فصل: (فَصْلُ): حكم مَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(بَاب حُكْمُ الْمُرْتَدِّ):

(وَهُوَ) لُغَةً الرَّاجِعُ يُقَالُ ارْتَدَّ فَهُوَ مُرْتَدٌّ إذَا رَجَعَ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} وَشَرْعًا (الَّذِي يَكْفُرُ بَعْدَ إسْلَامِهِ) نُطْقًا أَوْ اعْتِقَادًا أَوْ شَكًّا أَوْ فِعْلًا (وَلَوْ مُمَيِّزًا) فَتَصِحّ رِدَّتُهُ كَإِسْلَامِهِ وَيَأْتِي (طَوْعًا) لَا مُكْرَهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (وَلَوْ) كَانَ (هَازِلًا) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} الْآيَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ.
(فَمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ) تَعَالَى أَيْ كَفَرَ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَوْ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (أَوْ جَحَدَ بِرُبُوبِيَّتِهِ أَوْ وَحْدَانِيِّتِهِ) كَفَرَ لِأَنَّ جَاحِدَ ذَلِكَ مُشْرِكٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) جَحَدَ (صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ) اللَّازِمَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ لِأَنَّهُ كَجَاحِدِ الْوَحْدَانِيَّةِ.
وَفِي الْفُصُولِ: شَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ مُتَّفَقًا عَلَى إثْبَاتِهَا (أَوْ اتَّخَذَ لَهُ) أَيْ لِلَّهِ (صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا) كَفَرَ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ وَنَفَاهُ عَنْهُ فَمُتَّخِذُهُ مُخَالِفٌ لَهُ غَيْرُ مُنَزِّهٍ لَهُ عَنْ ذَلِكَ (أَوْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ أَوْ صَدَّقَ مَنْ ادَّعَاهَا) بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرَ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا نَبِيَّ بَعْدِي» (أَوْ جَحَدَ نَبِيًّا) مَجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ جَاحِدٌ لِنُبُوَّةِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ (أَوْ) جَحَدَ (كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ) لِأَنَّ جَحْدَ شَيْءٍ مِنْهُ كَجَحْدِهِ كُلِّهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ الْكُلِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (أَوْ جَحَدَ الْمَلَائِكَةَ) أَوْ أَحَدًا مِمَّنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَلَكٌ كَفَرَ لِتَكْذِيبِهِ الْقُرْآنَ (أَوْ) جَحَدَ (الْبَعْثَ) كَفَرَ لِتَكْذِيبِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ) كَفَرَ لِأَنَّهُ لَا يَسُبُّهُ إلَّا وَهُوَ جَاحِدٌ بِهِ (أَوْ اسْتَهْزَأَ بِاَللَّهِ) تَعَالَى (أَوْ بِكُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{قُلْ أَبِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ}.
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِي الْهَازِئِ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُؤَدَّبَ أَدَبًا يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُكْتَفَ مِمَّنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْبَةِ فَهَذَا أَوْلَى.
(قَالَ الشَّيْخُ أَوْ كَانَ مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ أَوْ لِمَا جَاءَ بِهِ) الرَّسُولُ (اتِّفَاقًا، وَقَالَ أَوْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ إجْمَاعًا انْتَهَى) أَيْ كَفَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَفِعْلِ عَابِدِي الْأَصْنَامِ قَائِلِينَ:
{مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
(أَوْ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ) عِبَارَةُ الْمُنْتَهَى لِكَوْكَبٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ الْكَوَاكِبِ كَفَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ إشْرَاكٌ (أَوْ أَتَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ صَرِيحٍ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ) الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ كَفَرَ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (أَوْ وُجِدَ مِنْهُ امْتِهَانٌ لِلْقُرْآنِ أَوْ طَلَبُ تَنَاقُصِهِ أَوْ دَعْوَى أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ أَوْ) أَنَّهُ (مُخْتَلِفٌ أَوْ مَقْدُورٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ إسْقَاطٌ لِحُرْمَتِهِ) كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} وَقَوْلُهُ:
{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وَقَوْلُهُ:
{قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} الْآيَة (أَوْ أَنْكَرَ الْإِسْلَامَ) كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (أَوْ) أَنْكَرَ (الشَّهَادَتَيْنِ أَوْ) أَنْكَرَ (أَحَدَهُمَا كَفَرَ) لِأَنَّهُ إنْكَارٌ لِلْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا، وَذَلِكَ كُفْرٌ لِمَا مَرَّ.
وَ(لَا) يَكْفُرُ (مَنْ حَكَى كُفْرًا سَمِعَهُ وَ) هُوَ (لَا يَعْتَقِدُهُ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ هَذَا إجْمَاعٌ.
وَفِي الِانْتِصَارِ: مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ كُفْرٍ مِنْ لُبْسِ غِيَارٍ وَشَدِّ زُنَّارٍ وَتَعْلِيقِ صَلِيبٍ بِصَدْرِهِ حَرُمَ وَلَمْ يَكْفُرْ.
(أَوْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَلَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا) فَلَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ (وَلَا مَنْ جَرَى) الْكُفْرُ (عَلَى لِسَانِهِ سَبْقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِشِدَّةٍ فَرَحٍ أَوْ دَهَشٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَقَوْلِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ فَقَالَ) غَلَطًا (اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ) لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ».
(وَمِنْ إطْلَاقِ الشَّارِعِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفْرٌ) دُونَ كُفْرٍ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ (كَدَعْوَاهُمْ لِغَيْرِ أَبِيهِمْ، وَكَمَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَهُوَ تَشْدِيدٌ) وَتَأْكِيدٌ.
(وَ) نَقَلَ حَرْبٌ (كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ) وَقِيلَ كُفْرُ نِعْمَةٍ، وَقِيلَ قَارَبَ الْكُفْرَ وَعَنْهُ يَجِبُ الْوَقْفُ، وَلَا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ:
«مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» أَيْ جَحَدَ تَصْدِيقِهِ بِكَذِبِهِمْ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى هَذَا إذَا اعْتَقَدَ تَصْدِيقَهُمْ بَعْد مَعْرِفَتِهِ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ كُفْرًا حَقِيقَةً انْتَهَى.
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا وَأَنْكَرَ الْقَاضِي جَوَازَ إطْلَاقِ اسْمِ كُفْرِ النِّعْمَةِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ.
(وَإِنْ أَتَى بِقَوْلٍ يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ) هُوَ (يَعْبُدُ الصَّلِيبَ وَنَحْوَ ذَلِكَ) نَحْوَ هُوَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِيمَانِ) فَهُوَ كَافِرٌ.
(وَقَذَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ) قَذَفَ (أُمَّهُ) فَهُوَ كَافِرٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْقَذْفِ.
(أَوْ اعْتَقَدَ قِدَمَ الْعَالَمِ) وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ (أَوْ) اعْتَقَدَ (حُدُوثَ الصَّانِعِ) جَلَّ وَعَلَا فَهُوَ كَافِرٌ لِتَكْذِيبِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (أَوْ سَخِرَ بِوَعْدِ اللَّهِ أَوْ بِوَعِيدِهِ) فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِهْزَاءِ بِاَللَّهِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ.
(أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ) أَيْ تَدَيَّنَ (بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى) وَالْيَهُودِ (أَوْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ) فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}.
(أَوْ قَالَ قَوْلًا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَضْلِيلِ الْأُمَّةِ) أَيْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَلِلْخَبَرِ.
(أَوْ) قَالَ قَوْلًا يُتَوَصَّل بِهِ إلَى (تَكْفِيرِ الصَّحَابَةِ) أَيْ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ (فَهُوَ كَافِرٌ) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ:
«أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ» وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ.
(وَقَالَ الشَّيْخُ: مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَنَائِسَ بُيُوتُ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ يُعْبَدُ فِيهَا وَأَنَّ مَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عِبَادَةً لِلَّهِ وَطَاعَةً لَهُ وَلِرَسُولِهِ أَوْ أَنَّهُ يُحِبُّ ذَلِكَ أَوْ يَرْضَاهُ) فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ وَذَلِكَ كُفْرٌ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَى فَتْحِهَا) أَيْ الْكَنَائِسِ (وَإِقَامَةِ دِينِهِمْ وَ) اعْتَقَدَ (أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ أَوْ طَاعَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ) لِتَضَمُّنِهِ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ (وَقَالَ) الشَّيْخُ (فِي مَوْضِعِ آخَرَ: مَنْ اعْتَقَدَ أَنْ زِيَارَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي كَنَائِسِهِمْ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَإِنْ جَهِلَ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عُرِّفَ ذَلِكَ فَإِنْ أَصَرَّ صَارَ مُرْتَدًّا) لِتَضَمُّنِهِ تَكْذِيبَ قَوْله تَعَالَى:
{إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}.
(وَقَالَ قَوْلَ الْقَائِلِ مَا ثَمَّ إلَّا اللَّهُ إنْ أَرَادَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الِاتِّحَادِ مِنْ أَنَّ مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ وَيَقُولُونَ إنَّ وُجُودَ الْخَالِقِ هُوَ وُجُودُ الْمَخْلُوقِ وَ) يَقُولُونَ (الْخَالِقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ وَالْمَخْلُوقُ هُوَ الْخَالِقُ وَالْعَبْدُ هُوَ الرَّبُّ وَالرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي) الَّتِي قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى بُطْلَانِهَا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ (وَكَذَلِكَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَان وَيَجْعَلُونَهُ مُخْتَلِطًا بِالْمَخْلُوقَاتِ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ) وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَذِهِ الْفِرَقِ وَأَفْسَدُوا كَثِيرًا مِنْ عَقَائِدِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ نَسْأَل اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ.
(وَقَالَ: مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ لِأَحَدٍ طَرِيقًا إلَى اللَّهِ مِنْ غَيْرِ مُتَابَعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ خُرُوجًا عَنْ اتِّبَاعِهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَ) عَنْ (أَخْذِ مَا بُعِثَ بِهِ أَوْ قَالَ أَنَا مُحْتَاجٌ إلَى مُحَمَّدٍ فِي عِلْمِ الظَّاهِرِ دُونَ عِلْمِ الْبَاطِنِ أَوْ) هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ (فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ دُونَ عِلْمِ الْحَقِيقَةِ أَوْ قَالَ إنَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَنْ يَسَعُهُ الْخُرُوجَ عَنْ شَرِيعَتِهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَمَا وَسِعَ الْخَضِرَ الْخُرُوجَ عَنْ شَرِيعَةِ مُوسَى) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَافِرٌ لِتَضَمُّنِهِ تَكْذِيبَ قَوْله تَعَالَى:
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}.
(أَوْ) اعْتَقَدَ (أَنَّ غَيْرَ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ مِنْ هَدْيِهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَقَالَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ قَوْله تَعَالَى:
{وَقَضَى رَبُّك أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ} بِمَعْنَى قَدَّرَ فَإِنَّ اللَّهَ مَا قَدَّرَ شَيْئًا إلَّا وَقَعَ وَجَعَلَ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ مَا عَبَدُوا إلَّا اللَّهَ فَإِنَّ هَذَا) الْمُعْتَقِدَ (مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كُفْرًا بِالْكُتُبِ كُلِّهَا) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا فِيمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ ثُبُوتِ وَحْدَانِيِّتِهِ تَعَالَى مَعْنَى قَضَى هُنَا: أَوْجَبَ.
(وَقَالَ مَنْ اسْتَحَلَّ الْحَشِيشَةَ) الْمُسْكِرَةَ (كَفَرَ بِلَا نِزَاعٍ وَقَالَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَلْعَنَ التَّوْرَاةَ بَلْ مَنْ أَطْلَقَ لَعْنَهَا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا فَهَذَا يُقْتَلُ بِشَتْمِهِ لَهَا وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا مَنْ لَعَنَ دِينَ الْيَهُودِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ غُيِّرَ وَبُدِّلَ بَلْ شَرْعُنَا نَسَخَ سَائِرَ الشَّرَائِعِ (وَكَذَلِكَ إنْ سَبَّ التَّوْرَاةَ الَّتِي عِنْدَهُمْ) أَيْ الْيَهُودِ (بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَصْدَهُ ذِكْرُ تَحْرِيفِهَا مِثْلَ أَنْ يُقَالَ نُسَخُ هَذِهِ التَّوْرَاةِ مُبَدَّلَةٌ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِمَا فِيهَا وَمَنْ عَمِلَ الْيَوْمَ بِشَرَائِعِهَا الْمُبَدَّلَةِ وَالْمَنْسُوخَةِ فَهُوَ كَافِرٌ فَهَذَا الْكَلَامُ وَنَحْوُهُ حَقٌّ لَا شَيْءَ عَلَى قَائِلِهِ) لِمُطَابَقَتِهِ الْوَاقِعَ.

.فَصْلٌ: حكم من سَبَّ الصَّحَابَةَ:

(وَقَالَ) الشَّيْخُ (وَمَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ أَوْ) سَبَّ (أَحَدًا مِنْهُمْ وَاقْتَرَنَ بِسَبِّهِ دَعْوَى أَنَّ عَلِيًّا إلَهٌ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ أَنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ هَذَا) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ نَصَّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (بَلْ لَا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ تَوَقَّفَ فِي تَكْفِيرِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ نَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ كُتِمَ أَوْ أَنَّ لَهُ تَأْوِيلَاتٍ بَاطِنَةً تُسْقِطُ الْأَعْمَالَ الْمَشْرُوعَةَ) مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ وَزَكَاةٍ وَغَيْرِهَا (وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَمِنْهُمْ النَّاسِخِيَّةُ وَلَا خِلَافَ فِي كُفْرِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ) لِتَكْذِيبِهِمْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ.
(وَمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ كَفَرَ بِلَا خِلَافٍ) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَصِّ الْكِتَابِ (وَمَنْ سَبَّ غَيْرَهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَسَبِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ) لِعَدَمِ نَصٍّ خَاصٍّ (وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَقَذْفِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) لِقَدْحِهِ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(وَأَمَّا مَنْ سَبَّهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةَ (سَبًّا لَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِمْ مِثْلَ مَنْ وَصَفَ بَعْضَهُمْ بِبُخْلٍ أَوْ جُبْنٍ أَوْ قِلَّةِ عِلْمٍ أَوْ عَدَمِ زُهْدٍ وَنَحْوِهِ فَهَذَا يَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ وَالتَّعْزِيرَ وَلَا يَكْفُرُ وَأَمَّا مَنْ لَعَنَ وَقَبَّحَ مُطْلَقًا فَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ أَعْنِي هَلْ يَكْفُرُ أَوْ يَفْسُقُ؟ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي كُفْرِهِ وَقَتْلِهِ وَقَالَ يُعَاقَبُ وَيُجْلَدُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ وَهَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقِيلَ: يَكْفُرُ إنْ اسْتَحَلَّهُ) وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ قَبْلِهِ وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ لَهُ تَتِمَّةٌ (وَالْمَذْهَبُ يُعَزَّرُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ التَّعْزِيرِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ) لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ (يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ الْبَلِيغَةَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَتَنَازَعُوا هَلْ يُعَاقَبُ بِالْقَتْلِ أَوْ مَا دُونَ الْقَتْلِ؟ وَقَالَ أَمَّا مَنْ جَاوَزَ ذَلِكَ كَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةَ (ارْتَدُّوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا نَفَرًا قَلِيلًا لَا يَبْلُغُونَ بِضْعَةَ عَشَرٍ وَأَنَّهُمْ فَسَقُوا فَلَا رَيْبَ أَيْضًا فِي كُفْرِ قَائِلِ ذَلِكَ، بَلْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ فَهُوَ كَافِرٌ انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ) عَلَى شَاتِمِ الرَّسُولِ.
(وَمَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ}) فَإِنْكَارُ صُحْبَتِهِ تَكْذِيبٌ لِلَّهِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يَكْفُرْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى صَحَابِيَّةِ غَيْرِهِ، وَالنَّصُّ وَارِدٌ شَائِعٌ قَالَ شَارِحُهُ الْأُشْمُونِيُّ قَلَتَ وَأَهْلُ الدَّرَجَاتِ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِأَنَّ صَحَابَتَهُمْ يَعْرِفهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَافِي صَحَابِيَّةَ أَحَدِهِمْ مُكَذِّبٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(وَإِنْ جَحَدَ وُجُوبَ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ) الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» (أَوْ) جَحَدَ (شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ (وَمِنْهَا الطَّهَارَةُ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ كَفَرَ.
(أَوْ) جَحَدَ (حِلَّ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْمَاءِ أَوْ أَحَلَّ الزِّنَا وَنَحْوَهُ) كَشَهَادَةِ الزُّورِ وَاللِّوَاطِ (أَوْ) أَحَلَّ (تَرْكَ الصَّلَاةِ أَوْ) جَحَدَ (شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَمِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ) كَالنَّاشِئِ فِي قُرَى الْإِسْلَامِ (كَفَرَ) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَسَائِرِ الْأُمَّةِ.
(وَإِنْ اسْتَحَلَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِينَ وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَلَا تَأْوِيلٍ كَفَرَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ (وَإِنْ كَانَ) اسْتِحْلَالُهُ ذَلِكَ (بِتَأْوِيلٍ كَالْخَوَارِجِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِمْ مَعَ اسْتِحْلَالِهِمْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ مُتَقَرِّبِينَ بِذَلِكَ إلَى اللَّهِ) تَعَالَى (وَتَقَدَّمَ) الْكَلَامُ عَلَيْهِمْ (فِي الْمُحَارِبِينَ) صَوَابُهُ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ.
(وَالْإِسْلَامُ) لُغَةً الْخُضُوعُ وَالِانْقِيَادُ وَشَرْعًا (شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ حِين سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْإِيمَانُ بِمَا عُلِمَ مَجِيءُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إجْمَالًا فِيمَا عُلِمَ إجْمَالًا، وَتَفْصِيلًا فِيمَا عُلِمَ تَفْصِيلًا وَقِيلَ التَّصْدِيقُ بِذَلِكَ وَالْإِقْرَارُ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْإِقْرَارُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْإِقْرَارِ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَانِ وَالْإِظْهَارِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ لِإِتْمَامِ الْإِيمَانِ عَلَى الثَّانِي وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ (فَمَنْ أَنْكَرَ) أَيْ جَحَدَ (ذَلِكَ) أَيْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا (أَوْ) جَحَدَ (بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ تَهَاوُنًا فَإِنْ عَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَبَدًا) يَعْنِي الْحَجَّ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ إذَا تَرَكَ تَهَاوُنًا فَرْضَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ بِأَنْ عَزَمَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَبَدًا أَوْ أَخَّرَهُ إلَى عَامٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ قَبْلَهُ (اُسْتُتِيبَ عَارِفٌ وُجُوبًا كَالْمُرْتَدِّ) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ وَدُعِيَ إلَى ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عُرِّفَ) وُجُوبُ ذَلِكَ.
(فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ حَدًّا وَلَمْ يَكْفُرْ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَلَا شَكَّ أَنَّ تَارِكَ الشَّهَادَتَيْنِ تَهَاوُنًا كَافِرٌ بِغَيْرِ خِلَافِ نَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ ذَلِكَ فَكَمَا ذَكَرَهُ (إلَّا الصَّلَاةُ إذَا دُعِيَ إلَيْهَا) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (وَامْتَنَعَ) حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَ الَّتِي دُعِيَ إلَيْهَا عَنْ فِعْلِهَا (أَوْ) تَرْكَ (شَرْطًا أَوْ رُكْنًا لِلصَّلَاةِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ) (فَيُقْتَلُ كُفْرًا) بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ (وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا.
(وَمَنْ شُفِعَ عِنْدَهُ فِي رَجُلٍ فَقَالَ) الْمَشْفُوعُ عِنْدَهُ (لَوْ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ فِيهِ مَا قَبِلْتُ مِنْهُ إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ قُتِلَ لَا) إنْ تَابَ (قَبْلَهَا) أَيْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَالْمُحَارِبِ (فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ قَالَهُ الشَّيْخُ).

.(فَصْلُ): حكم مَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ:

(وَمَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ يُوجِبُ الْحَدَّ فَاسْتَوَى فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ كَالزِّنَا وَمَا رُوِيَ أَنَّ «أَبَا بَكْرٍ اسْتَرَقَّ نِسَاءَ بَنِي حَنِيفَةَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُنَّ إسْلَامٌ وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْمَرْأَةِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَصْلِيَّةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الشُّيُوخَ وَلَا الْمَكَافِيفُ (وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ) لِأَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونَ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ شُرْبٍ مُبَاحٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَلَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ وَالْمُمَيِّزَ وَإِنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالِاسْتِتَابَةِ لِحَدِيثِ:
«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» (مُخْتَارٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (دُعِيَ إلَيْهِ) أَيْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالِاسْتِتَابَةِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ) فِيهَا.
(وَحُبِسَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ) لِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي قَالَ: «قَدِمَ رَجُلٌ عَلَى عُمَرَ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى فَسَأَلَهُ عَنْ النَّاسِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ هَلْ مِنْ مُغَرِّبَةٍ خَبَرٌ قَالَ نَعَمْ رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَقَالَ مَا فَعَلْتُمْ بِهِ قَالَ قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ فَقَالَ عُمَرُ هَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا وَأَسْقَيْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُمَّ إنِّي لَمْ أَرْضَ وَلَمْ أَحْضُرْ وَلَمْ أَرْضَ إذْ بَلَغَنِي» رَوَاهُ مَالِكُ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَمَا بَرِئَ مِنْ فِعْلِهِمْ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ اسْتِصْلَاحُهُ فَلَمْ يَجُزْ إتْلَافُهُ قُبِلَ اسْتِصْلَاحُهُ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ وَلِأَنَّ الثَّلَاثَ مُدَّةٌ يَتَكَرَّرُ فِيهَا الرَّأْيُ وَيَتَقَلَّبُ النَّظَرُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَكْثَرِ مِنْهَا وَيَكُونُ الْقَتْلُ (بِالسَّيْفِ) لِحَدِيثِ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» (إلَّا رَسُولُ الْكُفَّارِ إذَا كَانَ مُرْتَدًّا) فَلَا يُقْتَلُ (بِدَلِيلِ رَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ الْكَذَّابِ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ قِصَّتِهِمَا فِي الْجِهَادِ.
(وَلَا يَقْتُلُهُ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ حُرًّا كَانَ الْمُرْتَدُّ أَوْ عَبْدًا) لِأَنَّهُ قُتِلَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَقَتْلِ الْحُرِّ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» لِأَنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ لِكُفْرِهِ لَا حَدًّا (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ فِدَاءٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُرْتَدِّ بَلْ يُقْتَلُ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ (بِلَا إذْنِهِ أَسَاءَ وَعُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) الْقَاتِلُ الْمُرْتَدَّ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ غَيْرُ مَعْصُومٍ (سَوَاءٌ قَتَلَهُ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا) لِأَنَّهُ مُهْدَرُ الدَّمِ فِي الْجُمْلَةِ وَرِدَّتُهُ مُبِيحَةٌ لِدَمِهِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَهَا (إلَّا أَنْ يَلْحَقَ) الْمُرْتَدُّ (بِدَارِ حَرْبٍ فَلِكُلِّ) أَحَدٍ (قَتْلُهُ) بِلَا اسْتِتَابَةٍ (وَأَخْذُ مَا مَعَهُ مِنْ مَالٍ) لِأَنَّهُ صَارَ حَرْبِيًّا وَمَا تَرَكَهُ بِدَارِنَا مَعْصُومٌ نَصَّ عَلَيْهِ.
(تَتِمَّةٌ) فِي الْفُنُونِ فِي مَوْلُودٍ وُلِدَ بِرَأْسَيْنِ فَبَلَغَ وَنَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْكُفْرِ وَالْآخَرُ بِالْإِسْلَامِ إنْ كَانَا نَطَقَا مَعًا فَفِي أَيِّهِمَا يُغَلَّبُ؟ احْتِمَالَانِ وَالصَّحِيحُ إنْ تَقَدَّمَ الْإِسْلَامُ فَمُرْتَدٌّ.
(وَالطِّفْلُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونُ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ مُبَاحٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَلَا إسْلَامُهُ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ وَإِنْ ارْتَدَّ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَقَتَلَهُ قَاتِلٌ فَعَلَيْهِ الْقَوْدُ) لِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا (وَإِنْ ارْتَدَّ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ فِي حَالِ جُنُونِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (فَإِذَا أَفَاقَ) مِنْ جُنُونِهِ (اُسْتُتِيبَ ثَلَاثًا) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ تَابَ) تُرِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتُبْ (قُتِلَ) بِالسَّيْفِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ عَقَلَ صَبِيٌّ الْإِسْلَامَ صَحَّ إسْلَامُهُ) إنْ كَانَ مُمَيِّزًا لِإِسْلَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ صَبِيٌّ وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَسَبْقِهِ وَقَالَ: «سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا صَبِيًّا مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلُمِي» وَيُقَالُ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَمِنْ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ وَمِنْ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ وَمِنْ الْعَبِيدِ بِلَالٌ وَقَالَ عُرْوَةُ «أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِ سِنِينَ» وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَالصَّبِيُّ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ عِبَادَةٌ مُحَصِّنَةٌ فَصَحَّتْ مِنْ الصَّبِيِّ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَلِأَنَّ اللَّهَ دَعَاهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَجَعَلَ طَرِيقَهَا الْإِسْلَامَ فَلَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ مِنْ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ وَسُلُوكِ طَرِيقِهَا لَا يُقَالُ الْإِسْلَامُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي مَالِهِ وَنَفَقَةِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَحِرْمَانِ مِيرَاثَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَفَسْخِ نِكَاحِهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ نَفْعٌ مَحْضٌ لِأَنَّهَا سَبَبُ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ الْمَحْضَةِ لِلْمَالِ وَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةُ أَمْرٌ مُتَوَهَّمٌ وَذَلِكَ مَجْبُورٌ بِحُصُولِ الْمِيرَاثِ لِلْمُسْلِمِينَ وَسُقُوطِ نَفَقَةِ أَقَارِبِهِمْ الْكُفَّارِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الضَّرَرَ مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ مَا يَحْصُل لَهُ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَ) تَصِحُّ أَيْضًا (رِدَّتُهُ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا) لِأَنَّ مَنْ صَحَّ إسْلَامُهُ صَحَّتْ رِدَّتُهُ.
(وَمَعْنَى عَقْلُ الْإِسْلَامِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ رَبَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَإِذَا أَسْلَمَ) الْمُمَيِّزُ (حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ وَيَتَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ) كَأَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ بَقَاءَهُ مَعَ الْكُفَّارِ قَدْ يُفْضِي إلَى عَوْدِهِ لِلْكُفْرِ (وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِهِمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ (إذَا مَاتَ) بَعْدَ غَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَيَرِثهُ أَقَارِبُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ (فَإِنْ قَالَ) الْمُمَيِّزُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِسْلَامِ (لَمْ أَدْرِ مَا قُلْتُ أَوْ قَالَهُ كَبِيرًا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (وَأُجْبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ) كَالْبَالِغِ إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ.
(وَلَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَاصِ وَالزِّنَا.
(وَلَا) يُقْتَلُ (الصَّغِيرُ) إذَا ارْتَدَّ (حَتَّى يَبْلُغَ وَيُسْتَتَابَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِأَنَّهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (فَإِنْ تَابَ) خُلِّيَ سَبِيلُهُ (وَإِلَّا قُتِلَ) بِالسَّيْفِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَسْلِمْ وَخُذْ أَلْفًا فَأَسْلَمَ فَلَمْ يُعْطِهِ) الْأَلِفَ (فَأَبَى الْإِسْلَامَ يُقْتَلُ) أَيْ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَيَنْبَغِي) لِلْقَائِلِ (أَنْ يَفِيَ) بِمَا وَعَدَ بِهِ.
(وَقَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ (وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى صَلَاتَيْنِ قُبِلَ مِنْهُ) الْإِسْلَامُ (وَأُمِرَ بِالْخَمْسِ) لِوُجُوبِهَا عَلَى كُلّ مُسْلِمٍ (وَمِثْلُهُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى الرُّكُوعِ دُون السُّجُودِ وَنَحْوِهِ) فَيُقْبَل مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَيُؤْمَرُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَائِرِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ.
(وَمَنْ ارْتَدَّ وَهُوَ سَكْرَانٌ صَحَّتْ رِدَّتُهُ) كَإِسْلَامِهِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ: «إذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ» فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْفِرْيَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا فِي سُكْرِهِ وَاعْتَبَرُوا مَظِنَّتَهَا وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فَصَحَّتْ رِدَّتُهُ كَالصَّاحِي (وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَصْحُوَ) لِيَكْمُلَ عَقْلُهُ وَيَفْهَمَ مَا يُقَالُ وَتَزُولُ شُبْهَتُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ جُعِلَ لِلزَّجْرِ.
(وَ) حَتَّى (تَتِمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ حِينِ صَحْوِهِ) لِيُسْتَتَابَ فِيهَا لِأَنَّ صَحْوَهُ أَوَّلُ زَمَنٍ صَارَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ (فَإِنْ تَابَ) خُلِّيَ سَبِيلُهُ (وَإِلَّا قُتِلَ) لِرِدَّتِهِ.
(وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ (قَاتِلٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ أَوْ بَعْدِهِ قَبْلَ اسْتِتَابَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ لَكِنْ يُعَزَّرُ (وَإِنْ مَاتَ) الْمُرْتَدُّ (فِي سُكْرِهِ أَوْ قُتِلَ مَاتَ كَافِرًا) لِأَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ وَقَبْلَ تَوْبَتِهِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُهُ أَقَارِبُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ أَسْلَمَ فِي سُكْرِهِ وَلَوْ أَصْلِيًّا صَحَّ إسْلَامُهُ ثُمَّ يُسْأَلُ بَعْدَ صَحْوِهِ فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى إسْلَامِهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ مِنْ حِين إسْلَامِهِ) حَالَ سُكْرِهِ فَيَقْضِي الصَّلَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَإِنْ كَفَرَ فَهُوَ كَافِرٌ مِنْ الْآنَ) أَيْ مِنْ حِينِ كَفَرَ بَعْدَ صَحْوِهِ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.
(وَلَا تُقْبَلُ فِي الدُّنْيَا أَيْ فِي الظَّاهِرِ) بِحَيْثُ يُتْرَك قَتْلُهُمْ وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِمْ (تَوْبَةُ زِنْدِيقٍ) وَهُوَ الْمُنَافِقُ (وَهُوَ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{إلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} وَالزِّنْدِيقُ لَا يُظْهَرُ مِنْهُ عَلَى مَا يَتَبَيَّنَ بِهِ رُجُوعُهُ وَتَوْبَتُهُ لِأَنَّ الزِّنْدِيقَ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ بِالتَّوْبَةِ خِلَافَ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَنْفِي الْكُفْرَ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَلْبُهُ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ لِمَا قَالَهُ حُكْمٌ لِأَنَّ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْدَفِعُ الْقَتْلُ بِإِظْهَارِ التَّوْبَةِ فِي ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ أَنَّ الزِّنْدِيقَ هُوَ الَّذِي لَا يَتَمَسَّكُ بِشَرِيعَةٍ وَيَقُولُ بِدَوَامِ الدَّهْرِ وَالْعَرَبُ تُعَبِّرُ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِمْ: مُلْحِدٌ أَيْ طَاعِنٌ فِي الْأَدْيَانِ (وَكَالْحُلُولِيَّةِ وَالْإِبَاحِيَّةِ وَكَمَنْ يُفَضِّلُ مَتْبُوعَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ) يَعْتَقِدُ (أَنَّهُ إذَا حَصَلَتْ لَهُ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّحْقِيقُ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ أَوْ) يَعْتَقِدُ (أَنَّ الْعَارِفَ الْمُحَقِّقَ يَجُوزُ لَهُ التَّدَيُّنُ بِدِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ) الطَّوَائِفِ الْمَارِقِينَ مِنْ الدِّينِ فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ فِي الظَّاهِرِ كَالْمُنَافِقِ.
(وَلَا) تُقْبَلُ أَيْضًا فِي الظَّاهِرِ تَوْبَةُ (مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} وَقَوْلِهِ:
{إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْد إيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} وَالِازْدِيَادُ يَقْتَضِي كُفْرًا مُتَجَدِّدًا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ إيمَانٍ عَلَيْهِ.
وَلِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ طَيْبَانَ بْنِ عِمَارَةَ «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُ قَدْ أُتِيَ بِك مَرَّةً فَزَعَمْتَ أَنَّكَ تُبْتَ وَأَرَاك قَدْ عُدْتَ فَقَتَلَهُ» وَلِأَنَّ تَكْرَارَ الرِّدَّةِ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ وَقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالدِّينِ (أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ صَرِيحًا أَوْ تَنَقَّصَهُ) لِأَنَّ ذَنْبَهُ عَظِيمٌ جِدًّا يَدُلّ مِنْهُ عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ وَاسْتِخْفَافِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا السَّاحِرُ الَّذِي يَكْفُرُ بِسِحْرِهِ) لِمَا رَوَى جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
فَسَمَّاهُ حَدًّا وَالْحَدُّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى إخْلَاصِهِ فِي تَوْبَتِهِ لِأَنَّهُ يُضْمِرُ السِّحْرَ وَلَا يَجْهَرُ بِهِ فَيَكُونَ إظْهَارُ الْإِسْلَامِ وَالتَّوْبَةِ خَوْفًا مِنْ الْقَتْلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ (وَيُقْتَلُونَ بِكُلِّ حَالٍ) لِأَنَّ عَلِيًّا: أُتِيَ بِزَنَادِقَةٍ فَسَأَلَهُمْ فَجَحَدُوا فَقَامَتْ عَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فَقَتَلَهُمْ وَلَمْ يَسْتَتِبْهُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مَسَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ (وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَمَنْ صَدَقَ مِنْهُمْ فِي تَوْبَتِهِ قُبِلَتْ بَاطِنًا) وَنَفَعَهُ ذَلِكَ (وَمَنْ أَظْهَرَ الْخَيْرَ وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ وَ) هُوَ (كَالزِّنْدِيقِ فِي تَوْبَتِهِ) فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ بِالتَّوْبَةِ خِلَافَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ إظْهَارِ الْخَيْرِ.
(وَمَنْ كَفَرَ بِبِدْعَةٍ) مِنْ الْبِدَعِ (قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَوْ) كَانَ (دَاعِيَةً) إلَى بِدْعَتِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ.
(وَتُقْبَلُ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ) لِعُمُومِ حَدِيثِ «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» (فَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ عُفِيَ عَنْهُ) مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ وَلَيِّ الْجِنَايَةِ (فَهَلْ يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِلْمَقْتُولِ وَحَقٌّ لِلْوَلِيِّ) أَيْ الْوَارِث لِلْمَقْتُولِ (فَإِذَا أَسْلَمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ وَخَوْفًا مِنْ اللَّهِ وَتَوْبَةٍ نَصُوحًا سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الصُّلْحِ أَوْ الْعَفْوِ) عَنْهُ (وَبَقِيَ حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ) أَيْ الْقَاتِلِ التَّائِبِ (وَبَيْنَهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَقَبُولُ التَّوْبَةِ فَضْلُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ رَدُّهَا وَتَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ كُفْرِهِ قَبُولُهَا مَقْطُوعٌ بِهِ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَسَبَقَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ: إنَّهُ لَا يَجِبُ وَيَجُوزُ رَدُّهَا وَتَوْبَةُ غَيْرِهِ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْقَطْعِ وَالظَّنِّ وَاخْتِيَارِ أَبِي الْمَعَالِي الظَّنَّ وَأَنَّهُ أَصَحُّ.