فصل: (فَصْلٌ): في حكم زواج الرجعية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(بَابُ الرَّجْعَةِ):

بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْكَسْرُ أَكْثَرُ (وَهِيَ) لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ وَشَرْعًا (إعَادَةُ مُطَلَّقَةٍ غَيْرِ بَائِنٍ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عَقْدٍ) وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا} أَيْ رَجْعَةً قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْعُلَمَاءُ وقَوْله تَعَالَى:
{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} فَخَاطَبَ الْأَزْوَاجَ بِالْأَمْرِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُنَّ اخْتِيَارًا «وَطَلَّقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا».
(إذَا طَلَّقَ الْحُرُّ امْرَأَتَهُ وَلَوْ) كَانَتْ (أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَادِمَ الطَّوْلِ وَلَا خَائِفَ الْعَنَتِ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِدَامَةٌ لِلْعَقْدِ لَا ابْتِدَاءٌ لَهُ (بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ خَلْوَتِهِ بِهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ) بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
(أَوْ) طَلَّقَ (الْعَبْدُ وَاحِدَةً وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ).
وَمُلَخَّصُهُ: أَنَّ لِلرَّجْعَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا، لِأَنَّ غَيْرهَا لَا عِدَّة عَلَيْهَا فَلَا تُمْكِنُ رَجْعَتُهَا الثَّانِي أَنْ يَكُون النِّكَاحُ صَحِيحًا لِأَنَّ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ تَبِينُ بِالطَّلَاقِ فَلَا تُمْكِنُ رَجْعَتُهَا، وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ إعَادَةٌ إلَى النِّكَاحِ فَإِذَا لَمْ تَحِلَّ بِالنِّكَاحِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لَا تَحِلَّ بِالرَّجْعَةِ إلَيْهِ الثَّالِثُ أَنْ يُطَلِّقَ دُونَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الثَّلَاثُ لِلْحُرِّ وَالِاثْنَتَانِ لِلْعَبْدِ، لِأَنَّ مَنْ اسْتَوْفَى عَدَدَ طَلَاقِهِ لَا تَحِلُّ لَهُ مُطَلَّقَتُهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَلَا تُمْكِنُ رَجْعَتُهَا لِذَلِكَ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الطَّلَاقِ إنَّمَا جُعِلَ لِتَفْتَدِيَ بِهِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ، فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ كَانَ لَهُ رَجْعَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِلْإِجْمَاعِ وَدَلِيلُهُ مَا سَبَقَ (وَلَوْ) كَانَ الْمُطَلِّقُ (مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا أَوْ مُحْرِمًا) لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ لَا ابْتِدَاءٌ (وَتَقَدَّمَ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَيَمْلِكُهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (وَلِيُّ مَجْنُونٍ) لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَجْنُونِ يُخْشَى فَوَاتُهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَمَلَكَ اسْتِيفَاءَهُ لَهُ كَبَقِيَّةِ حُقُوقِهِ (وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى:
{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}.
(وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِلَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِهَا نَحْوَ رَاجَعْتُ امْرَأَتِي أَوْ ارْتَجَعْتُهَا أَوْ أَرْجَعْتُهَا أَوْ رَدَدْتُهَا أَوْ أَمْسَكْتُهَا) وَ(لَا) تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ (بِنَكَحْتُهَا أَوْ تَزَوَّجْتُهَا) لِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ وَالرَّجْعَةُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ فَلَا تَحِلُّ بِالْكِنَايَةِ كَالنِّكَاحِ (وَإِنْ خَاطَبَهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ بِالرَّجْعَةِ (فَ) صِفَتُهَا أَنْ (يَقُولَ: رَاجَعْتُكِ أَوْ أَرْتَجَعْتُكِ أَوْ أَرْجَعْتُكِ أَوْ رَدَدْتُكِ أَوْ أَمْسَكْتُكِ، فَإِنْ زَادَ بَعْدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ: لِلْمَحَبَّةِ أَوْ إهَانَةً) لَمْ يَقْدَحْ فِي الرَّجْعَةِ (أَوْ قَالَ أَرَدْتُ أَنِّي رَاجَعْتُكِ لِمَحَبَّتِي إيَّاكَ أَوْ إهَانَةً لَك لَمْ يَقْدَحْ فِي الرَّجْعَةِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالرَّجْعَةِ وَبَيَّنَ سَبَبَهَا (وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنِّي كُنْتُ أُهِينُكِ أَوْ أُحِبُّكِ وَقَدْ رَدَدْتُكِ بِفِرَاقِي إلَى ذَلِكَ) أَيْ الْمَحَبَّةِ أَوْ الْإِهَانَةِ (فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ) لِحُصُولِ التَّضَادِّ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تُرَادُ بِالْفِرَاقِ (وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا) بِقَوْلِهِ رَاجَعْتُكِ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ الْإِهَانَةِ وَنَحْوِهِ (صَحَّتْ) الرَّجْعَةُ، لِأَنَّهُ أَتَى بِصَرِيحِهَا وَضَمَّ إلَيْهِ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا وَأَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ فَلَا يَزُولُ اللَّفْظُ عَنْ مُقْتَضَاهُ بِالشَّكِّ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْهَدَ.
(وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ (الْإِشْهَادُ) لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ فَلَمْ تَفْتَقِر إلَى شَهَادَةٍ كَسَائِرِ حُقُوقِ الزَّوْجِ وَلِأَنَّ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوَلِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِشْهَادُ كَالْبَيْعِ (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا عَنْ مُقْتَضَاهُ لِلشَّكِّ (فَيَقُولُ اشْهَدَا عَلَى أَنِّي رَاجَعْتُ امْرَأَتِي) إلَى نِكَاحِي (أَوْ زَوْجَتِي أَوْ رَاجَعْتُهَا لِمَا وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ طَلَاقِي) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ (فَلَوْ أَشْهَدَ وَأَوْصَى الشُّهُودَ بِكِتْمَانِهَا فَصَحِيحَةٌ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ وَعَنْهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَمْ تَصِحَّ فَإِنْ أَوْصَى الشُّهُودَ بِكِتْمَانِهَا لَمْ تَصِحَّ وَقَالَ الْقَاضِي يَخْرُج عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي التَّوَاصِي بِكِتْمَانِ النِّكَاحِ.
(وَلَا تَفْتَقِرُ) الرَّجْعَةُ (إلَى وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ وَلَا رِضَا الْمَرْأَةِ وَلَا عِلْمِهَا وَلَا إذْنِ سَيِّدِهَا) إنْ كَانَتْ أَمَةً لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ لِلْمَرْأَةِ بِحُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
(وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ وَالْإِيلَاءُ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ) الَّتِي تُضْرَبُ لِلْمَوْلَى وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُر (مِنْ حِينِ الْيَمِينِ) لَا مِنْ الرَّجْعَةِ (وَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ إنْ مَاتَ) بِالْإِجْمَاعِ (وَإِنْ خَالَعَهَا صَحَّ خُلْعُهُ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا فَصَحَّ خُلْعُهَا كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْخُلْعِ التَّحْرِيمُ بَلْ التَّخَلُّصُ مِنْ ضَرَرِ الزَّوْجِ، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ (وَلَهَا النَّفَقَةُ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَلَا قَسْمَ لَهَا) أَيْ لِلرَّجْعِيَّةِ (صَرَّحَ بِهِ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْحَضَانَةِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ) مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ (وَيُبَاح لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَ) يُبَاح لَهُ (الْخَلْوَةُ) بِهَا (وَ) يُبَاحُ لَهُ (السَّفَرُ بِهَا وَلَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ وَتُسْرِفَ) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ.
(وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا بِلَا إشْهَادٍ نَوَى الرَّجْعَةَ بِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ) بِهِ الرَّجْعَةَ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبُ زَوَالِ الْمِلْكِ وَقَدْ انْعَقَدَ مَعَ الْخِيَارِ وَالْوَطْءُ مِنْ الْمَالِكِ يَمْنَعُ زَوَالَهُ كَوَطْءِ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَكَمَا يَنْقَطِعُ بِهِ التَّوْكِيلُ مِنْ طَلَاقِهَا (وَلَا تَحْصُلُ) رَجْعَتُهَا (بِمُبَاشَرَتِهَا مِنْ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا بِالْخَلْوَةِ بِهَا وَالْحَدِيثِ مَعَهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلّه لَيْسَ فِي مَعْنَى الْوَطْءِ، إذْ الْوَطْء يَدُلُّ عَلَى ارْتِجَاعِهَا دَلَالَةً ظَاهِرَةً بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ (وَلَا) تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ أَيْضًا (بِإِنْكَارِ الطَّلَاقِ) لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (بِشَرْطٍ فَلَوْ قَالَ رَاجَعْتُكِ إنْ شِئْتِ أَوْ إنْ قَدِمَ أَبُوكِ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ، لَمْ يَصِحّ) التَّعْلِيقُ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِبَاحَة فَرْجٍ مَقْصُودٍ أَشْبَهَتْ النِّكَاحَ (وَلَوْ قَالَ) لِلرَّجْعِيَّةِ (كُلَّمَا رَاجَعْتُكِ فَقَدْ طَلَّقْتُكِ صَحَّ) التَّعْلِيقُ (وَطَلُقَتْ) كُلَّمَا رَاجَعَهَا (وَإِنْ رَاجَعَهَا فِي الرِّدَّةِ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (لَمْ يَصِحَّ) الِارْتِجَاعُ كَالنِّكَاحِ (وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ) الْحُكْمُ كَذَلِكَ (إذَا رَاجَعَهَا بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا) فَلَا تَصِحّ رَجْعَتُهَا إذَا طَلَّقَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً.
(فَإِنْ كَانَتْ) الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ (حَامِلًا بِاثْنَيْنِ فَوَضَعَتْ أَحَدَهُمَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِهِ) حَتَّى تَضَعَ الْحَمْلَ كُلَّهُ (وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ فَارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ بَاقِيهِ) صَحَّ لِأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ) رَاجَعَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ (قَبْلَ أَنْ تَضَعَ الثَّانِي صَحَّ) الِارْتِجَاعُ لِأَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ إذَنْ.
(وَ) إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى وَضَعَتْ الْحَمْلَ كُلَّهُ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ وَأُبِيحَتْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ تَطْهُرْ) أَيْ يَنْقَطِعُ نِفَاسُهَا (أَوْ تَغْتَسِلُ مِنْ النِّفَاسِ) لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ انْقَضَتْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَبَانَتْ بِذَلِكَ.
(وَإِنْ طَهُرَتْ) الرَّجْعِيَّةُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ حُرَّةٌ (مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ) أَوْ الْأَمَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ (وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَلَهُ رَجْعَتُهَا) رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ (فَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ سِنِينَ) لِأَنَّ وَطْءَ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ حَرَامٌ لِوُجُودِ أَثَرِ الْحَيْضِ الَّذِي يَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الْوَطْءِ، كَمَا يَمْنَعُهُ الْحَيْضُ فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُهُ الْحَيْضُ وَيُوجِبُ مَا أَوْجَبَهُ الْحَيْضُ، كَمَا قَبْلَ انْقِطَاعِ الدَّمِ (وَلَمْ تُبَحْ لِلْأَزْوَاجِ) قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِمَا مَرَّ (وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ انْقِطَاعِ نَفَقَتِهَا وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَا وَانْتِفَاءِ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ) رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ تَبَعًا لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ انْتَهَى.

.(فَصْلٌ): في حكم زواج الرجعية:

(وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَحَمَلَتْ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي انْقَطَعَتْ عِدَّةُ الْأَوَّلِ بِوَطْءِ الثَّانِي) لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ (وَمَلَكَ الزَّوْجُ) الْأَوَّلُ (رَجْعَتُهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ كَمَا يَمْلِكُهُ) أَيْ ارْتِجَاعُهَا (بَعْدَ وَضْعِهَا) الْحَمْلَ (وَلَوْ قَبْلَ طُهْرِهَا مِنْ نِفَاسِهَا) لِأَنَّ الرَّجْعَةَ بَاقِيَةٌ، وَإِنَّمَا انْقَطَعَتْ لِعَارِضٍ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي صُلْبِ نِكَاحِهِ، لَكِنْ لَا يَمْلِكُ وَطْأَهَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَلَا قَبْلَ الْغُسْل مِنْ النِّفَاسِ (وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّنْ طَلَّقَهَا وَمَنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا (فَلَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (رَجْعَتُهَا قَبْلَ وَضْعِهِ) لِأَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ (وَلَوْ بَانَ أَنَّهُ) أَيْ الْحَمْلَ مِنْ (الثَّانِي) فَرَجْعَتُهَا صَحِيحَةٌ لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ رَاجَعَهَا بَعْدَ الْوَضْع وَبَانَ الْحَمْلُ مِنْ الثَّانِي صَحَّتْ رَجْعَتُهُ، وَإِنْ بَانَ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْعِدَّةَ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ.
(وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ (بَانَتْ وَلَمْ تَحِلَّ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) بِشُرُوطٍ وَتَقَدَّمَ (وَتَعُودُ) إلَيْهِ (عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا سَوَاءٌ رَجَعَتْ) إلَيْهِ (بَعْدَ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ) وَسَوَاءٌ (وَطِئَهَا الثَّانِي أَوْ لَمْ يَطَأْهَا) هَذَا قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةً وَابْنِ عُمَرَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَمُعَاذٍ قَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا فِي الْإِحْلَالِ لِلْأَوَّلِ فَلَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الطَّلَاقِ، كَوَطْءِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ قَبْلَ نِكَاحِ الْآخَرِ.
(وَإِنْ ارْتَجَعَهَا) الْمُطَلِّقُ (وَأَشْهَدَ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا رُدَّتْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الَّذِي كَانَ رَاجَعَهَا بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، لِأَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ، لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى رِضَاهَا فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى عِلْمِهَا كَطَلَاقِهَا وَنِكَاحِ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا (وَلَا يَطَؤُهَا) الْمُرْتَجَعُ (حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَصْلِ نِكَاحِهِ (وَلَهَا عَلَى الثَّانِي الْمَهْرُ) بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا) الثَّانِي (مَعَ عِلْمِهِمَا) أَيْ عِلْمِ الثَّانِي وَالْمُطَلَّقَةِ (بِالرَّجْعَةِ أَوْ) تَزَوَّجَهَا مَعَ (عِلْمِ أَحَدِهِمَا) بِالرَّجْعَةِ (فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْغَيْرِ، وَلَا شُبْهَةَ (وَالْوَطْءُ مُحَرَّمٌ عَلَى مَنْ عَلِمَ) مِنْهُمَا (وَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّانِي فِي الْحَدِّ وَغَيْرِهِ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ (وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مَا دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لِفَسَادِ النِّكَاحِ (وَرُدَّتْ إلَى الْأَوَّلِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ (وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي) مِنْ مَهْرٍ، وَلَا حَدَّ لِعَدَمِ مُوجِبِهِ.
(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُطَلِّقِ (بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ (وَإِنْ صَدَّقَتْهُ هِيَ وَزَوْجُهَا) الثَّانِي (رُدَّتْ إلَيْهِ) أَيْ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ تَصْدِيقَهُمَا أَبْلَغُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (وَإِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ) الثَّانِي (فَقَطْ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِهِ (وَلَمْ تُسَلَّمْ إلَى الْأَوَّلِ) لِأَنَّ قَوْلَ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ) صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لَمْ يُقْبَلْ (فَإِنْ كَانَ تَصْدِيقُهُ) أَيْ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ فِي رَجْعَتِهَا (قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا فَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهِ بِتَصْدِيقِهِ.
(وَ) إنْ كَانَ تَصْدِيقُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَ (لَهَا الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ (وَإِنْ صَدَّقَتْهُ) أَيْ الْأَوَّلَ فِي دَعْوَى رَجَعْتِهَا (وَحْدَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَلَا يُسْتَحْلَفُ الثَّانِي عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ دَعْوَى فِي النِّكَاحِ وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ بَلَى فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْي الْعِلْمِ.
(فَإِنْ بَانَتْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّانِي (بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِفَسْخِ عُنَّةٍ أَوْ إعْسَارٍ (رُدَّتْ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ) جَدِيدٍ لِأَنَّ الْمَنْع مِنْ رَدِّهَا إنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الثَّانِي كَمَا لَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَلَا يَلْزَمُهَا مَهْرٌ لِلْأَوَّلِ بِحَالٍ) وَإِنْ صَدَّقَتْهُ (كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ أَسْلَمَتْ) تَحْتَ كَافِرٍ (أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا).
(وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَهِيَ فِي نِكَاحِ الثَّانِي فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَهُ) أَيْ الْأَوَّلَ (لِإِقْرَارِهِ بِزَوْجِيَّتِهَا وَإِقْرَارِهَا بِذَلِكَ) أَيْ بِزَوْجِيَّتِهِ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِنْ مَاتَتْ) وَهِيَ مُصَدِّقَةٌ لِلْأَوَّلِ (لَمْ يَرِثْهَا) الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ نِكَاحِ الثَّانِي (وَيَرِثُهَا الزَّوْجُ الثَّانِي) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ ظَاهِرًا.
(فَإِنْ مَاتَ الثَّانِي لَمْ تَرِثْهُ) لِاعْتِرَافِهَا بِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ.
(قَالَ الزَّرْكَشِيّ؛ وَلَا يُمَكَّنُ) أَيْ الْأَوَّلُ (مِنْ تَزَوُّجِ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعَ سِوَاهَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُوجِبِ دَعْوَاهُ قُلْتُ: وَكَذَا الثَّانِي بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(وَإِنْ ادَّعَتْ الرَّجْعِيَّةُ أَوْ الْبَائِنُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا قُبِلَ قَوْلُهَا إذَا كَانَ مُمْكِنًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} أَيْ مِنْ الْحَمْلِ وَالْحَيْضِ فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِنَّ كِتْمَانُهُ وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ تَخْتَصّ بِمَعْرِفَتِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِيهِ كَالنِّيَّةِ (إلَّا أَنْ تَدَّعِيَهُ) أَيْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا (الْحُرَّةُ بِالْحَيْضِ فِي شَهْرٍ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَلَوْ أَنَّهَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِ شُرَيْحٍ إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ وَجَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ، فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَةٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ قالون وَمَعْنَاهُ بِلِسَانِ الرُّومِيَّةِ: أَصَبْتِ أَوْ أَحْسَنْتِ، وَلِأَنَّهُ يَنْدُر جِدًّا حُصُولُ ذَلِكَ فِي شَهْرٍ فَهُوَ (كَمَا لَوْ ادَّعَتْ خِلَافَ عَادَةٍ مُنْتَظِمَةٍ) فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

.(فَصْل): في أقل العدّة:

(وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْقَضِيَ بِهِ) أَيْ فِيهِ (عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْأَقْرَاءِ) أَيْ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْأَقْرَاءُ (الْحَيْضُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةً) بِنَاء عَلَى أَنَّ أَقَلّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَقَلَّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشْرَ يَوْمًا وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا مَعَ آخِرِ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ تَطْهُرُ ثَلَاثَةَ عَشْرَ يَوْمًا ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ تَطْهُرُ لَحْظَةً لِتَعْرِفَ بِهَا انْقِضَاءَ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ اللَّحْظَةُ مِنْ عِدَّتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْهَا لِمَعْرِفَةِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَمَنْ اعْتَبَرَ الْغُسْلَ فَلَا بُدَّ مِنْ وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْغُسْلُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ.
