فصل: فَصْلٌ: أَحْكَام الْوَكَالَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: أَحْكَام الْوَكَالَةِ:

(وَالْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ إذْنٌ وَمِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ بَذْلُ نَفْعٍ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ (تَبْطُلُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا) أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ لِعَدَمِ لُزُومِهَا لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَوْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ (لِوَكِيلِهِ: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَقَدْ وَكَّلْتُك فَهِيَ الْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ) لِأَنَّهَا تَدُورُ مَعَ الْعَزْلِ، فَكُلَّمَا عَزَلَهُ عَادَ وَكِيلًا.
(وَهِيَ) أَيْ الْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ (صَحِيحَةٌ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ (وَانْعَزَلَ) الْوَكِيلُ فِي الْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ (بِ) قَوْلِ الْمُوَكِّلِ: عَزَلْتُك وَ(كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَقَدْ عَزَلْتُك فَقَطْ) أَيْ دُونَ عَزَلْتُك فَلَا يَنْعَزِلُ بِهَا.
(وَهِيَ) أَيْ مَقَالَتُهُ كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَقَدْ عَزَلْتُك (فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ) وَهُوَ التَّوْكِيلُ وَالْفَسْخُ الْمُعَلَّقُ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هَذَا: فَلَا يَصِيرُ وَكِيلًا إذَا وَكَّلَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ الدَّوْرِيِّ لِأَنَّهُ مَتَى صَارَ وَكِيلًا انْعَزَلَ ذُكِرَ مَعْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ) بِمَوْتِ (الْوَكِيلِ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الْحَيَاةَ فَإِذَا انْتَفَتْ انْتَفَتْ صِحَّتُهَا لِانْتِفَاءِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ (لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ أَوْ عَقَدَ) وَلِيُّ الْيَتِيمِ أَوْ نَاظِرُ الْوَقْفِ (عَقْدًا جَائِزًا غَيْرَهَا، كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ لَمْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ) ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِنْصَافِ.
(وَتَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (بِجُنُونٍ مُطْبَقٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الْعَقْلَ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَتْ صِحَّتُهَا لِانْتِفَاءِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ (وَ) تَبْطُلُ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلتَّصَرُّفِ بِخِلَافِ نَحْوِ طَلَاقٍ.
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِفَلْسِ مُوَكِّلٍ فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ) كَتَصَرُّفٍ فِي عَيْنِ مَالِهِ لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَصَرُّفٍ فِي الذِّمَّةِ.
(وَ) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَيْضًا (بِفِسْقِ) أَحَدِهِمَا (فِيمَا يُنَافِيه) الْفِسْقُ (فَقَطْ كَإِيجَابٍ فِي نِكَاحٍ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي قَبُولِهِ أَوْ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَلَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِ مُوَكِّلِهِ وَلَا بِفِسْقِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، فَجَازَ لِغَيْرِهِ كَالْعَدْلِ.
(وَإِنْ كَانَ وَكَّلَ وَكِيلًا فِيمَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ كَوَكِيلِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَوَلِيِّ الْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِ انْعَزَلَ بِفِسْقِهِ وَفِسْقِ مُوَكِّلِهِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ التَّصَرُّفِ (وَكَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، كَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَجِعَالَةٍ) يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَعَزْلِهِ وَجُنُونِهِ الْمُطْبَقِ، وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ حَيْثُ نَافَاهُ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي أَبْوَابِهِ.
(وَلَا تَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (بِالنَّوْمِ وَالسُّكْرِ الَّذِي يَفْسُقُ بِهِ فِي غَيْرِ مَا يُنَافِيه) لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا يُنَافِيه الْفِسْقُ (وَلَا) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِالْإِغْمَاءِ) كَالنَّوْمِ، لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ (وَلَا) بِ (التَّعَدِّي كَلُبْسِ ثَوْبٍ) وَكَّلَهُ فِي نَحْوِ بَيْعِهِ (وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَنَحْوِهِمَا) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ الْأَمَانَةَ وَالْإِذْنَ، فَإِذَا زَالَتْ الْأُولَى بِالتَّعَدِّي بَقِيَ الْإِذْنُ بِحَالِهِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا مُجَرَّدُ أَمَانَةٍ فَنَافَاهَا التَّعَدِّي (وَيَصِيرُ) الْوَكِيلُ (بِالتَّعَدِّي ضَامِنًا فَلَوْ وُكِّلَ فِي بَيْعِ ثَوْبٍ فَلَبِسَهُ صَارَ ضَامِنًا) لِتَعَدِّيهِ (فَإِذَا بَاعَهُ) الْوَكِيلُ (صَحَّ بَيْعُهُ) لَهُ.
(وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ) لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانِهِ (فَإِذَا قَبَضَ) الْكَيْلُ (الثَّمَنَ) حَيْثُ جَازَ لَهُ (صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ عَلَيْهِ (فَإِنْ رَدَّهُ) أَيْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ (بِعَيْبٍ عَادَ الضَّمَانُ) لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُزِيلَ لِلضَّمَانِ زَالَ، فَعَادَ مَا زَالَ بِهِ وَإِنْ عَادَ إلَى يَدِ الْوَكِيلِ بِعَقْدٍ آخَرَ لَمْ يَعُدْ الضَّمَانُ إلَّا إنْ تَعَدَّى لِأَنَّ هَذِهِ وَكَالَةٌ أُخْرَى لَمْ يَقَعْ عَنْهُ فِيهَا تَعَدٍّ.
(وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَوَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا فَتَعَدَّى) الْوَكِيلُ (فِي الثَّمَنِ صَارَ ضَامِنًا فَإِذَا اشْتَرَى بِهِ وَسَلَّمَهُ) أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ عَلَى قِيَاسِ الْمَبِيعِ (زَالَ الضَّمَانُ وَقَبْضُهُ لِلْمَبِيعِ قَبْضُ أَمَانَةٍ فَإِنْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ عَادَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ.
(وَتَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (أَيْضًا بِتَلَفِ الْعَيْنِ الَّتِي وُكِّلَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا) لِأَنَّ مَحَلَّ الْوَكَالَةِ قَدْ ذَهَبَ (وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِدَفْعِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (عِوَضًا لَمْ يُؤْمَرْ بِدَفْعِهِ) فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَفِي شِرَاءِ أَمَةٍ بِدَرَاهِمَ أُخْرَى فَبَذَلَ ثَمَنَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بَطَلَتْ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَكَّلَهُ فِي شِرَائِهِ.
(وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا بِ (اقْتِرَاضِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ) لِلْمُوَكِّلِ (كَتَلَفِهِ) أَيْ كَمَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِتَلَفِهِ (كَمَا إذَا دَفَعَ) الْمُوَكِّلُ (إلَيْهِ دِينَارًا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِهِ فَاسْتَقْرَضَ الْوَكِيلُ الدِّينَارَ) وَتَصَرَّفَ فِيهِ لِنَفْسِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ (وَ) لَوْ (عَزَلَ دِينَارًا عَوَّضَهُ وَاشْتَرَى بِهِ) الْوَكِيلُ (فَيَصِيرُ كَالشِّرَاءِ لَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ (مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بَطَلَتْ وَالدِّينَارُ الَّذِي عَزَلَهُ) الْوَكِيلُ (عِوَضًا لَا يَصِيرُ لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَإِذَا اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ بِهِ شَيْئًا) وَلَمْ يُسَمِّهِ فِي الْعَقْدِ.
(وَقَفَ) الشِّرَاءُ (عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ) الْمُوَكِّلُ (صَحَّ) الشِّرَاءُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ (وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُجِزْهُ الْمُوَكِّلُ (لَزِمَ) الْبَيْعُ الْوَكِيلَ فَيُؤَدِّي ثَمَنَهُ.
(وَتَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (بِرِدَّةِ مُوَكِّلٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ.
وَفِي الشَّرْحِ: لَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ فِيمَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَ(لَا) تَبْطُلُ بِرِدَّةِ (وَكِيلٍ، وَلَوْ لَحِقَ) الْوَكِيلُ (بِدَارِ حَرْبٍ) لِأَنَّ رِدَّتَهُ لَا تُؤَثِّرُ فِي تَصَرُّفِهِ وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي مَالِهِ (إلَّا فِيمَا يُنَافِيهَا) أَيْ إلَّا إذَا وُكِّلَ فِي تَصَرُّفٍ يُنَافِي الرِّدَّةَ كَإِيجَابٍ أَوْ قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ.
(وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا فِيمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْكَافِرِ (فِيهِ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ (ذِمِّيًّا كَانَ) الْوَكِيلُ (أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا) لِأَنَّ الْعَدَالَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ فَكَذَلِكَ الدَّيْنُ كَالْبَيْعِ.
(وَإِنْ وَكَّلَهُ) أَيْ وَكَّلَ إنْسَانٌ آخَرَ (فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا) الْمُوَكِّلُ (أَوْ قَبَّلَهَا وَنَحْوُهُ) كَمُبَاشَرَتِهَا دُونَ فَرْجٍ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ رُجُوعِهِ وَجَزَمَ فِي الْمُنْتَهَى بِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْقُبْلَةِ.
(أَوْ) وَكَّلَ (فِي عِتْقِ عَبْدِهِ، فَكَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ بَطَلَتْ) الْوَكَالَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ دَلِيلُ رُجُوعِهِ.
(وَلَا يَبْطُلُ تَوْكِيلُهُ عَبْدَهُ بِعِتْقِهِ وَلَا بَيْعِهِ وَ) لَا (هِبَتِهِ، وَ) لَا (كِتَابَتِهِ، وَ) لَا (إبَاقِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْوَكَالَةِ فَلَا يَمْنَعُ اسْتِدَامَتَهَا (وَكَذَا إنْ وَكَّلَ) إنْسَانٌ (عَبْدَ غَيْرِهِ فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ أَوْ بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ لِمَا سَبَقَ (لَكِنْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ) وَالْهِبَةِ (إنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي) أَوْ الْمُتَّهِبُ (بِبَقَائِهِ عَلَى الْوَكَالَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي) أَوْ الْمُتَّهِبُ (الْمُوَكِّلَ) فَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُتَّهِبُ بِبَقَاءِ الْعَبْدِ عَلَى الْوَكَالَةِ (بَطَلَتْ) الْوَكَالَةُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ أَوْ اتَّهَبَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ مَالِكِهِ فَلَا بُطْلَانَ لِأَنَّ مِلْكَهُ إيَّاهُ لَا يُنَافِي إذْنَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
(وَلَا تَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ) وَكَّلَهَا زَوْجُهَا أَوْ غَيْرُهُ (وَلَا بِجُحُودِ الْوَكَالَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (وَلَا) تَبْطُلُ (بِسُكْنَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (دَارِهِ بَعْدَ أَنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهَا وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ وَلَا يُنَافِيهَا.
(وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلٍ وَعَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِهِ) أَيْ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ أَوْ عَزْلِهِ لِأَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ لَا يَفْتَقِرُ إلَى رِضَا صَاحِبِهِ فَصَحَّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالطَّلَاقِ (فَيَضْمَنُ) الْوَكِيلُ (إنْ تَصَرَّفَ) بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ أَوْ عَزْلِهِ (لِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ إلَّا مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ اقْتَصَّ وَلَمْ يَعْلَمْ عَفْوَ مُوَكِّلِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا.
(وَلَا يَقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (أَنَّهُ كَانَ عَزَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ، لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ (بِلَا بَيِّنَةٍ) فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (أَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ قَبْلَ دَفْعِ وَكِيلِهِ) الزَّكَاةَ (إلَى السَّاعِي) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهَا (وَتُؤْخَذُ) الزَّكَاةُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّاعِي (إنْ كَانَتْ) الزَّكَاةُ (بِيَدِهِ) أَيْ السَّاعِي وَتُرَدُّ لِرَبِّهَا.
(وَإِلَّا) تَكُنْ بِيَدِ السَّاعِي بِأَنْ تَلِفَتْ أَوْ أَعْطَاهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا (فَلَا) تُؤْخَذُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ دَفَعَ الزَّكَاةَ لِنَحْوِ فَقِيرٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَنْتَزِعَهَا مِنْ الْفَقِيرِ بِلَا بَيِّنَةٍ.
(وَلَا يَنْعَزِلُ مُودَعٌ قَبْلَ عِلْمِهِ) بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ عَزْلِهِ فَمَا بِيَدِهِ أَمَانَةٌ (وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ كَذَا بَيْنَنَا فَقَالَ نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ) فَقَالَ لَهُ اشْتَرِ بَيْنَنَا.
(قَالَ نَعَمْ فَقَدْ عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ وَكَالَةِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ) الَّذِي اشْتَرَاهُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (وَلِلثَّانِي) نِصْفَيْنِ لِأَنَّ إجَابَتَهُ لِلثَّانِي دَلِيلُ رُجُوعِهِ عَنْ إجَابَةِ الْأَوَّلِ.
(وَتَنْفَسِخُ شَرِكَةٌ وَمُضَارَبَةٌ بِعَزْلِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ، أَوْ رَبِّ الْمَالِ (قَبْلَ الْعِلْمِ) بِعَزْلِهِ كَالْوَكِيلِ.
(وَمَتَى صَحَّ الْعَزْلُ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي الْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ (كَانَ مَا بِيَدِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ (أَمَانَةٌ) لَا يَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَفْرِيطٍ حَيْثُ لَمْ يَتَصَرَّفْ وَأَمَّا مَا تَلِفَ بِتَصَرُّفِهِ فَيَضْمَنُهُ كَمَا سَبَقَ (وَكَذَلِكَ عُقُودُ الْأَمَانَاتِ كُلُّهَا كَالْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ إذَا انْتَهَتْ) بِأَنْ كَانَتْ مُغَيَّاةً بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ (أَوْ انْفَسَخَتْ) بِمَوْتٍ أَوْ عَزْلٍ حَيْثُ أَمْكَنَ فَإِنَّهَا تَكُونُ أَمَانَةً.
(وَ) كَذَلِكَ (الْهِبَةُ) لِلْوَلَدِ (إذَا رَجَعَ فِيهَا الْأَبُ) فَهِيَ أَمَانَةٌ مَا دَامَتْ بِيَدِ وَلَدِهِ (وَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ قَبُولُ قَوْلِ مُوَكِّلٍ: أَنَّهُ) كَانَ (رَجَعَ قَبْلَ طَلَاقِ وَكِيلِهِ) وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا حُكْمُ دَعْوَى (عِتْقِهِ وَرَهْنِهِ) مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ بَيْعِ وَكِيلِهِ لَهُ.
(وَإِذَا وَقَعْت الْوَكَالَةُ مُطْلَقَةً مَلَكَ) الْوَكِيلُ (التَّصَرُّفَ أَبَدًا مَا لَمْ تَنْفَسِخْ) الْوَكَالَةُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ (وَيَحْصُلُ فَسْخُهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ (بِقَوْلِهِ: فَسَخْتُ الْوَكَالَةَ أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوْ نَقَضْتهَا أَوْ أَزَلْتُك أَوْ صَرَفْتُك أَوْ عَزَلْتُك عَنْهَا أَوْ يَنْهَاهُ) الْمُوَكِّلُ (عَنْ فِعْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُقْتَضِيَةِ عَزْلَهُ وَ) الْأَلْفَاظِ (الْمُؤَدِّيَةِ مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى الْعَزْلِ (أَوْ يَعْزِلُ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ، أَوْ يُوجَدُ مَا يَقْتَضِي فَسْخَهَا حُكْمًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْ يُوجَدُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْوَكَالَةِ، كَوَطْءِ امْرَأَتِهِ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ فِي طَلَاقِهَا) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ.

.فَصْلٌ: فِي حُقُوقُ الْعَقْدِ:

(وَحُقُوقُ الْعَقْدِ) كَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَضَمَانِ الدَّرَكِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ (مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (ابْتِدَاءً وَلَا يَدْخُلُ) الْمَبِيعُ (فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ فَلَا يُعْتَقُ قَرِيبُ وَكِيلٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ وَاشْتَرَاهُ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الْوَكِيلِ (وَلَا يُطَالِبُ) الْوَكِيلُ (فِي الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ، وَلَا) يُطَالِبُ الْوَكِيلُ (فِي الْبَيْعِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، بَلْ يُطَالِبُ بِهِمَا الْمُوَكِّلُ) لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَإِنْ اشْتَرَى وَكِيلٌ فِي شِرَاءٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَضَامِنٍ وَقَالَهُ الْمَجْدُ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَمَنْ وَكَّلَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مُوَكِّلَهُ فِي الْعَقْدِ فَضَامِنٌ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ.
(وَلَوْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا) أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ حَرْبِيًّا (فِي شِرَاءِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ) لِأَنَّ شِرَاءَ الْمُسْلِمِ لِذَلِكَ لَا يَصِحُّ فَتَوْكِيلُهُ فِيهِ كَذَلِكَ (وَلَا) يَصِحُّ (الشِّرَاءُ) لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ) بِغَيْرِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ (لَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا صُلْحُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ مُوَكِّلِهِ.
(وَلَا الْإِبْرَاءُ) أَيْ إبْرَاءُ الْوَكِيلِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ مُوَكِّلِهِ (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الْمُوَكِّلُ (بِذِكْرِ ذَلِكَ) لِلْوَكِيلِ (فِي تَوْكِيلِهِ) فَيَمْلِكُ كَسَائِرِ مَا يُوَكَّلُ فِيهِ (وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ) الْمَبِيعَ (بِعَيْبٍ) أَوْ تَدْلِيسٍ أَوْ غَبْنٍ وَنَحْوِهِ.
(وَيَضْمَنُ) الْمُوَكِّلُ (الْعُهْدَة) إذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ أَوْ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا (وَنَحْوَ ذَلِكَ) مِنْ سَائِرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ دُونَ الْوَكِيلِ.
(وَإِذَا وَكَّلَ) شَخْصٌ (اثْنَيْنِ) وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ، أَوْ وَكَّلَهُمَا مَعًا (لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ) لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يُفَوِّضْهُ إلَيْهِ وَحْدَهُ وَكَذَا النَّاظِرَانِ وَالْوَصِيَّانِ.
(وَإِلَّا أَنْ يَجْعَلَ) الْمُوَكِّلُ (ذَلِكَ) أَيْ الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَوْ يَجْعَلَهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيَكُونُ لَهُ الِانْفِرَادُ بِهِ (وَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ (لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ) الْحَاضِرِ (أَنْ يَتَصَرَّفَ) فِي غَيْبَةِ رَفِيقِهِ.
(وَلَا الْحَاكِمِ ضَمُّ أَمِينٍ إلَيْهِ لِيَتَصَرَّفَا) مَعًا (وَفَارَقَ مَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ حَيْثُ يُضِيفُ الْحَاكِمُ إلَى الْوَصِيِّ أَمِينًا لِيَتَصَرَّفَ لِكَوْنِ الْحَاكِمِ لَهُ النَّظَرُ فَإِنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَالْيَتِيمِ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ أَقَامَ الْحَاكِمُ أَمِينًا فِي النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ) بِخِلَافِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ رَشِيدٌ جَائِزُ التَّصَرُّفِ لَا وِلَايَةَ لِلْحَاكِمِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ حَضَرَ الْحَاكِمَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ، وَ) الْوَكِيلُ (الْآخَرُ غَائِبٌ) عَنْ الْبَلَدِ أَوْ الْمَجْلِسِ (فَادَّعَى) الْوَكِيلُ الْحَاضِرُ (الْوَكَالَةَ لَهُمَا) أَيْ لَهُ وَلِرَفِيقِهِ الْغَائِبِ (أَقَامَ بَيِّنَةً) بِدَعْوَاهُ (سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ بِثُبُوتِ الْوَكَالَةِ لَهُمَا) أَيْ لِلْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ.
(وَلَمْ يَمْلِكْ الْحَاضِرُ التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِذَا حَضَرَ) الْوَكِيلُ (الْآخَرُ تَصَرَّفَا مَعًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَجَازَ الْحُكْمُ الْمُتَقَدِّمُ لِلْغَائِبِ، تَبَعًا لِلْحَاضِرِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْوَقْفِ الَّذِي ثَبَتَ لِمَنْ لَمْ يُخْلَقْ لِأَجْلِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ فِي الْحَالِّ وَإِنْ جَحَدَ الْغَائِبُ الْوَكَالَةَ أَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ).
لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ تَصَرُّف أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا بِدَلِيلِ إضَافَةِ الْغَيْرِ إلَيْهِ كَمَا سَبَقَ (وَجَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ اقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْهُ وَنَحْوِهَا (فِي هَذَا) الْمَذْكُورِ فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ (سَوَاءٌ) لِعَدَمِ الْفَارِقِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَكِيلٍ) شَيْئًا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ (لِنَفْسِهِ) لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْبَيْعِ بَيْعُ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِهِ فَحُمِلَتْ الْوَكَالَةُ عَلَيْهِ وَكَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ وَلِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ بِهِ تُهْمَةٌ وَيَتَنَافَى الْغَرَضَانِ فِي بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ نَهَاهُ (وَلَا) يَصِحُّ (شِرَاؤُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ شَيْئًا وُكِّلَ فِي شِرَائِهِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ (لِمُوَكِّلِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ (وَلَوْ زَادَ) الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ (عَلَى مَبْلَغِ ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ، أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ) حَيْثُ جَازَ.
(وَكَانَ هُوَ أَحَدُ الْمُشْتَرِينَ) فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعُرْفَ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ فَتُحْمَلُ الْوَكَالَةُ عَلَيْهِ (إلَّا بِإِذْنِهِ) بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهَا فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (فَيَصِحُّ تَوَلِّي طَرَفَيْ عَقْدٍ فَيَهِمَا) أَيْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (كَأَبِي الصَّغِيرِ، وَكَوَكِيلِهِ فِي بَيْعِهِ وَ) تَوْكِيلِ (آخَرَ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (فِي شِرَائِهِ) فَيَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْبَيْعِ فِي تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ (نِكَاحٌ وَيَأْتِي) مُفَصَّلًا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
(وَ) مِثْلُهُ أَيْضًا (دَعْوًى) إذَا وَكَّلَاهُ فِيهَا فَيَدَّعِي عَنْ أَحَدِهِمَا وَيُجِيبُ عَنْ الْآخَرِ وَيُقِيمُ حُجَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي الدَّعْوَى: الَّذِي يَقَعُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ: لَا يَصِحُّ لِلتَّضَادِّ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ (لِإِخْوَتِهِ وَأَقَارِبِهِ) كَعَمِّهِ وَابْنَيْ أَخِيهِ وَعَمِّهِ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ، قُلْت وَحَيْثُ حَصَلَ تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ (لَا) بَيْعُهُ (لِوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَنَحْوِهِمْ) كَزَوْجَتِهِ وَسَائِرِ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِمْ، وَيَمِيلُ إلَى تَرْكِ الِاسْتِقْصَاءِ عَلَيْهِمْ فِي الثَّمَنِ كَتُهْمَتِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ (إلَّا بِإِذْنِ) الْمُوَكِّلِ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قُلْت وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ كَالْبَيْعِ لَهُمْ فِيمَا سَبَقَ.
(وَكَذَا) أَيْ كَالْوَكِيلِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ أَقَارِبِهِ (حَاكِمٌ وَأَمِينُهُ وَوَصِيٌّ وَنَاظِرُ) وَقْفٍ فَلَا يَبِيعُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَنَحْوِهِمْ، كَإِجَارَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَعَكْسِهِ وَأَمَّا إجَارَتُهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى نَفْسِ النَّاظِرِ فَإِجَارَتُهُ لِوَلَدِهِ صَحِيحَةٌ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا مِنْهَا: الصِّحَّةُ وَحَكَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ قُضَاتِنَا مِنْهُمْ الْبُرْهَانُ بْنُ مُفْلِحٍ وَالثَّانِي: تَصِحُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَقَطْ وَالثَّالِثُ: لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ بَعْضُ إخْوَانِنَا وَالْمُخْتَارُ مِنْ ذَلِكَ: الثَّانِي انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ مَشَايِخُنَا: عَدَمُ الصِّحَّةِ وَكَذَا (مُضَارِبٌ وَشَرِيكُ عِنَانٍ وَوُجُوهٍ) وَكَذَا عَامِلُ بَيْتِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ وَالْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ فِيمَا سَبَقَ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ.

.فَصْلٌ: حُكْمُ بَيْعِ الْوَكِيلِ:

(وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْوَكِيلُ نَسَاءً) أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ (وَلَا) أَنْ يَبِيعَ (بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ الْحُلُولُ وَإِطْلَاقُ النَّقْدِ يَنْصَرِفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ وَأَطْلَقَ انْصَرَفَ إلَى الْحُلُولِ وَنَقْدِ الْبَلَدِ (وَلَا) أَنْ يَبِيعَ (بِغَيْرِ غَالِبَةٍ) رَوَاجًا (إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الْبَلَدِ (نُقُودٌ فَإِنْ تَسَاوَتْ) النُّقُودُ رَوَاجًا (فَبِالْأَصْلَحِ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ الْإِطْلَاقُ (هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ نَقْدًا فَإِنْ عَيَّنَهُ أَوْ قَالَ) بِعْ بِكَذَا (حَالًّا تَعَيَّنَ) مَا عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ، كَتَعْيِينِهِ إيَّاهُ، لَكِنْ لَوْ لَمْ يَقُلْ حَالًّا تَعَيَّنَ أَيْضًا الْحَالُّ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ إلَّا التَّوْكِيدُ.
(وَلَا أَنْ يَبِيعَ) الْوَكِيلُ (بِعَرَضٍ) كَثَوْبٍ وَفُلُوسٍ (وَلَا نَفْعَ) كَسُكْنَى دَارٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ (مَعَ الْإِطْلَاقِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا فَلَا يَبِيعُهُ بِعَرْضٍ وَلَا نَفْعٍ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَكَالَةِ لَمْ يَقْتَضِهِ لَكِنْ التَّافِهُ الَّذِي يُبَاعُ بِالْفُلُوسِ عَادَةً يَصِحُّ بَيْعُهُ بِهَا، عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ، حَيْثُ يَبِيعُ نَسَاءً وَبِغَرَضِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمُضَارَبَةِ الرِّبْحُ وَهُوَ فِي النَّسَاءِ وَنَحْوِهِ أَكْثَرُ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ الْمَقْصُودُ تَحْصِيلُ الثَّمَنِ لِدَفْعِ حَاجَةٍ فَيَفُوتُ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ وَتَنْضِيضَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ فَيَعُودُ الضَّرَرُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا تَعَيَّنَ وَلَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهُ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِإِذْنِهِ.
(وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي بَيْعٍ تَقْلِيبُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ (عَلَى مُشْتَرٍ إلَّا بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَقْتَضِيه (وَإِلَّا) بِأَنْ أَعْطَاهُ الْوَكِيلُ لِمَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ لِيُقَلِّبَهُ وَغَابَ بِهِ عَنْ الْوَكِيلِ (ضَمِنَ) الْوَكِيلُ الْبَيْعَ إنْ تَلِفَ لِتَعَدِّيهِ بِدَفْعِهِ لَهُ (وَلَا) لِوَكِيلٍ (بَيْعُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَيَضْمَنُ) إنْ فَعَلَ، لِعَدَمِ تَضَمُّنِ الْإِذْنِ لِذَلِكَ (وَيَصِحُّ) الْبَيْعُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّعَدِّيَ لَا يُبْطِلُهَا.
(وَ) إنْ نَقَلَ الْمَبِيعَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَبَاعَهُ بِهِ (مَعَ مُؤْنَةِ نَقْلٍ) لِلْمَبِيعِ (لَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ وَأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى مِنْ عِنْدِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (الْعَقْدُ مَعَ فَقِيرٍ) لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّمَنِ (وَلَا) مَعَ (قَاطِعِ طَرِيقٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ.
(وَإِنْ بَاعَ هُوَ) أَيْ وَكِيلٌ (وَمُضَارِبٌ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ) إنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ ثَمَنًا (أَوْ) بَاعَ (بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ) الْمُوَكِّلُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ (صَحَّ) الْبَيْعُ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ بَيْعُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ بِدُونِهِ كَالْمَرِيضِ (وَضَمِنَا) أَيْ الْوَكِيلُ وَالْمُضَارِبُ (النَّقْصَ كُلَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً) لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ حَظِّ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَحَظِّ الْبَائِعِ فَوَجَبَ التَّضْمِينُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَلَا يُعْتَبَرُ حَظُّهُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ (فَأَمَّا مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ) عَادَةً (كَالدِّرْهَمِ فِي الْعَشَرَةِ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ) لَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ وَلَا الْمُضَارِبُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ قَدَّرَ الثَّمَنَ) لِلْوَكِيلِ.
(وَيَضْمَنُ) الْوَكِيلُ وَالْمُضَارِبُ (الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ النَّقْصِ وَلَوْ كَانَ يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً (فِي الْمُقَدَّرِ) فَإِنْ قَالَ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِتِسْعَةٍ ضَمِنَ الْوَاحِدَ لِمُخَالَفَتِهِ.
(وَلَا يَضْمَنُ عَبْدٌ) بَاعَ بِأَنْقَصَ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ عَمَّا قَدَّرَهُ لَهُ سَيِّدُهُ (لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ الدَّيْنُ (وَلَا) يَضْمَنُ (صَبِيٌّ) بَاعَ كَذَلِكَ (لِنَفْسِهِ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى نَفْسِهِ (وَيَصِحُّ الْبَيْعُ) مِنْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ بِأَنْقَصَ كَالْوَكِيلِ.
(وَلَوْ حَضَرَ مَنْ يَزِيدُ) فِي الْمَبِيعِ (عَلَى ثَمَنِ مِثْلٍ لَمْ يَجُزْ) لِلْوَكِيلِ وَلَا لِلْمُضَارِبِ (بَيْعُهُ بِهِ) أَيْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطَ وَطَلَبَ الْحَظِّ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ خَالَفَ وَبَاعَ، فَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَلَا ضَمَانَ وَلَمْ أَرَهُ مُصَرِّحًا بِهِ (فَإِنْ بَاعَ) الْوَكِيلُ أَوْ الْمُضَارِبُ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ) أَوْ أَكْثَرَ (فَحَضَرَ مَنْ يَزِيدُ) فِي الثَّمَنِ (فِي مُدَّةِ خِيَارِ) مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْوَكِيلَ أَوْ الْمُضَارِبَ (فَسْخُ) الْبَيْعِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالدَّافِعَ لَهَا قَدْ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ أَمِين الْحَاكِمِ إذَا بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ وَحَضَرَ مَنْ يَزِيدُ يَلْزَمُهُ الْفَسْخُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَبَعْدَهَا يُسْتَحَبُّ لَهُ سُؤَالُ الْمُشْتَرِي الْإِقَالَةَ.
(وَإِذَا بَاعَ) وَكِيلٌ أَوْ مُضَارِبٌ (بِأَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُقَدَّرِ (صَحَّ) الْبَيْعُ (سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ) الْمُوَكِّلُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ (أَوْ لَمْ تَكُنْ) الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ بَاعَ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَزَادَهُ خَيْرًا زِيَادَةً تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ وَالْعُرْفُ يَقْتَضِيه أَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَاشْتَرَاهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ.
(وَ) إنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ (بِعْهُ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِدِينَارٍ، أَوْ) قَالَ (اشْتَرِهِ بِدِينَارٍ فَاشْتَرَاهُ بِدِرْهَمٍ صَحَّ) الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا) فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِدِرْهَمٍ رَضِيَ مَكَانَهُ بِدِينَارٍ وَمَنْ رَضِيَ بِبَذْلِ دِينَارٍ رَضِيَ مَكَانَهُ بِدِرْهَمٍ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَإِنْ اخْتَلَطَ الدِّرْهَمُ بِآخَرَ عَمِلَ بِظَنِّهِ.
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حُكْمًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَ(لَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا قَالَ بِعْهُ بِدِرْهَمٍ (إنْ بَاعَهُ بِثَوْبٍ يُسَاوِي دِينَارًا) لِمُخَالَفَةِ مُوَكِّلِهِ وَالْعُرْفُ لَا يَقْتَضِيه (وَإِنْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ (بِعْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ) الْوَكِيلُ (بِمِائَةِ ثَوْبٍ قِيمَتُهَا) أَيْ الثِّيَابِ (أَكْثَرُ مِنْ الدَّرَاهِمِ) لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِلْمُخَالَفَةِ (أَوْ) قَالَ بِعْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ (بِثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَعِشْرِينَ ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الثِّيَابِ لِلْمُخَالَفَةِ فِي الْجِنْسِ.
(وَإِنْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ (اشْتَرِهِ بِمِائَةٍ وَلَا تَشْتَرِهِ بِدُونِهَا فَخَالَفَهُ) الْوَكِيلُ (لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُخَالَفَةِ لِنَصِّهِ.
وَصَرِيحُ قَوْلِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَلَالَةِ الْعُرْفِ (وَإِنْ قَالَ اشْتَرِهِ بِمِائَةٍ وَلَا تَشْتَرِهِ بِخَمْسِينَ صَحَّ شِرَاؤُهُ بِمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ، بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِسِتِّينَ مَثَلًا لِأَنَّ إذْنَهُ فِي الشِّرَاءِ بِمِائَةٍ دَلَّ عُرْفًا عَلَى الشِّرَاءِ بِمَا دُونَهَا خَرَجَ مِنْهُ الْخَمْسُونَ بِصَرِيحِ النَّهْيِ بَقِيَ فِيمَا فَوْقَهَا عَلَى مُقْتَضَى الْإِذْنِ.
(وَ) كَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ (بِدُونِ الْخَمْسِينَ) فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (وَ) إنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ (اشْتَرِ لِي نِصْفَهُ بِمِائَةٍ وَلَا تَشْتَرِهِ جَمِيعَهُ فَاشْتَرَى) الْوَكِيلُ (أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَأَقَلَّ مِنْ الْكُلِّ بِمِائَةٍ صَحَّ) الشِّرَاءُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ (بِعْهُ بِأَلْفٍ نَسَاءً فَبَاعَهُ) الْوَكِيلُ (بِهِ حَالًّا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا.
(وَلَوْ اسْتَضَرَّ) الْمُوَكِّلُ (بِقَبْضِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِّ) مِنْ حَيْثُ حِفْظُهُ أَوْ خَوْفُ تَلَفِهِ أَوْ تَعَدٍّ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ، اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ إذْ النَّادِرُ لَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ (مَا لَمْ يَنْهَهُ) بِأَنْ يَقُولَ: لَا تَبِعْ حَالًّا فَلَا يَصِحُّ لِلْمُخَالَفَةِ.
(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى) الْوَكِيلُ (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً) إذَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ ثَمَنٌ صَحَّ (أَوْ) اشْتَرَى الْوَكِيلُ (بِأَكْثَرَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ) الْمُوَكِّلُ (صَحَّ) كَالْبَيْعِ فِيمَا سَبَقَ (وَضَمِنَ) الْوَكِيلُ (الزَّائِدَ) عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُقَدَّرِ لِمَا سَبَقَ (وَمِثْلُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (مُضَارِبٌ) فِيمَا ذُكِرَ وَكَذَا الْوَصِيُّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ) أَوْ غَيْرِهِ (بِمِائَةٍ فَبَاعَ) الْوَكِيلُ (نِصْفَهُ بِهَا) أَيْ بِالْمِائَةِ (صَحَّ) الْبَيْعُ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ وَزَادَهُ زِيَادَةً تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ (وَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (بَيْعُ النِّصْفِ الْآخَرِ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي بَيْعِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ كُلَّهُ بِمِثْلَيْ ثَمَنِهِ.
(وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ فَبَاعَ) الْوَكِيلُ (أَحَدَهُمَا بِهَا) صَحَّ الْبَيْعُ (وَلَهُ بَيْعُ) الْعَبْدِ (الْآخَرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي عَزْلَهُ.
(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَ) الْوَكِيلُ (بَعْضَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْكُلِّ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ فَاشْتَرَى بَعْضَهُمَا (مَا لَمْ يَبِعْ) الْوَكِيلُ (الْبَاقِيَ) مِنْ الْعَبْدِ فَإِنْ بَاعَهُ صَحَّ وَعَلَى هَذَا فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ مَوْقُوفٌ إنْ بَاعَ الْبَاقِيَ تَبَيَّنَّا صِحَّتُهُ وَإِلَّا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَهُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا (أَوْ يَكُنْ) الْمَبِيعُ (عَبِيدًا أَوْ صُبْرَةً وَنَحْوَهُمَا فَيَصِحُّ) بَيْعُهُ (مُفَرَّقًا) لِأَنَّهُ الْعُرْفُ (مَا لَمْ يَأْمُرْهُ) الْمُوَكِّلُ (بِبَيْعِهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً) فَلَا يُخَالِفُهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَاهُ) الْوَكِيلُ (بِمَا قَدَّرَهُ) الْمُوَكِّلُ (لَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِهِ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِهَا (مُؤَجَّلًا) صَحَّ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا (أَوْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ (اشْتَرِ لِي شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى) الْوَكِيلُ (بِهِ) أَيْ الدِّينَارِ (شَاتَيْنِ تُسَاوِي إحْدَاهُمَا دِينَارًا أَوْ اشْتَرَى) الْوَكِيلُ (شَاةً تُسَاوِي دِينَارًا بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ) الشِّرَاءُ.
(وَكَانَ) الزَّائِدُ (لِلْمُوَكِّلِ) لِحَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَعَثَ مَعَهُ بِدِينَارٍ يَشْتَرِي لَهُ ضَحِيَّةً مَرَّةً وَقَالَ مَرَّةً أَوْ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ اثْنَتَيْنِ فَبَاعَ وَاحِدَةً بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِالْأُخْرَى فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ».
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ «هَذَا دِينَارُكُمْ وَهَذِهِ شَاتُكُمْ قَالَ كَيْفَ صَنَعْت؟ فَذَكَرَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ حَصَلَ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَزِيَادَةٌ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا تُسَاوِي دِينَارًا (وَإِنْ لَمْ تُسَاوِهِ) أَيْ الدِّينَارَ إحْدَاهُمَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى شَاتَيْنِ أَوْ لَمْ تُسَاوِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِدُونِ الدِّينَارِ (لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْمَقْصُودُ فَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ لَهُ، لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ لَفْظًا وَلَا عُرْفًا.
(وَإِنْ بَاعَ) الْوَكِيلُ (إحْدَى الشَّاتَيْنِ) اللَّتَيْنِ اشْتَرَاهُمَا بِدِينَارٍ (لَا) إنْ بَاعَ (كِلْتَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ) الْمُوَكِّلِ (صَحَّ) الْمَبِيعُ (إنْ كَانَتْ) الشَّاةُ (الْبَاقِيَةُ تُسَاوِي دِينَارًا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ.
(وَلَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ شَرْطَ الْخِيَارِ لِلْعَاقِدِ مَعَهُ) لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَعَقْدُ الْوَكَالَةِ لَا يَقْتَضِيه (وَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (شَرْطُهُ) أَيْ الْخِيَارِ (لِنَفْسِهِ) وَيَكُونُ لَهُ وَلِمُوَكِّلِهِ وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ لَمْ يَصِحَّ.
(وَ) لَهُ شَرْطُهُ (لِمُوَكِّلِهِ) لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ لَمْ يَحْضُرْهُ مُوَكِّلُهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ مُوَكِّلُهُمَا إنْ حَضَرَهُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (شِرَاءُ مَعِيبٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ اشْتَرَى مَعِيبًا (غَيْرَ عَالِمٍ فَلَهُ الرَّدُّ) بِالْعَيْبِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ.
(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ الْمَعِيبَ (عَالِمًا) بِعَيْبِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ الْبَيْعُ الْوَكِيلَ (مَا لَمْ يَرْضَ الْمُوَكِّلُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (وَلَا لِمُوَكِّلِهِ رَدُّهُ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ، لِدُخُولِ الْوَكِيلِ عَلَى بَصِيرَةٍ فَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) الْوَكِيلُ مَا عَلِمَ عَيْبَهُ (بِعَيْنِ الْمَالِ) الَّذِي وُكِّلَ فِي الشِّرَاءِ بِهِ (فَكَشِرَاءِ فُضُولِيٍّ) فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (وَلِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ مَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَلِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَلِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ قَبْلَ رَدِّ الْوَكِيلِ) الْمَعِيبَ.
(وَرَضِيَ) الْمُوَكِّلُ (بِالْعَيْبِ، لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ رَدُّهُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا وَلَا يَسْقُطُ بِرِضَا غَيْرِهِ (وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) الْمُوَكِّلُ (فَأَرَادَ الْوَكِيلُ الرَّدَّ، فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: تَوَقَّفْ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ فَرُبَّمَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْوَكِيلَ (ذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ فَوَاتَ الرَّدِّ بِهَرَبِ الْبَائِعِ فَإِنْ أَخَّرَهُ لِذَلِكَ فَلَهُ الرَّدُّ.
(فَلَوْ أَسْقَطَ الْوَكِيلُ خِيَارَهُ فَحَضَرَ مُوَكِّلُهُ فَرَضِيَ بِهِ) أَيْ الْمَعِيبِ (لَزِمَهُ) الْبَيْعُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ (فَلَهُ رَدُّهُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ وَكِيلِهِ.
(وَلَوْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (عَيْبٌ) وَأَسْقَطَ الْوَكِيلُ خِيَارَهُ، وَأَرَادَ الْمُوَكِّلُ الرَّدَّ بِهِ (فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ) قَبْلَ قَوْلِهِ، وَ(لَزِمَ الْوَكِيلَ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيمَنْ يُبَاشِرُ عَقْدًا أَنَّهُ لِنَفْسِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (رَدُّهُ) لِإِسْقَاطِهِ خِيَارَهُ (فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ) لِلْوَكِيلِ (مُوَكِّلُك قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَيَرُدُّهُ) الْوَكِيلُ (وَيَأْخُذُ حَقَّهُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ فَوَاتَ الرَّدِّ لَوْ أَخَّرَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ.
(وَلَوْ ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَزَلَ الْوَكِيلَ فِي قَضَاءٍ) أَيْ اقْتِضَاءِ (الدَّيْنِ أَوْ ادَّعَى مَوْتَ الْمُوَكِّلِ) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا تَنْفَسِخُ بِهِ الْوَكَالَةُ (حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِمَا ادَّعَاهُ الْغَرِيمُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (فَإِنْ رَدَّهُ) أَيْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْمَعِيبَ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ (فَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ الْبَائِعَ فِي الرِّضَا بِالْعَيْبِ لَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ، وَهُوَ بَاقٍ لِلْمُوَكِّلِ) لِأَنَّ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ عَزْلٌ لِلْوَكِيلِ عَنْ الرَّدِّ، وَمَنْعٌ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ عَلِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ فَلِلْمُوَكِّلِ اسْتِرْجَاعُهُ وَلِلْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَيْهِ.
(وَلَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ) أَيْ الْغَرِيمِ (لِوَكِيلٍ غَائِبٍ) فِي الِاقْتِضَاءِ مِنْهُ (احْلِفْ أَنَّ لَك مُطَالَبَتِي أَوْ) احْلِفْ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُوَكِّلَ (مَا عَزَلَك) لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِلْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِجَابَةُ إلَيْهِ (وَيُسْمَعُ لِقَوْلِهِ) أَيْ الْغَرِيمِ (أَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ- عَزَلَك (فَيَحْلِفُ) الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ.
(وَرِضَا الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ بِالْعَيْبِ) فِي مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ وَكِيلُهُ (عَزْلٌ لِوَكِيلِهِ عَنْ رَدِّهِ) فَلَا يَصِحُّ رَدُّ الْوَكِيلِ بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَ.
(وَلَوْ قَالَ) الْغَرِيمُ (مُوَكِّلُك أَخَذَ حَقَّهُ أَوْ أَبْرَأَنِي) مِنْ الدَّيْنِ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ (فَإِنْ حَلَفَ) الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ (طَالَبَهُ وَأَخَذَ) الدَّيْنَ مِنْهُ.
(وَلَمْ) يَلْزَمْهُ أَنْ (يُؤَخِّرَ) الطَّلَبَ (لِيَحْلِفَ الْمُوَكِّلُ) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ الْفَوَاتِ.