فصل: (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ): الحُكمُ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَيِّتٍ أَنَّهُ أَوْصَى:

(إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَيِّتٍ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَلَمْ تُجْزِ الْوَرَثَةُ) عِتْقَهُمَا مَعًا (أَقُرِعَ) بَيْنَهُمَا (فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (عَتَقَ سَوَاءٌ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ) أَوْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا إذْ لَا فَرْق بَيْن مُتَقَدِّم الْوَصِيَّة وَمُتَأَخِّرهَا وَإِنَّمَا أَقُرِعَ بَيْنهمَا وَلَمْ يُعْتَقْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ بِمَالٍ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَقَدْ أَقَرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.
وَتَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي تَكْمِيلَ الْعِتْقِ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ فِي الْحَيَاةِ مَوْجُودٌ بَعْدَ الْمَوْتِ (فَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ وَارِثِهِ فَاسِقَةً) وَلَمْ تُكَذِّبْ الْأَجْنَبِيَّةُ (عِتْقَ سَالِمٍ) بِلَا قُرْعَةٍ لِأَنَّ بَيِّنَةَ غَانِمٍ الْفَاسِقَةَ لَا تُعَارِضُ بَيِّنَتَهُ الْعَادِلَةَ (وَيُعْتَقُ غَانِمٌ بِقُرْعَةٍ) لِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِالْوَصِيَّةِ لِعِتْقِهِ أَيْضًا، فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْقُرْعَةَ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ عَادِلَةً عَتَقَ أَوَّلًا لِعَدَمِ التَّعَارُضِ، وَأَعْتَقْنَا غَانِمًا بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ لَهُ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْوَارِثَةَ الشَّاهِدَةُ بِعِتْقِ غَانِمٍ (عَادِلَةً وَكَذَّبَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ لَغَا تَكْذِيبُهَا) لِلْأَجْنَبِيَّةِ (دُونَ شَهَادَتِهَا وَانْعَكَسَ الْحُكْمُ فَيُعْتَقُ غَانِمٌ) بِلَا قُرْعَةٍ (ثُمَّ وُقِفَ عِتْقُ سَالِمٍ عَلَى الْقُرْعَةِ) كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَتَانِ مِنْ غَيْرِ تَكْذِيبٍ بِخِلَافِ غَانِمٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِلَا قُرْعَةٍ لِشَهَادَتِهَا بِعِتْقِهِ وَإِقْرَارِهَا أَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ سِوَاهُ (وَإِنْ كَانَتْ) الْوَارِثَةُ (فَاسِقَةً مُكَذِّبَةً) لِلْعَادِلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ (أَوْ) كَانَتْ (فَاسِقَةً وَشَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَ الْعَبْدَانِ).
أَمَّا سَالِمٌ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِتْقُ غَانِمٍ بِبَيِّنَةٍ تُعَارِضُ بَيِّنَتَهُ، وَأَمَّا غَانِمٌ فَلِإِقْرَارِهِمَا بِعِتْقِهِ دُونَ الْآخَرِ وَشَهَادَتِهَا بِالرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ سَالِمٍ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارُ بِالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ غَانِمٍ وَحْدَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُكَذِّبَةً لِلْأُخْرَى (وَلَوْ شَهِدَتْ) أَيْ الْوَارِثَةُ (وَلَيْسَتْ فَاسِقَةً وَلَا مُكَذِّبَةً) لِلْأَجْنَبِيَّةِ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا وَعَتَقَ غَانِمٌ وَحْدُهُ) لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَمْ تَجُرَّ إلَى نَفْسِهَا نَفْعًا فَوَجَبَ قَبُولُهَا (كَمَا لَوْ كَانَتْ الشَّاهِدَةُ بِرُجُوعِهِ أَجْنَبِيَّةً وَلَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الشَّاهِدَةُ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ (غَانِمٌ سُدُسَ الْمَالِ عَتَقَا) أَيْ الْعَبْدَانِ (وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهَا) بِالرُّجُوعِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ بِدَفْعِ السُّدُسِ لِلْآخَرِ عَنْهَا فَلَا تُقْبَلْ شَهَادَتُهَا لِذَلِكَ لَا يُقَالُ الشَّهَادَةُ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ تَجُرُّ إلَيْهَا وَلَاءَ غَانِمٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ هُمَا يُسْقِطَانِ وَلَاءَ سَالِمٍ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا هُوَ ثُبُوتُ سَبَبِ الْمِيرَاثِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ فِيهِ كَمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلشَّاهِدِ يَجُوزُ أَنْ يَرِثَ الْمَشْهُودَ لَهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِأَخِيهِ بِالْمَالِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَرِثَهُ.
(وَالْوَارِثَةُ الْعَادِلَةُ فِيمَا تَقُولُهُ خَبَرًا لَا شَهَادَةً) مَنْصُوبَانِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ بِتَقَوُّلِهِ عَلَى حَدِّ قَعَدَ الْقُرْفُصَاءَ وَقَوْلُهُ (كَالْفَاسِقَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا) خَبَرٌ عَنْ الْوِرَاثَةِ أَيْ خَبَرُ الْوَارِثَةِ الْعَادِلَةِ كَشَهَادَةِ الْفَاسِقَةِ لِأَنَّ خَبَرَهَا إقْرَارٌ فَيُعْمَلُ بِهِ كَإِقْرَارِ الْفَاسِقَةِ وَشَهَادَتِهَا (وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا فِي مَرَضِهِ وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْعَبْدَيْنِ (ثُلُثُ الْمَالِ عَتَقَ سَالِمٌ وَحْدَهُ) لِسَبْقِ الْعِتْقِ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً فِي اللَّفْظِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ كَالْعَطِيَّةِ يَلْزَمُ مِنْ حِينِهِ.
(وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا فِي مَرَضِهِ وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِهِ عَتَقَ أَقْدَمُهُمَا تَارِيخًا إنْ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَجْنَبِيَّتَيْنِ أَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا وَارِثَةً وَلَمْ تُكَذِّبْ الْأَجْنَبِيَّةَ) لِأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا تَبَرَّعَ تَبَرُّعَاتٍ يَعْجِزُ ثُلُثُهُ عَنْ جَمِيعِهَا قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ (وَإِنْ سَبَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ) تَارِيخًا (فَكَذَّبَتْهَا الْوَارِثَةُ) عَتَقَا أَمَّا سَالِمٌ فَلِسَبْقِ بَيِّنَتِهِ وَأَمَّا غَانِمٌ فَمُؤَاخَذَةٌ لِلْوَارِثَةِ بِمُقْتَضَى قَوْلِهَا أَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ سِوَاهُ (أَوْ سَبَقَتْ الْوَارِثَة) تَارِيخًا (وَهِيَ فَاسِقَةٌ عَتَقَا) أَمَّا سَالِمٌ فَلِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ بِعِتْقِهِ فَلَا تُعَادِلُهَا الْفَاسِقَةُ وَأَمَّا غَانِمٌ فَلِإِقْرَارِ الْوَارِثَةِ أَنَّهُ هُوَ الْعَتِيقُ دُونَ سَالِمٍ (وَإِنْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا) كَمَا لَوْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّة لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ وَارِثَةً) وَجُهِلَ الْأَسْبَقُ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا لِمَا سَبَقَ، (وَإِنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ الْوَارِثَةُ مَا أَعْتَقَ سَالِمًا وَإِنَّمَا أَعْتَقَ غَانِمًا عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ) بِلَا قُرْعَةٍ لِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِعِتْقِهِ.
(وَحُكْمُ سَالِمٍ كَحُكْمِهِ لَوْ لَمْ تَطْعَنْ الْوَارِثَةُ فِي بَيِّنَتِهِ فِي أَنَّهُ يُعْتَقُ) بِلَا قُرْعَةٍ (إنْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ عِتْقِهِ) لِسَبْقِهِ (أَوْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ) فِيمَا إذَا جُهِلَ الْحَالُ لِإِلْغَاءِ طَعْنِهَا فِي بَيِّنَتِهِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ تَارِيخُ عِتْقِهِ بَلْ تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ لَهُ الْقُرْعَةُ إنْ جُهِلَ (فَلَا) يَعْتِقُ سَالِمٌ كَمَا لَوْ لَمْ تَطْعَنْ فِي بَيِّنَتِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْبَيِّنَةُ (الْوَارِثَةُ فَاسِقَةً) وَشَهِدَتْ بِعِتْقِ غَانِمٍ (وَلَمْ تَطْعَنْ فِي بَيِّنَةِ سَالِمٍ كُلِّهِ) بِلَا قُرْعَةٍ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ شَهِدَتْ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يُوجَد مَا يُعَارِضُهَا (وَيُنْظَرُ فِي غَانِمٍ فَإِنْ كَانَ تَارِيخُ عِتْقِهِ سَابِقًا، أَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ عَتَقَ كُلُّهُ) لِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ.
(وَإِنْ كَانَ) عِتْقُ غَانِمٍ (مُتَأَخِّرًا، أَوْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِسَالِمٍ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَانِمٍ (شَيْءٌ) لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ لَوْ كَانَتْ عَادِلَةً لَا يُعْتَقْ مِنْهُ إذَا مَنَعَ فِسْقَهَا أَوْلَى (وَإِنْ كَانَتْ كَذَّبَتْ بَيِّنَةُ غَانِمٍ بَيِّنَةَ سَالِمٍ عَتَقَ الْعَبْدَانِ) لِأَنَّ سَالِمًا مَشْهُودٌ بِعِتْقِهِ وَغَانِمًا مُقِرٌّ لَهُ بِأَنْ لَا يَسْتَحِقَّ الْعِتْقَ سِوَاهُ (وَتَدْبِيرٌ مَعَ تَنْجِيزٍ) فِي مَرَضِ مَوْتٍ (كَآخِرِ تَنْجِيزَيْنِ مَعَ أَسْبَقِهِمَا فِي كُلِّ مَا قَدَّمْنَا) لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ يَعْتِقُ بِالْمَوْتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْمُنَجَّزِ فِي الْحَيَاةِ أَشْبَهَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مَعَ الْمُنَجَّزِ عِتْقُهُ.

.(فَصْلٌ): الْحُكمُ إذا مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ:

(وَإِنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ) أَيْ الْأَبَ (مَاتَ عَلَى دِينِهِ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ) مِنْ إسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِيهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ (فَالْمِيرَاثُ لَلْكَافِرِ إنْ اعْتَرَفَ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ قَامَتْ بِهِ) أَيْ أَنَّهُ أَخُوهُ (بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقِرُّ وَلَدَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْكُفْرِ فَصَارَ مُعْتَرِفًا بِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ كَافِرًا مُدَّعِيًا إسْلَامَهُ، وَأَخُوهُ يُنْكِرُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ الْمُسْلِمُ بِأُخُوَّةِ الْكَافِرِ وَلَمْ تَقُمْ بِهَا بَيِّنَةٌ (فَالْمِيرَاثُ) (بَيْنَهُمَا) لِتَسَاوِيهِمَا فِي الدَّعْوَى مَعَ عَدَمِ الْمُرَجَّحِ أَشْبَهَ مَا لَوْ تَنَازَعَا عَيْنًا فِي يَدَيْهِمَا.
(وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ وَلَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَيَتَنَاصَفَانِ التَّرِكَةَ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ (وَإِنْ قَالَ شَاهِدَانِ نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا وَ) قَالَ (شَاهِدَانِ) آخَرَانِ (نَعْرِفُهُ كَافِرًا وَلَمْ يُؤَرِّخَا مَعْرِفَتَهُمْ وَلَا عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ) لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَطْرَأُ عَلَى الْكُفْرِ كَثِيرًا، وَالْكُفْرُ إذَا طَرَأَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ (وَتُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ إذَا عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ فَهُوَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ (كَمَا تَقَدَّمَ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَهُ عَلَى أَصْل دِينِهِ بَنَتْ شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي تَعْرِفُهُ، وَالْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى مَعَهَا عِلْمٌ لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُولَى فَقُدِّمَتْ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانَ إلَى مَوْتِهِ، وَآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ فِي حَيَاتِهِ (وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ تَعَارَضَتَا، وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ) لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ أَرَّخَتَا وَقْتًا وَاحِدًا هُوَ سَاعَةُ مَوْتهِ فَتَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ.
(وَإِنْ خَلَّفَ) مَيِّتٌ (أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي دِينِهِ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مَعَ ثُبُوتِ دَعْوَاهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَعْوَاهُمْ وَدَعْوَى الِابْنَيْنِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى قَالَ الْقَاضِي: يُدْفَنُ مَعَنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَحْدَهُ (وَكَذَا لَوْ خَلَّفَ ابْنًا كَافِرًا وَامْرَأَةً وَأَخًا مُسْلِمَيْنِ) فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَمَتَى نَصَّفْنَا الْمَالَ فَنِصْفُهُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ) لِلْأَبِ ثُلُثَاهُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلِابْنَيْنِ (وَ) كَذَلِكَ إذَا نَصَّفْنَا فِي الثَّانِيَةِ وَ(نِصْفُهُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَخُ عَلَى أَرْبَعَةٍ) لِلزَّوْجَةِ رُبْعُهُ وَبَاقِيهِ لِلْأَخِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلِابْنِ الْمُنَازَعِ.
(وَلَوْ مَاتَ مُسْلِمًا وَخَلَّفَ زَوْجَةً وَوَرَثَةً سِوَاهَا، وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ كَافِرَةً ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ) لِتَرِثَ مِنْهُ (وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَقَوْلُهُمْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا عَلَى الْكُفْرِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ بِيَمِينِهِمْ (وَإِنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهَا كَانَتْ كَافِرَةً وَلَمْ يَثْبُتْ) كَوْنُهَا كَانَتْ كَافِرَةً (وَأَنْكَرَتْهُمْ) فَقَوْلُهَا (أَوْ ادَّعَوْا) أَيْ الْوَرَثَةُ (أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ) طَلَاقًا يُسْقِطُ الْإِرْثَ (فَأَنْكَرَتْهُمْ فَقَوْلُهَا) لِأَنَّهُمْ اعْتَرَفُوا بِالزَّوْجِيَّةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِرْثِ وَادَّعَوْا مَا يُسْقِطُهُ وَالْأَصْل عَدَمُهُ (وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بِالطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا) أَيْ أَعَادَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ (وَأَنْكَرُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (فَقَوْلُهُمْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ (وَإِنْ) اتَّفَقُوا عَلَى الطَّلَاقِ (وَ اخْتَلَفُوا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَقَوْلُهَا فِي أَنَّهَا) أَيْ الْعِدَّةَ (لَمْ تَنْقَضِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَقَالَ أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِ أَبِي) أَوْ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ (وَقَالَ أَخُوهُ بَلْ بَعْدَهُ) أَيْ أَسْلَمْتَ بَعْدَ ذَلِكَ (فَلَا مِيرَاثَ لَهُ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْكُفْرِ أَوَّلًا مُدَّعٍ لِلْإِسْلَامِ فِيمَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ فِيمَا قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَة، وَالْأَصْل بَقَاؤُهُ عَلَى كُفْرِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ أَوْ يُصَدِّقَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ (فَإِنْ قَالَ أَسْلَمْتُ فِي الْمُحَرَّمِ وَمَاتَ أَبِي فِي صَفَرٍ فَقَالَ أَخُوهُ) الْمُسْلِمُ (بَلْ) مَاتَ أَبُوكَ (فِي ذِي الْحَجَّةِ فَلَهُ الْمِيرَاثُ مَعَ أَخِيهِ) لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْمُحَرَّمِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْمَوْتَ هَلْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَالْأَصْلُ حَيَاةُ الْأَبِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا.
(وَلَوْ خَلَّفَ حُرٌّ ابْنًا وَابْنًا كَانَ عَبْدًا، فَادَّعَى أَنَّهُ عَتَقَ وَأَبُوهُ حَيٌّ) وَأَنْكَرَهُ أَخُوهُ (وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ أَخُوهُ فِي عَدَمِ ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ (وَإِنْ ثَبَتَ عِتْقُهُ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ الْحُرُّ مَاتَ أَبِي فِي شَعْبَانَ وَقَالَ الْعَتِيقُ بَلْ) مَاتَ (فِي شَوَّالٍ صُدِّقَ الْعَتِيقُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الْأَبِ إلَى شَوَّالٍ (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّ مَعَ التَّعَارُضِ) أَيْ لَوْ أَقَامَ الْحُرُّ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي شَعْبَانَ وَالْعَتِيق بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ فِي شَوَّالٍ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْحُرِّ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ.
(وَلَوْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ (عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِ) زَيْدٍ مَثَلًا (فَشَهِدَا) أَيْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا (عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِهِ) أَيْ أَنَّهُمَا الْقَاتِلَانِ (وَصَدَّقَ الْوَلِيُّ الْكُلَّ) أَيْ الْأَرْبَعَةَ (أَوْ) صَدَّقَ (الْآخَرَيْنِ أَوْ كَذَّبَ) الْوَلِيُّ (الْكُلَّ أَوْ) كَذَّبَ (الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَلَا قَتْلَ وَلَا دِيَةَ) لِأَنَّ شَهَادَةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ بِالدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا بِذَلِكَ وَتَصْدِيقُ الْوَلِيِّ لَهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَكَذَا لَوْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ بِأَنْ قَالَ قَتَلُوهُ كُلُّهُمْ لِأَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا الْقَتْلَ بِالشَّهَادَةِ فَلَا تُقْبَلُ، كَذَا لَوْ أَكْذَبَ الْجَمِيعَ لِأَنَّهُ يَعْتَرِفُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُمْ (وَإِنْ صَدَّقَ) الْوَلِيُّ الشَّاهِدَيْنِ (الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْآخَرَيْنِ (حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا) لِعَدَمِ مَا يَدْفَعُهَا (وَقُتِلَ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ) بِالْقَتْلِ وَهُمَا الْأَخِيرَانِ لِثُبُوتِ الْقَتْلِ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَ عَمْدًا مَحْضًا.

.(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ):

(وَاحِدُهَا شَهَادَةٌ) مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُخْبِرُ عَمَّا شَاهَدَهُ يُقَالُ شَهِدَ الشَّيْءُ إذَا دَامَ قِيلَ لِمَحْضَرِ النَّاسِ مَشْهَدَ لِمُشَاهَدَتِهِمْ فِيهِ مَا يَحْضُرُهُمْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} أَيْ عَلِمَهُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ أَوْ إخْبَارِ مَنْ رَآهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} الْآيَةُ وَقَوْلُهُ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَنَحْوُهُ مِمَّا سَبَقَ مُفَصَّلًا وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ لِحُصُولِ التَّجَاحُدِ قَالَ شُرَيْحٌ الْقَضَاءُ جَمْرٌ فَنَحِّهِ عَنْكَ بِعُودَيْنِ يَعْنِي الشَّاهِدَيْنِ وَإِنَّمَا الْخَصْمُ دَاءٌ وَالشُّهُود شِفَاءٌ فَأَفْرِغْ الشِّفَاءَ عَلَى الدَّاءِ (تُطْلَقُ) الشَّهَادَةُ (عَلَى التَّحَمُّلِ وَ) عَلَى (الْأَدَاءِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ}.
وَقَالَ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} الْآيَةَ وَإِنَّمَا خُصَّ الْقَلْبُ بِالْإِثْمِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْعِلْمِ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الشَّهَادَةُ (حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ) أَيْ تُبَيِّنُ (الْحَقَّ) الْمُدَّعَى بِهِ (وَلَا تُوجِبُهُ) بَلْ الْقَاضِي يُوجِبُهُ بِهَا (وَهِيَ) أَيْ الشَّهَادَةُ وَلَوْ عَطَفَهُ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَنْسَبَ (الْإِخْبَارُ بِمَا عَلِمَهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ) وَهُوَ أَشْهَدُ أَوْ شَهِدْتُ بِكَذَا.
(وَتَحَمُّلُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّه) تَعَالَى (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادُ بِهِ التَّحَمُّلُ لِلشَّهَادَةِ وَإِثْبَاتُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْ يَكْفِي تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كُلُّهَا أَمْوَالًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَإِذَا تَحَمَّلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ الْوَاجِبَةَ (وَجَبَتْ كِفَايَتُهَا وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ رَدِيءِ الْحِفْظِ) لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ امْتَنَعَتْ كِتَابَتُهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيِّ (وَأَدَاؤُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ (فَرْضُ عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} وَإِنْ قَامَ بِالْفَرْضِ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ اثْنَانِ سَقَطَ الْوُجُوبُ (عَنْ الْجَمِيعِ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ لَكِنَّ الْأَدَاءَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا خِلَافًا لِلْمُوَفَّقِ وَمُتَابِعِيهِ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْكُلُّ) أَيْ مِنْ التَّحَمُّلِ أَوْ الْأَدَاءِ (أَثِمُوا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}.
(وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ التَّحَمُّلِ وَ) وُجُوبِ (الْأَدَاءِ أَنْ يُدْعَى إلَيْهِمَا مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا}.
(وَ) أَنْ (يَقْدِرَ) الشَّاهِدُ (عَلَيْهِمَا بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ عِرْضِهِ وَلَا تَبَذُّلَ فِي التَّزْكِيَةِ) أَيْ وَبِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ بِتَبَذُّلِ نَفْسِهِ إذَا طَلَبَتْ مِنْهُ تَزْكِيَتَهَا فَإِنْ حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ لِقَوْلِهِ {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}.
(وَيَخْتَصُّ الْأَدَاءُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ) لِأَنَّ السَّمَاعَ بِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ غَيْرَ عَدْلٍ فَنَقَلَ أَبُو الْحَكَمِ عَنْ أَحْمَدَ كَيْف أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ لَيْسَ عَدْلًا لَا يَشْهَدُ (وَمَنْ تَحَمَّلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ بِحَقِّ آدَمِيٍّ (أَوْ رَأَى فِعْلًا أَوْ سَمِعَ قَوْلًا بِحَقِّ) آدَمِيٍّ (لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا عَلَى الْقَرِيبِ) عُرْفًا (وَ) عَلَى (الْبَعِيدِ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) دُونَ مَا فَوْقَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ (وَالنَّسَبِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ) أَيْ ذُو الْقَرَابَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ مُسْتَوِيَانِ فِي وُجُوبِ الشَّهَادَةِ لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَمَانَةٌ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهَا كَالْوَدِيعَةِ (وَلَوْ أَدَّى شَاهِدٌ وَأَبَى الْآخَرُ وَقَالَ) لِرَبِّ الْحَقِّ (احْلِفْ أَنْتَ بَدَلِي أَثِمَ) اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ دُعِيَ فَاسِقٌ إلَى تَحَمُّلِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (فَلَهُ الْحُضُورُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَالَةُ) بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى صَارَ عَدْلًا قُبِلَتْ (وَمَنْ شَهِدَ) بِحَقٍّ وَلَوْ (مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ لَمْ يُعْذَرْ لِأَنَّهُ) أَيْ فِسْقَهُ (لَا يَمْنَعُ صِدْقَهُ) قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَدَاءُ الْفَاسِقِ) وَإِلَّا لِعُذْرٍ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَشْهَرَ لَا (يَضْمَنُ مَنْ بَانَ فِسْقُهُ) وَيُتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ مَنْ ضَمِنَهُ وَيَكُونُ عِلَّةً لِتَضْمِينِهِ.
(وَيَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ وَجُعْل عَلَيْهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (تَحَمُّلًا وَأَدَاءً وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ) لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ وَقَعَ مِنْهُ فَرْضًا وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَيْهِ كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ (لَكِنْ إنْ عَجَزَ) الشَّاهِدُ (عَنْ الْمَشْيِ أَوْ تَأَذَّى بِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ مَرْكُوبٍ مِنْ رَبِّ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي الرِّعَايَةِ فَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى رَبّهَا قُلْتُ هَذَا إنْ تَعَذَّرَ حُضُورُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَى مَحَلِّ الشَّاهِدِ لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ خَفْرٍ انْتَهَى (وَفِي الرِّعَايَةِ وَكَذَا) أَيْ كَالشَّاهِدِ فِي أَخْذِ أُجْرَةٍ وَجُعْلٍ (مُزَكٍّ وَمَعْرُوفٍ وَمُتَرْجِمٍ وَمُفْتٍ وَمُقِيمِ حَدٍّ وَ) مُقِيمِ قَوَدٍ (وَحَافِظِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَمُحْتَسِبٍ وَالْخَلِيفَةِ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُفْتِي مَعَ الْقَضَاءِ.
(وَلَا يُقِيمُهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ (عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ) قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ يَحْرُمُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ عِنْدَ مَنْ يَرَى قَتْلَهُ وَأَمَّا لِوُجُوبِ الدِّيَةِ فَيَجِبُ لِأَنَّهُ حَقٌّ آدَمِيٌّ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَيُبَاحُ لِمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ بِحَدٍّ لِلَّهِ) تَعَالَى (إقَامَتُهَا) وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ تَرْكُهَا أَوْلَى وَجَزَمَ فِي آخِرِ الرِّعَايَةِ بِوُجُوبِ الْإِغْضَاءِ عَنْ سَتْرِ الْمَعْصِيَةِ وَتَصِحُّ إقَامَةُ الشَّهَادَةِ بِحَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى (مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى) بِهِ وَتَقَدَّمَ (وَلَا تُسْتَحَبُّ) الشَّهَادَةُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِحَدِيثِ «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» (وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ) كَالشَّهَادَةِ بِالْقِصَاصِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلشَّاهِدِ مَا يَمْنَعُهُ الشَّهَادَةَ حِينَهَا ثُمَّ يَتَمَكَّنُ بَعْدُ (وَ) يَجُوزُ (لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْرِضَ لِلشُّهُودِ بِالْوَقْفِ عَنْهَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَتَعْرِيضِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ (لِلْمُقِرِّ بِهِ) أَيْ بِحَدِّ اللَّهِ تَعَالَى (لِيَرْجِعَ) عَنْ إقْرَارِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّارِقِ «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ مَرَّتَيْنِ» وَأَعْرَضَ عَنْ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا حَتَّى أَقَرَّ أَرْبَعًا.
وَقَالَ عُمَرُ لِزِيَادٍ بَعْدَ أَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ الثَّلَاثَةُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَا وَجَاءَ زِيَادٌ لِيَشْهَدَهَا عِنْدَكَ يَا سَلْحَ الْعِقَابِ فَصَاحَ بِهِ فَقَالَ رَأَيْتُ أَمْرًا قَبِيحًا فَلَمَّا لَمْ يُصَرِّحْ بِالزِّنَا فَرِحَ عُمَرُ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَة وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
(وَمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ) بِحَقٍّ (لِآدَمِيٍّ يَعْلَمُهَا لَمْ يُقِمْهَا) أَيْ الشَّاهِدُ (حَتَّى يَسْأَلَهُ) رَبُّ الْحَقِّ إقَامَتَهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلَا يُوفُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَشْهُودُ لَهُ الْحَالَ (وَلَا يَقْدَحُ) أَدَاؤُهَا قَبْلَ اسْتِشْهَادِهِ (فِيهِ) أَيْ فِي شَهَادَتِهِ لِلْحَاجَةِ (كَشَهَادَةِ حِسْبَةٍ) فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيُقِيمُهَا) أَيْ الشَّاهِدُ (بِطَلَبِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ لَهُ (وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَاكِمٌ) لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَإِذَا طَلَبَهُ وَجَبَ (وَنَحْوُهُ) كَالْمُحَكَّمِ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ (إعْلَامُهُ فَإِنْ سَأَلَهُ أَقَامَهَا وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَاكِمٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَحْرُمُ كَتْمُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ بِحَقِّ آدَمِيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}.
(وَيُسَنُّ الْإِشْهَادُ فِي كُلِّ عَقْدٍ سِوَى نِكَاحٍ) كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ} وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلِيُؤَدِّ الَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} وَقِيسَ عَلَى الْبَيْعِ بَاقِي الْعُقُودِ غَيْرَ النِّكَاحِ (فَيَجِبُ) أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ} وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشَّهَادَة قَالَ: هَلْ تَرَى الشَّمْسَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلَى مِثْلهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ بِأَنْ يَزْدَادَ الْمَشْهُودُ بِهِ ابْتِدَاءً (بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ) فَيَشْهَدُ مَنْ رَأَى زَيْدًا يُقْرِضُ عَمْرًا وَنَحْوَهُ أَوْ سَمِعَهُ يَبِيعُهُ أَوْ يُقِرُّ لَهُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ أَقَالَهُ الْبَيْعَ أَوْ وَفَّاهُ الْقَرْضَ أَوْ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَالْمُعْتَبَرُ الْعِلْمُ فِي أَصْلِ الْمُدْرَكِ لِمَا فِي دَوَامِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَرَافِيُّ وَإِلَّا لَتَعَطَّلَتْ (غَالِبًا لِجَوَازِهِ بِبَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ قَلِيلًا) كَدَعْوَى مُشْتَرِي مَأْكُولٍ عَيْبَهُ لِمَرَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِمَا أَدْرَكَتْهُ بِالذَّوْقِ أَوْ الشَّمِّ أَوْ الْحِسِّ أَوْ اللَّمْسِ.
(فَالرُّؤْيَةُ تَخْتَصُّ بِالْأَفْعَالِ كَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ الْعُيُوبِ الْمَرْئِيَّةِ (فَإِنْ جَهِلَ) الشَّاهِدُ (حَاضِرًا) أَيْ جَهِلَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ (جَازَ أَنْ يَشْهَدَ) عَلَيْهِ (فِي حَضْرَتِهِ) فَقَطْ (لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (غَائِبًا) وَجَهِلَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لَمْ يَشْهَدْ حَتَّى يَعْرِفَهُ (فَ) إنْ (عَرَّفَهُ) بِهِ (مَنْ يَسْكُنُ إلَيْهِ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ) وَلَوْ كَانَ الَّذِي عَرَفَهُ وَاحِدًا.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ مَعْرِفَتُهَا لَمْ يَشْهَدْ مَعَ غَيْبَتِهَا) لِلْجَهَالَةِ بِهَا وَبِمَا يَعْرِفُهَا بِهِ الْحَاكِمُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدُ عَلَى عَيْنِهَا إذَا عَرَفَ عَيْنَهَا وَنَظَرَ إلَى وَجْهِهَا قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: لَا يَشْهَدُ عَلَى امْرَأَةٍ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ مَعْرِفَتَهَا فَأَمَّا مَنْ تَيَقَّنَ مَعْرِفَتَهَا وَعَرَفَ صَوْتَهَا يَقِينًا فَيَجُوزُ) لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ بِهَا (وَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ أَيْضًا: لَا يُشْهَدُ عَلَى امْرَأَةٍ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ لِعِصْمَتِهَا وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ لِلْخَبَرِ وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّظَرَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَهُوَ سَهْوٌ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَهَذَا) أَيْ نَصُّ أَحْمَدَ (يَحْتَمِلُ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ (أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا بَيْتَهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) لِأَنَّ الْبَيْتَ حَقُّهُ فَلَا يَدْخُلُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ.
(وَلَا تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ (إلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ حَاضِرٍ مَعَ نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ) لِلْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَلَمْ يَنْسُبْهُ وَلَمْ يَصِفْهُ اُعْتُبِرَتْ إشَارَتُهُ إلَيْهِ.
(وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ لَمْ يُعْتَبَرْ) لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ (ذِكْرُ سَبَبِهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ وَلَا سَبَبِ الْحَقِّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ (كَ) مَا لَوْ شَهِدَ بِ (اسْتِحْقَاقِ مَالٍ) فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كَمَا لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ (وَلَا) يُعْتَبَرُ أَيْضًا (قَوْلُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ أَنَّهُ أَقَرَّ (طَوْعًا فِي صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا) رَشِيدًا (عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الْحَالِ لِأَنَّ مَنْ سِوَى ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ بِتِلْكَ الْحَالِ.
(وَإِنْ شَهِدَ) الشَّاهِدُ (بِسَبَبٍ يُوجِبُ الْحَقَّ) كَتَفْرِيطٍ فِي أَمَانَةٍ أَوْ تَعَدٍّ فِيهَا (أَوْ) شَهِدَ بِ (اسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا يُوجِبُهُ السَّبَبُ بِأَنْ قَالَ إنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّ فِي ذِمَّةِ هَذَا كَذَا (ذِكْرُهُ) أَيْ اُشْتُرِطَ ذِكْرُ الْمُوجِبِ لِلِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْتَقِدُهُ الْحَاكِمُ مُوجِبًا.
(وَالسَّمَاعُ ضَرْبَانِ) الْأَوَّلُ (سَمَاعٌ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْعُقُودِ) مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالصُّلْحِ وَنَحْوِهَا (وَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِنْفَاذِهِ وَالْإِقْرَارِ) بِنَسَبٍ أَوْ مَالٍ أَوْ قَوَدٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَنَحْوِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ كَالْخُلْعِ (فَيَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّاهِدُ (أَنْ يَشْهَدَ بِهِ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ) مِنْهُ سَوَاءٌ وَقَّتَ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ أَوْ لَا (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ عِنْدَهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ كَأَنْ يَكُونَ لِإِنْسَانٍ عَلَى آخَرَ حَقٌّ وَهُوَ يُنْكِرُهُ بِحُضُورِ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَيَسْمَعُ إقْرَارَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمُقِرُّ، فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ، كَمَا لَوْ رَآهُ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ الْفَاعِلُ أَنَّ أَحَدًا يَرَاهُ (أَوْ مَعَ الْعِلْمِ) مِنْ الْمَسْمُوعِ مِنْهُ ذَلِكَ (بِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ.
(وَإِذَا قَالَ الْمُتَحَاسِبَانِ: لَا يَشْهَدُوا عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي بَيْنَنَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الشَّهَادَةَ) عَلَيْهِمَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا (وَ) لَمْ يَمْنَعْ (لُزُومُ إقَامَتِهَا) لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ عَلِمَ مَا يَشْهَدُ بِهِ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْأَدِلَّةِ (وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (سَمَاعٌ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِهِ وَبِهَا) أَيْ بِدُونِ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَهِرَ الْمَشْهُودُ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَيَتَسَامَعُونَ بِهِ بِأَخْبَارِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ (كَالنَّسَبِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنَعَ مِنْهُ وَلَوْ مُنِعَ ذَلِكَ لَاسْتَحَالَتْ مَعْرِفَتُهُ بِهِ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ قَطْعًا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا تُمْكِنُ الْمُشَاهَدَةُ فِيهِ وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ الْمُشَاهَدَةُ لَمَا عَرَفَ أَحَدٌ أَبَاهُ وَلَا أُمَّهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ.
(وَالْمَوْتُ وَالْمِلْكُ الْمُطْلَقُ) لِأَنَّ الْمَوْتَ قَدْ لَا يُبَاشِرُهُ إلَّا الْوَاحِدُ وَإِلَّا مِمَّنْ يَحْضُرُهُ وَيَتَوَلَّى غُسْلَهُ وَتَلْقِينَهُ وَالْمِلْكُ قَدْ يَتَقَادَمُ الْمُسَبِّبَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ فَلَوْ تَوَقَّفَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى الْعُسْرِ وَخَاصَّةً مَعَ طُولِ الزَّمَانِ (وَالنِّكَاحُ عَقْدًا وَدَوَامًا وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَشَرْطُ الْوَقْفِ) بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّ هَذَا وَقْفُ زَيْدٍ إلَّا زَيْدًا أَوْقَفَهُ (وَمَصْرِفُهُ) أَيْ الْوَقْفِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ خُصُوصًا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ.
(وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ وَالْوِلَايَةُ وَالْعَزْلُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَشْهَدُ بِالِاسْتِفَاضَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَتَعَذَّرُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا فِي الْغَالِبِ بِمُشَاهَدَتِهَا وَمُشَاهَدَةِ أَسْبَابِهَا فَجَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّسَبِ (وَلَا) يَجُوزُ أَنْ (يَشْهَدَ بِهَا) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ (إلَّا) إذَا عَلِمَ مَا شَهِدَ بِهِ (عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ) قَالَ الْخِرَقِيُّ مَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَاسْتَقَرَّتْ مَعْرِفَتُهُ فِي قَلْبِهِ شَهِدَ بِهِ (وَلَا يُشْتَرَط) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ (مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) مِنْ عَدَالَةِ الْأَصْلِ وَتَعَذُّرِ حُضُورِهِمْ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي (وَيَكْتَفِي بِالسَّمَاعِ) بِغَيْرِ اسْتِرْعَاءٍ (وَيَلْزَمُ) الْقَاضِيَ (الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لَمْ يَعْلَمْ تَلَقِّيَهَا مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْفُرُوعِ وَالتَّنْقِيحِ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمَتَى لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ أَنَّهَا تُلُقِّيَتْ مِنْ طَرِيقِ الْخَبَرِ لَزِمَهُ قَبُولُهَا وَالْحُكْمُ بِهَا قَوْلًا وَاحِدًا.
(وَمَنْ قَالَ شَهِدْتُ بِهَا) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ (فَفَرَّعَ هَكَذَا فِي الْفُرُوعِ وَالتَّنْقِيحِ وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ إنْ شَهِدَ أَنَّ جَمَاعَةَ بُيُوتِهِمْ أَخْبَرُوهُ بِمَوْتِ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَهِيَ شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكَذَا أَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ يَقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَيَحْكُمُ فِيهِ بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ وَأَجَابَ أَبُو الْوَفَاءِ إنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَوْ اسْتَفَاضَ بَيْنَ النَّاسِ قُبِلَتْ فِي الْوَفَاةِ) وَالنَّسَبِ جَمِيعًا (وَفِي الْمُغْنِي شَهَادَةُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ شَهَادَةُ اسْتِفَاضَةٍ لَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَقَالَ الْقَاضِي الشَّهَادَةُ بِالِاسْتِفَاضَةِ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ وَقَالَ تَحْصُلُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ) وَقَالَ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالتَّوَاتُرِ.
(وَإِنْ سَمِعَ النِّسَاءُ فَأَقَرَّ بِنَسَبِ أَبٍ أَوْ ابْنٍ) أَوْ نَحْوِهِ (فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهِ) أَيْ بِالنَّسَبِ لِتَوَافُقِ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ النَّسَبِ (لَمْ) يَجُزْ لَهُ (أَنْ يَشْهَدَ) لَهُ بِهِ لِتَكْذِيبِهِ (إيَّاهُ وَإِنْ سَكَتَ) الْمُقَرُّ لَهُ فَلَمْ يُصَدِّقْ وَلَمْ يُكَذِّبْ (جَازَ) لِلسَّامِعِ (أَنْ يَشْهَدَ) لَهُ بِهِ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي النَّسَبِ إقْرَارٌ بِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَسَكَتَ لَحِقَهُ نَسَبُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي الِانْتِسَابِ الْبَاطِلِ غَيْرُ جَائِزٍ بِخِلَافِ الدَّعَاوَى وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَغْلِبُ فِيهِ الْإِثْبَاتُ وَلِذَلِكَ يُلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ فِي النِّكَاحِ (وَمَنْ رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إنْسَانٍ مُدَّةً طَوِيلَةً يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ عَنْ نَقْضٍ وَبِنَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ وَنَحْوِهَا جَازَ) لِلرَّائِي (أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْمِلْكِ فَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ.
(وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يَشْهَدَ إلَّا بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ (خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ) وَإِنْ لَمْ يَرَهُ يَتَصَرَّفُ كَمَا ذَكَرَ مُدَّةً طَوِيلَةً شَهِدَ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فَقَطْ.