(وَ) أَقُلُّ مَا تَنْقَضِي فِيهِ عِدَّةُ (الْأَمَةِ) بِالْأَقْرَاءِ وَهِيَ الْحَيْضُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَلَحْظَةً) بِأَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ طُهْرِهَا وَحَاضَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَطَهُرَتْ ثَلَاثَةَ عَشْرَ يَوْمًا وَحَاضَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَاللَّحْظَةَ لِيَتَحَقَّقَ فِيهَا الِانْقِطَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ ادَّعَتْ) الْحُرَّةُ (انْقِضَاءَهَا) أَيْ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ (فِي أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ صُدِّقَتْ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) إنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا بِالْحَيْضِ (فِي أَقَلِّ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةً لَا تُسْمَع دَعْوَاهَا) انْقِضَاءَهَا (حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْهَا مَا يُمْكِنُ صِدْقُهَا) فِيهِ كَمَا لَوْ مَضَى عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ (نَظَرْنَا فَإِنْ بَقِيَتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْمَرْدُودَةِ لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهَا (أَيْضًا) لِأَنَّهَا عَيْنُ الَّتِي رُدَّتْ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ (وَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كُلِّهَا أَوْ) ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا (فِيمَا يُمْكِنُ) انْقِضَاءُهَا (فِيهَا قُبِلَ قَوْلُهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا وَهِيَ مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا (وَالْفَاسِقَةُ) وَالْعَدْلُ (وَالْمَرِيضَةُ) وَالصَّحِيحَةُ (وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ سَوَاءٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا.
(وَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا) أَيْ الْعِدَّةَ (بِوَضْعِ حَمْلٍ) تَمَامٍ لَيْسَ سَقْطًا (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ إمْكَانِ الْوَطْءِ بَعْدَ الْعَقْدِ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ) أَيْ سَقَطَتْ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهَا (فِي أَقَلِّ مِنْ ثَمَانِينَ يَوْمًا) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الْوَطْءِ بَعْدَ الْعَقْدِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي إلَّا بِمَا يَبِينُ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ وَأَقَلُّ مُدَّةٍ يَتَبَيَّنُ فِيهَا خَلْقُ إنْسَانٍ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا تَنْقَضِي بِهِ) أَيْ بِمَا تُلْقِيهِ الْمَرْأَةُ (عِدَّةٌ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُضْغَةً) وَيَتَبَيَّنُ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ كَمَا لَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ نِفَاسٍ وَلَا وُقُوعَ طَلَاقٍ مُعَلَّقٍ بِوِلَادَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا) أَيْ الْعِدَّةَ (بِالشُّهُورِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا) بِلَا بَيِّنَةٍ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ) لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ يَنْبَنِي عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِيهِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) الزَّوْجُ (انْقِضَاءَهَا لِيُسْقِطَ نَفَقَتَهَا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: فِي مُحَرَّمٍ طَلَّقْتُكِ فِي شَوَّالٍ) فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُكِ وَسَقَطَتْ نَفَقَتُكِ (فَتَقُولُ هِيَ بَلْ) طَلَّقْتنِي (فِي ذِي الْقَعْدَةِ) فَعِدَّتِي وَنَفَقَتِي بَاقِيَتَانِ (فَقَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُقُوطِ ذَلِكَ (فَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ) كَبَائِنٍ وَحَائِلٍ (قُبِلَ قَوْلُهَا) لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ عَلَى نَفْسِهَا بِمَا هُوَ الْأَغْلَظُ عَلَيْهَا (وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَقَالَ) فِي الْمُحَرَّمِ (طَلَّقْتُكِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ) فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُكِ (فَلِي رَجْعَتُكِ فَقَالَتْ بَلْ) طَلَّقْتَنِي (فِي شَوَّالٍ) فَانْقَضَتْ عِدَّتِي (فَلَا رَجْعَةَ لَكَ فَقَوْلُهُ) لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ.
(وَإِنْ ادَّعَى فِي عِدَّتِهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا أَمْسِ أَوْ) أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا (مُنْذُ شَهْرٍ قُبِلَ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهَا (فَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا أَمْسِ أَوْ مُنْذُ شَهْرٍ (بَعْدَ انْقِضَائِهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (فَأَنْكَرَتْهُ فَقَوْلُهَا) لِأَنَّهُ ادَّعَاهَا فِي زَمَنٍ لَا يَمْلِكُهَا فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَحُصُولُ الْبَيْنُونَةِ.
(وَإِنْ قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ) بَعْدَ ذَلِكَ (قَدْ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ فَقَوْلُهَا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ سَبَقَ فَقَالَ ارْتَجَعْتُكِ فَقَالَتْ: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِكِ فَأَنْكَرَهَا فَقَوْلُهُ) لِأَنَّهُ ادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَقَدْ صَحَّتْ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي إبْطَالِهَا (وَإِنْ تَدَاعَيَا) ذَلِكَ (مَعًا قُدِّمَ قَوْلُهَا) لِتَسَاقُطِ قَوْلِهِمَا مَعَ التَّسَاوِي وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ) قَبْلَ الطَّلَاقِ (فَقَالَ قَدْ) كُنْتُ (أَصَبْتُكِ فَلِي رَجْعَتُكِ فَأَنْكَرَتْهُ) فَقَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (أَوْ قَالَتْ) بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا (قَدْ أَصَابَنِي) أَوْ خَلَا بِي (فَلِيَ الْمَهْرُ كَامِلًا) فَأَنْكَرَهَا (فَقَوْلُ الْمُنْكِرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَبَرَاءَتُهُ (وَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ) لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْمُدَّعِي الْإِصَابَةَ (وَلَا تَسْتَحِقُّ فِيهِمَا) أَيْ الْمَوْضِعَيْنِ (إلَّا نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ) مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهِ فِي الْأَوَّلِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ فِي الثَّانِي (وَإِنْ كَانَ) اخْتِلَافُهُمْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ (وَادَّعَى إصَابَتَهَا فَأَنْكَرَتْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ الْإِصَابَة (وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُنْكِرُ) لِلْإِصَابَةِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ ادَّعَى زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (عِدَّتِهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا فَأَنْكَرَتْهُ) الْأَمَةُ (وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا نَصًّا) لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الزَّوْجِ لِعَدَمِ قَصْدِهَا إيَّاهُ (وَإِنْ صَدَّقَتْهُ) أَيْ صَدَّقَتْ مُطَلِّقَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا قَبْلَهُ (وَكَذَّبَهُ مَوْلَاهَا) فِي ذَلِكَ (لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهَا فِي إبْطَالِ حَقِّ السَّيِّدِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يُقْبَلُ (فَإِنْ عَلِمَ) السَّيِّدُ (صِدْقَ الزَّوْجِ) فِي دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَعْدَهُ (لَمْ يَحِلَّ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (وَطْؤُهَا وَلَا تَزْوِيجُهَا) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْغَيْرِ (وَإِنْ عَلِمَتْ هِيَ صِدْقَ الزَّوْجِ فِي رَجْعَتِهَا فَهِيَ حَرَامٌ عَلَى سَيِّدِهَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا تَمْكِينُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (مِنْ وَطْئِهَا كَمَا قَبْلَ طَلَاقِهَا).
(وَلَوْ قَالَتْ الرَّجْعِيَّةُ انْقَضَتْ عِدَّتِي ثُمَّ) رَجَعَتْ وَ(قَالَتْ مَا انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَهُ رَجْعَتُهَا) حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّج كَجَحْدِ أَحَدِهِمَا النِّكَاحَ ثُمَّ يَعْتَرِف بِهِ.
(وَلَوْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ رَاجَعْتُهَا ثُمَّ أَقَرَّتْ بِكَذِبِهَا فِي انْقِضَائِهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (وَأَنْكَرَتْ مَا ذَكَر عَنْهَا) مِنْ أَخْبَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَأَقَرَّتْ بِأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِخَبَرٍ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ رَجَعَتْ عَنْ خَبَرِهَا فَقُبِلَ رُجُوعُهَا.