عَلَى مُنْتَهِبٍ) وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الْغَنِيمَةِ لِمَا رَوَى جَابِرُ مَرْفُوعًا قَالَ «لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَلَا) عَلَى (مُخْتَلِسٍ وَالِاخْتِلَاسُ نَوْعٌ مِنْ الْخَطْفِ وَالنَّهْبِ) وَإِنَّمَا اسْتَخْفَى فِي ابْتِدَاءِ اخْتِلَاسِهِ وَالْمُخْتَلِسُ الَّذِي يَخْطَفُ الشَّيْءَ وَيَمُرُّ بِهِ (وَلَا عَلَى غَاصِبٍ وَلَا).
عَلَى (خَائِنٍ فِي وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ وَالْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ يَاسِينِ الزَّيَّاتِ وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاسَ نَوْعٌ مِنْ النَّهْبِ وَإِذَا لَمْ يُقْطَعْ الْخَائِنُ وَالْمُخْتَلِسُ فَالْغَاصِبُ أَوْلَى (وَلَا جَاحِدُ وَدِيعَةٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْأَمَانَاتِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ» وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ (إلَّا الْعَارِيَّةَ فَيُقْطَعُ بِجَحْدِهَا) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: هُوَ حُكْمٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ يَدْفَعُهُ شَيْءٌ (وَ) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ مِلْحٍ وَتُرَابٍ) يَقْصِدُ عَادَةً كَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ وَالْمَغَرَةِ (وَأَحْجَارٍ وَلَبِنٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ جَمْعُ لَبِنَةٍ (وَ) سَرِقَةُ (كَلَأٍ وَسِرْجِينٍ طَاهِرٍ وَثَلْجٍ وَصَيْدٍ وَفَاكِهَةٍ وَطَبِيخٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَمَتَاعٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ) سُكَّرٍ فَارِسِيٍّ (وَنَوْرَةٍ وَجَصٍّ وَزَرْنِيخٍ وَفُخَّارٍ وَتَوَابِلَ) وَهِيَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْخُبْزِ مِنْ شَمَرٍ وَنَحْوِهِ (وَزُجَاجٍ) حَيْثُ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْ ذَلِكَ نِصَابًا لِعُمُومِ النُّصُوصِ (وَيُشْتَرَطُ فِي قَطْعِ سَارِقٍ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا) لِحَدِيثِ:
«عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَحَدِيثُ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ».
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مَالًا) لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ قَطْعٌ وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ غَيْرَ الْمَالِ لَا يُسَاوِي الْمَالَ، فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً فَالْأَخْبَارُ مُقَيَّدَةٌ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ (مُحْتَرَمًا) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ يَجُوز سَرِقَتُهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَجَوَازُ الْأَخْذِ مِنْهُ يَنْفِي وُجُوبَ الْقَطْعِ.
وَأَنْ يَكُونَ السَّارِقُ (عَالِمًا بِهِ) أَيْ بِالْمَسْرُوقِ (وَبِتَحْرِيمِهِ) لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ شُبْهَةٌ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ حَسَبَ الِاسْتِطَاعَةِ وَأَنْ تَكُونَ سَرِقَةُ الْمَالِ الْمُحْتَرَمِ (مِنْ مَالِكِهِ أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ نَائِبِ الْمَالِكِ كَوَلِيِّهِ وَوَكِيلِهِ بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ مِنْ سَارِقٍ مَا سَرَقَهُ أَوْ مِنْ غَاصِبٍ مَا غَصَبَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحْتَرَمِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَسْرُوقُ (مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ وَلَيْسَ مِنْ مُسْتَحَقِّيهِ) أَيْ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ غَلَّةَ وَقْفٍ (وَيُقْطَعُ الطِّرَارُ) مِنْ الطَّرِّ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهُوَ الْقَطْعُ (سِرًّا) أَيْ الَّذِي يُبَطُّ خُفْيَةً لِأَنَّهُ سَارِقٌ مِنْ حِرْزٍ (وَهُوَ الَّذِي يَسْرِقُ نِصَابًا مِنْ جَيْبِ إنْسَانٍ أَوْ كُمِّهِ أَوْ صُفْنِهِ) بَعْدَ بَطِّهِ (وَسَوَاءُ بَطَّ مَأْخُوذٌ مِنْهُ الْمَسْرُوقَ أَوْ قَطْعَ الصُّفْنَ) أَوْ نَحْوَهُ (فَأَخَذَهُ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْجَيْبِ فَأَخَذَ مَا فِيهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ) لِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مَمْلُوكًا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابًا أَشْبَهَ سَائِرَ الْحَيَوَانَاتِ وَلِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَفْهَمُ وَلَا يُمَيِّزُ بَيْن سَيِّدِهِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (كَبِيرًا لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُسْرَقُ.
وَإِنَّمَا يُخْدَعُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْعَبْدُ الْكَبِيرُ (نَائِمًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَعْجَمِيًّا لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ سَيِّدِهِ وَغَيْرِهِ فِي الطَّاعَةِ) فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرِ وَ(لَا) يَقْطَعُ (بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ مِلْكَ سَيِّدِهِ لَيْسَ تَامًّا عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ وَلَا اسْتِخْدَامَهُ وَلَا أَخْذَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (وَ) لَا بِسَرِقَةِ (أُمِّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا وَلَا نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهَا فَأَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ.
وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقِنِّ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ (وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْمَكَاتِبِ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُحْتَرَمٌ (إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّارِقُ) لَهُ (سَيِّدُهُ) لِلشُّبْهَةِ قُلْتُ أَوْ عَبْدَ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالٍ لَا يُقْطَعُ بِهِ سَيِّدُهُ.
(وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ حُرٍّ وَإِنْ كَانَ) الْحُرُّ (صَغِيرًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ أَشْبَهَ الْكَبِيرَ (وَلَا) يُقْطَعُ (بِمَا عَلَيْهِ) أَيْ الْحُرِّ الصَّغِيرِ (مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ) تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمَا لَا قَطْعَ فِيهِ أَشْبَهَ ثِيَابَ الْكَبِيرِ وَلِأَنَّ يَدَ الصَّغِيرِ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا يُوجَدُ مَعَ اللَّقِيطِ يَكُونُ لَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَبِيرُ نَائِمًا عَلَى مَتَاعِهِ فَسَرَقَهُ وَمَتَاعُهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ (وَلَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ مُصْحَفٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ (وَلَا) يُقْطَعُ أَيْضًا (بِمَا عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصْحَفِ (مِنْ حُلِيٍّ) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمَا لَا قَطْعَ فِيهِ.
(وَلَا) قَطْعَ (ب) سَرِقَةِ (كُتُبِ بِدَعٍ وَتَصَاوِيرَ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةُ الْإِتْلَافِ (وَلَا بِآلَةِ لَهْوٍ كَطُنْبُورٍ وَمِزْمَارٍ وَشَبَّابَةٍ وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ آلَةِ لَهْوِ (مُفَصَّلًا نِصَابًا) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ إجْمَاعًا فَلَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ كَالْخَمْرِ (وَلَا) يُقْطَعُ أَيْضًا (بِمَا عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى آلَةِ اللَّهْوِ (مِنْ حُلِيٍّ) وَلَوْ بَلَغَ نِصَابًا لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِمَا لَا قَطْعَ فِيهِ أَشْبَهَ الْخَشَبَ (وَلَا) قَطْعَ أَيْضًا (بِمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ وَلَيْسَتْ مَالًا (وَلَا بِسَرِقَةِ صَلِيبٍ أَوْ صَنَمٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّ السَّارِقَ بِشُبْهَةٍ فِي أَخْذِهِ لِيَكْسِرَهُ (وَلَا) قَطْعَ (ب) سَرِقَةِ (آنِيَةٍ فِيهَا خَمْرٌ أَوْ مَاءٌ) لِاتِّصَالِهَا بِمَا لَا قَطْعَ فِيهِ (وَلَا بِسَرِقَةِ مَاءٍ) لِأَنَّ أَصْلَهُ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَمَوِّلٍ عَادَةً.
(وَ) لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ (سِرْجِينٍ نَجِسٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِ (وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ إنَاءٍ نَقْدٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ مُكَسَّرًا نِصَابًا) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَقِيمَتُهُ بِدُونِ الصِّنَاعَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا نِصَابٌ (وَبِسَرِقَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِيهَا تَمَاثِيلُ) لِأَنَّ مَا فِيهَا مِنْ الصِّنَاعَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنهَا مَالًا.
(وَ) يُقْطَعُ (ب) سَرِقَةِ (سَائِرِ كُتُبِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ) وَالْمُبَاحَةِ لِأَنَّهَا مَالٌ حَقِيقَةً وَشَرْعًا وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهَا (و) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (عَيْنٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ) لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالٍ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا كَمَا تَقَدَّمَ (و) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ إنَاءٍ لَا خَمْرَ فِيهِ وَلَا مَاءَ (مُعَدُّ لِخَلٍّ وَلِخَمْرٍ وَوَضْعَهُ فِيهِ كَسِكِّينٍ مُعَدَّةٍ لِذَبْحِ الْخَنَازِيرِ وَسَيْفٍ حُدَّ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ) لِأَنَّ إعْدَادَهُ لِلْمُحَرَّمِ لَا يُزِيلُ مَالِيَّتَهُ (وَإِنْ سَرَقَ مِنْدِيلًا قِيمَتُهُ دُونَ النِّصَابِ فِي طَرَفِهِ دِينَارٌ) أَوْ رُبْعُهُ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَأَكْثَرَ أَوْ مَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ ذَلِكَ (مَشْدُودٌ يَعْلَمُ بِهِ قُطِعَ) لِسَرِقَتِهِ مَالًا مِنْ حِرْزِهِ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (فَلَا) قَطْعَ عَلَيْهِ لِعِلْمِهِ بِالْمَسْرُوقِ.
(فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا وَهُوَ) أَيْ نِصَابُ السَّرِقَةِ (ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ رُبُعُ دِينَارٍ أَيْ مِثْقَالُ أَوْ عَرَضُ قِيمَتُهُ كَأَحَدِهِمَا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ:
«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرَوَى أَنَسٌ: «أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ مِجَنًّا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَطَعَهُ أَبُو بَكْرٍ» وَ«أُتِيَ عُثْمَانُ بِرَجُلٍ سَرَقَ أُتْرُجَّةً فَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا رُبْعُ دِينَارٍ فَقَطَعَهُ» وَقَالَ عَلِيٌّ: «فَمَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ» وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ يُحْمَلُ عَلَى حَبْلٍ يُسَاوِي ذَلِكَ وَعَلَى بَيْضَةٍ السِّلَاحَ وَهِيَ تُسَاوِي ذَلِكَ أَوْ بَيْضَةَ النَّعَامِ إذَا كَانَتْ تُسَاوِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ (حَالَ إخْرَاجهِ مِنْ الْحِرْزِ) لِأَنَّهُ وَقْتَ السَّرِقَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْقَطْعِ (فَإِنْ كَانَ فِي النَّقْدِ) الْمَسْرُوقِ غِشٌّ (لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ حَتَّى يَبْلُغَ مَا فِيهِ مِنْ النَّقْدِ الْخَالِصِ نِصَابًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْدُ مَضْرُوبًا أَوْ تِبْرًا أَوْ حُلِيًّا أَوْ مُكَسَّرًا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (وَيُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخِرِ بِالْأَجْزَاءِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ) كَالزَّكَاةِ فَلَوْ سَرَقَ ثَمَنَ مِثْقَالٍ وَدِرْهَمًا وَنِصْفًا قُطِعَ وَكَذَا يُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ أَوْ هُمَا إلَى قِيمَةِ عَرَضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ فَلَوْ سَرَقَ دِرْهَمًا وَعَرَضًا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَنِصْفَ سُدُسِ دِينَارٍ قُطِعَ (وَإِنْ سَرَقَ عَرَضًا قِيمَتُهُ نِصَابٌ) حِينَ إخْرَاجِهِ (ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ) مِنْ الْحِرْزِ (قَبْلَ الْحُكْمِ) بِالْقَطْعِ (أَوْ بَعْدَهُ قُطِعَ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ.
(وَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ مَلَكَ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ (بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا) كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ (بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَبَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ قُطِعَ) لِمَا رَوَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ «أَنَّهُ نَامَ عَلَى رِدَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَأُخِذَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَجَاءَ بِسَارِقِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ فَقَالَ صَفْوَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أُرِدْ هَذَا رِدَائِي عَلَيْهِ صَدَقَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ؟» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَ(لَا) يُقْطَعُ إنْ مَلَكَهُ السَّارِقُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَبْلَ رَفْعِهِ) أَيْ السَّارِقِ لِلْحَاكِمِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«هَلَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» وَ(لِتَعَذُّرِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَهُوَ الطَّلَبُ وَإِنْ وُجِدَتْ السَّرِقَةُ) أَيْ الْمَسْرُوقُ (نَاقِصَةً) عَنْ النِّصَابِ (وَلَمْ يَعْلَمْهُ هَلْ كَانَتْ نَاقِصَةً حِينَ السَّرِقَةِ أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يُقْطَعْ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ وَلِحَدِيثِ:
«ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
(وَإِنْ دَخَلَ الْحِرْزَ فَذَبَحَ مِنْهُ شَاةً أَوْ شَقَّ) فِيهِ (ثَوْبًا قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ فَنَقَصَتْ) قِيَمُهُمَا (عَنْ النِّصَابِ ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا نَاقِصَتَيْنِ أَوْ أَتْلَفَهُمَا) فِيهِ (أَوْ) أَتْلَفَ (غَيْرَهُمَا فِيهِ) أَيْ فِي الْحِرْزِ (وَقِيمَتُهُمَا) أَيْ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الثَّوْبِ وَالشَّاةِ وَنَحْوِهِمَا نِصَابٌ وَقَوْلُهُ (بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَتْلَفَهُمَا (لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ أَنْ يُخْرِجَ الْعَيْنَ مِنْ الْحِرْزِ وَهِيَ نِصَابٌ وَلَمْ يُوجَدْ.
(وَإِذَا ذَبَحَ السَّارِقُ) الْمُسْلِمُ وَالْكِتَابِيُّ (الْمَسْرُوقَ) مُسَمِّيًا (حَلَّ) لِرَبِّهِ وَنَحْوِهِ أَكْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ مَيْتَةً كَالْمَغْصُوبِ وَيُقْطَعُ السَّارِقُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَذْبُوحِ نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ سَرَقَ فَرْدَ خُفٍّ قِيمَتُهُ مُنْفَرِدًا دِرْهَمٌ وَمَعَ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ نِصَابًا (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ فَرْدَ الْخُفِّ (لَزِمَهُ سِتَّةٌ) دِرْهَمَانِ قِيمَةُ التَّالِفِ وَأَرْبَعَةٌ أَرْشُ التَّفْرِيقِ.
(وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ سَرَقَ جُزْءًا مِنْ ثِيَابٍ وَنَظَائِرُهُ) كَمِصْرَاعٍ مِنْ بَابٍ (وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ قُطِعُوا) كَالْقِصَاصِ (سَوَاءٌ أَخْرَجُوهُ جُمْلَةً كَثَقِيلٍ اشْتَرَكُوا فِي حَمْلِهِ أَوْ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (جُزْءًا) لِأَنَّهُمْ اشْتَرَكُوا فِي هَتْكِ الْحِرْزِ وَإِخْرَاجِ النِّصَابِ فَلَزِمَهُمْ الْقَطْعُ وَفَارَقَ الْقِصَاصَ لِأَنَّهُمْ يَعْمِدُونَ الْمُمَاثَلَةَ وَلَا تُوجَدُ الْمُمَاثَلَةُ إلَّا أَنْ تُوجَدَ أَفْعَالُهُمْ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْيَدِ وَهَذَا لِقَصْدِ الزَّجْرِ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِ مُمَاثَلَةٍ (أَوْ دَخَلُوا الْحِرْزَ مَعًا أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمْ فَأَخْرَجَ بَعْضَ النِّصَابِ ثُمَّ دَخَلَ الْبَاقُونَ فَأَخْرَجُوا بَاقِيهِ) فَيُقْطَعُونَ لِمَا سَبَقَ.
(فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ لِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَصِغَرٍ (كَأَبِي الْمَسْرُوقِ مِنْهُ قُطِعَ الْبَاقُونَ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْقَطْعِ عَنْ الشَّرِيكِ لِمَعْنَى غَيْرِ مَوْجُودٍ فِي غَيْرِهِ سُقُوطُ الْقَطْعِ عَنْ الْغَيْرِ كَشَرِيكِ الْأَبِ فِي الْقِصَاصِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ إنْ أَخَذَ أَيْ شَرِيكُ الْأَبِ وَنَحْوُهُ نِصَابًا وَقِيلَ أَوْ أَقَلَّ (وَإِنْ اعْتَرَفَ اثْنَانِ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) عَنْ إقْرَارِهِ (قُطِعَ الْآخَرُ وَحْدَهُ) فَلَا يُقْطَعُ الرَّاجِعُ (وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِمُشَارَكَةِ آخَرَ فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ وَلَمْ يُقِرَّ الْآخَرُ) بِالسَّرِقَةِ قُطِعَ الْمُقِرُّ (وَلَوْ سَرَقَ) وَاحِدٌ (لِجَمَاعَةٍ نِصَابًا قُطِعَ) لِأَنَّ السَّرِقَةَ وَالنِّصَابَ شَرْطٌ لِلْقَطْعِ وَقَدْ وُجِدَ فَوُجِدَ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالُ لِوَاحِدٍ (وَإِنْ هَتَكَ اثْنَانِ حِرْزًا فَدَخَلَاهُ فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا وَحْدَهُ) قُطِعَا نَصًّا لِأَنَّ الْمُخْرِجَ أَخْرَجَهُ بِقُوَّةِ صَاحِبِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَمَعُونَتِهِ (أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا) الْحِرْزَ (فَقَدَّمَهُ) الْمَسْرُوقُ (إلَى بَابِ النَّقْبِ) وَأَدْخَلَ الْآخَرُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ قُطِعَا لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي هَتْكِ الْحِرْزِ وَإِخْرَاجِ الْمَتَاعِ (أَوْ وَضْعُهُ) أَيْ وَضْعَ الدَّاخِلُ الْمَتَاعَ (فِي النَّقْبِ وَأَدْخَلَ الْآخَرُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ قُطِعَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْهَتْكِ وَالْإِخْرَاجِ (وَإِنْ دَخَلَا دَارًا) وَصَارَ (أَحَدُهُمَا فِي سُفْلِهَا جَمَعَ الْمَتَاعَ وَشَدَّهُ بِحَبْلٍ وَالْآخَرُ فِي عُلْوِهَا مَدَّ الْحَبْلَ فَرَمَى بِهِ) أَيْ الْمَتَاعِ (وَرَاءَ الدَّارِ قُطِعَا) لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الدُّخُولِ وَالْإِخْرَاجِ (وَإِنْ رَمَاهُ الدَّاخِلُ إلَى خَارِجٍ) فَأَخَذَهُ أَوَّلًا أَوْ أَعَادَهُ فِيهِ (أَوْ نَاوَلَهُ) الدَّاخِلُ لِلْخَارِجِ (فَأَخَذَهُ الْآخَرُ) أَيْ الْخَارِجُ (أَوَّلًا أَوْ أَعَادَهُ) أَيْ الْمَتَاعَ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحِرْزِ.
(أَحَدُهُمَا) أَيْ الدَّاخِلُ أَوْ الْخَارِجُ (قُطِعَ الدَّاخِلُ وَحْدَهُ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي النَّقْبِ) لِأَنَّ الدَّاخِلَ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ وَحْدَهُ فَاخْتَصَّ الْقَطْعُ بِهِ لَا يُقَالُ هُمَا اشْتَرَكَا فِي الْهَتْكِ لِأَنَّ شَرْطَهُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْهَتْكِ وَالْإِخْرَاجِ وَلَمْ يُوجَدْ الثَّانِي فَانْتَفَى الْقَطْعُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ (وَإِنْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ فَأَخْرَجَهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ تَوَاطَآ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ وَالثَّانِي لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ.
(فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُخْرِجَهُ) أَيْ الْمَسْرُوقَ مِنْ الْحِرْزِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثِّمَارِ فَقَالَ: مَنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ أَكْمَامِهِ وَاحْتَمَلَ فَفِيهِ قِيمَتُهُ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَمَا كَانَ مِنْ الْحِرْزِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَبِهَذَا تُخَصُّ الْآيَةُ كَمَا خُصَّتْ بِالنِّصَابِ (فَإِنْ وَجَدَ حِرْزًا مَهْتُوكًا) فَأَخَذَ مِنْهُ فَلَا قَطْعَ (أَوْ) وَجَدَ (بَابًا مَفْتُوحًا فَأَخَذَ مِنْهُ فَلَا قَطْعَ) لِعَدَمِ شَرْطِهِ.
(وَإِنْ هَتَكَ الْحِرْزَ فَابْتَلَعَ فِيهِ جَوْهَرًا أَوْ ذَهَبَا فَخَرَجَ بِهِ) مِنْ الْحِرْزِ (وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ مَا ابْتَلَعَهُ) قُطِعَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ فِي كُمِّهِ (أَوْ نَقَّبَ وَتَرَكَ الْمَتَاعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَخَرَجَتْ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَسُقْهَا) قُطِعَ لِأَنَّ الْعَادَةَ مَشْيُ الْبَهِيمَةِ بِمَا عَلَيْهَا (أَوْ) نَقَّبَ وَتَرَكَ الْمَتَاعَ (فِي مَاءٍ جَارٍ فَأَخْرَجَهُ) الْمَاءُ (أَوْ) وَضَعَهُ فِي مَاءٍ (رَاكِدٍ فَفَتَحَهُ فَأَخْرَجَهُ) الْمَاءُ (أَوْ) تُرِكَ الْمَتَاعَ (عَلَى جِدَارٍ) فِي الدَّارِ (أَوْ) عَلَى شَيْءٍ (فِي الْهَوَاءِ فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ) قُطِعَ لِأَنَّ فِعْلَهُ سَبَبُ خُرُوجِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَاقَ الْبَهِيمَةَ (أَوْ أَمَرَ صَغِيرًا أَوْ مَعْتُوهًا أَنْ يُخْرِجَهُ فَفَعَلَ) أَيْ أَخْرَجَهُ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَعْتُوهُ قُطِعَ الَّذِي هَتَكَ الْحِرْزَ وَأَمَرَ لِأَنَّ الصَّغِيرَ وَالْمَعْتُوهَ لَا اخْتِبَارَ لَهُمَا كَالْآلَةِ وَلَوْ أَمَرَهُمَا شَخْصٌ بِالْقَتْلِ قُتِلَ الْآمِرُ (أَوْ رَمَى بِهِ خَارِجًا) عَنْ الْحِرْزِ (أَوْ جَذَمَهُ بِشَيْءٍ) بَعْدَ هَتْكِهِ الْحِرْزَ فَأَخْرَجَهُ مِنْهُ قُطِعَ (أَوْ اسْتَتْبَعَ سَخْلَ شَاةٍ أَوْ فَصِيلَ نَاقَةٍ أَوْ غَيْرَهُمَا مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُمَّ وَالسَّخْلَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ فِي حِرْزٍ فَيَأْتِي بِالْأُمِّ إلَى مَكَانِ السَّخْلِ وَيُرِيَهُ أُمَّهُ حَتَّى يَتْبَعَهَا) قُطِعَ.
(وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ) نَحْوَ (أَنْ يَأْتِيَ مَكَانَ أُمِّهِ وَهِيَ فِي حِرْزِ مَالِكِهَا حَتَّى يَسْتَتْبِعَ الْأُمَّ سَخْلَهَا بِأَنْ يَبْعَثُهُ عَلَيْهَا حَتَّى تَتْبَعُهُ قُطِعَ) لِتَسَبُّبِهِ فِي أَخْذِ ذَلِكَ وَ(لَا) يُقْطَعُ (إنْ تَبِعَهَا) السَّخْلُ (مِنْ غَيْرِ اسْتِتْبَاعٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ (وَإِنْ تَطَيَّبَ فِي الْحِرْزِ بِمَا لَوْ اجْتَمَعَ بَعْدَ تَطْيِيبِهِ وَ) بَعْدَ (خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ لَبَلَغَ نِصَابًا) قُطِعَ لِأَنَّهُ هَتَكَ الْحِرْزَ وَأَخْرَجَ مِنْهُ نِصَابًا أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ طَيِّبٍ (أَوْ هَتَكَ الْحِرْزَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَقْتًا آخَرَ) وَقَرَّبَ مَا بَيْنَهُمَا قُطِعَ لِأَنَّهَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ) هَتْكَ الْحِرْزَ وَ(أَخَذَ بَعْضَهُ) أَيْ الْمَالَ (ثُمَّ أَخَذَ بَقِيَّتَهُ وَقَرَّبَ مَا بَيْنَهُمَا) قُطِعَ لِأَنَّهَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلِأَنَّهُ إذَا بَنَى فِعْلَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى فِعْل شَرِيكِهِ إذَا سَرَقَا نِصَابًا فَبِنَاءُ فِعْلِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ أَوْلَى (أَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ كُوَّارَةٍ فَخَرَجَ الْعَسَلُ شَيْئًا فَشَيْئًا) حَتَّى بَلَغَتْ قِيمَةُ مَا أَخْرَجَهُ نِصَابًا قُطِعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُهْمِلْ الْأَخْذُ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَجْمُوعًا فَأَخْرَجَهُ (أَوْ أَخْرَجَهُ) أَيْ النِّصَابَ الْمَسْرُوقَ (إلَى سَاحَةِ دَارٍ أَوْ) سَاحَةِ (خَانٍ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ مِنْ الدَّارِ أَوْ الْخَانِ) سَوَاء (فَتَحَهُ) أَيْ الْبَيْتَ (أَوْ نَقَّبَهُ) وَلَوْ أَنَّ بَابَ الدَّارِ أَوْ الْخَانِ مُغْلَقٌ قُطِعَ لِأَنَّهُ هَتَكَ الْحِرْزَ وَأَخْرَجَ مِنْهُ نِصَابًا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّارِ أَوْ الْخَانِ بَابُ آخَرُ (أَوْ احْتَلَبَ لَبَنًا مِنْ مَاشِيَةٍ فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُ) مِنْ الْحِرْزِ (قُطِعَ) لِسَرِقَتِهِ نِصَابًا كَغَيْرِ اللَّبَنِ (فَإِنْ شَرِبَ اللَّبَنَ فِي الْحِرْزِ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ فَانْتَقَصَ النِّصَابُ) لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ نِصَابًا مِنْ الْحِرْزِ (أَوْ تَرَكَ الْمَتَاعَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَانْفَتَحَ مِنْ غَيْر فِعْله فَخَرَجَ بِهِ) لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ خُرُوجَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ (أَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ فِي مَرَّتَيْنِ وَبَعَّدَ مَا بَيْنَهُمَا مِثْلَ أَنْ كَانَا فِي لَيْلَتَيْنِ أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَيْنَهُمَا مُدَّةً طَوِيلَةً) لَمْ يُقْطَعْ.
لِأَنَّ كُلّ سَرِقَةٍ مِنْهُمَا لَا تَبْلُغُ نِصَابًا، وَكَذَا إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهَتْكِ الْحِرْزِ وَأَهْمَلَهُ لِأَنَّ سَرِقَتَهُ الثَّانِيَةُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ (أَوْ عَلَّمَ قِرْدًا وَنَحْوَهُ السَّرِقَةَ فَسَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ تَعْلِيمَ السَّرِقَةِ لَيْسَ بِسَرِقَةٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ مُعَلِّمُ الْقِرْدِ (الضَّمَانَ) أَيْ ضَمَانَ سَرِقَةِ الْقِرْدِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ (وَإِنْ جَرَّ خَشَبَةً فَأَلْقَاهَا بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ بَعْضَهَا مِنْ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَخْرَجَ مِنْهَا مَا يُسَاوِي نِصَابًا أَوْ لَا لِأَنَّ بَعْضَهَا لَا يَنْفَرِدُ عَنْ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ الْغَاصِبُ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ فِي يَدِ مَالِكِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا) الْغَاصِبُ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَا يَنْفَرِدُ عَنْ بَعْضٍ (وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا أَوْ عِمَامَةً فَأَخْرَجَ بَعْضَهُمَا) وَلَمْ يَقْطَعْهُ لَمْ يُقْطَعْ لِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا لَا يُخْرِجُهُ.
(فَصْل وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ وَالْبُلْدَانِ وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَجَوْرِهِ وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ بِالشَّرْعِ اعْتِبَارُهُ مِنْ غَيْرِ تَنْصِيصٍ عَلَى بَيَانِهِ عُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَرَجَعَ إلَيْهِ كَمَا رَجَعْنَا إلَى مَعْرِفَةِ الْقَبْضِ وَالْفِرْقَةِ فِي الْبَيْعِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إلَيْهِ (فَحِرْزُ الْأَثْمَانِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْقُمَاشِ فِي الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ فِي الْعُمْرَانِ وَرَاءَ الْأَبْوَابِ وَالْأَغْلَاقِ الْوَثِيقَةِ) وَالْغَلَقِ الْقَافِلِ خَشَبًا كَانَ أَوْ حَدِيدًا.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَكُونُ فِيهِ حَافِظٌ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي حِرْزِ ذَلِكَ (وَالصُّنْدُوقُ فِي السُّوقِ حِرْزٌ ثُمَّ حَارِسٌ) لِأَنَّهُ الْعَادَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَارِسٌ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ الصُّنْدُوقُ حِرْزًا (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَبْوَابُ مُغْلَقَةً وَلَا فِيهَا حَافِظٌ فَلَيْسَتْ حِرْزًا وَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ الدَّارِ الْمَفْتُوحَةِ الْأَبْوَابِ (خَزَائِنُ مُغْلَقَةٌ فَالْخَزَائِنُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا) مِنْ الْأَمْوَالِ (وَمَا خَرَجَ عَنْهَا) أَيْ الْخَزَائِنُ (فَلَيْسَ بِمُحْرِزٍ) إذَا كَانَتْ أَبْوَابُ الدَّارِ مَفْتُوحَةً.
قُلْتُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ خَزَائِنُ الْمَسْجِدِ فَالْمُغْلَقَةُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِيهَا (فَأَمَّا الْبُيُوتُ الَّتِي فِي الْبَسَاتِينِ وَالطُّرُقِ وَالصَّحْرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَلَيْسَتْ حِرْزًا مُغْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مَفْتُوحَةً وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُهَا أَوْ حَافِظٌ مُلَاحِظٌ فَهِيَ حِرْزٌ مُغْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مَفْتُوحَةً فَإِنْ كَانَ بِهَا نَائِمٌ وَهِيَ مُغْلَقَةٌ فَهِيَ حِرْزٌ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُغْلَقَةً (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَتْ بِحِرْزٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ يَقْظَانَ (وَكَذَا خَيْمَةٍ وَحَرَكَاتٍ وَنَحْوِهِمَا) كَبَيْتٍ الشَّعْرِ إنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ وَلَوْ نَائِمًا فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ مَعَ مَا فِيهَا لِأَنَّهَا هَكَذَا تُحَرَّزُ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا حَافِظٌ فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ أَيْضًا.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدهَا حَافِظٌ وَلَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُحَرَّزَةٍ فِي الْعَادَةِ (وَإِنْ كَانَ لَابِسًا ثَوْبًا أَوْ مُتَوَسِّدًا لَهُ) تَحْتَ رَأْسِهِ (نَائِمًا) كَانَ (أَوْ مُسْتَيْقِظًا أَوْ) كَانَ (مُفْتَرِشًا) لَهُ (أَوْ مُتَّكِئًا عَلَيْهِ فِي أَيْ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ) فَحِرْزٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ سَارِقَ رِدَاءِ صَفْوَانَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُتَوَسِّدُهُ (أَوْ) كَانَ (نَائِمًا عَلَى مَجَرِّ فَرَسِهِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ أَوْ) كَانَ (نَعْلُهُ فِي رِجْلِهِ فَحِرْزٌ) لِأَنَّهُ هَكَذَا مُحَرَّزٌ (فَإِنْ تَدَحْرَجَ) النَّائِمُ (عَنْ الثَّوْبِ زَالَ الْحِرْزُ) فَلَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ إذَنْ.
(وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْمَتَاعِ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ قُدَّامَهُ (كَبَزِّ الْبَزَّازِينَ وَقُمَاشِ الْبَاعَةِ) وَخُبْزِ الْخَبَّازِ (بِحَيْثُ يُشَاهَدُ وَيُنْظَرُ إلَيْهِ فَهُوَ حِرْزٌ) لِأَنَّهُ الْعَادَةُ (وَإِنْ نَامَ) أَوْ كَانَ (غَائِبًا عَنْ مَوْضِعِ مُشَاهَدَتِهِ فَلَيْسَ بِمُحَرَّزٍ وَإِنْ جَعَلَ) الْبَزَّازَ وَنَحْوَهُ (الْمَتَاعَ فِي الْغَرَائِرِ وَعَلَّمَ عَلَيْهَا أَيْ شَدَّهَا بِخَيْطٍ وَنَحْوِهِ) كَحَبْلٍ وَسَيْرٍ (وَمَعَهَا حَافِظٌ يُشَاهِدُهَا فَمُحَرَّزَةٌ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حِينَئِذٍ حَافِظٌ يُشَاهِدُهَا فَلَيْسَتْ بِمُحَرَّزَةٍ (وَحِرْزُ سُفُنٍ فِي شَطٍّ بِرَبْطِهَا) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ (وَحِرْزُ بَقْلٍ وَبَاقِلَاءَ وَطَبِيخِ وَقُدُورِهِ وَرَاءَ الشَّرَائِحِ) وَاحِدُهَا شَرِيحَةٌ (وَهُوَ) شَيْءٌ يُعْمَلُ (مِنْ قَصَبٍ أَوْ خَشَبٍ) يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (إذَا كَانَ بِالسُّوقِ حَارِسٌ) لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِحْرَازِهَا بِهِ (وَحِرْزُ حَطَبٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ الْحَظَائِرُ) وَاحِدَتُهَا حَظِيرَةٌ وَهِيَ مَا يُعْمَلُ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ مِنْ الشَّجَرِ تَأْوِي إلَيْهِ.
وَأَصْلُ الْحَظْرِ الْمَنْعُ فَيُصَيَّرُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَيُرْبَطُ بِحَيْثُ يَعْسُرُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (كَمَا لَوْ كَانَ) مَا ذَكَرَ (فِي فُنْدُقٍ) وَهُوَ الْخَانُ الصَّغِيرُ (مُغْلَقٌ عَلَيْهِ) فَيَكُونُ مُحَرَّزًا وَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ (وَحِرْزُ مَوَاشٍ) جَمْعُ مَاشِيَةٍ.
(الصُّبُرُ) وَاحِدُهَا صُبْرَةٌ وَهِيَ حَظِيرَةُ الْغَنَمِ (وَ) حِرْزُهَا (فِي الْمَرْعَى بِالرَّاعِي وَنَظَرُهُ إلَيْهَا إذَا كَانَ) الرَّاعِي (يَرَاهَا فِي الْغَالِبِ) لِأَنَّ الْعَادَةَ حِرْزُهَا بِذَلِكَ (وَمَا نَامَ) الرَّاعِي (عَنْهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَاشِيَةِ (أَوْ غَابَ عَنْ مُشَاهَدَتِهِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْحِرْزِ) فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ (وَحِرْزُ حَمُولَةِ إبِلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ الْإِبِلِ الْمُحَمَّلَةِ (سَائِرَةٌ بِتَقْطِيرِهَا مَعَ قَائِدٍ يَرَاهَا بِحَيْثُ يَكْثُرُ الِالْتِفَاتُ إلَيْهَا وَيُرَاعِيهَا وَزِمَامُ الْأَوَّلِ مِنْهَا بِيَدِهِ) لِأَنَّهَا هَكَذَا تُحْرَزُ عُرْفًا.
(وَالْحَافِظُ الرَّاكِبُ فِيمَا وَرَاءَهُ) مِنْ الْإِبِلِ السَّائِرَةِ وَنَحْوِهَا (كَقَائِدٍ) فَإِذَا كَانَ يَرَاهَا وَيُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ إلَيْهَا فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ (أَوْ بِسَائِقٍ يَرَاهَا) أَيْ الْإِبِلَ الْمُحَمَّلَةَ وَنَحْوَهَا (سَوَاءُ كَانَتْ مُقَطَّرَةً أَوْ لَا وَإِنْ كَانَتْ) الْإِبِلُ (بَارِكَةً فَإِنْ كَانَ مَعَهَا حَافِظٌ لَهَا وَلَوْ نَائِمًا وَهِيَ مَعْقُولَةٌ فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ) لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ صَاحِبَهَا يَعْقِلُهَا إذَا نَامَ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) الْإِبِلُ (مَعْقُولَةً وَكَانَ الْحَافِظُ نَاظِرًا إلَيْهَا بِحَيْثُ يَرَاهَا فَهِيَ مُحَرَّزَة وَإِنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ مَشْغُولًا عَنْهَا فَلَا) حِرْزَ فَلَا قَطْع عَلَى السَّارِقِ مِنْهَا (فَإِنْ سَرَقَ مِنْ أَحْمَالِ الْجِمَالِ السَّائِرَةِ الْمُحَرَّزَة مَتَاعًا قِيمَتُهُ نِصَابٌ) قُطِعَ (أَوْ سَرَقَ الْحِمْلَ قُطِعَ) لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ (وَإِنْ سُرِقَ الْجَمَلُ بِمَا عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ نَائِمٌ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّهُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ قَطَعَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْإِبِلِ الَّتِي فِي الصَّحْرَاءِ فَأَمَّا) الْإِبِلُ (الَّتِي فِي الْبُيُوتِ وَالْمَكَانِ الْمُحْصَنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الثِّيَابِ فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ وَحُكْمٌ سَائِرٌ الْمَوَاشِي كَالْإِبِلِ) فِيمَا سَبَقَ (وَحِرْزُ ثِيَابٍ فِي حَمَّامٍ) بِحَافِظٍ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تَبْطُلُ الْمُلَاحَظَةُ بِفَتَرَاتِ وَأَعْرَاضٍ يَسِيرَةٍ بَلْ بِتَرْكِهِ وَرَاءَهُ (أَوْ) ثِيَابٍ (فِي أَعْدَالٍ وَ) حِرْزٍ (غَزْلٍ فِي سُوقٍ أَوْ خَانَ وَمَا كَانَ مُشْتَرِكًا فِي الدُّخُولِ إلَيْهِ بِحَافِظٍ كَقُعُودِهِ عَلَى الْمَتَاعِ وَإِنْ فَرَّطَ حَافِظٌ فَنَامَ أَوْ اشْتَغَلَ فَلَا قَطْعَ) عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ حِرْزٍ (وَيَضْمَنُ الْحَافِظُ) مَا ضَاعَ بِتَفْرِيطِهِ (وَلَوْ لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ) رَبُّ الْمَتَاعِ صَرِيحًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَإِنْ اسْتَحْفَظَ رَجُلٌ آخَرُ مَتَاعَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَسُرِقَ فَإِنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهِ فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ) لِتَفْرِيطِهِ.
(إنْ كَانَ الْتَزَمَ حِفْظَهُ وَأَجَابَهُ إلَى مَا سَأَلَهُ) صَرِيحًا (وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ لَكِنْ سَكَتَ لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمٌ) لِأَنَّهُ مَا قَبِلَ الِاسْتِيدَاعِ وَلَا قَبَضَ الْمَتَاعِ (وَلَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ حِرْزٍ (وَإِنْ حَفِظَ الْمَتَاعَ بِنَظَرِهِ إلَيْهِ وَقَرَّبَهُ مِنْهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ (وَعَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ) لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ.
(وَحِرْزُ كَفَنٍ مَشْرُوعٌ فِي قَبْرٍ عَلَى مَيِّتٍ وَلَوْ بَعُدَ) الْقَبْرُ (عَنْ الْعُمْرَانِ إذَا كَانَ الْقَبْرُ مَطْمُومًا الطَّمَّ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَهُوَ) أَيْ الْكَفَنُ (مِلْكٌ لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ إلَّا عَمَّا لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهِ (فَلَوْ عَدِمَ الْمَيِّتُ) وَبَقِيَ الْكَفَنُ (وُفِّيَتْ مِنْهُ دُيُونُهُ) وَيَزِيدُ بِهِ الثُّلُثُ فِي الْوَصِيَّةِ كَسَائِرِ مَالِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّت دَيْنٌ وَبَقِيَ كَفَنُهُ.
(فَهُوَ مِيرَاثٌ) كَبَاقِي أَمْوَالِهِ (فَمَنْ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ قُطِعَ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ عَائِشَةَ «سَارِقُ أَمَوَاتَنَا كَسَارِقِ أَحْيَاءَنَا» وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (وَالْخَصْمُ فِيهِ) أَيْ الْكَفَنِ إنْ سُرِقَ وَنَحْوُهُ (الْوَرَثَةُ) لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ فِي الْمُطَالَبَةِ (فَإِنْ عَدِمُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (فَنَائِبُ الْإِمَامِ) كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَالْخَصْمُ فِيهِ إذَا سُرِقَ الْوَرَثَةُ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ وَأَمَّا لَوْ أُكِلَ الْمَيِّتُ وَنَحْوُهُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ كَانَ لِمَنْ تَبَرَّعَ بِهِ دُونَ الْوَرَثَةِ كَمَا قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ.
لِأَنَّ تَمْلِيكَ الْمَيِّت غَيْرُ مُمْكِنٍ فَهُوَ إبَاحَةٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَإِذَا زَالَتْ تَعَيَّنَ لِرَبِّهِ (وَإِنْ أَخْرَجَهُ) أَيْ الْكَفَنُ (مِنْ اللَّحْدِ وَوَضَعَهُ فِي الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجهُ مِنْهُ فَلَا قَطْعَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْحِرْزِ (وَإِنْ كُفِّنَ رَجُلٌ فِي أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ لَفَائِفَ أَوْ) كُفِّنَتْ (امْرَأَةٌ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ) ثِيَابٍ (فَسُرِقَ الزَّائِدُ عَنْ ذَلِكَ) فَلَا قَطْعَ (أَوْ تُرِكَ) الْمَيِّتُ (فِي تَابُوتٍ فَسُرِقَ التَّابُوتُ) فَلَا قَطْعَ (أَوْ تُرِكَ مَعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (طِيبٌ مَجْمُوعٌ أَوْ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ جَوْهَرٌ لَمْ يُقْطَعْ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ) وَتَرْكُ غَيْرِهِ مَعَهُ تَضْيِيعٌ وَسَفَهٌ فَلَا يَكُونُ مُحْرَزًا بِالْقَبْرِ وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ غَيْرُ مَطْمُومٍ أَوْ أُكِلَ الْمَيِّتُ وَبَقِيَ كَفَنُهُ وَسَرَقَهُ سَارِقٌ فَلَا قَطْعَ.
(وَحِرْزُ جِدَارِ الدَّارِ كَوْنُهُ مَبْنِيًّا فِيهَا) أَيْ الدَّارِ (إذَا كَانَتْ فِي الْعُمْرَانِ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِيهَا حَافِظٌ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَجْزَاءِ الْجِدَارِ أَوْ خَشَبِهِ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَ قَطْعُهُ) لِأَنَّ الْحَائِطَ حِرْزٌ لِغَيْرِهِ فَيَكُونُ حِرْزًا لِنَفْسِهِ وَ(لَا) يُقْطَعُ (إنْ هُدِمَ الْحَائِطُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَتَاعَ فِي الْحِرْزِ بَلْ يُحَرَّمُ أَرْشُ الْهَدْمِ إنْ تَعَدَّى بِهِ (وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْ جِدَارِهَا شَيْئًا) لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حِرْزًا لِمَا فِيهَا فَلِنَفْسِهَا أَوْلَى (وَحِرْزُ الْبَابِ تَرْكِيبُهُ فِي مَوْضِعِهِ مُغْلَقًا كَانَ أَوْ مَفْتُوحًا) لِأَنَّهُ هَكَذَا يُحْفَظُ (وَعَلَى سَارِقهِ الْقَطْعُ إنْ كَانَتْ الدَّارُ مُحَرَّزَةً بِمَا ذَكَرْنَاهُ) بِأَنْ تَكُونَ فِي الْعُمْرَانِ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِيهَا حَافِظٌ (وَأَمَّا أَبْوَابُ الْخَزَائِنِ فِي الدَّارِ فَإِنْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مُغْلَقًا فَهِيَ) أَيْ أَبْوَابُ الْخَزَائِنِ (مُحَرَّزَةً مُغْلَقَةً كَانَتْ) أَبْوَابُ الْخَزَائِنِ (أَوْ مَفْتُوحَةً وَإِنْ كَانَ) بَابُ الدَّارِ (مَفْتُوحًا لَمْ تَكُنْ) أَبْوَابُ الْخَزَائِنِ (مُحَرَّزَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ مُغْلَقَةً أَوْ يَكُونَ فِي الدَّارِ حَافِظٌ) يَحْفَظُهَا (وَحَلْقَةُ الْبَابِ إنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةً فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ) لِأَنَّهَا بِتَرْكِيبِهَا فِيهِ صَارَتْ كَأَنَّهَا بَعْضُهُ.
(فَإِنْ سُرِقَ بَابُ مَسْجِدٍ مَنْصُوبًا أَوْ بَابُ الْكَعْبَةِ الْمَنْصُوبِ أَوْ سُرِقَ مِنْ سَقْفِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (وَجِدَارِهِ أَوْ تَأْزِيرِهِ شَيْئًا قُطِعَ) لِأَنَّهُ سَرَقَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ عَادَةً نِصَابًا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَمَا كَانَ مُنْفَكًّا مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُحَرَّزٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ وَ(لَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ سَتَائِرِ الْكَعْبَةِ) الْخَارِجَةِ (وَلَوْ كَانَتْ مَخِيطَةً عَلَيْهَا) كَغَيْرِ الْمَخِيطَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحَرَّزَةٍ (وَلَا بِسَرِقَةِ قَنَادِيلِ مَسْجِدٍ وَحُصْرِهِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا جُعِلَ لِنَفْعِ الْمُصَلِّينَ كَالْقَفَصِ الْمَجْعُولِ لِوَضْعِ نِعَالِهِمْ (أَوْ كَانَ السَّارِقُ مُسْلِمًا) لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْتَفِع بِهِ النَّاسُ فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ كَسَرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا قُطِعَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَلَا شُبْهَةَ.
(وَمَنْ سَرَقَ مِنْ ثَمَرِ شَجَرٍ أَوْ) مِنْ (جِمَارِ نَخْلٍ وَهُوَ الْكُثْرُ) بِضَمِّ الْكَافِ (قَبْلَ إدْخَالِهِ الْحِرْزَ كَأَخْذِهِ مِنْ رُءُوسِ نَخْلٍ وَشَجَرٍ مِنْ بُسْتَانٍ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ وَحَافِظٌ وَيَضْمَنُ عِوَضُهُ مَرَّتَيْنِ) لِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
«سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ مِنْهُ بُغْيَةً مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ» وَلِأَنَّ الثِّمَارَ فِي الْعَادَةِ تَسْبِقُ الْيَدُ إلَيْهَا فَجَازَ أَنْ تَغْلُظَ قِيمَتُهَا عَلَى سَارِقهَا رَدْعًا لَهُ وَزَجْرًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَيْرَ مُتَّخِذٍ خَبْنَةً» بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ نُونٌ أَيْ غَيْرُ مُتَّخِذٍ مِنْهُ فِي حُجْرَتِهِ (وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ) أَيْ الثَّمَرِ (نِصَابًا بَعْدَ إيوَائِهِ الْحِرْزَ كَجَرِينٍ وَنَحْوِهِ أَوْ سَرَقَ) نَصَّابًا مِنْ ثَمَرٍ (مِنْ شَجَرَةٍ فِي دَارٍ مُحَرَّزَةٍ قُطِعَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ السَّابِقِ:
«وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ لَهُ (وَكَذَا الْمَاشِيَةُ تُسْرَقُ مِنْ الْمَرْعَى مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّزَةً تُضْمَنُ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا وَلَا قَطْعَ كَثَمَرٍ وَكُثْرٍ) احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ بِأَنَّ عُمَرَ أَغْرَمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ نَحَرَ غِلْمَانُهُ نَاقَةَ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ مِثْلَيْ قِيمَتِهَا.
رَوَاهُ الْأَثْرَمُ (وَمَا عَدَاهُنَّ) أَيْ الثَّمَرِ وَالْكُثْرِ وَالْمَاشِيَةِ (يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) لِأَنَّ التَّضْعِيفَ فِيهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلنَّصِّ فَلَا يُجَاوَزُ بِهِ مَحَلَّ النَّصِّ (وَلَا قَطْعَ فِي عَامِ مَجَاعَةٍ عِلْمًا نَصًّا إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيه أَوْ مَا يَشْتَرِي بِهِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مَا لَمْ يُبْذَلْ لَهُ وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ.
وَفِي التَّرْغِيبِ مَا يُحْيِي بِهِ نَفْسَهُ (وَإِذَا سَرَقَ الضَّيْفُ مِنْ مَالِ مُضِيفِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْزَلَهُ فِيهِ أَوْ) مِنْ (مَوْضِعٍ لَمْ يُحْرِزْهُ عَنْهُ لَمْ يُقْطَعْ) لِعَدَمِ هَتْكِهِ الْحِرْزَ (وَإِنْ سَرَقَ) الضَّيْفُ (مِنْ مَوْضِعٍ مُحَرَّزٍ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَنَعَهُ قِرَاهُ فَسَرَقَ بِقَدْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّهُ أَخَذَ الْوَاجِبَ لَهُ أَشْبَهَ الزَّوْجَةَ وَالْقَرِيبَ إذَا أَخَذَا مَا وَجَبَ لَهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَمْنَعهُ) الْمُضِيفُ قِرَاهُ الْوَاجِبَ لَهُ (قُطِعَ) إنْ سَرَقَ نِصَابًا لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لِلضَّيْفِ إذَنْ فِي مَالِ الْمُضِيفِ (وَإِذَا أَحْرَزَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ أَوْ) أَحْرَزَ الْوَدِيعُ (الْوَدِيعَةَ أَوْ) أَحْرَزَ الْمُسْتَعِيرُ (الْعَارِيَّةَ أَوْ) أَحْرَزَ الْوَكِيلُ (الْمَالَ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ فَسَرَقَهُ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ) لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ نَائِبِ مَالِكٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَهُ مِنْ مَالِكِهِ.
(وَإِنْ غَصَبَ) إنْسَانٌ (عَيْنًا أَوْ سَرَقَهَا وَأَحْرَزَهَا فَسَرَقَهَا سَارِقٌ) لَمْ يُقْطَعْ (أَوْ غَصَبَ بَيْتًا فَأَحْرَزَ) الْغَاصِبُ (فِيهِ مَالَهُ فَسَرَقَهُ مِنْهُ أَجْنَبِيُّ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ.