فصل: (فَصْلٌ): زَوال مِلْكِ الْوَاقِفِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: حكم الوقف عَلَى مُبهمٍ:

وَإِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ، وَالْغُزَاةِ، وَالْعُلَمَاءِ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ عَلَى (مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْقَبُولُ كَالْمَسَاجِدِ، وَالْقَنَاطِرِ لَمْ يَفْتَقِرْ) الْوَقْفُ (إلَى الْقَبُولِ مِنْ نَاظِرِهَا) أَيْ: الْمَسَاجِدِ، وَنَحْوِهَا (وَلَا) إلَى الْقَبُولِ مِنْ (غَيْرِهِ) كَنَائِبِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ لَامْتَنَعَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَيْهَا (وَكَذَا إنْ كَانَ) الْوَقْفُ عَلَى (آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ) كَزَيْدٍ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ يَمْنَعُ الْبَيْعَ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْقَبُولُ كَالْعِتْقِ.
، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُعَيَّنِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَنْ يَأْتِي مِنْ الْبُطُونِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِهِمْ إلَّا أَنَّهُ مُرَتَّبٌ فَصَارَ كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا:، وَهَذَا الْفَرْقُ مَوْجُودٌ بِعَيْنِهِ فِي الْهِبَةِ انْتَهَى.
قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَتَلَقَّاهُ كُلُّ بَطْنٍ مِنْ وَاقِفِهِ، وَالْهِبَةُ تَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مِنْ مُوَرِّثِهِ لَا مِنْ الْوَاهِبِ (وَلَا يَبْطُلُ) الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ (بِرَدِّهِ كَسُكُوتِهِ) عَنْ الْقَبُولِ، وَالرَّدِّ كَالْعِتْقِ (وَمَنْ وَقَفَ شَيْئًا) عَلَى أَوْلَادِهِ، وَنَحْوِهِمْ (فَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ فِي مَصْرِفِهِ جِهَةً تَدُومُ كَالْفُقَرَاءِ، وَنَحْوِهِمْ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ يَبْطُلُ الْوَقْفُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي مَصْرِفِهِ جِهَةً تَدُومُ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) الْوَاقِفُ (عَلَى ذِكْرِ جِهَةٍ تَنْقَطِعُ كَأَوْلَادِهِ)؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ يُمْكِنْ انْقِرَاضُهُمْ (صَحَّ) الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْمَصْرِفِ، فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِمَصْرِفِهِ.
(، وَيُصْرَفُ وَقْفٌ مُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ كَوَقْفِهِ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ) الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَعَبْدٍ (ثُمَّ عَلَى مَنْ يَجُوزُ) كَعَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِ زَيْدٍ، أَوْ الْفُقَرَاءِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فِي الْحَالِ (أَوْ الْوَسَطِ) أَيْ: وَيُصْرَفُ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ (فِي الْحَالِ) بَعْدَ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ (إلَى مَنْ بَعْدَهُ) فَلَوْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ صُرِفَتْ بَعْدَ زَيْدٍ لِلْمَسَاكِينِ لَأَنْ وُجُودَ مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَعَدَمِهِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْجِهَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَاطِلَةِ؛ وَلِأَنَّنَا لَمَّا صَحَّحْنَا الْوَقْفَ مَعَ ذِكْرِ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَقَدْ أَلْغَيْنَاهُ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّصْحِيحُ مَعَ اعْتِبَارِهِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلًا صَحِيحًا) كَأَنْ يَقُول: وَقَفْتُهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ أَوْ الذِّمِّيِّينَ أَوْ الْكَنِيسَةِ، وَنَحْوِهَا (بَطَلَ الْوَقْفُ)؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمَصْرِفَ الْبَاطِلَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (وَيُصْرَفُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ) كَأَوْلَادِهِ (وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلًا) إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ نَسَبًا بَعْدَ مَنْ عَيَّنَهُمْ (أَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَجُوزُ) الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَأَوْلَادِهِ (ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ) أَيْ: يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَكَنِيسَةٍ.
فَيُصْرَفُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ نَسَبًا بَعْدَ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ (وَكَذَا مَا وَقَفَهُ، وَسَكَتَ إنْ قُلْنَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ (إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ) حِينَ الِانْقِرَاضِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرِّعَايَةِ (نَسَبًا)؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مَصْرِفُهُ الْبِرُّ، وَأَقَارِبُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِبِرِّهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّكَ إنْ تَدَعْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»؛ وَلِأَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِصَدَقَاتِهِ النَّوَافِلِ، وَالْمَفْرُوضَاتِ فَكَذَا صَدَقَتُهُ الْمَنْقُولَةُ؛ وَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إذَا كَانَ لَهُ عُرْفٌ صَحَّ، وَصُرِفَ إلَيْهِ، وَعُرْفُ الْمَصْرِفِ هُنَا أَوْلَى الْجِهَاتِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ عَيَّنَهُمْ لِصَرْفِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ جِهَةً بَاطِلَةً كَقَوْلِهِ: وَقَفْتُ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهَا جِهَةً صَحِيحَةً، فَإِنَّهُ عَيَّنَ الْمَصْرِفَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (غَنِيُّهُمْ، وَفَقِيرُهُمْ) أَيْ: وَرَثَته لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْقَرَابَة (بَعْد انْقِرَاض مَنْ يَجُوز الْوَقْف عَلَيْهِ) إنْ كَانَ، وَيَكُونُ (وَقْفًا عَلَيْهِمْ)؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ زَالَ عَنْهُ بِالْوَقْفِ، فَلَا يَعُودُ مِلْكًا لَهُمْ، وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْ الْوَاقِفِ (فَيَسْتَحِقُّونَهُ كَالْمِيرَاثِ، وَيَقَعُ الْحَجْبُ بَيْنَهُمْ) كَالْمِيرَاثِ.
، وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ مِنْهُ لِمَنْ يَرِثُهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ (فَلِبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ الثُّلُثُ) وَلَهُ الْبَاقِي (وَلِأَخٍ مِنْ أُمٍّ مَعَ أَخٍ لِأَبٍ السُّدْسُ) وَلَهُ الْبَاقِي (وَجَدٍّ)، وَأَخٍ (لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ يَقْتَسِمَانِ) رِيعَ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ (نِصْفَيْنِ) كَالْمِيرَاثِ (وَأَخٍ) لِغَيْرِ أُمٍّ (وَعَمٍّ) لِغَيْرِ أُمٍّ (يَنْفَرِدُ بِهِ الْأَخُ، وَعَمٍّ) لِغَيْرِ أُمٍّ (وَابْنِ عَمٍّ يَنْفَرِدُ بِهِ الْعَمُّ) كَالْمِيرَاثِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ: الْوَاقِفِ (أَقَارِبٌ) فَلِلْفُقَرَاءِ (أَوْ كَانَ لَهُ فَانْقَرَضُوا ف) صَرْفُ وَقْفِهِ (لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ وَقْفًا عَلَيْهِمْ)؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَقْفِ الثَّوَابُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ، وَإِنَّمَا قَدَّمُوا الْأَقَارِبَ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِكَوْنِهِمْ أَوْلَى فَإِذَا لَمْ يَكُونُوا فَالْمَسَاكِينُ أَهْلٌ لِذَلِكَ.
(وَإِنْ انْقَطَعَتْ الْجِهَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ) بِأَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ فَقَطْ فَانْقَرَضُوا فِي حَيَاتِهِ (رَجَعَ) الْوَقْفُ (إلَيْهِ) أَيْ: الْوَاقِفِ (وَقْفًا عَلَيْهِ) قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْوَاضِحِ: الْخِلَافُ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْأَقَارِبِ أَوْ إلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ إلَى الْمَسَاكِينِ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ أَمَّا إنْ كَانَ حَيًّا فَانْقَطَعَتْ الْجِهَةُ فَهَلْ يَعُودُ الْوَقْفُ إلَى مِلْكِهِ أَوْ إلَى عَصَبَتِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى.
وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ بِدُخُولِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَنْسَالِهِمْ أَبَدًا عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ، فَتُوُفِّيَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، وَالْأَبُ الْوَاقِفُ حَيٌّ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ النَّاسِ إلَيْهِ أَوْ لَا؟ يَخْرُجُ عَلَى مَا قَبْلهَا، وَالْمَسْأَلَةُ مُلْتَفِتَةٌ إلَى دُخُولِ الْمُخَاطَبِ فِي خِطَابِهِ قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ (وَيَعْمَلُ فِي وَقْفٍ صَحِيحِ الْوَسَطِ فَقَطْ) بِأَنْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْكَنِيسَةِ (بِالِاعْتِبَارَيْنِ) فَيُصْرَفُ فِي الْحَالِ لِزَيْدٍ، وَيَرْجِعُ بَعْدَهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ نَسَبًا وَقْفًا عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ ثُمَّ الْمَسَاكِينِ.
(وَإِنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ) أَيْ: الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ أَوْ الْبُسْتَانَ، وَنَحْوَهُ (سَنَةً) لَمْ يَصِحَّ (أَوْ) قَالَ وَقَفْتُهُ (إلَى سَنَةٍ) لَمْ يَصِحَّ (أَوْ) قَالَ وَقَفْتُهُ (إلَى يُومِ يَقْدُمُ الْحَاجِّ، وَنَحْوَهُ) أَيْ: نَحْوُ مَا ذُكِرَ مِمَّا فِيهِ تَأْقِيتُ الْوَقْفِ (لَمْ يَصِحَّ) الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ وَالتَّأْقِيتُ يُنَافِيهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ (الْوَقْفُ الْمُؤَقَّتُ، وَإِنْ قَالَ) وَقَفْتُ دَارِي مَثَلًا (عَلَى أَوْلَادِي سَنَةً أَوْ مُدَّةَ حَيَاتِي ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ) الْوَقْفُ لِاتِّصَالِهِ ابْتِدَاءً، وَانْتِهَاءً، وَكَذَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى وَلَدِهِ سَنَةً ثُمَّ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو سَنَة ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ.
(وَإِنْ قَالَ) وَقَفْتُ (عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِي صَحَّ لِلْفُقَرَاءِ فَقَطْ)؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ فَلَا يُصْرَفُ لِأَوْلَادِهِ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْفُقَرَاءِ، وَالْعَادَةُ لَمْ تَجْرِ بِانْقِرَاضِهِمْ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ (عَنْ يَدِهِ) أَيْ: الْوَاقِفِ (بَلْ يَلْزَمُ) الْوَقْفُ (بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ) لِحَدِيثِ عُمَرَ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ، وَالْهِبَةَ، فَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ كَالْعِتْقِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ: أَنَّ إخْرَاجَهُ عَنْ يَدِهِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

.(فَصْلٌ): زَوال مِلْكِ الْوَاقِفِ:

(يَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ) بِمُجَرَّدِ الْوَقْفِ (الْوَقْفُ وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا وَنَحْوِهِ) كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ، وَقَنْطَرَةٍ، وَخَانِكَاهٍ، وَفُقَرَاء، وَغُزَاةٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَذَا بِقَاعُ الْمَسَاجِدِ، وَالْمَدَارِسِ، وَالْقَنَاطِرِ، وَالسِّقَايَاتِ، وَمَا أَشْبَهَهَا قَالَ الْحَارِثِيُّ: بِلَا خِلَافٍ (وَ) يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ (إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) تِلْكَ الْعَيْنُ (إنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (آدَمِيًّا مُعَيَّنًا) كَزَيْدٍ، وَعَمْرٍو (أَوْ) كَانَ (جَمْعًا مَحْصُورًا) كَأَوْلَادِهِ أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُزِيلُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ، فَمِلْكُهُ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ كَالْهِبَةِ، وَفَارَقَ الْعِتْقَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إخْرَاجٌ عَنْ حُكْمِ الْمَالِيَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لِلْمَنْفَعَةِ الْمُجَرَّدَةِ لَمْ يَلْزَمْ كَالْعَارِيَّةِ، وَالسُّكْنَى وَقَوْلُ أَحْمَدَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي مَرَضِهِ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوَرَّثُ، وَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ جَمْعًا بَيْنَ قَوْلَيْهِ لَا يُقَالُ: عَدَمُ مِلْكِهِ التَّصَرُّفَ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مِلْكِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بِدَلِيلِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي رَقَبَتِهَا (فَيَنْظُرُ فِيهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (هُوَ) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (أَوْ) يَنْظُرُ فِيهِ.
(وَلِيُّهُ) إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا (بِشَرْطِهِ) الْآتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّاظِرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ قُلْنَا مِلْكُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِعَلَاقَةِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ.
(وَلَهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (تَزْوِيجُ الْأَمَةِ) الْمَوْقُوفَةِ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) الْوَاقِفُ (لِغَيْرِهِ) بِأَنْ وَقَفَ الْأَمَةَ عَلَى زَيْدٍ، وَشَرَطَ تَزْوِيجَهَا لِعَمْرٍو، فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ أَنْ يُزَوِّجَهَا (بِطَلَبِهَا) كَغَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا طَلَبَتْهُ فَتَعَيَّنَتْ الْإِجَابَةُ وَ(يَأْخُذُ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (الْمَهْرَ) إنْ زُوِّجَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ، وَهُوَ يَسْتَحِقُّهَا كَالْأُجْرَةِ، وَالصُّوفِ، وَاللَّبَنِ، وَالثَّمَرَةِ (وَلَا يَتَزَوَّجُهَا) أَيْ: لَا يَتَزَوَّجُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْأَمَةَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْمِلْكِ.
(وَلَا يُعْتِقُهُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عِتْقُ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ بِحَالٍ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَنْفُذْ) عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ مَنْ يَئُولُ الْوَقْفُ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يُمْكِنْ إبْطَالُهُ، وَفِي الْقَوْلِ بِنُفُوذِ عِتْقِهِ إبْطَالٌ لَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (نِصْفُهُ وَقْفًا، وَنِصْفُهُ طَلْقًا) خَالِصًا (فَأَعْتَقَ صَاحِبُ الطَّلْقِ) نَصِيبَهُ مِنْهُ عَتَقَ وَ(لَمْ يَسْرِ عِتْقُهُ إلَى الْوَاقِفِ)؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتَقْ بِالْمُبَاشَرَةِ، فَلَأَنْ لَا يُعْتَقَ بِالسِّرَايَةِ أَوْلَى، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ الْوَاقِفَ لَا يَسْرِي إلَى بَاقِي الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الْوَاقِفِ وَلَا الْحَاكِمِ لِلْمَوْقُوفِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (فِطْرَتُهُ) أَيْ: الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَكَنَفَقَتِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِخِدْمَةِ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ قَوْلًا وَاحِدًا لِتَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي (وَ) تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا (زَكَاتُهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ (كَالْمَاشِيَةِ) بِأَنْ كَانَ إبِلًا أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا سَائِمَةً، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ،، وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ، وَكَذَا الشَّجَرُ الْمَوْقُوفُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ثَمَرِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَجْهًا وَاحِدًا (وَ) عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (نَفَقَتُهُ) أَيْ: الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ) فَإِنْ كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ.
(وَيُقْطَعُ سَارِقُ الْوَقْفِ) إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ (وَ) يُقْطَعُ أَيْضًا (سَارِقُ نَمَائِهِ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ) وَلَا شُبْهَةَ لِلسَّارِقِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ.
(مُعَيَّنٌ وَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ نَفْعَهُ) أَيْ: الْوَقْفِ (وَ) يَمْلِكُ (صُوفَهُ، وَنَحْوَهُ) كَوَبَرِهِ، وَشَعْرِهِ، وَبَيْضِهِ (وَ) يَمْلِكُ (غَلَّتَهُ، وَكَسْبَهُ، وَلَبَنَهُ، وَثَمَرَتَهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مَلَكَهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ فَيَسْتَوْفِيهِ بِنَفْسِهِ، وَبِالْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ، وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يُعَيَّنَ فِي الْوَقْفِ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (مَثَلًا وَطْءُ الْأَمَةِ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ الْوَاقِفُ)؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ نَاقِصٌ وَلَا يُمْكِنُهُ مَنْعُ حَبَلِهَا فَتَنْقُصُ أَوْ تَتْلَفُ أَوْ تَخْرُجُ مِنْ الْوَقْفِ بِأَنْ تَبْقَى أُمَّ وَلَدٍ (فَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ: وَطِئَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَةَ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ (وَلَا مَهْرَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ لَهُ وَلَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ شَيْءٌ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَ) إنْ وَلَدَتْ ف (وَلَدُهُ حُرٌّ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْوَاطِئِ (قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوَضْعِ يُشْتَرَى بِهَا قِنٌّ يَقُومُ مُقَامَهُ)؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنْ الْوَقْفِ فَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ فِي مِثْلِهِ (وَتَصِيرُ) الْمَوْقُوفَةُ أُمَّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ (وَتُعْتَقُ بِمَوْتِهِ) كَسَائِرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ.
(وَتَجِبُ قِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ) إنْ كَانَتْ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَى مَنْ بَعْدِهِ مِنْ الْبُطُونِ (يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهَا) لِيَنْجَبِرَ عَلَى الْبَطْنِ الثَّانِي مَا فَاتَهُمْ (فَتَكُونُ) الْمُشْتَرَاةُ (وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) كَبَدَلِ أُضْحِيَّةٍ (وَلَهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (تَمَلُّكُ زَرْعٍ غَاصِبٍ) لِلْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا زَرَعَهَا، وَأَدْرَكَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (بِالنَّفَقَةِ) أَيْ: مِثْلِ الْبَذْرِ، وَعِوَضِ اللَّوَاحِقِ (حَيْثُ يَتَمَلَّكُ رَبُّ الْأَرْضِ) بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْحَصَادِ (وَيَتَلَقَّاهُ) أَيْ: الْوَقْفَ (الْبَطْنُ الثَّانِي) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْوَاقِفِ.
(وَ) يَتَلَقَّاهُ (مَنْ بَعْدَهُ) كَالْبَطْنِ الثَّالِثِ، وَالرَّابِعِ، وَهَلُمَّ جَرَّا (مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مِنْ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الَّذِي قَبْلَهُ)؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَادِرٌ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْوَقْفِ مِنْ حِينِهِ، فَمَنْ وَقَفَ شَيْئًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِ نَسْلِهِ إلَّا إنَّ اسْتِحْقَاقَ كُلِّ بَطْنٍ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِ مَنْ فَوْقَهَا.
(فَإِذَا امْتَنَعَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ)، وَالثَّانِي أَوْ مَنْ بَعْدَهُ (مِنْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِهِ) بِالْوَقْفِ (لِإِثْبَاتِ الْوَقْفِ فَلِمَنْ بَعْدَهُمْ) مِنْ الْبُطُونِ مِمَّنْ لَمْ يَئُلْ الْوَقْفُ إلَيْهِ إذَنْ (الْحَلِفُ) مَعَ الشَّاهِدِ لِثُبُوتِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (وَإِذَا وَطِئَ) الْأَمَةَ (الْمَوْقُوفَةَ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ: غَيْرُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (وَلَوْ عَبْدًا بِشُبْهَةٍ يَظُنُّهَا حُرَّةً) أَوْ أَمَتَهُ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا فَهُوَ) أَيْ: وَلَدُهُ (حُرٌّ) لِاعْتِقَادِ الْوَاطِئِ الْإِبَاحَةَ، وَحُرِّيَّتَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْوَاطِئِ (الْمَهْرُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ)؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَهُمْ، وَالْمَهْرُ بَدَلُهَا.
(وَعَلَى الْوَاطِئِ أَيْضًا قِيمَةُ الْوَلَدِ) يَوْمَ وَضْعِهِ (تُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ)؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْوَقْفِ فَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ فِي مِثْلِهِ مِثْلِهِ وَإِنْ وَطِئَهَا الْوَاقِفُ وَجَبَ الْمَهْرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَيْفَ كَانَ، وَوَجَبَ الْحَدُّ، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ مَا لَمْ نَقُلْ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.
قُلْت: الظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ، لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ (وَإِنْ كَانَ) وَلَدُ الْمَوْقُوفَةِ (مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَهُوَ وَقْفٌ مَعَهَا) تَبَعًا لِأُمِّهِ (لِأُمِّهِ وَإِنْ تَلِفَتْ) الْمَوْقُوفَةُ (بِهِ) أَيْ: بِالْوَطْءِ (أَوْ أَتْلَفَهَا مُتْلِفٌ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، أَوْ) أَتْلَفَ (بَعْضَهَا) أَيْ: الْمَوْقُوفَةِ (كَقَطْعِ طَرَفٍ)، وَإِذْهَابِ مَنْفَعَةٍ (فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ) أَيْ: قِيمَتُهَا إنْ أَتْلَفَهَا، وَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضَهَا فَعَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْجِنَايَاتِ (يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ)؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهَا (أَوْ) يُشْتَرَى بِهَا شِقْصٌ مِنْ رَقِيقٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاؤُهُ كُلُّهُ (يَكُونُ) الْمِثْلُ أَوْ الشِّقْصُ (وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) كَبَدَلِ أُضْحِيَّةٍ (وَيَأْتِي).
، (وَإِنْ قَتَلَ) رَقِيقٌ مَوْقُوفٌ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً (وَلَوْ) كَانَ الْقَتْلُ (عَمْدًا فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (عَفْوٌ) مَجَّانًا.
(وَلَا قَوَدٌ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَوْقُوفِ فَهُوَ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ (بَلْ يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ إذَا قَتَلَ (بَدَلُهُ) أَيْ: مِثْلُهُ قَالَ الْحَارِثِيُّ اعْتِبَارُ الْمِثْلِيَّةِ فِي الْمُبْدَلِ الْمُشْتَرَى بِمَعْنَى وُجُوبِ الذَّكَرِ فِي الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى فِي الْأُنْثَى، وَالْكَبِيرِ فِي الْكَبِيرِ، وَسَائِرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَتَفَاوَتُ الْأَعْيَانُ بِتَفَاوُتِهَا لَا سِيَّمَا الصِّنَاعَةُ الْمَقْصُودَةُ فِي الْوَقْفِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى الِاعْتِبَارِ: أَنَّ الْغَرَضَ جُبْرَانُ مَا فَاتَ وَلَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ (فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ (أَوْ قُطِعَ بَعْضُ أَطْرَافِهِ عَمْدًا فَلِلْقِنِّ) الْمَوْقُوفِ (اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ) لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ (وَإِنْ عَفَا) الرَّقِيقُ الْمَوْقُوفُ عَنْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ (أَوْ كَانَ الْقَطْعُ) أَوْ الْجُرْحُ (لَا يُوجِبُ الْقِصَاصُ) لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ خَطَأً أَوْ جَائِفَةً، وَنَحْوَهُ.
(وَجَبَ نِصْفُ قِيمَتِهِ) فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ مُفَصَّلًا، وَيَشْتَرِي بِالْأَرْشِ مِثْلَهُ أَوْ شِقْصَ بَدَلِهِ (بَدَلِهِ وَإِنْ جُنِيَ الْوَقْفُ خَطَأً فَالْأَرْش عَلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (مُعَيَّنًا) كَسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ (وَلَمْ يَتَعَلَّقْ) الْأَرْشُ (بِرَقَبَتِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ (كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ يَلْزَمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ (كَأُمِّ الْوَلَدِ) فَيَلْزَمُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (غَيْرَ مُعَيَّنٍ ك) الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ عَلَى (الْمَسَاكِينِ إذَا جَنَى ف) أَرْشُ جِنَايَتِهِ (فِي كَسْبِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحَقٌّ مُعَيَّنٌ يُمْكِنُ إيجَابُ الْأَرْشِ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُهَا بِرَقَبَتِهِ فَتَعَيَّنَ فِي كَسْبِهِ.
(وَإِنْ جَنَى) الْمَوْقُوفُ (جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ وَجَبَ) الْقِصَاصُ، لِعُمُومِ {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}- الْآيَةَ (فَإِنْ قَتَلَ بَطَلَ الْوَقْفُ) كَمَا لَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَإِنْ عَفَا مُسْتَحِقُّهُ فَعَلَى مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْأَرْشِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَزَيْدٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ (ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَعَوْدُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِهِمْ، إذْ اسْتِحْقَاقُ الْمَسَاكِينِ مُرَتَّبٌ بِثُمَّ (فَإِذَا مَاتُوا) أَيْ: الثَّلَاثَةُ (فَلِلْمَسَاكِينِ) عَمَلًا بِشَرْطِهِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَزَيْدٍ مَثَلًا وَعَمْرٍو مَثَلًا وَبَكْرٍ (وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلًا فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ) أَيْ: الثَّلَاثَةِ (فَحُكْمُ نَصِيبِهِ حُكْمُ الْمُنْقَطِعِ كَمَا لَوْ مَاتُوا جَمِيعًا) قَالَهُ الْحَارِثِيُّ قَالَ: وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ- أَيْ: الْمُقْنِعِ- يُصْرَفُ إلَى مَنْ بَقِيَ انْتَهَى وَقَدْ قَوَّى الْحَارِثِيُّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ سَابِقًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَلَامُ الْحَارِثِيِّ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْقَوَاعِدِ، وَاخْتَارَ الثَّانِي فِي الْقَوَاعِدِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهُوَ قَوِيٌّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.
(وَإِنْ قَالَ وَقَفْتُهُ) أَيْ: الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ أَوْ الْكِتَابَ الْكِتَابَ وَنَحْوَهُ (عَلَى أَوْلَادِي أَوْلَادِي وَعَلَى الْمَسَاكِينِ فَهُوَ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ نِصْفَيْنِ) يُصْرَفُ لِأَوْلَادِهِ النِّصْفُ وَلِلْمَسَاكِينِ النِّصْفُ (لِاقْتِضَاءِ الْإِضَافَةِ التَّسْوِيَةَ) مَعَ انْتِفَاءِ مُقْتَضَى التَّفَاوُتِ.

.(فَصْلٌ): فِي التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ:

(وَيُرْجَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ (إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ) كَقَوْلِهِ: شَرَطْتُ لِزَيْدٍ كَذَا وَلِعَمْرٍو كَذَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ شُرُوطًا وَلَوْ لَمْ يَجِبْ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِهِ فَائِدَةٌ؛ وَلِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَجَعَلَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا فَإِذَا اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ مُتَلَقَّى مِنْ جِهَتِهِ فَاتُّبِعَ شَرْطُهُ.
، وَنَصُّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ (فَلَوْ تَعَقَّبَ) الشَّرْطُ، وَنَحْوُهُ (جُمَلًا عَادَ) الشَّرْطُ، وَنَحْوُهُ (إلَى الْكُلِّ) أَيْ: إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ، وَكَذَا الصِّفَةُ إذَا تَعَقَّبَتْ جُمَلًا عَادَتْ إلَى الْكُلِّ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ فِي عَوْدِ الصِّفَةِ لِلْكُلِّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً أَوْ مُتَأَخِّرَةً قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْمُتَوَسِّطَةُ: الْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتُهُ انْتَهَى قُلْت: بَلْ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَوْدُهُ لِلْكُلِّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مُوجِبُ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَيْ: فِي عَوْدِ الشَّرْطِ، وَنَحْوِهِ لِلْكُلِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ، أَوْ بِالْفَاءِ، أَوْ بِثُمَّ عَلَى عُمُومِ كَلَامِهِمْ (وَاسْتِثْنَاءٌ كَشَرْطٍ) فَيُرْجَعُ إلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ كَأَوْلَادِهِ أَوْ قَبِيلَةِ كَذَا مَثَلًا وَاسْتَثْنَى زَيْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ.
(وَكَذَا مُخَصَّصٌ مِنْ صِفَةٍ) كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِمْ فَلَا يُشَارِكُهُمْ مَنْ سِوَاهُمْ.
(وَ) مَنْ (عَطْفُ بَيَانٍ)؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصِّفَةَ فِي إيضَاحِ مَتْبُوعِهِ، وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ، وَفِي أَوْلَادِهِ مَنْ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ غَيْرُهُ اخْتَصَّ بِهِ مُحَمَّدٌ.
(وَ) مَنْ (تَوْكِيدٌ) فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ بِنَفْسِهِ لَمْ يُدْخِلْ أَوْلَادَ أَوْلَادِهِ.
(وَ) مَنْ (بَدَلٌ) كَمَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ وَقَالَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْدَلَ بَعْضَ الْوَلَدِ، وَهُوَ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ مِنْ اللَّفْظِ الْمُتَنَاوِلِ لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ وَلَدِي فَاخْتَصَّ الْبَعْضُ الْمُبْدَلُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} لَمَّا خَصَّ الْمُسْتَطِيعَ بِالذِّكْرِ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ (وَنَحْوِهِ) كَالْغَايَةِ كَعَلَى أَوْلَادِي حَتَّى يَبْلُغُوا.
، وَالْإِشَارَةُ بِلَفْظِ ذَلِكَ، وَالتَّمْيِيزِ (وَجَارٍ، وَمَجْرُورٍ نَحْوَ) وَقَفْتُ هَذَا (عَلَى أَنَّهُ) مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَوْلَادِي صُرِفَ إلَيْهِ.
(وَ) كَذَا إنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ (بِشَرْطِ أَنَّهُ) مَنْ تَأَدَّبَ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ صُرِفَ إلَيْهِ (، وَنَحْوُهُ) فَيُرْجَعُ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ كَالشَّرْطِ.
(وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ: الشَّرْطِ (فِي عَدَمِ إيجَارِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (وَ) فِي (قَدْرِ الْمُدَّةِ) فَإِذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَر مِنْ سَنَةٍ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لَكِنْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ يُزَادُ بِحَسَبِهَا وَلَمْ يَزَلْ عَمَلُ الْقُضَاةِ فِي عَصْرِنَا وَقَبْلِهِ عَلَيْهِ بَلْ نُقِلَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي:، وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ تُفْضِ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الْمِرْدَاوِيُّ وَلَمْ نَزَلْ نُفْتِي بِهِ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ بَيْعِهِ إذَنْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ بَعْضِهِمْ جَوَازُ الزِّيَادَةِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ.
، وَهُوَ يَحْتَاجُ عِنْدِي إلَى تَفْصِيلٍ (وَ) يُرْجَعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي (قَسْمِهِ) أَيْ: الرِّيعِ (عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى شَرْطِهِ (فِي تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ) كَعَلَى أَنَّ لِلْأُنْثَى سَهْمًا وَلِلذَّكَرِ سَهْمَيْنِ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ عَلَى أَنَّ لِلْمُؤَذِّنِ كَذَا، وَلِلْإِمَامِ كَذَا وَلِلْخَطِيبِ كَذَا وَلِلْمُدَرِّسِ كَذَا، وَنَحْوِهِ.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَقْدِيمٍ، كَالْبُدَاءَةِ بِبَعْضِ أَهْلِ الْوَقْفِ دُونَ بَعْضٍ، نَحْوُ وَقَفْتُ عَلَى زَيْدٍ، وَعَمْرٍو، وَبَكْرٍ، وَيَبْدَأُ بِالدَّفْعِ إلَى زَيْدٍ، أَوْ وَقَفْتُ عَلَى طَائِفَةِ كَذَا، وَيَبْدَأُ بِالْأَصْلَحِ أَوْ الْأَفْقَهِ أَوْ نَحْوِهِ) فَيُرْجَعُ إلَى ذَلِكَ.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَأْخِيرٍ، وَهُوَ عَكْسُ التَّقْدِيمِ) كَوَقَفْت عَلَى زَيْدٍ، وَعَمْرٍو، وَبَكْرٍ، وَيُؤَخَّرُ زَيْدٌ أَوْ وَقَفْتُ عَلَى طَائِفَةِ كَذَا، وَيُؤَخِّرُ بَطِيءَ الْفَهْم، وَنَحْوَهُ.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (جَمْعٍ، كَجَعْلِ الِاسْتِحْقَاقِ مُشْتَرَكًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ) كَأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِهِمْ.
(وَ) يُرْجَعُ إلَى شَرَطِهِ أَيْضًا فِي (تَرْتِيبٍ كَجَعْلِ اسْتِحْقَاقِ بَطْنٍ مُرَتَّبًا عَلَى آخَرَ) كَأَنْ يَقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ (فَالتَّقْدِيمُ بَقَاءُ أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُؤَخَّرِ عَلَى صِفَةِ أَنَّ لَهُ مَا فَضَلَ) عَنْ الْمُقَدَّمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْمُقَدَّمِ شَيْءٌ (سَقَطَ) الْمُؤَخَّرُ.
(، وَالْمُرَادُ إذَا كَانَ لِلْمُقَدَّمِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ) كَمِائَةٌ مَثَلًا (فَحِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ وَافِرَةٌ حَصَلَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْمُقَدَّرِ لِلْمُقَدَّمِ (فَضْلٌ) فَيَأْخُذُهُ الْمُؤَخَّرُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ غَيْرَ وَافِرَةٍ (فَلَا) يَفْضُلُ بَعْدَهُ فَضْلٌ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُؤَخَّرِ (وَالتَّرْتِيبُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمُؤَخَّرِ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ) فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَسْوِيَةٍ، كَقَوْلِهِ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ، وَنَحْوِهِ وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (تَفْضِيلٍ كَقَوْلِهِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، وَنَحْوِهِ)، وَالتَّسْوِيَةُ، وَالتَّفْضِيلُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي قَسْمِهِ (وَلَوْ جُهِلَ شَرْطُ الْوَاقِفِ) الْوَاقِفِ وَأَمْكَنَ التَّآنُسُ بِصَرْفِ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ رُجِعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَحُ مِمَّا عَدَاهُ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ، وَوُقُوعِهِ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنْ تَعَذَّرَ، وَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى عِمَارَةٍ أَوْ إصْلَاحٍ صُرِفَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْمٍ (عُمِلَ بِعَادَةٍ جَارِيَةٍ) أَيْ: مُسْتَمِرَّةٍ إنْ كَانَتْ (ثُمَّ) عُمِلَ (بِعُرْفٍ) مُسْتَقِرٍّ فِي الْوَقْفِ (فِي مَقَادِيرِ الصَّرْفِ كَفُقَهَاءِ الْمَدَارِسِ)؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الشَّرْطِ عَلَى وَفْقِهِ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ تَقْيِيدِ الْوَاقِفِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا، وَالْمُطْلَقُ مِنْهُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْعُرْفِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ ف (التَّسَاوِي) فَيُسَوَّى بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ التَّشْرِيكَ ثَابِتٌ، وَالتَّفْضِيل لَمْ يَثْبُتْ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُ الْوَقْفِ جُعِلَ كَوَقْفٍ مُطْلَقٍ لَمْ يُذْكَرْ مَصْرِفُهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ.
(التَّلْخِيصِ وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ إخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (بِصِفَةٍ بِصِفَةٍ وَإِدْخَالَهُ) أَيْ: مَنْ شَاءَ (بِصِفَةٍ، وَمَعْنَاهُ) أَيْ: الْإِخْرَاجِ، وَالْإِدْخَالِ بِصِفَةٍ (جَعْلُ الِاسْتِحْقَاقِ) عَلَى وَصْفٍ (كَالْوَقْفِ) عَلَى أَوْلَادِهِ مَثَلًا (بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ فُقَرَاءَ أَوْ صُلَحَاءَ، وَتَرَتَّبَ الْحِرْمَانُ) بِالْوَصْفِ (أَنْ يَقُولَ) هَذَا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ مَثَلًا (وَمَنْ فَسَقَ مِنْهُمْ أَوْ اسْتَغْنَى، وَنَحْوُهُ) كَتَرْكِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) صَحَّ عَلَى مَا قَالَ.
(وَ) شَرَطَ الْوَاقِفُ (إخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَثَلًا وَإِدْخَالَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ صَحَّ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِخْرَاجٍ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِصِفَتِهِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ حَقًّا فِي الْوَقْفِ إذَا اتَّصَفَ بِإِرَادَتِهِ أَعْطَاهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَقًّا إذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ تَعْلِيقٌ لِلْوَقْفِ بِصِفَةٍ، بَلْ وَقْفٌ مُطْلَقٌ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لَهُ صِفَةٌ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالتَّنْقِيحِ، وَالْمُنْتَهَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْرِطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ، وَفَرَضَهَا فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْإِنْصَافِ فِيمَا إذَا شَرَطَهُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ وَ(لَا) يَصِحُّ الْوَقْفُ إنْ شَرَطَ فِيهِ (إدْخَالَ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ) أَيْ: أَهْلِ الْوَقْفِ مَثَلًا وَإِخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ فَأَفْسَدَهُ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ، وَمَنْ تَابَعَهُ، وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (كَشَرْطِهِ) أَيْ: الْوَاقِفِ (تَغْيِيرَ شَرْطٍ) فَيَفْسُدُ الْوَقْفُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَكَمَا لَوْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنْ لَا يَنْتَفِعَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ: بِالْوَقْفِ فَيَفْسُدُ الْوَقْفُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ مُقْتَضَاهُ.
(وَلَوْ وَقَفَ) شَيْئًا (لِأَوْلَادِهِ لِأَوْلَادِهِ وَشَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَنَاتِ فَلَا حَقَّ لَهَا) فِي الْوَقْفِ صَحَّ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ (أَوْ وَقَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ مَا دَامَتْ عَازِبَةً صَحَّ) عَلَى مَا قَالَ قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا (وَيَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا قَالَ الشَّيْخُ: كُلُّ مُتَصَرِّفٍ بِوِلَايَةٍ إذَا قِيلَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ فِعْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِفِعْلِ مَا يَهْوَاهُ) مُطْلَقًا (أَوْ مَا يَرَاهُ مُطْلَقًا فَشَرْطٌ بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ) لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعَ (قَالَ: وَعَلَى النَّاظِرِ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ) أَيْ: التَّثَبُّتُ، وَالتَّحَرِّي فِيهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (فَيَعْمَلُ بِمَا ظَهَرَ) لَهُ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ (وَمَعَ الِاشْتِبَاهِ إنْ كَانَ) النَّاظِرُ (عَالِمًا عَادِلًا سَاغَ لَهُ اجْتِهَادُهُ وَقَالَ: لَوْ شَرَطَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ عَلَى أَهْلِ مَدْرَسَةٍ فِي الْقُدْسِ كَانَ الْأَفْضَلُ لِأَهْلِهَا أَنْ يُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَلَا يَقِفُ اسْتِحْقَاقُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَدْرَسَةِ، وَكَانَ يُفْتِي بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَغَيْرُهُ انْتَهَى).
وَقَالَ: إذَا شَرَطَ فِي اسْتِحْقَاقِ رِيعِ الْوَقْفِ الْعُزُوبَةَ فَالْمُتَأَهِّلُ أَحَقُّ مِنْ الْمُتَعَزِّبِ إذَا اسْتَوَيَا فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ وَقَالَ: إذَا وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَقَارِبُ الْوَاقِفِ الْفُقَرَاءُ أَحَقُّ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْأَجَانِبِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْحَاجَةِ، وَإِذَا قُدِّرَ وُجُودُ فَقِيرٍ مُضْطَرٍّ كَانَ دَفْعُ ضَرُورَتِهِ وَاجِبًا، وَإِذَا لَمْ تَنْدَفِعْ ضَرُورَتُهُ إلَّا بِتَشْقِيصِ كِفَايَةِ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَحْصُلُ لَهُمْ تُعَيِّنُ ذَلِكَ (مَثَلًا وَإِنْ خَصَّصَ) الْوَاقِفُ (الْمَدْرَسَةَ بِأَهْلِ مَذْهَبٍ) كَالْحَنَابِلَةِ أَوْ الشَّافِعِيَّةِ تَخَصَّصَتْ (أَوْ) خَصَّصَ الْمَدْرَسَةَ بِأَهْلِ (بَلَدٍ أَوْ) خَصَّصَهَا ب (قَبِيلَةٍ تَخَصَّصَتْ، وَكَذَلِكَ الرِّبَاطُ وَالْخَانِقَاهُ كَالْمَقْبَرَةِ) إذَا خَصَّصَهَا بِأَهْلِ مَذْهَبٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ قَبِيلَةٍ تَخَصَّصَتْ إعْمَالًا لِلشَّرْطِ إلَّا أَنْ يَقَعَ الِاخْتِصَاصُ بِنَقَلَةِ بِدْعَةٍ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.
(وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَإِنْ عَيَّنَ لِإِمَامَتِهِ) أَوْ عَيَّنَ ل (نَظَرِهِ أَوْ الْخَطَابَةِ) فِيهِ (شَخْصًا تَعَيَّنَ) فَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُ غَيْرِهِ، إعْمَالًا لِلشَّرْطِ (وَإِنْ خَصَّصَ الْإِمَامَةَ) فِي مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ.
وَفِي نُسَخٍ أَوْ الْخَطَابَةَ (بِمَذْهَبٍ تَخَصَّصَتْ بِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (مَا لَمْ يَكُنْ) الْمَشْرُوطُ لَهُ الْإِمَامَة (فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ السُّنَّةِ أَوْ) مُخَالِفًا ل (ظَاهِرِهَا سَوَاءٌ كَانَ) خِلَافُهُ (لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ) عَلَى السُّنَّةِ (أَوْ) ل (تَأْوِيلٍ) ضَعِيفٍ إذْ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مِثْلِ هَذَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (وَإِنْ خَصَّصَ الْمُصَلِّينَ فِيهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ، وَنَحْوِهِ (بِمَذْهَبٍ لَمْ يَخْتَصَّ) بِهِمْ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمَسْجِدِيَّةِ تَقْتَضِي عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ، كَمَا فِي التَّحْرِيرِ، فَاشْتِرَاطُ التَّخْصِيصِ يُنَافِيهِ (خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّلْخِيصِ) حَيْثُ قَالَ: تَخْتَصُّ بِهِمْ عَلَى الْأَشْبَهِ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي أَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَدْرَسَة أَوْ رِبَاطًا.
(قَالَ الشَّيْخُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ نُصُوصُ الْوَقْفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ يَعْنِي فِي الْفَهْمِ، وَالدَّلَالَةِ لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ)، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ (مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ) أَيْ: الْوَاقِفِ (وَلَفْظَ الْمُوصِي، وَالْحَالِفِ، وَالنَّاذِرِ، وَكُلِّ عَاقِدٍ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا، وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ أَوْ لُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا وَقَالَ:، وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ تُفْضِ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ وَلَا تَجُوزُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِهَا مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ) الشَّرْعِيِّ (بِهَا وَقَالَ: وَمَنْ شَرَطَ فِي الْقُرُبَاتِ أَنْ يُقَدِّمَ فِيهَا الصِّنْفَ الْمَفْضُولَ فَقَدْ شَرَطَ خِلَافَ شَرْطِ اللَّهِ كَشَرْطِهِ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمَ غَيْرِ الْأَعْلَمِ وَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فَاسِقٌ فِي جِهَةٍ دِينِيَّةٍ كَمَدْرَسَةٍ، وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا) سَوَاءٌ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ لَا (؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ، وَعُقُوبَتُهُ، فَكَيْفَ يَنْزِلُ وَقَالَ أَيْضًا: إنْ نَزَلَ مُسْتَحِقٌّ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ) عَمَّا نَزَلَ فِيهِ (بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ فِي وَاقِفٍ وَقَفَ مَدْرَسَةً مَدْرَسَةً وَشَرَطَ أَنْ لَا يُصْرَفَ رِيعُهَا لِمَنْ لَهُ مَثَلًا وَظِيفَةٌ بِجَامِكِيَّةٍ وَلَا مُرَتَّبٌ فِي جِهَةٍ أُخْرَى أَيْ: جَامَكِيَّةٌ فِي مَكَان آخَرَ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْطِ مَقْصُودٌ شَرْعِيٌّ خَالِصٌ أَوْ رَاجِحٌ كَانَ) الشَّرْطُ (بَاطِلًا كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ نَوْعًا مِنْ الْمَطْعَمِ، وَالْمَلْبَسِ، وَالْمَسْكَنِ الَّذِي لَمْ تَسْتَحِبَّهُ الشَّرِيعَةُ وَلَا يَمْنَعُهُمْ النَّاظِرُ مِنْ تَنَاوُل كِفَايَتِهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى).
هُمْ (مُرَتَّبُونَ فِيهَا وَلَيْسَ هَذَا إبْطَالًا لِلشَّرْطِ لَكِنَّهُ تَرْكٌ لِلْعَمَلِ بِهِ انْتَهَى).
، (وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنْ لَا يَنْزِلَ) فِي وَقْفِهِ (فَاسِقٌ وَلَا شِرِّيرٌ وَلَا مُتَجَوِّهٌ مُتَجَوِّهٌ وَنَحْوُهُمْ) كَمُبْتَدِعٍ (عُمِلَ بِهِ) أَيْ: الشَّرْطِ وُجُوبًا.
(قَالَ الشَّيْخُ: الْجِهَاتُ الدِّينِيَّةُ مِثْلُ الْخَوَانِكِ وَالْمَدَارِسِ، وَغَيْرِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فِيهَا فَاسِقٌ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِظُلْمِهِ الْخَلْقَ، وَتَعَدِّيهِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ، وَفِعْلِهِ) مِنْ نَحْوِ سَبٍّ أَوْ ضَرْبٍ (أَوْ) كَانَ (فِسْقُهُ بِتَعَدِّيهِ حُدُودَ اللَّهِ يَعْنِي: وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْهُ الْوَاقِفُ)، وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ قَرِيبًا (وَهُوَ) أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ (صَحِيحٌ) مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: الشَّرْطُ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ قَصْدُ الْقُرْبَةِ مِنْهُ، هَلْ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: وَالْمَعْرُوفُ عَنْ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَغَيْرِهِمْ.
، وَاسْتَدَلَّ لَهُ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ جَعْلِ الْمُبَاحِ جِهَةً لِلْوَقْفِ انْتِفَاءُ جَعْلِهِ شَرْطًا فِيهِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ أَصْلًا فِي الْجِهَةِ مُخِلٌّ بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْقُرْبَةُ، وَجَعْلُهُ شَرْطًا لَا يُخِلُّ بِهِ فَإِنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْبَعْضِ بِالْعَطِيَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَرْفَعُ أَصْلَ الْقُرْبَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّوَابِعِ، وَالشَّيْءُ قَدْ يَثْبُتُ لَهُ حَالَ تَبْقِيَتِهِ مَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حَالَ أَصَالَتِهِ (وَقَالَ) الشَّيْخُ (لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَحْضَرٍ لِوَقْفٍ فِيهِ شُرُوطٌ ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابُ الْوَقْفِ غَيْرَ ثَابِتٍ وَجَبَ ثُبُوتُهُ، وَالْعَمَلُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ) إثْبَاتُهُ.
(وَقَالَ أَيْضًا لَوْ أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِي هَذَا الْوَقْفِ إلَّا مِقْدَارًا مَعْلُومًا ثُمَّ ظَهَرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ) مِمَّا قَالَ حُكِمَ لَهُ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ الْمُتَقَدِّمُ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ عِلْمِهِ إيَّاهُ.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ شَرْطَ الْوَاقِف، إلَخْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا كَذَا كَذَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فَإِنْ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بَعْدَهُ لِوَلَدِهِ مَثَلًا فَلَهُ الطَّلَبُ بِمَا فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ مِنْ حِينِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَسْرِي عَلَى وَلَدِهِ، وَذَكَرَ التَّاجُ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَكَذِبَ فِي إقْرَارِهِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ لَهُ لَا يَنْتَقِلُ بِكَذِبِهِ انْتَهَى قَالَ الْمُحِبُّ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ كَوْنُ الْمُقِرِّ يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا، وَمُسْتَحِقُّ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ.
وَلَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي رِيعِهِ إلَّا بَعْدَ حُصُولِهِ فِي يَدِهِ فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ جَوَازَ بَيْعِهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ وَلَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِالرَّيْعِ قَبْلَ مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ لَاتَّخَذَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى إيجَارِهِ مُدَّةً مَجْهُولَةً بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَحِقُّ عِوَضًا مِنْ شَخْصٍ عَنْ رِيعِهِ أَوْ عَنْ رَقَبَتِهِ، وَيُقِرُّ لَهُ بِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُقِرِّ، أَوْ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِ الْمُقِرِّ، فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ إقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْوَقْفِ وَلَا بِرِيعِهِ إلَّا بِشَرْطِ مِلْكِهِ لِلرِّيعِ وَلَمْ أَزَلْ أُفْتِي بِهَذَا قَدِيمًا، وَحَدِيثًا مِنْ غَيْرِ أَنْ أَكُونَ قَدْ وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ وَلَا رَأَيْتُ فِيهِ كَلَامًا لِغَيْرِهِ وَلَكِنِّي قُلْتُهُ تَفَقُّهًا وَلَا أَظُنُّ مَنْ لَهُ نَظَرٌ تَامٌّ فِي الْفِقْهِ يَقُولُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ مِنْهُ وَلَا الْغُسْلُ) وَلَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ اتِّبَاعُ تَعْيِينِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ.
(قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَشُرْبُ مَاءٍ مَوْقُوفٍ لِلْوُضُوءِ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ، وَأَوْلَى) وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِي الْفَرَسِ الْحَبِيسِ: لَا يُعِيرُهُ وَلَا يُؤَجِّرُهُ إلَّا لِنَفْعِ الْفَرَسِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْكَبَهُ فِي حَاجَتِهِ إلَّا لِتَأْدِيبِهِ وَجَمَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَرِفْعَةٍ لَهُمْ أَوْ غَيْظَةٍ لِلْعَدُوِّ، وَسُئِلَ عَنْ التَّعْلِيمِ بِسِهَامِ الْغَزْوِ؟ فَقَالَ: هُوَ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ: أَخَافُ أَنْ تُكْسَرَ، وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ حُصُرِ الْمَسْجِدِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا لِمُنْتَظِرِ جِنَازَةٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَيَجُوزُ لِلْأَغْنِيَاءِ الشُّرْبُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَى فِي السَّبِيلِ)؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْفُقَرَاءِ (وَيَجُوزُ رَكُوبُ الدَّابَّةِ) الْحَبِيسِ (لِسَقْيِهَا، وَعَلَفِهَا)، وَنَحْوِهِمَا مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْفَرَسِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا سَبَقَ عَنْ الْآجُرِّيِّ.
، (فَصْلٌ وَيُرْجَعُ إلَى شَرْطِهِ أَيْ: الْوَاقِفِ أَيْضًا فِي النَّاظِرِ فِيهِ) أَيْ: الْوَقْفِ سَوَاءٌ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا إمَّا بِالتَّعْيِينِ كَفُلَانٍ، أَوْ بِالْوَصْفِ كَالْأَرْشَدِ أَوْ الْأَعْلَمِ أَوْ الْأَكْبَرِ، أَوْ مَنْ هُوَ بِصِفَةِ كَذَا، فَمَنْ وُجِدَ فِيهِ الشَّرْطُ ثَبَتَ لَهُ النَّظَرُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَفِي وَقْفِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَطَ النَّظَرَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ، ثُمَّ لِابْنِهِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) إذَا كَانَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ، وَخَرِبَ، بِأَنْ يَقُولَ: يُنْفَقُ عَلَيْهِ أَوْ يُعَمَّرُ مِنْ جِهَةِ كَذَا.
(وَ) يُرْجَعُ أَيْضًا إلَى شَرْطِهِ فِي (سَائِرِ أَحْوَالِهِ)؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِوَقْفِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُتْبَعَ فِيهِ شَرْطُهُ (فَإِنْ عَيَّنَ) الْوَاقِفُ (الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ، أَوْ) مِنْ (غَيْرِهَا عُمِلَ بِهِ) رُجُوعًا إلَى شَرْطِهِ.
(وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ: الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ وَاقِفٌ (وَكَانَ) الْمَوْقُوفُ (ذَا رُوحٍ) كَالرَّقِيقِ، وَالْخَيْلِ (ف) إنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ (مِنْ غَلَّتِهِ)؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي تَحْبِيسَ الْأَصْلِ، وَتَسْبِيلَ مَنْفَعَتِهِ.
وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ (غَلَّةٌ) لِضَعْفٍ بِهِ، وَنَحْوِهِ (ف) نَفَقَتُهُ (عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ)؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِنْفَاقُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَتِهِ وَنَحْوِهِمَا (بَيْعُ) الْوَقْفُ (وَصُرِفَ) ثَمَنُهُ (فِي عَيْنٍ أُخْرَى تَكُونُ وَقْفًا لِمَحِلِّ الضَّرُورَةِ) أَيْ: لِأَجْلِ حُلُولِ الضَّرُورَةِ إنْ لَمْ تُمْكِنْ إجَارَتُهُ.
فَإِنْ أَمْكَنَتْ أُجِّرَ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ الْمُقْتَضِيَةِ الْبَيْعَ بِهَا (فَإِنْ عَدِمَ الْغَلَّةَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُؤَجَّرَ كَالْعَبْدِ) الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ل (يَخْدِمَهُ، وَالْفَرَسِ يَغْزُو عَلَيْهِ أَوْ يَرْكَبُهُ، أُجِّرَ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ) دَفْعًا لِلضَّرُورَةِ.
(وَكَذَا لَوْ احْتَاجَ خَانٌ مُسْبَلٌ) إلَى مَرَمَّةٍ (أَوْ) احْتَاجَتْ (دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى الْحَاجِّ أَوْ الْغُزَاةِ) أَوْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَنَحْوِهِمْ (إلَى مَرَمَّةٍ) أَيْ: إصْلَاحٍ (أَوْ أُجِّرَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ: مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي مَرَمَّتِهِ لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ.
(وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ كَالْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِمْ) كَالْفُقَهَاءِ (فَنَفَقَتُهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ (فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِانْتِفَاءِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ فَهُوَ كَالْحُرِّ.
(فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (بِيعَ كَمَا تَقَدَّمَ) فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ (وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ) الْمَوْقُوفُ (فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ عَلَى مَا قُلْنَا فِي نَفَقَتِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) تَفْصِيلُهُ (وَإِنْ كَانَ) الْوَقْفُ (مَا لَا رُوحَ فِيهِ كَالْعَقَارِ كَالْعَقَارِ وَنَحْوِهِ) مِنْ سِلَاحٍ سِلَاحٍ وَمَتَاعٍ وَمَتَاعٍ وَكُتُبٍ (لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِشَرْطِ) وَاقِفِ عِمَارَتِهِ (كَالطَّلْقِ) ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ، وَغَيْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ: تَجِبُ إبْقَاءً لِلْأَصْلِ لِيَحْصُلَ دَوَامُ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: تَجِبُ عِمَارَةُ الْوَقْفِ بِحَسَبِ الْبُطُونِ (فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عِمَارَتَهُ عُمِلَ بِهِ) أَيْ: الشَّرْطِ (مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ شَرَطَ الْبُدَاءَةَ بِالْعِمَارَةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا، فَيُعْمَلُ بِمَا شَرَطَ، لَكِنْ إنْ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْجِهَةِ عُمِلَ بِهِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى التَّعْطِيلِ.
فَإِذَا أَدَّى إلَيْهِ قُدِّمَتْ الْعِمَارَةُ حِفْظًا لِأَصْلِ الْوَقْفِ وَقَالَ: اشْتِرَاطُ الصَّرْفِ إلَى الْجِهَةِ كُلَّ شَهْرِ كَذَا فِي مَعْنَى اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ (مَعَ الْإِطْلَاقِ) أَيْ: إطْلَاقِ الْوَاقِفِ شَرْطَ الْعِمَارَةِ بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبُدَاءَةَ بِهَا وَلَا تَأَخُّرَهَا (تُقَدَّمُ) الْعِمَارَةُ (عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ) قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: مَا لَمْ يُفْضِ إلَى تَعْطِيلِ مَصَالِحِهِ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الْإِمْكَانِ (وَقَالَ الشَّيْخُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ الْإِمْكَانِ أَوْلَى) بَلْ قَدْ يَجِبُ.
(وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (لِمَصْلَحَةٍ، كَشِرَائِهِ لِلْوَقْفِ نَسِيئَةً أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ)؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ مُؤْتَمَنٌ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَالْإِذْنُ وَالِائْتِمَانُ ثَابِتَانِ.
(وَيَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ) حَيْثُ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْوَاقِفِ لَهَا صَرْفٌ عَمَّا سِوَاهَا (وَيَجُوزُ صَرْفُ الْمَوْقُوفِ عَلَى بِنَاءِ الْمَسْجِدِ لِبِنَاءِ مَنَارَتِهِ مَنَارَتِهِ وَإِصْلَاحِهَا، وَإِصْلَاحِهَا وَبِنَاءِ مِنْبَرِهِ مِنْبَرِهِ وَأَنْ يُشْتَرَى مِنْهُ سُلَّمٌ لِلسَّطْحِ، لِلسَّطْحِ وَأَنْ يُبْنَى مِنْهُ ظُلَّةٌ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِهِ، وَمَصَالِحِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ) صَرْفُ الْمَوْقُوفِ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ (فِي بِنَاءِ مِرْحَاضٍ)، وَهُوَ بَيْتُ الْخَلَاءِ، وَجَمْعُهُ مَرَاحِيضُ لِمُنَافَاتِهِ الْمَسْجِدَ، وَإِنْ ارْتَفَقَ بِهِ أَهْلُهُ.
(وَ) لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ أَيْضًا فِي (زَخْرَفَةِ مَسْجِدٍ) بِالذَّهَبِ أَوْ الْأَصْبَاغِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَلَيْسَ بِبِنَاءٍ، بَلْ لَوْ شَرَطَ لِمَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قُرْبَةً وَلَا دَاخِلًا فِي قِسْمِ الْمُبَاحِ (وَلَا فِي شِرَاءِ مَكَانِسَ، وَمَجَارِفَ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَاءً وَلَا سَبَبًا لَهُ فَانْتَفَى دُخُولُهُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.
(قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَصَالِحِهِ جَازَ صَرْفُهُ فِي نَوْعِ الْعِمَارَةِ، وَفِي مَكَانِسَ)، وَحُصُرٍ (وَمَجَارِفَ، وَمَسَاحٍ وَقَنَادِيلَ، وَوَقُودٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ كَزَيْتٍ (وَرِزْقِ إمَامٍ، وَمُؤَذِّنٍ وَقَيِّمٍ) لِدُخُولِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَضْعًا أَوْ عُرْفًا انْتَهَى بِالْمَعْنَى.
(وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ: إذَا وَقَفَ عَلَى مَصَالِحِ الْحَرَمِ، وَعِمَارَتِهِ فَالْقَائِمُونَ بِالْوَظَائِفِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَسْجِدُ مِنْ التَّنْظِيفِ، وَالْحِفْظِ، وَالْفُرُشِ، وَفَتْحِ الْأَبْوَابِ، وَإِغْلَاقِهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ، وَمَا يَأْخُذُ الْفُقَهَاء مِنْ الْوَقْفِ كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا كَجَعْلٍ وَلَا كَأُجْرَةٍ فِي أَصَحِّهَا) أَيْ: الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، قَالَهُ فِي التَّنْقِيحِ وَلِذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا: أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى نَوْعِ الْقُرْبِ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الْمَشْرُوطِ فِي الْوَقْفِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ فِي النَّاظِرِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ عِوَضًا، وَأُجْرَةً، بَلْ رِزْقٌ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ (وَكَذَلِكَ الْمَالُ الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَال الْبِرِّ الْبِرِّ وَالْمُوصَى بِهِ أَوْ الْمَنْذُورِ) لَهُ لَيْسَ كَالْأُجْرَةِ، وَالْجُعْلِ انْتَهَى وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: وَلَا يُقَالُ: إنَّ مِنْهُ مَا يُؤْخَذُ أُجْرَةً عَنْ عَمَلٍ كَالتَّدْرِيسِ، وَنَحْوِهِ لِأَنَّا نَقُولُ أَوَّلًا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةٌ مَحْضَةٌ بَلْ هُوَ رِزْقٌ، وَإِعَانَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأَمْوَالِ انْتَهَى قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى، وَعَلَى الْأَقْوَالِ حَيْثُ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَرْطٍ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ انْتَهَى يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
فَإِنْ كَانَ مِنْهُ كَأَوْقَافِ السَّلَاطِينِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ بِوَقْفٍ حَقِيقِيٍّ، بَلْ كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ الرَّمْلِيِّ، وَغَيْرِهِ فِي وَقْفِ جَامِعِ طُولُونَ، وَنَحْوِهِ.
(وَقَالَ) الشَّيْخُ (أَيْضًا مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ قَوْمٌ لَهُمْ رَوَاتِبُ أَضْعَافُ حَاجَاتِهِمْ) أَيْ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَقَوْمٌ لَهُمْ جِهَاتٌ مَعْلُومُهَا كَثِيرٌ يَأْخُذُونَهُ وَيَسْتَنِيبُونَ) فِي الْجِهَاتِ (بِيَسِيرٍ) مِنْ الْمَعْلُومِ؛ لِأَنَّ هَذَا خِلَافُ غَرَضِ الْوَاقِفِينَ.
(قَالَ) الشَّيْخُ (وَالنِّيَابَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ) مِنْ تَدْرِيسٍ، وَإِمَامَةٍ، وَخَطَابَةٍ، وَأَذَانٍ، وَغَلْقِ بَابٍ، وَنَحْوِهَا (جَائِزَةٌ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ)، وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى لَهُ: وَلَوْ نَهَى الْوَاقِفُ عَنْهُ (إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلُ مُسْتَنِيبِهِ) فِي كَوْنِهِ أَهْلًا لِمَا اُسْتُنِيبَ فِيهِ (وَقَدْ يَكُونُ) هَكَذَا فِي الْفُرُوعِ، وَالِاخْتِيَارَاتِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: صَوَابُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ (فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ) هَكَذَا هُوَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ انْتَهَى، وَكَذَا ذُكِرَ مَعْنَاهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَجَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ (كَالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ) كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَبِنَاءِ الْحَائِطِ.
(فَصْلٌ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْوَاقِفُ (نَاظِرًا نَاظِرًا وَشَرَطَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (لِإِنْسَانٍ فَمَاتَ) الْمَشْرُوطُ لَهُ (فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ وِلَايَةُ النَّصْبِ) أَيْ: نَصْبِ نَاظِرٍ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ فَلَا يَمْلِكُ النَّصْبَ وَلَا الْعَزْلَ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ.
(وَيَكُونُ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (آدَمِيًّا مُعَيَّنًا) كَزَيْدٍ (أَوْ جَمْعًا مَحْصُورًا) كَأَوْلَادِهِ أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَنْظُرُ عَلَى حِصَّتِهِ) كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَغَلَّتُهُ لَهُ.
(وَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (غَيْرُ الْمَحْصُورِ كَالْوَقْفِ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ كَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ)، وَالْعُلَمَاءِ، وَالْغُزَاةِ نَظَرُهُ لِلْحَاكِمِ (أَوْ) الْمَوْقُوفِ عَلَى (مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَسِقَايَةٍ (ف) نَظَرُهُ (لِلْحَاكِمِ أَوْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ) الْحَاكِمُ عَلَى بَلَدِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ.
(مُعَيَّنٌ وَوَظِيفَةُ النَّاظِرِ: حِفْظُ الْوَقْفِ، وَعِمَارَتُهُ، وَإِيجَارُهُ، وَزَرْعُهُ، وَمُخَاصَمَةٌ فِيهِ، وَتَحْصِيلُ رِيعِهِ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ، وَالِاجْتِهَادُ فِي تَنْمِيَتِهِ وَصَرْفِهِ فِي جِهَاتِهِ مِنْ عِمَارَةٍ، وَإِصْلَاحٍ، وَإِعْطَاءٍ مُسْتَحِقٍّ)، وَتَقَدَّمَ فِي الْوِكَالَةِ: يُقْبَلُ قَوْلُ النَّاظِرِ الْمُتَبَرِّعِ فِي دَفْعٍ لِمُسْتَحِقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَنَحْوِهِ) كَشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْوَقْفَ، وَحِفْظَهُ، وَحِفْظَ رِيعِهِ، وَتَنْفِيذَ شَرْطِ وَاقِفِهِ وَطَلَبُ الْحَظِّ فِيهِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا فَكَانَ ذَلِكَ إلَى النَّاظِرِ (وَلَهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ: الْوَقْفِ مَثَلًا وَعَلَى رِيعِهِ.
(وَ) لَهُ (التَّقْرِيرُ فِي وَظَائِفِهِ ذَكَرُوهُ فِي نَاظِرِ الْمَسْجِدِ فَيَنْصِبُ مَنْ يَقُومُ بِوَظَائِفِهِ مِنْ إمَامٍ، وَمُؤَذِّنٍ وَقَيِّمٍ، وَغَيْرِهِمْ، كَمَا أَنَّ لِلنَّاظِرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ نَصْبَ مَنْ يَقُومُ بِمَصْلَحَتِهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (مِنْ جَابٍ، وَنَحْوِهِ) كَحَافِظٍ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمَتَى امْتَنَعَ مِنْ نَصْبِ مَنْ يَجِبُ نَصْبُهُ نَصَبَهُ الْحَاكِمُ، كَمَا فِي عَضَلِ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ انْتَهَى قُلْت: وَكَذَا لَوْ طَلَبَ جَعْلًا عَلَى النَّصْبِ.
(وَإِنْ أَجَرَ النَّاظِرُ) الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ ب (أَنْقَصَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ صَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (وَضَمِنَ) النَّاظِرُ (النَّقْصَ) عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْره، وَكَانَ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ بِهِ فِي الْعَادَةِ كَالْوَكِيلِ إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أَجَّرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ.
(وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) حَيْثُ صَحَّتْ (لَوْ طَلَبَ) الْوَقْفَ (بِزِيَادَةٍ) عَنْ الْأُجْرَةِ الْأُولَى، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَتَقَدَّمَ (قَالَ الْمُنَقِّحُ: لَوْ غَرَسَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَوْ بَنَى) لِنَفْسِهِ (فِيمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَهُوَ) أَيْ: الْغِرَاسُ، وَالْبِنَاءُ (لَهُ) أَيْ: الْغَارِسِ أَوْ الْبَانِي (مُحْتَرَمٌ)؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِحَقٍّ قُلْت: فَلَوْ مَاتَ، وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ لِغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَغَرْسٍ، وَبِنَاءٍ مُسْتَأْجَرٍ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ.
(وَإِنْ كَانَ) الْغَارِسُ (أَوْ الْبَانِي شَرِيكًا) فِيمَا غَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهِ، بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ (أَوْ) كَانَ (لَهُ النَّظَرُ فَقَطْ) دُونَ الِاسْتِحْقَاقِ (ف) غَرْسُهُ أَوْ بِنَاؤُهُ (غَيْرُ مُحْتَرَمٍ) فَلِبَاقِي الشُّرَكَاءِ الْمُسْتَحِقِّينَ هَدْمُهُ.
(وَيَتَوَجَّهُ إنْ أَشْهَدَ) أَيْ: فَغَرْسُهُ، وَبِنَاؤُهُ لَهُ مُحْتَرَمًا أَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ لَهُ (ف) غَرْسُهُ، وَبِنَاؤُهُ (لِلْوَقْفِ) تَبَعًا لِلْأَرْضِ (وَلَوْ غَرَسَهُ) النَّاظِرُ أَوْ بَنَاهُ (لِلْوَقْفِ أَوْ مِنْ) مَالِ (الْوَقْفِ فَوَقْفٌ، وَيَتَوَجَّهُ فِي غَرْسِ أَجْنَبِيٍّ)، وَمِثْلُهُ بِنَاؤُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ النَّاظِرِ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (أَنَّهُ لِلْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ انْتَهَى)، وَالتَّوْجِيهَانِ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَدُ الْوَاقِفِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ مَا لَمْ تَأْتِ حُجَّةٌ تَدْفَعُ مُوجِبَهَا كَمَعْرِفَةِ كَوْنِ الْغَارِسِ غَرَسَهَا لَهُ بِحُكْمِ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ، وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الْبِنَاءِ بِلَا حُجَّةٍ، وَيَدُ أَهْلِ عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا فِيهَا بِحُكْمِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا مَعَ بَيِّنَةٍ بِاخْتِصَاصِهِ بِبِنَاءٍ، وَنَحْوِهِ.
(مَثَلًا وَيَأْكُلُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْوَقْفَ بِمَعْرُوفٍ نَصًّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ الشَّيْخُ: لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مَعَ فَقْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ).
(الْحَجْرُ وَيُشْتَرَطُ فِي النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ إسْلَامٌ) إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، أَوْ كَانَتْ الْجِهَةُ كَمَسْجِدٍ، وَنَحْوِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَافِرٍ مُعَيَّنٍ جَازَ شَرْطُ النَّظَرِ فِيهِ لَكَافِرٍ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْكُفَّارِ، وَشَرَطَ النَّظَرَ لِأَحَدِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ، فَيَصِحُّ كَمَا فِي وَصِيَّةِ الْكَافِرِ لَكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي، وَغَيْرُهُ.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ (تَكْلِيفٌ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يُنْظَرُ فِي مِلْكِهِ الْمُطْلَقِ فَفِي الْوَقْفِ أَوْلَى.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيهِ (كِفَايَةٌ فِي التَّصَرُّفِ مَثَلًا وَخِبْرَةٌ بِهِ) أَيْ: التَّصَرُّفِ.
(وَقُوَّةٌ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ حِفْظِ الْوَقْفِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يُمْكِنْهُ مُرَاعَاةُ حِفْظِ الْوَقْفِ وَ(لَا) تُشْتَرَطُ فِيهِ (الذُّكُورِيَّةُ)؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَوْصَى بِالنَّظَرِ إلَى حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (وَلَا) تُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيهِ (الْعَدَالَةُ)، وَيُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ عَدْلٌ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالسَّامِرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ، وَحِفْظِ الْوَقْفِ (مَثَلًا وَيُضَمُّ إلَى) نَاظِرٍ (ضَعِيفٍ قَوِيٌّ أَمِينٌ) لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ سَوَاءٌ كَانَ نَاظِرًا بِشَرْطٍ أَوْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ.
(فَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِغَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِأَنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ وَلَّى الْحَاكِمُ نَاظِرًا مِنْ غَيْرِهِمْ (أَوْ) كَانَ النَّظَرُ (لِبَعْضِهِمْ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ حَاكِمٍ) بِأَنْ كَانَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَوَلَّى الْحَاكِمُ مِنْهُمْ نَاظِرًا عَلَيْهِ (أَوْ) مِنْ (نَاظِرٍ) أَصْلِيٍّ (فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ فِيهِ)؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى مَالٍ فَاشْتُرِطَ لَهَا الْعَدَالَةَ كَالْوِلَايَةِ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْأَجْنَبِيُّ الْمُوَلَّى مِنْ حَاكِمٍ أَوْ نَاظِرٍ أَصْلِيٍّ (عَدْلًا لَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُ) لِفَوَاتِ شَرْطِهَا، وَهُوَ الْعَدَالَةُ.
(وَأُزِيلَتْ يَدُهُ) عَنْ الْوَقْفِ حِفْظًا لَهُ (فَإِنْ) تَوَلَّى الْأَجْنَبِيُّ الْأَجْنَبِيُّ وَهُوَ عَدْلٌ ثُمَّ (فَسَقَ) أُزِيلَتْ يَدُهُ (أَوْ أَجَّرَ) صَوَابُهُ: أَصَرَّ، كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ (مُتَصَرِّفًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ فَسَقَ، وَأُزِيلَتْ يَدُهُ)؛ لِأَنَّ مَا مَنَعَ التَّوْلِيَةَ ابْتِدَاءً مَنَعَهَا دَوَامًا.
(فَإِنْ عَادَ إلَى أَهْلِيَّتِهِ عَادَ حَقُّهُ) مِنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ (كَمَا لَوْ صَرَّحَ) الْوَاقِفُ (بِهِ) أَيْ: بِأَنَّهُ إذَا عَادَ إلَى أَهْلِيَّتِهِ عَادَ حَقُّهُ (وَكَالْمَوْصُوفِ) بِأَنْ قَالَ: النَّظَرُ لِلْأَرْشَدِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا زَالَ هَذَا الْوَصْفُ عَنْهُ أُزِيلَتْ يَدُهُ فَإِنْ عَادَ عَادَ حَقُّهُ.
(قَالَهُ الشَّيْخُ)، وَهَذَا فِي النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ مَرْجُوحٌ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى، وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا فَسَقَ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَلَا تُزَالُ يَدُهُ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ حِفْظُ الْوَقْفِ مِنْهُ فَتُزَالُ وِلَايَتُهُ؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ حِفْظِ الْوَقْفِ أَهَمُّ مِنْ إبْقَاءِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّيْخُ (الشَّيْخُ وَمَتَى فَرَّطَ) النَّاظِرُ (سَقَطَ مِمَّا لَهُ) أَيْ: مِنْ الْمَعْلُومِ (بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ الْوَاجِبِ) عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فَيُوَزَّعُ مَا قُدِّرَ لَهُ عَلَى مَا عَمِلَ، وَعَلَى مَا لَمْ يَعْمَلْهُ، وَيَسْقُطُ قِسْطُ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي الْعَامِلِ يَسْتَحِقُّ مَا) جُعِلَ (لَهُ إنْ كَانَ) الْجُعْلُ (مَعْلُومًا فَإِنْ قَصَّرَ) الْعَامِلُ (فَتَرَكَ بَعْضَ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا قَابَلَهُ) أَيْ: مَا قَابَلَ بَعْضَ الْعَمَلِ الْمَتْرُوكِ (الْمَتْرُوكِ وَإِنْ كَانَ) الْعَمَلُ قَدْ وُجِدَ لَكِنْ (بِجِنَايَةٍ) أَيْ: مَعَ جِنَايَةٍ (مِنْهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (اسْتَحَقَّهُ) أَيْ: الْجُعْلَ لِوُجُودِ الْعَمَلِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْجَعْلِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِمَّا جُعِلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ لَمْ يَلْتَزِمْهَا (يَلْتَزِمْهَا وَإِنْ كَانَ) الْجُعْلُ (مَجْهُولًا) وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ كُفَّارٍ فَالْجِعَالَةُ فَاسِدَةٌ وَلِلْعَامِلِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَعَالَةِ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ: الْجُعْلُ (مُقَدَّرًا فِي الدِّيوَانِ، وَعَمِلَ بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الْمُقَدَّرِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُمَّالِ (فَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) يَسْتَحِقُّهُ ذَلِكَ الْعَامِلُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُوَافَقَتُهُ لِلْوَاقِعِ.
(وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (لِنَاظِرٍ أُجْرَةً) أَيْ: عِوَضًا مَعْلُومًا فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ اخْتَصَّ بِهِ، وَكَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْ أُمَنَاءَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ أَكْثَرَ (فَكُلْفَتُهُ) أَيْ: كُلْفَةُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْ نَحْوِ أُمَنَاءَ، وَعُمَّالٍ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّاظِرِ يَصْرِفُهَا مِنْ الزِّيَادَةِ (حَتَّى يَبْقَى) لَهُ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ شَرَطَهُ لَهُ خَالِصًا، وَهَذَا الْمَذْكُورُ فِي النَّاظِرِ نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ صَرِيحٌ فِي اخْتِصَاصِ النَّاظِرِ بِهِ فَتَوَقُّفُ الِاخْتِصَاصِ عَلَى مَا قَالُوا لَا مَعْنَى لَهُ- إلَى أَنْ قَالَ- وَصَرِيحُ الْمُحَابَاةِ لَا يَقْدَحُ فِي الِاخْتِصَاصِ بِهِ إجْمَاعًا.
(وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) الْوَاقِفُ (لَهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (شَيْئًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِأَخْذِ الْجَارِي) أَيْ: أَجْرِ الْمِثْلِ (عَلَى عَمَلِهِ) أَيْ: مُعَدًّا لِأَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى عَمَلِهِ (فَلَهُ جَارِي) أَيْ: أُجْرَةٌ مِثْلُ (عَمَلِهِ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِأَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى عَمَلِهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِعَمَلِهِ، وَهَذَا فِي عَامِلِ النَّاظِرِ، وَاضِحٌ، وَأَمَّا النَّاظِرُ فَقَدْ تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يُسَمَّ لَهُ شَيْءٌ يَأْكُلُ بِالْمَعْرُوفِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فَيَكُونُ مُقَابِلًا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (الْأُجْرَةُ مِنْ وَقْتِ نَظَرِهِ فِيهِ) أَيْ: الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِقَدْرِهِ (فَإِنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (مِنْ وَاقِفٍ هُوَ) أَيْ: النَّاظِرُ (فَاسِقٌ) حَالَ الْوِلَايَةِ (أَوْ عَدْلٌ فَفَسَقَ صَحَّ) كَوْنُهُ نَاظِرًا (وَضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ) سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ بَعْضَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ كَمَا قَدَّمْتُهُ.
(وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إمَّا بِجَعْلِ الْوَاقِفِ النَّظَرَ لَهُ) بِأَنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ وَنَظَرُهُ لَهُ (أَوْ لِكَوْنِهِ أَحَقَّ بِهِ لِعَدَمِ نَاظِرٍ) شَرَطَهُ الْوَاقِفُ (فَهُوَ) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَحَقُّ بِهِ بِذَلِكَ) أَيْ: بِالنَّظَرِ (إذَا كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا رَجُلًا كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَوْ امْرَأَةً عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ) يَمْلِكُ الْوَقْفَ فَهُوَ (يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ) مُقْتَضَاهُ: وَلَوْ كَافِرًا كَمَا مَالَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لِجَمَاعَةٍ) مَحْصُورِينَ (رَشِيدِينَ فَالنَّظَرُ لِلْجَمِيعِ لِكُلِّ إنْسَانٍ) مِنْهُمْ يَنْظُرُ (فِي حِصَّتِهِ) فِي الطَّلْقِ وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: إنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ فِي حَالِ الشَّرْطِ لَا يَسْتَقِلُّ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مُسْنَدٌ إلَى الْجَمِيعِ فَوَجَبَ الشَّرْطُ فِي مُطْلَقِ النَّظَرِ فَمَا مِنْ نَظَرٍ إلَّا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ (فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ مَجْنُونًا) وَلَمْ يَشْتَرِطْ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ (قَامَ وَلِيُّهُ فِي النَّظَرِ مَقَامَهُ)؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ فَهُوَ (كَمِلْكِهِ الطَّلْقِ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ) مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (ثُمَّ عَزَلَهُ لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ) كَإِخْرَاجِ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ) أَيْ: عَزْلَ النَّاظِرِ الْوَاقِفَ (لِنَفْسِهِ) فَإِنْ اشْتَرَطَهُ مَلَكَهُ بِالشَّرْطِ.
(فَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (لِغَيْرِهِ أَوْ أَسْنَدَهُ أَوْ فَوَّضَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (إلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ: جَعَلْتُ النَّظَرَ أَوْ فَوَّضْتُهُ أَوْ أَسْنَدْتُهُ إلَى زَيْدٍ (فَلَهُ) أَيْ: الْوَاقِفِ (عَزْلُهُ) أَيْ: الْمَجْعُولِ أَوْ الْمُفَوَّضِ أَوْ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ أَشْبَهَ بِالْوَكِيلِ.
(وَلِنَاظِرٍ بِالْأَصَالَةِ، وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) الْمُعَيَّنُ (وَالْحَاكِمُ) فِيمَا وُقِفَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ غَيْرَهُ (نَصْبُ نَاظِرٍ، وَعَزْلُهُ) قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: أَيْ: نَصْبُ وَكِيلٍ عَنْهُ، وَعَزْلُهُ، انْتَهَى لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ، أَشْبَهَ الْمُتَصَرِّفَ فِي مَالِ نَفْسِهِ (وَأَمَّا النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ فَلَيْسَ لَهُ نَصْبُ نَاظِرٍ وَلَا الْوَصِيَّةُ بِالنَّظَرِ)؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ مُسْتَفَادٌ بِالشَّرْطِ وَلَمْ يُشْرَطْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (مَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا لَهُ) أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ شَاءَ أَوْ يُوصِي لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ هُوَ الْمَشْرُوطُ لَهُ، فَالْأَشْبَهُ أَنَّ لَهُ النَّصْبَ لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ، إذْ الشَّرْطُ كَالْمُؤَكِّدِ لِمُقْتَضَى الْوَقْفِ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ أَسْنَدَ) الْوَاقِفُ (النَّظَرَ إلَى اثْنَيْنِ) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ (فَأَكْثَرَ أَوْ جَعَلَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (الْحَاكِمُ أَوْ النَّاظِرُ) الْأَصْلِيُّ (إلَيْهِمَا) أَيْ: إلَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا مُسْتَقِلًّا) عَنْ الْآخَرِ (بِمَا شَرَطَ)؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرْضَ بِوَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ، وَأَبَى أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ آخَرَ (آخَر وَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَحَّ) تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَبَى لَمْ يُحْتَجْ إلَى إقَامَةِ آخَرَ (وَاسْتَقَلَّ) الْمَوْجُودُ مِنْهُمَا (بِهِ) أَيْ: بِالنَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَلَوْ تَنَازَعَ نَاظِرَانِ فِي نَصْبِ إمَامٍ نَصَّبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: النَّاظِرَيْنِ (زَيْدًا وَ) نَصَّبَ الْآخَر (عَمْرًا إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّا) أَيْ: إنْ لَمْ يَشْرِطْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِالتَّصَرُّفِ (لَمْ تَنْعَقِدْ) وِلَايَةُ (الْإِمَامَةِ) لِأَحَدِهِمَا لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا.
(وَإِنْ اسْتَقَلَّا، وَتَعَاقَبَا) بِأَنْ سَبَقَ نَصْبُ أَحَدِهِمَا الْآخَر (فَانْعَقَدَتْ لِلْأَسْبَقِ) مِنْهُمَا دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا (مَحَلًّا وَإِنْ اتَّحَدَا اتَّحَدَا وَاسْتَوَى الْمَنْصُوبَانِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا مُرَجِّحٌ (قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ) لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.
(وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ نَاظِرٍ خَاصٍّ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مَعَ حُضُورِهِ، فَيُقَرِّرُ حَاكِمٌ فِي وَظِيفَةٍ خَلَتْ فِي غَيْبَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِيَامِ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ فِي الْمُبَاشَرَةِ، وَدَوَامِ نَفْعِهِ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا لَوْ وَلَّى النَّاظِرُ الْغَائِبُ إنْسَانًا، وَوَلَّى الْحَاكِمُ آخَرَ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ تَوْلِيَةً مِنْهُمَا (لَكِنْ لِلْحَاكِمِ النَّظَرُ الْعَامُّ فَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّاظِرِ الْخَاصِّ (إنْ فَعَلَ) الْخَاصُّ (مَا لَا يَسُوغُ) لَهُ فِعْلُهُ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَلَهُ) أَيْ: الْحَاكِمِ (ضَمُّ أَمِينٍ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْخَاصِّ (مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ) مِنْ حِفْظِ الْوَقْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الثَّانِي وَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِإِذْنِهِ لِيَحْصُلَ الْغَرَضُ مِنْ نَصْبِهِ وَكَذَا إذَا ضُمَّ إلَى ضَعِيفٍ قَوِيٌّ مُعَاوِنٌ لَهُ فَلَا يُزَالُ يَدُ الْأُوَلِ عَنْ الْمَالِ وَلَا نَظَرِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ النَّاظِرُ دُونَ الثَّانِي هَذَا قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُوصَى لَهُ.
(وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا مَثَلًا وَمُدَرِّسًا وَمُدَرِّسًا وَمُعِيدًا وَمُعِيدًا وَإِمَامًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُومَ شَخْصٌ بِالْوَظَائِفِ كُلِّهَا، وَتَنْحَصِرُ فِيهِ)، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ بَعْضٍ لَا يَتَعَذَّرُ قِيَامُهُ بِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ (وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَجْمَعَ) النَّاظِرُ (بَيْنَ الْوَظَائِفِ لِوَاحِدٍ فَعَلَ) النَّاظِرُ ذَلِكَ.
(مَثَلًا وَمَا بَنَاهُ أَهْلُ الشَّوَارِعِ الشَّوَارِعِ وَالْقَبَائِلِ مِنْ الْمَسَاجِدِ فَالْإِمَامَةُ) فِيهِ (لِمَنْ رَضُوا بِهِ لَا اعْتِرَاضَ لِلسُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ) فِي أَئِمَّةِ مَسَاجِدِهِمْ.
(وَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ الرِّضَا بِهِ عَزْلُهُ)؛ لِأَنَّ رِضَاهُمْ بِهِ كَالْوِلَايَةِ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ) بِنَحْوِ فِسْقٍ أَوْ مَا يَمْنَعُ الْإِمَامَةَ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ إنْ غَابَ) قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْجِيرَانِ لَهُ لَيْسَ وِلَايَةً، وَإِنَّمَا قُدِّمَ لِرِضَاهُمْ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُمْ بِهِ الرِّضَا بِنَائِبِهِ كَمَا فِي الْوَصِيِّ بِالصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ أَوْ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ لَهُ بِالْوِلَايَةِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ.
(قَالَ الْحَارِثِيُّ): فَيُجْعَلُ نَصْبُ الْإِمَامِ فِي هَذَا النَّوْعِ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَيْ: جِيرَانِهِ، وَالْمُلَازِمِينَ لَهُ (، وَالْأَصَحُّ: أَنَّ لِلْإِمَامِ النَّصْبَ أَيْضًا)؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ (لَكِنْ لَا يُنَصِّبُ إلَّا بِرِضَا الْجِيرَانِ) عِبَارَتُهُ: لَا يُنَصِّبُ إلَّا مَنْ يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ.
(وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ الْخَاصُّ لَا يُنَصِّبُ مَنْ لَا يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ) لِمَا فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُد، وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ «ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْخَبَرِ وَقَالَ أَيْضًا الْحَارِثِيُّ مَا مَعْنَاهُ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ مَعَ وُجُودِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ نَصْبُ نَاظِرٍ فِي مَصَالِحِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَوَقْفِهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ.
(فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) الْقَاضِي (كَالْقُرَى الصِّغَارِ، وَالْأَمَاكِنِ النَّائِيَةِ) أَيْ: الْبَعِيدَةِ (أَوْ وُجِدَ الْقَاضِي وَكَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ، أَوْ) وُجِدَ الْقَاضِي، وَهُوَ مَأْمُونٌ لَكِنَّهُ (يُنَصِّبُ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَهُمْ) أَيْ: أَهْلِهِ (النَّصْبُ تَحْصِيلًا لِلْغَرَضِ، وَدَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ وَكَذَا مَا عَدَاهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (مِنْ الْأَوْقَافِ لِأَهْلِهِ نَصْبُ نَاظِرٍ فِيهِ لِذَلِكَ) أَيْ: لِعَدَمِ وُجُودِ الْقَاضِي الْمَأْمُونِ نَاصِبًا لِمَأْمُونٍ (وَإِنْ تَعَذَّرَ النَّصْبُ مِنْ جِهَةِ هَؤُلَاءِ فَلِرَئِيسِ الْقَرْيَةِ، أَوْ) رَئِيسِ (الْمَكَانِ النَّظَرُ، وَالتَّصَرُّفُ)؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
(كَلَامُهُ وَإِنْ نَزَلَ مُسْتَحِقٌّ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا نَزَلَ فِيهِ (بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ) مِنْ نَحْوِ فِسْقٍ يُنَافِيهِ أَوْ تَعْطِيلِ عَمَلٍ مَشْرُوطٍ (، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ بِوَظِيفَةِ غَيْرِهِ عَزَلَهُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَقُومُ بِهَا) تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ (إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَوَّلُ، وَيَلْتَزِمُ الْوَاجِبَ) قَبْلَ صَرْفِهِ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَلَوْ عُزِلَ مِنْ وَظِيفَةٍ لِلْفِسْقِ ثُمَّ تَابَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْمَسَاجِدِ السُّلْطَانِيَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ وَهِيَ) الْمَسَاجِدُ (الْكِبَارُ) أَيْ: الْجَوَامِعُ الْجَوَامِعُ وَمَا كَثُرَ أَهْلُهُ (إلَّا مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبُهُ لِئَلَّا يَفْتَاتُ عَلَيْهِ فِيمَا وُكِّلَ إلَيْهِ)، وَإِنْ نَدَبَ لَهُ إمَامَيْنِ، وَخَصَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ جَازَ كَمَا فِي تَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بِصَلَاةِ النَّهَارِ، وَالْآخَرِ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنْ لَمْ يُخَصِّصْ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَأَيُّهُمَا سَبَقَ كَانَ أَحَقَّ وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِقَوْمٍ آخَرِينَ، وَاخْتُلِفَ فِي السَّبْقِ فَقِيلَ: بِالْحُضُورِ فِي الْمَسْجِدِ وَقِيلَ: بِالْإِمَامَةِ، وَإِنْ حَضَرَا مَعًا، وَتَنَازَعَا احْتَمَلَ الْقُرْعَةَ وَاحْتَمَلَ الرُّجُوعَ إلَى اخْتِيَارِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ.
(قَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ غَابَ مَنْ وَلَّاهُ) السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ (فَنَائِبُهُ أَحَقُّ) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَائِبٌ (مَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ لِتَعَذُّرِ إذْنِهِ).
(وَإِنْ عَلَّقَ الْوَاقِفُ الِاسْتِحْقَاقَ بِصِفَةٍ اسْتَحَقَّ مَنْ اتَّصَفَ بِهَا فَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ زَالَ اسْتِحْقَاقُهُ)، وَإِنْ عَادَتْ عَادَ اسْتِحْقَاقُهُ (فَلَوْ وَقَفَ) شَيْئًا (عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ اسْتَحَقَّ مَنْ اشْتَغَلَ بِهِ فَإِنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ زَالَ اسْتِحْقَاقُهُ فَإِنْ عَادَ) إلَى الِاشْتِغَالِ (عَادَ اسْتِحْقَاقُهُ)؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا، وَعَدَمًا.
قَالَ الْحَارِثِيُّ (وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الصَّرْفِ نَصْبَ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ كَالْمُدَرِّسِ، وَالْمُعِيدِ، وَالْمُتَفَقِّهَةِ) أَيْ: الطَّلَبَةِ (بِالْمَدْرَسَةِ مَثَلًا فَلَا إشْكَالَ فِي تَوَقُّفِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى نَصْبِ النَّاظِرِ لَهُ) أَيْ: الْمُدَرِّسِ، وَنَحْوِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ.
(وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْوَاقِفُ نَصْبَ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ (بَلْ قَالَ: وَيَصْرِفُ النَّاظِرُ إلَى مُدَرِّسٍ أَوْ مُعِيدٍ أَوْ مُتَفَقِّهَةٍ بِالْمَدْرَسَةِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى نَصْبِ النَّاظِرِ وَلَا الْإِمَامِ بَلْ لَوْ انْتَصَبَ مُدَرِّسٌ أَوْ مُعِيدٌ بِالْمَدْرَسَةِ، وَأَذْعَنَ لَهُ الطَّلَبَةُ بِالِاسْتِفَادَةِ، وَتَأَهَّلَ لِذَلِكَ اسْتَحَقَّ وَلَمْ تَجُزْ مُنَازَعَةٌ لِوُجُودِ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ) أَيْ: التَّدْرِيسِ، وَالْإِعَادَةِ (وَكَذَا لَوْ قَامَ طَالِبٌ بِالْمَدْرَسَةِ مُتَفَقِّهًا، وَلَوْ لَمْ يُنَصِّبْهُ نَاصِبٌ) اسْتَحَقَّ لِوُجُودِ التَّفَقُّهِ.
(وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الصَّرْفَ الْمُطْلَقَ إلَى إمَامِ مَسْجِدٍ أَوْ مُؤَذِّنٍ أَوْ قَيِّمٍ فَأَمَّ إمَامٌ وَرَضِيَهُ الْجِيرَانُ) أَوْ أَذَّنَ فِيهِ مُؤَذِّنٌ (أَوْ قَامَ بِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ قَائِمٌ قَائِمٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَانَ مُسْتَحِقًّا لِوُجُودِ الشَّرْطِ انْتَهَى.
(قَالَ الشَّيْخُ: وَلَوْ وَقَفَ لِمُدَرِّسٍ لِمُدَرِّسٍ وَفُقَهَاء فَلِلنَّاظِرِ ثُمَّ الْحَاكِمِ تَقْدِيرُ أَعْطِيَتِهِمْ فَلَوْ زَادَ النَّمَاءُ فَهُوَ لَهُمْ وَلَيْسَ تَقْدِيرُ النَّاظِرِ أَمْرًا حَتْمًا كَتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ زِيَادَتُهُ، وَنَقْصُهُ لِمَصْلَحَةٍ) وَقَرِيبٌ مِنْهُ تَغْيِيرُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَنَفَقَتِهِ، وَكِسْوَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ، وَالْأَحْوَالِ وَلَيْسَ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ بَلْ عَمَلٌ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي لَتَغَيُّرِ السَّبَبِ (وَإِنْ قِيلَ: أَنَّ الْمُدَرِّسَ لَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ بِزِيَادَةِ النَّمَاءِ، وَنَقْصِهِ لِلْمَصْلَحَةِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَهُمْ فَالْحُكْمُ بِتَقْدِيمِ مُدَرِّسٍ أَوْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا يُعْتَدُّ بِهِ قَالَ بِهِ وَلَا بِمَا يُشْبِهُهُ وَلَوْ نَفَّذَهُ حَاكِمٌ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْقَيِّمُ، وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةُ).
عَمَلِهِ (وَلِهَذَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِلَا شَرْطٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَعَلَ) أَيْ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (الْإِمَامَ، وَالْمُؤَذِّنَ كَالْقَيِّمِ بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ، وَالْمُعِيدِ، وَالْفُقَهَاءِ) أَيْ: الْمُتَفَقِّهَةِ (فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا لَوْ عُطِّلَ مَغَلُّ مَسْجِدٍ سَنَةً تَقَسَّطَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ عَلَيْهَا).
أَيْ: عَلَى السَّنَةِ الَّتِي تَعَطَّلَ مَغَلُّهَا (وَعَلَى السَّنَةِ الْأُخْرَى) الَّتِي لَمْ يَتَعَطَّلْ مَغَلُّهَا (لِتَقُومَ الْوَظِيفَةُ فِيهِمَا) أَيْ: السَّنَتَيْنِ (فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ التَّعْطِيلِ وَلَا يُنْقِصُ الْإِمَامُ بِسَبَبِ تَعْطِيلِ الزَّرْعِ بَعْضَ الْعَامِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ فَقَدْ أَدْخَلَ) أَيْ: الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (مَغَلَّ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ، وَأَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَّا) أَيْ: الْحَنَابِلَةِ (فِي زَمَنِنَا فِيمَا نَقَصَ عَمَّا قَدَّرَهُ الْوَاقِفُ كُلَّ شَهْرٍ أَنَّهُ يُتَمَّمُ مِمَّا بَعْدُ، وَحَكَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سِنِينَ وَرَأَيْت غَيْرَ وَاحِدٍ لَا يَرَاهُ انْتَهَى).
، (وَمَنْ شُرِطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لِغَيْرِهِ النَّظَرُ إنْ مَاتَ) بِأَنْ قَالَ الْوَاقِفُ: النَّظَرُ لِزَيْدٍ فَإِنْ مَاتَ فَلِعَمْرٍو مَثَلًا (فَعَزَلَ) زَيْدٌ (نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ) وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ (فَكَمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ) أَيْ: الْمَوْتِ (لِلْغَالِبِ) أَيْ: خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَفْهُومِهِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إدْخَالٌ فِي الْوَقْفِ لِغَيْرِ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ، وَحَقُّهُ بَاقٍ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى عَدَمِ التَّصَرُّفِ انْتَقَلَ إلَى مَنْ يَلِيهِ كَمَا لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَلِيهِ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(وَإِنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَفْضَلِ مِنْ أَوْلَادِهِ) أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ (فَهُوَ) أَيْ: النَّظَرُ (لَهُ) أَيْ: لِلْأَفْضَلِ مِنْهُمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ (فَإِنْ أَبَى) الْأَفْضَلُ (الْقَبُولَ انْتَقَلَ) النَّظَرُ (إلَى مَنْ يَلِيهِ) كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (فَإِنْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمْ أَفْضَلُ ثُمَّ صَارَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ انْتَقَلَ) النَّظَرُ (إلَيْهِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ فِيهِ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ) فِي الْفَضْلِ (اشْتَرَكَا) فِي النَّظَرِ.
(وَلِلْإِمَامِ النَّصْبُ) أَيْ: نَصْبُ نَاظِرٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حَيْثُ لَا شَرَطَ (؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ قَالَ الشَّيْخُ إنْ أَطْلَقَ) الْوَاقِفُ شَرْطَ (النَّظَرِ لِحَاكِمٍ) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِحَنْبَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ (شَمَلَ) لَفْظُ الْحَاكِمِ (أَيَّ حَاكِمٍ سَوَاءٌ كَانَ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَ حَاكِمِ الْبَلَدِ زَمَنَ الْوَاقِفِ أَوْ لَا، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ (لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ إذَا انْفَرَدَ، وَهُوَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا انْتَهَى) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (فَإِنْ تَعَدَّدَ الْحُكَّامُ كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُوَلِّيهِ) أَيْ: النَّظَرَ (مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُتَأَهِّلِينَ) لِذَلِكَ أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ نَصْرُ اللَّهِ الْحَنْبَلِيُّ، وَالشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ وَلَدُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ، وَوَافَقَهُمَا السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ، وَالشِّهَابُ الْبَاعُونِيُّ، وَابْنُ الْهَائِمِ وَالتَّفِهْنِيُّ الْحَنَفِيُّ، وَالْبِسَاطِيُّ الْمَالِكِيُّ.
(وَلَوْ فَوَّضَهُ) أَيْ: النَّظَرَ (حَاكِمٌ) لِإِنْسَانٍ (لَمْ يَجُزْ ل) حَاكِمٍ آخَرَ نَقْضُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَاسُوا التَّفْوِيضَ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ قَبْلَهُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَهُ نَصْبُ نَاظِرٍ، وَعَزْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْحُكَّامُ، وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا حَاكِمٌ وَاحِدٌ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، أَوْ يُقَالُ: النَّصْبُ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ، وَالتَّفْوِيضُ إسْنَادُهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَقِلُّ بِهِ وَلَوْ وَلَّى كُلٌّ مِنْ حَاكِمَيْنِ النَّظَرَ شَخْصًا شَخْصًا وَتَنَازَعَا قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَقَّهُمَا.
(وَتَعَيَّنَ مَصْرِفُ الْوَقْفِ) أَيْ: يَتَعَيَّنُ صَرْفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ كَمَا تَقَدَّمَ (فَلَا يُصْرَفُ) الْوَقْفُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَعْيِينِهِ فَائِدَةٌ.
(وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ صَحَّ) الشَّرْطُ (وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ)، وَتَقَدَّمَ (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُزَادَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى مُدَّةٍ قَدَّرَهَا) فَيُتَّبَعُ شَرْطُهُ، وَتُقَدَّمُ الضَّرُورَةُ فَيَجُوزُ بِقَدْرِهَا (وَلَا اعْتِرَاضَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ الْوَاقِفُ أَمْرَ الْوَقْفِ إذَا كَانَ) الْمُوَلَّى (أَمِينًا وَلَهُمْ) أَيْ: أَهْلِ الْوَقْفِ (مُسَاءَلَتُهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (عَمَّا يَحْتَاجُونَ إلَى عِلْمِهِ مِنْ أُمُورِ وَقْفِهِمْ حَتَّى يَسْتَوِيَ عِلْمُهُمْ فِيهِ، وَعِلْمُهُ)، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(وَلَهُمْ) أَيْ: أَهْلِ الْوَقْفِ (مُطَالَبَتُهُ بِانْتِسَاخِ كِتَابِ الْوَقْفِ لِتَكُونَ نُسَخُهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَثِيقَةً) لَهُمْ (وَلَهُ) أَيْ: النَّاظِرِ (انْتِسَاخُهُ) أَيْ: كِتَابِ الْوَقْفِ (وَالسُّؤَالُ عَنْ حَالِهِ، وَأُجْرَةُ تَسْجِيلِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ) مَالِ (الْوَقْفِ) كَمَا هُوَ الْعَادَةُ.
(وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَنْصِبَ دِيوَانًا مُسْتَوْفِيًا لِحِسَابِ أَمْوَالِ الْأَوْقَافِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ، كَمَا لَهُ) أَيْ: وَلِيِّ الْأَمْرِ (أَنْ يَنْصِبَ دَوَاوِينَ لِحِسَابِ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ كَالْفَيْءِ، وَغَيْرِهِ) مِمَّا يَئُولُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ تَرِكَاتٍ، وَنَحْوِهَا (وَلَهُ) أَيْ: وَلِيِّ الْأَمْرِ (أَنْ يُفَوِّضَ لَهُ) أَيْ: لِلْمُسْتَوْفِي عَلَى حِسَابِ أَمْوَالِ الْأَوْقَافِ أَوْ غَيْرِهَا (عَلَى عَمَلِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِثْلُهُ مِنْ مَالٍ يَعْمَلُ) فِيهِ (بِمِقْدَارِ ذَلِكَ الْمَالِ) الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ.
(وَإِذَا قَامَ الْمُتَوَفَّى بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ مَا فُرِضَ لَهُ)، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا يُعْمَلُ بِالدَّفْتَرِ الْمَمْضِيِّ مِنْهُ الْمَعْرُوفِ فِي زَمَنِنَا بِالْمُحَاسَبَاتِ فِي مَنْعِ مُسْتَحِقٍّ، وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ بِمُجَرَّدِ إمْلَاءِ النَّاظِرِ، وَالْكَاتِبُ عَلَى مَا اُعْتِيدَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي عَصْرِنَا.
(وَلَوْ وَقَفَ) إنْسَانٌ (دَارِهِ عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا وَعَلَى إمَامٍ يُصَلِّي فِيهِ كَانَ لِلْإِمَامِ نِصْفُ الرِّيعِ) وَلِلْمَسْجِدِ نِصْفُهُ (كَمَا لَوْ وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ، وَعَمْرٍو)؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (وَلَوْ وَقَفَهَا) أَيْ: الدَّارَ (عَلَى مَسَاجِدِ الْقَرْيَةِ، وَعَلَى إمَامٍ يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ مِنْهَا كَانَ الرِّيعُ بَيْنَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (وَبَيْنَ كُلِّ الْمَسَاجِدِ نِصْفَيْنِ) قَالَهُ فِي نَوَادِرِ الْمَذْهَبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ.
، (فَصْلٌ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ) ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ (أَوْ) وَقَفَ عَلَى (أَوْلَادِهِ) ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ (أَوْ) وَقَفَ عَلَى (وَلَدِ غَيْرِهِ) أَوْ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِ (ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَهُوَ) أَيْ: الْوَقْفُ (لِوَلَدِهِ الذُّكُورِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالْإِنَاثِ وَالْخَنَاثَى)؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالْجَمْعِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، كَمَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَيَكُونُ (بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ)؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ لَهُمْ، وَإِطْلَاقُ التَّشْرِيكِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ بِشَيْءٍ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِفَةِ الْوَلَدِ، وَالْأَوْلَادِ فِي اسْتِقْلَالِ الْمَوْجُودِ مِنْهُمْ بِالْوَقْفِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْوَاقِفِ بِوُجُودِ مَا دُونَ الْجَمْعِ دَلِيلُ إرَادَتِهِ مِنْ الصِّيغَةِ.
(وَإِنْ حَدَثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ بَعْدَ وَقْفِهِ اسْتَحَقَّ) الْحَادِثُ (كَالْمَوْجُودِينَ) حَالَ الْوَقْفِ تَبَعًا لَهُمْ (اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ)، وَالْمُسْتَوْعِبِ (خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْقِيحِ)، وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى حَيْثُ قَالَ دَخَلَ الْمَوْجُودُونَ فَقَطْ.
(وَيَدْخُلُ) أَيْضًا فِي الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ (وَلَدُ بَنِيهِ) مُطْلَقًا (وُجِدُوا) أَيْ: وَلَدُ الْبَنِينَ (حَالَةَ الْوَقْفِ أَوْ لَا) مَثَلًا وَإِنْ سَفَلُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فَدَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، وَإِنْ سَفَلُوا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ الْوَلَدَ دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، فَالْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ إذَا خَلَا عَنْ قَرِينَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ وَلَدَ وَلَدِهِ وَلَدٌ لَهُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ}، {يَا بَنِي إسْرَائِيلَ} وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» وَقَوْلُهُ «نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ» وَالْقَبَائِلُ كُلُّهَا تُنْتَسَبُ إلَى جُدُودِهَا.
(وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ) فِي وَلَدِهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ إذَا وَقَفَ عَلَيْهِمْ (كَوَصِيَّةٍ) أَيْ: كَمَا لَوْ وَصَّى لِوَلَدِ زَيْدٍ أَوْ لِأَوْلَادِهِ فَيَدْخُلُ فِيهَا أَوْلَادُ بَنِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ دُونَ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ، وَأَوْلَادِ بَنَاتِ بَنِيهِ، وَبَنَاتِ بَنِي بَنِيهِ فَلَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الْوَقْفِ وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَلِعَدَمِ دُخُولِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} وَكَذَا كُلُّ وَلَدٍ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ فِي الْإِرْثِ أَوْ الْحَجْبِ لَا مَدْخَلَ لَهُمْ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يَنْتَسِبُونَ إلَى آبَائِهِمْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّاعِرُ: بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ.
(وَيَسْتَحِقُّونَهُ) أَيْ: يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الْبَنِينَ الْوَقْفَ (مُرَتَّبًا) بَعْدَ آبَائِهِمْ (كَقَوْلِهِ) وَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَنَحْوَهُ مَا لَمْ يَكُونُوا قَبِيلَةً أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ كَعَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِهِمْ فَلَا تَرْتِيبَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَإِنْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي، وَوَلَدِ وَلَدِي مَا تَنَاسَلُوا، وَتَعَاقَبُوا، الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبَ أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ أَوْ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ ثُمَّ الْبَطْنَ الثَّانِي، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ عَلَى) جُمْلَةٍ (مِثْلِهَا لَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا قَبْلَ انْقِرَاضِ) الْبَطْنِ (الْأَوَّلِ)؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ فَيُتَّبَعُ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ.
(وَكَذَا قَوْلُهُ قَرْنًا بَعْد قَرْنٍ قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ التَّرْتِيبِ عَلَى أَوْلَادِهِ) بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: هَذَا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ (ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ اسْتَحَقَّهُ أَهْلُ الْعَقِبِ مُرَتَّبًا) لِقَرِينَةِ التَّرْتِيبِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَ(لَا) يَسْتَحِقُّونَهُ (مُشْتَرَكًا) مِنْ الْأَنْسَالِ نَظَرًا إلَى عَطْفِهِمْ بِالْوَاوِ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَرِينَةِ السِّيَاقِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: الْوَاوُ كَمَا لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ لَا تَنْفِيهِ لَكِنْ هِيَ سَاكِتَةٌ عَنْهُ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا وَلَكِنْ تَدُلُّ التَّشْرِيكِ، وَهُوَ الْجَمْعُ الْمُطْلَقُ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ مِثْلُ أَنْ رَتَّبَ أَوَّلًا عُمِلَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، مُنَافِيًا لِمُقْتَضَى الْوَاوِ.
(وَلَوْ رَتَّبَ) وَاقِفٌ (بَيْنَ أَوْلَادِهِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ بِثُمَّ) فَقَالَ: هَذَا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ (ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ تُوُفِّيَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، اسْتَحَقَّ كُلُّ وَلَدٍ بَعْدَ أَبِيهِ نَصِيبَهُ)؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَرْتِيبِ الْأَفْرَادِ (وَلَوْ قَالَ) وَقَفْتُ (عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ، اسْتَحَقَّ كُلُّ وَلَدٍ نَصِيبَ أَبِيهِ بَعْدَهُ ك) الْمَسْأَلَةِ (الَّتِي قَبْلَهَا) بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، فَهَذَا دَالٌّ عَلَى إرَادَةِ تَرْتِيبِ الْأَفْرَادِ، وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ (مَثَلًا وَمَتَى بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَانَ الْجَمِيعُ) مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ (لَهُ) أَيْ: مِنْ وُجِدَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى، حَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ أَوْ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ (وَكَذَا حُكْمُ وَصِيَّةٍ) فِي تَنَاوُل الْوَلَدِ أَوْ الْأَوْلَادِ لِأَوْلَادِ الْبَنِينَ.
، وَإِنْ نَزَلُوا (إذَا وُجِدُوا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) فَإِذَا وَصَّى لِوَلَدِ فُلَانٍ بِكَذَا، وَوُجِدَ لَهُ وَلَدٌ ابْنٌ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَلَدٌ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، لِعَدَمِ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (فَإِنْ) وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ، وَ(كَانَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ غَيْرِهِ قَبِيلَةً لَيْسَ فِيهِمْ وَاحِدٌ مِنْ صُلْبِهِ) فَلَا تَرْتِيبَ (أَوْ قَالَ) وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، أَوْ عَلَى (وَلَدِي، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ) فَلَا تَرْتِيبَ (أَوْ قَالَ) وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ وَلَدِي (وَلَدِي وَيُفَضَّلُ الْوَلَدُ الْأَكْبَرُ، أَوْ الْأَفْضَلُ، أَوْ الْأَعْلَمُ عَلَى غَيْرِهِمْ) فَلَا تَرْتِيبَ، وَفِيهِ نَظَرٌ (أَوْ قَالَ) هَذَا وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي أَوْ أَوْلَادِي (فَإِذَا خَلَتْ الْأَرْضُ مِنْ عَقِبِي عَادَ إلَى الْمَسَاكِينِ) فَلَا تَرْتِيبَ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
(أَوْ قَالَ) هَذَا وَقْفٌ (عَلَى وَلَدِ وَلَدِي غَيْرَ وَلَدِ الْبَنَاتِ أَوْ غَيْرَ وَلَدِ فُلَانٍ) فَلَا تَرْتِيبَ (أَوْ قَالَ) هَذَا وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي أَوْ أَوْلَادِي (يُفَضَّلُ الْبَطْنُ الْأَعْلَى عَلَى الثَّانِي أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ: يُفَضَّلُ الْبَطْنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، فَلَا تَرْتِيبَ (أَوْ) قَالَ (يُفَضَّلُ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ فَلَا تَرْتِيبَ، عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (أَوْ قَالَ) هَذَا وَقْفٌ (عَلَى أَوْلَادِي مَثَلًا وَأَوْلَادِهِمْ، فَلَا تَرْتِيبَ)؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِيهِ (وَاسْتَحَقُّوا مَعَ آبَائِهِمْ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِهِمْ مَا تَعَاقَبُوا، وَتَنَاسَلُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِهِ كَانَ) قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ إلَى آخِرِهِ (دَلِيلًا عَلَى التَّرْتِيبِ بَيْنَ كُلِّ وَالِدٍ، وَوَلَدِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى التَّشْرِيكَ اقْتَضَى التَّسْوِيَةَ وَلَوْ جَعَلْنَا لِوَلَدِ الْوَلَدِ سَهْمًا مِثْلَ سَهْمِ أَبِيهِ، ثُمَّ دَفَعْنَا إلَيْهِ سَهْمًا صَارَ لَهُ سَهْمَانِ وَلِغَيْرِهِ سَهْمٌ.
وَهَذَا يُنَافِي التَّسْوِيَةَ؛ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَفْضِيلِ وَلَدِ الِابْنِ عَلَى الِابْنِ (فَإِذَا مَاتَ مِنْ أَهْلِ وَقْفٍ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ إلَى وَلَدِهِ سَهْمُهُ) أَيْ: نَصِيبُهُ الْأَصْلِيُّ وَالْعَائِدُ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَحَدٌ، أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ أَحَدٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ (وَإِنْ رَتَّبَ) الْوَاقِفُ (بَعْضَهُمْ) أَيْ: بَعْضَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ (دُونَ بَعْضٍ فَقَالَ) وَقَفْتُ (عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَثَلًا وَأَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا تَنَاسَلُوا وَتَعَاقَبُوا، أَوْ) قَالَ: وَقَفْتُ (عَلَى أَوْلَادِي، مَثَلًا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا، مَثَلًا وَتَعَاقَبُوا فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَخْتَصُّ بِهِ الْأَوْلَادُ) لِاقْتِضَاءِ ثُمَّ التَّرْتِيبَ (فَإِذَا انْقَرَضُوا) أَيْ: الْأَوْلَادُ (صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَنْ بَعْدَهُمْ) مِنْ أَوْلَادِهِمْ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ، وَإِنْ نَزَلُوا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ فِيهِمْ بِالْوَاوِ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ.
فَإِنْ قِيلَ قَدْ رَتَّبَ أَوَّلًا، فَهَلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ قُلْت: قَدْ يَكُونُ غَرَضُ الْوَاقِفِ تَخْصِيصَ أَوْلَادِهِ لِقُرْبِهِمْ مِنْهُ.
(وَفِي) الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ)، وَهِيَ: مَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا (يَشْتَرِكُ الْبَطْنَانِ الْأَوَّلَانِ) لِلْعَطْفِ بِالْوَاوِ (دُونَ غَيْرِهِمْ) فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الْوَقْفِ لِعَطْفِهِ بِثُمَّ (فَإِذَا انْقَرَضُوا اشْتَرَكَ فِيهِ مَنْ بَعْدَهُمْ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِذَا قَالَ وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي مَثَلًا وَوَلَدِ وَلَدِي ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ) قُلْنَا إنَّ: الْوَلَدَ لَا يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الِابْنِ (دَخَلَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَلَمْ يَدْخُلْ) الْبَطْنُ الثَّالِثُ.
(وَإِنْ قَالَ) وَقَفْتُ (عَلَى وَلَدِي مَثَلًا وَوَلَدِ وَلَدِي، دَخَلَ ثَلَاثَةُ بُطُونٍ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الِابْنِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُفَرَّعَتَانِ عَلَى خِلَافِ الْمَذْهَبِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ وَصَاحِبُ الْإِنْصَافِ وَالْمُنْتَهَى، وَغَيْرُهُمْ لَكِنَّ كَلَامُهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ حَذْفُهُمَا كَمَا حَذَفَ الرِّوَايَةَ الَّتِي هِيَ أَصْلُهُمَا.
(وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ: الْوَاقِفِ (ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَقَالَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي) بِكَسْرِ الدَّالِ (فُلَانٍ مَثَلًا وَفُلَانٍ مَثَلًا وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِي كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْمُسَمَّيْنَ، وَأَوْلَادِهِمَا، وَأَوْلَادِ الثَّالِثِ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ وَلَدِي وَلَا شَيْءَ لِلثَّالِثِ) جَعْلًا لِتَسْمِيَتِهِمَا بَدَلًا لِلْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ، فَاخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا}؛ وَلِأَنَّ خُلُوَّهُ عَنْ أَدَاةِ الْعَطْفِ دَلِيلُ إرَادَةِ التَّفْسِيرِ وَالتَّبْيِينِ بِخِلَافِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَعْنَى التَّأْكِيدِ فَوَجَبَ حَمْلُ مَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالتَّبْيِينِ.
(وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ، وَفُلَانٍ) فَلَا يَشْمَلُ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ مِنْ أَوْلَادِهِ عَمَلًا بِالْبَدَلِ وَ(يَشْمَلُ وَلَدَ وَلَدِهِ) الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَلَا يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْمُسَمَّيْنِ، وَهَذَا احْتِمَالٌ لِلْمُوَفَّقِ مُسْتَدِلًّا لَهُ بِقَوْلِ أَحْمَدَ: إنَّ قَوْلَهُ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي يَتَنَاوَلُ نَسْلَهُ، وَعَقِبَهُ كُلَّهُمْ، لَكِنْ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ عَدَمُ دُخُولِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ اعْتِبَارًا بِالْبَدَلِ، وَقَدْ سُئِلْت عَنْهَا بِالْحَرَمَيْنِ، وَأَفْتَيْت فِيهَا: بِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ وَلَدَيْهِ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ، وَوَافَقَنِي عَلَى ذَلِكَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ.
(وَإِذَا وَقَفَ عَلَى فُلَانٍ، فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ فَعَلَى الْمَسَاكِينِ، كَانَ) الْوَقْفُ (مِنْ بَعْدِ مَوْتِ فُلَانٍ لِأَوْلَادِهِ) لِدَلَالَةِ قَوْلِ الْوَاقِفِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ فَعَلَى الْمَسَاكِينِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَوَقُّفِ اسْتِحْقَاقِ الْمَسَاكِينِ عَلَى انْقِرَاضِهِمْ فَائِدَةٌ (ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْمَسَاكِينِ).
(وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ) فِي الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِ ذُرِّيَّتِهِ وَنَحْوِهِ (إلَّا بِصَرِيحٍ كَقَوْلِهِ وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي، وَأَوْلَادِهِمْ عَلَى أَنَّ لِوَلَدِ الْإِنَاثِ سَهْمًا وَلِوَلَدِ الذُّكُورِ سَهْمَيْنِ، وَنَحْوِهِ أَوْ بِقَرِينَةِ كَقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ قَالَ) وَقَفْتُ (عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ، وَفُلَانٍ، وَفُلَانَةَ، وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ قَالَ: فَإِذَا خَلَتْ الْأَرْضُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَيَّ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ، فَلِلْمَسَاكِينِ أَوْ قَالَ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مِنْ أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِث، وَأَوْلَادِهِمْ، وَالْبَطْنُ الْأَوَّلُ بَنَاتٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فَيَدْخُلُونَ بِلَا خِلَافٍ (فَإِنْ قَيَّدَ) الْوَاقِفُ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ (فَقَالَ) وَقَفْتُ (عَلَى أَوْلَادِي لِصُلْبِي أَوْ) عَلَى (مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيَّ لَمْ يَدْخُلُوا) أَيْ: وَلَدُ الْبَنَاتِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلَدَ لِلصُّلْبِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَهُ عَلَى وَلَدِ الْبَنِينَ.
(وَإِنْ رَتَّبَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ مَثَلًا وَأَوْلَادِهِمْ بِثُمَّ ثُمَّ قَالَ: مَثَلًا وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَلَدٍ بَعْدَ أَبِيهِ نَصِيبَ أَبِيهِ الْأَصْلِيَّ وَالْعَائِدِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ (ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ فَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ) انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ.
(وَيَمُوتُ الثَّانِي عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِأَخِيهِ الثَّالِثِ فَإِذَا مَاتَ) الْأَخُ (الثَّالِثُ عَنْ وَلَدٍ اسْتَحَقَّ) الْوَلَدُ جَمِيعَ (مَا كَانَ فِي يَدِ أَبِيهِ مِنْ) الثُّلُثِ (الْأَصْلِيِّ، وَ) الثُّلُثِ (الْعَائِدِ إلَيْهِ مِنْ أَخِيهِ) لِعُمُومِ: فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ (وَبِالْوَاوِ لِلِاشْتِرَاكِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ بِلَا قَرِينَةٍ.
(فَإِذَا زَادَ) الْوَاقِفُ فِي شُرُوطِ وَقْفِهِ (عَلَى أَنَّهُ إنْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ) أَيْ: قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْوَقْفِ.
(وَلَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ عَنْ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ، وَعَنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَهُ) أَيْ: وَلَدِ الِابْنِ (مَعَهُمْ) أَيْ: مَعَ أَعْمَامِهِ (مَا لِأَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا فَهُوَ) أَيْ: قَوْلُ الْوَاقِفِ مَا ذُكِرَ، وَفِي نَسْخٍ، وَهُوَ (صَرِيحٌ فِي تَرْتِيبِ الْأَفْرَادِ)، وَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ وَجَهِلَ شَرْطَ الْوَاقِفِ صُرِفَ إلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالسَّوِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
(وَإِنْ قَالَ) وَاقِفٌ (عَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَالْوَقْفُ مُرَتَّبٌ) بِثُمَّ أَوْ نَحْوِهَا (فَهُوَ) أَيْ: نَصِيبُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ (لِأَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ) دُونَ بَقِيَّةِ الْبُطُونِ (مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ) دُونَ غَيْرِهِمْ عَمَلًا بِسَوَابِقِ الْكَلَامِ فَلَوْ كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ، ثُمَّ مَاتَ الثَّانِي عَنْ ابْنَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ، وَتَرَكَ أَخَاهُ، وَابْنَ عَمِّهِ، وَعَمَّهُ، وَابْنًا لِعَمِّهِ الْحَيِّ كَانَ نَصِيبُهُ لِأَخِيهِ، وَابْنِ عَمِّهِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ دُونَ عَمِّهِ، وَابْنِهِ وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ بَنِيهِ الْأَرْبَعِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَمَاتَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ بَيْنَ أَخَوَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ دُونَ الثَّالِثِ.
(وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبُطُونِ)، وَشَرَطَ إنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَيَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِ الْوَاقِفِ لَهَذَا الشَّرْطِ فَائِدَةٌ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ شَيْئًا يُفِيدُ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ) أَيْ: دَرَجَةِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ (أَحَدٌ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيهِ (فَيَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ) مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِرَاكِ)؛ لِأَنَّ التَّشْرِيكَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (وَيَخْتَصُّ) الْبَطْنُ (الْأَعْلَى بِهِ) أَيْ: بِنَصِيبِ الْمُتَوَفَّى الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ (فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ)؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ قَدْ رَتَّبَ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ، حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ.
(وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) كَمَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُ (عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَكَذَلِكَ) أَيْ: كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ اخْتَصَّ بِهِ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مُرَتَّبٌ (فَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ: فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصُّوَرِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ، وَهُمْ (إخْوَتُهُ، وَبَنُو عَمِّهِ، وَبَنُو بَنِي عَمِّ أَبِيهِ، وَنَحْوُهُمْ) كَبَنِي بَنِي بَنِي عَمِّ أَبِي أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْقُرْبِ إلَى الْجَدِّ الَّذِي يَجْمَعُهُمْ وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ.
وَكَذَا إنَاثُهُمْ حَيْثُ لَا مُخَصِّصَ لِلذُّكُورِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْوَاقِفُ (يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى، وَنَحْوِهِ) كَأَنْ يَقُولَ: يُقَدَّمُ وَلَدُ الظَّهْرِ مَثَلًا (فَيَخْتَصُّ) الْأَقْرَبُ أَوْ وَلَدُ الظَّهْرِ (بِهِ) أَيْ: بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ (وَلَيْسَ مِنْ الدَّرَجَةِ مَنْ هُوَ أَعْلَى) مِنْ الْمَيِّتِ كَعَمِّهِ (وَلَا) مَنْ هُوَ (أَنْزَلُ) مِنْهُ كَابْنِ أَخِيهِ.
(وَإِنْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنَّ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ اسْتَحَقَّهُ) أَيْ: النَّصِيبَ (أَهْلُ الدَّرَجَةِ وَقْتَ وَفَاتِهِ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ.
(وَكَذَا مَنْ سَيُوجَدُ مِنْهُمْ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ فَالشَّرْطُ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ (ف) عَلَى هَذَا (إنْ حَدَثَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْ الْمَوْجُودِينَ وَكَانَ الشَّرْطُ فِي الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَمَنْ يُولَدُ لَهُ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا، وَمَاتَ أَوْلَادُهُ، وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ (أَخَذَهُ) أَيْ: أَخَذَ الْوَلَدُ الْوَقْفَ (مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ أَوْلَادِ إخْوَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْهُمْ دَرَجَةً فَلَا يَسْتَحِقُّونَ مَعَهُ.
فَائِدَةٌ.
لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْوَقْفِ عَنْ وَلَدٍ مَثَلًا وَإِنْ سَفَلَ سَفَلَ وَآلَ الْحَالُ فِي الْوَقْفِ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى مَوْجُودًا لَدَخَلَ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ مَثَلًا وَإِنْ سَفَلَ وَاسْتَحَقَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي رَجُلٍ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَرُزِقَ خَمْسَةُ أَوْلَادٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاةِ وَلِدَاهُ، وَتَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَوَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مَعَ وَلَدِ أَخِيهِ اسْتَحَقَّ الْوَلَدُ الْبَاقِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ رِيعِ الْوَقْفِ، وَوَلَدُ أَخِيهِ الْخُمْسَ الْبَاقِي أَفْتَى بِهِ الْبَدْرُ مُحَمَّدٌ الشَّهَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ، وَتَابَعَهُ النَّاصِرُ الطَّبَلَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ الْبُهُوتِيُّ الْحَنْبَلِيُّ وَلَدُ عَمِّ وَالِدِي.
وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَقْفِ إلَى آخِرِهِ مَقْصُورٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ لِنَصِيبِ وَالِدِهِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مَنْ مَاتَ مِنْ إخْوَةِ وَالِدِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ الْأَحْيَاءِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى آخِرِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْوَلَدِ مَقَامَ أَبِيهِ فِي الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْإِخْوَةُ حَقِيقَةً بَلْ مَجَازًا.
وَالْأَصْلُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَفِي ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ، وَعَمَلٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّهِ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا.