فصل: (فَصْل): تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: النِّيَّة في إخراج الزكاة:

وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِنِيَّةٍ لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (مِنْ مُكَلَّفٍ) لَا صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ (وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ يَنْوِي عَنْهُ وَلِيُّهُ) لِقِيَامِهِ مُقَامَهُ (فَيَنْوِي الزَّكَاةَ، أَوْ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ، أَوْ صَدَقَةَ الْمَالِ أَوْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ) لَمْ يُجْزِئْهُ مَا أَخْرَجَهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ لَهُ جِهَاتٌ مِنْ زَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ، وَنَذْرٍ وَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ وَلَا قَرِينَةَ تُعَيَّنُ، فَاعْتُبِرَتْ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ (أَوْ نَوَى صَدَقَةً مُطْلَقَةً؟ لَمْ يَجُزْ) مَا أَخْرَجَهُ (عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، حَتَّى وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الْمَالِ) كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ وَ(كَصَدَقَتِهِ بِغَيْرِ النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهِ وَالْأَوْلَى: مُقَارَنَتُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (لِلدَّفْعِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ.
(وَتَجُوزُ) النِّيَّةُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْإِخْرَاجِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ (كَصَلَاةٍ وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْفَرْضِ) اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ، لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا.
(وَلَا) يُعْتَبَرُ (تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى عَنْهُ) لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ (فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالَانِ غَائِبٌ وَحَاضِرٌ فَنَوَى زَكَاةَ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ) وَأَدَّاهَا (أَجْزَأَ) مَا دَفَعَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ لَهُ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، إذَا أَخْرَجَ نِصْفَ دِينَارٍ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَرْبَعِينَ (صَحَّ، وَوَقَعَ) الْإِخْرَاجُ (عَنْ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهَا غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) فَيُخْرِجُ نِصْفَ دِينَارٍ عَنْ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ.
(وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ، فَقَالَ: هَذِهِ الشَّاةُ عَنْ الْإِبِلِ، أَوْ الْغَنَمِ أَجْزَأَتْهُ عَنْ أَحَدِهِمَا) وَيُخْرِجُ شَاةً أُخْرَى عَنْ الْآخَرِ (وَلَوْ) أَخْرَجَ قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِ مَالَيْهِ، وَ(نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ أَجْزَأَ) الْمُخْرَجُ (عَنْهُ) أَيْ الْحَاضِرُ (إنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهَا فَإِنْ كَانَا سَالِمَيْنِ أَجْزَأَهُ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَلَوْ نَوَى أَنَّ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي، إنْ كَانَ سَالِمًا وَإِلَّا فَهُوَ تَطَوُّعٌ، مَعَ شَكٍّ فِي سَلَامَتِهِ، فَبَانَ سَالِمًا، أَجْزَأَتْ).
وَكَذَا إنْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، لِأَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْإِطْلَاقِ، فَلَا يَضُرُّ تَقْيِيدُهُ بِهِ (وَلَوْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَهُوَ لَمْ يَنْوِ غَيْرَ الْغَائِبِ (فَإِنْ قَالَ: هَذَا زَكَاةُ مَالِي أَوْ نَفْلٍ) لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِص النِّيَّةَ لِلزَّكَاةِ (أَوْ قَالَ: هَذَا زَكَاةُ إرْثِي مِنْ مُوَرِّثِي، إنْ كَانَ مَاتَ، لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ عَلَى أَصْلٍ قَالَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ: كَقَوْلِهِ لَيْلَةَ الشَّكِّ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِي وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: كَقَوْلِهِ: إنْ كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ دَخَلَ فَصَلَاتِي هَذِهِ عَنْهَا وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: التَّرَدُّدُ فِي الْعِبَادَةِ يُفْسِدُهَا وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى وَنَوَى إنْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ دَخَلَ فَهِيَ فَرِيضَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ فَهِيَ نَافِلَةٌ لَمْ تَصِحَّ لَهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، وَإِنْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا وَإِلَّا فَأَرْجَعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ بَانَ تَالِفًا ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى قَوْلِ الرُّجُوعِ فِي التَّلَفِ.
(وَإِنْ أَخَذَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (الْإِمَامُ قَهْرًا لِامْتِنَاعِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ تَغْيِيبِهِ مَالَهُ- (كَفَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ دُونَ نِيَّةِ رَبِّ الْمَالِ) فَلَا يَعْتَبِرُ لِلْإِجْزَاءِ ظَاهِرًا.
(وَأَجْزَأَتْهُ ظَاهِرًا) فَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدُ، وَ(لَا) تُجْزِئْهُ (بَاطِنًا) لِعَدَمِ النِّيَّةِ (وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ دَفَعَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (رَبُّ الْمَالِ إلَى مُسْتَحَقِّهَا كُرْهًا وَقَهْرًا) حَالَانِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَتُجْزِئُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عِبَادَةٍ وَفَعَلَهَا لِدَاعِي الشَّرْعِ، صَحَّتْ لَا لِدَاعِي الْإِكْرَاهِ.
(وَإِنْ أَخَذَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (الْإِمَامُ أَوْ السَّاعِي لِغَيْبَةِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ) كَأَسْرٍ (أَجْزَأَتْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَنْ، فَقَامَتْ نِيَّته كَوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ.
(وَإِنْ دَفَعَهَا رَبُّ الْمَالِ (إلَى الْإِمَامِ طَوْعًا نَاوِيًا) أَنَّهَا زَكَاةٌ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ حَالَ دَفْعِهَا إلَى الْفُقَرَاءِ) مَثَلًا (جَازَ، وَإِنْ طَالَ) الزَّمَنُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِمَامَ (وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ) لَا رَبُّ الْمَالِ.
وَ(لَا) تُجْزِئُ (إنْ نَوَاهَا الْإِمَامُ) زَكَاةً (دُونَهُ) أَيْ دُونَ رَبِّ الْمَالِ (أَوْ لَمْ يَنْوِيَاهَا) أَيْ لَا الْإِمَامُ وَلَا رَبُّ الْمَالِ، لِعَدَمِ النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ (وَتَقَعُ نَفْلًا) فَلَا رُجُوعَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ (وَيُطَالَبُ) رَبُّ الْمَالِ (بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ لِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَعَدَمِ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ الدَّفْعِ.
(وَلَا بَأْسَ بِالتَّوَكُّلِ فِي إخْرَاجِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، كَتَفْرِقَةِ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ.
(وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْوَكِيلِ ثِقَةً مُسْلِمًا) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرُ الثِّقَةِ لَا يُؤَمَّنُ عَلَيْهَا (فَإِنْ دَفَعَهَا) الْمُوَكَّلُ (إلَى وَكِيلِهِ، أَجْزَأَتْ النِّيَّةُ مِنْ مُوَكَّلٍ، مَعَ قُرْبِ زَمَنِ الْإِخْرَاجِ) مِنْ زَمَنِ التَّوْكِيلِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُوَكَّلِ.
وَتَأَخُّرُ الْأَدَاءِ عَنْ النِّيَّةِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ جَائِزٌ (وَمَعَ بُعْدِهِ) أَيْ بُعْدِ زَمَنِ الْإِخْرَاجِ (لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُوَكَّلِ حَالَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ) لِتَعَلُّقِ الْفَرْضِ بِالْمُوَكِّلِ، وَوُقُوعِ الْإِجْزَاءِ عَنْهُ (و) لَا بُدَّ مِنْ (نِيَّةِ الْوَكِيلِ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْمُسْتَحِقِّ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الدَّفْعُ إلَيْهِ عَنْ نِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ أَوْ مُقَارِبَةٍ (وَلَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْوَكِيلِ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ نِيَّةِ الْمُوَكَّلِ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْمُوَكِّلِ، كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ أَخْرَجَ) حُرٌّ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ (زَكَاةَ شَخْصٍ أَوْ كَفَّارَتَهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْمُخْرِجِ (بِإِذْنِهِ صَحَّ) إخْرَاجُهُ عَنْهُ كَالْوَكِيلِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُخْرِجِ (الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إنْ نَوَاهُ) أَيْ نَوَى الرُّجُوعَ لَا إنْ نَوَى التَّبَرُّعَ، أَوْ أَطْلَقَ.
(وَإِنْ كَانَ) إخْرَاجُهُ لِزَكَاةِ غَيْرِهِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ الْوُجُوبُ (كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ بِلَا إذْنِهِ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَوَكَالَتِهِ عَنْهُ (وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ فَأَخْرَجَهَا الْوَكِيلُ مِنْ) هَذَا (الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ وَنَوَاهَا زَكَاةً أَجْزَأَتْ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ صَدَقَةٌ هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْمُوَكِّلِ فِي الْإِخْرَاجِ.
وَهُنَا لَمْ تُوجَدْ وَفِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِمَا يَقْتَضِي النَّفَلَ قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الصَّدَقَةِ وَأَيْضًا الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ يَقِينًا فَلَا تَسْقُطُ بِمُحْتَمَلٍ وَأَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُوَكِّلِ وَهَذَا لَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ (وَلَوْ) وَكَّلَهُ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَ.
(قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ نَفْلًا، أَوْ عَنْ كَفَّارَتِي، ثُمَّ نَوَى) الْمُوَكَّلُ (الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ) وَكِيلُهُ (أَجْزَأَ عَنْهَا، لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ) فَكَأَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ ثُمَّ دَفَعَ بِنَفْسِهِ قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَعَلَّلَهُ بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ الْمَجْدِ لَا يُجْزِئُ لِاعْتِبَارِهِمْ النِّيَّةَ عِنْدَ التَّوْكِيلِ.
(وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُمَيِّزِ فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ) هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: الْأَوْلَى الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ، وَالثَّانِي: عَدَمُ الصِّحَّةِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ ا هـ وَتَصْحِيحُ الْفُرُوعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْإِنْصَافِ فِي التَّأْلِيفِ فَمَا فِيهِ يُخَالِفُ الْإِنْصَافَ، فَهُوَ كَالرُّجُوعِ عَنْهُ.
(وَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ مِنْ مَالِ غَصْبٍ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَلَوْ أَجَازَهَا رَبُّهُ) كَبَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءً لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْإِجَازَةِ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ الْمُخْرِجُ عِنْدَ دَفْعِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا) أَيْ مُثْمِرَةً (وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا) مُنْقِصَةً لِلْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّثْمِيرَ كَالْغَنِيمَةِ وَالتَّنْقِيصَ كَالْغَرَامَةِ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إذَا أَعْطَيْتُمْ الزَّكَاةَ فَلَا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ الْبَخْتَرِيِّ (وَيَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى تَوْفِيقِهِ لِأَدَائِهَا) قَالَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقُولَ) الْآخِذُ (لِلزَّكَاةِ) (سَوَاءٌ كَانَ) الْآخِذُ (الْفَقِيرَ أَوْ الْعَامِلَ أَوْ غَيْرَهُمَا وَ) الْقَوْلُ (فِي حَقِّ الْعَامِلِ آكَدُ) مِنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ (أَجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا) لِلْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أَيْ اُدْعُ لَهُمْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرْ سُعَاتَهُ بِالدُّعَاءِ.
(وَإِظْهَارُ إخْرَاجِهَا مُسْتَحَبٌّ سَوَاءٌ كَانَ) الْإِخْرَاجُ (بِمَوْضِعٍ يُخْرِجُ أَهْلُهُ الزَّكَاةَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ نُفِيَ عَنْهُ ظَنُّ السُّوءِ بِإِظْهَارِ إخْرَاجِهَا أَمْ لَا) لِمَا فِيهِ مِنْ نَفْيِ الرِّيبَةِ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ يُقْتَدَى بِهِ وَكَصَلَاةِ الْفَرْضِ.
(وَإِنْ عَلِمَ) الْمُخْرِجُ (أَنَّ الْآخِذَ) لِلزَّكَاةِ (لَيْسَ أَهْلًا لِأَخْذِهَا كُرِهَ إعْلَامُهُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِمَ يُبَكِّتْهُ؟ يُعْطِيهِ؟ وَيَسْكُتُ مَا حَاجَتُهُ أَنْ يُقَرِّعَهُ وَإِنْ عَلِمَهُ أَهْلًا) لِأَخْذِ الزَّكَاةِ (وَالْمُرَادُ: ظَنَّهُ) أَهْلًا لِذَلِكَ لِقِيَامِ الظَّنِّ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ الدَّفْعِ إلَيْهِ.
(وَيَعْلَمُ) الْمُخْرِجُ (مِنْ عَادَتِهِ) أَيْ الْمَدْفُوعِ لَهُ (أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (فَأَعْطَاهُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ) أَنَّهَا زَكَاةٌ (لَمْ يُجْزِئْهُ) دَفْعُهَا لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ زَكَاةً ظَاهِرًا.
(وَلَهُ) أَيْ الْمُخْرِجُ (نَقْلُ زَكَاةٍ إلَى دُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ) مِنْ بَلَدِ الْمَالِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ بَلَدٍ وَاحِدٍ، بِدَلِيلِ الْأَحْكَامِ، وَرُخِّصَ السَّفَرُ.
(وَ) تَفْرِقَتُهَا (فِي فُقَرَاءِ بَلَدِهِ أَفْضَلُ) مِنْ نَقْلِهَا إلَى غَيْرِهِ مِمَّا دُونَ الْمَسَافَةِ لِعُمُومِ حَدِيثِ مُعَاذٍ الْآتِي.
(وَلَا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ يَظُنُّهُ أَهْلًا) لِأَخْذِهَا، لِأَنَّ دَفْعَهَا لِغَيْرِ أَهْلِهَا لَا يُبَرَّأُ بِهِ، وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ، فَأُقِيمَ الظَّنُّ مَقَامَهُ (فَلَوْ لَمْ يَظُنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا فَدَفَعَ) زَكَاتَهُ (إلَيْهِ ثُمَّ بَانَ مِنْ أَهْلِهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ) الدَّفْعُ إلَيْهِ لِاعْتِقَادِهِ حَالَ الدَّفْعِ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَكَاةٍ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْآخِذِ لَهَا فِي ظَنِّهِ.
(وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (عَنْ بَلَدِهَا إلَى مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَلَوْ) كَانَ النَّقْلُ (لِرَحِمٍ وَشِدَّةِ حَاجَةٍ أَوْ لِاسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ) وَالسَّاعِي وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ «أَخْبِرْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ فِي كِتَابِ مُعَاذٍ «مَنْ خَرَجَ مِنْ مِخْلَافٍ إلَى مِخْلَافٍ، فَإِنَّ صَدَقَتَهُ وَعُشْرَهُ فِي مِخْلَافِ عَشِيرَتِهِ» رَوَاه الْأَثْرَمُ (فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ) أَيْ نَقَلَ الزَّكَاةَ إلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ (أَجْزَأَهُ) الْمَنْقُولُ لِلْعُمُومَاتِ وَلِأَنَّهُ دَفَعَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَبَرِئَ كَالدَّيْنِ وَالْفِطْرَةُ كَزَكَاةِ الْمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَالُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ (بِبَادِيَةٍ أَوْ خَلَا بَلَدُهُ عَنْ مُسْتَحِقٍّ لَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (فَرَّقَهَا) إنْ بَقِيَتْ كُلُّهَا (أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا بَعْدَهُمْ) أَيْ بَعْدَ مُسْتَحِقِّي بَلَدِهِ (فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُمْ أَوْلَى وَلَوْ عَبَّرَ بِمَوْضِعٍ وَنَحْوِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَبَعَثَ مُعَاذٌ إلَى عُمَرَ صَدَقَةً مِنْ الْيَمَنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ وَقَالَ لَمْ أَبْعَثْكَ جَابِيًا وَلَكِنْ بَعَثْتُكَ لِتَأْخُذَ مِنْ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ فَتَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ فَقَالَ مُعَاذٌ مَا بَعَثْت إلَيْك بِشَيْءٍ وَأَنَا أَجِدُ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنِّي رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ.
(وَالْمُسَافِرُ بِالْمَالِ) الْمُزَكَّى (يُفَرِّقُهُ فِي مَوْضِعٍ أَكْثَرُ إقَامَةِ الْمَالِ فِيهِ) لِتَعَلُّقِ الْأَطْمَاعِ بِهِ غَالِبًا وَقَالَ الْقَاضِي يُفَرَّقُ مَكَانَهُ حَيْثُ حَالَ حَوْلُهُ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَأْخِيرِهَا.
(وَلَهُ نَقْلُ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَوَصِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَوْ) كَانَ النَّقْلُ (إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ) بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ رَاتِبَةٌ فَكَانَتْ لِجُبْرَانِ الْمَالِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (لَا) نَقْلَ وَصِيَّةٍ (مُقَيَّدَةٍ) بِأَنْ عَيَّنَهَا الْمُوصِي (لِفُقَرَاءَ مَكَان مُعَيَّنٍ) فَيَجِبُ صَرْفُهَا لَهُمْ، لِتَعَيُّنِهِمْ مَصْرِفًا لَهَا.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُزَكِّي فِي بَلَدٍ (وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، أَوْ) فِي (أَكْثَرَ) مِنْ بَلَدٍ (أَخْرَجَ زَكَاةَ كُلِّ مَالٍ فِي بَلَدِهِ، أَيْ بَلَدِ الْمَالِ، مُتَفَرِّقًا كَانَ أَوْ مُجْتَمِعًا) لِئَلَّا تُنْقَلَ الصَّدَقَةُ عَنْ بَلَدِ الْمَالِ، وَلِأَنَّ الْمَالَ سَبَبُ الزَّكَاةِ، فَوَجَبَ إخْرَاجُهَا حَيْثُ وُجِدَ السَّبَبُ (إلَّا فِي نِصَابِ سَائِمَةٍ فِي بَلَدَيْنِ، فَيَجُوزُ الْإِخْرَاجُ فِي أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَشْقِيصِ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عِشْرُونَ مُخْتَلِطَةٌ مَعَ عِشْرِينَ لِآخَرَ فِي بَلَدٍ، وَعِشْرُونَ أُخْرَى مُخْتَلِطَةٌ مَعَ عِشْرِينَ لِآخَرَ فِي بَلَدٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ خَلْطَةٍ نِصْفُ شَاةٍ فَيُخْرِجُ شَاةً فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ شَاءَ.
(وَيُخْرِجُ فِطْرَةَ نَفْسِهِ) فِي بَلَدِ نَفْسِهِ لَا مَالِهِ لِأَنَّ سَبَبَ الْفِطْرَةِ النَّفْسُ لَا الْمَالُ.
(وَ) يُخْرِجُ فِطْرَةَ مَنْ يَمُونُهُ فِي بَلَدِ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِ بَلَدِهِ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لَهُ (وَتَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (وَحَيْثُ جَازَ النَّقْلُ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَأُجْرَتُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، كَأُجْرَةِ كَيْلٍ وَوَزْنٍ) لِأَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا لِأَهْلِهَا، فَكَانَ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ النَّقْلُ مُحَرَّمًا فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ: لَا أُجْرَةَ كَالْأَجِيرِ لِحَمْلِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ النَّاقِلُ أَنَّهَا زَكَاةٌ يَحْرُمُ نَقْلُهَا، فَلَهُ الْأُجْرَةُ عَلَى رَبِّهَا لِأَنَّهُ غَرَّهُ.
(وَإِذَا حَصَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَاشِيَةٌ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ جِزْيَةٍ (اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ وَسْمُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي أَفْخَاذِهَا وَ) وَسْمُ (الْغَنَمِ فِي آذَانِهَا) لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «غَدَوْتُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ فَرَأَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ «وَهُوَ يَسِمُ غَنَمًا فِي آذَانِهَا» وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ الضَّوَالِّ، وَلِتُرَدَّ إلَى مَوَاضِعَهَا إذَا شَرَدَتْ وَخُصَّ الْمَوْضِعَانِ لِخِفَّةِ الشَّعْرِ فِيهِمَا وَلِقِلَّةِ أَلَمِ الْوَسْمِ، وَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ: يَحْرُمُ وَسْمٌ فِي الْوَجْهِ (فَإِنْ كَانَتْ) الْمَوْسُومَةُ (زَكَاةً كُتِبَ لِلَّهِ أَوْ زَكَاةٌ وَإِنْ كَانَتْ جِزْيَةً كُتِبَ صَغَارٌ أَوْ جِزْيَةٌ لِتَتَمَيَّزَ) بِذَلِكَ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّ الْوَسْمَ بِحِنَّاءٍ أَوْ قِير: أَفْضَلُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِيهِ شَيْءٌ.

.(فَصْل): تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ:

(وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ» رَوَاه أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي إسْنَادِهِ، وَذَكَرَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ مُرْسَلًا وَأَنَّهُ أَصَحُّ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ أُجِّلَ لِلرِّفْقِ، فَجَازَ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، كَالدَّيْنِ قَالَ الْأَثْرَمُ: هُوَ مِثْلُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ فَيَصِيرُ مِنْ تَقْدِيمِ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَقَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ.
(وَتَرْكُهُ) أَيْ التَّعْجِيلُ (أَفْضَلُ) خُرُوجًا عَنْ الْخِلَافِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُعْتَبَرُ الْمَصْلَحَةُ (لِحَوْلَيْنِ فَأَقَلَّ فَقَطْ) اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ، أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجَّلَ مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ، لَا قَبْلَهُ)؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ كَالتَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحَلِفِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
(وَلَا) يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ (قَبْلَ السَّوْمِ) أَيْ الشُّرُوعِ فِيهِ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ شَرْطٌ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: هَذَا الْمَذْهَبُ ا هـ وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَدَمَهُ مَانِعٌ، فَيَصِحُّ إنْ تَعَجَّلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ كَمَا قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى فِي أَوَّلِ زَكَاةِ السَّائِمَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ مَنَعَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ تَحَقُّقَ هَذَا الْخِلَافِ وَرَدَّهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ بِمَا يَطُولُ فَرَاجِعْهُ فَهُوَ مُفِيدٌ.
(فَلَوْ مَلَكَ) حُرٌّ مُسْلِمٌ (بَعْضَ نِصَابٍ) مِنْ سَائِمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ) أَيْ زَكَاةَ مَا مَلَكَهُ (أَوْ) عَجَّلَ (زَكَاةَ نِصَابٍ لَمْ يُجْزِئْهُ) لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِ الزَّكَاةِ.
(وَلَوْ ظَنَّ مَالَهُ أَلْفًا فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ فَبَانَ خَمْسَمِائَةٍ أَجْزَأَهُ) الْمُعَجَّلُ (عَنْ عَامَيْنِ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ زَكَاةِ الْأَلْفِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ دَفَعَ زِيَادَةً عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَعَ نِيَّةِ التَّعْجِيلِ.
(وَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي) مِنْ الْمُزَكِّي (فَوْقَ حَقِّهِ حَسِبَهُ) رَبُّ الْمَالِ (مِنْ حَوْلٍ ثَانٍ) نَصَّ عَلَيْهِ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ يَحْسِبُ مَا أَهْدَاهُ لِلْعَامِلِ مِنْ الزَّكَاةِ أَيْضًا) وَعَنْهُ: لَا يَحْتَسِبُ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَصْبٌ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَعَ الْمُوَفَّقُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ نَوَى الْمَالِكُ التَّعْجِيلَ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَحَمَلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَحَمَلَ الْمَجْدُ: رِوَايَةَ الْجَوَازِ عَلَى أَنَّ السَّاعِيَ أَخَذَ الزِّيَادَةَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ إذَا نَوَى التَّعْجِيلَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ وَأَخَذَهَا، لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا غَصْبًا وَحَمَلَ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ، أَنَّهُ يَحْتَسِبُ بِنِيَّةِ الْمَالِكِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَا أَخَذَهُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَلَوْ فَوْقَ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ، اُعْتُدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا.
(وَلَيْسَ لِوَلِيِّ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعَجِّلَ زَكَاتَهُ) أَيْ زَكَاةَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا فِيهِ الْأَحَظُّ لَهُ فِي مَالِهِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ قَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ هُنَا وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الْأُولَى، وَفِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ.
(وَإِنْ عَجَّلَ عَنْ النِّصَابِ) الْمَوْجُودِ (وَمَا يُنَمِّي فِي حَوْلِهِ أَجْزَأَ) التَّعْجِيلُ (عَنْ النِّصَابِ) لِمَا تَقَدَّمَ (دُونَ النَّمَاءِ)؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ زَكَاةَ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ، فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ كَمَا فِي النِّصَابِ الْأَوَّلِ.
(وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ زَكَاةِ الثَّمَرِ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَ) تَعْجِيلُ زَكَاةِ الثَّمَرِ (بَعْدَ طُلُوعِ الطَّلْعِ قَبْلَ تَشَقُّقِهِ) وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
(وَ) تَعْجِيلُ زَكَاةِ (الزَّرْعِ بَعْدَ نَبَاتِهِ، إذْ ظُهُورُهُ) أَيْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (كَالنِّصَابِ) الَّذِي هُوَ السَّبَبُ (وَإِدْرَاكُهُ) أَيْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (كَحَوَلَانِ الْحَوْلِ) فَلِذَلِكَ صَحَّ التَّعْجِيلُ (فَإِنْ عَجَّلَ) زَكَاتَهُ (قَبْلَ طُلُوعِ الطَّلْعِ، وَ) قَبْلَ طُلُوعِ (الْحِصْرِمِ وَ) قَبْلَ (نَبَاتِ الزَّرْعِ، لَمْ يُجْزِئْهُ)؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لَهَا قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهَا.
(وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ النِّصَابِ فَتَمَّ الْحَوْلُ وَهُوَ) أَيْ النِّصَابُ (نَاقِصٌ قَدْرَ مَا عَجَّلَهُ أَجْزَأَ؛ إذْ الْمُعَجَّلُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ) فِي مِلْكِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا وَلِهَذَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ.
(وَإِنْ عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا) لِحَوْلَيْنِ: أَجْزَأَهُ؛ لِبَقَاءِ النِّصَابِ.
(أَوْ) عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً (شَاةً مِنْهَا، وَأُخْرَى مِنْ غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَوْلَيْنِ)؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعَجَّلَ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ.
(وَ) إنْ عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً (شَاتَيْنِ مِنْهَا) لِحَوْلَيْنِ (لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ) لِمَا يَأْتِي.
(وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ) عَنْ الْأَرْبَعِينَ شَاةً (شَاةً) مِنْهَا (عَنْ الْحَوْلِ الثَّانِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ مِنْهُ) أَيْ مَنْ النِّصَابِ (لِلْحَوْلِ الثَّانِي زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ، فَيَنْقُصُ) النِّصَابُ (بِهِ) بِخِلَافِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ (وَإِنْ مَلَكَ شَاةً اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ الْكَمَالِ) أَيْ كَمَالِ النِّصَابِ وَكَذَا لَوْ قُلْنَا: يَرْتَجِعُ مَا عَجَّلَهُ وَارْتَجَعَهُ؛ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ.
(وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ الْمِائَتَيْنِ) مِنْ الْغَنَمِ شَاتَيْنِ (فَنَتَجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ سَخْلَةً لَزِمَتْهُ ثَالِثَةٌ)؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَتَيْنِ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودَتَيْنِ فَكَأَنَّ الْحَوْلَ تَمَّ عَلَى مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ وَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ.
(وَإِنْ عَجَّلَ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ) شَاةً (وَاحِدَةً ثُمَّ نَتَجَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ أُخْرَى لَزِمَهُ إخْرَاجُ) شَاةٍ (ثَانِيَةٍ) لِمَا مَرَّ.
(وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ، وَعَنْ نَتَاجِهَا: بِنْتَ مَخَاضٍ فَنَتَجَتْ مِثْلَهَا) خَمْسَ عَشْرَةَ (لَمْ تُجْزِئْهُ) الْمُعَجَّلَةُ لِشَيْءٍ أَمَّا النَّتَاجُ فَلِعَدَمِ صِحَّةِ تَعْجِيلِ زَكَاتِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ وَأَمَّا الْأَصْلُ فَلَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ فِيهِ إذْ ذَاكَ مِنْ جِنْسِهِ (وَيَلْزَمُهُ بِنْتُ مَخَاضٍ) إذَا تَمَّ الْحَوْلُ.
(وَلَوْ عَجَّلَ مُسِنَّةً عَنْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ وَنَتَاجِهَا فَنَتَجَتْ عَشْرًا أَجْزَأَتْ) الْمُعَجَّلَةُ (عَنْ الثَّلَاثِينَ فَقَطْ) لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْجِيلِ عَنْ النَّتَاجِ (وَيُخْرِجُ لِلْعَشْرِ) النَّتَاجِ (رُبْعَ مُسِنَّةٍ) زَكَاتَهَا.
(وَإِنْ عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً، ثُمَّ أَبْدَلَهَا) أَيْ الْأَرْبَعِينَ (بِمِثْلِهَا أَوْ نَتَجَتْ أَرْبَعِينَ سَخْلَةً ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ، أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْبَدَلِ وَالسِّخَالِ) لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ بَقَاءِ الْأُمَّهَاتِ عَنْ الْكُلِّ، فَعَنْ أَحَدِهِمَا أَوْلَى.
(وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ مِائَةِ شَاةٍ أَوْ) عَجَّلَ (تَبِيعًا عَنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً، ثُمَّ نَتَجَتْ الْأُمَّهَاتُ مِثْلَهَا، ثُمَّ مَاتَتْ) الْأُمَّهَاتُ (أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْ النَّتَاجِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
(وَلَوْ نَتَجَ نِصْفُ الشَّاةِ مِثْلَهَا) كَأَنْ نَتَجَتْ عِشْرُونَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ (ثُمَّ مَاتَتْ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ، أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْبَاقِي مِنْ الشِّيَاهِ وَعَنْ النَّتَاجِ (وَلَوْ نَتَجَ نِصْفُ الْبَقَرِ مِثْلَهَا) كَثَلَاثِينَ بَقَرَةً نَتَجَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ (ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ) عَنْ الْبَاقِي، وَعَنْ النَّتَاجِ؛ لِإِجْزَائِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَوْتِ، فَأَوْلَى مَعَهُ.
(وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِ نِصَابَيْهِ) بِعَيْنِهِ (وَتَلِفَ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى الْآخَرِ) لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (كَمَا لَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَتْ) الْإِبِلُ (وَلَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً لَمْ يُجْزِئْهُ) مَا عَجَّلَهُ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ الشِّيَاهِ؛ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ إيَّاهَا.
(وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسِينَ) دِرْهَمًا (وَقَالَ: إنْ رَبِحْتُ أَلْفًا قَبْلَ الْحَوْلِ فَهِيَ) أَيْ الْخَمْسُونَ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَلْفِ وَرِبْحُهَا الْأَلْفُ الْأُخْرَى (وَإِلَّا كَانَتْ لِلْحَوْلِ الثَّانِي جَازَ) إنْ جَازَ تَعْجِيلُ زَكَاةِ الرِّبْحِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ عَجَّلَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (فَدَفَعَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا فَمَاتَ قَابِضُهَا أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ اسْتَغْنَى مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَجْزَأَتْ عَنْهُ) كَمَا لَوْ عَدِمَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْقَبْضِ؛ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ التَّعْجِيلُ.
(وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَنِيٍّ أَوْ كَافِرٍ يَعْلَمُ غِنَاهُ) رَاجِعٌ إلَى غَنِيٍّ (أَوْ) يَعْلَمُ (كُفْرَهُ) أَيْ الْكَافِرِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى غَالِبًا بِخِلَافِ الْغَنِيِّ (فَافْتَقَرَ) الْغَنِيُّ (عِنْدَ الْوُجُوبِ أَوْ أَسْلَمَ) الْكَافِرُ عِنْدَ الْوُجُوبِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَفْتَقِرْ أَوْ يُسْلِمْ.
(وَإِنْ عَجَّلَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ مَاتَ الْمَالِكُ أَوْ ارْتَدَّ) الْمَالِكُ (قَبْلَ الْحَوْلِ) فَقَدْ بَانَ الْمُخْرَجُ غَيْرَ زَكَاةٍ لِانْقِطَاعِ الْوُجُوبِ بِذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَارِثُ الِاحْتِسَابَ بِهَا عَنْ زَكَاةِ حَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَ(لَمْ يَرْجِعْ) الْمُعَجَّلُ (عَلَى الْمِسْكِينِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّافِعُ) لَهُ (رَبَّ الْمَالِ أَوْ السَّاعِي) وَسَوَاءٌ (أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ أَوْ لَا)؛ لِأَنَّهَا دُفِعَتْ إلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَلَمْ يَمْلِكْ اسْتِرْجَاعَهَا لِوُقُوعِهِ نَفْلًا، بِدَلِيلِ مِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا (فَإِنْ كَانَتْ) الزَّكَاةُ الْمُعَجَّلَةُ (بِيَدِ السَّاعِي وَقْتَ التَّلَفِ) أَيْ تَلَفِ النِّصَابِ (رَجَعَ) بِهَا رَبُّهَا لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَكَاةٍ، وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إنْ كَانَتْ بِيَدِ الْفَقِيرِ، وَلَا فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُعَجِّلُ أَوْ ارْتَدَّ مُطْلَقًا، قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَا رُجُوعَ إلَّا فِيمَا بِيَدِ سَاعٍ عِنْدَ تَلَفٍ.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَعْدِنٍ بِحَالٍ وَلَا) تَعْجِيلُ (مَا يَجِبُ فِي رِكَازٍ؛) لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ لَهَا قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهَا.
(وَلِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ اسْتِسْلَافُ زَكَاةٍ بِرِضَى رَبِّ الْمَالِ) لِقِصَّةِ الْعَبَّاسِ (لَا إجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ (فَإِنْ اسْتَسْلَفَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (فَتَلِفَتْ بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَكَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْفُقَرَاءِ) فَتَفُوتُ عَلَيْهِمْ (سَوَاءٌ سَأَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِسْلَافَ (الْفُقَرَاءُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (قَبْضُهَا كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ) فَقَدْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ، فَلَمْ يَضْمَنْ (وَإِنْ تَلْفِتْ) الزَّكَاةُ (فِي يَدِ الْوَكِيلِ) أَيْ وَكِيلِ رَبِّ الْمَالِ (قَبْلَ أَدَائِهَا، فَمِنْ ضَمَانِ رَبِّ الْمَالِ) لِعَدَمِ الْإِيتَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيْدِ مُوَكِّلِهِ.
(وَيُشْتَرَطُ لِمِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (وَإِجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا قَبْضُهُ لَهَا، فَلَا يُجْزِئُ غَدَاءُ الْفُقَرَاءِ وَلَا عَشَاؤُهُمْ) مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِيتَاءٍ.
(وَلَا يَقْضِي مِنْهَا دَيْنَ مَيِّتٍ غَرِمَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا (لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (لِقَبُولِهَا، كَمَا لَوْ كَفَّنَهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّكَاةِ.
(وَلَا يَكْفِي إبْرَاءُ الْمَدِينِ مِنْ دَيْنِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ دَيْنًا أَوْ عَيْنَا، وَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ بِهَا)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إيتَاءً لَهَا، وَكَذَا الْحَوَالَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ يُحِيلُ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ.
(وَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ) أَيْ عَزَلَهَا (فَتَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْفَقِيرُ لَزِمَهُ) أَيْ رَبَّ الْمَالِ (بَدَلُهَا) كَمَا قَبْلَ الْعَزْلِ؛ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْعَوْدُ فِيهَا إلَى بَدَلِهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُسْتَحِقُّ كَمَالٍ مَعْزُولٍ لِوَفَاءِ رَبِّ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْأَمَانَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْفَقِيرِ) وَبَاقِي أَهْلِ الزَّكَاةِ فِيهَا (قَبْلَ قَبْضِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِهِ.
(وَلَوْ قَالَ الْفَقِيرُ لِرَبِّ الْمَالِ: اشْتَرِ لِي بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (ثَوْبًا) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ حَوَائِجِهِ (وَلَمْ يَقْبِضْهَا) الْفَقِيرُ (مِنْهُ لَمْ يُجْزِئْهُ) ذَلِكَ.
(وَلَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ الثَّوْبَ (كَانَ) الثَّوْبُ (لِلْمَالِكِ) دُونَ الْفَقِيرِ (وَإِنْ تَلِفَ) الثَّوْبُ (كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ الْمَالِكِ، لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَوْ وَكَّلَ الْفَقِيرُ رَبَّ الْمَالِ فِي الْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَهُ.
(وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ قِيمَةِ زَكَاةِ الْمَالِ وَ) لَا قِيمَةِ (الْفِطْرَةِ طَائِعًا) كَانَ الْمُخْرِجُ (أَوْ مُكْرَهًا، وَلَوْ لِلْحَاجَةِ) صَحَّ ذَلِكَ (مِنْ تَعَذُّرِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهِ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ) كَأَنْ تَكُونَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ، وَتَقَدَّمَ بِدَلِيلِهِ، لَكِنْ مَا هُنَا فِيهِ زِيَادَةٌ، وَتَقَدَّمَ، أَنَّ أَخْذَ السَّاعِي لِلْقِيمَةِ يُجْزِئُ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الدَّافِعُ.
(وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةُ عِنْدَ قُرْبِ) زَمَنِ (الْوُجُوبِ لِقَبْضِ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ) وَهُوَ السَّائِمَةُ وَالزَّرْعُ وَالثِّمَارُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُزَكِّي وَلَا يَعْلَمُ مَا عَلَيْهِ، فَفِي إهْمَالِ ذَلِكَ تَرْكٌ لِلزَّكَاةِ.
(وَيَجْعَلُ حَوْلَ الْمَاشِيَةِ الْمُحَرَّمَ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ، وَمَيْلُهُ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ.
(وَإِنْ أَخَّرَ السَّاعِي قِسْمَةَ زَكَاةٍ عِنْدَهُ بِلَا عُذْرٍ، كَاجْتِمَاعِ الْفُقَرَاءِ، أَوْ) اجْتِمَاعِ (الزَّكَاةِ، لَمْ يَجُزْ) لَهُ ذَلِكَ (وَيَضْمَنُ) مَا تَلِفَ (لِتَفْرِيطِهِ) بِالتَّأْخِيرِ (كَوَكِيلٍ فِي إخْرَاجِهَا يُؤَخِّرُهُ) بِلَا عُذْرٍ.
(وَإِنْ وَجَدَ السَّاعِي مَالًا) زَكَوِيًّا (لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ وَلَمْ يُعَجِّلْهَا رَبُّهُ، وَكَّلَ) السَّاعِي (ثِقَةً فِي قَبْضِهَا عِنْدَ وُجُوبِهَا، وَصَرْفِهَا فِي مَصْرِفِهَا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ بِلَا تَأْخِيرٍ.
(وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ) أَيْ جَعْلِ السَّاعِي صَرْفَ الزَّكَاةِ مَصْرِفَهَا عِنْدَ الْحَوْلِ (إلَى رَبِّ الْمَالِ، إنْ كَانَ ثِقَةً) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) السَّاعِي (ثِقَةً أَخْرَجَهَا رَبُّهَا) لِلْفُقَرَاءِ (إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا) لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْفَوْرِ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ ضَرَرًا، كَرُجُوعِ سَاعٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ (أَخَّرَهَا إلَى الْعَامِ الثَّانِي) لِحَدِيثِ «، لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».
(وَإِذَا قَبَضَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَرَّقَهَا فِي مَكَانِهِ وَمَا قَارَبَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ (فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَمَلَهُ)؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِ مُعَاذٍ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ (فَلَا) حَمْلَ مَعَهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُدَّ الْمَاشِيَةَ عَلَى أَهْلِهَا عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ لِلْخَبَرِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِعَدَدِهِ قُبِلَ مِنْهُ، وَلَا يُحَلِّفُهُ كَمَا سَبَقَ.
(وَلَهُ) أَيْ السَّاعِي (بَيْعُ الزَّكَاةِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَغَيْرِهَا لِحَاجَةٍ كَخَوْفِ تَلَفٍ وَمُؤْنَةٍ وَمَصْلَحَةٍ) لِحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَيَأْتِي.
(وَ) لَهُ (صَرْفُهُ فِي الْأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ حَاجَتِهِمْ، حَتَّى فِي أُجْرَةِ مَسْكَنٍ)؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ الزَّكَاةَ فِي حَاجَتِهِمْ أَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِمْ.
(وَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ) فَقَالَ الْقَاضِي: (لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْإِذْنِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ (وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا تَعَذَّرَ) رَدُّهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي إبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً كَوْمَاءَ، فَسَأَلَ عَنْهَا الْمُصَدَّقَ فَقَالَ: إنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِإِبِلٍ، فَسَكَتَ عَنْهُ، فَلَمْ يَسْتَفْصِلْهُ» وَمَعْنَى الرَّجْعَةِ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا غَيْرَهَا.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ إذَا أَخَذَ السَّاعِي زَكَاتَهُ كَتَبَ لَهُ بِهَا بَرَاءَةً؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا جَاءَ سَاعٍ آخَرُ فَيُطَالِبُهُ، فَيُخْرِجُ تِلْكَ الْبَرَاءَةَ، فَتَكُونُ حُجَّةً لَهُ) قَالَ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِتَنْتَفِيَ التُّهْمَةُ عَنْهُ، أَيْ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ،.