فصل: (فَصْلٌ): استحبابُ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ إلَى الْقِبْلَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ): استحبابُ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ إلَى الْقِبْلَةِ:

(يُسَنُّ تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ إلَى الْقِبْلَةِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ضَحَّى وَجَّهَ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَقَالَ: {وَجَّهْتُ وَجْهِي}» الْآيَتَيْنِ.
(وَ) يُسَنُّ (كَوْنُ الْمَذْبُوحِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَرِفْقِهِ بِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْآلَةِ بِقُوَّةٍ وَإِسْرَاعِ الْقَطْعِ) لِحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلْيَحُدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَيُكْرَهُ) تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ (إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ) كَالْأَذَانِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قُرْبَةً كَالْأُضْحِيَّةِ.
(وَ) يُكْرَهُ (آلَةٌ كَالَّةٌ) لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ.
(وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يَحُدَّ السِّكِّينَ وَالْحَيَوَانُ يُبْصِرُهُ أَوْ يَذْبَحُ شَاةً وَأُخْرَى تَنْظُرُ إلَيْهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ تُحَدَّ الشِّفَارُ وَأَنْ تَوَارَى عَنْ الْبَهَائِمِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَيُكْرَهُ كَسْرُ عُنُقِ الْمَذْبُوحِ) حَتَّى تَزْهَقَ نَفْسَهُ (وَ) يُكْرَهُ (سَلْخُهُ وَقَطْعُ عُضْوٍ مِنْهُ وَنَتْفُ رِيشِهِ حَتَّى تَزْهَقَ نَفْسُهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى بِكَلِمَاتٍ مِنْهَا لَا تُعَجِّلُوا الْأَنْفُسَ إلَى أَنْ تَزْهَقَ وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» وَيُقَالُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَكَسْرُ الْعُنُقِ إعْجَالٌ لِزُهُوقِ الرُّوحِ فِي مَعْنَاهُ السَّلْخُ وَنَحْوُهُ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ كَسَرَ عُنُقَهُ أَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ وَنَحْوَهُ قَبْلَ زُهُوقِ نَفْسِهِ (أَسَاءَ وَأُكِلَتْ) لِأَنَّ الذَّكَاةَ تَمَّتْ بِالذَّبْحِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٌ.
(وَيُكْرَهُ نَفْخُ اللَّحْمِ نَصًّا قَالَ الْمُوَفَّقُ: مُرَادُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ اللَّحْمُ (الَّذِي لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ غِشٌّ) بِخِلَافِ مَا يَذْبَحُهُ لِنَفْسِهِ وَيَنْفُخُهُ لِسُهُولَةِ السَّلْخِ.
(وَإِنْ ذَبَحَهُ فَغَرِقَ الْمَذْبُوحُ فِي مَاءٍ) يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ (أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ لَمْ يَحِلَّ) لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الصَّيْدِ «وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ فَلَا تُؤْكَلُ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ يُعِينُ عَلَى زُهُوقِ الرُّوحِ فَيَحْصُلُ الزُّهُوقُ مِنْ سَبَبِ مُبِيحٍ وَمُحَرَّمٍ فَيُغَلَّبُ التَّحْرِيمُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ كَطَيْرِ الْمَاءِ يَقَعُ فِيهِ أَوْ طَيْرٍ وَقَعَ بِالْأَرْضِ لَمْ يَحْرُمْ (وَعَنْهُ يَحِلُّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ) وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ أَنَّهَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لِحُصُولِ ذَبْحِهِ وَحُصُولِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالذَّبْحِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مَا أَصَابَهُ لِحُصُولِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحِلِّهِ قُلْتُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ فِي كَسْرِ عُنُقِهِ.
(وَإِنْ ذَبَحَ كِتَابِيٌّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ يَقِينًا كَذِي الظُّفْرِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالنَّعَامُ وَالْبَطُّ وَمَا لَيْسَ بِمَشْقُوقِ الْأَصَابِعِ) لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا لِأَنَّ قَصْدَهُ لِحِلِّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (أَوْ) ذَبَحَ كِتَابِيٌّ (مَا زَعَمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدنَا تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ كَحَالِ الرِّئَةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَذَبَحَ مَا يَحِلَّ لَنَا أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ (وَمَعْنَاهُ) أَيْ حَالِ الرِّئَةِ (أَنَّ الْيَهُودَ إذَا وَجَدُوا الرِّئَةَ لَاصِقَةً بِالْأَضْلَاعِ امْتَنَعُوا مِنْ أَكْلِهَا زَاعِمِينَ تَحْرِيمَهَا وَيُسَمُّونَهَا اللَّازِقَةَ وَإِنْ وَجَدُوهَا غَيْرَ لَاصِقَةٍ أَكَلُوهَا وَإِنْ ذَبَحَ) الْكِتَابِيُّ (حَيَوَانًا غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ (مِمَّا يَحِلُّ لَهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ وَهِيَ شَحْمُ الثَّرْبِ) بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ وَالْأَمْعَاءِ وَشَحْمِ الْكُلْيَتَيْنِ) وَاحِدُهَا كُلْوَةٌ وَكُلْيَةٌ بِضَمِّ الْكَافِ فِيهِمَا وَالْجَمْعُ كُلُيَاتٌ وَكُلًى (وَلَنَا) مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ.
(أَنْ نَتَمَلَّكَهَا) أَيْ الشُّحُومَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِمْ (مِنْهُمْ بِمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ قَالَ «أَصَبْتُ مِنْ الشُّحُومِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ فَقُلْتُ: لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا شَيْئًا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَسِّمًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا ذَكَاةٌ أَبَاحَتْ اللَّحْمَ فَأَبَاحَتْ الشَّحْمَ كَذَكَاةِ الْمُسْلِمِ وَكَذَبْحِ حَنَفِيِّ حَيَوَانًا فَتَبَيَّنَ حَامِلًا وَكَذَبْحِ مَالِكِيِّ فَرَسًا مُسَمِّيًا عَلَيْهَا (وَالْأَوْلَى تَرْكُهَا) أَيْ الشُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِمْ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ كَأَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَالْقَاضِي (وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ) وَلَا لِغَيْرِهِ (أَنْ يُطْعِمَهُمْ) أَيْ الْيَهُودَ (شَحْمًا مِنْ ذَبْحِنَا نَصًّا لِبَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ) فِي مِلَّتِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الْآيَة وَشَرْعُنَا وَإِنْ نَسَخَ شَرْعَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ نُعَامِلُهُمْ بِأَحْكَامِ مِلَّتِهِمْ مَا دَامُوا عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} الْآيَة وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُنَا لَهُمْ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا.
(وَإِنْ ذَبَحَ) الْكِتَابِيُّ (لِعَبْدِهِ أَوْ لِكَنِيسَتِهِ أَوْ) ذَبَحَ (الْمَجُوسِيُّ لِآلِهَتِهِ أَوْ لِلزُّهْرَةِ أَوْ لِلْكَوَاكِبِ فَإِنْ ذَبَحَهُ مُسْلِمٌ مُسَمِّيًا فَمُبَاحٌ) لِأَهْلِيَّةِ الْمُذَكِّي (وَإِنْ ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ وَسَمَّى اللَّهَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ اسْمِهِ حَلَّ) لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ طَعَامِهِمْ فَدَخَلَ فِي عُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ الذَّكَاةَ وَهُوَ مِمَّنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ (وَكُرِهَ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ لِلْخِلَافِ (وَعَنْهُ: يَحْرُمُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ) لِأَنَّهُ أَهَلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا أَوْ ذَكَرَ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ مَعَهُ أَوْ مُنْفَرِدًا لَمْ يَحِلَّ.
(وَلَا تُؤْكَلُ الْمَصْبُورَةُ وَلَا الْمُجَثَّمَةُ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُجَثَّمَةِ وَعَنْ أَكْلِهَا وَعَنْ الْمَصْبُورَةِ وَعَنْ أَكْلِهَا» (وَهِيَ) أَيْ الْمُجَثَّمَةُ (الطَّائِرُ أَوْ الْأَرْنَبُ يُجْعَلُ غَرَضًا يُرْمَى) بِالسِّهَامِ (حَتَّى يُقْتَلَ) فَلَا يَحِلُّ لِعَدَمِ الذَّكَاةِ (وَلَكِنْ يُذْبَحُ ثُمَّ يَرْمُوا إنْ شَاءُوا وَالْمَصْبُورَةُ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّ الْمُجَثَّمَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الطَّائِرِ أَوْ الْأَرْنَبِ وَأَشْبَاهِهَا وَالْمَصْبُورَةُ كُلُّ حَيَوَانٍ يُحْبَسُ لِلْقَتْلِ) أَيْ يُحْبَسُ ثُمَّ يُرْمَى حَتَّى يُقْتَلَ.
(وَمَنْ ذَبَحَ حَيَوَانًا فَوَجَدَ فِي بَطْنِهِ جَرَادًا أَوْ) وَجَدَ (سَمَكَةً فِي حَوْصَلَةِ طَائِرٍ) أَوْ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ (أَوْ) وَجَدَ (حَبًّا فِي بَعْرِ جَمَلٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُؤْكَلُ (لَمْ يَحْرُمْ) لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وُجِدَ فِي مَحَلِّ طَاهِرٍ فَلَمْ يَحْرُمْ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مُلْقًى (وَكُرِهَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ لِأَنَّهُ رَجِيعٌ (وَيَحْرُمُ بَوْلٌ وَرَوْثٌ طَاهِرَانِ وَتَقَدَّمَ أَوَّلُ) كِتَابِ (الْأَطْعِمَةِ) لِأَنَّهُ رَجِيعٌ مُسْتَخْبَثٌ.
(وَيَحِلُّ مَذْبُوحٌ مَنْبُوذٌ) أَيْ مُلْقًى (بِمَوْضِعٍ يَحِلُّ ذَبْحُ أَكْثَرِ أَهْلِهِ وَلَوْ جُهِلَتْ تَسْمِيَةُ الذَّابِحِ) لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْوُقُوفُ عَلَى كُلِّ ذَبْحٍ وَعَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عَائِشَةَ (وَإِسْمَاعِيلَ) بْنِ إبْرَاهِيمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ (الذَّبِيحُ عَلَى الصَّحِيحِ) لَا إِسْحَاقَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْآيَة وَتَشْهَدُ بِهِ الْأَخْبَارُ.

.(كتابُ الصَّيْدِ):

(وَهُوَ) فِي الْأَصْلِ (مَصْدَرُ) صَادَ يَصِيدُ فَهُوَ صَائِدٌ ثُمَّ أُطْلِقَ (بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ) أَيْ الْمَصِيدُ لِتَسْمِيَتِهِ لِلْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ (وَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ (اقْتِنَاصُ حَيَوَانٍ حَلَالٍ مُتَوَحِّشٍ طَبْعًا غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَيْهِ) وَالصَّيْدُ حَيَوَانٌ مُقْتَنَصٌ حَلَالٌ مُتَوَحِّشٌ طَبْعًا غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَلَا مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَخَرَجَ الْحَرَامُ كَالذِّئْبِ وَالْإِنْسِيِّ كَالْإِبِلِ وَلَوْ تَوَحَّشَتْ، وَالْمَأْكُولُ وَالْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لِكَسْرِ شَيْءٍ مِنْهُ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (مُبَاحٌ لِقَاصِدِهِ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وَقَوْلِهِ {قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الْآيَةُ وَالسُّنَّةُ شَهِيرَةٌ بِذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيُكْرَهُ) الصَّيْدُ (لَهْوًا) لِأَنَّهُ عَبَثٌ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الصَّيْدِ (ظُلْمُ النَّاسِ بِالْعُدْوَانِ عَلَى زُرُوعِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَ) هُوَ (حَرَامٌ) لِأَنَّ الْوَسَائِلَ لَهَا أَحْكَامُ الْمَقَاصِدِ (وَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (أَفْضَلُ مَأْكُولٍ) لِأَنَّهُ حَلَالٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ.
(وَالزِّرَاعَةُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ) لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ مِنْ غَيْرِهَا وَأَقْرَبُ لِلْحِلِّ وَفِيهَا عَمَلُ الْيَدِ وَالنَّفْعُ الْعَامُّ لِلْآدَمِيِّ وَالدَّوَابِّ وَلَا بُدَّ أَنْ يُؤْكَلَ عَادَةً مِنْ الزَّرْعِ بِلَا عِوَضٍ (وَقِيلَ: عَمَلُ الْيَدِ) قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ وَذَكَرَ الْمَطَاعِمَ يُفَضِّلُ عَمَلَ الْيَدِ انْتَهَى لِحَدِيثِ «أَفْضَلُ الْكَسْبِ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ مَبِيعٍ مَبْرُورٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَمَعْنَى مَبْرُورٍ لَا غِشَّ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ الْمِقْدَامِ مَرْفُوعًا «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُد كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ».
(وَقِيلَ) أَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ (التِّجَارَةُ) قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَفْضَلُ الْمَعَاشِ التِّجَارَةُ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ مِنْ حَدِيثِ أَحْمَدَ وَإِنْ جَعَلْتَ الْكَلَامَ عَلَى مَعْنَى مِنْ أَفْضَلَ فَلَا تَعَارُضَ أَوْ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (فِي بِزٍّ وَعِطْرٍ وَزَرْعٍ وَغَرْسٍ وَمَاشِيَةٍ) لِبُعْدِهَا مِنْ الشُّبْهَةِ وَالْكَذِبِ (وَأَبْغَضُهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (فِي رَقِيقٍ وَصَرْفٍ) لِلشُّبْهَةِ (وَيُسَنُّ التَّكَسُّبُ وَمَعْرِفَةُ أَحْكَامِهِ حَتَّى مَعَ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} وَيُرْشِد إلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَالطَّيْرِ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَعُودُ بِطَانًا» وَالْأَخْذُ فِي الْأَسْبَابِ مِنْ التَّوَكُّلِ فَلَا يُعْتَقَدُ أَنَّ الرِّزْقَ مِنْ الْكَسْبِ بَلْ مِنْ اللَّهِ بِوَاسِطَةٍ.
(وَقَالَ) صَاحِبُ الرِّعَايَةِ (أَيْضًا فِيهَا يُبَاحُ كَسْبُ الْحَلَالِ لِزِيَادَةِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالتَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ وَالْعِرْضِ وَالْمُرُوءَةِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ) لِأَنَّهُ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ إذَنْ (وَيَجِبُ) التَّكَسُّبُ (عَلَى مَنْ لَا قُوتَ لَهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ) لِحِفْظِ نَفْسِهِ قُلْتُ وَكَذَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَاجِبٌ لِأَدَائِهِ (وَيُقَدَّمُ الْكَسْبَ لِعِيَالِهِ عَلَى كُلِّ نَفْلٍ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّطَوُّعِ.
(وَيُكْرَهُ تَرْكه) أَيْ التَّكَسُّبِ (وَالِاتِّكَالِ عَلَى النَّاسِ قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ أَرَ مِثْلَ الْغِنَى عَنْ النَّاسِ.
وَقَالَ فِي قَوْمٍ لَا يَعْمَلُونَ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ مُتَوَكِّلُونَ هَؤُلَاءِ مُبْتَدِعَةٌ) لِتَعْطِيلِهِمْ الْأَسْبَابَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: الْكَسْبُ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّكَاثُرُ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّوَسُّلُ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ أَوْ التَّعَفُّفِ عَنْ وُجُوهِ النَّاسِ فَهُوَ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ وَمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّفَرُّغِ إلَى طَلَبِ الْعِبَادَةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنَافِعِ النَّاسِ وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ.
(وَأَفْضَلُ الصَّنَائِعِ خِيَاطَةٌ وَكُلُّ مَا نَصَحَ فِيهِ فَهُوَ حَسَنٌ نَصًّا) قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يَجِبُ النُّصْحُ فِي الْمُعَامَلَةِ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا وَتَرْكُ الْغِشِّ (وَأَدْنَاهَا) أَيْ الصَّنَائِعِ (حِيَاكَةٌ وَحِجَامَةٌ وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً صَبْغٌ وَصِيَاغَةٌ وَحِدَادَةٌ وَنَحْوُهَا وَيُكْرَهُ كَسْبُهُمْ) لِلْخَبَرِ فِي الْحِجَامَةِ وَقِيَاسِ الْبَاقِي عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا.
(وَ) يُكْرَهُ (كَسْبُ الْجَزَّارِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةُ قَلْبِهِ وَ) يُكْرَهُ كَسْبُ (مَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَاتِ وَالْفَاصِدَ وَالْمُزَيِّنَ وَالْجَرَائِحِيَّ وَالْخَتَّان وَنَحْوهُمْ مِمَّنْ صَنْعَتُهُ دَنِيئَةٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى الْحِجَامَةِ.
(قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ مَعَ إمْكَانِ أَصْلَح مِنْهَا.
وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُحْتَاجًا إلَى هَذَا الْكَسْبِ لَيْسَ لَهُ مَا يُغْنِيهِ عَنْهُ إلَّا الْمَسْأَلَةُ لِلنَّاسِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَسْبٌ فِيهِ دَنَاءَةٌ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ انْتَهَى قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ: أَنَّ الصَّنَائِعَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ ذِي صِنَاعَةٍ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الْقِيَامَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ طَاعَةً وَيُثَابُ عَلَيْهَا لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَيُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ) أَيْ الزَّرْعُ (وَاِتِّخَاذُ الْغَنَمِ) لِلْخَبَرِ.
(وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ) بِأَنْ صَارَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ (مَلَكَهُ) الْمُثْبِتُ لَهُ لِحِيَازَتِهِ لَهُ (ثُمَّ إنْ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَتْ رَمْيَةُ الْأَوَّلِ مُوحِيَةً بِأَنْ نَحَرَتْهُ أَوْ ذَبَحَتْهُ أَوْ وَقَعَتْ فِي حُلْقُومِهِ أَوْ قَلْبِهِ وَجِرَاحَةُ الثَّانِي غَيْرُ مُوحِيَةٍ) حَلَّ (أَوْ أَصَابَ) الثَّانِي (مَذْبَحَهُ أَوْ نَحْرَتَهُ حَلَّ) لِأَنَّهُ ذُكِّيَ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الثَّانِي إلَّا مَا نَقَصَهُ مِنْ خَرْقِ جِلْدِهِ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ سِوَى ذَلِكَ الْمَحَلّ (وَإِنْ كَانَ) الْجُرْحُ (الْأَوَّلُ غَيْرَ مُوحٍ حَرُمَ) لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِإِثْبَاتِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُبَحْ إلَّا بِذَبْحِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَيُغَرَّمُ) الثَّانِي (قِيمَتَهُ لِلْأَوَّلِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ حَتَّى وَلَوْ أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فَلَمْ يُذَكِّهِ (إلَّا أَنْ تَنْحَرَهُ رَمْيَتُهُ) أَيْ الثَّانِي (أَوْ تَذْبَحَهُ أَوْ يُدْرِكَ) الصَّيْدَ وَ(فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَيُذَكَّى فَيَحِلُّ) لِأَنَّهُ ذَكِيٌّ (وَإِنْ كَانَ الْمَرْمِيُّ قِنًّا أَوْ شَاةً لِلْغَيْرِ وَلَمْ يُوحِيَاهُ) أَيْ الْجُرْحَانِ (وَسَرَيَا) إلَى النَّفْسِ (فَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ قِيمَتِهِ) أَيْ الْقِنِّ أَوْ الشَّاةِ (مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ جِنَايَتِهِ (وَيُكْمِلُهَا) أَيْ الْقِيمَةِ حَالَ كَوْنِ الْقِنِّ الْمَجْرُوحِ أَوْ الشَّاةِ (سَلِيمًا) الْجَارِحُ (الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ وَقْتُ جِنَايَتِهِ كَانَ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ رَمَيَا) أَيْ الصَّائِدَانِ مَعَ أَهْلِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَتَسْمِيَتُهُ (الصَّيْدَ مَعًا فَقَتَلَاهُ كَانَ) الصَّيْدُ (حَلَالًا) كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي ذَبْحِهِ (وَمَلَكَاهُ بَيْنهمَا) نِصْفَيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إصَابَتِهِ سَوَاءٌ تَسَاوَى الْجُرْحَانِ أَوْ تَفَاوَتَا (فَإِنْ كَانَ جُرْحُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الصَّائِدَيْنِ مَعًا (مُوحِيًا وَ) الْجُرْحُ (الْآخَرُ غَيْرَ مُوحٍ وَلَا يُثْبِتُهُ) أَيْ الصَّيْدَ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الْجُرْحِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَصِيدُ.
(لِصَاحِبِ الْجُرْحِ الْمُوحِي) لِانْفِرَادِهِ بِإِثْبَاتِهِ (وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ صَاحِبِهِ فَوَجَدَاهُ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ صَارَ ب) الْجُرْحِ (الْأَوَّلِ مُمْتَنِعًا أَوْ لَا حَلَّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ امْتِنَاعِهِ (وَيَكُونُ) مِلْكُهُ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ تَخْصِيصَ أَحَدِهِمَا بِهِ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ (فَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلْتَهُ أَنْتَ) فَتَضْمَنُهُ (حَرُمَ) لِإِقْرَارِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَحْرِيمِهِ (وَيَتَحَالَفَانِ لِأَجْلِ الضَّمَانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ.
(وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْأَوَّل مِنْهُمَا) أَيْ عَلَى أَنَّ زَيْدًا مَثَلًا رَمَاهُ أَوَّلًا (فَقَالَ الْأَوَّلُ أَنَّا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ) فَحَرُمَ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ (وَأَنْكَرَ الثَّانِي إثْبَاتَ الْأَوَّلِ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَيَحْرُمُ) الْمَصِيدُ (عَلَى الْأَوَّلِ) لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي فِي عَدَمِ الْإِثْبَاتِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (مَعَ يَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْأَوَّلِ (وَإِنْ عُلِمَتْ جِرَاحَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِعَيْنِهَا (وَ) عُلِمَ (أَنَّ جِرَاحَةَ الْأَوَّلِ لَا يَبْقَى مَعَهَا امْتِنَاعٌ مِثْلُ كَسْرِ جَنَاحِ الطَّائِرِ أَوْ (كَسْرِ) سَاقِ الظَّبْيِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَوَّلِ) أَنَّهُ أَثْبَتَهُ.
(بِغَيْرِ يَمِينٍ) لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ (وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ جُرْحَ الْأَوَّلِ (لَا يُزِيلُ الِامْتِنَاعَ مِثْلُ خَدْشِ الْجِلْدِ فَقَوْلُ الثَّانِي) بِغَيْرِ يَمِينٍ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ احْتَمَلَ) جُرْحُ الْأَوَّلِ (الْأَمْرَيْنِ) أَيْ إزَالَةَ الِامْتِنَاعِ وَعَدَمِهَا (فَقَوْلُهُ) أَيْ الثَّانِي (نَصًّا) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِامْتِنَاعِ.
(وَلَوْ رَمَاهُ) صَائِدٌ (فَأَثْبَتَهُ ثُمَّ رَمَاهُ) ذَلِكَ الصَّائِدُ (مَرَّةً أُخْرَى فَقَتَلَهُ حَرُمَ) لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِالْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَمْ يَحِلَّ إلَّا بِذَبْحِهِ قُلْتُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى مُوحِيَةً أَوْ أَصَابَتْ الثَّانِيَةُ مَذْبَحَهُ حَلَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ الرَّمْيَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صَائِدٍ آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ.

.(فَصْلٌ): في أحكام الصَّيْدِ:

(وَإِنْ أَدْرَكَ الصَّيْدِ وَفِيهِ حَيَاةٌ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ بَلْ) وَجَدَهُ (مُتَحَرِّكًا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَهُوَ كَالْمَيْتَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَكَاةٍ) لِأَنَّ عَقْرَهُ ذَكَاةٌ لَهُ فَيَحِلُّ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ) لِلصَّيْدِ (فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَلَكِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ) فَيَحِلُّ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهُ بِعَدَمِ الِاتِّسَاعِ لِتَذْكِيَتِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَذْكِيَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا (وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهَا) أَيْ لِتَذْكِيَتِهِ (لَمْ يُبَحْ) الصَّيْدُ (إلَّا بِهَا) أَيْ بِتَذْكِيَةٍ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ أَشْبَهَ سَائِرَ مَا قُدِرَ عَلَى ذَكَاتِهِ (وَإِنْ خَشِيَ مَوْتَهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ لَمْ يُبَحْ أَيْضًا) لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ لَا يُبَاحُ بِغَيْرِ التَّذْكِيَةِ إذَا كَانَ مَعَهُ آلَةُ الذَّكَاةِ فَلَمْ يُبَحْ بِغَيْرِ التَّذْكِيَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ آلَةُ الذَّكَاةِ كَسَائِرِ الْمَقْدُورِ عَلَى تَذْكِيَتِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا يَحِلَّ بِالْإِرْسَالِ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ أَيْ إرْسَالِ الصَّائِدِ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ.
(وَلَوْ اصْطَادَ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ) مِنْ فَخٍّ أَوْ شَبَكَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَالصَّيْدُ لِمَالِكِهَا) وَكَذَا لَوْ اصْطَادَ عَلَى الْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ.
(وَلَوْ امْتَنَعَ الصَّيْدُ عَلَى الصَّائِدِ مِنْ الذَّبْحِ بِأَنْ جَعَلَ يَعْدُو مِنْهُ حَتَّى مَاتَ تَعَبًا حَلَّ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ بِامْتِنَاعِهِ بِالْعَدْوِ صَارَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَى تَذْكِيَتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْإِتْعَابَ يُعِينُهُ عَلَى الْمَوْتِ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ.
(وَإِنْ أَدْرَكَ الصَّيْدَ مَيِّتًا حَلَّ) لِأَنَّ الِاصْطِيَادَ أُقِيمَ مَقَامَ الذَّكَاةِ وَالْجَارِحُ لَهُ آلَةٌ كَالسَّكَاكِينِ.

.شروط الذَّكَاةِ:

وَعَقْرُهُ بِمَنْزِلَةِ قَطْعِ الْأَوْدَاجِ (بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ): (أَحَدُهَا):

.(أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ):

أَيْ مِمَّنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالصَّائِدُ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكِّي فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ (وَلَوْ) كَانَ الصَّائِدُ (أَعْمَى) خِلَافًا لِابْنِ حَمْدَانَ قَالَ: إنَّهُ لَا يَحِلُّ لِتَعَذُّرِ قَصْدِهِ صَيْدًا مُعَيَّنًا (وَتَقَدَّمَتْ شُرُوطُهَا) أَيْ الذَّكَاةِ فِي بَابِهَا (إلَّا مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى ذَكَاةٍ كَحُوتٍ وَجَرَادٍ فَيُبَاحُ إذَا صَادَهُ مَنْ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ) مِنْ مَجُوسِيٍّ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّهُ لَا ذَكَاةَ لَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ وُجِدَ مَيِّتًا.
(فَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ) أَوْ كِتَابِيٌّ (أَوْ غَيْرُ كِتَابِيٍّ) كَمَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ وَدُرْزِيٍّ (أَوْ مُتَوَلِّدٍ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ غَيْرِ كِتَابِيٍّ (وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ) كَوَلَدِ مَجُوسِيَّةٍ مِنْ كِتَابِيٍّ (صَيْدًا أَوْ أَرْسَلَا عَلَيْهِ جَارِحًا أَوْ شَارَكَ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ كَلْبَ مُسْلِمٍ فِي قَتْلِهِ) أَيْ الصَّيْدِ (لَمْ يَحِلَّ) الصَّيْدُ (سَوَاءٌ وَقَعَ سِهَامُهُمَا فِيهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ) وَقَعَ فِيهِ سَهْمُ (أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا أَرْسَلْت كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَهُ غَيْرَهُ فَلَا تَأْكُلْ إنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكِ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ فَغَلَّبْنَا التَّحْرِيمَ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْن مَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ الْمُبِيحُ رُدَّ إلَى أَصْلِهِ (لَكِنْ أَثْخَنَهُ كَلْبُ الْمُسْلِمِ) أَوْ الْكِتَابِيِّ.
(ثُمَّ قَتَلَهُ) كَلْبُ (الْآخَرِ) أَيْ الْمَجُوسِيِّ وَنَحْوِهِ (وَفِيهِ) أَيْ الصَّيْدِ (حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَرُمَ) الصَّيْدُ لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ الْمَجُوسِيُّ وَنَحْوُهُ (لَهُ) أَيْ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا مَقْتَلَهُ دُونَ الْآخَرِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ قَدْ عَقَرَهُ مُوحِيًا مِثْلَ أَنْ ذَبَحَهُ أَوْ جَعَلَهُ فِي حُكْمِ الْمَذْبُوحِ، ثُمَّ أَصَابَهُ الثَّانِي وَهُوَ) أَيْ جُرْحُهُ (غَيْرُ مُوحٍ فَالْحُكْمُ لِلْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ الْمُسْلِمَ أُبِيحَ) الصَّيْدُ لِأَنَّهُ ذُكِّيَ مِنْ أَهْلٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ كِتَابِيًّا.
(وَإِنْ كَانَ) الْأَوَّلُ (الْمَجُوسِيَّ لَمْ يُبَحْ) الصَّيْدُ كَذَبِيحَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الْجَرْحُ الثَّانِي مُوحِيًا أَيْضًا فَ) الصَّيْدُ (مُبَاحٌ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ، مُسْلِمًا) أَوْ كِتَابِيًّا مُسَمِّيًا (لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ حَصَلَتْ بِهِ) فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِعْلُ الثَّانِي (وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ غَيْرَ مُوحٍ وَ) الْجُرْحُ (الثَّانِي مُوحٍ فَالْحُكْمُ الثَّانِي فِي الْحَظْرِ) إنْ كَانَ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ نَحْوَهُ (وَالْإِبَاحَةُ) إنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا مُسَمِّيًا لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ حَصَلَتْ بِهِ (وَإِنْ رَدَّ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ الصَّيْدَ عَلَى كَلْبِ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَهُ) كَلْب الْمُسْلِمِ حَلَّ الصَّيْدُ لِأَنَّ جَارِحَ الْمُسْلِمِ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ فَأُبِيحَ كَمَا لَوْ رَمَى الْمَجُوسِيُّ سَهْمَهُ فَرَدَّ الصَّيْدَ فَأَصَابَهُ سَهْمُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمَجُوسِيُّ شَاةً فَذَبَحَهَا.
(وَإِنْ صَادَ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ حَلَّ صَيْدُهُ) لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالصَّائِدِ وَالْكَلْب آلَةٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ صَادَهُ بِقَوْسِهِ وَسَهْمِهِ (وَكُرِهَ) فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ جَابِرُ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ.
وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ صَادَ الْمَجُوسِيُّ بِكَلْبِ الْمُسْلِمِ أَوْ نَحْوِهِ (لَا يَحِلَّ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الصَّائِدِ لِلذَّكَاةِ،.
(وَإِنْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ) أَوْ الْكِتَابِيُّ (كَلْبًا فَزَجَرَهُ الْمَجُوسِيُّ) أَوْ نَحْوُهُ (فَزَادَ عَدْوُهُ) فِي عَدْوِهِ (حَلَّ صَيْدُهُ) لِأَنَّ الصَّائِدَ لَهُ هُوَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْكِتَابِيُّ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ وَنَحْوُهُ كَلْبًا فَزَجَرَهُ الْمُسْلِمُ (لَمْ يَحِلَّ) صَيْدُهُ لِأَنَّ الصَّائِدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ إذْ الْعِبْرَةُ بِالْإِرْسَالِ.
(وَلَوْ وَجَدَ) الْمُسْلِمُ أَوْ الْكِتَابِيُّ (مَعَ كَلْبِهِ كَلْبًا آخَرَ وَجَهِلَ) الْمُسْلِمُ أَوْ الْكِتَابِيُّ () أَيْ الْكَلْبِ الْآخَرِ (هَلْ سَمَّى عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا؟ أَوْ جَهِلَ حَالَ مُرْسِلِهِ هَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّيْدِ) أَيْ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ (أَمْ لَا؟ وَلَا يُعْلَمُ أَيّهمَا) أَيْ الْكَلْبَيْنِ (قَتَلَهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا) أَيْ الْكَلْبَانِ (قَتَلَاهُ مَعًا أَوْ عَلِمَ أَنَّ) الْكَلْبَ (الْمَجْهُولَ هُوَ الْقَاتِلَ) لِلصَّيْدِ وَحْدُهُ (لَمْ يُبَحْ) الصَّيْدُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَهُ غَيْرَهُ فَلَا تَأْكُلْ إنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَتَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ عَلِمَ حَالَ الْكَلْبِ الَّذِي وَجَدَهُ) الْمُسْلِمُ أَوْ الْكِتَابِيُّ (مَعَ كَلْبِهِ وَ) عَلِمَ (أَنَّ الشَّرَائِطَ الْمُعْتَبَرَةَ قَدْ وُجِدَتْ فِيهِ) بِأَنْ كَانَ مُعَلَّمًا وَأَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ مُسَمِّيًا (حَلَّ) الصَّيْدُ كَمَا لَوْ ذَكَّاهُ مَعًا وَلِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ (ثُمَّ إنْ كَانَ الْكَلْبَانِ قَتَلَاهُ مَعًا فَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (لِصَاحِبَيْهِمَا) أَيْ: صَاحِبَيْ الْكَلْبَيْنِ، لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحِ (وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ) وَحْدُهُ (فَهُوَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ صَاحِبِ الْجَارِحِ الَّذِي قَتَلَهُ لِأَنَّهُ الصَّائِدُ لَهُ (وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ) فَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا أَوْ اشْتَرَكَا.
(حَلَّ أَكْلُهُ) لِأَهْلِيَّةِ الصَّائِدَيْنِ (ثُمَّ إنْ كَانَ الْكَلْبَانِ مُتَعَلِّقَيْنِ بِهِ فَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْجَارِحَيْنِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ جَارِحَيْهِمَا قَتَلَاهُ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْكَلْبَيْنِ (مُتَعَلِّقًا بِهِ) وَحْدَهُ (فَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (لِصَاحِبِهِ) أَيْ صَاحِبِ الْجَارِحِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ (وَعَلَى مَنْ حُكِمَ لَهُ بِهِ الْيَمِينُ) بِطَلَبِ رَفِيقِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْجَارِحِ الْآخَرِ أَوْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ (وَإِنْ كَانَ الْكَلْبَانِ) وَاقِفَيْنِ (نَاحِيَةً) عَنْ الصَّيْدِ (وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ (فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ) أَيْ الصَّيْدِ بِبَقَائِهِ عَلَى حَالِهِ (بِيعَ) أَيْ بَاعَهُ الْحَاكِمُ (وَاصْطَلَحَا عَلَى ثَمَنِهِ) لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ بِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَالِاعْتِبَارُ بِأَهْلِيَّةِ الرَّامِي) لِلسَّهْمِ (وَسَائِرِ الشُّرُوطِ) مِنْ كَوْنِهِ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا وَالتَّسْمِيَةِ (حَالِ الرَّمْيِ) لِلسَّهْمِ (فَإِنْ) رَمَاهُ وَهُوَ أَهْلٌ ثُمَّ (ارْتَدَّ) بَعْدَ رَمْيِهِ (أَوْ مَاتَ بَعْدَ رَمْيِهِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ حَلَّ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الرَّمْيِ وَعَكْسُهُ بِأَنْ رَمَاهُ مُرْتَدًّا أَوْ مَجُوسِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ لَمْ يَحِلَّ.