فصل: (فَصْلٌ): هل يرثُ المجوسيُّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ): هل يرثُ المجوسيُّ:

(وَيَرِثُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يَرَى حِلَّ نِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ) إنْ أَمْكَنَ (إذَا أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا) وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ، فَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ أُخْتًا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا فِي الْآيَتَيْنِ كَالشَّخْصَيْنِ، وَلِأَنَّهُمَا قَرَابَتَانِ تَرِثُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً لَا تَحْجُبُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَلَا تُرَجَّحُ بِهَا فَتَرِثُ بِهِمَا مُجْتَمِعَيْنِ، كَزَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ أَوْ ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ، وَكَذَوِي الْأَرْحَامِ الْمُدْلِينَ بِقَرَابَتَيْنِ (فَإِذَا خَلَّفَ أُمًّا وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ) لِكَوْنِ أَبِيهِ تَزَوَّجَ بِنْتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا الْمَيِّتَ (وَ) خَلَّفَ مَعَهَا (عَمَّا وَرِثَتْ الثُّلُثَ بِكَوْنِهَا أُمًّا وَ) وَرِثَتْ (النِّصْفَ بِكَوْنِهَا أُخْتًا وَالْبَاقِي) وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ (لِلْعَمِّ) لِحَدِيثِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» (فَإِنْ كَانَ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْأُمِّ الَّتِي هِيَ أُخْتٌ (أُخْتٌ أُخْرَى لَمْ تَرِثْ) الْأُخْتُ الَّتِي هِيَ أُمٌّ (بِكَوْنِهَا أُمًّا إلَّا السُّدُسَ؛ لِأَنَّهَا انْحَجَبَتْ بِنَفْسِهَا وَبِالْأُخْرَى)؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تُحْجَبُ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِأُخْتَيْنِ وَقَدْ وُجِدَتَا.
(وَلَا يَرِثُونَ) أَيْ الْمَجُوسُ وَنَحْوُهُمْ (بِنِكَاحِ الْمَحَارِمِ) لِبُطْلَانِهِ (وَلَا) يَرِثُونَ أَيْضًا (بِنِكَاحٍ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا كَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا) قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ بِنْتَهُ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا ثُمَّ مَاتَ عَنْهُمَا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ؛ لِأَنَّهُمَا ابْنَتَاهُ، وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى بِالزَّوْجِيَّةِ)؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهَا (فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ أَبِيهَا (فَقَدْ تَرَكَتْ بِنْتًا هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَلَهَا النِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ وَالْبَاقِي بِالْأُخُوَّةِ) لِأَنَّهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ.
(فَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى أَوَّلًا) أَيْ وَالْكُبْرَى بَاقِيَةٌ فَقَدْ تَرَكَتْ أُمًّا هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَلَهَا النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ.
(وَ) لَهَا (الثُّلُثُ) اثْنَانِ (بِالْقَرَابَتَيْنِ) أَيْ النِّصْفُ بالأختية وَالثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا ثُمَّ مَاتَ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ وَلِابْنَتِهِ النِّصْفُ فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ فَقَدْ خَلَّفَتْ بِنْتًا هِيَ بِنْتُ ابْنٍ فَلَهَا الثُّلُثَانِ بِالْقَرَابَتَيْنِ.
(وَلَوْ أَوْلَدَ مُسْلِمٌ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرَهَا بِشُبْهَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلشُّبْهَةِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا) أَيْ ذَاتَ مَحْرَمِهِ (وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَوَطِئَهَا) فَأَتَتْ بِوَلَدٍ (ثَبَتَ النَّسَبُ وَوَرِثَ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ) قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالْمَسَائِلُ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا قَرَابَتَانِ يَصِحُّ الْإِرْثُ بِهِمَا: سِتٌّ، إحْدَاهُنَّ فِي الذُّكُورِ، وَهِيَ عَمٌّ هُوَ أَخٌ مِنْ أُمٍّ، بِأَنْ يَنْكِحَ زَوْجَةَ ابْنِهِ الَّتِي أَوْلَدَهَا وَلَدًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَيْضًا ابْنًا، فَهُوَ عَمٌّ لِوَلَدِ ابْنِهِ، وَأَخُوهُ لِأُمِّهِ وَخَمْسٌ فِي الْإِنَاثِ.
وَهِيَ: بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ قَالَ: وَمَتَى كَانَتْ الْبِنْتُ أُخْتًا وَالْمَيِّتُ رَجُلًا فَهِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ وَإِنْ قِيلَ: أُمٌّ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ أَوْ أُمُّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ أَوْ أُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ فَهُوَ مُحَالٌ.
(وَإِذَا مَاتَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُسْتَأْمَنٌ (لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ) وَلَا الْعَهْدِ وَلَا الْأَمَانِ (كَانَ مَالُهُ فَيْئًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَيْءِ (وَكَذَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ (عَنْ إرْثِهِ كَمَنْ) أَيْ كَذِمِّيٍّ (لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) فَبَاقِي مَالِهِ فَيْءٌ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
فَإِنْ وَرِثَهُ حَرْبِيٌّ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارَيْنِ لَيْسَ بِمَانِعٍ كَانَ أَيْضًا لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ حَرْبِيٍّ قَدَرْنَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قِتَالٍ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.

.(بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ):

أَيْ بَيَانِ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ، كَالْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا بِلَا تُهْمَةٍ وَمَنْ يَرِثُ مِنْهُنَّ كَالْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا يُتَّهَمُ فِيهِ بِقَصْدِ الْحِرْمَانِ (إذَا أَبَانَ) الزَّوْجُ (زَوْجَتَهُ فِي صِحَّتِهِ) لَمْ يَتَوَارَثَا (أَوْ) أَبَانَهَا (فِي مَرَضِهِ غَيْرِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ بِهِ) لَمْ يَتَوَارَثَا (أَوْ) أَبَانَهَا فِي (مَرَضٍ غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَخُلْعٍ عَلَى عِوَضٍ (وَلَوْ قَصَدَ الْفِرَارَ مِنْ الْمِيرَاثِ لَمْ يَتَوَارَثَا)؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا فِرَارَ مِنْهُ (بَلْ) يَتَوَارَثَانِ (فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَيَمْلِكُ إمْسَاكَهَا بِالرَّجْعَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَلَا صَدَاقٍ جَدِيدٍ.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) الْمَخُوفِ أَوْ غَيْرِهِ (طَلَاقًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ) بِقَصْدِ الْفِرَارِ (بِأَنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ أَوْ الْخُلْعَ) فَأَجَابَهَا إلَيْهِ، فَكَطَلَاقِ الصَّحِيحِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (عَلَى مَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الَّتِي قَبْلَهَا (أَوْ خَيَّرَهَا) أَيْ خَيَّرَ الْمَرِيضُ زَوْجَتَهُ (فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَصْدِ الْحِرْمَانِ (أَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَلَّقَ صَحِيحَ الطَّلَاقِ (بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا) كَدُخُولِهِ الدَّارَ (فَفَعَلَهُ) زَيْدٌ (فِي مَرَضِهِ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْهُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ.
وَكَذَا لَوْ عَلَّقَهُ صَحِيحًا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ نُزُولِ الْمَطَرِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ فَوُجِدَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ (أَوْ) عَلَّقَهُ صَحِيحًا (بِشَهْرٍ، فَجَاءَ فِي مَرَضِهِ، أَوْ عَلَّقَهُ فِي الصِّحَّةِ عَلَى شَرْطٍ كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ صَلَاتِهَا الْفَرْضَ فَوُجِدَ) ذَلِكَ (فِي الْمَرَضِ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ لِعَدَمِ قَرِينَةِ إرَادَةِ الْفِرَارِ (أَوْ طَلَّقَ) وَلَوْ مَرِيضًا (مَنْ لَا تَرِثُ كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ) فَكَطَلَاقٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ فَارًّا لِمَانِعٍ مِنْ رِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ (أَوْ قَالَ لَهُمَا) أَيْ لِلْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ: (أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ غَدًا فَعَتَقَتْ الْأَمَةُ) قَبْلَ غَدٍ (وَأَسْلَمَتْ الذِّمِّيَّةُ قَبْلَ غَدٍ) فَكَطَلَاقِ الصَّحِيحِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(أَوْ وَطِئَ مَجْنُونٌ أُمَّ زَوْجَتِهِ فَكَطَلَاقِ الصَّحِيحِ؛) لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا قَصْدَ لَهُ صَحِيحٌ إذَنْ (إلَّا إذَا سَأَلَتْهُ) أَيْ سَأَلَتْ زَوْجَةُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ أَنْ يُطَلِّقَهَا (طَلْقَةً) أَوْ طَلْقَتَيْنِ (فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَرِثُهُ) مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ لِقَرِينَةِ التُّهْمَةِ.
قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ تَكُنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ عَلَى عِوَضٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَرِثْهُ؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْهُ الْإِبَانَةَ وَقَدْ أَجَابَهَا إلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ يُتَّهَمُ فِيهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ كَمَنْ طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً) بِلَا سُؤَالٍ مِنْهَا (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ أَوْ عَلَّقَهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ (عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا كَصَلَاةٍ وَنَحْوِهَا) كَوَضُوءٍ وَغُسْلٍ (أَوْ) عَلَّقَهُ فِيهِ عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ (عَقْلًا كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَفَعَلَتْهُ وَلَوْ عَالِمَةً، وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ (كَلَامُ أَبَوَيْهَا أَوْ) كَلَامُ (أَحَدِهِمَا)؛ لِأَنَّهَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ فَلَوْ عَلَّقَ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ طَلَاقَهَا عَلَى كَلَامِهِمَا أَوْ عَلَى كَلَامِ أَحَدِهِمَا فَفَعَلَتْ، لَمْ تَرِثْ وَجَعَلَ فِي الْمُحَرَّرِ كَلَامَ أَبِيهَا مِمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ وَكَلَامُ أَبَوَيْهَا أَوْ أَحَدِهِمَا انْتَهَى.
قُلْتُ: وَلَوْ قِيلَ بِهِ حَتَّى فِي الْأَجْنَبِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورٌ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِمَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ» (أَوْ طَلَّقَهَا) فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ خَلَعَهَا فِيهِ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (عَلَى مَرَضِهِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ، (أَوْ) عَلَّقَهُ (عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ فِعْلٍ لَهُ (كَقَوْلِهِ): أَنْتِ طَالِقٌ (لِأَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْك أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك وَنَحْوِهِ، فَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ أَقَرَّ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ (أَنَّهُ كَانَ أَبَانَهَا) فِي صِحَّتِهِ وَرِثَتْهُ.
(أَوْ وَكَّلَ فِي صِحَّتِهِ مَنْ يُبِينُهَا مَتَى شَاءَ فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ قَذَفَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَلَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ؛ لِنَفْيِ الْحَدِّ أَوْ لِنَفْيِ الْوَلَدِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ ذِمِّيَّةٍ) أَوْ طَلَاقَ أَمَةٍ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ الذِّمِّيَّةِ (وَالْعِتْقِ) لِلْأَمَةِ (فَوُجِدَا) أَيْ الْإِسْلَامُ وَالْعِتْقُ (فِي مَرَضِهِ) وَرِثَتْهُ (أَوْ عَلِمَ) الْمَرِيضُ (أَنَّ سَيِّدَهَا عَلَّقَ عِتْقَهَا بَعْدُ، فَأَبَانَهَا الْيَوْمَ) وَرِثَتْهُ (أَوْ وَطِئَ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (عَاقِلٌ وَلَوْ صَبِيًّا أُمَّ امْرَأَتَهُ) أَوْ بِنْتَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُ امْرَأَتِهِ وَوَرِثَتْهُ (أَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ) أَيْ امْرَأَةَ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ (أَبُوهُ) أَوْ ابْنُهُ الْعَاقِلُ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَ.
(وَرِثَتْهُ)؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَّثَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ فَبَتَّهَا.
وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَرَوَى عُرْوَةُ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ:
لَئِنْ مِتَّ لَأُورِثَنَّهَا مِنْكَ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَرِثْ مَبْتُوتَةٌ» فَمَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَلِأَنَّ قَصْدَ الْمُطَلِّقِ قَصْدٌ فَاسِدٌ فِي الْمِيرَاثِ فَعُورِضَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْقَاتِلِ الْقَاصِدِ اسْتِعْجَالَ الْمِيرَاثِ يُعَاقَبُ بِحِرْمَانِهِ، وَكَمَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ: مَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ أَوْ حُبِسَ لَهُ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (وَلَمْ يَرِثْهَا) لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ وَلَا قَصْدَ مِنْهَا فَيُعَاقَبُ بِضِدِّهِ وَتَرِثُ الْمُبَانَةُ فِرَارًا مِنْ مُبِينِهَا.
(وَلَوْ) مَاتَ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ)، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا طَلَّقَهَا الْمَرِيضُ أَنَّهَا تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ)؛ لِمَا رَوَى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَاهُ طَلَّقَ أُمَّهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ فَوَرِثَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَرِثْ مِنْ الْأَوَّلِ (أَبَانَهَا الثَّانِي أَوْ لَا، أَوْ تَرْتَدَّ) فَإِنْ ارْتَدَّتْ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ.
(وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الِارْتِدَادِ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ تَزَوُّجِهَا وَارْتِدَادِهَا يَسْقُطُ بِهِ إرْثُهَا؛ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِاخْتِيَارِهَا مَا يُنَافِي نِكَاحَ الْأَوَّلِ (وَتَعْتَدُّ) الْمُبَانَةُ فِرَارًا (أَطْوَلَ الْأَجَلَيْنِ) مِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الْعِدَدِ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا.
(فَإِنْ لَمْ يَمُتْ) الْمُطَلِّقُ (مِنْ الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ (وَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ بَلْ لُسِعَ) بِشَيْءٍ مِنْ الْقَوَاتِلِ (أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ) وَنَحْوُهُ (فَكَذَلِكَ) أَيْ وَرِثَتْهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ نَظَرًا إلَى قَصْدِ الْفِرَارِ (وَلَوْ أَبَانَهَا) أَيْ أَبَانَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ زَوْجَتَهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ.
(وَرِثَتْهُ) مُعَاقَبَةً لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ (وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا)؛ لِأَنَّهَا مُبَانَةٌ فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومٍ لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ الْفَاسِدِ (وَيَأْتِي فِي بَابِ) يَعْنِي كِتَابَ (الصَّدَاقِ) مُفَصَّلًا.
(وَإِنْ أُكْرِهَ ابْنٌ عَاقِلٌ وَارِثٌ) وَلَوْ صَبِيًّا (وَلَوْ نَقَصَ إرْثُهُ) بِوُجُودِ مُزَاحِمٍ بِأَنْ وُجِدَ لِلْمَرِيضِ ابْنٌ آخَرُ (أَوْ انْقَطَعَ) إرْثُهُ لِقِيَامِ مَانِعٍ أَوْ حَجْبٍ بِأَنْ كَانَ ابْنَ ابْنٍ، فَحَدَثَ لِلْمَرِيضِ ابْنٌ حَجَبَهُ (امْرَأَةَ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةَ جَدِّهِ وَهُوَ وَارِثُهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ أَكْرَهَ الْمَرْأَةَ حَالَ كَوْنِهِ وَارِثًا وَلَوْ صَارَ غَيْرَ وَارِثٍ بَعْدُ كَمَا تَقَدَّمَ (فِي مَرَضِهِ) أَيْ مَرَضِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ الْمَخُوفِ (عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِأُكَرِهِ مِنْ وَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ بَيَانٌ لِمَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا.
وَغَيْرُ الْوَطْءِ إرْضَاعُ زَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى أُخْرَى (لَمْ يَنْقَطِعْ مِيرَاثُهَا)؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ حَصَلَ فِي مَرَضِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ لِقَصْدِ حِرْمَانِهَا فَلَمْ يَنْقَطِعْ إرْثُهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ أَبَانَهَا الزَّوْجُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (امْرَأَةٌ تَرِثُهُ سِوَاهَا) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ إذَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَفَّرْ عَلَيْهِ بِفَسْخِ نِكَاحِهَا شَيْءٌ مِنْ الْمِيرَاثِ (أَوْ) كَانَ (لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ) أَيْ قَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ (حَالَ الْإِكْرَاهِ) بِأَنْ كَانَ ابْنَ ابْنٍ مَعَ وُجُودِ ابْن، أَوْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ مُبَايِنًا لِدِينِ زَوْجِهَا، (أَوْ طَاوَعَتْ) الْمَرْأَةُ ابْنَ زَوْجِهَا وَنَحْوَهُ عَلَى وَطْئِهِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهَا شَارَكَتْهُ فِيمَا يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الْبَيْنُونَةَ فَأَبَانَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ.
(وَإِنْ فَعَلَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا بِأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةَ زَوْجِهَا الصَّغِيرَةَ أَوْ) تُرْضِعَ (زَوْجَهَا الصَّغِيرَ فِي الْحَوْلَيْنِ) خَمْسَ رَضَعَاتٍ (أَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ ابْنِ زَوْجِهَا) أَوْ ذَكَرَ أَبِيهِ.
(وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ ارْتَدَّتْ) فِي مَرَضِ مَوْتِهَا الْمَخُوفِ (لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُ زَوْجِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ)؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فَلَمْ يُسْقِطْ فِعْلُهَا مِيرَاثَ الْآخَرِ كَالزَّوْجِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَذَا خَرَّجَ الشَّيْخُ، أَيْ الْمُوَفَّقُ فِي بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ، أَيْ إذَا فَعَلَ مَا يَقْطَعُ مِيرَاثَ قَرِيبِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ بِأَنْ ارْتَدَّ؛ لِئَلَّا يَرِثَهُ قَرِيبُهُ فَيُعَاقَبُ بِضِدِّ ذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ رِدَّةَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَرَضِ لَا تَقْطَعُ الْمِيرَاثَ كَمَا فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ: لَا أَيْ أَنَّ الرِّدَّةَ لَيْسَتْ كَفِعْلِ مَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ، فَتَقْطَعَ الْمِيرَاثَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُنْتَهَى؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ أَوْ ارْتَدَّ (وَكَذَا) لَا يَسْقُطُ مِيرَاثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُطَلِّقُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، فَقَالَ: وَالزَّوْجُ فِي إرْثِهَا إذَا قَطَعَتْ نِكَاحَهَا مِنْهُ كَفِعْلِهِ انْتَهَى.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَرِثُهَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا كَمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ (هُوَ الْمُطَلِّقُ) وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الْمُقْنِعِ وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: مُرَادُهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَا قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى، لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (هَذَا) أَيْ عَدَمُ سُقُوطِ مِيرَاثِ زَوْجِهَا بِفَسْخِهَا النِّكَاحَ (إنْ كَانَتْ مُتَّهَمَةً فِيهِ) أَيْ فِي فِعْلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا بِقَصْدِ حِرْمَانِهِ الْمِيرَاثَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَّهَمَةً فِي ذَلِكَ (سَقَطَ) الْمِيرَاثُ (كَفَسْخِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ)؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا لِلْفِرَارِ (أَوْ فَعَلَتْهُ) أَيْ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا مِنْ اسْتِدْخَالِ ذَكَرِ أَبِيهِ أَوْ إرْضَاعِ زَوْجَةِ زَوْجِهَا الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ (مَجْنُونَةً) فَلَا إرْثَ؛ لِأَنَّهَا لَا قَصْدَ لَهَا.
(وَلَوْ خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدٌ) وَلَمْ تُعْلَم عَيْنُهَا أَخْرَجَهَا وَارِثٌ بِقُرْعَةٍ (أَوْ) خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ (مُنْقَطِعٌ قَطْعًا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ (وَلَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهَا) أَيْ عَيْنُ مَنْ انْقَطَعَ نِكَاحُهَا قَطْعًا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ (أَخْرَجَهَا وَارِثٌ بِقُرْعَةٍ) وَالْمِيرَاثُ لِلْبَوَاقِي لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ آدَمِيٍّ فَتُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْقُرْعَةُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْحُقُوق تَسَاوَتْ عَلَى وَجْهٍ تَعَذَّرَ تَعْيِينُ الْمُسْتَحِقِّ فِيهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِيهِ الْقُرْعَةُ كَالْقِسْمَةِ.
(وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عِنِّينًا فَأُجِّلَ سَنَةً فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى مَرِضَتْ) مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَاخْتَارَتْ فُرْقَتَهُ وَفَرَّقَ) الْحَاكِمُ (بَيْنَهُمَا لَمْ يَتَوَرَّثَا) لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا فِرَارَ فِيهِنَّ لِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا لِلْفِرَارِ، فَهِيَ كَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ.
(وَإِنْ طَلَّقَ أَرْبَعًا فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (طَلَاقًا يُتَّهَمُ فِيهِ) بِقَصْدِ حِرْمَانِهِنَّ (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ) ثُمَّ مَاتَ (فَالْمِيرَاثُ لِلثَّمَانِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْمُطَلَّقَاتُ) أَوْ يَرْتَدَّنَّ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُنَّ لَمْ يُسْقِطْ مِيرَاثَهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُشَارِكْنَ الزَّوْجَاتِ.
(وَلَوْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ) فِرَارًا (وَاحِدَةً) فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا) ثُمَّ مَاتَ (فَالْمِيرَاثُ بَيْنَ الْخَمْسِ عَلَى السَّوَاءِ)؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ وَارِثَةٌ بِالزَّوْجِيَّةِ فَكَانَتْ أُسْوَةَ مَنْ سِوَاهَا.
(وَلَوْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ (أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا وَجَحَدَ الزَّوْجُ) دَعْوَاهَا (ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ إنْ دَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا) لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا مُقِيمَةٌ تَحْتَهُ بِغَيْرِ نِكَاحٍ.
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَرِثَتْهُ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ آثَارُهُ مِنْ وُجُوبِ طَاعَتِهِ وَنَحْوِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ إذَنْ وَفِيهِ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ فَلَمْ يُقْبَلْ.
(وَلَوْ قَتَلَهَا) أَيْ قَتَلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) الْمَخُوفِ (ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ لِخُرُوجِهَا مِنْ حَيِّزِ التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ) ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهَا مِنْ أَجْلِ أَنْ لَا تَرِثَهُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ كَمَنْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَحُكْمُ التَّزَوُّجِ فِي مَرَضِهِ) حُكْمُهُ فِي الصِّحَّةِ (أَوْ) أَيْ وَحُكْمُ تَزَوُّجِهَا فِي (مَرَضِهَا حُكْمُ التَّزَوُّجِ فِي الصِّحَّةِ (أَوْ) أَيْ وَحُكْمُ تَزَوُّجِ إنْسَانٍ بِامْرَأَةٍ فِي (مَرَضِهَا وَلَوْ) كَانَ الْمَرَضُ (مَخُوفًا وَلَوْ) كَانَ النِّكَاحُ (مُضَارَّةً) لِلْوَرَثَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ حُكْمُ النِّكَاحِ فِي الصِّحَّةِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَ) فِي (تَوْرِيثِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَصِحُّ فِي الصِّحَّةِ، فَصَحَّ فِي الْمَرَضِ كَالْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ.

.(بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ):

أَيْ بَيَانُ طَرِيقِ الْعَمَلِ فِي تَصْحِيحِ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دُونَ بَعْضٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ جَمِيعِهِمْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ سِوَى مَا تَقَدَّمَ وَبَيَانُ نَفْسِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ وَشُرُوطُهُ فَهُوَ وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا هُنَا إجْمَالًا لَكِنَّهُ يَأْتِي آخِرَ الْكِتَابِ بِأَوْسَعَ مِمَّا هُنَا (إذَا أَقَرَّ كُلُّ الْوَرَثَةِ الْمُكَلَّفُونَ وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْمُقِرَّ الْوَارِثَ (وَاحِدٌ يَرِثُ الْمَالَ كُلَّهُ) لَوْ لَمْ يُقِرَّ (تَعْصِيبًا) كَأَخِي الْمَيِّتِ (أَوْ) يَرِثُهُ تَعْصِيبًا وَ(فَرْضًا) كَأَخِي الْمَيِّتِ لِأُمِّهِ إذَا كَانَ ابْنَ عَمِّهِ أَوْ زَوْجَ الْمَيِّتَةِ إذَا كَانَ ابْنَ عَمِّهَا وَلَيْسَ لَنَا وَارِثٌ وَاحِدٌ يَرِثُ الْمَالَ كُلَّهُ فَرْضًا (أَوْ) كَانَ الْوَارِثُ يَرِثُ الْمَالَ كُلَّهُ (فَرْضًا وَرَدًّا) كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْإِقْرَارُ مِمَّنْ انْحَصَرَ فِيهِمْ الْإِرْثُ لَوْلَا الْإِقْرَارُ (مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ كَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ) إذَا أَقَرَّ (بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ) وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ كَابْنٍ أَوْ بِنْتٍ (سَوَاءٌ كَانَ) الْمُقَرُّ بِهِ (مِنْ حُرَّةٍ أَوْ) كَانَ مِنْ (أَمَتِهِ) أَيْ أَمَةِ الْمَيِّتِ (فَصَدَّقَهُمْ) الْمُقَرُّ بِهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا ثَبَتَ نَسَبُهُ (أَوْ) لَمْ يُصَدِّقْ و(كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي مِيرَاثِهِ وَالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ وَعَلَيْهِ وَبَيِّنَاتِهِ وَدَعَاوِيه وَالْأَيْمَانِ الَّتِي لَهُ وَعَلَيْهِ كَذَلِكَ فِي النَّسَبِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِإِقْرَارِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ النَّسَبَ عَلَى غَيْرِهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَدُ كَالشَّهَادَةِ وَلَنَا أَنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْعَدَدُ كَالدَّيْنِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ اللَّفْظُ وَلَا الْعَدَالَةُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْعَدَدُ كَإِقْرَارِ الْمَوْرُوثِ وَاعْتِبَارُهُ بِالشَّهَادَةِ يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ اللَّفْظُ وَلَا الْعَدَالَةُ وَيَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ.
(وَلَوْ أَسْقَطَ) الْمُقَرُّ بِهِ (الْمُقِرَّ) أَيْ الَّذِي أَقَرَّ (بِهِ كَأَخٍ يُقِرُّ بِابْنٍ) لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ ثَابِتُ النَّسَبِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ بِهِ مَانِعٌ فَدَخَلَ فِي عُمُومِ الْوَارِثِ حَالَةَ الْإِقْرَارِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ.
(وَلَوْ مَعَ) وُجُودِ (مُنْكِرٍ) مِنْ أَقَارِبِهِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ (لَا يَرِثُ) ذَلِكَ الْمُنْكِرُ (لِمَانِعٍ) قَامَ بِهِ مِنْ (رِقٍّ وَنَحْوِهِ) كَقَتْلٍ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ، لِأَنَّ وُجُودَ مَنْ قَامَ بِهِ الْمَانِعُ كَعَدَمِهِ فِي الْإِرْثِ وَالْحَجْبِ فَكَذَا هُنَا وَمَحَلُّ ثُبُوتِ نَسَبِهِ بِالْإِقْرَارِ (إنْ كَانَ) الْمُقَرُّ بِهِ (مَجْهُولَ النَّسَبِ) بِخِلَافِ ثَابِتِ النَّسَبِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ يَتَضَمَّنْ إبْطَالَ نَسَبِهِ الْمَعْرُوفِ فَلَمْ يَصِحَّ.
(وَهُوَ مُمْكِنٌ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ يُمْكِنُ لِحَاقُهُ بِالْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ دُونَ ابْنِ عَشْرٍ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ بِوَلَدٍ لَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ ابْنَ أَكْثَرَ مِنْهَا وَأَقَرُّوا بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ دُونَهَا أَنَّهُ وَلَدُهُ لَمْ يَلْحَقْهُ لِاسْتِحَالَتِهِ.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُنَازِعْ) الْمُقِرَّ (فِيهِ) أَيْ فِي نَسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ (مُنَازِعٌ) بِأَنْ لَا يَدَّعِيَ آخَرُ نَسَبَهُ لِأَنَّهُ إذَا نَازَعَهُ آخَرُ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِلِحَاقِهِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (وَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا (وَإِلَّا) بِأَنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ: وَهِيَ إقْرَارُ الْجَمِيعِ، وَتَصْدِيقُ الْمُقَرِّ بِهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا، وَإِمْكَانُ كَوْنِهِ مِنْ الْمَيِّتِ، وَعَدَمُ الْمُنَازِعِ (فَلَا) ثُبُوتَ لِلنَّسَبِ (وَ) حَيْثُ ثَبَتَ فَإِنَّهُ (يَثْبُتُ إرْثُهُ فَيُقَاسِمُهُمْ) لِمَا تَقَدَّمَ (إنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ) مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ نَحْوَ رِقٍّ (فَإِنْ كَانَ بِهِ مَانِعٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ) لِلْمَانِعِ.
(فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ) وَقْتَ الْإِقْرَارِ (غَيْرَ مُكَلَّفٍ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ (فَأَنْكَرَ) النَّسَبَ (بَعْدَ تَكْلِيفِهِ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حَقًّا عَلَيْهِ (وَلَوْ طَلَبَ إحْلَافَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ النَّسَبِ (لَمْ يُسْتَحْلَفْ) لِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْضَى بِهِ فِي الْمَالِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ.
(وَإِذَا اعْتَرَفَ إنْسَانٌ بِأَنَّ هَذَا أَبُوهُ فَكَاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ) فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ إنْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ بِهِ (حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ) بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِأُبُوَّتِهِ أَكْبَرَ مِنْ الْمُقَرِّ بِفَوْقِ عَشْرِ سِنِينَ مَعَ مُدَّةِ الْحَمْلِ.
(وَ) لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ بِنْتٍ وَزَوْجٍ أَوْ عَنْ بِنْتٍ وَمَوْلًى فَأَقَرَّتْ الْبِنْتُ بِأَخٍ لَهَا فَإِنَّهُ (يُعْتَبَرُ) لِثُبُوتِ نَسَبِهِ (إقْرَارُ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى الْمُعْتَقِ إذَا كَانَا مِنْ الْوَرَثَةِ) كَالْمِثَالَيْنِ لِشُمُولِ اسْمِ الْوَرَثَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.
(وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الَّذِي لَا وَارِثَ) لِلْآخَرِ (مَعَهُ بِابْنٍ لِ) الزَّوْجِ (الْآخَرِ مِنْ غَيْرِهِ فَصَدَّقَهُ الْإِمَامُ أَوَنَائِبُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِأَنَّ مَا فَضَلَ عَنْ حِصَّةِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِأَمْرِهِ فَقَامَ مَقَامَ الْوَارِثِ مَعَهُ لَوْ كَانَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُصَدِّقْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الْمُقِرَّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ (فَلَا) يَثْبُتُ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الْمَيِّتِ.
فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِابْنٍ لِلْآخَرِ مِنْ نَفْسِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّ مُطْلَقًا بِشَرْطِهِ، وَمِنْ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ زَوْجَةً وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ زَوْجًا وَصَدَّقَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ أَوْ نَائِبُ الْإِمَامِ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَقَالَ (وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ) بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ (فَشَهِدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ وَلَدُ الْمَيِّتِ) أَوْ أَخُوهُ وَنَحْوُهُ (أَوْ) شَهِدَا أَنَّهُ كَانَ (أَقَرَّ بِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ) شَهِدَا أَنَّهُ (وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ شَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ لَا تُهْمَةَ فِيهِمَا فَثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ عَدْلَانِ (لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ) فَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ.
(وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ مِنْ الْمُقِرِّ فَقَطْ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ خَاصَّةً) فَلَزِمَهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (ف) عَلَى هَذَا (لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا لِلْمُقِرِّ وَمَاتَ الْمُقِرُّ) أَيْضًا (عَنْهُ) وَرِثَهُ (أَوْ) مَاتَ الْمُقِرُّ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ (وَعَنْ بَنِي عَمٍّ وَرِثَهُ الْمُقَرُّ بِهِ) وَحْدَهُ لِأَنَّ بَنِي الْعَمِّ مَحْجُوبُونَ بِالْأَخِ.
(وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ (مِنْ وَلَدِ الْمُقِرِّ الْمُنْكِرِ لَهُ تَبَعًا) لِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ، فَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (فَثَبَتَتْ الْعُمُومَةُ) تَبَعًا لِلْإِخْوَةِ الْمُقَرِّ بِهَا.
(وَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ) بِأَخٍ لَهُ (عَنْ) الْأَخِ (الْمُقَرِّ بِهِ وَعَنْ أَخٍ) لَهُ (أَيْضًا مُنْكِرٍ) لِأُخُوَّةِ الْمُقَرِّ بِهِ (فَإِرْثُهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُنْكِرِ وَالْمُقَرِّ بِهِ بِالسَّوِيَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ.
وَالْمُرَادُ حَيْثُ تَسَاوَيَا فِي كَوْنِهِمَا شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ بِحَسَبِ إقْرَارِ الْمَيِّتِ وَإِلَّا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ (وَإِذَا أَقَرَّ بِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَثْبُت نَسَبُهُ) الْمُطْلَقُ لِعَدَمِ تَصْدِيقِ بَاقِيهمْ وَعَدَمِ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ (لَزِمَ الْمُقِرَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ) أَيْ الْمُقِرِّ بِهِ (فَضْلَ مَا فِي يَدِهِ عَنْ مِيرَاثِهِ) عَلَى مُقْتَضَى إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَهُ (فَإِنْ جَحَدَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ جَحْدُهُ) لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ بِحَقٍّ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ.
(فَإِذَا خَلَّفَ) مَيِّتٌ (ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ) لِلْمُقِرِّ (فَلَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ وَفِي يَدِهِ نِصْفُهَا فَيَكُونُ السُّدُسُ الزَّائِدُ لِلْمُقَرِّ بِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ (أَوْ) أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ (بِأُخْتٍ) لَهُ (فَلَهَا خُمُسُ مَا فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ خُمُسَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ النِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ، وَيَبْقَى خُمُسُهُ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَيْهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ) لِعَدَمِ مَا يُوجِبُهُ.
(فَإِذَا خَلَّفَ) مَيِّتُ (أَخًا مِنْ أَبٍ وَأَخًا مِنْ أُمٍّ فَأَقَرَّا بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ) لِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ بِهِ (أَخَذَ مَا فِي يَدِ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ) كُلُّهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَقَّ لَهُ لِحَجْبِهِ بِذِي الْأَبَوَيْنِ وَلَمْ يَأْخُذْ مِمَّا فِي يَدِ الْأَخِ لِأُمٍّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ لَهُ بِيَدِهِ (فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ (الْأَخُ مِنْ الْأَبِ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْأَخِ لِأُمٍّ (أَخَذَ) الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ (مَا فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْأَخِ لِأَبٍ مُؤَاخَذَةً لِلْمُقِرِّ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ.
(وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) الْمُطْلَقُ لِإِنْكَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ الْأَخُ لِأُمٍّ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ (الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ وَحْدَهُ) فَلَا شَيْءَ لَهُ (أَوْ) أَقَرَّ الْأَخُ لِأُمٍّ (بِأَخٍ سِوَاهُ) أَيْ سِوَى الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْأَخُ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْهُ أَخًا (مِنْ الْأُمِّ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ بِيَدِ الْمُقِرِّ (وَإِنْ أَقَرَّ) الْأَخُ لِأُمٍّ (بِأَخَوَيْنِ مِنْ أُمٍّ دَفَعَ إلَيْهِمَا بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ) لِأَنَّ فِي يَدِهِ السُّدُسُ، وَفِي إقْرَارِهِ بِهِمَا قَدْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا التُّسْعَ فَيَبْقَى بِيَدِهِ نِصْفُ التُّسْعِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِمَا.