فصل: (بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ):

مِنْ خَنِثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَ فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ (وَهُوَ الَّذِي لَهُ) شَكْلُ ذَكَرِ رَجُلٍ (وَشَكْلُ فَرْجِ امْرَأَةٍ، أَوْ) لَهُ (ثَقْبٌ مَكَانَ الْفَرْجِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ وَيَنْقَسِمُ).
الْخُنْثَى (إلَى مُشْكِلٍ وَغَيْرِ مُشْكِلٍ) مِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ الْتَبَسَ (فَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ مِنْ نَبَاتِ لِحْيَتِهِ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ) قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْح: (وَكَوْنُهُ مَنِيَّ رَجُلٍ فَ) الْخُنْثَى (رَجُلٌ) عَمَلًا بِالْعَلَامَةِ لِلُزُومِ اطِّرَادِهَا (أَوْ) ظَهَرَتْ فِيهِ (عَلَامَاتُ النِّسَاءِ مِنْ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ وَسُقُوطِ الثَّدْيَيْنِ أَوْ تَفَلُّكِهِمَا) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَفَلَكَ ثَدْيُهَا، وَأَفْلَكَ، وَتَفَلَّكَ، اسْتَدَارَ (فَهُوَ امْرَأَةٌ) عَمَلًا بِالْعَلَامَةِ.
(وَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ، فِيهِ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ) فِي الْأُولَى (أَوْ امْرَأَةٌ فِيهَا خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ) فِي الثَّانِيَةِ.
(وَحُكْمُهُ) أَيْ الْمُتَّضِحِ (فِي إرْثِهِ وَغَيْرِهِ) كَالنِّكَاحِ وَنَقْضِ الْوُضُوءِ وَإِيجَابِ الْغُسْلِ وَالْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا حُكْمُ مَنْ ظَهَرَتْ عَلَامَتُهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ.
(وَ) الْخُنْثَى الَّذِي لَا عَلَامَةَ فِيهِ عَلَى ذُكُورِيَّةٍ أَوْ أُنُوثِيَّةٍ (مُشْكِلٌ) لِالْتِبَاسِ أَمْرِهِ (وَلَا يَكُونُ) الْمُشْكِلُ (أَبًا وَلَا أُمًّا وَلَا جَدًّا وَلَا جَدَّةً) وَإِلَّا لَاتَّضَحَتْ ذُكُورِيَّتُهُ أَوْ أُنُوثِيَّتُهُ.
(وَلَا) يَكُونُ الْمُشْكِلُ أَيْضًا (زَوْجًا وَلَا زَوْجَةً) لِمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ مَا دَامَ مُشْكِلًا (وَيَنْحَصِرُ إشْكَالُهُ فِي الْإِرْثِ فِي الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَالْأَخِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَوَلَدِ الْأَخِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَالْعَمِّ وَوَلَدِهِ وَالْوَلَاءِ) إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا وَأَنْ يَكُونَ أُنْثَى (فَإِنْ بَالَ) مِنْ ذَكَرِهِ فَذَكَرٌ، أَوْ مِنْ فَرْجِهِ فَأُنْثَى، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا (أَوْ سَبَقَ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ فَذَكَرٌ، أَوْ عَكْسُهُ فَأُنْثَى قَالَ) ابْنُ اللَّبَّانِ: رَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ قَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» وَرَوَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَتَى بِخُنْثَى مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: وَرِّثُوهُ بِأَوَّلِ مَا يَبُولُ مِنْهُ».
(وَإِنْ خَرَجَا) أَيْ خَرَجَ الْبَوْلُ مِنْ الْفَرْجَيْنِ (مَعًا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا) خُرُوجًا مِنْهُ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ قَدْرًا وَعَدَدًا؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا انْتَهَى لِأَنَّ الْكَثْرَةَ مَزِيَّةٌ لِإِحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ فَيُعْتَبَرُ بِهَا كَالسَّبْقِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ اسْتَوَى الْمَحَلَّانِ فِي قَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْبَوْلِ (فَ) الْخُنْثَى مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ أُشْكِلَ أَمْرُهُ بِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَ يُرْجَى انْكِشَافُ حَالِهِ وَهُوَ الصَّغِيرُ) الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ (أُعْطِيَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينَ) مِنْ التَّرِكَةِ، وَهُوَ مَا يَرِثُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ (وَمَنْ سَقَطَ بِهِ) أَيْ بِالْخُنْثَى (فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ، لَمْ يُعْطَ شَيْئًا) كَوَلَدِ خُنْثَى مَعَ أَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، يُعْطَى الْخُنْثَى النِّصْفَ لِاحْتِمَالِ أُنُوثِيَّتِهِ.
وَلَا يُعْطَى الْأَخُ شَيْئًا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَةِ الْوَلَدِ (وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ) الْخُنْثَى (فَتَظْهَرَ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ، أَوْ) عَلَامَاتُ (النِّسَاءِ) فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ.
(وَإِنْ يُئِسَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ ظُهُورِ الْعَلَامَاتِ فِيهِ (بِمَوْتِهِ) أَيْ الْخُنْثَى (أَوْ عَدَمِ الْعَلَامَاتِ بَعْدَ بُلُوغِهِ) بِأَنْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ تَظْهَرُ بِهَا ذُكُورِيَّتُهُ أَوْ أُنُوثِيَّتُهُ (فَإِنْ وَرِثَ) الْخُنْثَى (بِكَوْنِهِ ذَكَرًا فَقَطْ) أَيْ لَا بِكَوْنِهِ أُنْثَى (كَوَلَدِ أَخِي الْمَيِّتِ، أَوْ) كَ (عَمِّهِ) أَوْ وَلَدِ عَمِّهِ (فَلَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ فَقَطْ، كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَوَلَدِ أَخٍ خُنْثَى) صِفَةٌ لِوَلَدٍ (تَصِحُّ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْ ثَمَانِيَةٍ) لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ.
وَمَسْأَلَةَ الْأُنُوثِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي لِلْبِنْتِ فَرْضًا وَرَدًّا، وَالْأَرْبَعَةُ وَالْأَرْبَعَةُ مُتَمَاثِلَانِ فَتَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا وَتَضْرِبُهَا فِي اثْنَيْنِ مِنْ عَدَدِ حَالَيْ الْخُنْثَى يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ (لِلزَّوْجِ سَهْمَانِ، وَلِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ، وَلِلْخُنْثَى سَهْمٌ وَإِنْ وَرِثَ) الْخُنْثَى (بِكَوْنِهِ أُنْثَى فَقَطْ فَلَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى فَقَطْ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَوَلَدِ أَبٍ خُنْثَى) مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَمَسْأَلَةُ الْأُنُوثِيَّةِ مِنْ سَبْعَةٍ بِالْعَوْلِ وَهُمَا مُتَبَايِنَتَانِ وَحَاصِلُ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي سَبْعَةٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ تَضْرِبُهَا فِي الْحَالَيْنِ (تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ، لِلْخُنْثَى سَهْمَانِ)؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْ السَّبْعَةِ وَاحِدًا فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ؛) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدًا مِنْ اثْنَيْنِ فِي سَبْعَةٍ بِسَبْعَةٍ وَثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ، وَمَجْمُوعُهَا مَا ذُكِرَ (وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا) أَيْ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (مُتَسَاوِيًا كَوَلَدِ الْأُمِّ فَلَهُ السُّدُسُ) بِكُلِّ حَالٍ (وَإِنْ كَانَ) الْخُنْثَى (مُعْتَقًا فَهُوَ عَصَبَةٌ؛) لِأَنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَالْمُعْتَقُ يَخْتَلِفُ إرْثُهُ مِنْ عَتِيقِهِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ (وَإِنْ وِرْثَ) الْخُنْثَى (بِهِمَا) أَيْ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (مُتَفَاضِلًا فَطَرِيقُ الْعَمَلِ: أَنْ تُعْمِلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْخُنْثَى (ذَكَرٌ ثُمَّ) تُعْمِلَ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا (عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، وَيُسَمَّى هَذَا) الْمَذْهَبُ (مَذْهَبَ الْمَنْزِلَيْنِ) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ (ثُمَّ اضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا، أَوْ) اضْرِبْ.
(وَفْقَهَا) أَيْ وَفْقَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى (إنْ اتَّفَقَتَا وَاجْتَزَّ بِأَحَدِهِمَا إنْ تَمَاثَلَتَا، و) اجْتَزَّ (بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَدَاخَلَتَا، ثُمَّ اضْرِبْ الْحَاصِلَ) مِنْ ضَرْبِ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْأُخْرَى، وَاضْرِبْ وَفْقَهَا فِي الْأُخْرَى، أَوْ إحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ أَكْثَرَهُمَا عِنْدَ التَّدَاخُلِ (فِي حَالَيْنِ) فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ (ثُمَّ) تَقْسِمُ فَ (مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ اضْرِبْهُ فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا، أَوْ) اضْرِبْهُ (فِي وَفْقِهَا إنْ تَوَافَقَتَا وَاجْمَعْ مَالَهُ فِيهِمَا إنْ تَمَاثَلَتَا) فَمَا اجْتَمَعَ فَلَهُ (وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَقَلِّ الْعَدَدَيْنِ) الْمُتَدَاخِلَيْنِ (اضْرِبْهُ فِي) مَخْرَجِ (نِسْبَةِ أَقَلِّ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ يُضَافُ إلَى مَالَهُ مِنْ أَكْثَرِهِمَا إنْ ثَبَتَا) فَمَا اجْتَمَعَ فَلَهُ (فَإِنْ كَانَ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَوَلَدُ خُنْثَى) مُشْكِلٍ، وَعَمِلْتَ بِهَذَا الطَّرِيقِ (فَمَسْأَلَةُ ذُكُورِيَّتِهِ مِنْ خَمْسَةٍ) عَدَدِ رُءُوسِ الِابْنَيْنِ وَالْبِنْتِ.
(وَ) مَسْأَلَةُ أُنُوثِيَّتِهِ (مِنْ أَرْبَعَةٍ) عَدَدِ رُءُوسِ الِابْنِ وَالْبِنْتَيْنِ، وَالْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعَةُ مُتَبَايِنَتَانِ (فَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي الْأُخْرَى لِتَبَايُنِهِمَا تَكُنْ عِشْرِينَ؛ ثُمَّ) اضْرِبْ الْعِشْرِينَ (فِي الْحَالَيْنِ، أَيْ فِي اثْنَيْنِ) عَدَدِ حَالِ الذُّكُورَةِ وَحَالِ الْأُنُوثَةِ (تَكُنْ أَرْبَعِينَ) وَمِنْهَا تَصِحُّ (لِلْبِنْتِ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ فِي خَمْسَةٍ) بِخَمْسَةٍ.
(وَ) لَهَا (سَهْمٌ مِنْ خَمْسَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ) بِأَرْبَعَةٍ فَأَعْطِهَا (سَبْعَةً، وَلِلذَّكَرِ سَهْمَانِ) مِنْ أَرْبَعَةٍ (فِي خَمْسَةٍ) بِعَشَرَةٍ.
(وَ) لَهُ (سَهْمَانِ) مِنْ خَمْسَةٍ (فِي أَرْبَعَةٍ) بِثَمَانِيَةٍ يَجْتَمِعُ لَهُ (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) أَعْطِهِ إيَّاهَا (وَلِلْخُنْثَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثَةِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ) وَهِيَ مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ.
(وَ) لَهُ (سَهْمَانِ) مِنْ خَمْسَةٍ (فِي أَرْبَعَةٍ) يَجْتَمِعُ لَهُ (ثَلَاثَةَ عَشَرَ) وَاجْمَعْ السِّهَامَ تَكُنْ أَرْبَعِينَ هَذَا مِثَالُ التَّبَايُنِ (وَمِثَالُ التَّوَافُقِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَوَلَدُ أَبٍ خُنْثَى مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ سِتَّةٍ) لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ، وَلِوَلَدِ الْأَبِ الْبَاقِي (وَمَسْأَلَةُ الْأُنُوثَةِ مِنْ) سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إلَى (ثَمَانِيَةٍ)، لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَ(بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ (مُوَافَقَةٌ بِالْإِنْصَافِ، فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ) اضْرِبْهَا (فِي حَالَيْنِ) أَيْ اثْنَيْنِ (تَكُنْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ) ثُمَّ اقْسِمْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، لِلزَّوْجِ مِنْ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ وَلَهُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَاثْنَانِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَلِلْخُنْثَى وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ (وَمِثَالُ التَّمَاثُلِ زَوْجَةٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى وَعَمٌّ، مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ، وَلِلْخُنْثَى الْبَاقِي سَبْعَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ.
(وَمَسْأَلَةُ الْأُنُوثَةِ كَذَلِكَ) مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ، وَلِلْخُنْثَى أَرْبَعَةٌ، وَلِلْعَمِّ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ (فَاجْتَزَّ بِإِحْدَاهُمَا) لِلتَّمَاثُلِ (ثُمَّ اضْرِبْهَا فِي حَالَيْنِ تَكُنْ سِتَّةَ عَشَرَ) لِلزَّوْجَةِ اثْنَانِ، وَلِلْخُنْثَى أَحَدَ عَشَرَ، وَلِلْعَمِّ ثَلَاثَةٌ (وَمِثَالُ التَّنَاسُبِ أُمٌّ وَبِنْتٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى وَعَمٌّ مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ سِتَّةٍ) مَخْرَجُ السُّدُسِ، لِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَلِلْبِنْتِ وَالْخُنْثَى مَا بَقِيَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا يَنْقَسِمُ، وَلَا يُوَافِقُ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ.
(وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ، وَلِلْخُنْثَى عَشَرَةٌ (وَمَسْأَلَةُ الْأُنُوثَةِ مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْهَا) لِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَلِلْبِنْتِ اثْنَانِ، وَلِلْخُنْثَى اثْنَانِ، وَيَبْقَى لِلْعَمِّ وَاحِدٌ وَالسِّتَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ (فَاجْتَزَّ بِالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ثُمَّ اضْرِبْهَا فِي حَالَيْنِ تَكُنْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ) ثُمَّ اقْسِمْهَا، لِلْأُمِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ وَاحِدٌ مَضْرُوبٌ فِي ثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَخْرَجُ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ السِّتَّةِ إلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ثُلُثٌ فَلَهَا سِتَّةٌ، وَلِلْبِنْتِ مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ خَمْسَةٌ، وَمِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ فَلَهَا أَحَدَ عَشَرَ، وَلِلْخُنْثَى مِنْ مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ عَشَرَةٌ وَمِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْعَمِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلَكَ فِي الْعَمَلِ طَرِيقٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنْ تَنْسُبَ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ الْخُنْثَى وَمَنْ مَعَهُ إلَى التَّرِكَةِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ، ثُمَّ خُذْ لَهُ نِصْفَهُ وَابْسُطْ الْكُسُورَ الَّتِي تَجْتَمِعُ مَعَكَ مِنْ مَخْرَجِ مَجْمَعِهَا يُجْعَلْ الْمَطْلُوبَ فَفِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ: لِلْأُمِّ مِنْ الذُّكُورِيَّةِ السُّدُسُ وَمِنْ الْأُنُوثِيَّةِ السُّدُسُ أَيْضًا، وَمَجْمُوعُهُمَا ثُلُثٌ فَأَعْطِهَا نِصْفَهُ وَهُوَ سُدُسٌ، وَلِلْبِنْتِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ ثُلُثٌ وَمِنْ الذُّكُورِيَّةِ سُدُسٌ وَثُلُثَا سُدُسٍ، يَجْتَمِعُ نِصْفٌ وَثُلُثَا سُدُسٍ أَعْطِهَا نِصْفَهَا رُبْعًا وَثُلُثَ سُدُسٍ، وَلِلْخُنْثَى ثُلُثَانِ وَتُسْعَانِ فِي الْحَالَيْنِ وَنِصْفُهَا ثُلُثٌ وَتُسْعٌ، وَلِلْعَمِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ السُّدُسُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الذُّكُورِيَّةِ فَأَعْطِهِ نِصْفَهُ وَمَخْرَجُ الْكُسُورِ الْمُتَحَصِّلَةِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَبَسْطُهَا مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَمَلِ الْأَوَّلِ.
(وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ نَزَّلْتَهُمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ فَتَجْعَلَ لِلْأُنْثَيَيْنِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ وَلِلثَّلَاثَةِ ثَمَانِيَةَ) أَحْوَالٍ (وَلِلْأَرْبَعَةِ سِتَّةَ عَشَرَ) حَالًا (وَلِلْخَمْسَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ) حَالًا، وَاجْعَلْ لِكُلِّ حَالٍ مَسْأَلَةً وَانْظُرْ بَيْنَهَا وَحَصِّلْ أَقَلَّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِانْكِسَارِ عَلَى فَرْقٍ (فَمَا بَلَغَ مِنْ ضَرْبِ الْمَسَائِلِ) بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ مَعَ اعْتِبَارِ الْمُوَافَقَةِ وَالتَّنَاسُبِ وَالتَّمَاثُلِ إنْ كَانَ (اضْرِبْهُ فِي عَدَدِ أَحْوَالِهِمْ، وَاجْمَعْ مَا حَصَلَ لَهُمْ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ قَبْلَ الضَّرْبِ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ هَذَا إنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ).
كَابْنٍ وَوَلَدَيْنِ خُنْثَيَيْنِ فَلَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ، حَالِ ذُكُورِيَّةٍ وَهِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَحَالِ أُنُوثِيَّةٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَحَالِ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى، وَحَالِ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى أَيْضًا مِنْ خَمْسَةٍ خَمْسَة فَتَضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةٍ وَالْحَاصِلَ فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغْ سِتِّينَ وَتُسْقِطْ الْخَمْسَةَ الثَّانِيَةَ لِلتَّمَاثُلِ، ثُمَّ اضْرِبْ السِّتِّينَ فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ أَرْبَعَةٍ تَبْلُغْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، لِلِابْنِ فِي الذُّكُورِيَّةِ ثُلُثُ السِّتِّينَ عِشْرُونَ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْأُنُوثِيَّةِ نِصْفُهَا ثَلَاثُونَ.
وَفِي مَسْأَلَتَيْ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى خُمُسَانِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ يَجْتَمِعُ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ، وَلِلْخُنْثَيَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الذُّكُورِيَّةِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعُونَ وَفِي الْأُنُوثَةِ نِصْفُهَا ثَلَاثُونَ، وَفِي مَسْأَلَتَيْ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، فَمَجْمُوعُ مَا لَهُمَا مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ لِكُلِّ خُنْثَى أَحَدٌ وَسَبْعُونَ.
(وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْخَنَاثَى (مِنْ جِهَاتٍ) أَيْ مِنْ جِهَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (جَمَعْتَ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ (مِنْ الْأَحْوَالِ وَقَسَمْتَهُ عَلَى عَدَدِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، فَالْخَارِجُ بِالْقَسْمِ نَصِيبُهُ) نَحْوَ وَلَدِ خُنْثَى وَوَلَدِ أَخٍ خُنْثَى وَعَمٍّ.
فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْأَخِ ذَكَرَيْنِ فَالْمَالُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ كَانَا أُنْثَيَيْنِ فَلِلْوَلَدِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَوَلَدُ الْأَخِ أُنْثَى فَالْمَالُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأَخِ ذَكَرًا وَالْوَلَدُ أُنْثَى كَانَ لِلْوَلَدِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَخِ فَالْمَسْأَلَةُ فِي حَالَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ وَفِي حَالَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ فَتَكْتَفِي بِاثْنَيْنِ وَتَضْرِبُهَا فِي عَدَدِ الْأَحْوَالِ أَرْبَعَةٍ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَمِنْهَا تَصِحُّ، لِلْوَلَدِ الْمَالُ فِي حَالَيْنِ وَالنِّصْفُ فِي حَالَيْنِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ اقْسِمْهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ عَدَدِ الْأَحْوَالِ يَخْرُجْ لَهُ سِتَّةٌ، وَلِوَلَدِ الْأَخِ أَرْبَعَةٌ فِي حَالٍ فَقَطْ فَاقْسِمْهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ يَخْرُجْ لَهُ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ الْعَمُّ.
(وَلَوْ صَالَحَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ مَنْ مَعَهُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (عَلَى مَا وُقِفَ لَهُ صَحَّ) الصُّلْحُ (إنْ كَانَ) الصُّلْحُ (بَعْدَ بُلُوغِهِ) وَرُشْدِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَنْ جَائِزُ التَّصَرُّفِ.
(قَالَ الْمُوَفَّقُ) فِي الْمُغْنِي: (وَجَدْنَا فِي عَصْرِنَا) شَيْئًا شَبِيهًا بِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْفَرْضِيُّونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا بِهِ، فَإِنَّا وَجَدْنَا (شَخْصَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا فِي قُبُلِهِمَا مَخْرَجٌ لَا ذَكَرٌ وَلَا فَرْجٌ) أَمَّا (أَحَدُهُمَا) فَذَكَرُوا أَنَّهُ (لَيْسَ لَهُ فِي قُبُلِهِ إلَّا لَحْمَةٌ كَالزُّبْرَةِ يَرْشَحُ الْبَوْلُ مِنْهَا) رَشْحًا (عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ إلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ مِنْهُ يَتَغَوَّطُ وَمِنْهُ يَبُولُ) وَسَأَلْتُ مَنْ أَخْبَرَنِي عَنْهُ عَنْ زِيِّهِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ إنَّمَا يَلْبَسُ لِبَاسَ النِّسَاءِ وَيُخَالِطُهُنَّ وَيَغْزِلُ مَعَهُنَّ وَيَعُدُّ نَفْسَهُ امْرَأَةً.
(وَقَالَ: وَحُدِّثْتُ أَنَّ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ شَخْصًا لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ أَصْلًا لَا قُبُلٌ وَلَا دُبُرٌ، وَإِنَّمَا يَتَقَيَّأُ مَا يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ قَالَ: فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي مَعْنَى الْخُنْثَى، لَكِنَّهُ لَا يَكُونُ اعْتِبَارُهُ بِمَبَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَامَةٌ أُخْرَى فَهُوَ مُشْكِلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حُكْمُهُ فِي مِيرَاثِهِ وَأَحْكَامِهِ كُلِّهَا).

.(بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى):

(وَمَنْ غَمَى أَيْ خَفَى مَوْتُهُمْ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا، كَالْهَدْمَى وَالْغَرْقَى جَمْعُ غَرِيقٍ (إذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) بِأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِمَا بَيْتٌ وَنَحْوُهُ (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَطَاعُونٍ (وَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا أَوْ عُلِمَ) أَوَّلُهُمَا مَوْتًا (ثُمَّ نُسِيَ أَوْ جَهِلُوا عَيْنَهُ) بِأَنْ عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَ السَّابِقُ، أَوْ جُهِلَ الْحَالُ (وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي السَّابِقِ) بِأَنْ لَمْ يَدَّعِ وَرَثَةُ كُلٍّ سَبْقَ مَوْتِ الْآخَرِ (وَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْتَى صَاحِبَهُ) هَذَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ عَامَ عَمَوَاسَ فَجَعَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ يَمُوتُونَ عَنْ آخِرِهِمْ، فَكُتِبَ فِي ذَلِكَ إلَى عُمَرَ، فَأَمَرَ عُمَرُ: أَنْ وَرِّثُوا بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَالَ أَحْمَدُ: أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ.
وَرُوِيَ عَنْ إيَاسٍ الْمُزَنِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُئِلَ عَنْ قَوْمٍ وَقَعَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ؟ فَقَالَ: يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» مِنْ (تِلَادِ مَالِهِ) وَالتِّلَادُ بِكَسْرِ التَّاءِ: الْقَدِيمُ ضِدُّ الطَّارِئِ وَهُوَ الْحَادِثُ، أَيْ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ (دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ) مَعَهُ؛ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الدَّوْرُ (فَيُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا مَاتَ أَوَّلًا، فَيُوَرَّثُ الْآخَرُ مِنْهُ، ثُمَّ يُقْسَمُ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ عَلَى الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ، ثُمَّ يَصْنَعُ بِالثَّانِي كَذَلِكَ فَإِذَا غَرَق أَخَوَانِ) وَلَمْ يُعْلَمْ الْحَالُ (أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيْدٍ، وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو، صَارَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَى الْآخَرِ).
وَفِي زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَابْنِهِمَا غَرِقُوا وَنَحْوِهِ وَخَلَّفَ امْرَأَةً أُخْرَى وَأُمًّا وَخَلَّفَتْ ابْنًا مِنْ غَيْرِهِ وَأُمًّا، فَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ، لِزَوْجَتِهِ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثَةٌ وَمَسْأَلَتُهَا مِنْ سِتَّةٍ، لِأَبِيهَا السُّدُسُ وَلِابْنِهَا الْحَيِّ الْبَاقِي تُرَدُّ مَسْأَلَتُهَا إلَى وَفْقِ سِهَامِهَا بِالثُّلُثِ اثْنَيْنِ، وَلِابْنِهِ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ لِأُمِّ أَبِيهِ سُدُسٌ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ وَلِعَصَبَتِهِ الْبَاقِي فَمَسْأَلَتُهُ مِنْ سِتَّةٍ تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالنِّصْفِ فَرُدَّهَا لِثَلَاثَةٍ وَاضْرِبْهَا فِي اثْنَيْنِ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ، ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ تَكُنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ.
وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا سِتَّةٌ تُقْسَمُ عَلَى بَاقِي وَرَثَتِهِ فَمَسْأَلَتُهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، لِزَوْجَتِهِ رُبْعُهَا، وَلِأُمِّهِ ثُلُثُهَا وَالْبَاقِي لِعَصَبَتِهِ فَرُدَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى سُدُسِهَا اثْنَيْنِ لِلْمُوَافَقَةِ وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْهَا مِنْ سِتَّةٍ لِجَدَّتِهِ سُدُسٌ وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ وَلِعَصَبَتِهِ الْبَاقِي وَسِهَامُهُ سَبْعَةٌ تُبَايِنُ السِّتَّةَ، وَدَخَلَ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَتِهِ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأُمِّهِ سَهْمٌ وَلِأَبِيهِ سَهْمَانِ، فَمَسْأَلَةُ أُمِّهِ مِنْ سِتَّةٍ وَلَا مُوَافَقَةَ، وَمَسْأَلَةُ أَبِيهِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالنِّصْفِ فَرُدَّهَا إلَى سِتَّةٍ وَهِيَ مُمَاثِلَةٌ لِمَسْأَلَةِ الْأُمِّ فَاجْتَزَّ بِسِتَّةٍ وَاضْرِبْهَا فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِوَرَثَةِ الْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِوَرَثَةِ الْأَبِ اثْنَا عَشَرَ.
(وَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ مَيِّتَيْنِ بِغَرَقٍ وَنَحْوِهِ (وَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فِيهِ) بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ تَأَخُّرَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (أَوْ كَانَتْ) لَهُمَا بَيِّنَتَانِ (وَتَعَارَضَتْ) الْبَيِّنَتَانِ (تَحَالَفَا) أَيْ حَلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَنْكَرَ مِنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ لِعُمُومِ حَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (وَلَمْ يَتَوَارَثَا) لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ، وَهُوَ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَإِنَّمَا خُولِفَ فِيمَا سَبَقَ لِمَا تَقَدَّمَ.
(كَمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ وَقَالَ أَخُوهَا): بَلْ (مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ) أَيْ وَرِثَتْ مِنْهُ (ثُمَّ مَاتَتْ) بَعْدَهُ (فَوَرِثْنَاهَا) أَيْ وَرِثَهَا أَخُوهَا الْمُدَّعِي وَزَوْجُهَا حَلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُهَا، (وَكَانَ مِيرَاثُ الِابْنِ لِأَبِيهِ) عَمَلًا بِالْيَقِينِ.
(وَ) كَانَ (مِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ) لِلزَّوْجِ نِصْفُهُ فَرْضًا، وَالْبَاقِي لِأَخِيهَا تَعْصِيبًا وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَدَاعٍ.
(وَلَوْ عَيَّنَ الْوَرَثَةُ مَوْتَ أَحَدِهِمَا) بِأَنْ قَالُوا: مَاتَ فُلَانٌ يَوْمَ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا عِنْدَ الزَّوَالِ (وَشَكُّوا: هَلْ مَاتَ الْآخَرُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ وَرِثَ مَنْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ مِنْ) الْمَيِّتِ الْآخَرِ الَّذِي عَيَّنُوا مَوْتَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاتِهِ.
(وَلَوْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُمَا) أَيْ الْمُتَوَارِثَيْنِ (مَعًا، لَمْ يَتَوَارَثَا) بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِرْثِ حَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَلَوْ مَاتَ أَخَوَانِ) أَوْ نَحْوُهُمَا (عِنْدَ الزَّوَالِ، أَوْ) مَاتَا عِنْدَ (الطُّلُوعِ) أَيْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ أَوْ الْفَجْرِ (أَوْ الْغُرُوبِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَخَوَيْنِ (بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ وَرِثَ الَّذِي مَاتَ بِالْمَغْرِبِ مِنْ الَّذِي مَاتَ بِالْمَشْرِقِ) حَيْثُ، لَا حَاجِبَ وَلَا مَانِعَ (لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ وَغَيْرَهَا تَزُولُ وَتَطْلُعُ وَتَغْرُبُ فِي الْمَشْرِقِ قَبْلَ) زَوَالِهَا وَطُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا فِي الْمَغْرِبِ قُلْتُ: وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَظْهَرُ بِالْمَشْرِقِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَإِلَّا فَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ الزَّوَالَ فِي الدُّنْيَا وَاحِدٌ وَهَذَا وَاضِحٌ.

.(بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ):

جَمْعُ مِلَّةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ قَالَ تَعَالَى {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} وَقَالَ {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وَاخْتِلَافُ الدِّينِ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ فَ (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ الْكَافِرُ) لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا «لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(إلَّا بِالْوَلَاءِ) فَيَرِثُ الْمُسْلِمُ عَتِيقَهُ الْكَافِرَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَابِرٍ، لِأَنَّ وَلَاءَهُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ، فَوَرِثَهُ بِهِ كَمَا يَرِثُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ (وَلَا) يَرِثُ (الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ إلَّا بِالْوَلَاءِ) فَيَرِثُ الْكَافِرُ عَتِيقَهُ الْمُسْلِمَ بِالْوَلَاءِ قِيَاسًا عَلَى عَكْسِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ يُسْلِمَ) الْكَافِرُ (قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِ قَرِيبٍ مُسْلِمٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ».
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ قَتَادَةَ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّ إنْسَانًا مِنْ أَهْلِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَوَرِثَتْهُ أُخْتِي دُونِي وَكَانَتْ عَلَى دِينِهِ ثُمَّ إنَّ جَدِّي أَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا فَتُوُفِّيَ، فَلَبِثْتُ سَنَةً وَكَانَ تَرَكَ مِيرَاثًا ثُمَّ إنَّ أُخْتِي أَسْلَمَتْ فَخَاصَمَتْنِي فِي الْمِيرَاثِ إلَى عُثْمَانَ، فَحَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَلَهُ نَصِيبُهُ فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ فَذَهَبَتْ بِذَلِكَ الْأَوَّلِ وَشَارَكَتْنِي فِي هَذَا، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ انْتَشَرَتْ وَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ التَّرْغِيبُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ) كَانَ الَّذِي أَسْلَمَ (مُرْتَدًّا) عِنْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (أَوْ) كَانَ الْوَارِثُ (زَوْجَةً) وَأَسْلَمَتْ (فِي عِدَّةٍ) قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ وَ(لَا) يَرِثُ إنْ كَانَ (زَوْجًا) وَأَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجَتِهِ لِانْقِطَاعِ عُلَقِ النِّكَاحِ عَنْهُ بِمَوْتِهَا بِخِلَافِهَا.
(وَلَا) يَرِثُ إنْ كَانَ (قِنًّا) وَ(عَتَقَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ مَوْتِ قَرِيبِهِ) مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ أُمٍّ وَنَحْوِهِمْ (أَوْ) عَتَقَ (مَعَ مَوْتِهِ كَتَعْلِيقِهِ الْعِتْقَ عَلَى ذَلِكَ) بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: إذَا مَاتَ أَبُوكَ أَوْ نَحْوُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ.
وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ لَمْ تُقْسَمْ بِخِلَافِ مَنْ أَسْلَمَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرَبِ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّأْلِيفِ عَلَيْهِ، فَوَرَدَ الشَّرْعُ بِتَأْلِيفِهِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْعِتْقُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ وَلَوْلَا مَا وَرَدَ مِنْ الْأَثَرِ فِي تَوْرِيثِ مَنْ أَسْلَمَ لَكَانَ النَّظَرُ أَنْ لَا يَرِثَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ حِينَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَرَثَةِ فَيَسْتَحِقُّونَهُ، فَلَا يَبْقَى لِمَنْ حَدَثَ شَيْءٌ لَكِنْ خَالَفْنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ لِلْأَثَرِ وَلَيْسَ فِي الْعِتْقِ أَثَرٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ (أَوْ دَبَّرَ ابْنَ عَمِّهِ ثُمَّ مَاتَ) وَخَرَجَ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَلَمْ يَرِثْ وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ فِي آخِرِ حَيَاتِي عَتَقَ وَوَرِثَ) لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ كَانَ حُرًّا (وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَمَتَى تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَاحْتَازَهَا فَهُوَ كَقَسْمِهَا) بِحَيْثُ لَوْ أَسْلَمَ قَرِيبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُشَارِكْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَاقْتَسَمُوا (وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ بَعْضِ الْمَالِ وَرِثَ) مَنْ أَسْلَمَ (مِمَّا بَقِيَ) دُونَ مَا قُسِمَ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إنْ اتَّحَدَتْ مِلَّتُهُمْ وَهُمْ مِلَلٌ شَتَّى مُخْتَلِفَةٌ، فَلَا يَرِثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَالْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِلَّةٌ وَالْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةٌ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةٌ وَعَبَدَةُ الشَّمْسِ مِلَّةٌ.
وَهَكَذَا، فَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَالَ الْقَاضِي: الْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِلَّةٌ وَمَنْ عَدَاهُمَا مِلَّةٌ (وَيَرِثُ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَرِثُ الْحَرْبِيُّ الذِّمِّيَّ (وَ) يَرِثُ (حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنًا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَرِثُ الْمُسْتَأْمَنُ الْحَرْبِيَّ (وَ) يَرِثُ (ذِمِّيٌّ مُسْتَأْمَنًا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَرِثُ الْمُسْتَأْمَنُ الذِّمِّيَّ (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ، فَاخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ لَيْسَ بِمَانِعٍ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ مِنْ النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَوْرِيثَهُمْ وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمْ قِيَاسٌ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا.
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ وَضَبْطُ التَّوْرِيثِ بِالْمِلَّةِ وَالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ (وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا) مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ دِينٍ مِنْ الْأَدْيَانِ (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) الْمُرْتَدُّ (قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ) فَيَرِثَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَرِثُهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُمْ فِي حُكْمِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّدَّةِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُرْتَدُّ وَلَوْ أُنْثَى (فِي رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ) يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَلَيْسَ وَارِثًا كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ جِهَةٌ وَمَصْلَحَةٌ (وَالزِّنْدِيقُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُسَمَّى مُنَافِقًا فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمُرْتَدٍّ) وَ(لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ) ظَاهِرًا (وَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ) وَالنِّفَاقُ اسْمٌ إسْلَامِيٌّ لَمْ تَعْرِفْهُ الْعَرَبُ بِالْمَعْنَى الْمَخْصُوصِ بِهِ، وَهُوَ سَتْرُ الْكُفْرِ وَإِظْهَارُ الْإِيمَانِ.
وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ مَعْرُوفًا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّافِقَاءِ، أَوْ مِنْ النَّفَقِ وَهُوَ السَّرَبُ الَّذِي يُسْتَتَرُ فِيهِ (وَمِثْلُهُ مُرْتَكِبُ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ كَجَهْمِيٍّ) وَاحِدِ الْجَهْمِيَّةِ وَهُمْ أَتْبَاعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ الْقَائِلِ بِالتَّعْطِيلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشَبِّهَةِ وَنَحْوِهِمْ فَمَنْ لَمْ يَتُبْ لَا يَرِثْ وَلَا يُورَثْ.