فصل: (فَصْلٌ): وجوب معرفة قيمة الصداق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: في إسلام الحر وتحته إماء:

وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ أَكْثَر مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ أَقَلُّ (فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ) أَسْلَمْنَ (فِي الْعِدَّةِ) إنْ كَانَ دَخَلَ بِهِنَّ (وَكَانَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِسْلَام مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) بِأَنْ كَانَ عَادِمَ الطَّوْل خَائِفَ الْعَنَت (اخْتَارَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُعِفُّهُ الْوَاحِدَةُ (اخْتَارَ مَنْ تُعِفُّهُ) مِنْ اثْنَتَيْنِ (إلَى أَرْبَعٍ) لِأَنَّهَا نِهَايَةُ الْجَمْعِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ حَالَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِمْ (فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا حَالَ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَمْلِكْ اخْتِيَارَهَا كَالْمُعْتَدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ إلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ وَإِنْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٌ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ) الزَّوْجُ (وَهُوَ مُوسِرٌ) أَوْ غَيْرَ خَائِفِ الْعَنَتِ (فَلَمْ يُسْلِمْنَ) أَيْ: الْإِمَاءِ (حَتَّى أَعْسَرَ) أَوْ خَافَ الْعَنَتَ (فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ) مَنْ تُعِفُّهُ لِأَنَّ شَرَائِطَ النِّكَاح إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ حَالُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ (وَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ) خَائِفُ الْعَنَتِ (فَلَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى أَيْسَرَ) أَوْ زَالَ خَوْفُ الْعَنَتِ (لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ) اعْتِبَارًا بِحَالِ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ) أَسْلَمَ (بَعْضُهُنَّ وَهُوَ مُعْسِرٌ) خَائِفُ الْعَنَتِ (فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِمَّنْ اجْتَمَعَ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامهُنَّ وَهُوَ مُعْسِرٌ) خَائِفٌ لِلْعَنَتِ لِأَنَّهُنَّ اجْتَمَعْنَ مَعَهُ فِي حَالٍ يَجُوزُ فِيهِ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهِنَّ (وَإِنْ) أَسْلَمَ ثُمَّ (أَسْلَمَتْ إحْدَاهُنَّ بَعْدَهُ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَالُ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِمْ عَادِمَ الطَّوْلِ خَائِفَ الْعَنَتِ لِأَنَّ الْعِبْرَة بِحَالِ الِاخْتِيَار كَمَا تَقَدَّمَ وَحَالَةُ اجْتِمَاعِهِ مَعَهَا فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ أَمَةً فَلَمْ تَتَمَيَّز عَلَى الْبَوَاقِي.
(وَإِنْ) أَسْلَمَ ثُمَّ (عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمْنَ) أَيْ: الْبَوَاقِي مِنْ الْإِمَاءِ تَعَيَّنَتْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ (أَوْ) أَسْلَمَ ثُمَّ (عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمْنَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ) تَعَيَّنَتْ مَنْ عَتَقَتْ إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ (أَوْ عَتَقَتْ بَيْنَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ) كَأَنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ (تَعَيَّنَتْ الْأُولَى) وَهِيَ الْعَتِيقَة (إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِعِصْمَةِ حُرَّةٍ تُعِفُّهُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ فَلَمْ تُبَحْ لَهُ الْإِمَاءُ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُعِفُّهُ الْعَتِيقَةُ إذَنْ (اخْتَارَ مِنْ الْبَوَاقِي مَعَهَا مَنْ تُعِفُّهُ) مِنْ وَاحِدَة أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لِوُجُودِ الْحَاجَةِ حَيْثُ كَانَ عَادِمَ الطَّوْلِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ) حُرٌّ (وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ فَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِي عِدَّتِهَا قَبْلَهُنَّ) أَيْ: الْإِمَاءُ (أَوْ بَعْدَهُنَّ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ وَتَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ إنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي تُعِفُّهُ فَلَا يَخْتَارُ عَلَيْهَا أَمَةً.
(هَذَا) الْحُكْمُ (إذَا لَمْ يَعْتِقْنَ ثُمَّ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّة فَإِنْ أُعْتِقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَحُكْمُهُنَّ كَالْحَرَائِرِ) فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَإِنْ عَتَقْنَ أَوْ بَعْضُهُنَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ثُبُوتِ الِاخْتِيَارِ بِحَالِ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ مَعَهُ دُون الْإِمَاءِ ثَبَتَ نِكَاحُهَا وَانْقَطَعَتْ عِصْمَتُهُنَّ، وَابْتِدَاءُ عِدَّتِهِنَّ مُنْذُ أَسْلَمَ وَإِنْ أَسْلَمَ الْإِمَاءُ دُونَ الْحُرَّةِ وَلَمْ تُسْلِمْ الْحُرَّةُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَانَتْ بِاخْتِلَافِ الدِّين، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ الْإِمَاءِ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحُرَّةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ الْإِمَاءِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْحُرَّةِ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ عَدَمَ إسْلَامِهَا فِي عِدَّتِهَا وَإِنْ طَلَّقَ الْحُرَّةُ ثَلَاثًا فِي عِدَّتِهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقِ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي عِدَّتِهَا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ) أَسْلَمْنَ (فِي الْعِدَّةِ) بَعْد الدُّخُولِ (ثُمَّ عَتَقَ أَوَّلًا) أَيْ أَوْ لَمْ يُعْتَقْ (اخْتَارَ) الْعَبْدُ مِنْ الْإِمَاءِ (اثْنَتَيْنِ) لِأَنَّهُ حَالُ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ كَانَ عَبْدًا يَجُوزُ لَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْ الْإِمَاءِ، وَالثِّنْتَانِ نِهَايَةُ جَمْعِهِ (فَإِنْ أَسْلَمَ) الْعَبْدُ (وَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ) فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ مَا يُعِفُّهُ إلَى أَرْبَعٍ بِشَرْطِهِ (أَوْ أَسْلَمْنَ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ اخْتَارَ مَا يُعِفُّهُ إلَى أَرْبَعٍ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَادِمَ الطَّوْلِ خَائِفَ الْعَنَتِ لِأَنَّهُ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ حُرًّا فَيُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْحُرِّ وَيَثْبُتُ لَهُ مَا يَثْبُتُ لِلْحُرِّ (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ) أَيْ: الْعَبْدُ (أَحْرَارًا فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِنَّ اخْتَارَ مِنْهُنَّ اثْنَتَيْنِ وَ(لَمْ يَكُنْ لِلْحُرَّةِ) الَّتِي يُمْسِكُهَا (خِيَارُ الْفَسْخِ) لِأَنَّهُنَّ رَضِينَ بِهِ عَبْدًا كَافِرًا فَعَبْدًا مُسْلِمًا أَوْلَى.

.كتاب الصَّدَاقِ:

بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ: صَدُقَة بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّ الدَّالِ وَصُدْقَة وَصَدْقَة بِسُكُونِ الدَّالِ فِيهِمَا مَعَ ضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِهَا وَلَهُ أَسْمَاءُ الصَّدَاقِ وَالصَّدْقَةِ وَالْمَهْرِ وَالنِّحْلَةِ وَالْفَرِيضَةِ وَالْأَجْرِ وَالْعَلَائِقِ وَالْعَقْرِ وَالْحِبَاءِ وَقَدْ نَظَمْتُ مِنْهَا ثَمَانِيَةً فِي بَيْتٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: صَدَاقٌ مَهْرٌ وَنِحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عَلَائِقُ يُقَالُ أَصَدَقْت الْمَرْأَةَ وَمَهَرْتهَا وَلَا يُقَالُ أَمْهَرْتهَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنِّهَايَةِ وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَسَتَقِفُ عَلَى أَدِلَّةِ مَشْرُوعِيَّتِهِ.
(وَهُوَ) أَيْ الصَّدَاقُ (الْعِوَضُ فِي النِّكَاحِ) سَوَاءٌ سُمِّيَ فِي الْعَقْدِ أَوْ فُرِضَ بَعْدَهُ بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ الْحَاكِمِ (وَنَحْوَهُ) أَيْ: نَحْوَ النِّكَاحِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالزِّنَا بِأَمَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ (وَيُسَنُّ تَخْفِيفُهُ) أَيْ: الصَّدَاقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَعْظَمُ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ عُمَرُ «لَا تَغْلُو فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى فِي الْآخِرَة كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ.
(وَ) تُسَنُّ (تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُزَوِّجُ وَيَتَزَوَّجُ وَلَمْ يَكُنْ يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ صَدَاقٍ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ وَقَالَ لِلَّذِي زَوَّجَهُ الْمَوْهُوبَةَ:
«هَلْ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا قَالَ لَا قَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» وَلِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْبَعمِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ) أَيْ: أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ صَدَاقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَزْوَاجِهِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ».
(وَإِنْ زَادَ) الصَّدَاق عَلَى ذَلِكَ (فَلَا بَأْسَ) لِمَا رَوَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ زَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ وَأَمْهَرَهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَجَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ فَلَمْ يَبْعَثْ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَوْ كُرِهَ ذَلِكَ لَأَنْكَرَهُ.
(وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ فِيهِ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ فِي فَرْضِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَاف مَنْ قَدَّرَ أَقَلَّهُ بِذَلِكَ (وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ) لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
(وَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً صَحَّ مَهْرًا وَإِنْ قَلَّ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْطَى امْرَأَةً صَدَاقًا مِلْءَ يَدِهِ طَعَامًا كَانَتْ لَهُ حَلَالًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ.
وَرَوَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَضِيَتْ مِنْ مَالِكِ وَنَفْسِكِ بِنَعْلَيْنِ: قَالَتْ نَعَمْ: فَأَجَازَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ثُمَّ بَيَّنَ مَا صَحَّ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً بِقَوْلِهِ (مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَمُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ وَمَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ كَرِعَايَةِ غَنَمِهَا مُدَّةٍ) مَعْلُومَةٍ (وَخِيَاطَةِ ثَوْبِهَا وَرَدِّ آبِقهَا مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ).
وَمَنَافِعُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى {إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ يَجُوزُ أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهَا فِي الْإِجَارَةِ فَجَازَتْ صَدَاقًا كَمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ وَمَنْ قَالَ لَيْسَتْ مَالًا مَمْنُوعًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَنْهَا وَبِهَا ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ مَالًا أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْمَالِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ أُجْرَةِ ذَلِكَ) النَّفْعُ الَّذِي جَعَلَهُ صَدَاقًا لَهَا.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْمَنْفَعَةُ الَّتِي جَعَلَهَا صَدَاقًا لَهَا (مَجْهُولَةً كَرَدِّ آبِقِهَا أَيْنَ كَانَ وَخِدْمَتُهَا فِيمَا شَاءَتْ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ صَدَاقًا لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَلَمْ يَصِحّ مَجْهُولًا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِهِ) الْمَعْلُومَةِ (أَوْ) عَلَى (مَنَافِعِ غَيْرِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ) بِدَلِيلِ قِصَّةِ مُوسَى وَقِيَاسًا عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَبْدِ.
(وَيَصِحُّ) أَنْ يَتَزَوَّجهَا (عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ) كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ (مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ) فَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ قَبْلَ خِيَاطَتِهِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ عَبْدِهَا صِنَاعَةً فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ خِيَاطَتِهِ مَعَ بَقَائِهِ فَمَاتَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَخِيطُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ خِيَاطَتِهِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهِ خِيَاطَةُ نِصْفِهِ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ نِصْفَهُ، وَإِلَّا فَنِصْفُ الْأُجْرَةِ إلَى أَنْ يُبَدِّلَ خِيَاطَةَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ خَاطَ النِّصْفَ يَقِينًا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْح انْتَهَى.
(وَ) يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَتَزَوَّجهَا عَلَى (دَيْنٍ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَى غَيْرِ مَقْدُورٍ لَهُ كَآبِقٍ وَمُغْتَصَبٍ يُحَصِّلهُمَا وَمَبِيعٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ نَصًّا وَلَوْ مَكِيلًا وَنَحْوَهُ) كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ رُكْنًا فِي النِّكَاحِ فَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ الْيَسِيرُ وَالْغَرَرُ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُهُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنِّكَاحِ الْوَصْلَةُ وَالِاسْتِمْتَاعُ.
(وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الزَّوْجِ (تَحْصِيلُهُ) أَيْ: الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ (فَ) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) لِمَحَلِّ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَلَهَا مِثْلُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إلَيْهِ.
(وَ) يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجهَا (عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ) لِأَنَّهُ مَالٌ مَعْلُومٌ (أَوْ) أَنْ يَتَزَوَّجهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ أَبَاهَا أَوْ عِتْقَ قِنٍّ لَهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ بَذْلَ الْعِوَضِ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ جَائِزٌ.
(فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ أَوْ طَلَب) رَبُّهُ (بِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ) لِأَنَّهُ عِوَضُ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ فَرَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ فَاسْتَحَقَّ (فَإِنْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ مَعَ إمْكَانِ شِرَائِهِ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ) لِأَنَّهُ يَفُوتُ عَلَيْهَا الْغَرَضَ فِي عِتْقِهِ.
(وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ التَّسْمِيَةُ أَوْ خَلَا الْعَقْدُ عَنْ ذِكْرِهِ حَتَّى فِي التَّفْوِيض وَيَأْتِيَ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُسَلَّمُ إلَّا بِبَدَلٍ وَلَمْ يُسَلَّمْ الْبَدَلُ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْعِوَضِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِخَمْرٍ فَتَلِفَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أَبْوَابِ فِقْهٍ أَوْ) أَبْوَابِ (حَدِيثٍ أَوْ) تَعْلِيمَ (شَيْءٍ مِنْ شِعْرٍ مُبَاحٍ أَوْ أَدَبٍ أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ مَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَهُوَ مُعَيَّنٌ صَحَّ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا كَمَنَافِعِ الدَّارِ (حَتَّى وَلَوْ كَانَ لَا يَحْفَظُهُ وَيَتَعَلَّمُهُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ) أَيْ تَعَلَّمَتْ مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ (أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهَا) بِأَنْ أَصْدَقَهَا خِيَاطَةً فَتَعَذَّرَ (لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ بِالْوَاجِبِ؛ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهِ.
(وَإِنْ عَلَّمَهَا) مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ (ثُمَّ نَسِيَتْهَا) أَيْ: الصَّنْعَةَ الَّتِي عَلَّمَهَا إيَّاهَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَدْ وَفَّاهَا.
(وَإِنْ لَقَّنَهَا الْجَمِيعَ وَكُلَّمَا لَقَّنَهَا شَيْئًا نَسِيَتْهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ تَعْلِيمًا) لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ تَعْلِيمًا (وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَلَّمَهَا وَادَّعَتْ أَنَّ غَيْرَهُ عَلَّمَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
(وَإِنْ جَاءَتْهُ بِغَيْرِهَا لِيُعَلِّمَهُ مَا كَانَ يُرِيدُ يُعَلِّمُهَا) لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي عَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إيقَاعُهُ فِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَأَتَتْهُ بِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (أَوْ أَتَاهَا بِغَيْرِهِ يُعَلِّمُهَا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ) لِأَنَّ الْمُعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ وَقَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّعْلِيمِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ زَوْجُهَا.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُول وَقَبْلَ تَعْلِيمهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ) أَيْ: نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِ تَعْلِيمِ مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمهُ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ فَلَا يُؤْمَنُ فِي تَعْلِيمهَا الْفِتْنَةُ.
(وَ) عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ التَّعْلِيم وَبَعْد (الدُّخُولِ كُلِّهَا) أَيْ: كُلِّ الْأُجْرَةِ لِاسْتِقْرَارِ مَا أَصْدَقَهَا بِالدُّخُولِ (وَإِنْ كَانَ) طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (بَعْدَ تَعْلِيمِهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ) لِأَنَّ الطَّلَاق قَبْلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ التَّعْلِيمِ مُتَعَذَّرٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ (وَلَوْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ التَّعْلِيمِ (رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْأُجْرَةِ كَامِلَةً) لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ بِالتَّعْلِيمِ.
(وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَمْ يَصِحَّ) الْإِصْدَاقُ لِأَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} وَالطَّوْلُ الْمَالُ وَلِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآن قُرْبَةٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا كَالصَّوْمِ.
وَحَدِيثُ الْمَوْهُوبَةِ قِيلَ مَعْنَاهُ زَوَّجْتُكَهَا لِأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ كَمَا زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إسْلَامِهِ فَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ أَتَى أُمِّ سُلَيْمٍ يَخْطُبُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَقَالَتْ: أَتَزَوَّجُكَ وَأَنْتَ تَعْبُدُ خَشَبَةً نَحَتَهَا عَبْدُ بَنِي فُلَانٍ إنْ أَسْلَمْتَ تَزَوَّجْتُ بِكَ قَالَ فَأَسْلَمَ أَبُو طَلْحَة فَتَزَوَّجَهَا عَلَى إسْلَامِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذِكْرُ التَّعْلِيمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِذَلِكَ الرَّجُلِ وَيُؤَيِّدُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ زَوَّجَ غُلَامًا عَلَى سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ لَا تَكُونُ بَعْدَكَ مَهْرًا» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْبُخَارِيُّ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (كِتَابِيَّةً أَوْ) كَانَ (الْمُصْدِقُ كِتَابِيًّا لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمَذْكُورَ مِنْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ (مَنْسُوخٌ مُبَدَّلٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا مُحَرَّمًا) وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ نِسَاءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ) صَحَّ وَقُسِّمَ بَيْنَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهِنَّ (أَوْ خَالَعَهُنَّ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ) لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الْجُمْلَةِ مَعْلُومٌ فَلَمْ تُؤَثِّرْ جَهَالَةُ تَفْصِيلِهِ كَشِرَاءِ أَرْبَعَةِ أَعْبُدٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ (وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ) لِأَنَّ الصِّفَة إذَا وَقَعَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ وَجَبَ تَقْسِيطُ الْعِوَضِ بَيْنَهُمَا بِالْقِيمَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا.
(وَلَوْ) تَزَوَّجَهُنَّ أَوْ خَالَعَهُنَّ عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ وَ(قَالَ بَيْنَهُنَّ فَعَلَى عَدَدِهِنَّ) لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلَيْهِنَّ إضَافَةً وَاحِدَةً فَكَانَ بَيْنهنَّ بِالسَّوِيَّةِ.
(فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ فَنِكَاحُ إحْدَاهُمَا فَاسِدٌ لِكَوْنِهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ فَلِمَنْ صَحَّ نِكَاحُهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْمُسَمَّى) كَمَا لَوْ صَحَّ النِّكَاحَانِ (وَإِنْ جَمَعَ بَيْن نِكَاحٍ وَبَيْعٍ فَقَالَ زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي وَبِعْتُك دَارِي هَذِهِ بِأَلْفٍ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَتَقْسِيطِ الْأَلْفِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَقِيمَةِ الدَّارِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي وَاشْتَرَيْتُ مِنْكَ عَبْدَكَ هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ بِعْتُكَ وَقَبِلْتُ النِّكَاحَ صَحَّ وَيُقَسَّطُ الْأَلْفُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمَهْرِ مِثْلِهَا) كَاَلَّتِي قَبْلَهَا (فَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُكَ) ابْنَتِي وَنَحْوَهَا (وَلَك هَذَا الْأَلْفُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ كَمُدِّ عَجْوَةٍ) وَدِرْهَمٍ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ رِبَوِيٌّ بِجِنْسِهِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحُ أَوْ التَّسْمِيَةُ فَيَصِحُّ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.

.(فَصْلٌ): وجوب معرفة قيمة الصداق:

(وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مَعْلُومًا كَالثَّمَنِ) لِأَنَّ الصَّدَاقَ عِوَضٌ فِي حَقِّ مُعَاوَضَةٍ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمَعْلُومِ مَجْهُولٌ لَا يَصِحُّ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ فَلَمْ تَصِحَّ تَسْمِيَتُهُ كَالْمُحَرَّمِ (فَإِنْ أَصْدَقَهَا دَارًا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ) لَمْ يَصِحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (دَابَّةً) مُبْهَمَةً (أَوْ) أَصْدَقَهَا (عَبْدًا مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَصِفْهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ عَبْدَيَّ لَمْ يَصِحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (شَيْئًا مَعْلُومًا كَ) أَنْ يَتَزَوَّجهَا عَلَى (مَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ وَنَحْوُهُ) كَاَلَّذِي يَكْتَسِبُهُ عَبْدُهُ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَجْهُولًا كَمَتَاعِ بَيْتِهِ وَمَا يَحْكُمُ بِهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ) مَا يَحْكُمُ بِهِ (زَيْدٌ أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ) كَالْحَشَرَاتِ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَمَا لَا يَتَمَوَّلُ عَادَةً كَقِشْرَةِ جَوْزَةٍ وَحَبَّةٍ وَحِنْطَةٍ لَمْ يَصِحَّ) إلَّا صَدَاقٌ لِلْجَهَالَةِ أَوْ الْغَرَرِ أَوْ عَدَمِ التَّمْوِيلِ.
(وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ: الصَّدَاقُ (نِصْفٌ يَتَمَوَّلُ وَيُبْذَلُ الْعِوَضُ فِي مِثْلِهِ عُرْفًا) هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَالْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَبْقَى لِلْمَرْأَةِ فِيهِ إلَّا نِصْفُهُ فَيَجِبُ أَنْ يَبْقَى لَهَا مَالٌ تَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ هَذَا الشَّرْطَ وَكَذَا أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ حَتَّى بَالَغَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي ضِمْنِ كَلَامٍ لَهُ فَجَوَّزَ الصَّدَاقَ بِالْحَبَّةِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي يُنْبَذُ مِثْلُهَا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ انْتَهَى، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ هُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ قَلَّ.
(وَالْمُرَادُ) بِوُجُوبِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفٌ يَتَمَوَّلُ (نِصْفَ الْقِيمَة لَا نِصْفَ عَيْنِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُ قَدْ يُصْدِقُهَا مَا لَا يَنْقَسِم كَعَبْدٍ وَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا لَمْ تَصِحّ التَّسْمِيَةُ) لِأَنَّ الْحَمْلَانِ مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى حَدٍّ.
(وَلَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرٌ وَلَا غَرَرَ يُرْجَى زَوَالُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ) مِنْ صِحَّةِ تَسْمِيَةِ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ وَدَيْنِ السَّلَمِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوْ مَكِيلًا وَنَحْوَهُ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ) صَحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ) يَعْنِي فَرَسًا مِنْ خَيْلِهِ أَوْ بَغْلًا مِنْ بِغَالِهِ أَوْ حِمَارًا مِنْ حَمِيرِهِ صَحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا قَمِيصًا (مِنْ قُمْصَانِهِ وَنَحْوَهُ) كَخَاتَمٍ مِنْ خَوَاتِمِهِ (صَحَّ) ذَلِكَ (لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ يَسِيرَةٌ وَلَهَا أَحَدُهُمْ) يَخْرُجُ (بِقُرْعَةٍ نَصًّا) نَقَلَهُ مُهَنَّا لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقَهَا اسْتَحَقَّتْ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَوَجَبَتْ الْقُرْعَةُ لِتُمَيِّزَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبِيدِهِ.
(وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مَوْصُوفًا) بِذِمَّتِهِ (صَحَّ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ وَالصِّفَةِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّعْيِينِ فَجَازَ أَنْ يَكُون صَدَاقًا (فَإِنْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ أَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا وَسَطًا ثُمَّ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ أَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى ذَلِكَ لِعَنَتِهِ فَجَاءَتْهُ بِقِيمَتِهِ لَمْ يَلْزَمهَا قَبُولٌ) لِأَنَّ الْعَبْدَ اُسْتُحِقَّ بِعَقْدٍ فَلَمْ يَلْزَمْهَا أَخْذُ قِيمَتِهِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَكَمَا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ فِي الشَّرْحِ: الْوَسَطُ مِنْ الْعَبِيدِ السِّنْدِيِّ لِأَنَّ الْأَعْلَى التُّرْكِيّ وَالرُّومِيّ وَالْأَسْفَلُ الزِّنْجِيُّ وَالْحَبَشِيُّ وَالْوَسَطُ السِّنْدِيُّ وَالْمَنْصُورِيُّ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ أَمَتِهِ؛ صَحَّ) لِأَنَّ لَهَا فِيهِ فَائِدَةً وَنَفْعًا لِمَا يَحْصُلُ لَهَا مِنْ ثَوَابِ الْعِتْقِ.
(وَإِنْ أَصْدَقَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا إلَى سَنَةٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِحّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً بِطَلَاقِ أُخْرَى» وَ(كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَ) أَبُوهَا (مَيِّتًا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي مَوْتِ أَبِيهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ وَرُبَّمَا كَانَتْ حَالَةُ الْأَبِ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ فَيَكُونُ مَجْهُولًا.
(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ) أَوْ سُرِّيَّةٌ (أَوْ إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا وَ) عَلَى (أَلْفَيْنِ إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ) أَوْ سَرِيَّةٌ (أَوْ إنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدهَا (صَحَّ) لِأَنَّ خُلُوَّ الْمَرْأَةِ مِنْ ضَرَّةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ تُغَايِرُهَا وَتُضَيِّقُ عَلَيْهَا مِنْ أَكْبَرِ أَغْرَاضهَا الْمَقْصُودَةِ وَكَذَا إبْقَاؤُهَا فِي دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا وَفِي وَطَنِهَا وَلِذَلِكَ خُفِّفَ صَدَاقُهَا لِتَحْصِيلِ غَرَضِهَا وَتَغَلُّبِهِ عِنْدَ فَوَاتِهِ.
(وَإِذَا قَالَ) الْعَبْدُ (لِسَيِّدَتِهِ أَعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَأَعْتَقَتْهُ) عَتَقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (أَوْ قَالَتْ) لَهُ ابْتِدَاءً (أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِي عَتَقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِأَنَّهَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ شَرْطًا هُوَ حَقٌّ لَهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ تَهَبَهُ دَنَانِيرَ فَيَقْبَلُهَا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الرَّجُلِ لَا عِوَضَ لَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي فَأَعْتَقَهُ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ بِعِتْقِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْقَائِلَ أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ، كَأَعْتَقَ عَبْدَكَ عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدِي (وَإِذَا فَرَضَ) أَيْ سَمَّى (الصَّدَاقَ) فِي الْعَقْدِ (وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يُقَيَّدْ بِحُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ (صَحَّ وَيَكُونُ) الصَّدَاقُ (حَالًّا) لِأَنَّ الْأَصْل عَدَمُ الْأَجَلِ (وَإِنْ فَرَضَهُ) مُؤَجَّلًا (أَوْ) فَرَضَ (بَعْضَهُ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ إلَى أَوْقَاتٍ كُلُّ جُزْءِ مِنْهُ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ؛ صَحَّ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَجَازَ ذَلِكَ فِيهِ كَالثَّمَنِ (وَهُوَ إلَى أَجَلِهِ) سَوَاءٌ فَارَقَهَا وَأَبْقَاهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُؤَجَّلَةِ.
(وَإِنْ أَجَّلَهُ) أَيْ: الصَّدَاقَ (أَوْ) أَجَّلَ (بَعْضَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَحَلَّ الْأَجَلِ صَحَّ نَصًّا وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ الْبَائِنَةُ فَلَا يَحِلُّ مَهْرُ الرَّجْعِيَّةِ إلَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) قَالَ أَحْمَدُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِمَوْتٍ أَوْ فُرْقَةٍ لِأَنَّ كُلَّ لَفْظٍ مُطْلَقٍ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ فِي الصَّدَاقِ تَرْكُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى حِينِ الْفُرْقَةِ بِالْمَوْتِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مَعْلُومًا بِذَلِكَ فَإِنْ جَعَلَ أَجَلَهُ مُدَّةً مَجْهُولَةً كَقُدُومِ زَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ التَّأْجِيلُ لِجَهَالَتِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ الْمُطْلَقُ لِأَنَّ أَجَلَهُ الْفُرْقَةُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَقَدْ صُرِفَ هُنَا مِنْ الْعَادَةِ ذِكْرُ الْأَجَلِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَبَقِيَ مَجْهُولًا قَالَ فِي الشَّرْحِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ التَّسْمِيَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ التَّأْجِيلُ وَيَحِلُّ انْتَهَى قُلْتُ: الثَّانِي هُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبِيعِ.