فصل: فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ:

(غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ وَحَمْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» رَوَاه الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَضَعَّفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ طُرُقَهُ كُلَّهَا وَقَالَ تَعَالَى {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} وَلِأَنَّ فِي تَرْكِهِ أَذًى وَهَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَحَمْلُهُ وَسِيلَةٌ لِدَفْنِهِ.
وَصَرَّحَ فِي الْمَذْهَبِ بِاسْتِحْبَابِهِ وَأَمَّا اتِّبَاعُهُ فَسُنَّةٌ، وَيَأْتِي لِخَبَرِ الْبَرَاءِ (وَيُكْرَهُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) يَعْنِي الْغُسْلَ وَالتَّكْفِينَ وَالْحَمْلَ وَالدَّفْنَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: كَرِهَ أَحْمَدُ لِلْغَاسِلِ وَالْحَفَّارِ أَخْذَ أُجْرَةٍ عَلَى عَمَلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا فَيُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أُعْطِيَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ.
(وَيَأْتِي) فِي الْإِجَارَةِ أَنَّ مَا يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ بَلْ وَلَا الرِّزْقُ وَلَا الْجَعَالَةُ عَلَى مَا لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ (فَلَوْ دُفِنَ قَبْلَ الْغُسْلِ مَنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ لَزِمَ نَبْشُهُ) وَأَنْ يُخْرَجَ وَيُغَسَّلَ، تَدَارُكًا لِوَاجِبِ غُسْلِهِ (مَا لَمْ يُخَفْ تَفَسُّخُهُ أَوْ تَغَيُّرُهُ) فَإِنْ خِيفَ ذَلِكَ تُرِكَ بِحَالِهِ وَسَقَطَ غُسْلُهُ، كَالْحَيِّ يَتَضَرَّرُ بِهِ قُلْتُ: وَهَلْ يُيَمَّمُ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ قَبْلَ دَفْنِهِ أَوْ لَا يُنْبَشُ بِالْكُلِّيَّةِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَمْكَنَ (مَنْ دُفِنَ غَيْرَ مُتَوَجِّهٍ إلَى الْقِبْلَةِ) فَيُنْبَشُ وَيُوَجَّهُ إلَيْهَا، تَدَارُكًا لِذَلِكَ الْوَاجِبِ (أَوْ دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) فَيُنْبَشُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، لِيُوجَدَ شَرْطُ الصَّلَاةِ وَهُوَ عَدَمُ الْحَائِلِ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْقَاضِي: لَا يُنْبَشُ، وَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِإِمْكَانِهَا عَلَيْهِ (أَوْ دُفِنَ قَبْلَ تَكْفِينِهِ) فَيُخْرَجُ وَيُكَفَّنُ نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ دُفِنَ بِغَيْرِ غُسْلٍ، تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ وَهُوَ التَّكْفِينُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عُرْيَانًا لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدِ الْحَضْرَمِيِّ «أَنَّ رِجَالًا قَبَرُوا صَاحِبًا لَهُمْ لَمْ يُغَسِّلُوهُ وَلَمْ يَجِدُوا لَهُ كَفَنًا، ثُمَّ لَقَوْا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَأَخْبَرُوهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنْ قَبْرِهِ، ثُمَّ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ» (وَلَوْ كُفِّنَ بِحَرِيرٍ فَ) هَلْ يُنْبَشُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: قَالَ فِي الْإِنْصَافِ (الْأَوْلَى عَدَمُ نَبْشِهِ) احْتِرَامًا لَهُ (وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَتَحْسِينِ كَفَنِهِ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيُّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ بَعْد مَا دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ» رَوَاه الشَّيْخَانِ.
(وَ) كـ (دَفْنِهِ فِي بُقْعَةٍ خَيْرٍ مِنْ بُقْعَتِهِ) الَّتِي دُفِنَ فِيهَا فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِذَلِكَ.
(وَ) لِ (مُجَاوَرَةِ صَالِحٍ) لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ (إلَّا الشَّهِيدَ) إذَا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ فَلَا يُنْقَلُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ (حَتَّى لَوْ نُقِلَ) مِنْهُ (رُدَّ إلَيْهِ) نَدْبًا (لِأَنَّ دَفْنَهُ فِي مَصْرَعِهِ) أَيْ الْمَكَانِ الَّذِي قُتِلَ بِهِ (سُنَّةٌ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تُدْفَنُ الْأَجْسَادُ حَيْثُ تُقْبَضُ الْأَرْوَاحُ» فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الشُّهَدَاءِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي غَيْرِهِمْ دَفْنُهُمْ فِي الصَّحْرَاءِ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَغَيْرِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ مُوَضَّحًا.
(وَحَمْلُ الْمَيِّتِ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ) لِمَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالْحَبَشِ، وَهُوَ مَكَانٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا وَنُقِلَ إلَى مَكَّةَ أَتَتْ قَبْرَهُ وَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دَفَنْتُك إلَّا حَيْثُ مِتَّ وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيَّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرَ غَرَضًا صَحِيحًا فِي نَقْلِهِ، وَأَنَّهُ تَأَذَّى بِهِ فَإِنْ كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيح فَلَا كَرَاهَةَ، لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ إنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَاتَا بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَا إلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَا بِهَا وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ هَاهُنَا، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ هَاهُنَا وَأَنْ يُدْفَنَ بِسَرِفٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
(وَيَجُوزُ نَبْشُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (إذَا دُفِنَ لِعُذْرٍ بِلَا غُسْلٍ وَلَا حَنُوطٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُحَنَّطُ لِأَنَّهُ غَرَض صَحِيحٌ (وَكَإِفْرَادِهِ فِي قَبْرٍ عَمَّنْ دُفِنَ مَعَهُ) أَيْ يَجُوزُ نَبْشُهُ لِذَلِكَ لِقَوْلِ جَابِرٍ دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ أَبِي أَوَّلَ قَتِيلٍ يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ فَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذُنِهِ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.
(وَ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ إذَا مَاتَا كَغَيْرِهِمَا فِي الْغُسْلِ يَسْقُطُ غُسْلُهُمَا بِغُسْلِ الْمَوْتِ) لِتَدَاخُلِ الْمُوجِبَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ وُضُوءًا أَوْ غُسْلًا، وَنَوَى أَحَدُهُمَا ارْتَفَعَ سَائِرُهَا وَفِي كَلَامِهِ: تَلْوِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى التَّنْقِيحِ، حَيْثُ قَالَ: غُسْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِتَعَيُّنِ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ وَيَسْقُطَانِ بِهِ وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى ثَوَابِ فَرْضِ الْعَيْنِ إذَنْ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ تَعَيَّنُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ فَاَلَّذِي يَتَوَلَّى غُسْلَهُ يَنُوبُ مَنَابَهُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ (وَيُشْتَرَطُ لَهُ) أَيْ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ مَاءٌ طَهُورٌ مُبَاحٌ، كَغُسْلِ الْحَيِّ.
(وَ) يُشْتَرَطُ لَهُ أَيْضًا (إسْلَامُ غَاسِلٍ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ الْكَافِرُ مِنْ أَهْلِهَا (وَنِيَّتُهُ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَعَقْلُهُ) لِأَنَّ غَيْر الْعَاقِل لَيْسَ أَهْلًا لِلنِّيَّةِ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ) الْغَاسِلُ (ثِقَةً أَمِينًا عَارِفًا بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ) وَنَقَلَ حَنْبَلُ: لَا يَنْبَغِي إلَّا ذَلِكَ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
(وَلَوْ) كَانَ الْغَاسِلُ (جُنُبًا وَحَائِضًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ مِنْهُ الْغُسْلَ لِنَفْسِهِ فَكَذَا لِغَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) هُوَ ظَاهِرٌ الْمُنْتَهَى وَغَيْرُهُ، حَيْثُ لَمْ يَذْكُرُوهَا لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَقْرُبَاهُ.
(وَإِنْ حَضَرَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ (مُسْلِمٌ) عَاقِلٌ وَلَوْ مُمَيِّزًا (وَنَوَى غُسْلَهُ وَأَمَرَ كَافِرًا بِمُبَاشَرَةِ غُسْلِهِ فَغَسَّلَهُ) الْكَافِرُ (نَائِبًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُسْلِمِ (فَظَاهِرُ كَلَامِ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ: لَا يَصِحُّ) غُسْلُهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ نَجِسٌ فَلَا يُطَهِّرُ غُسْلُهُ الْمُسْلِمَ.
(وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ الصِّحَّةَ) وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: صَحَّ غُسْلُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمُحْدِثٍ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهِ فَأَمَرَ كَافِرًا بِغَسْلِ أَعْضَائِهِ.
(وَيَجُوزُ أَنْ يُغَسِّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا وَعَكْسُهُ) بِ أَنْ يُغَسِّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا لِأَنَّ الْمَاءَ وَالسِّدْرَ لَا يُحَرَّمُ بِالْإِحْرَامِ (لَكِنْ لَا يُكَفِّنُهُ) أَيْ لَا يُكَفِّنُ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ (لِأَجْلِ الطِّيبِ، إنْ كَانَ) فِي الْكَفَنِ طِيبٌ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ.
(وَيُكْرَهُ) الْغُسْلُ مِنْ مُمَيِّزٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي أَجْزَائِهِ (وَيَصِحُّ) غُسْلُ الْمَيِّتِ (مِنْ مُمَيِّزٍ) لِصِحَّةِ غُسْلِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ.
وَفِي الِانْتِصَارِ: وَيَكْفِي إنْ عُلِمَ وَكَذَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِغُسْلِهِمْ لِحَنْظَلَةَ وَبِغُسْلِهِمْ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِأَنَّ سَعْدًا لَمَّا مَاتَ «أَسْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَشْيِ إلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ خَشِيتُ أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إلَى غُسْلِهِ، كَمَا سَبَقَتْنَا إلَى غُسْلِ حَنْظَلَةَ» قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي مُسْلِمٍ الْجِنَّ وَأَوْلَى، لِتَكْلِيفِهِمْ.
(وَ أَوْلَى النَّاسِ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ وَصِيُّهُ إنْ كَانَ عَدْلًا) لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَقُدِّمَ فِيهِ وَصِيُّهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَبَاقِي حُقُوقِهِ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ وَأَوْصَى أَنَسُ أَنْ يَغْسِلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ (ثُمَّ أَبُوهُ) لِحُنُوِّهِ؟ وَشَفَقَتِهِ، ثُمَّ جَدُّهُ.
(وَإِنْ عَلَا) لِمُشَارِكَتِهِ الْأَبَ فِي الْمَعْنَى (ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ) لِقُرْبِهِ (ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَاتِهِ نَسَبًا) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ عَمٌّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ، وَهَكَذَا (ثُمَّ) عُصْبَتُهُ (نِعْمَةً) فَيُقَدَّمُ الْمُعْتِقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ) كَالْأَخِ لِأُمٍّ وَالْجَدِّ لَهَا، وَالْعَمِّ لَهَا وَابْنِ الْأُخْتِ وَنَحْوِهِمْ (كَمِيرَاثٍ ثُمَّ الْأَجَانِبُ وَيُقَدَّمُ الْأَصْدِقَاءُ مِنْهُمْ) قَالَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْجَارِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (ثُمَّ غَيْرُهُمْ) أَيْ غَيْرُ الْأَصْدِقَاءِ (الْأَدْيَنُ الْأَعْرَفُ) فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ لِتِلْكَ الْفَضِيلَةِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِيَلِهِ أَقْرَبُكُمْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ فَمَنْ تَرَوْنَ عِنْدَهُ حَظًّا مِنْ وَرَعٍ وَأَمَانَةٍ» رَوَاه أَحْمَدُ.
(وَالْأَحْرَارُ فِي الْجَمِيعِ) مِنْ عُصُبَاتِ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ (وَالْأَجَانِبُ أَوْلَى مِنْ زَوْجَةٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ (وَهِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ (أَوْلَى مِنْ أُمِّ وَلَدٍ) وَلِبَقَاءِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ الِاعْتِدَادِ وَالْأَحْدَادِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ (وَأَجْنَبِيَّةٌ) بِغُسْلِ امْرَأَةٍ (أَوْلَى مِنْ زَوْجٍ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ غُسْلَهَا.
(وَ) أَجْنَبِيَّةٌ أَوْلَى بِغُسْلِ أَمَةٍ مِنْ (سَيِّدٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ لَمْ يُبَحْ لَهُ غُسْلُهَا (وَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِغُسْلِ عَبْدِهِ) لِأَنَّهُ مَالِكُهُ وَوَلِيُّهُ (وَيَأْتِي وَلَا حَقَّ لِلْقَاتِلِ فِي غُسْلِ الْمَقْتُولِ إنْ لَمْ يَرِثْهُ، عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً) لِمُبَالَغَتِهِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ نَقَلَ فِي الْفُرُوعِ مَعْنَاهُ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي قَالَ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَتَّجِهُ فِي قَتْلٍ لَا يَأْثَمُ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَيْسَ لِآثِمٍ بِقَتْلٍ حَقٌّ فِي غُسْلِ مَقْتُولٍ.
(وَلَا فِي الصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (وَ) لَا فِي (الدَّفْنِ) لِمَا سَبَقَ (وَغُسْلُ الْمَرْأَةِ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، بَعْد وَصِيَّتِهَا عَلَى مَا سَبَقَ: أُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ، ثُمَّ بِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ ثُمَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى كَمِيرَاثِ وَيُقَدَّمُ مِنْهُنَّ مَنْ يُقَدَّمُ مِنْ الرِّجَالِ) فَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ، كَمَا فِي الرِّجَالِ.
(وَعَمَّتُهَا وَخَالَتُهَا سَوَاءٌ، كَبِنْتِ أُخْتِهَا وَبِنْتِ أَخِيهَا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقَرَابَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ (ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ) بَعْدَ ذَوَاتِ الرَّحِمِ، كَمَا فِي الرِّجَالِ.
(وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، إنْ لَمْ تَكُنْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً: غُسْلُ صَاحِبِهِ وَلَوْ) كَانَ الْمَوْتُ (قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ وَضَعَتْ) الزَّوْجَةُ (عَقِبَ مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ زَوْجِهَا (أَوْ) كَانَ الْمَوْتُ (بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، مَا لَمْ تَتَزَوَّجُ) الْمَرْأَةُ الَّتِي وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِ زَوْجِهَا فَلَا تُغَسِّلْهُ لِأَنَّهَا بِالتَّزَوُّجِ صَارَتْ صَالِحَةً لَأَنْ تُغَسِّلَ الثَّانِي لَوْ مَاتَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَاسِلَةٌ لِزَوْجَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالْأَصْلُ فِي تَغْسِيلِ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَصِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ فَغَسَّلَتْهُ وَغَسَّلَ أَبُو مُوسَى زَوْجَتَهُ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَهُمَا أَحْمَدُ.
وَقَوْلُ عَائِشَةَ لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا نِسَاؤُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
وَأَوْصَى جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَنْ تُغَسِّلَهُ امْرَأَتُهُ وَأَوْصَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ امْرَأَتَهُ أَنْ تُغَسِّلَهُ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَكُنْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً، احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَا تُغَسِّلْهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِغُسْلِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَ(لَا) تُغَسِّلْ (مَنْ أَبَانَهَا وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) الْمَخُوفِ فِرَارًا، لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنَّمَا وَرِثَتْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِقَصْدِهِ حِرْمَانَهَا.
(وَيَنْظُرُ مَنْ غَسَّلَ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ غَيْرَ الْعَوْرَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وِفَاقًا لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَجَوَّزَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ بِلَا لَذَّةٍ وَاللَّمْسُ وَالْخَلْوَةُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي نَظَرِ الْفَرْجِ فَتَارَةً أَجَازَهُ بِلَا لَذَّةٍ، وَتَارَةً مَنَعَهُ.
(وَلِسَيِّدٍ غُسْلُ أَمَتِهِ وَطِئَهَا أَوْ لَا وَأُمِّ وَلَدِهِ) وَأَمَتِهِ (كَالزَّوْجَيْنِ) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُغَسِّلَ الْآخَرَ وَيَنْظُرَ إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ (وَيُغَسِّلَ) السَّيِّدُ (مُكَاتَبَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَطْأَهَا) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَنُهَا وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَدَفْنُهَا.
(وَتُغَسِّلُهُ) أَيْ تُغَسِّلُ الْمُكَاتَبَةُ سَيِّدَهَا (إنْ شَرَطَهُ) أَيْ وَطْأَهَا لِإِبَاحَتِهَا لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَطْءَ مُكَاتَبَتِهِ (فَلَا) يُبَاحُ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ الْمَوْتِ (وَلَا يُغَسِّلُ) سَيِّدٌ (أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَلَا) أَمَتَهُ (الْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَمَعْنَاهُ أَيْضًا فِي الْإِنْصَافِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمَعَالِي، وَإِلَّا كَيْفَ يُقَالُ: لَا يُغَسِّلُ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ.
ثُمَّ يَحْكِي خِلَافًا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ زَوْجٌ وَسَيِّدٌ- إلَى أَنْ قَالَ: فَيُقَالُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ غُسْلِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُزَوَّجَةِ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَبُو الْمَعَالِي يَقُولُ: لَا يُغَسِّلُهُمَا قَالَ: وَإِنْ لَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى هَذَا يَحْصُلْ التَّنَاقُضُ.
(وَلَا) يُغَسِّلُ السَّيِّدُ (الْمُعْتِقُ بَعْضَهَا) لِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهَا، وَمِثْلُهَا الْمُشْتَرَكَةُ (وَلَا) يُغَسِّلُ (مَنْ هِيَ فِي اسْتِبْرَاءٍ وَاجِبٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُ الْمُعْتَدَّةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا (وَلَا تُغَسِّلْهُ) أَيْ تُغَسِّلْ الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ أَوْ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا أَوْ مَنْ هِيَ فِي اسْتِبْرَاءٍ وَاجِبٍ: سَيِّدَهَا وَفِيهِ فِي غَيْرِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا: مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ مَاتَ لَهُ أَقَارِبٌ) أَوْ مَوَالٍ الْأَوْلَى بِهِمْ غَيْرُهُ (دُفْعَةً وَاحِدَةً، بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَغَرَقٍ وَطَاعُونٍ (وَلَمْ يَكُنْ تَجْهِيزُهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً، اُسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَخْوَفِ فَالْأَخْوَفِ) لِئَلَّا يَفْسُدَ بِتَأَخُّرِهِ (فَإِنْ اسْتَوَوْا) فِي الْخَوْفِ أَوْ عَدَمِهِ (بَدَأَ بِالْأَبِ ثُمَّ بِالِابْنِ، ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَإِنْ اسْتَوَوْا كَالْأُخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ الْمُسْتَوِينَ قُدِّمَ أَفْضَلُهُمْ، ثُمَّ أَسَنُّهُمْ، ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَالتَّقْدِيمُ (بِقُرْعَةٍ) أَيْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ قُدِّمَ، لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ سِوَاهَا.
(وَلِرَجُلٍ وَامْرَأَة غُسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ) مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِعَوْرَتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسَّلَهُ النِّسَاءُ.
(وَلَوْ) كَانَ دُونَ السَّبْعِ سِنِينَ (بِلَحْظَةٍ، وَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (مَسُّ عَوْرَتِهِ وَنَظَرُهَا) لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَسِّلُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ، فَتُغَسِّلُهُ مُجَرَّدًا مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ وَتَمَسُّ عَوْرَتَهُ وَتَنْظُرُ إلَيْهَا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (غُسْلُ ابْنَةِ سَبْعِ) سِنِينَ (فَأَكْثَرَ، وَلَوْ) كَانَ (مَحْرَمًا) لَهَا كَأَبِيهَا وَابْنِهَا وَأَخِيهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلشَّهْوَةِ وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهَا الْمُغَلَّظَةِ أَشْبَهَتْ الْبَالِغَةَ.
(وَلَا لَهَا) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ (غُسْلُ ابْنِ سَبْعِ) سِنِينَ (وَلَوْ) كَانَ (مَحْرَمًا) لَهَا، لِمَا تَقَدَّمَ (غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ فِيهِمَا) مِنْ تَغْسِيلِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَتَغْسِيلِهَا لَهُ.
(وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسْوَةٍ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ) مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُنَّ غُسْلُهُ، بِأَنْ لَمْ يَكُنَّ زَوْجَاتِهِ وَلَا إمَائِهِ: يُمِّمَ بِحَائِلٍ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ، مَاتَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ رِجَالٍ (مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُمْ) أَيْ الرِّجَالِ (غُسْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ زَوْجُهَا وَلَا سَيِّدُهَا: يُمِّمَتْ لِمَا رَوَى تَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ عَنْ وَاثِلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ مَحْرَمٌ تُيَمَّمُ كَمَا يُيَمَّمُ الرِّجَالُ» وَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِالْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ تَنْظِيفٌ وَلَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، بَلْ رُبَّمَا كَثُرَتْ (أَوْ) مَاتَ (خُنْثَى مُشْكِلٌ) لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ أَمَةٌ لَهُ (يُمِّمَ) لِمَا تَقَدَّمَ (بِحَائِلٍ) مِنْ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا يَلُفُّهَا عَلَى يَدِهِ، فَيُيَمِّمُ بِهَا الْمَيِّتَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ حَتَّى لَا يَمَسَّهُ.
(وَيَحْرُمُ) أَنْ يُيَمِّمَ (بِدُونِهِ) أَيْ دُونَ الْحَائِلِ (لِغَيْرِ مَحْرَمٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَسِّ (وَرَجُلٌ أَوْلَى بِتَيَمُّمِ خُنْثَى مُشْكِلٍ) مِنْ امْرَأَةٍ، إذَا مَاتَ الْخُنْثَى بَيْنَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لِأَنَّ الصِّنْفَيْنِ قَدْ اشْتَرَكَا فِي الْمَحْذُورِ وَامْتَازَ الرَّجُلُ بِفَضِيلَةِ الذُّكُورِيَّةِ لَكِنْ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ وَفِيهِمْ صَبِيٌّ لَا شَهْوَةَ لَهُ عَلَّمُوهُ الْغُسْلَ وَبَاشَرَهُ نَصَّ عَلَيْهِ كَذَا الرَّجُلُ يَمُوتُ مَعَ نِسْوَةٍ فِيهِنَّ صَغِيرَةٌ تُطِيقُ الْغُسْلَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ قُلْتُ: وَكَذَا الْخُنْثَى يَمُوتُ مَعَ رِجَالٍ أَوْ نِسْوَةٍ فِيهِنَّ صَغِيرٌ أَوْ صَغِيرَةٌ تُطِيقُهُ (وَإِنْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (أَمَةٌ غَسَّلَتْهُ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا كَلَامَ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَلِأَمَتِهِ أَنْ تُغَسِّلَهُ.

.(فَصْلُ): فيما يجب على الغاسل:

(وَإِذَا أَخَذَ) أَيْ شَرَعَ (فِي غُسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَهُ وُجُوبًا) وَهِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الْإِنْصَافِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِّهَا انْتَهَى وَعَلَيْهِ: فَيُسْتَرُ مِنْ ابْنِ سَبْعٍ إلَى عَشْرٍ الْفَرْجَانِ فَقَطْ، حَذَرًا مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُر إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» رَوَاه أَبُو دَاوُد (لَا مَنْ) لَهُ (دُونَ سَبْعِ سِنِينَ) فَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ مُجَرَّدًا، لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ جَرَّدَهُ مِنْ ثِيَابِهِ نَدْبًا) لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْكَنُ فِي تَغْسِيلِهِ، وَأَبْلَغُ فِي تَطْهِيرِهِ وَأَشْبَهُ بِغُسْلِ الْحَيِّ وَأَصْوَنُ لَهُ مِنْ التَّنْجِيسِ إذْ يُحْتَمَل خُرُوجُهَا مِنْهُ وَلِفِعْلِ الصَّحَابَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ «لَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا» وَالظَّاهِرُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِهِ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (إلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا) فَإِنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا هَلْ يُجَرِّدُونَهُ أَوْ لَا أَوْقَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ النَّوْمَ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إلَّا وَذَقَنُهُ فِي صَدْرِهِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنْ غَسِّلُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَامُوا إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وَيُدَلِّكُونَ، بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ فَضَلَاتِهِ كُلَّهَا طَاهِرَةٌ، فَلَمْ يُخْشَ تَنْجِيسُ قَمِيصِهِ.
(وَلَوْ غَسَّلَهُ فِي قَمِيصٍ خَفِيفٍ وَاسِعِ الْكُمَّيْنِ جَازَ) قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي أَنْ يُغَسَّلَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ، يُدْخِلُ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاسِعَ الْكُمَّيْنِ تَوَجَّهَ أَنْ يَفْتِقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ وَيُدْخِلَ يَدَهُ مِنْهَا.
(وَ) يُسَنُّ (سَتْرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَةَ الْغُسْلِ (عَنْ الْعُيُونِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ عَيْبٌ يَسْتُرُهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَظْهَرُ عَوْرَتُهُ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ الْمَيِّتُ مُظْلِمًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَأَنْ يُغَسَّلَ (تَحْتَ سِتْرٍ أَوْ سَقْفٍ وَنَحْوِهِ) كَخَيْمَةٍ، لِئَلَّا يَسْتَقْبِلَ السَّمَاءَ بِعَوْرَتِهِ.
(وَيُكْرَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (لِغَيْرِ حَاجَةٍ حَتَّى الْغَاسِلِ فَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّ جَمِيعَهُ صَارَ عَوْرَةً) إكْرَامًا لَهُ (فَلِهَذَا شُرِعَ سَتْرُ جَمِيعِهِ) أَيْ بِالتَّكْفِينِ (انْتَهَى) قَالَ: فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَهُ إلَّا مَنْ يُعِينُ فِي أَمْرِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَ) كُرِهَ (أَنْ يَحْضُرَهُ) أَيْ غُسْلَهُ (غَيْرُ مَنْ يُعِينُ فِي غُسْلِهِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ مَا يَكْرَهُ الْحَيُّ أَنْ يَطَّلِعَ مِنْهُ عَلَى مِثْلِهِ وَرُبَّمَا ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ هُوَ فِي الظَّاهِرِ مُنْكَرٌ فَيَتَحَدَّثُ بِهِ فَيَكُونُ فَضِيحَةً وَالْحَاجَةُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى حُضُورِهِ بِخِلَافِ مَنْ يُعِينُ الْغَاسِلَ بِصَبٍّ وَنَحْوِهِ (إلَّا وَلِيُّهُ فَلَهُ الدُّخُولُ كَيْفَ شَاءَ) قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ.
(وَلَا يُغَطِّي وَجْهَهُ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ لَا أَصْلَ لَهُ (وَيُسْتَحَبُّ خَضْبُ لِحْيَةِ رَجُلٍ وَرَأْسِ امْرَأَةٍ وَلَوْ غَيْرَ شَائِبَيْنِ بِحِنَّاءٍ) لِقَوْلِ أَنَسٍ «اصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِعَرَائِسِكُمْ» (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ إلَى قَرِيبٍ مِنْ، جُلُوسِهِ وَلَا يُشَقَّ عَلَيْهِ وَيَعْصِرُ بَطْنَ غَيْرِ حَامِلٍ: بِيَدِهِ) لِيُخْرِج مَا فِي بَطْنِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ بِخِلَافِ الْحَامِلِ لِخَبَرٍ رَوَاهُ الْخَلَّالُ.
وَلِأَنَّهُ يُؤْذِي الْحَمْلَ (عَصْرًا رَفِيقًا) لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِي مَحَلِّ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ (وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ) لِيَذْهَبَ مَا خَرَجَ وَلَا تَظْهَرُ رَائِحَةٌ (وَيَكُونُ ثَمَّ) أَيْ هُنَاكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ (بَخُورٌ) عَلَى وَزْن رَسُولٍ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِرَائِحَةِ الْخَارِجِ (ثُمَّ يَلُفُّ) الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ (خِرْقَةً خَشِنَةً، أَوْ يُدْخِلُهَا) أَيْ يَدَهُ (فِي كِيسٍ فَيُنْجِي بِهَا أَحَدَ فَرْجَيْهِ، ثُمَّ) يَأْخُذُ خِرْقَةً (ثَانِيَةً لِلْفَرَجِ الثَّانِي) فَيُنْجِيهِ بِهَا إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ وَطَهَارَةً لِلْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّي النَّجَاسَةِ إلَى الْغَاسِلِ وَاعْتَبَرَ لِكُلِّ فَرْجٍ خِرْقَةً، لِأَنَّ كُلَّ خِرْقَةٍ خَرَجَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا، إلَّا أَنْ تُغْسَلَ وَظَاهِرُ الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا: تَكْفِيهِ خِرْقَةٌ وَقَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ (وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَة مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ) بِغَيْرِ حَائِلٍ (وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا) لِأَنَّ التَّطْهِيرَ يُمْكِنُ بِدُونِ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ حَالَ الْحَيَاةِ وَذَكَرَ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ عَلِيًّا حِينَ غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً حِينَ غَسَلَ فَرْجَهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَ بَدَنِهِ إلَّا بِخِرْقَةٍ) لِفِعْلِ عَلِيٍّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِيَأْمَنَ مَسَّ الْعَوْرَةِ الْمُحَرَّمِ مَسُّهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ فَحِينَئِذٍ يُعِدُّ الْغَاسِلُ ثَلَاثَ خِرَقٍ، خِرْقَتَيْنِ لِلسَّبِيلَيْنِ، وَالثَّالِثَةَ لِبَقِيَّةِ بَدَنِهِ.
(وَلَا يَجِبُ فِعْلُ الْغُسْلِ فَلَوْ تُرِكَ) الْمَيِّتُ (تَحْتَ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُصَبُّ مِنْهُ الْمَاءُ (وَحَضَرَهُ أَهْلٌ لِغُسْلِهِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ (وَنَوَى) غُسْلَهُ (وَمَضَى زَمَنُ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ) يَعْنِي وَعَمَّهُ الْمَاءُ (صَحَّ) ذَلِكَ وَأَجْزَأَ، لِأَنَّ الْقَصْدَ تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ وَقَدْ حَصَلَ كَالْحَيِّ وَهَذَا يَرُدَّ مَا سَبَقَ فِيمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ رِجَالٍ وَعَكْسِهِ.
(ثُمَّ يَنْوِي) غَاسِلُ الْمَيِّتِ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ وَتَنْجِيَتِهِ (غُسْلَهُ) لِتَعَذُّرِ النِّيَّةِ مِنْ الْمَيِّتِ وَقِيَامِ الْغَاسِلِ مُقَامَهُ.
(وَنِيَّتُهُ) أَيْ الْغُسْلِ (فَرْضٌ) فَلَا يَصِحُّ غُسْلُهُ بِدُونِهَا لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» لَكِنْ عَدَّهَا شَرْطًا أَنْسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ كَالْحَيِّ (ثُمَّ يُسَمِّي) الْغَاسِلُ، فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مُقَامَهَا (وَحُكْمُهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ هُنَا (حُكْمُ تَسْمِيَةِ وُضُوءِ وَغُسْلِ حَيٍّ) فَتَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ وَتَسْقُطُ سَهْوًا قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ (ثُمَّ يَغْسِلُ) الْغَاسِلُ (كَفَّيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ نَدْبًا كَغُسْلِ الْحَيِّ (وَيَعْتَبِرُ غُسْلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَطْهِيرُهُ.
وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ قُلْتُ: وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْحَيِّ: لَا يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ قَبْلَ غُسْلِهِ، إنْ لَمْ تَمْنَعْ وُصُولَ الْمَاءِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثٌ قَبْلَ زَوَالِ حُكْمِ خَبَثٍ (وَلَا يَكْفِي مَسْحُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (وَلَا وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهَا) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْغُسْلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا لَكِنْ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْخَارِجُ، أَيْ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مَوْضِعَ الْعَادَةِ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ عَلَيْهِمَا خِرْقَةٌ) صِيَانَةً لِلْيَدِ وَإِكْرَامًا لِلْمَيِّتِ (خَشِنَةً مَبْلُولَةً بِالْمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ، فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وَ) فِي (مَنْخِرَيْهِ وَيُنَظِّفُهُمَا) لِإِزَالَةِ مَا عَلَى تِلْكَ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْأَذَى (وَلَا يُدْخِلُهُ) أَيْ الْمَاءَ (فِيهِمَا) أَيْ الْفَمِ وَالْأَنْفِ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ حَرَّكَ النَّجَاسَةَ.
(وَيَتَتَبَّعُ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ) مِنْ وَسَخٍ (بِعُودٍ) لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَحَلِّهِ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ قَلْمُهَا) فَإِنْ أَمْكَنَ قَلَمَهَا.
(وَيُسَنُّ) لِلْغَاسِلِ (أَنْ يُوَضِّئَهُ فِي أَوَّلِ غَسَلَاتِهِ كَوُضُوءِ حَدَثٍ) لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (مَا خَلَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُمَا وُصُولُ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ فَيُفْضِي إلَى، الْمُثْلَةِ وَرُبَّمَا حَصَلَ مِنْهُ الِانْفِجَارُ وَبِهَذَا عَلَّلَ أَحْمَدُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْوُضُوءِ فِي الْغَسْلَةَ الْأُولَى دُونَ بَاقِي الْغَسَلَاتِ (إنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ خَرَجَ) مِنْهُ شَيْءٌ (أُعِيدَ وُضُوءُهُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ مُسْتَحَبّ، لِقِيَامِ مُوجِبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ.
(وَيَأْتِي حُكْمُ) إعَادَةِ (غُسْلِهِ) إذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ.
(وَيُجْزِئُ غُسْلُهُ مُرَّةً) كَالْحَيِّ (وَكَذَا لَوْ نَوَى) الْغَاسِلُ (وَسَمَّى وَغَمَسَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ) مَرَّةً (وَاحِدَةً) فَإِنَّهُ يُجْزِئُ كَغُسْلِ الْحَيِّ.
(وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا».
(وَيُسَنُّ ضَرْبُ سِدْرٍ) وَنَحْوِهِ كَخِطْمِيٍّ (فَيَغْسِلُ بِرَغْوَتِهِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقَطْ) لِأَنَّ الرَّأْسَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ وَلِهَذَا جُعِلَ كَشْفُهُ شِعَارُ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مَجْمَعُ الْحَوَاسِّ الشَّرِيفَةِ وَلِأَنَّ الرَّغْوَةَ تُزِيلُ الدَّرَنَ وَتَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَنَاسَبَ أَنْ تُغْسَلَ بِهَا اللِّحْيَةُ لِتَزُولَ الرَّغْوَةُ بِمُجَرَّدِ جَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ ثُفْلِ السِّدْرِ.
(وَ) يُغْسَلُ بَاقِي (بَدَنِهِ بِالثُّفْلِ) أَيْ ثُفْلِ السِّدْرِ (وَيَقُومُ الْخِطْمِيُّ وَنَحْوُهُ مَقَامَ السِّدْرِ) لِحُصُولِ الْإِنْقَاءِ بِهِ (وَيَكُونُ السِّدْرُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنْ يَكُونَ السِّدْرُ يَسِيرًا وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي وُجِدَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا لِيُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَلِ بِالْخَبَرِ وَيَكُونُ الْمَاءُ بَاقِيًا عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: يُغَسَّلُ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، ثُمَّ يُغَسَّلُ، ذَلِكَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ غَسْلَةً وَاحِدَةً وَالِاعْتِدَادُ بِالْآخِرِ مِنْهَا لِأَنَّ أَحْمَدَ شَبَّهَ غُسْلَهُ بِغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلِأَنَّ السِّدْرَ إنْ كَثُرَ سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَرْكِ يَسِيرٍ لَا يُغَيِّرُ.
(وَيُسَنُّ تَيَامُنُهُ فَيُغَسَّلُ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ مِنْ نَحْوِ رَأْسِهِ إلَى نَحْوِ رِجْلَيْهِ يُبْدَأُ بِصَفْحَةِ عُنُقِهِ، ثُمَّ) يَدِهِ الْيُمْنَى (إلَى الْكَتِفِ ثُمَّ) كَتِفِهِ وَشِقِّ صَدْرِهِ وَفَخِذِهِ وَسَاقِهِ (إلَى الرِّجْلِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا» وَلِأَنَّهُ مَسْنُونٌ فِي غُسْلِ الْحَيِّ فَكَذَا الْمَيِّتُ.
(وَيُقَلِّبُهُ) الْغَاسِلُ (عَلَى جَنْبِهِ مَعَ غُسْلِ شِقَّيْهِ، فَيَرْفَعُ جَانِبَهُ الْأَيْمَنَ، وَيَغْسِلُ ظَهْرَهُ وَوَرِكَهُ وَفَخِذَهُ وَيَفْعَلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ وَلَا يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ) إكْرَامًا لَهُ (ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ الْقَرَاحَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غَسْلَةً وَاحِدَةً، يَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ السِّدْرِ وَالْمَاءِ الْقَرَاحِ) كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ (يُفْعَل ذَلِكَ) الْمَذْكُورَ فِيمَا تَقَدَّمَ (ثَلَاثًا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» (إلَّا أَنَّ الْوُضُوءَ) يَكُونُ (فِي) الْمَرَّةِ (الْأُولَى فَقَطْ) مِنْ الْغَسَلَاتِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ وَتَقَدَّمَ (يُمِرُّ) الْغَاسِلُ (فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ) بِرِفْقٍ إخْرَاجًا لِمَا تَخَلَّفَ وَأَمْنًا مِنْ فَسَادِ الْغُسْلِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدُ (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَيِّتُ (بِالثَّلَاثِ) الْغَسَلَاتِ (غَسَّلَهُ إلَى سَبْعٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ بِسَبْعِ) غَسَلَاتٍ (فَالْأَوْلَى غُسْلُهُ حَتَّى يُنَقَّى) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ».
(وَيَقْطَعُ عَلَى وَتْرٍ) لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ وُضُوءٍ» فَإِنَّهُ فِي الْأُولَى خَاصَّةً، كَمَا تَقَدَّمَ، إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ.
(وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (شَيْءٌ مِنْ السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ أُعِيدَ وُضُوءُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُبْدِعِ وَالْمُنْتَهَى: وُجُوبًا كَالْجُنُبِ، لِمَا سَبَقَ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ غُسْلِهِ، لِتَكُونَ طَهَارَتُهُ كَامِلَةً وَعَنْهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ.
(وَوَجَبَ غُسْلُهُ كُلَّمَا خَرَجَ) مِنْهُ شَيْءٌ (إلَى سَبْعٍ) لِمَا سَبَقَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا كَرَّرَ الْأَمْرَ بِغَسْلِهَا مِنْ أَجْلِ تَوَقُّعِ النَّجَاسَةِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَكُونَ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ الطَّهَارَةُ الْكَامِلَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْتَ جَرَى مَجْرَى زَوَالِ الْعَقْلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ فِي الدَّمِ هُوَ أَسْهَلُ.
(وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (شَيْءٌ مِنْ السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَعْدَ السَّبْعِ غُسِلَتْ النَّجَاسَةُ) لِمَا تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي أَجْزَاءِ الِاسْتِجْمَارِ (وَوُضِّئَ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا غُسْلَ) أَيْ لَا يُعَادُ غُسْلُهُ بَعْدَ السَّبْعِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ (لَكِنْ يَحْشُوهُ) أَيْ الْمَخْرَجَ (بِالْقُطْنِ أَوْ يُلْجَمُ بِهِ) أَيْ الْقُطْنِ (كَمَا تَفْعَلُ الْمُسْتَحَاضَةُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ (فَإِنْ لَمْ يُمْسِكْهُ ذَلِكَ) أَيْ الْحَشْوُ بِالْقُطْنِ أَوْ التَّلَجُّمُ بِهِ (حُشِيَ) الْمَحَلُّ (بِالطِّينِ الْحُرِّ) بِضَمِّ الْحَاءِ أَيْ الْخَالِصِ (الَّذِي لَهُ قُوَّةٌ تُمْسِكُ الْمَحَلَّ) لِيُمْنَعَ الْخَارِجَ.
(وَلَا يُكْرَهُ حَشْوُ الْمَحَلِّ إنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَإِنْ خِيفَ خُرُوجُ شَيْءٍ) كَدَمٍ (مِنْ مَنَافِذِ وَجْهِهِ) كَفَمِهِ وَأَنْفِهِ (فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْشَى بِقُطْنٍ) دَفْعًا لِتِلْكَ الْمَفْسَدَةِ.
(وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (شَيْءٌ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي أَكْفَانِهِ وَلَفِّهَا عَلَيْهِ حُمِلَ وَلَمْ يُعَدْ غُسْلٌ وَلَا وُضُوءٌ سَوَاءٌ كَانَ) ذَلِكَ (فِي السَّابِعَةِ أَوْ قَبْلَهَا) وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَارِجُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ وَإِعَادَةِ غُسْلِهِ، وَتَطْهِيرِ أَكْفَانِهِ وَتَجْفِيفِهَا أَوْ إبْدَالِهَا فَيَتَأَخَّرُ دَفْنُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ ثُمَّ لَا يُؤْمَنُ مِثْلُ هَذَا بَعْدَهُ وَإِنْ وُضِعَ عَلَى الْكَفَنِ وَلَمْ يُلَفَّ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أُعِيدَ غُسْلُهُ قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
(وَيُسَنّ أَنْ يَجْعَلَ) الْغَاسِلُ (فِي) الْغَسْلَةِ (الْأَخِيرَةِ كَافُورًا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يُصْلِبُ الْجِسْمَ وَيُبَرِّدُهُ وَيُطَيِّبُهُ وَيَطْرُدُ عَنْهُ الْهَوَامَّ.
(وَ) أَنْ يَجْعَلَ فِي الْأَخِيرَةِ (سِدْرًا) كَسَائِرِ الْغَسَلَاتِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَغَسْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِالْمَاءِ الْبَارِدِ أَفْضَلُ) لِأَنَّ الْمُسَخَّنَ يُرْخِيهِ وَلَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ (وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ بِمَاءٍ حَارٍّ) إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ وَسَخٍ لَا يَزُولُ إلَّا بِهِ وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَامِدٍ لِأَنَّهُ يُنَقِّي مَا لَا يُنَقِّي الْمَاءُ الْبَارِدُ (وَ) لَا بَأْسَ بِ (خِلَالٍ) إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِإِزَالَةِ وَسَخٍ لِأَنَّ إزَالَتَهُ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا.
(وَالْأَوْلَى: أَنْ يَكُونَ) الْخِلَالُ (مِنْ شَجَرَةٍ لَيِّنَةٍ كَالصَّفْصَافِ) بِالْفَتْحِ: الْخِلَافُ، بِلُغَةِ أَهْلِ الشَّامِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ (وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنْقِي وَلَا يَجْرَحُ) لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْمَيِّتَ مَا يُؤْذِي الْحَيَّ.
(وَإِنْ جَعَلَ) الْغَاسِلُ وَنَحْوُهُ (عَلَى رَأْسِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قُطْنًا فَحَسَنٌ) لِشَرَفِهِ (وَيُزِيلُ) الْغَاسِلُ (مَا بِأَنْفِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَصِمَاخَيْهِ مِنْ أَذًى) تَكْمِيلًا لِطَهَارَتِهِ.
(وَ) لَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ بِ (أُشْنَانٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِنَّ) أَيْ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْخِلَالِ، وَالْأُشْنَانِ لِوَسَخٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِنَّ (كُرِهَ فِي الْكُلِّ) لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَرِدْ بِهِ، وَمَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ يَكُونُ كَالْعَبَثِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ شَيْخًا أَوْ بِهِ حَدَبٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَمْكَنَ تَمْدِيدُهُ بِالتَّلْيِينِ وَالْمَاءِ الْحَارِّ فُعِلَ ذَلِكَ) إزَالَةً لِلْمُثْلَةِ.
(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) ذَلِكَ (إلَّا بِعَسْفٍ تَرَكَهُ بِحَالِهِ) دَفْعًا لِأَذَاهُ بِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (عَلَى صِفَةٍ لَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ عَلَى النَّعْشِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُشْهِرُهُ بِالْمُثْلَةِ تُرِكَ فِي تَابُوتٍ أَوْ) تُرِكَ فِي النَّعْشِ (تَحْتَ، مِكَبَّةٍ كَمَا يُصْنَعُ بِالْمَرْأَةِ) سَتْرًا لِذَلِكَ (وَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْحَمْلِ) أَيْ حَمْلِ الْمَيِّتِ.
(وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ فِي حَمَّامٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَكَالْحَيِّ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَاء حَارًّا كُرِهَ بِلَا حَاجَةٍ.
(وَ) لَا بَأْسَ (بِمُخَاطَبَتِهِ) أَيْ الْغَاسِلِ (لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ (حَالَ غُسْلِهِ، بِنَحْوِ انْقَلِبْ يَرْحَمْكَ اللَّهُ) لِقَوْلِ الْفَضْلِ وَهُوَ مُحْتَضِنٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَرِحْنِي ارْحَمْنِي فَقَدْ قَطَعْتَ وَتِينِي إنِّي أَجِدُ شَيْئًا يَتَنَزَّلُ عَلَيَّ وَقَالَ عَلِيٌّ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَجِدُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَوْتَى يَا رَسُولَ اللَّهِ طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا» (وَلَا يَغْتَسِلُ غَاسِلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِفَضْلِ مَاءٍ سَاخِنٍ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَرَكَهُ حَتَّى يَبْرُدَ) قَالَهُ أَحْمَدُ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ.
(وَيَقُصُّ شَارِبَ غَيْرِ مُحْرِمٍ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ إنْ طَالَتْ وَيَأْخُذُ شَعْرَ إبِطِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ تَنْظِيفٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ عُضْوٍ أَشْبَهَ إزَالَةَ الْأَوْسَاخِ وَالْأَدْرَانِ وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ الْعُمُومَاتِ فِي سُنَنِ الْفِطْرَةِ (وَيَجْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ مَا أَخَذَ مِنْ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ وَشَعْرِ الْإِبْطَيْنِ (مَعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (كَعُضْوٍ سَاقِطٍ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مَسَائِلِ صَالِحٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «تُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتَةِ فَمَا سَقَطَ مِنْ شَعْرِهَا فِي أَيْدِيهِمْ غَسَلُوهُ ثُمَّ رَدُّوهُ فِي رَأْسِهَا» وَلِأَنَّ دَفْنَ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ مُسْتَحَبٌّ فِي حَقِّ الْحَيِّ فَفِي حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْلَى.
(وَيُعَادُ غُسْلُهُ) أَيْ غُسْلُ مَا أُخِذَ مِنْ الْمَيِّتِ مِنْ شَعْرِ شَارِبٍ وَأَظْفَارٍ وَشَعْرِ إبِطٍ لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِيمَا تَقَدَّمَ «غَسِّلُوهُ ثُمَّ رُدُّوهُ» إلَى آخِرِهِ.
(وَ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (كَعُضْوٍ) مِنْ أَعْضَائِهِ (وَالْمُرَادُ: يُسْتَحَبُّ) إعَادَةُ غُسْلِ الْمَأْخُوذِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لِلِاكْتِفَاءِ بِغُسْلِهِ أَوَّلًا.
(وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ، أَوْ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ مَقْطُوعَةً) لُفِّقَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ بِالتَّقْمِيطِ وَالطِّينِ الْحُرِّ حَتَّى لَا يَتَبَيَّنَ تَشْوِيهُهُ.
(فَإِنْ فُقِدَ مِنْهَا) أَيْ أَعْضَاءِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ لَمْ يُجْعَلُ لَهُ شَكْلٌ مِنْ طِينٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ تَصْوِيرٌ.
(وَإِنْ كَانَ فِي أَسْنَانِهِ شَيْءٌ) مِنْهَا (يَتَحَرَّكُ وَخِيفَ سُقُوطُهُ تُرِكَ) بِحَالِهِ (وَلَمْ يُنْزَعْ وَنَصَّ أَنَّهُ يُرْبَطُ بِذَهَبٍ) كَالْحَيِّ (فَإِنْ سَقَطَ) شَيْءٌ مِنْ أَسْنَانِ الْمَيِّتِ (لَمْ يُرْبَطْ بِهِ) أَيْ بِالذَّهَبِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَجُعِلَ مَعَ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيُؤْخَذُ) أَيْ مَا عَلَى سِنِّهِ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ رُبِطَ بِهِ (إنْ لَمْ يَسْقُطْ) سِنُّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَإِلَّا تُرِكَ حَتَّى يَبْلَى.
(وَيَحْرُمُ حَلْقُ شَعْرِ عَانَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ لَمْسِ عَوْرَتِهِ.
وَرُبَّمَا احْتَاجَ إلَى نَظَرِهَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ فَلَا يُرْتَكَبُ مِنْ أَجَلِ مَنْدُوبٍ وَيَحْرُمُ حَلْقُ شَعْرِ (رَأْسِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِزِينَةٍ أَوْ نُسُكٍ وَالْمَيِّتُ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ وَلَا يُزَيَّنُ.
(وَ) يَحْرُمُ (خَتْنُهُ) إنْ كَانَ أَقْلَفَ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِبَعْضِ عُضْوٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَلِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِذَلِكَ قَدْ زَالَ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخِتَانِ التَّطْهِيرُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ.
(وَلَا يُسَرِّحُ شَعْرَهُ قَالَ الْقَاضِي يُكْرَهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْطِيعِ الشَّعْرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا «مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُسَرِّحُونَ شَعْرَ مَيِّت فَنَهَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ؟» أَيْ لَا تُسَرِّحُوا رَأْسَهُ بِالْمُشْطِ لِأَنَّهُ يُقَطِّعُ الشَّعْرَ وَيَنْتِفُهُ.
(وَيَبْقَى عَظْمٌ نَجِسٌ جُبِرَ بِهِ) الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ (مَعَ مُثْلَةٍ) وَتَقَدَّمَ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ (وَتُزَالُ اللَّصُوقُ) بِفَتْحِ اللَّامِ: مَا يُلْصَقُ عَلَى الْجُرْحِ مِنْ الدَّوَاءِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْخِرْقَةِ وَنَحْوِهَا إذَا شُدَّتْ عَلَى الْعُضْوِ لِلتَّدَاوِي قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (لِغَسْلٍ وَاجِبٍ فَيُغْسَلُ مَا تَحْتَهَا) لِيَحْصُلَ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْغُسْلِ وَكَالْحَيِّ (فَإِنْ خِيفَ مِنْ قَلْعِهَا مُثْلَةٌ) بِأَنْ خِيفَ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ بِإِزَالَتِهَا وَنَحْوِهِ (مُسِحَ عَلَيْهَا) كَجَبِيرَةِ الْحَيِّ.
(وَلَا يَبْقَى خَاتَمٌ وَنَحْوُهُ) كَخَلْخَالٍ.
(وَلَوْ بِبُرْدِهِ كَحَلْقَةٍ فِي أُذُنِ امْرَأَةٍ) لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ مَعَهُ إضَاعَةٌ لِلْمَالِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ وَ(لَا) يُزَالُ عَنْهُ (أَنْفُ ذَهَبٍ) لِمَا فِي إزَالَتِهِ مِنْ الْمُثْلَةِ (وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَيُسَنُّ ضَفْرُ شَعْرِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ أَيْ ضَفَائِرَ قَرْنَيْهَا وَنَاصِيَتِهَا وَيُسْدَلُ خَلْفَهَا) لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (قِيلَ) لِلْإِمَامِ (أَحْمَدَ فِي الْعَرُوسِ تَمُوتُ فَتُجَلَّى، فَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا) لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، خُصُوصًا مَعَ مَا يَنْضَمُّ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.
(فَإِذَا فَرَغَ) الْغَاسِلُ (مِنْ غُسْلِهِ نَشَّفَهُ بِثَوْبٍ نَدْبًا) لِأَنَّهُ هَكَذَا فُعِلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يَبْتَلَّ فَيَفْسُدَ بِهِ (وَلَا يَتَنَجَّسُ مَا نُشِّفَ بِهِ) الْمَيِّتُ مِنْ ثَوْب أَوْ نَحْوِهِ (لِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ) لِحَدِيثِ «سُبْحَانَ اللَّهِ الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجَسُ».
(وَمُحْرِمٌ مَيِّتٌ كَهُوَ) أَيْ كَمُحْرِمٍ (حَيٍّ `) لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ (فَيُجَنَّبُ) الْمُحَرَّمَ (فِي حَيَاتِهِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْفِدَاءُ عَلَى الْفَاعِلِ بِهِ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لَوْ فَعَلَهُ حَيًّا) فَلَوْ أَلْبَسُهُ أَحَدٌ الْمِخْيَطَ، أَوْ طَيَّبَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ (وَيُسْتَرُ) الْمُحْرِمُ (عَلَى نَعْشِهِ بِشَيْءٍ) كَغَيْرِهِ (وَيُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْهِ نَصًّا) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مُحْرِمٍ مَاتَ «غَسِّلُوهُ ` بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا».
وَلِلنَّسَائِيِّ «وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا» (وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ) عَلَى ثَوْبِهِ إذَا كُفِّنَ (كَبَقِيَّةِ كَفَنٍ حَلَالٍ) فِي ثَلَاثِ لَفَائِفٍ (فَيُغْسَلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَلَا يُلَبَّسُ ذَكَرٌ الْمِخْيَطَ، وَيُغَطَّى وَجْهُهُ وَرِجْلَاهُ وَسَائِرُ بَدَنِهِ، لَا رَأْسَهُ وَلَا وَجْه أُنْثَى، وَلَا يُقَرَّبُ طِيبًا) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَلَا تُمْنَعُ مِنْهُ) أَيْ الطِّيبِ (مُعْتَدَّةٌ مَاتَتْ) لِأَنَّ مَنْعَهَا مِنْهُ حَالَ الْحَيَاةِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى نِكَاحِهَا وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ بِمَوْتِهَا.
(وَلَا يُوقَفُ) الْمُحْرِمُ (بِعَرَفَةَ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ، وَلَا يُطَافُ بِهِ) بِدَلِيلِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ لَا يُحِسُّ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ جُنَّ.