فصل: (فَصْل): في حكم غير المدخول بها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْل): في حكم غير المدخول بها:

(وَالْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) الزَّوْجُ وَلَمْ يَخْلُ بِهَا (تَبَيُّنُهَا تَطْلِيقَةٌ) وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّهُ لَا عِدَّة عَلَيْهَا (فَلَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا وَلَا نَفَقَة لَهَا) كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا (فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ) طَلَّقَ (الْعَبْدُ) طَلْقَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ نِكَاحًا صَحِيحًا مِمَّنْ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ وَيَطَؤُهَا) الزَّوْجُ الثَّانِي (فِي الْقُبُلِ مَعَ انْتِشَارٍ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَنَسَخَ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} إلَى قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ عُرْوَةَ وَعَائِشَةَ قَالَتْ:
«كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ امْرَأَتُهُ إذَا ارْتَجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ فَأَكْثَرَ حَتَّى قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُكِ فَتَبِينِي مِنِّي وَلَا أُوتِيَكِ أَبَدًا قَالَتْ وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ أُطَلِّقُكِ وَكُلَّمَا هَمَمْتُ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُكِ رَاجَعْتُكِ فَذَهَبَتْ الْمَرْأَةُ فَدَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَسَكَتَتْ حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} قَالَتْ عَائِشَةُ فَاسْتَأْنَفَ النَّاسُ الطَّلَاقَ مُسْتَقْبَلًا مَنْ كَانَ طَلَّقَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عُرْوَة مُرْسَلًا وَذَكَر أَنَّهُ أَصَحُّ.
وَيَشْهَد لِاشْتِرَاطِ وَطْءِ الزَّوْجِ مَعَ الِانْتِشَارِ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ:
«جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ تَحْتٍ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَة وَرَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ» وَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ لِأَنَّ الْوَطْءَ الْمُعْتَبَرَ فِي الزَّوْجَةِ شَرْعًا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْقُبُلِ (وَلَوْ كَانَ) الزَّوْجُ الْوَاطِئُ (خَصِيًا أَوْ مَسْلُولًا أَوْ مَوْطُوءًا) وَتَقَدَّمَ مَعْنَى سَلِّ الْخُصْيَتَيْنِ وَوِجَائِهِمَا (أَوْ) كَانَ (مَمْلُوكًا أَوْ لَمْ يَبْلُغْ هُوَ أَوْ هِيَ عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ (أَوْ مَجْنُونًا أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ وَأَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ فِي فَرْجهَا أَوْ كَانَا) أَيْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ (مَجْنُونَيْنِ أَوْ وَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا أَوْ ظَنَّهَا سُرِّيَّةً أَوْ أَجْنَبِيَّةً) لِدُخُولِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي عُمُومِ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَعُمُومِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» (وَتَعُودُ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِر إجْمَاعًا.
(وَأَدْنَى مَا يَكْفِي) مِنْ الْوَطْء حَتَّى تَحِلَّ لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا (تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ) فِي الْقُبُلِ مَعَ الِانْتِشَارِ (وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ تَتَعَلَّقُ بِهِ (فَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ الثَّانِي (مَجْبُوبًا قَدْ بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ فَأَكْثَرُ فَأَوْلَجَهُ) مَعَ الِانْتِشَارِ فِي قُبُلِهَا (أَحَلَّهَا) لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا، لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحَشَفَةِ مِنْ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ، بَلْ دُونِهِ (فَلَا) يَحِلُّهَا إيلَاجُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إيلَاجِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ (فَلَا يَحِلُّهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَطْءُ السَّيِّدِ إنْ كَانَتْ أَمَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجِ.
(وَلَا) يَحِلُّهَا أَيْضًا (فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) كَنِكَاحِ الْمُحَلَّل وَالشِّغَارِ وَالْمُتْعَةِ (أَوْ) الْوَطْءُ فِي (نِكَاحٍ بَاطِلٍ أَوْ بِشُبْهَةٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى نِكَاحًا شَرْعًا (أَوْ) الْوَطْء (فِي رِدَّتِهِ) أَيْ رِدَّة الزَّوْج الثَّانِي لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُسْلِم فِي الْعِدَّةِ لَمْ يُصَادِفْ الْوَطْءُ نِكَاحًا، وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَقَدْ وَقَعَ الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ تَامٍّ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْبَيْنُونَةِ (أَوْ) فِي (رِدَّتِهَا) لِمَا ذُكِرَ (أَوْ فِي الدُّبُرِ) لِأَنَّ الْحِلَّ مُتَعَلِّقٌ بِذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ (أَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ) بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا حَالَ كُفْرِهِمَا، فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ وَطِئَهَا أَوْ أَسْلَمَ وَلَيْسَتْ كِتَابِيَّةً فَوَطِئَهَا فَلَا تَحِلُّ لِمَا سَبَقَ فِي الْمُرْتَدِّ (أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ مِنْهُمَا، أَوْ) إحْرَامٍ (مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ مِنْهُمَا، أَوْ) صَوْمِ (فَرْضٍ مِنْ أَحَدهمَا) لِأَنَّهُ وَطْءٌ حُرِّمَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُحِلَّهَا كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْبَاطِلِ.
(لَا إنْ وَطِئَهَا وَهِيَ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ لِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ) وَطِئَهَا (مَرِيضَةً تَتَضَرَّرُ بِوَطْئِهِ، أَوْ) وَطِئَهَا (فِي الْمَسْجِدِ أَوْ) وَهِيَ مُحْرِمَةٌ (لِقَبْضِ مَهْرٍ) فَإِنَّ الْوَطْءَ يُحِلّهَا لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَة لِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا لَا مَعْنَى فِيهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا (أَمَةً فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ) حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيَطَأُهَا كَمَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}.
(وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً فَوَطِئَهَا زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ) فِي نِكَاحٍ يُقِرَّانِ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (أَحَلَّهَا لِمُطَلِّقِهَا الْمُسْلِمِ نَصًّا) لِأَنَّهُ زَوْجٌ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَهَا) أَيْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً (وَهُوَ عَبْدٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى تُعْتَقَ) فَلَهُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ (أَوْ) تَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَبْدٌ وَطَلَّقَهَا (وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ فَلَهُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ) اعْتِبَارًا بِحَالِهِ حِينَئِذٍ (كَكَافِرٍ حُرٍّ طَلَّقَ) امْرَأَتَهُ (ثِنْتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) فَلَهُ الثَّالِثَةُ، لِأَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ لَمْ تَقَعَا مُحَرِّمَتَيْنِ وَ(لَا) يَمْلِكُ الْعَبْدُ تَمَامَ الثَّلَاثِ (إنْ عَتَقَ بَعْدَ طَلَاقِهِ اثْنَتَيْنِ) لِأَنَّهُمَا وَقَعَتَا مُحَرِّمَتَيْنِ، فَلَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُمَا بِعِتْقِهِ بَعْدَهُمَا (وَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حُرٌّ كَافِرٌ فَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا (ثُمَّ أَسْلَمَا جَمِيعًا لَمْ يَمْلِكْ إلَّا طَلَاقَ الْعَبْدِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِيقَاعِ، (وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي كُفْرِهِ وَاحِدَةً وَرَاجَعَهَا، ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا طَلْقَةً) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ عَلَّقَ) عَبْدٌ (طَلَاقًا ثَلَاثًا بِشَرْطٍ غَيْرِ عِتْقِهِ فَوُجِدَ الشَّرْطَ بَعْدَ عِتْقِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَعَتَقَ ثُمَّ دَخَلَتْهَا (لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُقُوعِ (وَفِي تَعْلِيقهَا)، أَيْ الثَّلَاثِ (بِعِتْقِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ عَتَقْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إذَا أُعْتِقَ (تَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ) قَالَ فِي، الْمُبْدِعِ: فِي الْأَصَحِّ.
(وَإِنْ غَابَ عَنْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَتْهُ فَذَكَرَتْ) لَهُ (أَنَّهَا نَكَحَتْ مَنْ أَصَابَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتهَا مِنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا) بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يَسَعُهُ (فَلَهُ نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا إمَّا بِأَمَانَتِهَا أَوْ بِخَبَرِ غَيْرِهَا مِمَّنْ يَعْرِفُ حَالَهَا) لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى مَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَنْهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ هَذِهِ الْحَالِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا مِنْ جِهَتهَا فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهَا، كَمَا لَوْ أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَعْرِفُ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا (فَلَا) تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْل التَّحْرِيم، فَوَجَبَ الْبَقَاء عَلَى الْأَصْلِ كَمَا لَوْ خَبَّرَهُ عَنْ حَالِهَا فَاسِقٌ (فَلَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الثَّانِي وَطْأَهَا وَادَّعَتْهُ) أَيْ الْوَطْءَ (مِنْهُ فَالْقَوْل قَوْلُهُ فِي تَنْصِيفِ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالْخَلْوَةِ بِهَا) لِأَنَّ الْأَصْل بَرَاءَتُهُ مِنْهُ.
(وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي إبَاحَتِهَا لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا (فَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الثَّانِي (الْأَوَّل) عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا (لَمْ يَحِلَّ لَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (نِكَاحهَا) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ (فَإِنْ عَادَ) الْأَوَّل (فَصَدَّقَهَا) عَلَى أَنَّ الثَّانِي وَطِئَهَا (أُبِيحَتْ لَهُ) لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ حِلَّهَا لَمْ تُحَرَّمْ بِكَذِبِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ فِي الْمَاضِي وَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ مَا أَعْلَمُ أَنَّ الثَّانِي أَصَابَهَا لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حِلِّهَا لَهُ خَبَرٌ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا لَا حَقِيقَةَ الْعِلْمِ (وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ حَاضِرًا وَفَارَقَهَا وَادَّعَتْ إصَابَتَهَا مِنْهُ وَهُوَ مُنْكِرهَا) فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَنْصِيفِ الْمَهْر وَتُؤَاخَذُ بِقَوْلِهَا فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، وَفِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْوَطْءُ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ النِّكَاحِ وَلِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا.
(وَلَوْ جَاءَتْ) امْرَأَةٌ (حَاكِمًا وَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتَهَا جَازَ) لِلْحَاكِمِ (تَزْوِيجُهَا وَ) جَازَ (تَزْوِيجُهَا إنْ صَدَّقَهَا وَكَانَ الزَّوْجُ مَجْهُولًا وَلَمْ تُعَيِّنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُت أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَالَ الشَّيْخُ كَمُعَامَلَةِ عَبْدٍ لَمْ يَثْبُتْ عِتْقُهُ.
وَقَالَ وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَ إلَيْهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ حَتَّى يَثْبُتَ الطَّلَاقُ) لِاحْتِمَالِ إنْكَارِهِ (وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ زَوْجٌ أَيْ مَعْرُوفٌ فَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مَنْ أَصَابَهَا وَطَلَّقَهَا وَلَمْ تُعَيِّنْهُ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَثْبُتْ لِمُعَيَّنٍ، بَلْ لِمَجْهُولٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ عِنْدِي مَالٌ لِشَخْصٍ وَسَلَّمْتُهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُون إقْرَارًا بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَلِكَ قَوْلُهَا كَانَ لِي زَوْجٌ وَطَلَّقَنِي وَسَيِّد وَأَعْتَقَنِي وَلَوْ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي فُلَانٌ وَطَلَّقَ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ وَادِّعَاءِ الْوَفَاءِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ، فَعَلَيْهِ قَوْل الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْهُولًا لَيْسَ بِقَيْدٍ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُبْدِع وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرهمَا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُعْرَفُ.
(فَإِنْ قَالَتْ قَدْ تَزَوَّجْتُ مَنْ أَصَابَنِي ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا) مُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا (لَمْ يَجُزْ) لَهُ (الْعَقْدُ) عَلَيْهَا لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمُبِيحَ لِلْعَقْدِ قَدْ زَالَ فَزَالَتْ الْإِبَاحَةُ (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا (لَمْ يُقْبَلْ) رُجُوعُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا، (كَمَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ الْإِقْرَارِ) لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا الرُّجُوعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهَا (وَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا وَغَابَ) عَنْهَا (فَقَضَتْ عِدَّتهَا وَأَرَادَتْ التَّزَوُّجَ فَقَالَ لَهَا وَكِيلُهُ: تَوَقَّفِي) عَنْ التَّزَوُّجِ (كَيْ لَا يَكُونَ رَاجَعَكِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا التَّوَقُّفُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ وَاحْتِمَالُهَا دَلِيلٌ عَلَيْهِ.

.بَابُ الْإِيلَاءُ:

بِالْمَدِّ لُغَةً الْحَلِفُ (وَهُوَ) مَصْدَرُ آلَى يُولِي إيلَاءً وَأَلِيَّةً، وَيُقَالُ تَأَلَّى يَتَأَلَّى وَفِي الْخَبَرِ مَنْ يَتَأَلَّ عَلَى اللَّهِ يَكْذِبْهُ وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ وَجَمْعُهَا أَلَايَا، كَخَطَايَا قَالَ كُثَيِّرٌ قَلِيل الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ إذَا صَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتْ وَكَذَلِكَ الْأُلْوَةُ بِسُكُونِ اللَّامِ وَتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَشَرْعًا (حَلِفُ زَوْجٍ) لَا سَيِّدٍ (يُمْكِنهُ الْجِمَاعُ) عِنِّينٌ وَمَجْبُوبٌ (بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) لَا بِنَذْرٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ (عَلَى تَرْكِ وَطْءِ امْرَأَتِهِ الْمُمْكِنُ جِمَاعُهَا) لَا رَتْقَاءَ وَنَحْوَهَا (وَلَوْ) كَانَ حَلِفُهُ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي قُبُلٍ لَا دُبُرٍ (أَبَدًا أَوْ يُطَلِّقُ) فِي حَلِفِهِ لَا يَطَؤُهَا (أَوْ) يَحْلِفُ لَا يَطَؤُهَا (أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ يَنْوِيهَا) لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ.
(وَهُوَ) أَيْ الْإِيلَاءُ (مُحَرَّمٌ فِي ظَاهِر كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ) قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَكَانَ هُوَ وَالظِّهَارُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ آخَرُونَ فِي ظِهَارِ الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي الظِّهَارِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَقَتَادَةَ وَالْأَصْلُ فِي الْإِيلَاءِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} وَكَانَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَآنِ يَقْسِمُونَ الْآيَة.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ يَحْلِفُونَ حَكَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ شَيْئًا فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيه حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا السَّنَةَ وَلَا السَّنَتَيْنِ وَلَا الثَّلَاثَ فَيَدْعُهَا لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

.شُرُوطُ الْإِيلَاءِ:

(وَلَهُ) أَيْ الْإِيلَاءِ (أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ) تُعْلَمُ مِنْ تَعْرِيفِهِ السَّابِقِ:

.(أَحَدُهَا: أَنْ يَحْلِفَ) الزَّوْجُ:

(عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ، فَإِنْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لَمْ يَكُنْ مُولَيًا) لِظَاهِرِ الْآيَةِ (وَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ الزَّوْجُ الْوَطْءَ (مُضِرًّا بِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) لِأَحَدِهِمَا (ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّتُهُ) أَرْبَعَة أَشْهُر (وَحُكِمَ لَهُ بِحُكْمِهِ) أَيْ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِوَطْئِهَا ضَرَرًا بِهَا أَشْبَهَ الْمُولِي، وَلِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ إذَا لَمْ يَحْلِف إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ وَثُبُوتِ حُكْمِ الْإِيلَاءِ لِمَنْ حَلَفَ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَاسِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِالْقِيَاسِ (وَكَذَا حُكْمُ مَنْ ظَاهَرَ) مِنْ زَوْجَتِهِ (وَلَمْ يُكَفِّرْ) لِظِهَارِهَا فَتُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ) تَرْكُهُ لِلْجِمَاعِ (لِعُذْرٍ) لِأَحَدِهِمَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ حَبْسٍ (لَمْ تُضْرَبْ لَهُ مُدَّةٌ) لِأَنَّ الْوَطْءَ غَيْرُ وَاجِبٍ حِينَئِذٍ.
وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُك الْوَطْءَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَلَا تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهِ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ وَقَدْ أَكَّدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْهُ بِيَمِينِهِ (أَوْ) حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ (دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَلَا تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهِ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُجَامِعهَا إلَّا جِمَاعَ سُوء يُرِيدُ جِمَاعًا ضَعِيفًا لَا يَزِيدُ عَلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ الضَّعِيفَ كَالْقَوِيِّ فِي الْحُكْمِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ وَطْئًا لَا يَبْلُغُ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ أَوْ أَرَادَ بِهِ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ أَوْ) أَرَادَ بِهِ الْوَطْءَ (دُونَ الْفَرْجِ فَمُولٍ) لِأَنَّهُ حَالِفٌ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ وَمَا لَا يَبْلُغُ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ لَيْسَ وَطْئًا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِكَوْنِهِ مُولِيًا بِهِ (أَوْ قَالَ وَاَللَّه لَا أُجَامِعُك جِمَاعَ سُوءٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) بِحَالٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ صِفَتِهِ الْمَكْرُوهَةِ.

.فَصْلٌ: في أَلْفَاظِ الْإِيلَاءِ:

وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا مُولِيًا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ وَالْبَاطِنِ كَلَفْظِهِ الصَّرِيحِ نَحْوَ لَا أَنِيكُكِ، (أَوْ قَالَ لَا أَدْخَلْتُ) ذَكَرِي فِي فَرْجِكِ، (أَوْ) لَا (غَيَّبْتُ) ذَكَرِي فِي فَرْجِكِ (أَوْ) لَا (أَوْلَجْتُ ذَكَرِي) فِي فَرْجِكِ (أَوْ) أَدْخَلْتُ أَوْ غَيَّبْتُ أَوْ أَوْلَجْتُ (حَشَفَتِي فِي فَرْجِكِ وَ) كَقَوْلِهِ (لِلْبِكْرِ خَاصَّةً) دُونَ الثَّيِّبِ (لَا افْتَضَضْتُكِ) بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ وَافْتِرَاعُهَا بِالْفَاءِ بِمَعْنًى وَهُوَ وَطْؤُهَا وَإِزَالَةُ بَكَارَتِهَا بِالذَّكَرِ مِنْ فَضَضْتُ اللُّؤْلُؤَةَ إذَا ثَقَبْتُهَا (لِمَنْ يَعْرِف مَعْنَاهُ) الْمَذْكُورَ وَمِثْلُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ لَا أَبْتَنِي بِكِ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ مِنْ الْعَزْلِ (فَلَا يُدَيَّنُ) إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ غَيْر الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ.
(وَلَا يُقْبَلُ لَهُ) أَيْ لِلْحَالِفِ (فِيهِ تَأْوِيلٌ) لِمَا سَبَقَ (الثَّانِي صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ) دُونَ الْبَاطِنِ (وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ لَفْظًا لَا وَطِئْتُكِ لَا جَامَعْتُكِ لَا بَاضَعْتُكِ لَا بَعَلْتُكِ لَا بَاشَشْتُكِ لَا غَشَيْتُكِ لَا مَضَيْتُ إلَيْكِ لَا لَمَسْتُكِ لَا افْتَرَشْتُكِ لَا افْتَضَضْتُكِ لِمَنْ لَا يَعْرِفَ مَعْنَاهُ لَا قَرَبْتُكِ لَا أَصَبْتُكِ أَتَيْتُكِ لَا مَسِسْتُكِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى وَفَتْحُهَا لُغَةٌ لَا أَوْطَئْتُكِ (لَا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ فَلَوْ قَالَ أَرَدْتُ غَيْرَ الْوَطْءِ دِينَ) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْوَطْءِ عُرْفًا وَوَرَدَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِبَعْضِهَا كَقَوْلِهِ:
{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} وَأَمَّا الْوَطْءُ وَالْجِمَاعُ فَهُمَا أَشْهَرُ الْأَلْفَاظِ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالْبَاقِي قِيَاسًا عَلَيْهِ.
فَلَوْ قَالَ أَرَدْتُ بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ وَبِالْجِمَاعِ اجْتِمَاعَ الْأَجْسَامِ وَبِالْإِصَابَةِ الْإِصَابَةَ بِالْيَدِ وَبِالْمُبَاضَعَةِ الْتِقَاءَ بِضْعَةٍ مِنْ الْبَدَنِ بِالْبِضْعَةِ مِنْهُ وَبِالْمُبَاشَرَةِ مَسَّ الْمُبَاشِرِ وَبِالْمُبَاعَلَةِ الْمُلَاعَبَةَ وَالِاسْتِمْتَاعَ دُونَ الْفَرْجِ وَبِالْمُقَارَبَةِ قَرَّبَ بَدَنَهُ مِنْهَا، وَبِالْمُمَاسَّةِ مَسَّ بَدَنِهَا، وَبِالْإِتْيَانِ الْمَجِيءَ وَبِالِاغْتِسَالِ الِاغْتِسَالَ مِنْ الْإِنْزَالِ عَنْ مُبَاشَرَةٍ مِنْ قُبْلَةٍ أَوْ جِمَاعٍ دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعُرْفِ وَالظَّاهِرِ وَفِي الْبَاطِنِ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَيْسَ بِمُولٍ الثَّالِثُ مِنْ الْأَلْفَاظِ (مَا لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ) وَهِيَ بَاقِي الْأَلْفَاظِ (مِمَّا يَحْتَمِلُ الْجِمَاعُ) فَيَكُونُ كِنَايَةً (وَهُوَ مَا عَدَا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا جَمَعَ رَأْسِي وَرَأْسَكِ مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (لَا سَاقَفَ رَأْسِي رَأْسِكِ لَا ضَاجَعْتُكِ، لَا دَخَلْتُ عَلَيْكِ، لَا دَخَلْتِ عَلَيَّ لَا قَرَبْتُ فِرَاشَكِ، لَا بِتُّ عِنْدَكِ، لَأَسُوءَنَّكِ، لَأَغِيظَنَّكِ، لَتَطُولَنَّ غِيبَتِي عَنْك لَا مَسَّ جِلْدِي جِلْدَكِ، لَا أَوَيْتُ مَعَكِ، لَا نِمْتُ عِنْدَكِ).
وَحَذَفَ الْعَاطِفَ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّعْدَادُ كَمَنْ يُلْقِي عَلَى الْحَاسِبِ جُمَلًا فَيَقُولُ لَهُ: اُكْتُبْ كَذَا كَذَا لِيَرْفَع لَهُ حِسَابُهَا (فَهَذِهِ) الْأَلْفَاظ (إنْ أَرَادَ بِهَا الْجِمَاعَ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَرِيحٍ فِي الْجِمَاعِ وَلَا ظَاهِرٍ فِيهِ فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ أَوْ الْقَرِينَةِ (وَمِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْجِمَاعِ وَالْمُدَّةِ مَعًا وَهُوَ لَأَسُوءَنَّكِ لَأَغِيظَنَّكِ لَتَطُولَنَّ غِيبَتِي عَنْك فَلَا يَكُونُ مُولِيًا) بِهَا (حَتَّى يَنْوِي تَرْكَ الْجِمَاعِ فِي مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّهَا مُجْمَلَةٌ، فَلَا تَتَعَيَّنُ لِلْإِيلَاءِ إلَّا بِذَلِكَ (وَسَائِرِ) أَيْ بَاقِي (الْأَلْفَاظِ يَكُونُ مُولِيًا) بِهَا (بِنِيَّةِ الْجِمَاعِ فَقَطْ) إلَّا أَنْ يَنْوِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ (وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخَلْتُ) جَمِيعَ أَوْ كُلَّ (ذَكَرِي فِي فَرْجِكِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ وَطْئِهَا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ، وَلَا حَنِثَ (عَكْسُ) وَاَللَّهِ (لَا أَوْلَجْتُ حَشَفَتِي) فِي فَرْجِكِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَيْئَةِ بِدُونِ ذَلِكَ.

.(الشَّرْطُ الثَّانِي):

مِنْ شُرُوطِ الْإِيلَاءِ الْأَرْبَعَةِ (أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) كَالرَّحْمَنِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَلِفَ بِذَلِكَ إيلَاءٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى:
{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَالْغُفْرَانُ إنَّمَا يُدْخِلُ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَسَوَاءٌ كَانَ) الْحَلِفُ (فِي) حَالِ (الرِّضَا أَوْ الْغَضَبِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الْآيَةُ (فَإِنْ حَلَفَ) عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ (بِنَذْرٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ مَالٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ تَحْرِيمٍ مُبَاحٍ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ بِمُولٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ وَلِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ وَلِهَذَا لَا يُؤْتَى فِيهِ بِحَرْفِ الْقَسَمِ وَلَا يُجَاب بِجَوَابِهِ وَلَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَابِ الْقَسَمِ وَإِنَّمَا يُسَمَّى حَلِفًا تَجَوُّزًا لِمُشَارَكَتِهِ الْقَسَمَ فِي الْحَثِّ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعُذْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ حَدٌّ.
(أَوْ) قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ (فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ أَوْ) صَوْمُ (هَذَا الشَّهْرِ) لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرَ الْمَاضِي وَهَذَا الشَّهْرُ يَصِيرُ عِنْدَ وُجُوبِ الْفَيْئَةِ مَاضِيًا فَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَؤُكِ فِيهِ فَكَذَلِكَ فَإِذَا وَطِئَ صَامَ بَقِيَّتَهُ وَفِي قَضَاءِ يَوْمٍ وَطِئَ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(أَوْ اسْتَثْنَى فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ) بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأِ اللَّهُ وَنَحْوُهُ (لَمْ يَكُنْ مُولِيًا) لِلِاسْتِثْنَاءِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ عِشْرِينَ رَكْعَةً كَانَ مُولِيًا) جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالنَّذْرِ كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ سِيَاق كَلَامِ الشَّارِحِ.