فصل: (بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(بَابُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامُ اللِّبَاسِ):

السَّتْرُ: بِفَتْحِ السِّينِ، مَصْدَرُ سَتَرَهُ أَيْ: غَطَّاهُ وَبِكَسْرِهَا مَا يُسْتَرُ بِهِ وَالْعَوْرَةُ لُغَةً: النُّقْصَانُ، وَالشَّيْءُ الْمُسْتَقْبَحُ وَمِنْهُ كَلِمَةٌ عَوْرَاءُ أَيْ: قَبِيحَةٌ (وَهُوَ) أَيْ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ.
(الشَّرْطُ السَّادِسُ) فِي الذِّكْرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى فَسَادِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ ثَوْبَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِتَارِ بِهِ، وَصَلَّى عُرْيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ بِسَبَبٍ خَاصٍّ فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْمُرَادُ بِالْحَائِضِ: الْبَالِغُ وَالْأَحْسَنُ فِي الِاسْتِدْلَالِ أَنْ يُقَالَ: انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ فَيَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ.
(وَالْعَوْرَةُ سَوْأَةُ الْإِنْسَانِ) أَيْ: قُبُلُهُ وَدُبُرُهُ قَالَ تَعَالَى {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} (وَكُلُّ مَا يُسْتَحَى مِنْهُ) عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ، سُمِّيَتْ عَوْرَةً لِقُبْحِ ظُهُورِهَا، ثُمَّ إنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى مَا يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعَلَى مَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ (فَمَعْنَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ تَغْطِيَةُ مَا يَقْبُحُ ظُهُورُهُ وَيُسْتَحَى مِنْهُ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَسَتْرُهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (فِي الصَّلَاةِ عَنْ النَّظَرِ، حَتَّى عَنْ نَفْسِهِ).
فَلَوْ كَانَ جَيْبُهُ وَاسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنْ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ مِنْهُ إذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ، وَجَبَ زَرُّهُ وَنَحْوُهُ لِيَسْتُرَهَا، لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ (وَ) حَتَّى (خَلْوَةً) فَيَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ خَلْوَةً كَمَا يَجِبُ لَوْ كَانَ بَيْنَ النَّاسِ لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا، مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ قُلْت: فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا، قُلْتُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ فَاَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ» رَوَاه أَبُو دَاوُد.
وَ(لَا) يَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ عَنْ النَّظَرِ (مِنْ أَسْفَلَ وَلَوْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ) إلَيْهَا مِنْ أَسْفَلَ، بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ، بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ تَحْتِهِ لَرَأَى عَوْرَتَهُ.
وَفِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ: وَالْأَظْهَرُ بَلَى إنْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ (وَاجِبٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَسَتْرُهَا (بِسَاتِرٍ لَا يَصِفُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ، سَوَادَهَا وَبَيَاضَهَا) لِأَنَّ مَا وَصَفَ سَوَادَ الْجِلْدِ أَوْ بَيَاضَهُ لَيْسَ بِسَاتِرٍ لَهُ (فَإِنْ) سَتَرَ اللَّوْنَ، وَوَصَفَ (الْحَجْمَ) أَيْ: حَجْمَ الْأَعْضَاءِ (فَلَا بَأْسَ) لِأَنَّ الْبَشَرَةَ مَسْتُورَةٌ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَيَكْفِي فِي سَتْرِهَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ ثَوْبٍ وَرَقُ شَجَرٍ وَحَشِيشٌ وَنَحْوُهَا) كَخُوصٍ مَضْفُورٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُهَا، وَقَدْ حَصَلَ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِسَتْرِهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِسَاتِرٍ فَكَفَى أَيُّ سَاتِرٍ (وَ) يَكْفِي فِي سَتْرِهَا أَيْضًا (مُتَّصِلٌ بِهِ، كَيَدِهِ وَلِحْيَتِهِ).
فَإِذَا كَانَ جَيْبُهُ وَاسِعًا تُرَى مِنْهُ عَوْرَتُهُ فَضَمَّ بِيَدِهِ أَوْ غَطَّتْهُ لِحْيَتُهُ، فَمَنَعَتْ رُؤْيَةَ عَوْرَتِهِ كَفَاهُ ذَلِكَ لِحُصُولِ السَّتْرِ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ بِثَوْبِهِ حِذَاءَ فَخِذِهِ وَنَحْوِهِ خَرْقٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) سَتْرُ عَوْرَتِهِ (بِبَارِيَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا: مَا يُصْنَعُ عَلَى هَيْئَةِ الْحَصِيرِ مِنْ قَصَبٍ.
وَفِي الْقَامُوسِ: هِيَ الْحَصِيرُ (وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَضُرُّهُ) إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَالْحَرَجِ.
(وَلَا) يَلْزَمُهُ أَيْضًا سَتْرُ عَوْرَتِهِ بِ (حَفِيرٍ وَطِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ.
وَفِي الْحَفِيرَةِ حَرَجٌ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجِبُ الطِّينُ لَا الْمَاءُ (وَلَا) يَكْفِي سَتْرُهَا (بِمَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَاتِرٍ قُلْتُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَجَبَ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
(وَيَجِبُ سَتْرُهَا كَذَلِكَ) أَيْ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ، لَا مِنْ أَسْفَلَ حَتَّى خَلْوَةً (فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَحَمَّامٍ) لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ يَجِبُ سَتْرُهَا مُطْلَقًا حَتَّى خَلْوَةً عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ كَشْفُهَا خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهَا لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِكَشْفِهَا الْمُحَرَّمِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِ هَذَا لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ هُوَ وَلَا لَمْسُهَا اتِّفَاقًا.
(وَيَجُوزُ كَشْفُهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ لِلضَّرُورَةِ (وَ) يَجُوزُ (نَظَرُ الْغَيْرِ إلَيْهَا لِضَرُورَةٍ، كَتَدَاوٍ وَخِتَانٍ، وَمَعْرِفَةِ بُلُوغٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ، وَعَيْبٍ، وَوِلَادَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَحَلْقِ عَانَةٍ لَا يُحْسِنُهُ وَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي النِّكَاحِ.
(وَيَجُوزُ كَشْفُهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (وَنَظَرُهَا لِزَوْجَتِهِ وَعَكْسُهُ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ».
(وَ) يَجُوزُ كَشْفُهَا وَنَظَرُهَا (لِأَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ، وَهِيَ لِسَيِّدِهَا) أَيْ يَجُوزُ لِلْأَمَةِ الْمُبَاحَةِ كَشْفُ عَوْرَتِهَا لِسَيِّدِهَا وَنَظَرُهَا لِعَوْرَتِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ وَخَرَجَ بِالْمُبَاحَةِ الْمَجُوسِيَّةُ وَنَحْوُهَا، وَالْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ، وَالْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ غَيْرِهِ.
(وَ) يَجُوزُ (كَشْفُهَا لِحَاجَةٍ، كَتَخَلٍّ وَاسْتِنْجَاءٍ وَغُسْلٍ وَتَقَدَّمَ فِي الِاسْتِطَابَةِ وَالْغُسْلِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا) لِتَدَاوٍ، وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، لَكِنْ يُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَنْكِحَةِ نَقَلَهُ عَنْ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ.
(وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) أَيْ: الذَّكَرِ الْبَالِغِ (وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا أَوْ ابْنَ عَشْرٍ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِحَدِيثِ «عَلِيٍّ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ» رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَكَارَةٌ.
وَعَنْ جَرْهَدٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ «مَرَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ وَقَدْ انْكَشَفَتْ فَخِذِي فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ» رَوَاه مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا.
وَفِي إسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
(وَ) عَوْرَةُ (الْأَمَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ «إذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إلَى رُكْبَتِهِ عَوْرَةٌ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد يُرِيدُ بِهِ الْأَمَةَ فَإِنَّ الْأَجِيرَ وَالْعَبْدَ لَا يَخْتَلِفُ حَالُهُ بِالتَّزْوِيجِ وَعَدَمِهِ وَكَانَ عُمَرُ يَنْهَى الْإِمَاءَ عَنْ التَّقَنُّعِ وَقَالَ: إنَّمَا الْقِنَاعُ لِلْحَرَائِرِ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ (وَكَذَا أُمُّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٌ بَعْضُهَا، وَمُدَبَّرَةٌ، وَمُكَاتَبَةٌ، وَمُعَلَّقٌ عِتْقُهَا عَلَى صِفَةٍ) فَعَوْرَتُهُنَّ: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، لِبَقَاءِ الرِّقِّ فِيهِنَّ وَالْمُقْتَضِي لِلسَّتْرِ بِالْإِجْمَاعِ هُوَ الْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فَبَقِينَ عَلَى الْأَصْلِ (وَ) كَذَا عَوْرَةُ (حُرَّةٍ مُرَاهِقَةٍ وَمُمَيِّزَةٍ) لِمَفْهُومِ حَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» (وَ) كَذَا عَوْرَةُ (خُنْثَى مُشْكِلٍ) لَهُ عَشْرُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ لِأَنَّهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ أُنُوثِيَّتُهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ بِالِاحْتِمَالِ.
(وَيُسْتَحَبُّ اسْتِتَارُهُنَّ) أَيْ: الْأَمَةِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، وَالْمُدَبَّرَةِ، وَالْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا عَلَى صِفَةٍ، وَالْحُرَّةِ الْمُرَاهِقَةِ، وَالْمُمَيِّزَةِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (كَالْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ احْتِيَاطًا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فِي الْأَمَةِ، يُسَنَّ سَتْرُ رَأْسِهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: وَالِاحْتِيَاطُ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ: أَنْ يَسْتَتِرَ كَالْمَرْأَةِ وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ، بَلْ الْعَوْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَتَقَدَّمَ.
وَحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَسْفَلُ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَتَيْنِ مِنْ الْعَوْرَةِ» رَوَاه أَبُو بَكْرٍ وَلِأَنَّهُمَا حَدُّ الْعَوْرَةِ فَلَمْ يَكُونَا مِنْهَا (وَابْنُ سَبْعٍ) وَخُنْثَى لَهُ سَبْعُ سِنِينَ (إلَى عَشْرِ) سِنِينَ (عَوْرَتُهُ الْفَرْجَانِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ دُونَ الْبَالِغِ.
(وَالْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى ظُفْرِهَا وَشَعْرِهَا) «لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَلَيْسَ عَلَيْهَا إزَارٌ قَالَ: إذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» رَوَاه، أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ (إلَّا وَجْهَهَا).
لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ كَشْفُ وَجْهِهَا فِي الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ.
(قَالَ جَمْعٌ وَكَفَّيْهَا) وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ «وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ وَخَالَفَهُمَا ابْنُ مَسْعُودٍ.
(وَهُمَا) أَيْ: الْكَفَّانِ (وَالْوَجْهُ) مِنْ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ (عَوْرَةٌ خَارِجَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (بِاعْتِبَارِ النَّظَرِ، كَبَقِيَّةِ بَدَنِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ».
(وَيُسَنُّ لِرَجُلٍ وَالْإِمَامُ أَبْلَغُ) أَيْ: آكَدُ لِأَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ وَبَيْنَ يَدَيْ الْمَأْمُومِينَ وَتَتَعَلَّقُ صَلَاتُهُمْ بِصَلَاتِهِ (أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ) ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ (مَعَ سَتْرِ رَأْسِهِ) بِعِمَامَةٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَذَلِكَ يُصَلِّي قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَحَدُهُمْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَوْبَيْنِ.
(وَلَا يُكْرَهُ) أَنْ يُصَلِّيَ (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَسْتُرُ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ) مِنْ الْعَوْرَةِ وَأَحَدِ الْعَاتِقَيْنِ فِي الْفَرْضِ (وَالْقَمِيصُ أَوْلَى مِنْ الرِّدَاءِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ، ثُمَّ الرِّدَاءُ ثُمَّ الْمِئْزَرُ أَوْ السَّرَاوِيلُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَإِنْ صَلَّى فِي ثَوْبَيْنِ فَأَفْضَلُ ذَلِكَ مَا كَانَ أَسْبَغَ، فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ: الْقَمِيصَ وَالرِّدَاءَ، ثُمَّ الْإِزَارَ أَوْ السَّرَاوِيلَ مَعَ الْقَمِيصِ، ثُمَّ أَحَدَهُمَا مَعَ الرِّدَاءِ، وَأَفْضَلُهُمَا مَعَ الرِّدَاءِ: الْإِزَارُ، لِأَنَّهُ لُبْسُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْكِي تَقَاطِيعَ الْخِلْقَةِ، وَأَفْضَلُهُمَا، تَحْتَ الْقَمِيصِ: السَّرَاوِيلُ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَلَا يَحْكِي خِلْقَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ.
(وَإِنْ صَلَّى فِي الرِّدَاءِ، وَكَانَ وَاسِعًا الْتَحَفَ بِهِ وَإِنْ كَانَ) الرِّدَاءُ (ضَيِّقًا خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، عَلَى مَنْكِبَيْهِ كَالْقِصَارِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوَيْكَ» رَوَاه أَبُو دَاوُد (فَإِنْ كَانَ جَيْبُ الْقَمِيصِ وَاسِعًا سُنَّ أَنْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ) لِحَدِيثِ «سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ وَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ نَعَمْ وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(فَإِنْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْهُ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، لِفَوَاتِ شَرْطِهَا، وَالْمُرَادُ إنْ أَمْكَنَ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ وَإِنْ لَمْ تُرَ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ خَلْوَةٍ وَنَحْوِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ لَمْ يَزُرَّهُ) أَيْ: الْجَيْبَ (وَشَدَّ وَسَطَهُ عَلَيْهِ بِمَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، أَوْ كَانَ ذَا لِحْيَةٍ تَسُدُّ جَيْبَهُ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِوُجُودِ السَّتْرِ الْمَأْمُورِ.
(فَإِنْ اقْتَصَرَ) الرَّجُلُ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى (عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ وَأَعْرَى الْعَاتِقَيْنِ فِي نَفْلٍ أَجْزَأَهُ) دُونَ الْفَرْضِ لِأَنَّ مَبْنَى النَّفْلِ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَلِذَلِكَ يُتَسَامَحُ فِيهِ بِتَرْكِ الْقِيَامِ وَالِاسْتِقْبَالِ فِي حَالِ سَفَرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَسُومِحَ فِيهِ بِهَذَا الْقَدْرِ وَلِأَنَّ عَادَةَ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ وَخَلَوَاتِهِ قِلَّةُ اللِّبَاسِ وَتَخْفِيفُهُ وَغَالِبُ نَفْلِهِ يَقَعُ فِيهِ فَسُومِحَ فِيهِ لِذَلِكَ.
وَلَا كَذَلِكَ الْفَرْضُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَيَّ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالثَّوْبُ الْوَاحِدُ لَا يَتَّسِعُ لِذَلِكَ مَعَ سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ (وَيُشْتَرَطُ فِي فَرْضٍ مَعَ سَتْرِهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (سَتْرُ جَمِيعِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْعَاتِقَيْنِ (بِشَيْءٍ مِنْ لِبَاسٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَاسْتَدَلَّ أَبُو بَكْرٍ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «إذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ» وَفِي لَفْظٍ «فَائْتَزِرْ بِهِ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ وَقَالَ هَذَا فِي التَّطَوُّعِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْفَرْضِ.
وَالْمُرَادُ بِالْعَاتِقِ: مَوْضِعُ الرِّدَاءِ مِنْ الْمَنْكِبِ وَقَوْلُهُ بِلِبَاسٍ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الثَّوْبِ الَّذِي سَتَرَ بِهِ عَوْرَتَهُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ سَتَرَ بِهِ عَاتِقَهُ أَجْزَأَهُ (وَلَوْ وَصَفَ الْبَشَرَةَ) لِعُمُومِ «قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» وَهُوَ يَعُمُّ مَا يَصِفُ وَمَا لَا يَصِفُ (فَلَا يُجْزِئُ حَبْلٌ وَنَحْوُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لِبَاسًا.
(وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ أَنْ تُصَلِّيَ فِي دِرْعٍ وَهُوَ الْقَمِيصُ) وَقَالَ أَحْمَدُ شِبْهُ الْقَمِيصِ، لَكِنَّهُ سَابِغٌ يُغَطِّي قَدَمَيْهَا، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَخِمَارٍ وَهُوَ غِطَاءُ رَأْسِهَا) وَتُدِيرُهُ تَحْتَ حَلْقِهَا (وَمِلْحَفَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَهِيَ الْجِلْبَابُ) رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ فِي جُزْئِهِ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ فِي الْخِمَارِ وَالْإِزَارِ وَالدِّرْعِ، فَتُسْبِلُ الْإِزَارَ فَتُجَلْبَبُ بِهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ إذَا وَجَدَتْهَا: الْخِمَارُ وَالْجِلْبَابُ وَالدِّرْعُ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَوْفَى مِنْ الرَّجُلِ عَوْرَةً فَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ سُتْرَةً (وَلَا تَضُمُّ ثِيَابَهَا) قَالَ السَّامِرِيُّ (فِي حَالِ قِيَامِهَا).
(وَيُكْرَهُ) أَنْ تُصَلِّيَ (فِي نِقَابٍ وَبُرْقُعٍ بِلَا حَاجَةٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَكْشِفَ وَجْهَهَا فِي الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ وَلِأَنَّ سَتْرَ الْوَجْهِ يُخِلُّ بِمُبَاشَرَةِ الْمُصَلِّي بِالْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ، وَيُغَطِّي الْفَمَ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ كَحُضُورِ أَجَانِبَ، فَلَا كَرَاهَةَ.
(وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى سَتْرِ مَا سِوَى وَجْهِهَا، كَأَنْ صَلَّتْ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ أَجْزَأَهَا) قَالَ أَحْمَدُ اتَّفَقَ عَامَّتُهُمْ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ، وَمَا زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَسْتَرُ، وَلِأَنَّهَا سَتَرَتْ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ فَاكْتُفِيَ بِهِ.
(وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكَشْفِ يَسِيرٍ مِنْ الْعَوْرَةِ) وَالْيَسِيرُ هُوَ الَّذِي (لَا يَفْحُشُ فِي النَّظَرِ عُرْفًا) وَيَخْتَلِفُ الْفُحْشُ بِحَسَبِ الْمُنْكَشِفِ، فَيَفْحُشُ مِنْ السَّوْأَةِ مَا لَا يَفْحُشُ مِنْ غَيْرِهَا (بِلَا قَصْدٍ) لِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ «انْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَعَلَّمَهُمْ الصَّلَاةَ، وَقَالَ يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ فَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ فَقَدَّمُونِي، فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَفْرَاءُ صَغِيرَةٌ فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ انْكَشَفَتْ عَنِّي فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا سَوْأَةَ قَارِئِكُمْ فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا يَمَانِيًّا، فَمَا فَرِحْتُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِهِ».
وَفِي لَفْظٍ «فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ فِيهَا خَرَجَتْ اسْتِي» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَانْتَشَرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِأَنَّ ثِيَابَ الْأَغْنِيَاءِ لَا تَخْلُو مِنْ فَتْقٍ وَثِيَابَ الْفُقَرَاءِ لَا تَخْلُو مِنْ خَرْقٍ غَالِبًا وَالِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ يَشُقُّ فَعُفِيَ عَنْهُ (وَلَوْ) كَانَ الِانْكِشَافُ الْيَسِيرُ (فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ) لِمَا مَرَّ.
(وَكَذَا) لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ انْكَشَفَ مِنْ الْعَوْرَةِ شَيْءٌ (كَثِيرٌ فِي زَمَنٍ قَصِيرٍ، فَلَوْ أَطَارَتْ الرِّيحُ سُتْرَتَهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ: نَحْوُ الرِّيحِ (عَنْ عَوْرَتِهِ، فَبَدَا) أَيْ: ظَهَرَ (مِنْهَا مَا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ لَوْ) طَالَ زَمَنُهُ لِفُحْشِهِ (وَلَوْ) كَانَ الَّذِي بَدَا (كُلَّهَا) أَيْ: كُلَّ الْعَوْرَةِ (فَأَعَادَهَا سَرِيعًا بِلَا عَمَلٍ كَثِيرٍ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ، لِقِصَرِ مُدَّتِهِ أَشْبَهَ الْيَسِيرَ فِي الزَّمَنِ الطَّوِيلِ فَإِنْ احْتَاجَ فِي أَخْذِ سُتْرَتِهِ لِعَمَلٍ كَثِيرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
(وَإِنْ كَشَفَ يَسِيرًا مِنْهَا) أَيْ: الْعَوْرَةِ (قَصْدًا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ مُمْكِنٌ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ أَشْبَهَ سَائِرَ الْعَوْرَةِ، وَكَذَا لَوْ فَحُشَ وَطَالَ الزَّمَنُ، وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ.
(وَمَنْ صَلَّى وَلَوْ نَفْلًا فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ) أَوْ مَنْسُوجٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (أَوْ) صَلَّى فِي ثَوْبٍ (أَكْثَرُهُ) حَرِيرٌ وَهُوَ (مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ) ذَلِكَ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَكَذَلِكَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ تَصَاوِيرُ قُلْتُ لَازَمَ ذَلِكَ كُلَّ ثَوْبٍ يَحْرُمُ لُبْسُهُ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ.
(أَوْ) صَلَّى فِي ثَوْبٍ (مَغْصُوبٍ) كُلُّهُ (أَوْ بَعْضُهُ) لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا، أَوْ ظَاهِرُهُ، مَشَاعًا كَانَ أَوْ مُعَيَّنًا وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِأَنَّ بَعْضَهُ يَتْبَعُ بَعْضًا.
(أَوْ) صَلَّى فِي (مَا ثَمَنُهُ الْمُعَيَّنُ حَرَامٌ أَوْ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ ثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ حَرَامٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا وَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ وَبَذَلَهُ مِنْ الْحَرَامِ (رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ الثَّوْبِ الْمُحَرَّمِ (لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، إنْ كَانَ عَالِمًا ذَاكِرًا) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِيهِ دِرْهَمٌ حَرَامٌ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً مَا دَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ: صَمْتًا إنْ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ» وَفِي إسْنَادِهِ هَاشِمٌ وَبَقِيَّةُ قَالَ الْبُخَارِيُّ هَاشِمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ، وَبَقِيَّةُ مُدَلِّسٌ.
وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» رَوَاه الْجَمَاعَةُ وَلِأَنَّ قِيَامَهُ وَقُعُودَهُ وَلُبْثَهُ فِيهِ مُحَرَّمٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَمْ يَقَعْ عِبَادَةً كَالصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَكَالنَّجِسِ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى فِي بُقْعَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَلَوْ مَنْفَعَتَهَا، أَوْ بَعْضَهَا، أَوْ حَجَّ بِغَصْبٍ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُصَلِّي فِي حَرِيرٍ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَالْأُنْثَى (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ.
(كَمَا لَوْ كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ خَاتَمَ ذَهَبٍ أَوْ) كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ (دُمْلُجًا أَوْ عِمَامَةً أَوْ تِكَّةَ سَرَاوِيلَ، أَوْ خُفًّا مِنْ حَرِيرٍ) أَوْ تَرَكَ ثَوْبًا مَغْصُوبًا فِي كُمِّهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعُودُ إلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَوَضَعَهُ فِي كُمِّهِ.
(وَإِنْ جَهِلَ) كَوْنَهُ حَرِيرًا أَوْ غَصْبًا (أَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ حَرِيرًا أَوْ غَصْبًا) صَحَّتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ (أَوْ حُبِسَ بِمَكَانِ غَصْبٍ) أَوْ نَجِسٍ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَكَذَا كُلُّ مُكْرَهٍ عَلَى الْكَوْنِ بِالْمَكَانِ النَّجِسِ وَالْغَصْبِ، بِحَيْثُ يَخَافُ ضَرَرًا مِنْ الْخُرُوجِ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَحْبُوسِ.
أَوْ (كَانَ فِي جَيْبِهِ دِرْهَمٌ) أَوْ دِينَارٌ أَوْ غَيْرُهُ (مَغْصُوبٌ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ، لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَلَوْ مَزْرُوعَةً) بِلَا غَصْبٍ وَلَا ضَرَرٍ جَازَ.
(أَوْ) صَلَّى (عَلَى مُصَلَّاهُ) أَيْ: الْغَيْرِ (بِلَا غَصْبٍ وَلَا ضَرَرٍ) فِي ذَلِكَ (جَازَ وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ عُرْفًا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ لِكَافِرٍ، لِعَدَمِ رِضَاهُ بِصَلَاةِ مُسْلِمٍ فِي أَرْضِهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ وَيُصَلِّي فِي حَرِيرٍ) وَلَوْ عَارِيَّةً (لِعَدَمِ) غَيْرِهِ (وَلَا يُعِيدُ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي لُبْسِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، كَالْحِكَّةِ وَالْجَرَبِ، وَضَرُورَةِ الْبَرْدِ وَعَدَمِ سُتْرَةِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ إذَنْ.
(وَ) يُصَلِّي (عُرْيَانًا مَعَ) وُجُودِ ثَوْبٍ (مَغْصُوبٍ) لِأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ إذْنِ الشَّارِعِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مُطْلَقًا وَلِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً مَغْصُوبًا.
(وَلَا يَصِحُّ نَفْلُ آبِقٍ) لِأَنَّ زَمَنَ فَرْضِهِ مُسْتَثْنًى شَرْعًا، فَلَمْ يَغْصِبْهُ بِخِلَافِ زَمَنِ نَفْلِهِ وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ».
وَفِي لَفْظٍ «إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَوَالِيهِ، فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ» رَوَاهمَا مُسْلِمٌ قَالَ أَرَاهُ مَعْنَى إذَا اسْتَحَلَّ الْإِبَاقَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ عِنْدَهُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاةٌ، وَلَا تَصْعَدُ لَهُمْ حَسَنَةٌ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَوَالِيهِ فَيَضَعَ يَدَهُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَالْمَرْأَةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَالسَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ».
(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَسْلِهِ صَلَّى فِيهِ وُجُوبًا) لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ آكَدُ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهِ فِي سَتْرِ عَوْرَتِهِ وَوُجُوبِ السَّتْرِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، فَكَانَ تَقْدِيمُ السَّتْرِ أَهَمَّ (وَأَعَادَ) مَا صَلَّاهُ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ وُجُوبًا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ حَالَتَيْ الصَّلَاةِ عُرْيَانًا وَلُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِيهَا، عَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِ الْحَالَةِ الْأُخْرَى وَقَدْ قَدَّمَ حَالَةَ التَّزَاحُمِ آكَدَهُمَا فَإِذَا أَزَالَ التَّزَاحُمَ بِوُجُودِهِ ثَوْبًا طَاهِرًا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ، اسْتِدْرَاكًا لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِتَرْكِ الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ مَنْ حُبِسَ بِالْمَكَانِ النَّجِسِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الِانْتِقَالِ عَنْ الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَنْ عَدِمَ السُّتْرَةَ بِكُلِّ حَالٍ.
(فَإِنْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ: الثَّوْبِ النَّجِسِ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ وُجُوبًا لِأَنَّهُ فَوَّتَ السُّتْرَةَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ.
وَلَوْ كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ صَلَّى عُرْيَانًا مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجِسَانِ: صَلَّى) فَرْضَهُ (فِي أَقَلِّهِمَا) وَأَخَفِّهِمَا (نَجَاسَةً) لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مَقْدُورٌ عَلَى اجْتِنَابِهِ فَوَجَبَ، لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
وَإِذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي طَرَفِ الثَّوْبِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَتِرَ بِالطَّاهِرِ مِنْهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ مُلَاقَاتِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا، وَحَمْلَهَا وَإِنْ لَمْ يُلَاقِهَا: مَحْذُورَانِ وَقَدْ أَمْكَنَهُ اجْتِنَابُ أَحَدِهِمَا فَلَزِمَهُ.