فصل: (فَصْلٌ): نفقةُ الناشزِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ): لُزومُ دَفْعِ الْقُوتِ على الزَّوْجِ:

(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الزَّوْجَ (دَفْعُ الْقُوتِ) أَيْ الْخُبْزِ وَالْأُدْمِ (إلَى الزَّوْجَةِ) لَا بُدَّ لَهُ وَلَا حَبَّ إنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ (فِي صَدْرِ كُلِّ نَهَارٍ وَذَلِكَ إذَا طَلَعْتُ الشَّمْسُ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتِ الْحَاجَةِ (فَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (عَلَى تَأْخِيرِهِ) أَيْ الْقُوتِ عَنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ (أَوْ) عَلَى (تَعْجِيلِهِ لِمُدَّةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا كَالدَّيْنِ وَتَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ (وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا يَلْزَمُهُ تَمْلِيكٌ يُنْفِقُ وَيَكْسُو بِحَسَبِ الْعَادَةِ انْتَهَى).
(وَلَوْ أَكَلَتْ) الزَّوْجَةُ (مَعَ زَوْجِهَا عَادَةً سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَكَذَا إنْ كَسَاهَا) الزَّوْجُ (بِدُونِ إذْنِهَا وَ) بِدُونِ (إذْنِ وَلِيِّهَا) إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا عَمَلًا بِالْعَادَةِ (وَنَوَى أَنْ يَعْتَدَّ لَهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكُسْوَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ سَقَطَتْ عَنْهُ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا.
(وَإِنْ رَضِيَتْ) الزَّوْجَةُ (بِالْحَبِّ لَزِمَهُ أُجْرَةُ طَحْنِهِ وَخَبْزِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَتِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ.
(فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا دَفْعَ الْقِيمَةِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ الْكُسْوَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْآخَرَ إجَابَتُهُ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (أَوَّلَ الْبَابِ).
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الزَّوْجَ (كُسْوَتُهَا فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً) لِأَنَّهُ الْعَادَةُ (وَيَلْزَم الدَّفْع) لِلْكُسْوَةِ (فِي أَوَّلِهِ) أَيْ الْعَامِ (لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتِ الْوُجُوبِ) وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي أَوَّلِ الصَّيْفِ كُسْوَةٌ وَفِي أَوَّلِ الشِّتَاءِ كُسْوَةٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْوَاضِحِ بِقَوْلِهِ كُلَّ نِصْفِ سَنَةٍ (وَتَمْلِكُهَا) أَيْ الْكُسْوَةَ بِالْقَبْضِ (مَعَ نَفَقَةٍ) أَيْ وَتَمْلِكُ النَّفَقَةَ أَيْضًا (بِالْقَبْضِ) كَمَا يَمْلِكُ رَبُّ الدَّيْنِ دَيْنَهُ بِقَبْضِهِ (وَغِطَاءٌ وَوِطَاءٌ وَنَحْوِهِمَا) كَسِتَارَةٍ (كَكُسْوَةٍ) فَيَجِبُ كُلَّ عَامٍ وَتَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ أَنَّهُ كَمَاعُونِ الدَّارِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَلَا تَمْلِكُ) الزَّوْجَةُ (الْمَسْكَنَ وَأَوْعِيَةَ الطَّعَامِ وَالْمَاعُونَ وَالْمُشْطَ وَنَحْوَ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
(وَإِنْ أَكَلَتْ) الزَّوْجَةُ (مَعَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عَادَةً أَوْ كَسَاهَا بِلَا إذْنٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلَيِّهَا وَلَمْ يَتَبَرَّعْ سَقَطَتْ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) إنْ اخْتَلَفَا فِي نِيَّةِ التَّبَرُّعِ فَ (الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَهُوَ أَدْرَى بِنِيَّتِهِ.
(فَإِذَا قَبَضَتْهَا) أَيْ النَّفَقَةَ أَوْ الْكُسْوَةَ (فَسُرِقَتْ أَوْ تَلِفَتْ أَوْ بَلِيَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ عِوَضُهَا) لِأَنَّهَا قَبَضَتْ حَقَّهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ كَالدَّيْنِ إذَا وَفَّاهَا إيَّاهُ ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا لَكِنْ لَوْ بَلِيَتْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَبْلَى فِيهِ مِثْلُهَا لَزِمَهُ بَدَلهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ كُسْوَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَبْلَى فِيهِ عَادَةً وَإِنَّمَا بَلِيَتْ قَبْلَهُ لِكَثْرَةِ خُرُوجِهَا وَدُخُولِهَا فَلَا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَتْهَا وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ يَبْلَى فِيهِ مِثْلُهَا بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَمْ تَبْلَ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ لِلْكُسْوَةِ وَالثَّانِي: بَلَى لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دُونَ حَقِيقَةِ الْحَاجَةِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِذَا انْقَضَتْ السَّنَةُ وَهِيَ) أَيْ الْكُسْوَةُ (صَحِيحَةٌ فَعَلَيْهِ كُسْوَةُ السَّنَةِ الْأُخْرَى) لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دُونَ بَقَائِهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ تَلِفَتْ (وَإِنْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ مُضِيَّ السَّنَةِ (أَوْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ) رَجَعَ بِقِسْطِهِ (أَوْ تَسَلَّفَتْ) أَيْ تَعَجَّلَتْ (النَّفَقَةَ أَوْ الْكُسْوَةَ فَحَصَلَ ذَلِكَ) أَيْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ (قَبْلَ مُضِيِّهَا) أَيْ مُضِّي الْمُدَّةِ الَّتِي تَسَلَّفَتْ نَفَقَتَهَا أَوْ كِسْوَتَهَا (رَجَعَ بِقِسْطِهِ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ.
(لَكِنْ لَا يَرْجِعُ) مَنْ عَجَّلَ نَفَقَةً ثُمَّ سَقَطَتْ (بِبَقِيَّةِ يُومِ الْفُرْقَةِ إلَّا عَلَى نَاشِزٍ) لِأَنَّ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْطِيَهُ شَيْئًا بِأَنْ تَرْجِعَ إلَى الطَّاعَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أَعَادَهَا أَيْ غَيْرُ نَاشِزٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةٌ ثَانِيًا.
(وَإِذْ قَبَضَتْ) الزَّوْجَةُ (النَّفَقَةَ) أَوْ الْكُسْوَةَ (فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِهَا وَلَا يَنْهَكُ) بِفَتْحِ الْهَاء أَيْ يُجْهِدُ (بَدَنُهَا) لِأَنَّهَا مَلَكَتْهَا بِالْقَبْضِ (فَيَجُوزُ لَهَا بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَالصَّدَقَةُ بِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ عَادَ) التَّصَرُّفُ (عَلَيْهَا بِضَرَرٍ فِي بَدَنِهَا أَوْ نَقْصٍ فِي اسْتِمْتَاعِهَا لَمْ تَمْلِكْهُ) لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقَّهُ بِذَلِكَ (فَإِذْ دَفَعَ إلَيْهَا الْكُسْوَةَ فَأَرَادَتْ بَيْعَهَا أَوْ الصَّدَقَةَ بِهَا وَكَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهَا أَوْ يُخِلُّ بِتَحَمُّلِهَا بِهَا أَوْ) يُخِلُّ (بِسُتْرَتِهَا لَمْ تَمْلِكْ ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الزَّوْجِ أَوْ حَقِّ اللَّهِ.
(وَلَوْ أَهْدَى لَهَا كُسْوَةً لَمْ تَسْقُطْ كُسْوَتُهَا) كَمَا لَوْ أَهْدَى الْمَدِينُ الرَّبَّ شَيْئًا لَمْ يَسْقُطْ دَيْنُهُ بِهِ (وَلَوْ أَهْدَى لَهَا طَعَامًا فَأَكَلَتْهُ وَبَقِيَ قُوتُهَا إلَى الْغَدِ لَمْ يَسْقُطْ قُوتُهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ لَا بِحَقِيقَةِ الْحَاجَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهَا امْتِنَاعٌ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.
(وَإِنْ غَابَ) الزَّوْجُ (مُدَّةً وَلَمْ يُنْفِقْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَا مَضَى سَوَاءٌ تَرَكَهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَضَهَا حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا) حَاكِمٌ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا مَضَى» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هُوَ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْعِوَضِ فَرَجَعْت بِهِ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِر هَذِهِ نَفَقَةٌ وَجَبَتْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَلَا يَزُولُ مَا وَجَبَ بِهَذِهِ الْحُجَجِ إلَّا بِمِثْلِهَا وَالْكُسْوَةُ وَالسُّكْنَى كَالنَّفَقَةِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
(وَإِذَا أَنْفَقَتْ) الزَّوْجَةُ (فِي غَيْبَتِهِ مِنْ مَالِهِ فَبَانَ) الزَّوْجُ (مَيِّتًا رَجَعَ عَلَيْهَا الْوَارِثُ) بِمَا أَنْفَقَتْهُ مُنْذُ مَاتَ، لِأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ ارْتَفَعَ بِمَوْتِ الزَّوْجِ فَلَا تَسْتَحِقُّ مَا قَبَضَتْهُ مِنْ النَّفَقَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَعَلَى قِيَاسِهِ كُلُّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ شَيْءٌ وَزَالَتْ الْإِبَاحَةُ بِفِعْلِ اللَّهِ أَوْ بِفِعْلِ الْمُبِيحِ كَالْمُعِيرِ إذَا مَاتَ أَوْ رَجَعَ وَالْمَانِحِ وَأَهْلِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ فَارَقَهَا) الزَّوْجُ بَائِنًا (فِي غَيْبَتِهِ فَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ رَجَعَ) الزَّوْجُ (عَلَيْهَا بِمَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ) الثَّانِيَةِ لِمَا سَبَقَ (وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي الْعِدَدِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إذَا أَنْفَقَتْ) مِنْ مَالِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ انْتَهَى.

.(فَصْلٌ): الزَّوْجَةُ تبذل نَفْسِهَا الْبَذْلَ التَّامَّ:

(وَإِذَا بَذَلَتْ) الزَّوْجَةُ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا (الْبَذْلُ التَّامُّ) بِأَنْ لَا تُسَلِّمَ فِي مَكَان دُونَ آخَر أَوْ بَلَدٍ دُونَ آخَر بَلْ بَذَلَتْ نَفْسَهَا حَيْثُ شَاءَ مِمَّا يَلِيقُ بِهَا (وَهِيَ مَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا) كَذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِلْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلِ وَالْمُوَفَّقِ وَالشِّيرَازِيِّ وَأَنَاطَ الْقَاضِي ذَلِكَ بِابْنَةِ تِسْعَ سِنِينَ وَتَبِعَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ مَتَى يُؤْخَذُ مِنْ الرَّجُلِ نَفَقَةُ الصَّغِيرَةِ فَقَالَ إذَا كَانَ مِثْلهَا يُوطَأُ كَبِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى هَذَا لِقَوْلِ عَائِشَةَ «إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعًا فَهِيَ امْرَأَةٌ».
(أَوْ بَذَلَهُ) أَيْ التَّسْلِيمَ (وَلِيُّهَا أَوْ اسْتَلَمَ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمِهَا) وَهِيَ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا (لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ كَبِيرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ صَغِيرًا) وَسَوَاءٌ كَانَ (يُمْكِنُهُ الْوَطْءَ أَوْ لَا يُمْكِنُهُ كَالْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمَرِيضِ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَدْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ ذَلِكَ كَالْمُؤَجَّرِ إذَا أَسْلَمَ الْمُؤَجَّرَةَ أَوْ بَذَلَهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ تَسَاكَنَا طَوِيلًا وَيَأْتِي مَا لَمْ تَبْذُلْ وَتُسَلِّمْ فَتَجِبُ (حَتَّى وَلَا تَعَذَّرَ وَطْؤُهَا لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ رَتْقٍ أَوْ قَرْنٍ أَوْ لِكَوْنِهَا نِضْوَةَ الْخَلْقِ) أَيْ هَزِيلَةً (أَوْ حَدَثَ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَرَضِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ أَوْ الرَّتْقِ وَنَحْوِهِ (عِنْدَهُ) أَيْ الزَّوْجِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ مُمْكِنٌ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَوْ بَذَلَتْ الصَّحِيحَةُ الِاسْتِمْتَاعَ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا.
(لَكِنْ لَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ التَّسْلِيمِ) وَهِيَ صَحِيحَةٌ (ثُمَّ حَدَثَ لَهَا مَرَضٌ فَبَذَلَتْهُ) أَيْ التَّسْلِيمَ (فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا مَا دَامَتْ مَرِيضَةً عُقُوبَةً عَلَيْهَا بِمَنْعِهَا نَفْسِهَا فِي حَالَةِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِيهَا وَبَذْلِهَا فِي ضِدِّهَا (وَتَقَدَّمَ أَوَّلُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ إذَا ادَّعَتْ عَبَالَةَ ذَكَرِهِ) وَعَظْمِهِ أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَنْظُرَ الْمَرْأَةُ إلَيْهِمَا حَالَ اجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي وَطْئِهِ لِضِيقِ فَرْجِهَا أَوْ قُرُوحٍ بِهِ قُبِلَ بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ.
(فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا) فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ كَالْكَبِيرِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ أَشْبَهَ الْكَبِيرَ إذَا هَرَبَ أَوْ (أَجْبَرَ وَلِيَّهُ عَلَى نَفَقَتِهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهَا عَلَيْهِ) وَالْوَلِيُّ يَنُوبُ فِي أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ كَالزَّكَاةِ وَكَذَا السَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ (وَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَزَوْجُهَا طِفْلٌ أَوْ بَالِغٌ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ مَعَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا) أَوْ بِتَسْلِيمِ وَلِيِّهَا لَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحِلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلَا أَثَرَ لِتَسْلِيمِهَا قُلْتُ لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا يُوطَأ مِثْلُهَا أَرَادَ تَسْلِيمَهَا مُضَارَّةً لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْحَضَانَةِ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّفَرَ بِقَصْدِ الْمُضَارَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ.
(وَإِنْ بَذَلَتْ) زَوْجَةٌ أَوْ بَذَلَ وَلِيُّهَا (تَسْلِيمَ نَفْسِهَا وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا) النَّفَقَةَ (حَتَّى يُرَاسَلَهُ حَاكِمُ الشَّرْعِ) لِأَنَّهَا بَذَلَتْ فِي حَالٍ لَا يُمْكِنْهُ التَّسْلِيمُ فِيهِ (فَيَكْتُبُ) الْقَاضِي (إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ (فِيهِ لِيَسْتَدْعِيَهُ وَيُعْلِمَهُ ذَلِكَ) أَيْ زَوْجَتَهُ بَذَلَتْ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا (فَإِنْ سَارَ) الزَّوْجُ (إلَيْهَا أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَتَسَلَّمَهَا) لَهُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَحْرَمِهَا (فَوَصَلَ فَتَسَلَّمَهَا هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ (أَوْ نَائِبُهُ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ) حِينَئِذٍ، لِأَنَّ الْبَذْلَ قَبْلَ ذَلِكَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) الزَّوْجُ أَيْ: لَمْ يَحْضُرْ أَوْ لَمْ يُوَكِّلْ مِنْ يَتَسَلَّمُهَا (فَرَضَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهَا وَتَسَلُّمُهَا) لِأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا مَعَ إمْكَانِهِ وَبَذْلِهَا لَهُ فَلَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (بَعْدَ تَمْكِينِهَا) مِنْ نَفْسِهَا (فَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فِي غِيبَتِهِ) سَوَاءٌ سَلَّمَهَا أَوْ لَا إذْ الْمَانِعُ مِنْهُ.
(وَإِنْ مَنَعَتْ) الزَّوْجَةُ (تَسْلِيمَ نَفْسِهَا) فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (أَوْ مَنَعَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (أَهْلُهَا) مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (أَوْ تَسَاكَنَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (بَعْد الْعَقْدِ فَلَمْ تَبْذُلْ) الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا (وَلَمْ يَطْلُبْ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ طَالَ مُقَامُهَا عَلَى ذَلِكَ) لِأَنَّ الْبَذْلَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَلَمْ يُوجَدْ.
(وَإِنْ بَذَلَتْ) نَفْسَهَا (تَسْلِيمًا غَيْرَ تَامٍّ كَتَسْلِيمِهَا فِي مَنْزِلهَا) دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَنَازِلِ (أَوْ) تَسْلِيمِهَا (فِي الْمَنْزِلِ الْفُلَانِيِّ دُونَ غَيْرِهِ أَوْ) تَسْلِيمِهَا (فِي بَلَدِهَا) أَوْ بَلَدِ كَذَا (دُونَ غَيْرِهِ لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ اشْتَرَطَتْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ) لِأَنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ كَعَدَمِهِ.
(وَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ فَلَهَا ذَلِكَ) لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا قَبْلَ تَسْلِيمِ صَدَاقِهَا يُفْضِي إلَى تَسْلِيمِ مَنْفَعَتِهَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِالْوَطْءِ ثُمَّ لَا تُسَلِّمُ صَدَاقَهَا فَلَا يُمْكِنُهَا الرُّجُوعُ فِيمَا اسْتَوْفَى مِنْهَا، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ إذَا تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَعْسَرَ بِثَمَنِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِيهِ (وَوَجَبَتْ نَفَقَتُهَا) لِأَنَّهَا فَعَلَتْ مَالَهَا أَنْ تَفْعَلَهُ وَلَوْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا لِمَرَضٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ امْتِنَاعَهَا لِقَبْضِ صَدَاقِهَا امْتِنَاعٌ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَهُوَ يُشْبِهُ تَعَذُّرَ الِاسْتِمْتَاعِ لِصِغَرِ الزَّوْجِ، بِخِلَافِ الِامْتِنَاعِ لِمَرَضِهَا، لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ مِنْ جِهَتِهَا فَهُوَ يُشْبِهُ تَعَذُّرَ الِاسْتِمْتَاعِ لِصِغَرِهَا.
(وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَهُ) أَيْ حَالَ الصَّدَاقِ، كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ ثُمَّ أَرَادَ مَنْعَهُ مِنْهُ (وَلَا) لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ (حَتَّى تَقْبِضَ) الصَّدَاقَ (الْمُؤَجَّلَ) لِأَنَّ قَبْضَهُ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ فَيَكُونُ مَنْعُهَا لِلتَّسْلِيمِ الْمُوجِبِ لِلنَّفَقَةِ فَلَمْ تَجِبُ حَتَّى (وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ الدُّخُولِ) لَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، لِأَنَّهَا أَدْخَلَتْ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهَا حَيْثُ رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِهِ (فَإِنْ فَعَلَتْ) أَيْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَيْثُ قُلْنَا لَيْسَ لَهَا مَنْعُهَا (فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِعَدَمِ التَّمْكِينِ بِلَا عُذْرٍ مِنْ قِبَلِهِ.
(وَإِنْ سَلَّمَ) الزَّوْجَةَ (الْأَمَةَ) لِزَوْجِهَا (سَيِّدُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فَكَحُرَّةٍ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ) عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ (وَلَوْ أَبَى الزَّوْجُ) لِأَنَّ سَيِّدَهَا مُكِّنَ مِنْهَا فَأَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ (وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ).
(وَإِنْ كَانَتْ) الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ (عِنْدَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَيْلًا فَقَطْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ اللَّيْلِ مِنْ الْعَشَاءِ وَتَوَابِعِهِ كَالْوِطَاءِ وَالْغِطَاءِ وَدُهْنِ الْمِصْبَاحِ وَنَحْوِهِ) كَإِزَارِ النَّوْمِ (وَنَفَقَةُ النَّهَارِ عَلَى سَيِّدِهَا) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ فَلَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا عَلَى غَيْرِهِ فِي هَذَا الزَّمَنِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ وَجَدَ فِي حَقِّهِ التَّمْكِينَ لَيْلًا فَوَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ سَلَّمَهَا السَّيِّدُ) لِلزَّوْجِ (نَهَارًا فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْغَرَضِ، إذْ النَّهَارُ مَحِلُّ الْمَعَاشِ وَاللَّيْلُ مَحِلُّ السَّكَنِ قُلْتُ إلَّا مَنْ مَعِيشَتُهُ بِلَيْلٍ كَأَنْ يَكُونَ حَارِسًا.
(وَعَلَى الْمُكَاتَبِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَسْبَهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ (وَنَفَقَةُ امْرَأَةِ الْعَبْدِ الْقِنِّ) أَوْ الْمُدَبَّرِ (عَلَى سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي النِّكَاحِ الْمُفْضِي إلَى إيجَابِهَا كَمَا لَوْ أَذِنَهُ فِي الِاسْتِدَانَةِ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (حُرًّا فَعَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِقَدَرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَبَاقِيهَا عَلَى سَيِّدِهِ) كَنَفَقَتِهِ.

.(فَصْلٌ): نفقةُ الناشزِ:

(وَإِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ) فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ (أَوْ سَافَرَتْ) بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا نَاشِزٌ (أَوْ انْتَقَلَتْ مِنْ مَنْزِلِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِنُشُوزِهَا (وَإِنْ) أَيْ وَلَوْ (كَانَ) خُرُوجُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ (فِي غَيْبَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) فَلَا نَفَقَةَ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ تَطَوَّعَتْ بِحَجٍّ أَوْ) تَطَوَّعَتْ (بِصَوْمٍ مَنَعَتْهُ فِيهِ نَفْسَهَا أَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ مَنْذُورٍ فِي الذِّمَّةِ) فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُسَافِرَةِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الِاسْتِمْتَاعِ الْوَاجِبِ لِلزَّوْجِ فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ فَقَالَ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا كَالْمُسَافِرَةِ لِأَنَّهَا بِإِحْرَامِهَا مَانِعَةٌ لَهُ مِنْ التَّمْكِينِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ (أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْهُ) أَيْ الْوَطْءِ (دُونَ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ) كَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ (أَوْ لَمْ تَبِتْ مَعَهُ فِي فِرَاشِهِ) فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تُسْلِمْ نَفْسَهَا التَّسْلِيمَ التَّامَّ (أَوْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ) بِأَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ إنْ طَاوَعَتْ إلَّا إنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً (فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِأَنَّهَا نَاشِزٌ (وَسَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ (الْبَالِغَةُ وَالْمُرَاهِقَةُ وَالْعَاقِلَةُ وَالْمَجْنُونَةُ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى رَدِّهَا إلَى الطَّاعَةِ أَمْ لَا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ فَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ سَقَطَتْ.
(فَإِنْ أَطَاعَتْ النَّاشِزُ فِي غَيْبَتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَمْ تَعْدُ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَعُودَ التَّسْلِيمُ بِحُضُورِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (أَوْ حُضُورِ وَكِيلِهِ) إذْ لَا يُتَصَوَّرُ التَّسْلِيمُ فِي غِيبَتِهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) الزَّوْجُ وَلَا وَكِيلُهُ (وَرُوسِلَ) أَيْ رَاسَلَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ كَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ يُعْلِمُهُ بِطَاعَتِهَا (فَعَلِمَ بِذَلِكَ وَمَضَى زَمَنٌ يَقْدَمُ فِي مِثْلِهِ لَزِمَتْهُ) النَّفَقَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ بَذَلَتْ نَفْسَهَا ابْتِدَاءً.
(وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (تَفْطِيرُهَا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَوَطْؤُهَا فِيهِ) لِأَنَّ حَقَّهُ وَاجِبٌ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّطَوُّعِ (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) الصَّائِمَةُ تَطَوُّعًا مِنْ تَمْكِينِ زَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا (فَنَاشِزٌ) لَا نَفَقَةَ لَهَا لِمَعْصِيَتِهَا إيَّاهُ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهَا.
(وَبِمُجَرَّدِ إسْلَامِ مُرْتَدَّةٍ) فِي غَيْبَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْعِدَّةِ تَعُودُ نَفَقَتُهَا.
(وَ) بِمُجَرَّدِ إسْلَامِ (مُتَخَلِّفَةٍ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي غَيْبَتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَزِمَتْ النَّفَقَةُ) لِأَنَّ الرِّدَّةَ وَتَخَلُّفَهَا عَنْ الْإِسْلَامِ أَسْقَطَ النَّفَقَةَ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا كَسُقُوطِهَا بِالطَّلَاقِ فَإِذَا رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ عَادَ النِّكَاحُ إلَى حَالِهِ فَعَادَتْ النَّفَقَةُ، بِخِلَافِ النَّاشِزِ فَإِنَّ سُقُوطَ نَفَقَتِهَا بِخُرُوجِهَا عَنْ يَدِهِ أَوْ مَنْعِهَا لَهُ مِنْ التَّمْكِينِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهَا، وَلَا يَعُودُ ذَلِكَ إلَّا بِعَوْدِهَا إلَى يَدِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْهَا، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ بَذَلَتْ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ بِمُجَرَّدِ الْبَذْلِ.
(وَيَشْطُرُ) النَّفَقَةَ (لِنَاشِزٍ لَيْلًا فَقَطْ) أَنْ تُطِيعَهُ نَهَارًا وَتَمْنَعَهُ لَيْلًا (أَوْ) نَاشِزٍ (نَهَارًا فَقَطْ بِ) أَنْ تُطِيعَهُ لَيْلًا وَتَمْتَنِعَ مِنْهُ نَهَارًا أَيْ تُعْطَى نِصْفَ النَّفَقَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَ(لَا) تُعْطَى مِنْ النَّفَقَةِ (بِقَدْرِ الْأَزْمِنَةِ) لِعُسْرِ التَّقْدِيرِ بِالْأَزْمِنَةِ (وَيَشْطُرُ لَهَا) النَّفَقَةَ أَيْضًا إذَا نَشَزَتْ (بَعْضَ يَوْمٍ) أَوْ بَعْضَ لَيْلَةٍ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ صَامَتْ لِكَفَّارَةٍ) بِلَا إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (أَوْ) صَامَتْ لِنَذْرٍ (أَوْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ مُتَّسِعٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي النَّذْرِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ (بِلَا إذْنِهِ) فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، لِأَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا عَنْهُ بِسَبَبٍ لَا مِنْ جِهَتِهِ (أَوْ سَافَرَتْ لِتَغْرِيبٍ) بِأَنْ زَنَتْ فَغُرِّبَتْ (أَوْ حُبِسَتْ وَلَوْ ظُلْمًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) زَمَنَ تَغْرِيبِهَا، أَوْ حَبْسِهَا لِفَوَاتِ التَّمْكِينِ الْمُقَابِلِ لِلنَّفَقَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (الْبَيْتُوتَةُ مَعَهَا فِي حَبْسِهَا) لِأَنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ فِي الْبَيْتُوتَةِ مَعَهَا فَلَا يَسْقُطُ بِحَبْسِهَا.
(وَإِنْ حَبَسَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَ (عَلَى صَدَاقِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ كَانَتْ ظَالِمَةً مَانِعَةً لَهُ مِنْ التَّمْكِينِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا مُدَّةَ حَبْسِهِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (قَادِرًا عَلَى أَدَائِهِ) أَيْ أَدَاءِ مَا حَبَسَتْهُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهَا (لِمَنْعِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَلَهَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ حَبْسِهِ إذَا كَانَتْ بَاذِلَةً لِلتَّمْكِينِ قَالَهُ الشَّيْخُ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لَا مِنْهَا.
(وَإِنْ سَافَرَتْ) الزَّوْجَةُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (فِي حَاجَتِهِ) فَلَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ فِي شُغْلِهِ وَمُرَادِهِ (أَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عُمْرَتِهِ) فَلَهَا النَّفَقَةُ أَوْ أَحْرَمَتْ بِمَكْتُوبَةٍ فِي وَقْتِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ، لِأَنَّهَا فَعَلَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا بِأَصْلِ الشَّرْعِ فَكَانَ كَصِيَامِ رَمَضَانَ وَكَذَا سُنَنُ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا (أَوْ طَرَدَهَا) الزَّوْجُ (وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ) لِوُجُودِ التَّمْكِينِ مِنْهَا وَإِنَّمَا الْمَانِعُ مِنْهُ وَمَحَلُّ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عُمْرَتِهِ (إنْ أَحْرَمَتْ فِي الْوَقْتِ) أَيْ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ قَدَّمَتْ الْإِحْرَامَ عَلَى الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ فَكَالْمُحْرِمَةِ بِتَطَوُّعٍ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ التَّقْدِيمِ.
(وَإِنْ سَافَرْتِ) الزَّوْجَةُ (فِي حَاجَةِ نَفْسِهَا أَوْ لَوْ لِنُزْهَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةِ) رَحِمٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ حَجِّ تَطَوُّعٍ) أَوْ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ (وَلَوْ بِإِذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ التَّمْكِينَ لِأَجْلِ نَفْسِهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا مَعَهَا مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا فَلَا تَسْقُطُ) نَفَقَتُهَا، لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا هُنَا، يَعْنِي إذَا سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِحَالٍ، وَعَزَى الْأَوَّلَ لِلْقَاضِي.
(وَإِنْ أَحْرَمَتْ) الزَّوْجَةُ (بِمَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ فِي وَقْتِهِ) أَوْ صَامَتْ نَذْرًا مُعَيَّنًا فِي وَقْتِهِ وَلَوْ كَانَ النَّذْرُ بِإِذْنِهِ أَوْ كَانَ نَذْرُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ وَصَامَتْهُ (فِي وَقْتِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ عَلَى زَوْجِهَا حَقَّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِاخْتِيَارِهَا، وَلِأَنَّ النَّذْرَ صَدَرَ مِنْ جِهَتِهَا بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي نُشُوزِهَا بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِالتَّسْلِيمِ أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ) فِي (تَسْلِيمِ النَّفَقَةِ إلَيْهَا فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ الْقَيِّمِ فِي النَّفَقَةِ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْعُرْفُ، لِأَنَّهُ يُعَارِضُ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ وَالْغَالِبُ أَنَّهَا تَكُونُ رَاضِيَةً وَإِنَّمَا تُطَالِبُهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ) الزَّوْجَةُ (يَسَارَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لِيَفْرِضَ) الْحَاكِمُ (لَهَا نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ، أَوْ قَالَتْ) لِزَوْجِهَا (كُنْتَ مُوسِرًا) فَيَلْزَمُكَ لِمَا مَضَى نَفَقَة الْمُوسِرِينَ (فَأَنْكَر) الزَّوْج الْيَسَارَ (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ فَقَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالْمَلَاءَةِ (فَقَوْلُهُ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي بَذْلِهِ التَّسْلِيمَ) بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا بَذَلَتْ التَّسْلِيمَ وَأَنْكَرَ فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي وَقْتِهِ) بِأَنْ قَالَتْ بَذَلْتُ التَّسْلِيمَ مِنْ سَنَةٍ فَقَالَ بَلْ مِنْ شَهْرٍ فَقَوْلُهُ.
(أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي فَرْضِ الْحَاكِمِ) النَّفَقَةَ (أَوْ) اخْتَلَفَا (فِي وَقْتِهَا فَقَالَ) الزَّوْجُ (فَرَضَهَا) الْحَاكِمُ (مُنْذُ شَهْرٍ وَقَالَتْ) الزَّوْجَةُ (بَلْ مُنْذُ عَامٍ فَقَوْلُهُ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزَّائِدِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ (وَكُلُّ مَنْ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَلِخَصْمِهِ عَلَيْهِ الْيَمِينُ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ خَصْمِهِ.
(وَإِنْ دَفَعَ) الزَّوْجُ (إلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (نَفَقَةً وَكُسْوَةً أَوْ بَعَثَ بِذَلِكَ إلَيْهَا فَقَالَتْ) لِلزَّوْجِ (إنَّمَا فَعَلْتَهُ تَبَرُّعًا وَهِبَةً فَقَالَ) الزَّوْجُ (بَلْ وَفَاءً لِلْوَاجِبِ) عَلَيَّ (فَقَوْلُهُ) لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نِيَّتِهِ وَهُوَ أَدْرَى بِهَا (كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ وَاخْتَلَفَ هُوَ وَغَرِيمُهُ فِي نِيَّتِهِ) فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَدِينِ.
(وَإِنْ دَفَعَ) الزَّوْجُ (إلَيْهَا شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْكُسْوَةِ مِثْلَ مَصَاغٍ وَقَلَائِدَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَقَدْ مَلَكَتْهُ) بِقَبْضِهِ كَسَائِرِ الْهِبَاتِ (وَلَيْسَ لَهُ إذَا طَلَّقَهَا أَنْ يُطَالِبَهَا بِهِ) لِلُزُومِ الْهِبَةِ بِالْقَبْضِ (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (قَدْ أَعْطَاهَا) ذَلِكَ (لِلتَّجَمُّلِ بِهِ كَمَا يُرْكِبُهَا دَابَّتَهُ وَيَخْدُمُهَا غُلَامُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ الْمُعَيَّنِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ بِشَيْءٍ يَقْتَضِيهِ (فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَتَى شَاءَ سَوَاءٌ طَلَّقَهَا أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا) الزَّوْجُ (وَكَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ حَامِلًا فَانْقَضَتْ عِدَّتُكِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَانْقَضَتْ نَفَقَتُكِ وَ) انْقَضَتْ (رَجْعَتُكِ فَقَالَتْ: بَلْ) طَلَّقْتَنِي (بَعْدَ الْوَضْعِ فَلِيَ النَّفَقَةُ وَلَكَ الرَّجْعَةُ) فَالْقَوْلُ (قَوْلُهَا) فِي بَقَاءِ النَّفَقَةِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ (وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا (وَلَا رَجْعَةَ لَهُ) عَلَيْهَا لِإِقْرَارِهِ بِسُقُوطِهَا (وَإِنْ رَجَعَ) الْمُطَلِّقُ (فَصَدَّقَهَا) أَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ (فَلَهُ الرَّجْعَةُ) مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةُ (وَلَوْ قَالَ) الزَّوْجُ: (طَلَّقْتُكِ بَعْدَ الْوَضْعِ فَلِيَ الرَّجْعَةُ وَلَكِ النَّفَقَةُ فَقَالَتْ: بَلْ) طَلَّقْتَنِي (وَأَنَا حَامِلٌ) فَلَا رَجْعَةُ لَكَ وَلَا نَفَقَةُ لِي (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) فِي سُقُوطِ النَّفَقَةِ لِاعْتِرَافِهَا عَلَى نَفْسِهَا قَالَ فِي الْمُنْتَهَى فِي الْعَدَدِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ زَوْجٍ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بَعْدَ حَيْضٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ وَقْتِ كَذَا (وَإِنْ عَادَ) الزَّوْجُ (فَصَدَّقَهَا سَقَطَتْ رَجْعَتُهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْوَضْعِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الطَّلَاقِ (وَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ) لِاعْتِرَافِهِ بِبَقَائِهَا فِي الْعِدَّةِ (هَذَا) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ (فِي الْحُكْمِ الظَّاهِرِ وَ) أَمَّا (مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُبْنَى عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ حَقِيقَةِ الْأَمْرِ دُونَ مَا قَالَهُ) فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ الْبَاطِنَةِ.